۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "

[ منتدى نور على نور ]


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 38
  1. #1

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Post ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "






    الحمد لله ؛
    إله الأولين والآخرين ، وصلى الله على محمد ؛ خاتم النبيين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحابته العدول الراشدين ، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .

    إخواني ،، أخواتي .... حياكم الله وبياكم وجعل الجنة مثوانا ومثواكم

    بادئ الأمر كلنا يعرف فضل الصحابة الكرام -رضوان الله تعالى عليهم- ، وكبير قدرهم ومكانتهم ، وما يثار عنهم من طعن وتشويه لصورتهم وتكفير وقدح في عدالتهم ، ومما نعجب منه أن بعض أبناء المسلمين لا يعرفون فضل أصحاب نبيهم صلى الله عليه وسلم ، وأيضاً قد تستهويهم أي شبهة ولو كانت دنيئة وحقيرة كحال أصحابها ..

    لهذا ؛
    إخواني الكرام ،، سنعرض لكم شُبه الروافض المارقين التي تثار عن أصحاب نبينا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- ، وسيكون الرد على كل شبهة برد مفصل ، بإذن الله ،، نسأل الله المعونة والتوفيق ..

    وقبل أن نبدأ بسرد الشُبه ، سنذكر مقدمة في فضل الصحابة -رضي الله عنهم- ، وجليل قدرهم ومكانتهم .
    وأدلة فضلهم من كتاب الله والسنة ، والتأكيد على عدالتهم وخطر الطعن فيهم ...

    راجين من الله الواحد القهار أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم
    ودفاعاً عن أصحاب نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ...
    فدفاعنا عن الصحابة -رضي الله عنه- قربة نتقرب بها إلى الله .



    وقبل الختاام :
    سيكون موعدي معكم على حسب "الوقت والفراغ"

    وسأعرض لكم "شبهة الرافضة" والرد عليها ، بالتفصيل


    ......


    من استشكل عليه ولم يفهم ، وفي نفسه شبهة فاليتفضل
    وسنستمر بسرد الشبه والرد عليها ، بإذن الله الواحد الأحد
    لكم منا أجمل تحية وشكر ،،
    وعزاؤنا فيكم أن تقرأوا

    .........

    والشكر موصول للأخ :
    |[ رمـــآد ]|
    على الفواصل والبوستر

    ..........

    وكذا جزيل الشكر للإخوة المشرفين :
    أبوعبدالله وابن القلعة وعثمان

    وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم





    التعديل الأخير تم بواسطة [مِسعَرُ حَرب ; 8-3-2012 الساعة 11:22 AM سبب آخر: تغيير

  2. #2

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩


    ~ المقدمة :
    إن الله يتفضل على من شاء من عباده بما شاء من مننه وهباته ، نظر إلى قلوب خلقه جميعاً ، فلم يجد بعد الأنبياء أنقى ولا أطهر من قلوب الصحابة ، فاختارهم وزراء لنبيه ، وجعلهم حواريين لصفيه .. رضي الله عنهم وأرضاهم ...

    لفظ
    "الصحابي"
    الصحبة
    في اللغة : " تطلق على الملازمة والمعاشرة " .

    وفي الإصطلاح : "كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك" .



    ~ فضلهم :

    لقد شهدت نصوص القرآن بعدالتهم وفضلهم ، وتواترت السنة بالثناء عليهم ، كما شهدت لكثير منهم على وجه التخصيص بالعدالة ، والفضل .


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- :
    "ومَن استقرأ أحوال العالم في جميع الفرق تبين له أنه لم يكن قط طائفة أعظم اتفاقاً على الهدى ، وأبعد عن الفتنة والتفرق والاختلاف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم خير الخلق بشهادة الله بذلك ؛ إذ يقول تعالى : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}
    " .

    قــــل إن خيـر الأنبيـــاء محمـــدٌ ... وأجل مــن يمشي على الكثبــــــانِ

    وأجل صحب الرسل صحـب محمدٍ ... وكذاك أفضل صحبه العمــــرانِ




    ومما ورد في فضلهم في كتاب الله :


    قوله تعالى :

    {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}

    .........
    وقوله تعالى :

    {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}


    ..........
    أما في السنة المطهرة :

    فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال: قَالَ
    رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :
    ((لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي
    نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ)) متفق عليه .

    وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :

    ((خيرُ الناسِ قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)) متفق عليه .


    ومن ذلك أيضاً قول النبي -صلى الله عليه وسلم- :

    ((
    النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ
    )) رواه مسلم .

    إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة ، الدالة على فضلهم وعلو قدرهم .



    قال ابن مسعود -رضي الله عنه- :
    "إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ؛ فاصطفاه لنفسه ؛ فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه "


    ولقد عرف السلف الصالح فضل الصحابة الكرام وبيَّنوا ذلك وردوا على كل من أراد انتقاصهم رضي الله عنهم ، قال ابن عمر -رضي الله عنهما- :
    " لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عُمره "
    .

    وقال الإمام محمد بن صُبيح بن السماك -رحمه الله تعالى- لمن انتقص الصحابة :

    " علمتَ أن اليهود لا يسبون
    أصحاب موسى -عليه السلام- وأن النصارى لا يسبون أصحاب عيسى -عليه السلام- فما بالك ياجاهل سببت أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ؟؟!

    وقد علمتُ من أين أوتيتَ لم يشغلك ذنبك أما لو شغلك ذنبك لخفت ربك ، ولقد كان في ذنبك شغل عن المسيئين فكيف لم يشغلك عن المحسنين ؟؟

    أما لو كنت من المحسنين لما تناولت المسيئين ، ولرجوت لهم أرحم الراحمين ، ولكنك من المسيئين فمن ثَمَّ عبت الشهداء والصالحين ،،،

    أيها العائب لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لو نمتَ ليلك ، وأفطرت نهارك لكان خيرا لك من قيام ليلك ، وصوم نهارك مع سوء قولك في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ،،،

    فويحك لا قيام ليل ، ولا صوم نهار ، وأنت تتناول الأخيار فأبشر بما ليس فيه البشرى إن لم تتب مما تسمع وترى .. وبم تحتج يا جاهل إلا بالجاهلين ، وشر الخلف خلف شتم السلف لواحد من السلف خير من ألف من الخلف " ا.هـ



    اعتقاد أهل السنة والجماعة في الصحابة :
    إن الاعتقاد الحق في الصحابة الكرام رضي الله عنهم ، يتلخص في :
    " حبهم ، والترضي عنهم ، واعتقاد عدالتهم ، والاعتراف بسابقتهم ، والحرص على نشر فضائلهم ، والكف عما شجر بينهم ، والتبرؤ من طريقة الذين يبغضونهم ويسبونهم ، بل والدافع عنهم بكل وسيلة ممكنة " .


    وَيْــــــلٌ لِـــعَبْــدٍ خــانَ
    آلَ مُحَمَّـــــدٍ ... بِعَــــــدَاوةِ الأزواجِ والأخْتـــــــانِ
    طُوبى لِمَنْ والى جماعةَ صَحْبِهِ ... ويكونُ مِن أحْبَابِهِ الحَسَنانِ

    بينَ
    الصحـابـــةِ والقرابـــةِ أُلْفَــةٌ ... لا تستحيــــلُ بِنَزْغَـــةِ الشيطـانِ
    هُمْ كالأَصـابِع في اليدينِ تواصُلاً ... هـل
    يَسْتَوي كَـفُّ بغير بَنَـانِ


    قال تعالى :
    {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}



    الطعن في الصحابة :

    إن ظاهرة الطعن في الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم ليست بجديدة، بل قديمة متجددة،
    فهي بضاعة كل من أراد أن يعبث بأحكام الشريعة أو يمحو آثار الدين الحنيف ويثبت عبادة الطاغوت بدلا عنه؛ وبيان ذلك:
    أن الصحابة هم نقلة وحملة الدين الأمناء، الذين نقلوا لنا الشريعة بكل تجرد وأمانة، واتخذوا كل الحيطة لينتشر في الناس كما أنزل، فجمعوا القرآن، وحدثوا الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكتموا شيئا سمعوه أو رأوه منه، ولم يقدر أحد أن يشتري ذممهم ويعبث بدينهم، رضي الله عنهم ، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ ، وحفظوا العهد من بعده، حتى بلغوا وأدوا الأمانة إلى سائر الأمة ،،
    فكل من اتبعهم وقلدهم وسار على دينهم فهو على الدين الصحيح لا ريب ،
    وكل من خالفهم فهو مبطل ضال مبتدع لا ريب .




    ولو نظرنا للطاعنين في الصحابة -رضي الله عنهم- وهم الروافض الخبثاء لوجدناهم أصحاب حقد دفين فكانوا ولا زالوا معول هدم، وخنجراً مسموماً في ظهر الأمة الإسلامية ..
    فأصبحت الشيعة بذلك مأوى وملجأ لكل من أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد، أو لكل من يريد إدخال تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية أو مجوسية وهندوسية وغيرها.


    وهكذا تطورت عقائدهم إلى حد إنكار الكثير من المسلمات والأسس التي قام عليها الإسلام،

    ومن أبرز سمات الشيعة الروافض : أنهم من أسرع الناس سعيا إلى الفتن في تاريخ الأمة قديما وحديثا.

    نسأل الله أن يكفي المسلمين شرهم ، ويقطع دابرهم ويجعلهم عبرة لغيرهم


    قال الإمام القحطاني –رحمه الله- في نونيته الشهيرة :


    إِنَّ
    الرَّوَافِضَ شَرُّ مَنْ وَطِئَ الحَصَى ... مِنْ كُلِّ إِنْسٍ نَاطِقٍ أَوْ جَانِ
    لاَ تَرْكَنَــنَّ إِلَـــى
    الرَّوَافِــضِ إِنَّــهُـمْ ... شَتَمُوا الصَّحَــابَـةَ دُونَمَــا بُرْهَــانِ
    لُـعِنُوا كَمَـا بَغَضُـوا
    صَحَابَةَ أَحْمَدٍ ... وَوِدَادُهُمْ حَـــقٌّ عَلَـــى الإِنْسَـــــانِ
    حُــبُّ
    الصَّحَـــابَــةِ وَالـقَـرَابَــةِ سُنَّــــةٌ ... أَلْقَـــى بِهَــــــا رَبِّـــي إِذَا أَحْيَانِـــي



    كيف يعقل هذا !! :

    كيف يرضى الله سبحانه أن يُوكِل أمر هذا الدِّين لهؤلاء النَّاس
    (أي: الصحابة) ؛ حيث يعتقد فيهم الرَّافضة الأنجاس ما يعتقدون من كُفْرِهم ورِدِّتِهم وكذبهم وافترائهم، إلى غير ذلك من الأكاذيب والأباطيل، والعقائد الفاسدة التي يعتقدونها فيهم؟!
    حتى وصل بهم الأمر إلى أن قالوا:
    "إنَّ الصحابة كلَّهم كفَرُوا وارتدُّوا بعد موت النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلاَّ ثلاثة فقط"، وفي رواية: "
    إلا سبعة فقط" ،
    هذا على أعلى تقدير عندهم!
    -قبحهم الله وأخزاهم-



    ثم إن كل إنسان عاقل مؤمن بالله عز وجل ومؤمن بالقرآن ومؤمن برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليقطع أن الله عز وجل ما كان ليختار
    لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم في الحياة وبعد الممات من هم شر الناس !!

    فهذا لا يقبله عقل ولا يقوله من يؤمن بالنقل , بل لا يقول هذا إلا من يطعن في الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي يرضى بهؤلاء الأصحاب ليكونوا وزراءه وحوارييه طول حياته ويقربهم منه ويستشيرهم في كل صغيرة وكبيرة ،
    وإنما يدل ذلك على
    حبه لهم وتقريبه لهم وتزكيته لهم ولا شك في هذا عقلا ولا نقلا .

    ولكن الزنادقة المنافقون من الرافضة أرادوا التوصّل لهدم الدين فأتضح سبب شتمهم ولعنهم لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .




    حقيقة الطعن في الصحابة :

    إخواني الأفاضل :
    نعلم جيداً أن بين هؤلاء الطاعنين المفترين ،
    والصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، "مئات السنين" !! ،،
    فهي ليست لعداوة شخصية ،، بل
    لهدف أعظم وأدهى وأمرّ ،، وهو : إبطال الاحتجاج بالكتاب والسنة ،، فإذا كان نقلتهما كفار مرتدين فلا يصح الاحتجاج بهما !!

    قال الإمام أبو زرعة الرازي -رحمه الله- : "إذا رأيت الرجل يطعن في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن القرآن عندنا حق والسنة عندنا حق، وإنما نقل لنا القرآن والسنن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ،،
    وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة" اهـ.




    يقول الدكتور ناصر القفاري:
    " وأي فائدة اليوم في اللعن والسب والتكفير الذي ملأوا به كتبهم وأسواقهم ومزاراتهم،
    وقد انقضى العصر الأول بكل ما فيه؟!
    لا هدف في الحقيقة إلا : الطعن في القرآن والسنة والدين بعامة، وإلا إثارة الفتنة وتفرقة الأمة.
    وماذا يبقى من
    أمجادنا وتاريخنا إذا كان أولئك السادة القادة الأتقياء الأصفياء الأوفياء الرواد الذين نشروا الإسلام وأقاموا دولته، وفتحوا البلاد وأرشدوا العباد، وبنوا حضارة لم تعرف لها الدنيا مثيلاً، إذا كان هؤلاء الرواد الأوائل لكل معالم الخير والعدل والفضائل يستحقون اللعن من أحفادهم، وتشويه تاريخهم، وهم الذين أثنى الله عليهم ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ، وسجل التاريخ الصادق مفاخرهم بمداد من نور.
    فمن الذي يستحق الثناء والمديح؟! وأين أمجادنا وتاريخنا إذا كان أولئك كذلك؟؟"
    اهـ.

    كما إنَّ الطَّعن والنقيصة في صحابة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو طعنٌ ونقيصة في رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال الإمام مالكٌ - رحمه الله تعالى - وغيره:
    "إنَّما أراد هؤلاء الاثنا عَشْرية الطَّعْنَ في رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليقول القائل: رَجُل سُوء، كان له أصحاب سوء، ولو كان رجلاً صالحًا لكان أصحابُه صالحين"
    لهِذَا قال أهلُ العلم:
    " إنَّ الرَّافضة دَسِيسة الزَّندقة " .




    الخلاصة في الصحابة رضي الله عنهم :

    وخلاصة القول في ذلك أنَّنا
    نُحبُّ صحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ، ونترَضَّى عنهم دون إفراط ولا تفريط، فلا نُغالي فيهم ونرفعهم فوق مَنْزِلتهم كبَشَر ،، ولا نجافي ونُفْرِط في بُغضهم ؛ مِن تكفيرهم، والنَّيْل والطَّعْن فيهم، ولَعْنهم ليلَ نهار ، ولا نتبَرَّأ من أحد منهم .

    ونُبْغِض مَن يُبْغِضهم وينتَقِصهم ،، فبُغض الرَّافضة الزَّنادقة والخوارجِ الفجَرِة دِينٌ يُدان لله به، وحُبُّ الصحابة -رضوان الله عليهم- دين وعلامة على صِدْق الإيمان وسلامة المعتقد، وبُغْضهم والتنقُّص منهم والنَّيل منهم كُفْرٌ ونفاق وضلال وطُغْيان، وعلامة واضحة على فساد المِلَّة، وخراب العقيدة، نسأل الله السلامة والعافية.


    إخواني وأخواتي ،،، إنَّ محبَّة الصَّحابة الكرام دِين يُدان لله به، وقُربة يُتَقرَّب إلى الله بها، والدِّفاع عنهم واجبٌ متأكِّد الفرضيَّة على جميع المسلمين؛ كلٌّ على حسب قدرته وطاقته وإمكانياته.


    .........

    قال تعالى :
    {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}






  3. #3

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ " يمنع الرد على الموضوع حتى يتم "

    الشبهة الأولى :


    عدالة الصحابة :

    من أعظم الشبهات التي يرددها الطاعنون في الصحابة رضي الله عنهم ويشنعون على من يعتقد بها مسألة عدالة الصحابة .
    معنى
    "العدالة" في اللغة : الاستقامة وأن العدل هو الذي لم يظهر منه ريبة وهو الذي يرضى الناس عنه ويقبلون شهادته ويقتنعون به .

    وفي الاصطلاح :
    ملكة في النفس تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة ، ولا يتحقق للإنسان إلا بفعل المأمور وترك المنهي والمحظور ، وأن يبعد عما يخل بالمروءة ، ولا يتحقق إلا بالإسلام والبلوغ والعقل والسلامة من الفسق .
    ولم تتحقق العدالة في أحد كتحققها في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجميعهم رضي الله عنهم عدول تحققت فيهم صفة العدالة .



    وقد تضافرت الادلة من الكتاب والسنة على تعديل الصحابة الكرام ، مما لا يبقى معها لمرتاب شك في تحقيق عدالتهم .

    فكل حديث له سند متصل إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم لا يكون حجة إلا بعد أن تثبت عدالة رجاله، وذلك عن طريق النظر في تراجمهم وأحوالهم إلا الصحابي، لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم بنص القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
    ولبيان هذه المسألة نقول أولاً وقبل كل شيء: لابد لنا من بيان أن الأصل عندنا هو ثناء الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم على الصحابة رضي الله عنهم.



    فالقرآن الكريم مليء بعشرات النصوص الدالة على إيمان وفضل هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم
    قال تعالى :
    {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}
    ومعنى كلمة
    (وسطاً) عدولاً خياراً، ولأنهم المخاطبون بهذه الآية مباشرة.
    وقد ذكر بعض أهل العلم أن اللفظ وإن كان عاماً إلا أن المراد به الخصوص، وقيل: إنه وارد في
    الصحابة دون غيرهم. فالآية ناطقة بعدالة الصحابة ، قبل غيرهم ممن جاء بعدهم من هذه الأمة.

    وقوله سبحانه :
    {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}
    فهذه الآية ؛ أثبتت
    الخيرية المطلقة لهذه الأمة على سائر الأمم قبلها، وأول من يدخل في هذه الخيرية المخاطبون بهذه الآية مباشرة عند النزول هم الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- ، وذلك يقتضي استقامتهم في كل حال وجريان أحوالهم على الموافقة دون المخاطبة، ومن البعيد أن يصفهم الله عز وجل بأنهم خير أمة ولا يكونوا أهل عدل واستقامة، وهل الخيرية إلا ذلك، كما أنه لا يجوز أن يخبر الله تعالى بأنه جعلهم أمة وسطاً أي عدولاً وهم غير ذلك .

    قال سبحانه وتعالى : {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}

    أخبر الله سبحانه وتعالى ، برضاه عنهم، ولا يثبت الله رضاه إلا لمن كان أهلاً للرضا، ولا توجد الأهلية لذلك إلا لمن كان من أهل الاستقامة في أموره كلها عدلاً في دينه، بل إن الله تعالى لا يرضى إلا عن رضي؛ لأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.



    ولا شك أن الله سبحانه لا يرضى لعباده اتباع من خالف نهجه ثم يعدهم الجنات والفوز العظيم لولا أنهم تمسكوا بهدية ونالوا رضاه .
    فبمجموعهم ارتفع عنهم الخطأ والضلالة فكانوا القدوة وأصبحوا بذلك أولى .
    قال عليه الصلاة والسلام :
    ((عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة، ولم يجمع الله عزوجل أمتي إلا على هدى)).
    وقال صلى الله عليه وسلم :
    ((لا يجمع الله عزوجل أمر أمتي على ضلالة أبداً)).
    وفي هذا قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه:
    «وما كان الله ليجعلهم أي المهاجرين والأنصار - وفي لفظ: ليجمعهم- على ضلالة ولا يضربهم بالعمى»



    وهكذا.. لا تكاد تخلو سورة من سور القرآن الكريم المدنية إلا وتحدثت عن جهادهم في سبيل الله عزوجل، فاقرأ - مثلاً - قوله تعالى:
    {الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }
    وقوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}

    وقوله تعالى:
    {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
    وقوله جل ثناؤه:
    {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}
    ..........

    وقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، أنه قال لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في قصة حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- ، لما سأله أن يدعه يضرب عنقه، قال:
    ((وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فغفر لهم، فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) .

    قال ابن القيم -رحمه الله- :
    " والله أعلم، إن هذا الخطاب لقوم قد علم الله سبحانه أنهم لا يفارقون دينهم، بل يموتون على الإسلام، وأنهم قد يقارفون بعض ما يقارفه غيرهم من الذنوب، ولكن لا يتركهم سبحانه مصرين عليها، بل يوفقهم لتوبة نصوح واستغفار وحسنات تمحو أثر ذلك، ويكون تخصيصهم بهذا دون غيرهم؛ لأنه قد تحقق ذلك فيهم، وأنهم مغفور لهم. ولا يمنع ذلك كون المغفرة حصلت بأسباب تقوم بهم، كما لا يقتضي ذلك أن يعطلوا الفرائض وثوقاً بالمغفرة. فلو كانت حصلت بدون الاستمرار على القيام بالأوامر لما احتاجوا بعد ذلك إلى صلاة ولا صيام ولا حج ولا زكاة ولا جهاد وهذا محال" أهـ .



    قال تعالى :
    {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}
    ففي هذه الآية مع غيرها من الدلائل دليل على أن الله
    يغيظ بالصحابة رضوان الله عليهم من ينتقص من حقهم ومنزلتهم التي أنزلهم الله.
    قال الإمام مالك –رحمه الله- :
    "من أصبح من الناس في قلبه غل على أحد من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام فقد أصابته الآية" .
    وقال ابن الجوزي -رحمه الله- :
    "وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور" .



    ويقول الله عزوجل:
    {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} .
    وهذه الآية فيها دلالة واضحة على
    تعديل الصحابة الذين كانوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ، يوم الحديبية، ووجه دلالة الآية على تعديلهم أن الله تعالى أخبر برضاه عنهم وشهد لهم بالإيمان وزكاهم بما استقر في قلوبهم من الصدق والوفاء والسمع والطاعة، ولا تصدر تلك التزكية العظيمة من علام الغيوب الذي لا تخفى عليه خافية إلا لمن بلغ الذروة في تحقيق الاستقامة على طاعة الله.
    وكان عدد الصحابة رضوان الله عليهم يوم بيعة الرضوان ألفاً ومائتين، وقيل: وأربعمائة، وقيل: وخمسائة، وقيل: وثمانمائة [SUP].[/SUP]
    فالآية ظاهرة الدلالة على تزكية الله لهم، تزكية لا يخبر بها، ولا يقدر عليها إلا الله.

    وهي تزكية بواطنهم وما في قلوبهم،
    ومن هنا رضي عنهم. (ومن رضي عنه تعالى لا يمكن موته على الكفر؛ لأن العبرة بالوفاة على الإسلام. فلا يقع الرضا منه تعالى إلا على من علم موته على الإسلام) .
    وقال ابن حزم -رحمه الله- :
    "فمن أخبرنا الله عزوجل أنه علم ما في قلوبهم، ورضي عنهم، وأنزل السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم أو الشك فيهم البتة" .

    والآيات في فضلهم والثناء عليهم ؛كثيرة جدا ويطول ذكرها هنا



    أما ما رواه الرافضة عن أئمتهم ، وحاشا والله أن يكونوا أئِمةً لهؤلاء الشرذمة بل هم أئمة لأهل السنة :

    روى الإمامية أن نفراً من أهل العراق وفدوا على الإمام زين العابدين ، فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- ، فلما فرغوا من كلامهم، قال لهم:
    "ألا تخبروني: أنتم المهاجرون الأولون {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} ؟ قالوا: لا. قال: فأنتم {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} قالوا: لا، قال: أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين، وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}اخرجوا عني فعل الله بكم" ..
    المصدر : (كشف الغمة للإربلي (2/291)، الفصول المهمة لابن الصباغ (2/864)، الصوارم المهرقة لنور الله التستري (249)، الشيعة في الميزان لمحمد جواد مغنية (293)، الإمامة وأهل البيت لمحمد بيومي مهران (3/39)) .



    وعن الباقر -رحمه الله- قال:
    «صلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالناس الصبح بالعراق، فلما انصرف وعظهم فبكى وأبكاهم من خوف الله تعالى. ثم قال: أما والله لقد عهدت أقواماً على عهد خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنهم ليصبحون ويمسون شعثاً غبراً خمصاً بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجداً وقياماً، يراوحون بين أقدامهم وجباههم، يناجون ربهم، ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع ذلك وهم جميع مشفقون منه خائفون»
    المصدر : (الكافي للكليني (2/236)، شرح أصول الكافي للمازندراني (9/166)، وسائل الشيعة للحر العاملي (1/65)، الإرشاد للمفيد (1/237)، الأمالي للطوسي (102)، حلية الأبرار لهاشم البحراني (2/182)، بحار الأنوار للمجلسي (22/306، 64/302، 66/303)، وقال في بيانه: جميع، أي، مجتمعون على الحق لم يتفرقوا كتفرقكم. جامع أحاديث الشيعة للبروجردي (1/408)، مستدرك سفينة البحار للنمازي (6/174)، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي (6/5، 85)، تفسير نور الثقلين للحويزي للحويزي (5/141)، منتقى الجمان لحسن صاحب المعالم (2/344)، أعلام الدين في صفات المؤمنين للديلمي (111)، جامع السعادات لمحمد مهدي النراقي (1/209).)

    وقال مادحاً لهم ومعاتباً أصحابه بعد أن تخاذلوا عنه:
    «أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه، وقرأوا القرآن فأحكموه. وهيجوا إلى القتال فولهوا وله اللقاح إلى أولادها، وسلبوا السيوف أغمادها. وأخذوا بأطراف الأرض زحفاً زحفاً وصفاً صفاً. بعض هلك وبعض نجا. لا يبشرون بالأحياء، ولا يعزون عن الموتى. مره العيون من البكاء. خمص البطون من الصيام. ذبل الشفاه من الدعاء. صفر الألوان من السهر. على وجوههم غبرة الخاشعين. أولئك إخواني الذاهبون. فحق لنا أن نظمأ إليهم ونعض الأيدي على فراقهم»
    المصدر : (
    نهج البلاغة (1/234)، الاختصاص للمفيد (156)، بحار الأنوار للمجلسي (33/362، 40/112، 66/308)، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) للشيرازي (2/108)، فهارس رياض السالكين للمظفر، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة لأويس كريم محمد (414)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (3/210، 291)، جواهر التاريخ لعلي الكوراني (1/341)، سنن الإمام علي (ع) لجنة الحديث معهد باقر العلوم (ع، 186)، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري (6/229، 7/188)، نفس الرحمن في فضائل سلمان للنوري الطبرسي (169).) .



    وقد كان الأصحاب من مهاجرين وأنصار وكذا أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين ، يختصمون لا في حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لهم فحسب، فإن ذلك من المسلمات، ولكن في أيهم أولى بذلك الحب، وأيهم أحب إليه، فعن كعب بن عجرة، أن المهاجرين والأنصار وبني هاشم اختصموا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أينا أولى به وأحب إليه؟) فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما أنتم يا معشر الأنصار فإنما أنا أخوكم، فقالوا: الله أكبر! ذهبنا به ورب الكعبة، وأما أنتم يا معشر المهاجرين فإنما أنا منكم، فقالوا: الله أكبر! ذهبنا به ورب الكعبة، وأما أنتم يا بني هاشم فأنتم مني وإلي، فقمنا وكلنا راضٍ مغتبط برسول الله صلى الله عليه وسلم))
    المصدر : (
    بحار الأنوار للمجلسي (22/312)، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب (3/112).) .



    وسرد كل ما ورد في الباب يطول. وفيما ذكرناه كفاية لمعرفة أن الأصل هو ثناء الله عزوجل ورسوله صلى الله عيله وآلله وسلم وأئمة آل البيت على الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

    فخلاصة أقوال العلماء في كل ما ورد يتلخص في:
    أولاً: إن الله عزوجل زكى ظاهرهم وباطنهم .
    ثانياً: بسبب توفيق الله عزوجل لهم لأعظم خلال الخير ظاهراً وباطناً أخبرنا أنه رضي عنهم وتاب عليهم، ووعدهم الحسنى .
    ثالثاً: وبسبب كل ما سبق أمرنا بالاستغفار لهم، وأمر النبيُ صلى الله عليه وسلم بإكرامهم، وحفظ حقوقهم، ومحبتهم. ونُهينا عن سبهم وبغضهم. بل جعل حبهم من علامات الإيمان، وبغضهم من علامات النفاق .
    رابعاً: ومن الطبيعي بعد ذلك كله أن يكونوا خير القرون، وأماناً لهذه الأمة. ومن ثم يكون اقتداء الأمة بهم واجباً، بل هو الطريق الوحيد إلى الجنة .

    رضي الله عنهم وأرضاهم وجزاهم عنا خيراً لما قدموه للإسلام



    سنُتْبِعُها بآُخْرى .....

    التعديل الأخير تم بواسطة [مِسعَرُ حَرب ; 26-12-2011 الساعة 07:45 PM

  4. #4

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ " يمنع الرد على الموضوع حتى يتم "

    الشبهة الثانية :





    حَدِيث الحَوضِ :

    روى البخاري ومسلم ، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-
    ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليرِدنّ عليّ ناسٌ من أصحابي الحوض، حتى عرفْتُهُمُ اخْتُلِجوا دوني فأقول: أُصيحابي، فيقول: لا تَدْري ما أحدثوا بعدك)).
    وعن أبي حازم عن سهل بن سعد -
    رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ((إني فرطكم على الحوض، من مرَّ عليَّ شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً، ليردنّ عليَّ أقوامٌ أعرفهم ويعرفونني، ثم يُحال بيني وبينهم. قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال: هكذا سمعت من سهل؟ فقلت: نعم. فقال: أشهَدُ على أبي سعيد الخدري لسمعتُهُ وهو يزيد فيها: فأقول: إنهم مني.
    فيُقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول: سحقاً سحقاً لمن غيّر بعدي
    )).


    وعن أسماء بنت أبي بكر
    رضي الله عنهما ، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إنّي على الحوض حتى انظر مَنْ يَرِد عليّ منكم، وسيؤخذ ناسٌ دوني، فأقول: يا ربّ! منّي ومن أُمتي؟ فيُقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما بَرِحوا يرجعون على أعقابهم. فكان ابن أبي مُليكة يقول:اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نُفتن عن ديننا)).
    وفي رواية ابن مسعود
    رضي الله عنه : ((وليُرفَعَنّ رِجال منكم)).
    وفي أخرى:
    ((يرد عليّ يوم القيامة رهطٌ من أصحابي، فيُجلون عن الحوض)) .
    وفي ثالثة:
    ((فإذا زُمرةٌ حتى إذا عرفتهم)).
    وفي رواية ابن المُسَيّب عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :
    ((يَرِد على الحوض رجال من أصحابي فيُحلؤون عنه)).
    وغيرها من الألفاظ وما سبق مروي في الصحيحين ..




    • شبهة الزنادقة :

    (إن المتمعن في هذه الأحاديث العديدة التي أخرجها علماء أهل السنة في صحاحهم ومسانيدهم، لا يتطرق إليه الشك في أن أكثر الصحابة قد بدلوا وغيروا، بل ارتدوا على أدبارهم بعده صلى الله عليه وسلم ، إلا القليل الذي عبر عنه "بهمل النعم" ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال حمل هذه الأحاديث على القسم الثالث وهم المنافقون؛ لأن النص يقول: فأقول: أصحابي، ولأن المنافقين لم يبدلوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا فأصبح المنافق بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً!)



    الجواب :

    للعلماء في تأويل هذه الروايات أقوال ليس منها أنهم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ، منها:

    أنه : كيف يجوز أن يرضى الله
    عزوجل عن أقوام ويحمدهم، ويضرب لهم مثلاً في التوراة والإنجيل، وهو يعلم أنهم يرتدون على أعقابهم بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أن يقولوا: إنه لم يعلم ، وهذا هو شر الكافرين .

    ولم يرتد من الصحابة أحد، وإنما ارتد قوم من جفاة العرب، ممن لا نصرة له في الدين، وذلك لا يوجب قدحاً في الصحابة المشهورين، ويدل قوله:
    (أصيحابي) على قلة عددهم. وجاء في رواية أخرى بلفظ (رهط) فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- ، أنه كان يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول: يا رب أصحابي. فيقول: أنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى)) رواه البخاري ، والرهط كما هو معلوم ما دون العشرة من الرجال .




    إنا لا نسلم أن المراد بالأصحاب ما هو المعلوم في عرفنا، فالصحبة اسم جنس ليس له حد في الشرع ولا في اللغة، والعرف فيها مختلف، والنبي -
    صلى الله عليه وسلم- لم يقيد الصحبة بقيد ولا قدّرها بقدْرٍ بل علّق الحكم بمطلقها ولا مطلق لها إلا الرؤية.
    بل المراد بهم مطلق المؤمنين به
    صلى الله عليه وسلم المتبعين له، وهذا كما يقال لمقلدي أبي حنيفة: أصحاب أبي حنيفة، ولمقلدي الشافعي: أصحاب الشافعي، وهكذا وإن لم يكن هناك رؤية واجتماع،

    وكذا يقول الرجل للماضين الموافقين له في المذهب: أصحابنا، مع أنه بينه وبينهم عدة من السنين، ومعرفتة صلى الله عليه وسلم لهم مع عدم رؤيتهم في الدنيا بسبب أمارات تلوح عليهم...
    ولو سلمنا أن المراد بهم ما هو المعلوم في العرف، فهم الذين ارتدوا من الأعراب على عهد الصديق، وقوله: أصحابي أصحابي، لظن أنهم لم يرتدوا كما يُؤْذِن به ما قيل في جوابه: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.






    وإذا ثبت هذا ، فاعلم أن العلماء قد اختلفوا في أولئك "المذادين" عن حوض النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد اتفاقهم أن الصحابة -رضي الله عنهم- غير مرادين بذلك :

    أن المراد به المنافقون والمرتدون، فيجوز أن يحشروا بالغرة والتحجيل، فيناديهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ، للسيما التي عليهم، كما يوضحها الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ترد عليَّ أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله، قالوا: يا نبي الله أتعرفنا؟ قال: نعم لكم سيما ليست لأحد غيركم، تردون عليّ غراً محجلين من آثار الوضوء. وليُصدَّن عني طائفة منكم فلا يصلون، فأقول: يا رب هؤلاء من أصحابي فيجبني ملك فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟)) رواه مسلم .

    فهذا الحديث يفيد أن أهل الأهواء والنفاق يحشرون بالغرة والتحجيل، وقوله: (منكم) الميم ميم الجمع وهذا يعني أنهم يحشرون جميعاً بنفس سيما المؤمنين كما في حديث الصراط في قوله
    صلى الله عليه وسلم : ((... وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها)) متفق عليه .
    فدل على أنهم يحشرون مع المؤمنين.

    وما من شكٍّ أن المنافقين ليسوا بحالٍ من أقسام الصحابة ولا يدخلون عند أهل السنة في الصحابة، ولا يشملهم مصطلح
    (الصحبة) إذا ما أطلق. فالصحابي كما مر بك من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام.
    ولكن الرسول
    -صلى الله عليه وسلم- ذكرهم وذكر المرتدين في بعض روايات الحديث «بأصيحابي» أو بـ «من صاحبني» لأنهم صحبوه ورأوه في الدنيا وذلك تصغيراً لهم وتحقيراً لا تعظيماً ولا يقول ذلك لأصحابه من المهاجرين والأنصار الذين كانت لهم رواياته في حقهم بصيغة الإجلال والتقدير والتعظيم والتكريم.
    وذلك أن المنافقين كانوا يظهرون الإسلام للنبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال الله جل وعلا: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ }.
    والنبي
    صلى الله عليه وسلم كان يعرف بعض المنافقين، ولم يكن يعرفهم كلهم، ولذلك قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ } ، فبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم جميع المنافقين، وكان يظن أن أولئك من أصحابه وليسوا كذلك بل هم من المنافقين.




    قد يكون المعنى أن كل من صحب النبي
    -صلى الله عليه وسل-م ، ولو لم يتابعه، وإن كان النبي يعلم ذلك كعبد الله بن أبي ابن سلول وهو كما هو معلوم رأس المنافقين وهو الذي قال: {لإن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} ، وهو الذي قال: (ما مثلنا ومثل محمد وأصحابه إلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك) .
    فهذا سماه النبي
    -صلى الله عليه وسلم- من أصحابه، فيكون هذا هو المقصود، ولذلك إن تعريف الصحابة بأنه كل من لقي النبي مؤمناً به ومات على ذلك تعريف متأخر.
    وأما كلام العرب
    كل من صحب الرجل فهو من أصحابه مسلماً أو غير مسلم متبع له أو غير متبع هذا أمر آخر. ولذلك لما قال عبد الله بن أبي ابن سلول كلمته الخبيثة: «ليخرجن الأعز منها الأذل» قام عمر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لما بلغته هذه الكلمة قال: يا رسول الله! دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال -صلى الله عليه وسلم- : ((لا يا عمر، لا يقول الناس: إن محمدا يقتل أصحابه)) متفق عليه ، فسماه من أصحابه صلوات الله وسلامه عليه وهو رأس المنافقين، فهو غير داخل في الذين نحن نسميهم صحابة رضي الله عنهم .




    وقيل أن المراد من كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ارتد بعده فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن لم يكن عليهم سيما الوضوء، لما كان يعرفه صلى الله عليه وسلم في حياته من إسلامهم، فيقال: "ارتدوا بعدك".

    وقيل أن المراد به أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد، وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام، وعلى هذا لا يقطع لهؤلاء الذين يذادون بالنار، يجوز أن يذادوا عقوبة لهم، ثم يرحمهم الله عزوجل فيدخلهم الجنة بغير عذاب ... ذكره النووي .‎‎





    لا يمتنع أن يكون أولئك المذادون عن الحوض هم من مجموع تلك الأصناف المذكورة، فإن الروايات محتملة لكل هذا


    قال ابن عبد البر -رحمه الله
    - وغيره:
    "وكل من أحدث في الدين ما لا يرضاه الله ولم يأذن به الله فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه، والله أعلم.
    وأشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم مثل الخوارج على اختلاف الفرق..
    إلى أن قال: فهؤلاء كلهم يبدلون، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وتطميس الحق وقتل أهله وإذلالهم والمعلنون بالكبائر المستخفون بالمعاصي وجميع أهل الزيغ والأهواء والبدع؛ كل هؤلاء يخاف عليهم أن يكونوا عنوا بهذا الخبر"
    .




    وإذا ما تقرر هذا ... ظهرت براءة الصحابة من كل ما يرميهم به أعداؤهم، فالذود عن الحوض إنما هو بسبب الردة أو الإحداث في الدين، والصحابة من أبعد الناس عن ذلك، بل هم أعداء المرتدين الذين قاتلوهم وحاربوهم في أصعب الظروف وأحرجها بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- على ما روى الطبري في تاريخه بسنده عن عروة بن الزبير عن أبيه قال: (قد ارتدت العرب إما عامة وإما خاصة في كل قبيلة، ونجم النفاق، واشرأبت اليهود والنصارى والمسلمون كالغنم في الليلة المطيرة الشاتية، لفقد نبيهم صلى الله عليه وسلم ، وقلتهم وكثرة عدوهم) .

    ومع هذا تصدى أصحاب النبي
    صلى الله عليه وسلم ، لهؤلاء المرتدين وقاتلوهم قتالاً عظيماً وناجزوهم حتى أظهرهم الله عليهم، فعاد للدين من أهل الردة من عاد، وقتل منهم من قتل، وعاد للإسلام عزه وقوته وهيبته على أيدي الصحابة رضي الله عنهم ، وجزاهم عن الإسلام خير الجزاء.

    وهذه المواقف العظيمة للصحابة من أهل الردة وأهل البدع، من أكبر الشواهد الظاهرة على صدق تدينهم، وقوة إيمانهم، وحسن بلائهم في الدين، وجهادهم أعدائه بعد موت رسول الله
    صلى الله عليه وسلم ، حتى أقام الله بهم السنة وقمع البدعة، الأمر الذي يظهر به كذبهم في رميهم لهم بالردة والإحداث في الدين، والذود عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم .

    بل هم أولى الناس بحوض نبيهم لحسن صحبتهم له في حياته، وقيامهم بأمر الدين بعد وفاته.




    وأما قول النبي
    صلى الله عليه وسلم: ((فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم)) رواه البخاري .
    والاحتجاج به على
    تكفير الصحابة إلا القليل منهم فلا حجة له فيه، لأن الضمير في قوله: (منهم) إنما يرجع على أولئك القوم الذين يدنون من الحوض ثم يذادون عنه، فلا يخلص منهم إليه إلا القليل، وهذا ظاهر من سياق الحديث فإن نصه: ((بينما أنا قائم فإذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلَمّ فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل هَمَل النعم)).

    فليس في الحديث
    للصحابة ذكر، وإنما ذكر زمراً من الرجال يذادون من دون الحوض ثم لا يصل إليه منهم إلا القليل.
    قال ابن حجر-
    رحمه الله- في شرح ((فلا أراه يخلص منهم إلا مثل هَمَل النعم)) :
    "يعني من هؤلاء الذين دنوا من الحوض وكادوا يردونه فصدوا عنه... والمعنى لا يرده منهم إلا القليل، لأن الهَمَل في الإبل قليل بالنسبة لغيره" .




    وأخيراً: لو قال أحد "النواصب" وهم الذين يبغضون آل البيت -رحمهم الله- :
    إن هؤلاء الذين ارتدوا وهؤلاء الذين يذادون عن الحوض هم
    علي والحسن والحسين كيف تردون عليهم؟؟!
    فيرد عليهم بأنهم ليسوا من هؤلاء بل
    هؤلاء جاءت فيهم فضائل.
    وكذلك نحن نقول: أبو بكر وعمر وعثمان وأبو عبيدة
    جاءت فيهم فضائل، فما الذي يخرج علياً ويدخل أبا بكر وعمر!!




    وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....

    التعديل الأخير تم بواسطة [مِسعَرُ حَرب ; 26-12-2011 الساعة 07:53 PM

  5. #5

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    الشبهة الثالثة :





    رَزِيّةُ الخَمِيس :

    روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه قال:
    "لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي البيت رجال فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده))، فقال بعضهم: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله" ، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: "قربوا يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده" ، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    ((قوموا)) .
    قال عبيد الله: فكان ابن عباس رضي الله عنه يقول:
    "إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم " رواه البخاري .
    وفي رواية مسلم أن القائل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    "قد غلبه الوجع"... إلخ هو عمر .
    وفي رواية أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
    (يوم الخميس وما يوم الخميس، اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال: ((ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبدا )).
    فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي نزاع، فقالوا: ما شأنه؟ أَهَجَر، اسْتَفْهِمُوه، فذهبوا يردون عليه، فقال: ((دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه))، وأوصاهم بثلاث، قال: ((أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفود بنحو ما كنت أجيزهم،وسكت عن الثالثة، أو قال: فنسيتها)) متفق عليه .





    • قالت الروافض :

    أن اختلاف الصحابة هذا هو الذي منع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ من كتابة الكتاب، وبالتالي حرم الأمة من العصمة من الضلالة، واستدل على ذلك بقول ابن عباس رضي الله عنهما :(إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب).
    أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، أراد أن ينص على خلافة علي رضي الله عنه .
    وأن عمر هو الذي عارض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال: (إنه يهجر)، ثم قال: (عندكم القرآن)، (حسبنا كتاب الله) .
    وأن تعليل أهل السنة بأن عمر قال ذلك شفقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يقبله بسطاء العقول فضلاً عن العلماء .
    أن الأكثرية الساحقة من الصحابة كانت على قول عمر ذلك، ولذلك رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عدم جدوى كتابة الكتاب،
    لأنه علم بأنهم لن يمتثلوه بعد موته !!.
    أن الصحابة في هذه الحادثة تعدوا حدود رفع الأصوات إلى رميه ص بالهجر والهذيان.






    • جواب العلماء على هذه الشبهة :

    أما اختلافهم فثابت، وقد كان سببه اختلاف في فهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومراده لا عصيانه.
    قال القرطبي رحمه الله:
    "وسبب ذلك أن ذلك كله إنما حمل عليه الاجتهاد المسوغ، والقصد الصالح، وكل مجتهد مصيب، أو أحدهما مصيب، والآخر غير مأثوم بل مأجور كما قررناه في الأصول".
    ثم ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يعنفهم ولا ذمهم بل قال للجميع:
    ((دعوني فالذي أنا فيه خير)).
    وهذا نحو ما جرى لهم يوم الأحزاب حيث قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم:
    ((لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة)) متفق عليه ، فتخوف ناس فوات الوقت، فصلوا دون بني قريظة، وقال آخرون: لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما عنف أحد الفريقين ‎.




    -وأما استدلالهم بقول ابن عباس رضي الله عنهما :
    (ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب)، فلا حجة له فيه .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معناه:
    "يقتضي أن الحائل كان رزية، وهو رزية في حق من شك في خلافة الصديق، واشتبه عليه الأمر، فإنه لو كان هناك كتاب لزال الشك، فأما من علم أن خلافته حق فلا رزية في حقه، ولله الحمد".
    ويوضح هذا أن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ ما قال ذلك إلا بعد ظهور أهل الأهواء والبدع، من الخوارج وغيرهم.
    وأيضاً فقول ابن عباس هذا قاله اجتهاداً منه، وهو معارض بقول عمر واجتهاده، وقد كان عمر أفقه من ابن عباس قطعاً ‎.
    بل هو معارض بقول عمر، وطائفة من الصحابة معه، كما جاء في الحديث:
    (فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك).‎
    ويعضد هذا القول موافقة النبي صلى الله عليه وسلم ، له بعد ذلك وتركه كتابة الكتاب، فإنه صلى الله عليه وسلم ؛ لو أراد أن يكتب الكتاب ما استطاع أحد أن يمنعه،
    وقد ثبت أنه عاش بعد ذلك أياماً باتفاق المسلمين فلم يكتب شيئاً.




    وأما القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أراد بذلك الكتاب أن ينص على
    خلافة علي رضي الله عنه ، فمردود من وجوه :
    فالإمامية يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قد نص على خلافة علي، ونصَّبه وصياً من بعده بأمر الله له قبل حادثة الكتاب .
    وقد نقل إجماعهم على هذه العقيدة المفيد حيث قال:
    (واتفقت الإمامية على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف أمير المؤمنين عليه السلام في حياته، ونص عليه بالإمامة بعد وفاته، وأن من دفع ذلك دفع فرضاً من الدين) أوائل المقالات (ص:44) .
    ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
    "ومن توهم أن هذا الكتاب كان بخلافة علي فهو ضال باتفاق عامة الناس، من علماء السنة والشيعة، أما أهل السنة فمتفقون على تفضيل أبي بكر وتقديمه، وأما الشيعة القائلون بأن علياً كان هو المستحق للإمامة فيقولون: إنه قد نص على إمامته قبل ذلك نصاً جلياً ظاهراً معروفاً، وحينئذ فلم يكن يحتاج إلى كتاب" .
    فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أراد من ذلك الكتاب النَّصَ على خلافة علي في ذلك الوقت المتأخر من حياته، دل هذا على عدم نصه عليها قبل ذلك، إذ لا معنى للنص عليها مرتين، وإذا ثبت باتفاق المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم ، مات ولم يكتب ذلك الكتاب، بطلت دعوى الوصية من أصلها.




    وإذا تقرر هذا: فليعلم أن العلماء اختلفوا في مراد النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك الكتاب، فذهب بعضهم إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب كتاباً ينص فيه على الأحكام ليرتفع الاختلاف.
    وقيل: إن مراده صلى الله عليه وسلم من الكتاب:
    بيان ما يرجعون إليه عند وقوع الفتن.
    وقيل: إن المراد
    بيان كيفية تدبير الملك، وهو إخراج المشركين من جزيرة العرب، وإجازة الوفد بنحو ما كان يجيزهم، وتجهيز جيش أسامة .
    والذي عليه أكثر العلماء المحققين:
    أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن ينص على استخلاف أبي بكر ، ثم ترك ذلك اعتماداً على ما علمه من تقدير الله تعالى .

    وقد استدل من قال بهذا القول بما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    ((ادعي لي أبا بكر وأخاك، حتى أكتب كتاباً، فإني أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)) متفق عليه .




    ولم يثبت أن عمر رضي الله عنه قال : إنه يهجر، وإنما قالها بعض من حضر الحادثة من غير أن تعين الروايات الواردة في الصحيحين وإنما الثابت فيها (فقالوا: ما شأنه أهجر؟)، هكذا بصيغة الجمع دون الإفراد.
    ولهذا أنكر بعض العلماء أن تكون هذه اللفظة من كلام عمر رضي الله عنه .
    قال ابن حجر رحمه الله:
    "ويظهر لي أن قائل ذلك بعض من قرب دخوله في الإسلام، وكان يعهد أن من اشتد عليه الوجع، قد يشتغل به عن تحرير ما يريد" .

    ثم أن هذه اللفظة لا مطعن فيها على عمر إن ثبتت عنه، ولا الصحابة. وذلك من عدة وجوه:
    الأول: أن الثابت الصحيح من هذه اللفظة أنها وردت بصيغة الاستفهام هكذا (أهجر؟) وهذا بخلاف ما جاء في بعض الروايات بلفظ: (هجر، ويهجر) وتمسك به الطاعنون فإنه مرجوح على ما حقق ذلك المحدثون ، فقد نصوا على أن الاستفهام هنا جاء على سبيل الإنكار على من قال: (لا تكتبوا).
    الثاني: أنه على فرض صحة رواية (هجر) من غير استفهام، فلا مطعن فيها على قائلها، لأن الهجر في اللغة يأتي على قسمين: قسم لا نزاع في عروضه للأنبياء، وهو عدم تبيين الكلام لبحّة الصوت، وغلبة اليبس بالحرارة على اللسان، كما في الحميات الحارة ، وقسم آخر:وهو جريان الكلام غير المنتظم، أو المخالف للمقصود على اللسان لعارض بسبب الحميات المحرقة في الأكثر.
    وهذا القسم محل اختلاف بين العلماء في عروضه للأنبياء، فلعل القائل هنا أراد القسم الأول، وهو أنا لم نفهم كلامه بسبب ضعف ناطقته، ويدل على هذا قوله بعد ذلك:
    «استفهموه».
    الثالث: أنه يحتمل أن تكون هذه اللفظة صدرت عن قائلها عن دَهَشٍ وحَيْرةٍ أصابته في ذلك المقام العظيم، والمصاب الجسيم، كما قد أصاب عمر وغيره عند موت النبي صلى الله عليه وسلم.
    الرابع: أن هذه اللفظة صدرت بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكبار أصحابه، فلم ينكروا على قائلها، ولم يؤثموه، فدل على أنه معذور على كل حال.




    وأما الادعاء من معارضة عمر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:
    (عندكم كتاب الله، حسبنا كتاب الله) ، وأنه لم يمتثل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيما أراد من كتابة الكتاب! فالرد عليه:

    الوجه الأول: أنه ظهر لعمر رضي الله عنه ؛ ومن كان على رأيه من الصحابة، أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابة الكتاب ليس على الوجوب، وأنه من باب الإرشاد إلى الأصلح .
    ثم إنه قد ثبت بعد هذا صحة اجتهاد عمر رضي الله عنه ، وذلك بترك الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ كتابة الكتاب، ولو كان واجباً لم يتركه لاختلافهم، لأنه لم يترك التبليغ لمخالفة من خالف.
    ولهذا عد هذا من موافقات عمر رضي الله عنه ‎‎.

    الوجه الثاني: أن قول عمر رضي الله عنه : (حسبنا كتاب الله) رد على من نازعه لا على أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا ظاهر من قوله: (عندكم كتاب الله) فإن المخاطب جمع وهم المخالفون لعمر رضي الله عنه في رأيه.

    الوجه الثالث: أن عمر رضي الله عنه قد رأى أن الأولى ترك كتابة الكتاب -بعد أن تقرر عنده أن الأمر به ليس على الوجوب- وذلك لمصلحة شرعية راجحة للعلماء في توجيهها أقوال :
    فقيل: شفقته على رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يلحقه من كتابة الكتاب مع شدة المرض، ويشهد لهذا قوله:
    (إن رسول الله صصلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع) فكره أن يتكلف رسول الله ص ما يشق ويثقل عليه، مع استحضاره قوله تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}، {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ ... } .
    وقيل: إنه خشى تطرق المنافقين، ومن في قلبه مرض، لما كتب في ذلك الكتاب في الخلوة، وأن يتقولوا في ذلك الأقاويل .
    ولا يبعد أن يكون عمر رضي الله عنه لاحظ هذه الأمور كلها، أوكان لاجتهاده وجوه أخرى لم يطلع عليها العلماء، كما خفيت قبل ذلك على من كان خالفه من الصحابة، ووافقه عليها الرسول صلى الله عليه وسلم بتركه كتابة الكتاب، ولهذا عد العلماء هذه الحادثة من دلائل فقهه ودقة نظره.

    الوجه الرابع: أن عمر رضي الله عنه كان مجتهداً في موقفه من كتابة الكتاب، والمجتهد في الدين معذور على كل حال، بل مأجور لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)) متفق عليه ، فكيف وقد كان اجتهاد عمر بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يؤثمه، ولم يذمه به، بل وافقه على ما أراد من ترك كتابة الكتاب.




    وأما القول:
    إن الأكثرية الساحقة كانت على قول عمر، ولذلك رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم جدوى كتابة الكتاب، لأنه علم بأنهم لن يمتثلوه بعد موته.
    فجوابه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم مأمور بالتبليغ سواء استجاب الناس أم لم يستجيبوا، قال تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ... }، وقال تعالى: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ}، فلو كان الرسول صلى الله عليه وسلم ، أمر بكتابة الكتاب، ما كان ليتركه لعدم استجابة أصحابه، كما أنه لم يترك الدعوة في بداية عهدها لمعارضة قومه وشدة أذيتهم له، بل بلَّغ ما أُمر به، وما ثناه ذلك عن دعوته، حتى هلك من هلك عن بينة، وحيا من حيي عن بينة.
    فظهر بهذا أن كتابة الكتاب لم تكن واجبة عليه، وإلا ما تركها .




    ثم إن علياً رضي الله عنه ؛ كان حاضراً في هذه الحادثة؟ فلماذا لم يكتب؟ لماذا لم يذهب ويأت بالدواة والقلم ويكتب؟ وهل كان علي مع الذين منعوا أو مع الذين لم يمنعوا؟!.

    نترك الإجابة للرافضة ، ولا ننتظر جواب ذلك منهم




    وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....



  6. #6

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    الشبهة الرابعة :



    سَرِيةُ أسامَةَ بنُ زَيد رضي الله عنهما


    • شبهتهم :


    (أن النبي صلى الله عليه وسلم ، جهز جيشاً لغزو الروم قبل وفاته بيومين، وأمّر على هذه السرية: أسامة بن زيد بن حارثة، وعمره ثمانية عشر عاماً، وقد عبأ صلى اله عليه وسلم في هذه السرية وجوه المهاجرين والأنصار، كأبي بكر وعمر، وأبي عبيدة، وغيرهم من كبار الصحابة المشهورين، فطعن قوم منهم في تأمير أسامة ،،
    وقالوا: كيف يؤمر علينا شاباً لا نبات بعارضيه، وقد طعنوا من قبل في تأمير أبيه، وقد قالوا في ذلك وأكثروا النقد، حتى غضب صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً مما سمع من طعنهم وانتقادهم، فخرج معصّب الرأس محموماً، يتهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض، من شدة ما به من لغوب، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
    أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة، ولئن طعنتم في تأميري أسامة فقد طعنتم في تأميري أباه من قبله، وأيم الله إنه كان خليقاً بالإمارة، وإن ابنه من بعده لخليق بها).
    وقالوا:
    (وإذا أردنا أن نتمعن في هذه القضية، فإننا سنجد عمر من أبرز عناصرها، إذ أنه هو الذي جاء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخليفة أبي بكر وطلب منه أن يعزل أسامة ويبدله بغيره.
    فقال أبو بكر:
    ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، أتأمرني أن أعزله وقد ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!).





    • رد العلماء على هذه الشبهة:


    الثابت في هذه الحادثة أن الرسول صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه ، أمر أصحابه بالمسير إلى
    تخوم البلقاء من الشام ، والإغارة على أهل مؤتة، حيث قتل زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة ، الذين كانوا أمراء الرسول صلى الله عليه وسلم على غزوة مؤتة المعروفة، فلما تجهز الصحابة لما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جعل الرسول صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد أميراً عليهم، فتكلم في تأمير أسامة قوم منهم عياش بن أبي ربيعة المخزومي، فرد عليه عمر وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فخطب وقال: ((إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقاً للإمارة وإن كان من أحب الناس إليّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده)) متفق عليه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم .

    فظاهر أن من تكلم في إمارة أسامة كانوا أفراداً من الصحابة وليس كل الصحابة، وكانوا بذلك مجتهدين في ما قالوا؛ لأنهم خشوا أن يضعف عن الإمارة لصغر سنه، ومع هذا فقد أنكر عليهم عمر وأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرهم إنه جدير بالإمارة فما يعرف أن أحداً منهم تكلم فيه بعد ذلك.
    فأي لوم على الصحابة رضي الله عنهم بقول أفراد منهم أنكره عليهم بعضهم، ثم نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانتهوا.




    القول بتباطئ الصحابة رضي الله عنهم في الخروج مع أسامة حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحصل، بل إنهم بادروا بالاستعداد للقتال، وأعدوا العدة لذلك، فعن ابن إسحاق قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة إلى الشام وأمره أن يوطئ تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، فتجهز الناس وأوعب مع أسامة المهاجرون الأولون).
    وفي الطبقات لابن سعد:
    (وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار، إلا انتدب في تلك الغزوة).
    فكان الصحابة قد تهيئوا للخروج مع أسامة، وخرج بهم وعسكر بالجرف استعداداً للانطلاق، لكن الذي حصل بعد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتد عليه المرض فجاءه أسامة وقال:
    (يا رسول الله قد أصبحت ضعيفاً وأرجو أن يكون الله قد عافاك فأذن لي فأمكث حتى يشفيك الله، فإني إن خرجت وأنت على هذه الحالة خرجت وفي نفسي منك قرحة، وأكره أن أسأل عنك الناس، فسكت عنه رسول الله).
    فكان أسامة هو الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم التأخر في الخروج حتى يطمئن على رسول صلى الله عليه وسلم ، فأذن له الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولو أراد أسامة الخروج ما تأخر عنه أحد ممن كان تحت إمرته.

    فهذا هو حقيقة ما حصل، ولم يكن تأخر خروج أسامة إلا بطلب منه أذن له فيه النبي صلى الله عليه وسلم، على أنه لم يكن بين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتهيؤ للغزو، ووفاته إلا ستة عشر يوماً، ومعلوم أن هذه المدة ليست طويلة في تجهيز جيش.
    وبهذا تبطل دعوى القول في تثاقل الصحابة عن الخروج بل إن هذا يدل على سرعة امتثالهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بتجهيزهم جيشاً كهذا قيل: إن قوامه ثلاثة آلاف مقاتل ، بكل ما يحتاج إليه من مؤونة وعتاد في خلال ثلاثة أيام على ما هم فيه من فاقة وفقر وحاجة في جميعاً، وجزاهم على جهادهم، وحسن بلائهم في الإسلام، خير ما جازى به المحسنين.



    لم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر وعمر أن يلتحقا بجيش أسامة، بل ولا أمر غيرهما بذلك، إذ لم يكن من عادته إذا أراد أن يجهز سرية أو غزوة أن يعين من يخرج فيها بأسمائهم، وإنما كان يندب أصحابه لذلك ندباً عاماً، ثم إذا اجتمع عنده من يقوم بهم الغرض عين لهم أميراً منهم.
    فالتحق بالجيش كبار المهاجرين والأنصار.‎
    وكان من بين هؤلاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كما نص على ذلك المؤرخون، وثبت أنه فيمن خرج في معسكر أسامة بالجرف، ثم عاد للمدينة مع أسامة، لما بلغه احتضار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن عمر رضي الله عنه بقي مكتتباً في جيش أسامة فلما استخلف أبو بكر وأمر بمسير الجيش
    (استأذن أبو بكر أسامة أن يأذن لعمر بالبقاء معه لحاجته إليه، فأذن له)‎ ذكر هذا الطبري وابن سعد وابن كثير وابن تيمية رحمهم الله جميعاً .

    فثبت بهذا أن التحاق عمر بجيش أسامة كان برغبته واختياره، وأن خروجه منه كان بطلب الخليفة، وإذن الأمير، فأي لوم على عمر رضي الله عنه في ذلك ؟؟




    وأما أبو بكر رضي الله عنه فالذي عليه أكثر المؤرخين:
    أنه لم يكن في جيش أسامة أصلاً، فإنهم سموا من التحق بجيش أسامة من كبار الصحابة، ولم يذكروا فيهم أبا بكر‎‎.
    بل كان رضي الله عنه يستخلفه في الصلاة من حين مرضه إلى أن مات.
    وأسامة قد روى أنه عقد له الراية قبل مرضه، ثم لما مرض أمر أبا بكر أن يصلي بالناس فصلى بهم إلى أن مات النبي صلى الله عليه وسلم ، فلو قُدر أنه أُمر بالخروج مع أسامة قبل المرض، لكان أمره بالصلاة تلك المدة، مع إذنه لأسامة أن يسافر في مرضه، موجباً لنسخ إمرة أسامة عنه، فكيف إذا لم يُؤمر عليه أسامة بحال .‎




    وأما القول: إن عمر رضي الله عنه ؛
    كان من أبرز عناصر المعارضة، وهو الذي جاء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر، وطلب منه أن يعزل أسامة ويبدله بغيره.
    فجوابه:أنه لم تكن هناك معارضة أصلاً حتى يكون لها عناصر بارزة أو غير بارزة، والعبرة في هذا بصحة النقل، ولا نقل صحيح في هذا.

    وأما القول: إن عمر طلب من أبي بكر عزل أسامة فليس هذا رأي عمر وحده، بل رأى بعض الصحابة، وسبب هذا أنه لما مات النبي صلى الله عليه وسلم ارتدت كثير من قبائل العرب، ونجم النفاق، وتربص الأعداء بالمسلمين من كل ناحية، وقد كان في جيش أسامة جل الصحابة وخيارهم، فخشى كبار الصحابة على المدينة بعد خروج الجيش منها أن يحيط بها الأعداء، وفيها خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين، والنساء، والذراري، فأشاروا على أبي بكر أن يؤجل بعث أسامة حتى يستقر الحال، ويفرغ من قتال المرتدين، فلما أبى عليهم ذلك أشار عليه بعضهم أن يولي الجيش من هو أسن من أسامة، وأعرف بالحرب منه حرصاً منهم على سلامة الجيش في ذلك الوقت العصيب الذي يمرون به .
    والصحابة على كل حال مجتهدون في شأن جيش أسامة سواء من رأى منهم تسيير الجيش، أو لم ير ذلك، أو رأى عزل أسامة، أو لم ير ذلك، فما أرادوا من ذلك إلا الخير، والنصح لدين الله والمسلمين، وهم أبعد ما يكونون على كل ما يرميهم به هؤلاء من التهم الباطلة الجائرة.




    وختاماً : لم يصح في قصة سرية أسامة حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعن الله من تخلف عن جيش أسامة)
    فهذا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم .



    وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....


  7. #7

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    الشبهة الخامسة :



    صُلح الحُدَيبِية


    • قالوا في مجمل القصة :

    ( ..... أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرج في السنة السادسة للهجرة يريد العمرة مع ألف وأربعمائة من أصحابه فأمرهم أن يضعوا سيوفهم في القرب، وأحرم هو وأصحابه بذي الحليفة وقلدوا الهدي ليُعلِم قريش أنه إنما جاء زائراً معتمراً وليس محارباً، ولكن قريشاً بكبريائها خافت أن يسمع بأن محمداً دخل عنوة إلى مكة وكسر شوكتها، فبعثوا اليه بوفد يرأسه سهيل بن عمرو وطلبوا منه أن يرجع في هذه المرة من حيث أتى على أن يتركوا له مكة في العام القادم ثلاثة أيام، وقد اشترطوا عليه شروطاً قاسية قبلها رسول الله لاقتضاء المصلحة التي أوحى إليه ربه عزوجل، ولكن بعض الصحابة لم يعجبهم هذا التصرف من النبي وعارضوه في ذلك معارضة شديدة .
    وجاءه عمر بن الخطاب فقال:
    ألست نبي الله حقاً؟ قال: ((بلى))، قال عمر: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: ((بلى))، قال عمر: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري))، قال عمر: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: ((بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟)) قال عمر: لا، قال: ((فإنك آتيه ومطوف به))، ثم أتى عمر بن الخطاب إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً؟ قال: بلى، ثم سأله نفس الأسئلة التي سألها رسول الله، وأجابه أبو بكر بنفس الأجوبة قائلاً له: أيها الرجل إنه لرسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه.

    ولما فرغ رسول الله من كتاب الصلح قال لأصحابه:
    ((قوموا فانحروا ثم احلقوا)).
    فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يمتثل لأمره منهم أحد دخل خباءه ثم خرج فلم يكلم أحداً منهم بشيء حتى نحر بدنة بيده، ودعا حالقه فحلق رأسه، فلما رأى أصحابه ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً.

    هذا مجمل قصة الصلح في الحديبية وهي من الأحداث المتفق عليها عند الشيعة والسنة، وقد ذكرها المؤرخون وأصحاب السير.

    قالوا:لا يمكن لنا أن نقرأ مثل هذا ولا نتأثر ولا أعجب من تصرف هؤلاء الصحابة تجاه نبيهم، وهل يقبل عاقل قول القائلين بأن الصحابة كانوا يمتثلون أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم وينفذونها، فهذه الحادثة تكذبهم وتقطع عليهم ما يرومون، هل يتصور عاقل بأن هذا التصرف في مواجهة النبي هو أمر هين، أو مقبول، أو معذور وقد قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} [النساء : 65].




    • رد العلماء على هذه الشبهة :

    مراجعة عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في أمر الصلح، وكذلك تأخر الصحابة رضي الله عنهم في بداية الأمر عن النحر والحلق حتى نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق، كل هذا صحيح ثابت في الصحيحين.
    وعلى هذين الأمرين مدار الطعن على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
    ولا مطعن في شيء من هذا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عمر ولا غيره من الصحابة الذين شهدوا الحديبية.

    وبيان ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ كان قد رأى في المنام أنه دخل مكة وطاف بالبيت فأخبر أصحابه بذلك وهو بالمدينة، فلما ساروا معه عام الحديبية لم يشك جماعة منهم أن هذه الرؤيا تتحقق هذا العام، فلما وقع أمر الصلح وفيه أن يرجعوا عامهم هذا، ثم يعودوا العام القادم شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل عمر رضي الله عنه على ما عرف به من القوة في الحق والشدة فيه- يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويراجعه في الأمر، ولم تكن أسئلته التي سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم لشك في صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، أو اعتراض عليه، لكن كان مستفصلاً عما كان متقرراً لديه، من أنهم سيدخلون مكة ويطوفون بالبيت، وأراد بذلك أن يحفز رسول الله صلى الله عليه وسلم على دخول مكة، وعدم الرجوع إلى المدينة، لما يرى في ذلك من عز لدين الله وإرغام للمشركين.



    فعمر رضي الله عنه كان في هذا مجتهداً حمله على هذا شدته في الحق، وقوته في نصرة الدين، والغيرة عليه، مع ما كان قد عودهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشورة وإبداء الرأي، امتثالاً لأمر الله تعالى:
    {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ...} [آل عمران : 159]
    وقد كان كثيراً ما يستشيرهم ويأخذ برأيهم، كما استشارهم يوم بدر في الذهاب إلى العير، وأخذ بمشورتهم، وشاورهم يوم أحد في أن يقعد في المدينة أو يخرج للعدو، فأشار جمهورهم بالخروج إليهم فخرج إليهم، وشاورهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب فأبى عليه السعدان (سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة) فترك ذلك، وشاورهم يوم الحديبية أن يميل على ذراري المشركين، فقال أبو بكر: إنا لم نجيء لقتال، وإنما جئنا معتمرين فأجابه إلى ما قال ، في حوادث كثيرة يطول ذكرها.
    فقد كان عمر رضي الله عنه يطمع أن يأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيه في مناجزة قريش وقتالهم، ولهذا راجعه في ذلك، وراجع أبا بكر، فلما رأى اتفاقهما أمسك عن ذلك وترك رأيه، فعذره رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يعلم من حسن نيته وصدقه.



    أما توقف الصحابة رضي الله عنهم عن النحر والحلق حتى نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق، فليس معصية لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر العلماء له عدة توجيهات كقولهم كأنهم توقفوا لاحتمال أن يكون الأمر بذلك للندب، أو لرجاء نزول وحي بإبطال الصلح المذكور، أو تخصيصه بالإذن بدخولهم مكة ذلك العام لإتمام نسكهم، وسوّغ لهم ذلك لأنه كان زمان وقوع النسخ، ويحتمل أنهم ألهتهم صورة الحال فاستغرقوا في الفكر لما لحقهم من الذل عند أنفسهم، مع ظهور قوتهم واقتدارهم في اعتقادهم على بلوغ غرضهم، وقضاء نسكهم بالقهر والغلبة، أو أخروا الامتثال لاعتقادهم أن الأمر المطلق لا يقتضي الفور، ويحتمل مجموع هذه الأمور لمجموعهم.
    وجاء في بعض الروايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى عدم امتثالهم، دخل على أم سلمة فذكر لها ذلك فقالت:
    (يا رسول الله لا تكلمهم فإنهم قد دخلهم أمر عظيم مما أدخلت على نفسك من المشقة في أمر الصلح ورجوعهم بغير فتح).
    فأشارت عليه كما جاء في رواية البخاري:
    (أن اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا) رواه البخاري.
    قال ابن حجر رحمه الله:
    (ويحتمل أنها فهمت عن الصحابة رضي الله عنهم أنه احتمل عندهم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالتحلل أخذاً بالرخصة في حقهم، وأنه يستمر على الإحرام أخذاً بالعزيمة في حق نفسه، فأشارت عليه أن يتحلل لينتفي عنهم هذا الاحتمال، وعرف النبي صلى الله عليه وسلم صواب ما أشارت به ففعله)...

    ونظير هذا ما وقع لهم في غزوة الفتح من أمره لهم بالفطر في رمضان، فلما استمروا على الامتناع، تناول القدح فشرب، فلما رأوه شرب شربوا.



    وهذا الوجه حسن، وهو اللائق بمقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا على قدر كبير من تعظيم الإحرام والحرص على إكمال النسك، فلما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتحلل ولم يفعل، ظنوا أن الذي حمله على هذا هو الشفقة عليهم، كما كانت سيرته معهم، فكأنهم رضي الله عنهم آثروا التأسي به على ما رخص لهم فيه من التحلل، ثم لما رأوه قد تحلل أيقنوا أن هذا هو الأفضل في حقهم، فبادروا إليه، وهذا مثل ما حصل منهم في الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغوا مكة وطافوا وسعوا أمرهم أن يحلوا، وأن يصيبوا النساء ويجعلوها عمرة، فكبر ذلك عليهم لتعظيمهم لنسكهم، وقالوا: نذهب إلى عرفة ومذاكيرنا تقطر من المني؟! ، فلما علم بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم وكان لم يتحلل، قال لهم: ((أيها الناس أحلوا فلولا الهدي الذي معي فعلت كما فعلتم )).
    قال جابر رضي الله عنه راوي الحديث:
    "فحللنا وسمعنا وأطعنا" متفق عليه .



    ما بدر من الصحابة رضي الله عنهم يوم الحديبية كان بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان الوحي ينزل عليه، فهل ذمهم الله بذلك؟ فإن الله لا يقر على باطل. وهل أنكر عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم ؟

    إن الله عزوجل قال في سورة الفتح التي أنزلها على رسوله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الحديبية في طريقه إلى المدينة ...
    {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} [الفتح :18-19].

    وكان عدد أهل الحديبية الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ألفاً وأربعمائة رجلٍ، كما ذكر جابر رضي الله عنه ، وفي صحيح مسلم أن أم بشر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
    ((لا يدخل النار -إن شاء الله- من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها)) رواه مسلم .
    فثبت بصريح الكتاب والسنة أن الله رضي عنهم، وأنزل السكينة في قلوبهم، وشهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، والنجاة من النار،
    فالطعن فيهم بعد هذا تكذيب صريح لما دلت عليه النصوص، ورد على الله ورسوله، ولهذا لم يتوقف العلماء في تكفير من كفّر، أو فسق عامة الصحابة لمناقضته لصريح الكتاب والسنة.



    ثبت في الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "كتب علي بن أبي طالب رضي لالله عنه الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين يوم الحديبية، فكتب: هذا ما كاتب عليه محمد رسول الله، فقالوا:
    لا تكتب رسول الله فلو نعلم أنك رسول الله لم نقاتلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((امحه)) ، فقال: "ما أنا بالذي أمحاه"، فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم بيده" متفق عليه.
    وفي بعض الرويات أن علياً رضي الله عنه قال:
    "والله لا أمحاه أبداً".
    فما ثبت عن علي رضي الله عنه هنا نظير ما ثبت عن عمر رضي الله عنه هناك ؛ في مراجعته رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الصلح، فإذا لم يكن في هذا مطعن على علي رضي الله عنه وهو الحق، لم يكن فيما ثبت عن عمر رضي الله عنه.
    فإن قيل: إنما منعه من محو كلمة (رسول الله) محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه.
    قلنا: وإنما حمل عمر على ما فعل نصرته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإعزاز دينه.




    وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....




  8. #8

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    عذراً ثم عذراً لمن يتابع (إن وجد) كان عندي اختبارات ولم استطع الإضافة
    الشبهة السادسة :







    آيات وأحاديث حملت على أنها في ذم الصحابة رضي الله عنهم :

    هناك آيات عدة حُملت على أنها وردت في ذم الصحابة رضي الله عنهمم ؛ وهذه ردود عامة عليها:

    أن كل ما يُستدل به من آيات في الطعن على الصحابة رضي الله عنهم لا يخلو من ثلاثة أقسام:

    -
    إما أن تكون آيات نزلت في الكفار والمنافقين.



    - وإما أن تكون آيات
    عامة نزلت في حث الأمة على الخير، وأمرها به، أو تحذيرها من الشر ونهيها عنه، والخطاب فيها للصحابة ولمن بعدهم من الأمة ..
    وهي مصدرة في الغالب: بـ
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ).
    والأمثلة على هذا كثيرة جداً في القرآن، وليس فيها أي طعن على الصحابة رضي الله عنهم .
    وقد خاطب الله تعالى بمثل هذا رسوله صلى الله عليه وسلم كما في قوله:
    {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة : 67].
    وقوله:
    {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر : 65] .
    وقوله:
    {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة : 145].
    وقوله:
    {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ...} [الأحقاف : 35].
    وقوله:
    {وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ } [المدثر:6-7].
    وغيرها من الآيات في معناها، فكما أن هذه الآيات بما تضمنته من الأوامر والنواهي من الله لرسوله، ليس فيها أي مطعن عليه، فكذلك ما ثبت من ذلك في حق الصحابة ليس فيه أي مطعن عليهم.



    - وأما القسم الثالث من الآيات فآيات
    تضمنت نوع عتاب من الله لبعض الصحابة، كما في قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ...} [الحديد : 16].
    وقوله تعالى:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ ...} [التوبة : 38].
    وقوله تعالى:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ ...} [الممتحنة : 1].

    فهذه الآيات وما في معناها
    ليس فيها كذلك مطعن على الصحابة رضي الله عنهم، وإنما عاتب الله بها أفراداً منهم، بل ربما كان العتاب لفرد واحد منهم، كما في الآية الأخيرة، فإنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه ، ومن الخطأ تعميم ذلك على الصحابة كلهم، وأيضاً فإن الله تعالى خاطبهم فيها بوصف الإيمان الدال على تزكية الله لهم وثنائه عليهم، ولهذا أُطلق على هذه الآيات وأمثالها على أنها عتاب من الله للمؤمنين، ولهذا عاتب الله رسوله وخليله صلى الله عليه وسلم في أكثر من آية كما في قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الْأَعْمَى} [عبس:1-2].
    وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم بعدها يكرم ابن أم مكتوم ويقول له إذا رآه:
    ((مرحباً بمن عاتبني فيه ربي)).
    وقال تعالى:
    {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التحريم : 1].
    وقال تعالى:
    {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ...} [الأحزاب : 37].
    إلى غير ذلك من الأمثلة في هذا الباب.



    والمقصود هنا:هو التأكيد على أن كل ما ثبت في حق الصحابة من عتاب الله تعالى لهم، لا يوجب انتقاصهم به، إذا ما ثبت جنس ذلك في حق الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بالمكانة المعروفة من ربه.

    لو سلمنا جدلاً أن في تلك الآيات ذماً لبعض الصحابة، فمن أين لنا الحكم على بعضهم
    أنهم هم المعنيون بها دون البعض الآخر، فإن هذا التعيين يحتاج إلى دليل، وإلا فلغيره أن يدعي ما يشاء، وينزل تلك الآيات على من شاء من الصحابة، كما لو احتج الخوارج بتلك الآيات على تكفير علي رضي الله عنه أو النواصب على تفسيقه، فلن يجد هؤلاء حجة يدفعون بها عن علي رضي الله عنه ، إلا بقول أهل السنة واعتقاد عدالة الصحابة جميعاً.



    أن الله تعالى أثنى في كتابه على الصحابة أبلغ الثناء، وزكاهم أعظم تزكية، وأخبر أنه رضي عنهم ورضوا عنه، ووصفهم بالإيمان والتقوى، ووعدهم بالحسنى.
    فقد تضمنت هذه الآيات ثناء الله عز وجل العظيم على الصحابة ووصفه لهم بتلك الصفات الفاضلة الدالة على علو شأنهم في الدين، وسمو مكانتهم فيه، وإخباره بما أعد لهم في الآخرة من الأجر والثواب والمغفرة والرضوان، والخلود في جنات تجري من تحتها الأنهار، مما يدل دلالة واضحة على بطلان ما ادعاه المبطلون من أن بعض الآيات جاءت بذمهم وتنقصهم، وذلك أنه كتاب محكم لا يناقض بعضه بعضاً كما قال تعالى:
    {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء : 82].
    ولو افترض وجود بعض الآيات تدل بظاهرها على ما ادعى هؤلاء الطاعنون،
    فالواجب حملها على هذه الآيات الصريحة القاطعة بعدالة الصحابة جميعاً، فكيف والنصوص كلها من الكتاب والسنة بعدالتهم متواترة، وبإيمانهم قاطعة.




    أن الله تعالى أثنى على المستغفرين لهم السائلين الله تعالى أن لا يجعل في قلوبهم غلاً عليهم، فقال بعد أن ذكر المهاجرين والأنصار: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر : 10].
    فكيف يتصور بعد هذا أن يذمهم الله تعالى في آيات أخرى بما يوجب تنقصهم وبغضهم، فإن هذا من أبعد ما يكون عند أصحاب العقول، أن يتضمن مثل ذلك كتاب الله المحكم المنزه عن الاختلاف والاضطراب.



    أن الله تعالى جعل أصحاب نبيه يغاظ بهم الكفار فقال: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ...} [الفتح : 29] ، فمن المحال بعد ذلك أن يجعل للكفار حجة عليهم بذمهم في كتابه، وقد قال الله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء : 141].

    وبهذا يظهر زيف القول بأن القرآن قد جاء بذم الصحابة.



    أما الروايات والآثار فإن ما نقل عن الصحابة من المثالب نوعان:
    أحدهما: ما هو كذب: إما كذب كله، وإما محرَّف قد دخله من الزيادة والنقصان ما يُخرجه إلى الذم والطعن.
    وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب يرويها الكذّابون المعروفون بالكذب، مثل أبي مخنف لوط بن يحيى، ومثل هشام بن محمد بن السائب الكلبي وأمثالهما من الكذّابين.
    ولهذا كثيراً ما يستشهد الطاعنون بما صنّفه هشام الكلبي في ذلك، وهو من أكذب الناس، وهو يروي عن أبيه وعن أبي مخنف، وكلاهما متروك كذّاب.

    والنوع الثاني: ما هو صدق: وأكثر هذه الأمور هم فيها معذورون تخرجها عن أن تكون ذنوباً، وتجعلها من موارد الاجتهاد، التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر.
    وعامة المنقول الثابت عن الصحابة رضي الله عنهم من هذا الباب، وما قُدِّر من هذه الأمور ذنبا محققا فإن ذلك لا يقدح فيما عُلم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من أهل الجنة، لأن الذنب المحقق يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة، منها: التوبة الماحية، والحسنات الماحية للذنوب؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات. وقد قال تعالى:
    {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً} [النساء : 31].
    ومنها:
    المصائب المكفِّرة.
    ومنها:
    دعاء المؤمنين بعضهم لبعض، وشفاعة نبيهم، فما من سبب يسقط به الذنب والعقاب عن أحد من الأمة إلا والصحابة أحق بذلك، فهم أحق بكل مدح، ونفي كل ذم ممن بعدهم من الأمة.
    وغيرها من أسباب المغفرة وتكفير الذنوب.




    أمثلة على آيات حملت على أنها وردت في الطعن في الصحابة رضي الله عنهم :
    آية الانقلاب:
    من هذه الآيات ما يسمى (آية الانقلاب) وهو قول الله عزوجل:
    {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران : 144].
    حيث زعموا أن هذه الآية الكريمة
    صريحة وجلية في أن الصحابة سينقلبون على أعقابهم بعد وفاة الرسول مباشرة ولا يثبت منهم إلا القليل كما دلت على ذلك الآية في تعبير الله عنهم، أي: عن الثابتين الذين لا ينقلبون بالشاكرين، فالشاكرون لا يكونون إلا قلة قليلة كما دل على ذلك قوله: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ : 13] ، وكما دلت عليه أيضاً الأحاديث النبوية الشريفة التي فسرت هذا الانقلاب بزعمهم.



    وقد رد العلماء على هذه الشبهة بما يلي:

    أولاً: يجب على المفسر لكتاب الله أن يلم بأصول التفسير كأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والخاص والعام وغيره ليكون تفسيره حسب أصول التفسير .

    ثانياً: ذكر المفسرون في سبب نزول الآية أنه في يوم أحد صاح الشيطان: قد قتل محمد.
    فقال بعض المنافقين:
    قد قتل محمد فأعطوهم بأيديكم فإنما هم إخوانكم .
    وقال بعض الصحابة:
    إن كان محمد قد قتل ألا تمضون على ما مضى عليه نبيكم حتى تلحقوا به فأنزل الله تعالى في ذلك: : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ...} [آل عمران : 144].
    ومن علماء الإمامية الاثني عشرية من أقر بأن هذا هو سبب نزول الآية.



    وعلى ذلك فمعنى الآية : (هو معاتبة الله لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على ما كان منهم من الهلع والجزع حين قيل لهم بأحد إن محمداً قتل) ،، (فلو مات محمد أو قتل لا ينبغي لهم أن يصرفهم ذلك عن دينه وما جاء به، فكل نفس ذائقة الموت، وما بعث محمد صلى الله عليه وسلم ليخلد لا هو ولا هم بل ليموتوا على الإسلام والتوحيد فإن الموت لا بد منه، سواء مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بقي، فقوله : {أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} ، أي: كيف ترتدون وتتركون دينه إذا مات أو قتل مع علمكم أن الرسل تخلو ويتمسك أتباعهم بدينهم وإن فقدوا بموت أو قتل).



    ثالثاً: هذه الآية تعتبر أعظم دليل على عظمة أبي بكر رضي الله عنه وشجاعته وثباته وذلك عندما صدع بهذه الآية يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
    وثبوته في ذلك الموطن، وثبوته في أمر الردة، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قبض وشاع موته هاج المنافقون وتكلموا وهموا بالاجتماع والمكاشفة ، أوقع الله تعالى في نفس عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبض فقام بخطبته المشهورة المخوفة للمنافقين برجوع النبي صلى الله عليه وسلم
    ففتَّ ذلك في أعضاد المنافقين وتفرقت كلمتهم، ثم جاء أبو بكر بعد أن نظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسمع كلام عمر فقال له: اسكت، فاستمر في كلامه فتشهد أبو بكر فأصغى الناس إليه ، فقال: أما بعد "فإنه من كان يعبد الله تعالى فإن الله حي لا يموت ومن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ}" . ، وتلا الآية كلها فبكى الناس ولم يبق أحد إلا قرأ الآية كأن الناس ما سمعوها قبل ذلك اليوم، قالت عائشة رضي الله عنها في البخاري: "فنفع الله بخطبة عمر ثم بخطبة أبي بكر..." فهذا من المواطن التي ظهر فيها شكر أبي بكر وشكر الناس بسببه.



    رابعاً: القول بأن: (هذه الآية صريحة وجلية «هكذا!» في أن الصحابة سينقلبون على أعقابهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرةً) ،، يدل على عظيم الجهل بأصول التفسير وبأقوال المفسرين.
    وإذا فسرت الآية بهذه العقليته لأصبح المعنى أن الله عزوجل يبشر صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم أنهم سينقلبون في المستقبل القريب!!؟
    فهو يجزم بحدوث انقلاب أكثر الصحابة والنبي صلى الله عليه وسلم لما يتوفاه الله بعد، وليس هذا فقط بل ويؤكد أنهم سينقلبون بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرةً !!!
    ومن جزم بأن أكثر الصحابة سينقلبون بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرةً فلابد أن يوضح من هم الصحابة المنقلبون ومن هم الصحابة الثابتون وإلا اختلط الأمر على الأمة فلم يُعْرَفِ الصحابي من المنقلب على عقبه.
    وبالإضافة إلى أن عدم تحديد الصحابة من المنقلبين سيفتح المجال
    للطعن بالقرآن الكريم؛ لأنه في عدة مواضع يمدح الصحابة ويشهد لهم بالإيمان وصلاح الظواهر والبواطن، وفي مواضع أخرى يذم الصحابة ويبشر بارتدادهم عن الدين وهذا هو عين ما يسعى إليه الطاعنون، والحق الذي يجب أن يعرفه كل مسلم هو أن الصحابة إنما هم بشر يخطئون وتقع منهم الزلات والهنات، ولكنهم أهل عدل وصدق شهد لهم القرآن الكريم في غير ما موضع كما في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة : 100].
    فهذه بشارة الله سبحانه لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا أن يبشرهم بالارتداد والانقلاب عن الدين.



    خامساً: يجب على المفسر لآية أن يربطها بالآيات التي قبلها والتي بعدها؛ لأن تمام التفسير ووضوحه مرتبط بذلك، وهذه الآية هي من ضمن غزوة أحد والأخطاء التي وقعت فيها والسورة بصدد عتاب الله للمؤمنين لما حدث لهم في هذه الغزوة، وذلك أن الله أنكر عليهم أنهم بمجرد الايمان سيدخلهم الجنة دون الجهاد والابتلاء والتمحيص فقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} [آل عمران :142-143]. ثم ذكر بعدها مباشرة قوله: : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ ...} [آل عمران : 144] استمرار بعتابهم على ما كان منهم في تلك الغزوة، ثم ذكرهم بالآيات التي بعدها أن هناك من الأنبياء من قاتل معه الصالحون فما وهنوا وما ضعفوا وما ذلوا كما حدث من بعضكم، وفي الآية التي بعدها أثبت الله لصحابة نبيه صلى الله عليه وسلم الإيمان وحذرهم من طاعة الكافرين بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ} [آل عمران : 149] ، وبعد عتابهم ذكر الله بعد آيات أنه عفا عمن تولى يوم القتال بسبب بعض ذنبه بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران : 155] ، ثم يذكر الله سبحانه أن المؤمنين قد استجابوا للرسول صلى الله عليه وسلم من بعد ما أصابهم القرح في غزوة أحد لملاحقة أبي سفيان إلى حمراء الأسد فقال تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران :172-173].
    ولا شك أن هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات وهذا المديح هم الصحابة المنقلبون بنعمة من الله وفضل، فكيف يدعي هؤلاء أن الله يبشر صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم بالارتداد والانقلاب بناء على تحريف للكلم عن مواضعه؟!



    آية الجهاد:

    ومنها آية ما يسمى بـ (آية الجهاد) وهو قول الله عزوجل:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة:38-39].
    قالوا:هاتان الآيتان صريحتان أيضاً في أن الصحابة تثاقلوا عن الجهاد واختاروا الركون إلى الحياة الدنيا والدعة، رغم علمهم بأنها متاع قليل، حتى استوجبوا توبيخ الله سبحانه وتهديده إياهم بالعذاب الأليم، وباستبدالهم بغيرهم من المؤمنين الصادقين.



    وقد رُد على هذه الشبهة من وجوه:
    منها اتفاق المفسرين بأن هذه الآية نزلت في الحض على
    "غزوة تبوك" ، وذلك بعد فتح مكة وبعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من الطائف وحنين وقد أمروا بالنفير بالصيف حيث فرقت النخل وطابت الثمار، وكان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورّى بغيرها حتى كانت هذه الغزوة في حر شديد وسفر بعيد وعقبات كثيرة وعدو غفير فشق عليهم الخروج فأنزل الله هذه الآيات تحضهم على الجهاد وترهبهم من التثاقل عنه.
    وقد ذكر ذلك بعض علماء الإمامية.



    ولا شك أن هذا التثاقل لم يصدر من الكل، إذ من البعيد أن يطبقوا جميعاً على التباطؤ والتثاقل وإنما هو باب نسبة ما يقع من البعض إلى الكل، وهو كثير شائع، والصحابة بشر يعتريهم ما يعتري أي إنسان من الكسل وغيره ولذلك نزل القرآن في كثير من المواطن يعلم الصحابة ويوجههم ويحضهم ويرهبهم ليجعل منهم خير أمة أخرجت للناس.
    وهذا الأمر معلوم لمن تدبر القرآن فنزلت الآيات التي تبدأ بـ
    {يا أيها الذين آمنوا} تسع وثمانون مرة وهي كلها للتعليم والتوجيه.
    لذلك يقول ابن مسعود رضي الله عنه :
    "إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه إما خيرٌ تؤمر به أو شر تنهى عنه" ، فالسياق القرآني جاء لتعليم الصحابة الخير أو نهيهم عن الشر، ولكن من اعتقد العصمة في البشر جعلهم يعتقدون أن أي خطأ أو تقصير يصدر من الصحابة يعتبر قدحاً بهم.

    أما بالنسبة لقوله تعالى:
    {إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً} [التوبة:39].
    فهذا فيه توعد من الله تعالى لمن ترك الجهاد وقال ابن عباس رضي الله عنهما:
    "استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً من العرب فتثاقلوا عنه فأمسك الله عنهم القطر فكان عذابهم" .



    الصحابة رضي الله عنهم قد خرجوا مع نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى غزوة تبوك ولم يمسهم من عذاب الله شيء، وعلى رأس هؤلاء الشيخين رضي الله عنهما ، فأما أبو بكر رضي الله عنه فقد جاء بجميع ماله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليجهز الجيش ولم يبق لأهله إلا الله ورسوله ، بالإضافة إلى أن الله سبحانه أثبت له الصحبة لنبيه فذكر بالآية التي تلي الآية التي نحن بصددها مباشرة {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} [التوبة : 40].
    وأما عمر رضي الله عنه فقد جاء بنصف ماله للنبي صلى الله عليه وسلم ، وجاء عثمان رضي الله عنه بألف دينار فنثرها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وجهز
    جيش العسرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين)) رواه الترمذي.
    وأما عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه في غزوة تبوك (رواه مسلم).
    وعفى الله عن الجميع حيث قال:
    {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة : 117].
    يقول ابن عباس رضي الله عنهما:
    " من تاب الله عليه لم يعذبه أبداً " .



    ثم أعلم أن غزوة تبوك هذه كانت آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم مع صحابته رضي الله عنهم، وكانوا قد أبلوا أعظم البلاء في جميع الغزوات الأخرى التي غزوها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، كبدر وأحد والخندق ثم فتح مكة ثم غزوة حنين ومؤتة فكان النصر والفتح حليفهم، ثم إنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أكملوا طريق الجهاد فحفظوا الدين من المرتدين وفتح الله على أيديهم بلاد فارس والعراق والشام ومصر.
    فكيف يقال بعد هذا أن الصحابة تثاقلوا عن الجهاد واختاروا الركون إلى الحياة الدنيا؟!



    آية الردة:
    وقالوا: (وكقوله تعالى أيضاً:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة : 54].



    والرد أن يقال:
    أن هذه الآية أعظم دليل على عظمة هؤلاء الصحابة وأنهم هم القوم الذين يحبهم الله ويحبونه، فقد روى جمع من المفسرين أنها نزلت في أبي بكر وأصحابه رضي الله عنهم وذكر الطبري في تفسيره أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "نزلت في أبي بكر وأصحابه!!".
    وقال بعض المفسرين: نزلت في الأنصار.
    وقال بعضهم: في أهل اليمن قوم أبي موسى الأشعري.
    وعلى كل حال الآية عامة في كل هؤلاء، ولا شك أن أولهم دخولاً في الآية أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وبقية الصحابة.
    ويؤكد على ذلك الطبرسي-وهو من كبار علماء الإمامية- في تفسيره عند ذكر الآية:
    (.. واختلف فيمن وصف بهذه الأوصاف منهم فقيل: هم أبو بكر وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة .. وقيل: هم الأنصار.. وقيل: هم أهل اليمن.. وقيل: أنهم أهل فارس..... وقيل: هم أمير المؤمنين علي عليه السلام وأصحابه)(البيان).

    والدليل على أن الصحابة وفي مقدمتهم الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم هم أول الداخلين في عموم هذه الآية، أن الله يقول فيها:
    {فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}.
    أما قوله:
    {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}. دليل واضح وصفة لازمة لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بدليل قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} [الفتح:29].
    وأما قوله:
    {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} ، فمعلوم أن الصحابة كانوا من أوائل المجاهدين في سبيل الله، والآيات التي تؤكد ذلك تملأ القرآن لمن تدبره.، فهذه صفة دائمة لهم، فلا يعقل لمن استخدم عقله أن يعتقد أن الصحابة ارتدوا بدليل الآية، لأن الصحابة في زمن خلافة أبي بكر رضي الله عنه قاتلوا المرتدين وانتصروا عليهم فلا يعقل أن ينتصر المرتدون على المؤمنين.



    شبهة التبعيض في قول الله عزوجل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} :

    ومن الشبهات أن
    {منهم} في قول الله عزوجل: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الفتح : 29] ‎، تدل على التبعيض وأوحت أن البعض من هؤلاء لا تشملهم مغفرة الله ورضوانه، ودلت أيضاً على أن البعض من الصحابة انتفت منهم صفة الإيمان والعمل الصالح، فهذه الآيات المادحة والقادحة في آن واحد فهي بينما تمدح نخبة من الصحابة تقدح في آخرين ...



    وقد رُد علي هذه الشبهة من وجوه:
    منها إن هذه الآية الكريمة تضمنت أبلغ الثناء والمدح من الله تعالى لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه لهم بتلك الصفات العظيمة، الدالة على علو قدرهم في الدين، ورسوخ قدمهم في الإيمان والعمل الصالح.

    أما القول أن
    {منهم} في قوله تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} : للتبعيض ، فجل وخطأ، فالذي عليه المفسرون وأهل العلم أن (من) في الآية لبيان الجنس فيكون المعنى: {وعد الله الذين آمنوا من هذا الجنس} وهم : الصحابة.

    وهذا كقوله تعالى:
    {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج : 30] فلا يقصد للتبعيض، لكنه يذهب إلى الجنس، أي: فاجتنبوا الرجس من جنس الأوثان إذ كان الرجس يقع من أجناس شتى، منها الزنى والربا وشرب الخمر والكذب فأدخل (من) يفيد بها الجنس وكذا (منهم) أي: من هذا الجنس، يعني: جنس الصحابة، ويقال: أنفق نفقتك من الدراهم أي: اجعل نفقتك هذا الجنس ...



    شبهة قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} :

    حيث قالوا:
    أن أكثر الصحابة انفضوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العير التي جاءت من الشام وتركوه وحده في خطبة الجمعة وتوجهوا إلى اللهو واشتغلوا بالتجارة، وذلك دليل على عدم الديانة.



    والجواب:
    أن هذه القصة إنما وقعت في بدء زمن الهجرة، ولم يكونوا إذ ذاك واقفين على الآداب الشرعية كما ينبغي، وكان للناس مزيد رغبة في الغلة، وظنوا أن لو ذهبت الإبل يزيد الغلاء ويعم البلاء، ولم يخرجوا جميعهم بل كبار الصحابة كأبي بكر وعمر كانوا قائمين عنده صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، ولذا لم يشنع عليهم ، ولم يتوعدهم سبحانه بعذاب ولم يعاتبهم الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً، ولما بين الله لهم الحكم ما تخلف منهم أحد، وحالهم بعد نزول الآية خير شاهد.

    ثم أن إنفضاض الصحابة رضي الله عنهم كان
    للتجارة وليس اللهو، بدليل قوله تعالى: {إِلَيْهَا} ، ولم يقول إليهما بصيغة المثنى .



    شبهة فرار الكثير من الصحابة يوم أحد ويوم حنين ونزول قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} :

    والجواب:
    أن الفرار يوم أحد كان قبل النهي، ولئن قلنا: كان بعده فهو معفو عنه، بدليل قوله تعالى:
    {وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران : 155].
    فالله قد عذرهم وعفا عنهم، وهو الذي زكاهم وأثنى عليهم فهل لأحد أن يعترض على الله؟!
    وأما الفرار يوم حنين فقد أخبر تعالى أنه كان
    ابتلاء لهم وتربية لهم حتى لا يعتمدوا على كثرتهم، بل الاعتماد يكون على الله وحده، فقال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ} [التوبة:25-26] .
    ولا يخفى أن في هذه المعركة كان منهم قريبو عهد بإيمان .




    شبهة القول: إن الصحابة سبوا بعضهم وقتلوا بعضهم: يقول الله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ{ .

    الجواب:
    إن الله أثبت لهم الإيمان والأخوة مع أنهم قاتلوا بعضهم بعضاً، وإذا كانت هذه الآية يدخل فيها المؤمنون فالأولى دخول الصحابة فيها، وأهل السنة يقولون: إن أهل الجنة ليس من شرط دخولها سلامتهم عن الخطأ والزلل، بل ولا حتى الكبائر، فيجوز أن يذنب الرجل منهم ذنباً صغيراً أو كبيراً ويتوب منه فيتوب الله عليه, كيف وقد شهد الله لهم بالجنة، ولو لم نعلم أن أولئك المعينين في الجنة لم يجز لنا أن نقدح في استحقاقهم للجنة بأمور لا نعلم أنها توجب النار.
    فإن هذا لا يجوز في آحاد المؤمنين الذين لم يعلم أنهم يدخلون الجنة، فليس لنا أن نشهد لأحد منهم بالنار لأمور محتملة لا تدل على ذلك، فكيف يجوز مثل ذلك في خيار المؤمنين !!؟ فكان كلامنا في ذلك كلاماً فيما لا نعلمه، والكلام بلا علم حرام، ولهذا كان الإمساك عما شجر بين الصحابة خيراً من الخوض في ذلك بغير علم بحقيقة الأحوال .




    وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....


  9. #9

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    الشبهة السابعة :


    شبهة أن الصحابة آذوا علياً وحاربوه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ((من آذى علياً فقد آذاني)) :

    إعلم أن أعظم ما تداولت الألسن من الاختلاف الواقع بين الصحابة رضي الله عنهم ما وقع في زمن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فنشأ منه وقعتان عظيمتان: وقعة الجمل، ووقعة صفين.
    وسبب ذلك مقتل عثمان رضي الله عنه، ولو أنكر ذلك من أنكر، وإنكار ذلك مكابرة لا يلقى لها بال، لأن الخبر متواتر في جميع مراتبه.
    وتلخيص الأول: أنه لما قتل عثمان رضي الله عنه ؛ سار طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم نحو البصرة، فلما علم علي بمخرجهم اعترضهم من المدينة لئلا يحدث ما يشق عصا الإسلام، ففاتوه، وأرسل ابنه الحسن وعماراً يستنفران أهل المدينة وأهل الكوفة، ولما قدموا البصرة استعانوا بأهلها وبيت مالها، حتى إذا جاءهم الإمام رضي الله عنه حاول الصلح واجتماع الكلمة وسعى الساعون بذلك، فثار قتلة عثمان وكان ما كان، وانتصر علي رضي الله عنه، وكان قتالهم من ارتفاع النهار يوم الخميس إلى صلاة العصر لعشر خلون من جمادى الآخرة.
    ولما ظهر علي رضي الله عنه جاء إلى أم المؤمنين رضي الله عنها فقال:
    "غفر الله لك". قالت: "ولك. وما أردت إلا الإصلاح".

    ثم أنزلها دار عبد الله بن خلف في البصرة وزارها بعد ثلاث ورحبت به وبايعته وجلس عندها فقال رجل:
    يا أمير المؤمنين! إن بالباب رجلين ينالان من عائشة.
    فأمر القعقاع بن عمرو أن يجلد كل واحد منهما مائة جلدة وأن يجردهما من ثيابهما ففعل.
    ولما أرادت الخروج من البصرة بعث إليها بكل ما ينبغي من مركب وزاد ومتاع وأذن لمن نجا من الجيش أن يرجع إلا أن يحب المقام، وأرسل معها أربعين امرأة وسير معها أخاها محمداً.
    ولما كان اليوم الذي ارتحلت فيه جاء علي رضي الله عنه فوقف على الباب في الهودج فودعت الناس ودعت لهم وقالت:
    «يا بني لا يغتب بعضكم بعضاً، إنه ما كان بيني وبين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه لمن الأخيار».
    فقال علي رضي الله عنه:
    «صدقت، والله ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها زوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة» (تاريخ الطبري) وسار معها مودعاً أميالاً.
    وكانت رضي الله تعالى عنها بعد ذلك إذا ذكرت ما وقع ،
    تبكي حتى تبل خمارها.



    ففي هذه المعاملة من أمير المؤمنين رضي الله عنه دليل على خلاف ما يزعمه مبغضوها من كفرها وفي ندمها وبكائها على ما كان دليل على أنها لم تذهب إلى ربها إلا وهي نقية من غبار المعركة، على أن في كلامها ما يدل على أنها كانت حسنة النية في ذلك.
    وقال غير واحد: إنها اجتهدت ولكنها أخطأت في الاجتهاد ولا إثم على المجتهد المخطئ بل له أجر على اجتهاده.



    وأما طلحة والزبير رضي الله عنهما فلم يموتا إلا على بيعة الإمام علي رضي الله عنه.
    فقد روى الحكم عن ثور بن مجزأة أنه قال: «مررت بطلحة يوم الجمل في آخر رمق فقال لي: من أنت؟ قلت: من أصحاب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فقال: أبسط يدك أبايعك، فبسطت يدي فبايعني وقال: هذه بيعة علي، وفاضت نفسه. فأتيت علياً رضي الله عنه فأخبرته فقال: الله أكبر صدق الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أبى الله سبحانه أن يدخل طلحة الجنة إلا وبيعتي في عنقه».
    وأما الزبير رضي الله عنه فقد ناداه علي رضي الله عنه وخلا به وذكره قول النبي صلى الله عليه وسلم له:
    ((لتقاتلن علياً وأنت له ظالم، فقال: لقد ذكرتني شيئاً أنسانيه الدهر، لا جرم لا أقاتلك أبداً))( مستدرك الحاكم (3/413)، الاستيعاب لابن عبد البر (8/515)، تاريخ الطبري (3/37).)، فخرج من العسكرين نادماً وقتل بوادي السباع مظلوماً قتله عمرو بن جرموز.

    وقد ثبت عند الفريقين أنه جاء بسيفه واستاذن على علي رضي الله عنه فلم يأذن له، فقال: أنا قاتل الزبير، فقال:
    أبقتل ابن صفية تفتخر؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بشر قاتل ابن صفية بالنار)) رواه أحمد .

    وروى أيضاً أن عليا رضي الله عنه قال لما جاءه عمر بن طلحة بعد موت أبيه:
    "مرحباً بابن أخي، إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} " ،، وهذا ونحوه يدل على أنهما رضي الله تعالى عنهما لم يذهبا إلا طاهرين متطهرين.



    وأما تلخيص الواقعة الثانية: فقد ذكر المؤرخون أن معاوية كان قد استنصراه أبناء عثمان رضي الله عنه ووكلاه في طلب حقهما من قتلة أبيهما، فلما بلغه فراغ علي رضي الله عنه من وقعة الجمل ومسيره إلى الشام خرج عن دمشق ..
    وقبل هذا قد أرسل علي رضي الله عنه ؛ جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية في دمشق يدعوه إلى طاعته، فجمع معاوية رؤوس الصحابة وقادة الجيوش وأعيان أهل الشام واستشارهم فيما يطلب علي.
    فقالوا:
    لا نبايعه حتى يقتل قتلة عثمان، أو يسلمهم إلينا ، فرجع جرير إلى علي بذلك.
    فاستخلف علي على الكوفة أبا مسعود عقبة بن عامر وخرج منها فعسكر بالنخيلة أول طريق الشام من العراق.
    وبلغ معاوية أن علياً تجهز وخرج بنفسه لقتاله فخرج هو أيضاً قاصداً صفين.
    حتى وردوا جميعاً صفين ،،، فلما ورد علي رضي الله عنه دعاهم إلى البيعة فلم يفعلوا، وطلبوا منه قتلة عثمان وكثر القيل والقال حتى اتهم بنو أمية علياً رضي الله عنه بأنه الذي دلس على قتلة عثمان.
    وكان علي رضي الله عنه يبرأ من القتلة ويقول:
    "يا معاوية، لو نظرت بعين عقلك دون عين هواك لرأيتني أبرأ الناس من قتلة عثمان".
    ثم بعد هذا وقعت بينهما الحرب ، وحدث ما حدث ..



    وأهل السنة إلا من شذ يقولون: إن علياً رضي الله عنه ، في كل ذلك على الحق لم يفترق عنه قيد شبر، وعن مقاتليه في الوقعتين مخطئون باغون وليسوا بكافرين خلافاً لغيرهم، ولا فاسقين ..
    وأما أن الحق مع علي رضي الله عنه فغني عن البيان، وأما كون المقاتل باغياً فلأن الخروج على الإمام الحق بغي، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
    ((ويح عمار تقتله الفئة الباغية)) رواه البخاري ،، وقد قتله عسكر معاوية.
    وأما كونه ليس بكافر فلما في نهج البلاغة أن علياً رضي الله عنه خطب يوماً فقال:
    "أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزيغ والإعوجاج والشبهة"،، وقوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}،، فسمى الله تعالى الطائفتين المقتتلين (مؤمنين) وأمر بالإصلاح بينهما.
    ومما يدل على أن المحارب غير كافر صلح الحسن رضي الله عنه مع معاوية.
    وبعد هذا كله قد ثبت عند الجميع أن معاوية ندم على ما كان منه في المقاتلة والبغي على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ؛ واتفق أن بكى عليه.



    ولا يجوز كثرة الخوض في مثل هذه الوقائع والحروب بين الصحابة لأنها تثير الأحقان والأحقاد وقد يتجرأ البعض على السب والطعن فيهم ،، وأيضاً الكثير من الروايات ؛ فيها من المغالطات والدس الخبيث من الرافضة ما لا يعلمه إلا الله ..
    قال عمر بن عبد العزيز –رحمه الله- عندما سُئل عن القتال الذي حصل بين الصحابة :
    "تلك دماء طهّر الله يدي منها؛ أفلا أُطهر منها لساني؟؟ ، مَثَلُ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَثَلُ العيون؛ ودواء العيون ترك مسها"




    وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....

  10. #10

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    الشبهة الثامنة والتاسعة :



    شبهة القول أن الصحابة شهدوا على أنفسهم بتغيير سنة النبي صلى الله عليه وسلم :


    وإستدلوا بأثرٍ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
    "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فإن كان يريد أن يقطع بحثاً قطعه، أو يأمر بشيء أمر به، ثم ينصرف، قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت بثوبه فجبذني، فارتفع فخطب قبل أن يصلي، فقلت له: غيرتم والله، فقال: أبا سعيد قد ذهب ما تعلم، فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم، فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة" رواه البخاري.

    وقالوا: أن الأمويين وأغلبهم من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم بزعمهم، وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان كان يحمل الناس ويجبرهم على سب علي بن أبي طالبولعنه من فوق المنابر، وقد أخرج مسلم في صحيحه في باب فضائل علي بن أبي طالب مثل ذلك، وأمر معاوية عماله في كل الأمصار باتخاذ ذلك اللعن سنة يقولها الخطباء على المنابر . . . .



    من ردود العلماء على هذه الشبهة:
    أثر أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، على ما زعموا من تغيير الصحابة للسنة من
    أعجب العجب، فليس فيه ما يدل على زعمهم، بل فيه دلالة على قيام الصحابة بأمر السنة وإنكارهم على من خالفها، وهذا يتمثل في إنكار الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه على مروان في تقديمه الخطبة على صلاة العيد.
    ومروان بن الحكم ليس من الصحابة، ولم تثبت له صحبة، فقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير وكان في الطائف.
    وعلى هذا فلا يُحَمّل الصحابة فعل مروان، فكيف وقد أنكره من حضره من الصحابة وهو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه .

    تقديم مروان للخطبة على صلاة العيد، وإن كان خطأً إلا أن العلماء ذكروا أنه إنما فعله مجتهداً.

    القول بأن الأمويين وأغلبهم من الصحابة...ألخ، فغير صحيح فلم يتولى منهم سوى معاوية، أما عثمان رضي الله عنه فإن خلافته كانت في عهد الخلفاء الراشدين.




    وأما قولهم:
    إن معاوية كان يحمل الناس على سب علي ولعنه فوق المنابر، وهذه دعوى تحتاج إلى صحة النقل.
    ومعاوية منزه عن مثل هذه التهم، بما ثبت من فضله في الدين، فقد كان كاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
    ومن أبعد المحال على من كانت هذه سيرته، أن يحمل الناس على لعن عليا على المنابر وهو من هو في الفضل.

    ما استُدل به على تلك الفرية بما عزوه إلى صحيح مسلم فليس فيه ما يدل على زعمهم، وهم بهذا إنما يشيرون إلى حديث عامر بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه قال: "أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال:
    ما منعك أن تسب أبا تراب؟ فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم.." الحديث .
    قال النووي رحمه الله :
    "قول معاوية هذا ليس فيه تصريح بأنه أمر سعداً بسبه، وإنما سأله عن السبب المانع له من السب".
    كأنه يقول:
    هل امتنعت تورعاً، أو خوفاً، أو غير ذلك، فإن كان تورعاً وإجلالاً له عن السب فأنت مصيب محسن، وإن كان غير ذلك فله جواب آخر، ولعل سعد قد كان في طائفة يسبون فلم يسب معهم، وعجز عن الإنكار، أو أنكر عليهم، فسأله هذا السؤال..
    وقال القرطبي رحمه الله : "قوله لسعد بن أبي وقاص:
    (ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟) وهذا ليس بتصريح بالسب، وإنما هو سؤال عن سبب امتناعه ليستخرج من عنده من ذلك، أو من نقيضه، كما قد ظهر من جوابه، ولما سمع ذلك معاوية سكت وأذعن، وعرف الحق لمستحقه" . فحاشا معاوية أن يصدر منه مثل ذلك .



    معاوية كان معظماً لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، معترفاً له بالفضل والسبق إلى الإسلام، كما دلت على ذلك أقواله الثابتة عنه.
    قال ابن كثير رحمه الله :
    "أن أبا مسلم الخولاني وجماعة معه دخلوا على معاوية فقالوا له: هل تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال: (والله إني لأعلم أنه خير مني وأفضل، وأحق بالأمر مني) .." .
    ونقل ابن كثير أنه لما جاء خبر قتل علي إلى معاوية جعل يبكي، فقالت له امرأته: أتبكيه وقد قاتلته؟ فقال:
    "ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم" .
    فهل يسوغ في عقل ودين أن يسب معاوية علياً بل ويحمل الناس على سبه وهو يعتقد فيه هذا!!.



    لا يعرف بنقل صحيح أن معاوية تعرض لعلي بسب أو شتم أثناء حربه له في حياته، فهل من المعقول أن يسبه بعد انتهاء حربه معه ووفاته.
    ثم أن معاوية انفرد بالخلافة بعد تنازل الحسن بن علي له واجتمعت عليه الكلمة والقلوب ودانت له الأمصار بالملك،
    فأي نفع له في سب علي ؟؟





    شبهة أن الصحابة رضي الله عنهم غيروا في الصلاة :

    ومن الشبهات قولهم بأن الصحابة غيروا في الصلاة:
    يقول أحدهم: (قال أنس بن مالك:
    "ما عرفت شيئاً مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، قيل: الصلاة، قال: أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها" .
    وقال الزهري: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت: ما يبكيك؟ فقال:
    "لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة وقد ضيعت".
    وأن أول من غير سنة الرسول في الصلاة هو خليفة المسلمين عثمان بن عفان وكذلك أم المؤمنين عائشة، فقد أخرج الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما:
    (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بمنى ركعتين وأبو بكر بعده وعمر بعد أبي بكر وعثمان صدراً من خلافته ثم أن عثمان صلى بعد أربعاً).
    كما أخرج مسلم في صحيحه قال الزهري: قلت لعروة:
    (ما بال عائشة تتم الصلاة في السفر؟ قال أنها تأولت كما تأول عثمان) ..... ).



    ردود العلماء:
    هناك خلط بين حديثين في هذه الشبهة، حيث جعلتا حديثاً واحداً، فالحديث الأول رواه مهدي عن غيلان عن أنس قال:
    "ما أعرف شيئاً مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، قيل: الصلاة، قال: أليس صنعتم ما صنعتم فيها" رواه البخاري.
    والحديث الثاني عن عثمان بن أبي روّاد أخي عبد العزيز قال: سمعت الزهري يقول: "دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت: ما يبكيك؟ فقال:
    "لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيعت" رواه البخاري.



    أما بالنسبة لحديث أنس بن مالك الأول فإنه قصد من قوله: "أليس صنعتم ما صنعتم فيها" أنهم يؤخرونها حتى يخرج وقتها، وقد كان هذا في زمن الحجاج وليس زمن الصحابة رضي الله عنهم.

    أما حديث أنس الآخر الذي رواه الزهري فكان في إمارة الحجاج على العراق أيضاً، وقد قدم أنس دمشق لكي يشكوا الحجاج للخليفة وهو إذ ذاك الوليد بن عبد الملك، أما المراد بقول أنس:
    "لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة وقد ضيعت" أي بتأخيرها عن وقتها، فقد صح أن الحجاج وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها،، لما رواه عبد الرزاق عن أبي جريح عن عطاء قال: "أخَّر الوليد الجمعة حتى أمسى، فجئت وصليت الظهر قبل أن أجلس ثم صليت العصر وأنا جالس إيماء وهو يخطب".
    وما رواه أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة من طريق أبي بكر بن عتبة قال:
    "صليت إلى جنب أبي جحيفة فمسّى الحجاج بالصلاة فقام أبو جحيفة فصلى، ومن طريق ابن عمر أنه كان يصلي مع الحجاج فلما أخّر الصلاة ترك أن يشهدها معه".



    إطلاق أنس لا يفهم منه أن هذا موجوداً في جميع بلاد الإسلام بل هو محمول على ما شاهده من أمراء الشام والبصرة خاصة، وإلا فإنه قدم المدينة فقال:
    "ما أنكرت شيئاً إلا أنكم لا تقيمون الصفوف" رواه البخاري، والسبب فيه أنه قدم المدينة وعمر بن عبد العزيز أميرها حينئذ.



    أما قوله عن عثمان وعائشة في أنهما غيّرا في الصلاة ،، فأقول:
    الصلاة المقصودة هنا هي في باب السفر هل تقصر أم تتم؟؟ ، وهذا الأمر فيه خلاف بين أهل العلم لمن له أدنى إلمام بالفقه، وقد روي الخلاف بين الصحابة أيضاً في ذلك.
    ومن هنا نعلم أن القصر في السفر هو رخصة من الله، والإنسان مخير بين الأخذ به أو تركه كسائر الرخص، فالصحابة لم يغيّروا في الصلاة، فجعلوا الصبح أربعاً! أو قصروا صلاة المغرب فجعلوها ركعة!!؟

    لكن ما نقول اليوم ؛ عن صلاة الرافضة ؟؟ أهي صلاة المسلمين ؟! ، أم لدينٍ آخر ؟! ..



    وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....




  11. #11

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    الشبهة العاشرة :






    شبهة أن اختلاف الصحابة هو الذي حرم الأمة العصمة وأدى إلى تفرقها وتمزقها :

    قال أحدهم : ( والمشكل الأساسي في كل ذلك هو الصحابة، فهم الذين اختلفوا في أن يكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الكتاب، الذي يعصمهم من الضلالة إلى قيام الساعة، واختلافهم هذا هو الذي حرم الأمة الإسلامية من هذه الفضيلة، ورماها في الضلالة، حتى انقسمت وتفرقت وتنازعت وفشلت وذهبت ريحها، وهم الذين اختلفوا في الخلافة، فتوزعوا بين حزب حاكم، وحزب معارض، وسبب ذلك تخلف الأمة، وانقسامها إلى: شيعة علي، وشيعة معاوية، وهم الذين اختلفوا في تفسير كتاب الله، وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم ، فكانت المذاهب والفرق والملل والنحل، ونشأت من ذلك المدارس الكلامية والفكرية المختلفة، وبرزت فلسفات متنوعة أملتها دوافع سياسية محضة، تتصل بطموحات الهيمنة على السلطة والحكم.
    فالمسلمون لم ينقسموا ولم يختلفوا في شيء لولا الصحابة، وكل خلاف نشأ وينشأ إنما يعود إلى اختلافهم في الصحابة ).





    الرد على هذه الترهات :
    يشير هذا الطاعن إلى ما ذكرناه سابقاً (رزية الخميس) ، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه، قال: ((ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده)) ، قال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا، وكثر اللغط، قال: ((قوموا عني)) ولا ينبغي عندي التنازع " .
    وقد رددنا عليها بالتفصيل من قبل .. فراجعها إن شئت ..

    أما الزعم أن اختلافهم هذا هو الذي حرم الأمة الإسلامية من العصمة ورماها في الضلالة والتفرق إلى قيام الساعة، فالجواب على هذا أن يقال: إن هذا القول باطل، وهو يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ترك تبليغ أمته ما فيه عصمتها من الضلال، ولم يبلغ شرع ربه لمجرد اختلاف أصحابه عنده حتى مات على ذلك، وأنه بهذا مخالف لأمر ربه في قوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} .
    فالرسول الكريم قد بلغ كل ما أُمر به، ولا يسوغ في دين ولا عقل أن يؤخر رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابته إلى ذلك الوقت الضيق، ولو أخره ما كان ليتركه لمجرد اختلاف أصحابه عنده.
    قد ثبت من سيرته أنه لربما راجعوه أحياناً في بعض المسائل مجتهدين، فما كان يترك أمر ربه لقولهم، كمراجعة بعضهم له في فسخ الحج إلى عمرة في حق من لم يسق الهدي، وذلك في حجة الوداع، وكذلك مراجعة بعضهم له يوم الحديبية، وفي تأمير أسامة رضي الله عنه ، فهل يتصور بعد هذا أن يترك أمر ربه فيما هو أعظم من هذا لخلافهم، ولو قدر أنه تركه في ذلك الوقت لتنازعهم عنده لمصلحة رآها فما الذي يمنعه من أنه يكتبه بعد ذلك، وقد ثبت أنه عاش بعد ذلك عدة أيام فقد كانت وفاته صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين على ما جاء مصرحاً به في رواية أنس في الصحيحين ،، وحادثة الكتاب يوم الخميس بالاتفاق.




    والقول بأنه خشي أن لا يقبلوه منه، ويعارضوه فيه، كما تنازعوا عنده أول مرة، قلنا: لا يضره ذلك وإنما عليه البلاغ كما قال تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }.
    فإذا ثبت هذا باتفاق المسلمين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكتب ذلك الكتاب حتى مات، علمنا أنه ليس من الدين الذي أمر بتبليغه.




    أما القول : (وهم الذين اختلفوا في الخلافة فتوزعوا بين حزب حاكم وحزب معارض، وسبب ذلك تخلف الأمة وانقسامها إلى شيعة علي وشيعة معاوية..).
    فجوابه: أن الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم في عهد علي رضي الله عنه لم يكن في الخلافة، بل في المطالبة بدم عثمان.

    وأما قوله: (وهم الذين اختلفوا في تفسير كتاب الله، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت المذاهب والفرق، والملل والنحل، ونشأت من ذلك المدارس الكلامية والفكرية المختلفة وبرزت فلسفات متنوعة.... إلى أن قال: فالمسلمون لم ينقسموا، ولم يختلفوا في شيء لولا الصحابة، وكل خلاف نشأ وينشأ إنما يعود إلى اختلافهم في الصحابة).

    فجوابه: أن هذا من أكبر التلبيس والتمويه، والطعن على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بما هم منه برآء، فما ينقل عن الصحابة من اختلاف في التفسير، وفي فهم بعض الأحاديث، لم يترتب عليه ما ذكر من نشأة الفرق والمدارس الكلامية والفلسفات المتنوعة.
    وذلك أن الاختلاف ينقسم إلى قسمين: اختلاف تنوع، واختلاف تضاد ، وغالب ما ينقل عن الصحابة في تفسير بعض الآيات، من باب اختلاف التنوع.
    أما اختلاف التضاد فما يثبت عنهم من ذلك سواء في التفسير، أو في الأحكام، فقليل وهو ليس في الأصول العامة المشهورة في الدين، وإنما في بعض المسائل الدقيقة التي هي محل اجتهاد ونظر.
    وإذا ثبت هذا فاعلم أن هذه الفرق المبتدعة على كثرتها واختلاف مشاربها لا ترجع بحمد الله في أصل نشأتها لأحد من الصحابة، ولا تستند في بدعها لقول واحد منهم وإن كان بعض هذه الفرق تدعي الانتساب لبعضهم.


    وفي الحقيقة إن عامة هذه الفرق المبتدعة، إنما أحدثها أول من أحدثها، إما كفار أصليون أو منافقون ظاهِرو النفاق ، كحال مؤسس دين الرفض ابن سبأ اليهودي .



    وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....


    التعديل الأخير تم بواسطة [مِسعَرُ حَرب ; 8-1-2012 الساعة 11:35 AM

  12. #12

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    الشبهة الحادية عشر :





    شبهة أن الصحابة كانوا يجتهدون مقابل النصوص :

    ومن هذه الشبهات القول
    أن الصحابة كانوا يجتهدون مقابل النصوص، وأن أول من فتح هذا الباب عمر رضي الله عنه.
    حيث قال أحدهم:
    "استنتجت من خلال البحث أن مصيبة الأمة الإسلامية انجرت عليها من الاجتهاد الذي دأب عليه الصحابة مقابل النصوص الصريحة، فاخترقت بذلك حدود الله، ومحقت السنة النبوية، وأصبح العلماء والأئمة بعد الصحابة يقيسون على اجتهادات الصحابة، ويرفضون بعض الأحيان النص النبوي، إذا تعارض مع ما فعله الصحابة... ومن أول الصحابة الذين فتحوا هذا الباب على مصراعيه هو الخليفة الثاني، الذي استعمل رأيه مقابل النصوص القرآنية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فعطل سهم المؤلفة قلوبهم، الذين فرض الله لهم سهماً من الزكاة، وقال: لا حاجة لنا فيكم" .



    ردود العلماء على هذه الشبهة:
    أن هذه دعوى مجردة عن الحجة والدليل، لا قيمة لها عند أهل النظر والتحقيق، إذ الطاعن لم يقدم عليها دليلاً واحداً، يدل على ثبوت ما ادعاه.

    الطعن في عمر بهذا قدح في النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوصى الأمة باتباع سنته، وسنة الخلفاء الراشدين، وقد كان عمر منهم، وذلك في قوله كما في حديث العرباض بن سارية
    ((... عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ)).‎
    وكذلك أمرهم صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بأبي بكر وعمر كما في حديث حذيفة رضي الله عنه أنه قال:
    ((اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)).‎
    فاذا كان عمر على ما يدعي هذا الطاعن من العمل بالرأي، واطراح السنة، وأنه أول من غير وبدل، لزم من هذا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم غاشاً لأمته غير ناصح لها بأمره باتباع سنة عمر والاقتداء به.
    ولو كان حال عمر خفي على النبي صلى الله عيله وسلم،
    أفكان يخفى على رب العالمين!! فلما جاء الأمر بالاقتداء بعمر ممن لا ينطق عن الهوى، علمنا أن عمر كان على الحق والهدى.



    عمر رضي الله عنه شهد له الصحابة الذين لا يخافون في الله لومة لائم، أنه كان يعمل فيهم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أبو بكر في خلافته، فقد روى ابن أبي شيبة في خبر مقتل عمر وفيه أن الصحابة اجتمعوا إلى عمر بعد طعنه فقالوا له:
    "جزاك الله خيراً قد كنت تعمل فينا بكتاب الله، وتتبع سنة صاحبيك لا تعدل عنها إلى غيرها، جزاك الله أحسن الجزاء..".
    ولهذا كان علي بن أبي طالب يغبطه على ما كان عليه من الخير، وتمنى لو لقي الله بمثل عمله.



    القول
    أن عمر عطل سهم المؤلفةقلوبهم جهل بالشرع ومقاصده، وذلك أن سهم المؤلفة قلوبهم فرض في الشرع تألفاً لبعض الناس من سادات الناس وكبرائهم على الإسلام وللحاجة إليهم، فلما قوي الإسلام وكثر أتباعه اجتمع رأي الصحابة رضي الله عنهم على عدم إعطاء المؤلفة قلوبهم شيئاً، لعدم الحاجة إليهم، ولزوال السبب الذي كانوا يعطون من أجله. حتى قال ابن قدامة رحمه الله: "لم ينقل عن عمر، ولا عثمان، ولا علي، أنهم أعطوهم شيئاً".
    وهذا يدل على اتفاق الصحابة على هذا.



    وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....

  13. #13

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    الشبهة الثانية عشر :




    تنافس الصحابة على الدنيا :
    ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو ابن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
    (( إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم أى قوم أنتم ؟ فقال عبد الرحمن بن عوف : كما أمرنا الله تعالى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلا بل تتنافسون ثم تتدابرون ثم تتباغضون ثم تنطلقون إلى مساكن المهاجرين فتحملون بعضهم على رقاب بعض )) فإن هذا صريح في وقوع التنافس والتدابر والتباغض فيما بين الصحابة .



    والجواب : ان الخطاب وإن كان للصحابة لكن باعتبار وقوع ذلك فيما بينهم ، وهو لا يستدعى ان يكون منهم ، ويدل على ذلك أن الصحابة إما مهاجرون أو أنصار ، والحديث صريح في أن أولئك الفرقة ليسوا مهاجرين ، والواقع ينفى كونهم من الأنصار لأنهم ما حملوا المهاجرين على التحارب ، فتعين أنهم من التابعين ، وقد وقع ذلك منهم ، فإنهم حملوا المهاجرين على التحارب بينهم كمالك الأشتر وأضرابه ، ولا كلام لنا فيهم .



    وقالوا : "أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (( إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض -أو مفاتيح الأرض- وإني والله ما أخاف عليكم ان تشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم أن تتنافسوا فيها )) .
    فقد تنافسوا على الدنيا حتى سلت سيوفهم وتحاربوا وكفر بعضهم بعضا، وقد كان بعض هؤلاء الصحابة المشهورين يكنز الذهب والفضة، ويحدثنا المؤرخون كالمسعودي في (مروج الذهب) والطبري وغيرهم أن ثروة الزبير وحده بلغت خمسين ألف دينار وألف فرس وألف عبد وضياعاً كثيرة في البصرة وفي الكوفة وفي مصر وغيرها.
    كما بلغت غلّة طلحة من العراق وحده كل يوم ألف دينار، وقيل أكثر من ذلك.
    وكان لعبد الرحمن بن عوف مائة فرس، وله ألف بعير وعشرة آلاف شاة، وبلغ ربع ثمن ماله الذي قسم على زوجاته بعد وفاته أربعة وثمانين ألفاً.
    وترك عثمان بن عفان يوم مات مائة وخمسين ألف دينار عدا المواشي والأراضي والضياع مما لا يحصى وترك زيد بن ثابت من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس حتى مجلت أيدي الناس، ما عدا الأموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار.
    هذه بعض الأمثلة البسيطة وفي التاريخ شواهد كثيرة لا نريد الدخول في بحثها الآن ونكتفي بهذا القدر للدلالة على صدق الحديث وأنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم بهرجها" إنتهى كلامهم قبحهم الله .



    الرد عليهم :
    فالرد على هذا هو القول ما دخل هذا الحديث في أن جمعاً من الصحابة يمتلكون مالاً أو متاعاً فالحديث يخبر أنّ هذه الأمة سوف تمتلك خزائن الأرض وأنه سوف يقع التنافس في الدنيا وهذه من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قد وقع ما أخبر به ولكن الحديث
    لا ينطبق على هؤلاء الصحابة لأن الصحابة لم يمتلكوا خزائن الأرض بعد، بالإضافة إلى أن القتال الذي وقع بينهم لم يكن من أجل التنافس على حطام الدنيا ولكن الفتنة التي وقعت بسبب مقتل عثمان هي التي أدت لذلك مع أنهم لم يكونوا يريدون القتال، وعلى العموم فكل من الفريقين مأجور على إجتهاده.



    ومن الردود أن هذا الطاعن يحشد من الأدلة التي
    يظن بجهله أنها تسيء للصحابة ، وما درى أنه باستدلاله بها يتناقض مع نفسه تمام التناقض فبينما هو يدَّعي في المبحث السابق أن أكثر الصحابة قد إرتدوا على أدبارهم القهقري يستشهد هنا بهذا الحديث الذي يفيد صراحة أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخشى على أصحابة من الإرتداد ، ولكنه يخاف عليهم أن يتنافسوا فيها ،، فكيف يوفِّق بين هذا التخبط الذي يتمتع به هذا الطاعن ؟؟ ،

    بالإضافة إلى أنه باستشهاده بهذا الحديث
    يطعن في علي بن أبي طالب وأصحابه لأن الحديث جاء بصيغة الجمع أي أن التنافس على الدنيا يشمل الطرفين وقد أكد ذلك الطاعن نفسه بقوله: (صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد تنافسوا على الدنيا حتى سُلّت سيوفهم وتحاربوا وكفر بعضهم بعضاً) ،، ومن المسلّم به أن القتال الذي وقع بين جيش طلحة والزبير كان مع جيش علي بن أبي طالب وعلى هذا تصبح التخطئة لكلا الطرفين ويقتضي أيضاً حسب فهم هذا الطاعن أن علياً تنافس من أجل الإمارة والسلطة.



    ومنها قولهم :
    (كان بعض هؤلاء الصحابة المشهورين (هكذا) يكنز الذهب والفضة)
    فنقول:
    أين دعواكم على هذا الادعاء ومن أي المصادر المعتمدة جئتم بهذا الزعم وما دخل الثروة التي يمتلكها أحد الصحابة ممن يكنز الذهب والفضة، فسبحان الله على هذا الجهل المرّقع!!

    لاشك أن غنى هؤلاء الصحابة ليس فيه ما يدعو إلى الذم أو التجريح فسيرة هؤلاء الصحابة الكرام تثبت أنهم من خيار الصحابة، فعثمان بن عفان ثالث الخلفاء ومن أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومن أجودهم وأكرمهم فعن عبد الرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار حين
    جهز جيش العسرة فنثرها في حجره. قال عبد الرحمن: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها في حجره ويقول: ((ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم)) ، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((من يحفر بئر رومة فله الجنة)) فحفرها عثمان ،، وكل ذلك من ماله طاعة لله ورسوله.



    وأما طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فقد بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وكان من المجاهدين في سبيل الله ودافع عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد حتى شلّت يده وعن الزبير قال: كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم درعان فنهض إلى الصخرة فلم يستطع فأقعد تحته طلحة فصعد النبي صلى الله عليه وسلم حتى استوى على الصخرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول
    ((أوجب طلحة)) ، وكان رضي الله عنه يخشى أن يبيت وقد جمع مالاً فعن طلحة بن يحيى قال : "حدثتني سعدى بنت عوف المرّية قالت: دخلت على طلحة يوماً وهو خاثر فقلت: مالك؟ لعل رابك من أهلك شيء؟ قال: لا والله ونعم حَليلةُ المسلم أنت ولكن مالٌ عندي قد غَمَّني ، فقلت: ما يغمك؟ عليك بقومك، قال: يا غلام ادع لي قومي، فقسمه فيهم.فسألت الخازن: كم أعطى؟ قال: أربعة مئة ألف" .

    وعن الحسن البصري أن طلحة بن عبيد الله باع أرضاً له بسبع مئة ألف فبات أرقاً من مخافة ذلك المال حتى أصبح وفرّقه.



    وأما الزبير بن العوام فقد بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وكان حوارى النبي صلى الله عليه وسلم فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
    ((إن لكل نبي حوارياً وإن حوارىَّ الزبير بن العوام)) .

    فقد وصى ابنه عبد الله بن الزبير على سداد دينه وهو على شفا الموت فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبدالله بن الزبير قال: "لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه، فقال: يا بُنيَّ إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوماً، وإن من أكبر همي لَدَيْني أَفترى يبقي ديننا من مالنا شيئاً؟ فقال: يا بني بِعْ ما لنا فاقض ديني وأوصي بالثلثُ، وثلثه لبنيه -يعني بني عبد الله بن الزبير- يقول ثلث الثلث فإن فَضَل من مالنا فضلٌ بعد قضاء الدين فثلثه لولدك" . قال هشامٌ: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير، حبيب وعبّاد، وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات.
    قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بنيّ إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله ما دريتُ ما أراد حتى قلتُ: يا أبت من مولاك؟ قال: الله، قال: فوالله ما وقعتُ في كربةٍ من دينه إلا قلتُ: يا مولى الزبير اقض عنه دينه فيقضيه" .



    وهذا عبد الرحمن بن عوف الصحابي الجليل الذي بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وله فضيلة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم خلفه ، بالإضافة إلى إحسانه إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فعن عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول:
    ((إن أمركنّ لمِما يهمني بعدي، ولن يصبر عليكن إلا الصابرون)) ثم تقول عائشة: "فسقى الله أباك من سلسبيل الجنة -تريد عبد الرحمن بن عوف- وقد كان وصل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بمال بيعت بأربعين ألفاً " .

    وعن أبي سلمة: "أن عبد الرحمن بن عوف أوصى بحديقة لأمهات المؤمنين بيعت بأربعمائة ألف" .

    فهذا هو عبد الرحمن بن عوف الذي يدعي هذا الطاعن أنه ممن يكنز الذهب والفضة!؟



    وأما الصحابي زيد بن ثابت فهو أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعن أنس بن مالك قال:
    "جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد" .

    أخرج البخاري في صحيحه عن البراء قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
    ((ادع لي زيداً وقل له يجيء بالكتف والدواة ، قال:فقال: اكتب{لا يستوي القاعدون}... )) وهو أحد الذين إنتدبهم أبو بكر الصديق لجمع القرآن في عهده وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم ((أفرض أمتي زيد بن ثابت)) .



    فهؤلاء هم الصحابة الذي لم يجد هذا الطاعن إلا أن يشفي غليله في الطعن بهم وهم الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالصدق والعدالة والرضا والجنة!؟

    وأما الإستشهاد برجلٍ
    ليس من أهل السنة "كالمسعودي" وهو مجروح عندهم فقد ترجم له ابن حجر في (لسان الميزان) بقوله "وكتبه طافحة بأنه كان شيعياً معتزلياً.." ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن كتابه مروج الذهب "وفي تاريخ المسعودي من الأكاذيب ما لا يحصيه إلا الله تعالى" .

    فاحتجاج هذا الطاعن بالمسعودي ليس حجة علينا، وللتدليل على أن المسعودي ليس من أهل السنة فقد ذكره إمام الشيعة الاثني عشرية القمي في كتابه (الكنى والألقاب) وقال عنه:
    "شيخ المؤرخين وعمادهم أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي...ذكره العلامة (ره ) في القسم الأول من (صه) وقال: له كتاب في الإمامة وغيرها، ومنها كتاب إثبات الوصية لعلي بن أبي طالب وهو صاحب مروج الذهب... قال العلامة المجلسي في مقدمة البحار: والمسعودي عده (جش ) أي النجاشي في فهرسته من رواة الشيعة" .



    ومع أن هذا الطاعن استدل من كتاب المروج على ما يظن أنه يدين عثمان فقد ترك مالا يستطيع المسعودي كتمانه حين قال:
    "وكان عثمان في نهاية الجود والكرم والسماحة والبذل في القريب والبعيد فسلك عماله وكثير من أهل عصره طريقته وتأسوا به في فعله" ، إضافةً إلى أن هذا الطاعن يقوِّل عن المسعودي ما لم يقله حينما ادعى على الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف أنه قسم ثمن ماله البالغ أربعاً وثمانين ألفاً على زوجاته ويعزوه لكتابه المروج ولم نجده في المصدر المذكور، فماذا نقول عن هذا الموتور؟!



    سنبدأ بعد هذا ، بسرد شبه ؛ خُصّ بها بعض الصحابة رضي الله عنهم


    وبالله التوفيق


  14. #14

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    شبهات حول الصديق رضي الله عنه -1- :








    شبهة آية الغار:
    قولهم أن قوله تعالى:
    {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة : 40] ، لا يدل على إيمان أبي بكر، فإن الصحبة قد تكون من المؤمن والكافر كما قال تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} [الكهف : 37] .

    ردود العلماء :
    معلوم أن لفظ الصاحب في اللغة يتناول من صحب غيره كالرفيق في السفر والزوجة، وليس فيه دلالة بمجرد هذا اللفظ على أنه وليه أو عدوه أو مؤمن أو كافر إلا لما يقترن به،.
    وهذا بخلاف إضافة الصحبة إليه كقوله تعالى:
    {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) وقوله: ((هل أنتم تاركو لي صاحبي)) ، وأمثال ذلك.
    فإن إضافة الصحبة إليه في خطابه وخطاب المسلمين تتضمن
    صحبة موالاة له، وذلك لا يكون إلا بالإيمان به فلا يطلق لفظ صاحبه على من صحبه في سفره وهو كافر به.
    والقرآن يقول فيه:
    {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا }، فأخبر الرسول أن الله معه ومع صاحبه، وهذا المعية تتضمن النصر والتأييد وهو إنما ينصره على عدوه وكل كافر عدوه، فيمتنع أن يكون الله مؤيداً له ولعدوه معاً ولو كان مع عدوه لكان ذلك مما يوجب الحزن ويزيل السكينة فعلم أن لفظ صاحبه تضمن صحبة ولاية ومحبة وتستلزم الإيمان له وبه، وأيضاً فقوله: {لاَ تَحْزَنْ}، دليل على أنه وليه وإنه حزن خوفاً من عدوهما فقال له: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} ولو كان عدوه لكان لم يحزن إلا حيث يتمكن من قهره ؟ فلا يقال له: "لا تحزن إن الله معنا" لأن كون الله مع نبيه مما يسر النبي، وكونه مع عدوه مما يسوءه فيمتنع أن يجمع بينهما لا سيما مع قوله: {إلا تنصروه} ثم قوله: { إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ }، ونصره لا يكون بأن يقترن به عدوه وحده وإنما يكون باقتران وليه ونجاته من عدوه.



    قوله:
    {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} حال من الضمير في أخرجه، أي: أخرجوه في حال كونه نبيا ثاني اثنين فهو موصوف بأنه أحد الاثنين فيكون الاثنان مخرجين جميعا، فإنه يمتنع أن يخرج ثاني اثنين إلا مع الآخر فإنه لو أخرج دونه لم يكن قد أخرج ثاني اثنين فدل على أن الكفار أخرجوه ثاني اثنين، فأخرجوه مصاحبا لقرينه في حال كونه معه فلزم أن يكونوا أخرجوهما وذلك هو الواقع فإن الكفار أخرجوا المهاجرين كلهم كما قال تعالى: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} ، وقال تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} وقال: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ }.
    وذلك أنهم منعوهم أن يقيموا بمكة مع الإيمان وهم لا يمكنهم ترك الإيمان فقد أخرجوهم إذا كانوا مؤمنين، وهذا يدل على أن الكفار أخرجوا صاحبه كما أخرجوه، والكفار إنما أخرجوا أعداءهم لا من كان كافراً منهم. فهذا يدل على أن صحبته صحبة موالاة وموافقة على الإيمان لا صحبة مع الكفر.



    وإذا قيل: هذا يدل على أنه كان مظهراً للموافقة وقد كان يظهر الموافقة له من كان في الباطن
    منافقاً وقد يدخلون في لفظ الأصحاب في مثل قوله لما استؤذن في قتل بعض المنافقين قال: ((لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه)) . دل على أن هذا اللفظ قد كان الناس يدخلون فيه من هو منافق.

    نقول :
    قد ذكرنا فيما تقدم أن المهاجرين لم يكن فيهم منافق، وينبغي أن يعرف أن المنافقين كانوا قليلين بالنسبة إلى المؤمنين وأكثرهم انكشف حاله لما نزل فيهم القرآن وغير ذلك وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف كلاً منهم بعينه فالذين باشروا ذلك كانوا يعرفونه، والعلم يكون الرجل مؤمناً في الباطن أو يهودياً أو نصرانياً أو مشركاً أمر لا يخفى مع طول المباشرة، فإنه ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه. قال تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} [محمد : 30].
    فالمضمر للكفر لا بد أن يعرف في لحن القول، وأما بالسيما فقد يعرف وقد لا يعرف، وقد قال تعالى:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة : 10].
    والصحابة المذكورون في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم والذين يعظمهم المسلمون على الدين كلهم كانوا مؤمنين به، ولم يعظم المسلمون ولله الحمد على الدين
    منافقاً، والإيمان يعلم من الرجل كما يعلم سائر أحوال قلبه من موالاته ومعاداته وفرحه وغضبه وجوعه وعطشه وغير ذلك فإن هذه الأمور لها لوازم ظاهرة، والأمور الظاهرة تستلزم أموراً باطنة، وهذا أمر يعرفه الناس فيمن جربوه وامتحنوه، ونحن نعلم بالاضطرار أن ابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وأبا سعيد الخدري وجابراً أو نحوهم كانوا مؤمنين بالرسول محبين له معظمين له ليسوا منافقين، فكيف لا يعلم ذلك في مثل الخلفاء الراشدين الذين أخبارهم وإيمانهم ومحبتهم ونصرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم قد طبقت البلاد مشارقها ومغاربها.



    فهذا مما ينبغي أن يعرف، ولا يجعل وجود قوم منافقين موجباً للشك في
    إيمان هؤلاء الذين لهم في الأمة لسان صدق.
    قال الإمام أحمد رحمه الله :
    "أن المهاجرين لم يكن فيهم منافق أصلاً؛ وذلك لأن المهاجرين إنما هاجروا باختيارهم لما آذاهم الكفار على الإيمان وهم بمكة لم يكن يؤمن أحدهم إلا باختياره بل مع احتمال الأذى فلم يكن أحد يحتاج أن يظهر الإيمان ويبطن الكفر لا سيما إذا هاجر إلى دار يكون فيها سلطان الرسول عليه، ولكن لما ظهر الإسلام في قبائل الأنصار صار بعض من لم يؤمن بقلبه يحتاج إلى أن يظهر موافقة قومه؛ لأن المؤمنين صار لهم سلطان وعز ومنعة وصار معهم السيف يقتلون من كفر".
    وثانياً:
    عامة عقلاء بني آدم إذا عاشر أحدهم الآخر مدة يتبين له صداقته من عداوته، فالرسول يصحب أبا بكر بمكة بضع عشرة سنة ولا يتبين له هل هو صديقه أو عدوه وهو يجتمع معه في دار الخوف وهل هذا إلا قدح في الرسول.



    وزعموا أيضاً أنه لم ينزل الله السكينة على أبي بكر وخص السكينة رسوله دون صاحبه، إذ قال تعالى:
    {فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} ،، ولم يقل: عليهما، فلو كان له فضل لكانت هذه.
    والرد: أن "عَلَيْهِ" تعود على الصديق فالرسول صلى الله عليه وسلم لم تزل السكينة معه . فعلمنا أنها نزلت على الذي يحتاج إليها وهو أبو بكر رضي الله عنه .



    قالوا: أن الحزن هنا إما طاعة أو معصية، فإن كان طاعة لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يمنعه وإن كان معصية فتستحق النهي فلا فضيلة له فيها.
    والجواب:
    لو كان حزن أبي بكر حزن معصية لنصحه الذي لا ينطق عن الهوى لأنه لا يقر المنكر ولما قال له: {إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} ولقال: {إن الله معي}، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقول بأن الله مع أعدائه أبدا قال تعالى: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه : 46] ، ولم يدخل فرعون في معية الله لأنه من أعدائه.



    ولنا بقية . . .


    التعديل الأخير تم بواسطة [مِسعَرُ حَرب ; 13-1-2012 الساعة 05:57 PM

  15. #15

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    شبهات حول الصديق رضي الله عنه -2- :



    مسألة فدك

    أرض فدك قرية في الحجاز كان يسكنها طائفة من اليهود، ولمّا فرغ الرسول عليه الصلاة والسلام من خيبر، قذف الله عزوجل في قلوبهم الرعب، فصالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على فدك، فكانت ملكاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنها مما لم يُوجف عليها بخيل ولا ركاب.



    وأرض فدك هذه لا تخلو من أمرين:
    إما أنها
    إرث من النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضوان الله عليها أو هي هبة وهبها رسول الله لها يوم خيبر لفاطمة.
    فأما كونها إرثاً فبيان ذلك ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من أنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم جاءت فاطمة رضوان الله عليها لأبي بكر الصدّيق رضي الله عنه تطلب منه إرثها من النبي صلى الله عليه وسلم في فدك وسهم النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر وغيرهما.
    فقال أبو بكر الصدّيق: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
    ((إنّا لا نورّث، ما تركناه صدقة)) متفق عليه ، وفي رواية عند أحمد ((إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث))، ولم ينفرد أبو بكر برواية هذا الحديث، بل أمهات المؤمنين وعلي والعباس وعثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد رضي الله عنهم أجمعين.
    فوجدت فاطمة على أبي بكر ؛ بينما استدلت رضوان الله عليها بعموم قوله تعالى:
    {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} ، ولقد صح حديث ((إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث)) عند الفريقين السنة والشيعة، فقد روى الكليني في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((...وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر)) .
    قال عنه المجلسي:
    (حسن أو موثق لا يقصران عن الصحيح)!!
    وقد إستشهد بهذا الحديث الخميني في كتابه الحكومة الإسلامية حيث قال : رجال الحديث كلهم ثقات .



    وأما الاستدلال بقول الله تبارك وتعالى عن زكريا عليه السلام :
    {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً} ، على جواز توريث الأنبياء لأبنائهم استدلال غريب وذلك لعدة أمور هي:
    أولاً: لا يليق برجل صالح أن يسأل الله تبارك وتعالى ولداً لكي يرث ماله فكيف نرضى أن ننسب ذلك لنبي كريم كزكريا عليه السلام في أن يسأل الله ولداً لكي يرث ماله ! ، وإنما يسأل الصالحون ما ينتفعون به كالذرية الصالحة التي يرجون نفعها يوم القيامة، فأراد زكريا عليه السلام من الله عزوجل أن يهب له ولداً يحمل راية النبوة من بعده، ويرث مجد آل يعقوب العريق في النبوة.
    ثانياً: المشهور أنّ زكريا عليه السلام كان فقيراً يعمل نجاراً، فأي مال كان عنده حتى يطلب من الله تبارك وتعالى أن يرزقه وارثاً، بل الأصل في أنبياء الله تبارك وتعالى أنهم لا يدخرون من المال فوق حاجتهم بل يتصدقون به في وجوه الخير.
    ثالثاً: إنّ لفظ (الإرث) ليس محصور الاستخدام في المال فحسب بل يستخدم في العلم والنبوة والملك وغير ذلك كما يقول الله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} ، وقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ، فلا دلالة في الآية السابقة على إرث المال.
    رابعاً: حديث ((إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم)) الذي ذكرناه آنفاً يتضمن نفي صريح لجواز إرث أموال الأنبياء، وهذا كاف بحد ذاته.
    وكذلك الحال في قوله تعالى:
    {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} ، فإنّ سليمان عليه السلام لم يرث من داود عليه السلام ؛ المال، وإنما ورث النبوة والحكمة والعلم لأمرين اثنين: الأول: أنّ داود عليه السلام قد اشتُهر أنّ له مائة زوجة وله ثلاثمائة سريّة أي أمة، وله كثير من الأولاد فكيف لا يرثه إلا سليمان عليه السلام ؟!!
    فتخصيص سليمان عليه السلام حينئذ بالذكر وحده ليس بسديد.
    الثاني: لو كان الأمر إرثاً مالياً لما كان لذكره فائدة في كتاب الله تبارك وتعالى، إذ أنّه من الطبيعي أنّ يرث الولد والده.
    وقد اعترف بهذا المعنى مفسرو الشيعة الاثني عشرية فصاحب التفسير المبين محمد جواد مغنية من كبار علمائهم المعاصرين يقول عند تفسير هذه الآية:
    "الملك والنبوة".



    ثم أعلم أن المرأة
    لا ترث في مذهب الإمامية من العقار والأرض شيئاً، فقد بوّب الكليني باباً مستقلاً في الكافي بعنوان (إنّ النساء لا يرثن من العقار شيئاً) روى فيه عن أبي جعفر قوله: "النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً".
    ورووا عن ميسر قوله: "سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النساء ما لهن من الميراث؟ فقال:
    لهن قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب فأما الأرض والعقار فلا ميراث لهن فيهما" بحار الأنوار (101/351)، الانتصار للعاملي (7/287)..

    وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:
    "النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً"، وعن عبد الملك بن أعين عن أحدهما إ قال: "ليس للنساء من الدور والعقار شيئاً" الكافي للكليني (7/129)، تهذيب الأحكام للطوسي (9/299). .


    فدك لو كانت إرثاً من النبي صلى الله عيله وسلم لكان لنساء النبي ومنهن عائشة بنت أبي بكر وزينب وأم كلثوم بنات النبي حصة منها، لكن أبا بكر لم يعط ابنته عائشة ولا أحد من نساء النبي ولا بناته شيئاً استناداً للحديث، فلماذا لا يُذكر هؤلاء كطرف في قضية فدك ؟!!



    إذا كانت فدك هبة وهدية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضوان الله عليها كما يروي ذلك الكاشاني في تفسيره، فهذا يتعارض مع نظرية العدل بين الأبناء التي نص عليها الإسلام.
    فكيف يهب صلى الله عليه وسلم السيدة فاطمة فدك دون غيرها من بناته؟!!
    فكلنا يعرف أنّ خيبر كانت في السنة السابعة من الهجرة بينما توفيت زينب بنت رسول الله في الثامنة من الهجرة، وتوفيت أم كلثوم في التاسعة من الهجرة، فكيف يُتصور أن يُعطي رسول الله فاطمة رضوان الله عليها ويدع أم كلثوم وزينباً؟!!
    والثابت من الروايات أنّ فاطمة رضوان الله عليها لمّا طالبت أبا بكر بفدك كان طلبها ذاك على
    اعتبار وراثتها لفدك ، لا على أنها هبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.



    ولذا فإنّ فدك لم تكن لا إرثاً ولا هبة، وهذا ما كان يراه الإمام علي نفسه إذ أنه لمّا استُخلف على المسلمين لم يعط فدك لأولاده بعد وفاة أمهم فاطمة.
    يقول المرتضى (الملقب بعلم الهدى):"إنّ الأمر لمّا وصل إلى علي بن أبي طالب عليه السلام كُلّم في رد فدك، فقال:
    (إني لأستحيي من الله أن أرد شيئاً منع منه أبو بكر وأمضاه عمر) الشافي في الإمامة (4/76). .



    وقد احتج الخليفة العباسي أبو العباس السفاح على بعض مناظريه في هذه المسألة على ما نقل ابن الجوزي في تلبيس إبليس قال: (وقد روينا عن السفاح أنه خطب يوماً فقام رجل من آل علي رضي الله عنه قال: أنا من أولاد علي رضي الله عنه ، فقال: يا أمير المؤمنين
    أعدني على من ظلمني.
    قال: ومن ظلمك؟ قال:
    أنا من أولاد علي والذي ظلمني أبو بكر حين أخذ فدك من فاطمة، قال: ودام على ظلمكم؟ قال: نعم، قال: ومن قام بعده؟ قال: عمر ، قال: ودام على ظلمكم؟ قال: نعم، قال: ومن قام بعده؟ قال: عثمان ، قال: ودام على ظلمكم؟ قال: نعم، قال: ومن قام بعده؟ فجعل يلتفت كذا وكذا ينظر مكاناً يهرب منه..).
    وعن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رحمه الله :
    «أما لو كنت مكان أبي بكر، لحكمت بما حكم به أبو بكر في فدك» ‎.
    وعن الباقر رحمه الله أنه لما سئل: "أرأيت أبا بكر وعمر، هل ظلماكم من حقكم شيئاً - أو قال: ذهبا من حقكم بشيء؟ فقال:
    لا، والذي أنزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيراً، ما ظلمنا من حقنا مثقال حبه من خردل، قلت: جعلت فداك أفأتولاهما؟ قال: نعم ويحك! تولهما في الدنيا والآخرة، وما أصابك ففي عنقي، ثم قال: فعل الله بالمغيرة وبنان، فإنهما كذبا علينا أهل البيت" شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (16/220)، السقيفة وفدك للجوهري (ص: 110). .



    أن فاطمة رضي الله عنها قد
    رجعت عن قولها في المطالبة بإرث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما نص على ذلك غير واحد من الأئمة الحديث والسير.
    قال القاضي عياض رحمه الله:
    (وفي ترك فاطمة منازعة أبي بكر بعد احتجاجه عليها بالحديث: التسليم للإجماع على القضية، وأنها لما بلغها الحديث وبين لها التأويل، تركت رأيها ثم لم يكن منها ولا من ذريتها بعد ذلك طلب ميراث، ثم ولي علي الخلافة فلم يعدل بها عما فعله أبو بكر، وعمر رضي الله عنهم )‎.
    وقال القرطبي رحمه الله:
    (فأما طلب فاطمة ميراثها من أبيها من أبي بكر فكان ذلك قبل أن تسمع الحديث الذي دل على خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وكانت متمسكة بما في كتاب الله من ذلك، فلما أخبرها أبو بكر بالحديث توقفت عن ذلك ولم تعد إليه)‎.



    فظهر بهذا
    رجوع فاطمة رضي الله عنها إلى قول أبي بكر وما كان عليه عامة الصحابة، وأئمة أهل البيت من القول بعدم إرث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو اللائق بمقامها في الدين والعلم.
    أما جملة
    (فهجرته فلم تكلمه) الواردة في الرواية، فقد بين الترمذي في سننه، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة، أن المقصود هو أن فاطمة رضي الله عنها تركت تكليم الصديق رضي الله عنه في أمر الميراث.



    أنه ثبت عن فاطمة رضي الله عنها أنها رضيت عن أبي بكر بعد ذلك، وماتت وهي راضية عنه، يقول ابن الميثم البحراني وهو من كبار علماء الإمامية:
    "أن أبا بكر قال لها - أي فاطمة -: أن لك ما لأبيك، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ من فدك قوتكم، ويقسم الباقي، ويحمل منه في سبيل الله، ولك على الله أن أصنع بها كما كان يصنع، فرضيت بذلك وأخذت العهد عليه" شرح نهج البلاغة - لابن ميثم البحراني ج 5 (ص:107) ط طهران..

    ومثل هذ الكلام ذكره الدنبلي في شرحه(الدرة النجفية (ص:331، 332) ط. إيران.).
    وقال: إن أبا بكر كان يطبق ما وعد به فاطمة رضوان الله عليها.. حيث ذكروا:
    (إن أبا بكر كان يأخذ غلتها (أي فدك) فيدفع إليهم (أي أهل البيت) منها ما يكفيهم، ويقسم الباقي، فكان عمر كذلك، ثم كان عثمان كذلك، ثم كان علي كذلك) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4. ( شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني ج 5 (ص:107) ( الدرة النجفية (ص:332) ( شرح النهج - فارسي لعلي نقي ج 5 (ص:960) ط طهران ). .



    إرث النبي صلى الله عليه وسلم لو كان يورث يرثه ثلاثة: فاطمة وأزواجه وعمه العباس.
    أما فاطمة فلها نصف ما ترك لإنها فرع وارث. أنثى.
    وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم يشتركن في الثُمُن لوجود الفرع الوارث وهي فاطمة.
    والعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ الباقي تعصيباً.
    فلماذا لم يأت العباس وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ويطالبون بإرثهم من النبي صلى الله عليه وسلم ؟!.



    وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....


  16. #16

    الصورة الرمزية مستر وليد

    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المـشـــاركــات
    69
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    كلاتمك عبر من ريحان
    قراتة بتمعن واعرف انك كتبت يمنع الرد
    لكن يستحيل ان ادع موضوع ابداعى كهذا وال لاارد

  17. #17

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    شبهات حول الصديق رضي الله عنه -3- :




    طعن الشيعة في أسانيد روايات صلاة الصديق في الناس في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

    قال علي الميلاني في بداية رسالته :
    ( لقد بحثت عن الخبر من أهم نواحيه ، وسبرت ما قيل فيه ، وتوصلت على ضوء ذلك إلى واقع الحال ... وحق المقال .... فإلى أهل التحقيق والفضل ... هذا البحث غير المسبوق ولا المطروق من قبل ، أرجو أن ينظروا فيه بعين الإنصاف ... بعيداً عن التعصب والاعتساف ... وما توفيقي إلا بالله ) ،،،
    وكنا نود والله أن يكون الميلاني صادقاً في كلامه لنرى هل نحن على صواب أم لا ؟؟؟
    ولكن يعلم الله أنه هو أبعد الناس عن الإنصاف ، وأقربهم إلى التعصب والاعتساف ، وفيما يأتي أكبر دليل ، وأصدق شاهد ، وأوضح برهان .
    ثم إن من القواعد المتفق عليها عند علماء الجرح والتعديل عند عرض الروايات أن يؤخذ رأي الفريق الذي أخذ الرواية من كتبه عند الحكم عليها ، فمثلاً عندما يأتي أحدنا بحديث من كتاب الكافي للكليني ، لا بد أن يحكم على الرواية بالاستناد على أقوال علماء الشيعة ، وكذلك الحال إذا استشهد أحدنا بحديث من صحيح البخاري ، فلا بد أن نأخذ بأقوال علماء أهل السنة والجماعة في الحكم على الرواة ، أما من أراد أن يحكم على رواة الأحاديث في كتب السنة بآراء علماء الشيعة ، فهذا لا بد له أن يرضى – أيضاً - بآراء علماء أهل السنة والجماعة في حكمهم على رواة الشيعة ،
    لأن معظم رواة الشيعة غير مقبولي الرواية عند علماء أهل السنة والجماعة ، وكذلك فإن معظم رواة أهل السنة والجماعة غير مقبولي الرواية عند علماء الشيعة ، إذاً فلا بد من الحكم على كل فريق بكتبه وبأقوال علمائه .



    والملاحظ في الرسالة المذكورة أن المؤلف الميلاني
    قد ضرب بهذه القاعدة عرض الحائط !!
    حيث حكم على عبدالله بن عمر ، وعائشة ، وأبي موسى الأشعري ، وأنس بن مالك ، وأبي بردة بن أبي موسى ، وعروة بن الزبير ، وأبي وائل ، رضوان الله عليهم بحكم لم يكن في محله ، حيث اعتمد في طعنه على مرويات في كتب الشيعة ، أو في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد الشيعي المعتزلي ، وعلى ذلك ؛ فلا أقل من المقابلة بالمثل ،
    وهي إسقاط جميع الروايات التي وردت في كتب الشيعة برمتها ، لأن رواتها مطعون فيهم عند أهل السنة والجماعة ، وهكذا وبكل سهولة يكون المذهب الشيعي قد انهار إلى أبد الآبدين ، ولم أكن أتصور أن مسألة الرد ستكون بهذه السهولة !!!



    في بداية الرسالة ذكر المؤلف الروايات التي ذكرت في الكتب الستة عن هذا الخبر بالإضافة إلى مسند الإمام أحمد ،
    والطريف اللطيف الذي يدل على تبحر هذا الناقد في كتب الحديث وعلومه هو إدراجه موطأ الإمام مالك في الكتب الستة ‍‍‍‍‍!! فاقرأ وتعجب ، إضافة إلى أن إدراجة للموطأ قد أوقعه في مأزق كبير جداً ..

    ثم إن المؤلف المتتبع قد أغفل بعض الأسانيد التي جاءت تذكر هذا الخبر ، ولكن ولله الحمد فرواية واحدة من الروايات التي ذكرها تغنينا عن تتبع باقي الأسانيد التي لم يذكرها أو النظر فيها ، لأن أسانيد الخبر لا يرقى إليها الشك بأي حال من الأحوال ، ولنحكم بما اختاره هو من روايات .



    ولنبدأ الآن معه في نقده للأسانيد التي ذكرها ، وهي مرتبة حسب الرواة كالتالي :

    أحاديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه :
    البخاري : عن إسحاق بن نصر ، عن حسين ، عن زائدة ، عن عبدالملك بن عمير ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى .
    مسلم : عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن حسين بن علي ، عن زائدة ، عن عبدالملك بن عمير ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى .
    الإمام أحمد : عبدالله ، عن أبيه ، عن حسين بن علي ، عن زائدة ، عن عبدالملك ابن عمير ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبي موسى .



    قال في نقده لهذه الأسانيد ما يلي :
    ( إنه
    مرسل ، نص عليه ابن حجر وقال : يحتمل أن يكون تلقاه عن عائشة ) ، وأحال إلى مصدره وهو فتح الباري ، ولكن لنلق نظرة على ما قاله ابن حجر عن هذا الإسناد ، حيث قال : ( قوله عن أبيه عن عائشة كذا رواه جماعة عن مالك موصولا وهو في أكثر نسخ الموطأ مرسلا ليس فيه عائشة ... والظاهر أن حديث أبى موسى من مراسيل الصحابة ويحتمل أن يكون تلقاه عن عائشة أو بلال ) .
    فهنا ذكر ابن حجر أن أكثر نسخ الموطأ ليس فيه ذكر لعائشة رضي الله عنها ،



    ومن باب التنازل مع الخصوم : فحتى لو كان الحديث من مراسيل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ؛ فإنه نقل إما عن عائشة ، أو عن بلال رضي الله عنهما ، ومع ذلك لم يذكر عائشة فقط لحاجة في نفس يعقوب ، ومع ذلك كله ، ومن باب التنازل مع الخصوم إلى آخر درجة ؛ فحتى لو كان الحديث مرسلاً عن عائشة ؛ فهذا ليس بقادح فيه على الإطلاق ،
    لأن الصحابة كلهم عدول ، فنقل بعضهم عن بعض دون التصريح ليس فيه حرج ، وهذا كثير شائع .



    ثم قال في طعنه بأبي بردة رحمه الله :
    (وهذا الرجل فاسق أثيم ، له ضلع في قتل حجر بن عدي ، حيث شهد عليه ـ في جماعة شهادة زور أدت إلى شهادته ) .
    وكنا نتمنى من هذا المحقق بالإضافة إلى تحقيقه وطعنه لما تواتر من الأخبار ؛ أن يقوم بتحقيق
    الشاذ منها أيضاً ، وأن يفرغ نفسه قليلاً لها ، ولكن العقول المنكوسة قد أعيت الأطباء ، وبالرجوع إلى تاريخ الطبري رحمه الله نجد أن مدار هذه الروايات التي تطعن في أبي بردة رحمه الله يدور على أبي مخنف يحيى بن لوط الشيعي المحترق ، وقد قال عنه يحيى بن معين : ليس بثقة ، وقال أبو حاتم : متروك الحديث ، وقال الدارقطني : أخباري ضعيف !!! فهنيئاً مريئاً له هذا الإسناد .



    وأما الخبر الثاني الذي ذكره فهو :
    ( وروي أيضاً أنه قال لأبي الغادية ـ قاتل عمار ابن ياسر رضي الله تعالى عنه ـ : أ أنت قتلت عمار بن ياسر؟ قال : نعم . قال : فناولني يدك . فقبلها وقال : لا تمسك النار أبداً ! ) ، وقد أحال المرجع إلى شرح النهج لابن أبي الحديد الشيعي ، وقد رواه ابن أبي الحديد الشيعي بإسناد منقطع عن عبدالرحمن المسعودي عن ابن عياش المنتوف ، وابن عياش لم أجد له ترجمة ، والمسعودي إن كان هو المؤرخ المشهور فهو ساقط في مقام الاحتجاج لتشيعه المغالي .
    ثم انظروا في محصلة الأمر لهذا الميلاني المائل عن الحق : يحتج بالمنقطع المبتور من الروايات ، وبخزعبلات يحيى بن لوط
    الفاسق الأثيم لتضعيف أبي بردة رحمه الله تعالى الثقة الثبت ، والذي قال فيه علماء الجرح والتعديل وصيارفة الحديث والنقل : ( الإمام الفقيه الثبت ... وكان من أئمة الاجتهاد ... قال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث وقال العجلي كوفي تابعي ثقة ) . ( راجع الترجمة في سير أعلام النبلاء ) ، فياللعجب !!



    ثم ذكر تضعيف عبدالملك بن عمير بقوله : ( وهو
    « مدلّس » و« مضطرب الحديث جداً » و« ضعيف» .
    فما ذكره عن هؤلاء الأعلام صحيح إلى حد كبير ، وإن كان قد ابتلع تتمة كلام هؤلاء الأعلام ، وهو أن عبدالملك بن عمير رحمه الله إنما
    تغير حفظه في آخر حياته ، حيث عاش 103 سنين ، ولا يستغرب أن يتغير حفظ من بلغ هذا العمر ، ولكن هل معنى ذلك أن نرمي بجميع رواياته في البحر ؟! بالطبع لا ، وإنما يتم التفريق بين ما رواه كبار تلامذته ، وما رواه صغارهم ، وعلى هذا فروايات قدماء أصحابه عنه صحيحة موثقة ، أما روايات الأصاغر عنه فلا ، والراوي عن عبدالملك بن عمير هنا هو زائدة بن قدامة رحمه الله ، وهو من كبار أتباع التابعين كما نص عليه ابن حجر في تهذيب التهذيب الذي قام الميلاني بالرجوع إليه لقراءة الترجمة ، ومعنى كونه من كبار أتباع التابعين أنه في الطبقة التي تلي عبدالملك بن عمير بقليل ، لأن عبدالملك بن عمير من طبقة صغار التابعين ، بل كان زائدة من كبار أصحاب عبدالملك بن عمير ، وممن رووا له الكثير من الروايات ، وممن لازموه فترة طويلة قبل اختلاطه ، ولذلك فرواية زائدة عن عبدالملك بن عمير لا غبار عليها .



    إضافة إلى ما سبق ؛ فكان من الأمانة العلمية والإنصاف
    ذكر من وثّق عبدالملك بن عمير ، وإليك ما قاله العلماء في عبدالملك بن عمير ، فقد وثقه العجلي وابن معين والنسائي وابن نمير ، وقال ابن مهدي : كان الثوري يعجب من حفظ عبدالملك ، وقال أحمد بن حنبل : مضطرب الحديث تختلف عليه الحفاظ ، وقال ابن البرقي عن ابن معين : ثقة إلا أنه أخطأ في حديث أو حديثين ، وقال ابن حجر : احتج به الجماعة ( أي أصحاب الكتب الستة ) ، وأخرج له الشيخان من رواية القدماء عنه في الاحتجاج ، ومن رواية بعض المتأخرين عنه في المتابعات ، وإنما عيب عليه أنه تغير حفظه لكبر سنه لأنه عاش مائة وثلاث سنين ، ولم يذكره ابن عدي في الكامل ، ولا ابن حبان …… فواضح مما سبق أن التضعيف إنما كان لسوء حفظه في آخر حياته ، أما رواية القدماء عنه ( ومنهم زائدة بن قدامة ) فهي مقبولة ، وقائمة في مقام الاحتجاج .



    أما بالنسبة لتهمة
    التدليس ؛ فيبدو أن حجة الإسلام في الحديث السيد الميلاني بحاجة لتوضيح معنى التدليس عند المحدثين .
    فالتدليس هو : أن يروي الراوي عمن لقيه ما لم يسمعه منه ، أو عمن عاصره ولم يلقه موهماً أنه سمع منه ، أو أن يصف من روى عنه يصفة لا تبين من هو ؟ وينتفي التدليس تماماً إذا صرح الثقة بتحديث شيخه له ، حتى وإن كان من كبار المدلسين إن كان صدوقاً ، فضلاً عن أن يكون دلَّس مرة أو مرتين لخطأ ورد عنه ، والملاحظ أن تهمة التدليس ليس لها أي مقام هنا ، لأن عبدالملك بن عمير رحمه الله صرح بتحديث أبي بردة رحمه الله له ، وعلى هذا فجميع الطعون في عبدالملك بن عمير ساقطة لا اعتبار لها .



    ثم يواصل
    هراءه الذي لا ينتهي بقوله : ( وعبدالملك ـ هذا ـ هو الذي ذبح عبدالله بن يقطر أو قيس بن مسهر الصيداوي ، وهو رسول الإمام الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة ، فانه لما رمي بأمر ابن زياد من فوق القصر وبه رمق ؛ أتاه عبدالملك بن عمير فذبحه ، فلما عيب ذلك عليه قال : « إنما أردت أن أريحه ! » ) .
    فنقول لهذا المائلاني : إن الرواية التي احتججت ساقطة باطلة ، وما أعجب الرافضة في معارضتهم للمتواتر من الأحاديث بالباطل منها ، ومع أن ابن كثير رحمه الله قد ذكر هذه الحادثة في كتابه البداية والنهاية ( جزء 8 ص 168 ) إلا أنها ساقطة أيضاً لأنها من روايات أبي مخنف يحيى بن لوط هذا أولاً .
    ثانياً : وهي الطامة التي ما بعدها من طامة : أن الشخص الذي قتل قيس بن مسهر هو عبدالملك بن عمير
    البجلي ، أما الراوي الذي نحن بصدده ، فهو عبدالملك بن عمير القرشي ويقال اللخمي ويقال الكوفي ويعرف بالقبطي ، ولكن إطلاقاً لا يعرف بالبجلي !!! وهذه هي قمة النزاهة الشيعية المشهورة .



    ثم يجترئ هذا الميلاني
    بالطعن على أبي موسى الأشعري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث يقول عنه : ( ثم الكلام في أبي موسى الأشعري نفسه ، فإنه من أشهر أعداء مولانا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد كان يوم الجمل يقعد بأهل الكوفة عن الجهاد مع الإمام علي عليه السلام ، وفي صفين هو الذي خلع الإمام عليه السلام عن الخلافة ، وقد بلغ به الحال أن كان الإمام عليه السلام يلعنه في قنوته مع معاوية وجماعة من أتباعه ) .
    أقول رداً على هذا الجاهل : إن الحكم على أبي موسى الأشعري من كتب الشيعة خاضع لما ذكرناه سابقاً من أن ذلك يستلزم رضا الشيعة بنقد رواياتهم من وجهة نظر أهل السنة والجماعة ، وهذا ما لا يرضاه الشيعة على الإطلاق ، وأبو موسى الأشعري صحابي ، والصحابة كما ذكرنا مراراً وتكراراً كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة ، أما الاستشهاد على عداء أبي موسى الأشعري رضي الله عنه لعلي بن أبي طالب في نهيه الناس عن القتال ، فهذا كاتهام النصارى للمسلمين ببغض عيسى بن مريم عليهما السلام لأنهم ينهون الناس عن اعتقاد الألوهية فيه !!!!!!
    وقد كان الزمان زمان فتنة ، والقاعد في الفتنة خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ، ففعل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه هو عين الصواب ، وقد وردت الروايات الكثيرة في اعتزال الفتن عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
    فلماذا يُلام أبو موسى رضي الله عنه لاتباعه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟!!
    وأعجب من ذلك كله أن يوكل علي بن أبي طالب عنه في مسألة التحكيم رجلاً يضمر له العداء والبغض ويكون من أشهر المنحرفين عنه ، ومن المثبطين عنه في موقعة الجمل !!!!!
    فهل كان علي بن أبي طالب
    أحمقاً إلى هذه الدرجة أن يوكل رجلاً يضمر له كل هذا العداء والبغض ؟؟!!!
    ومهما قيل في الأسباب التي دعته إلى توكيل أبي موسى ، وأنه قد أكره على ذلك !!!
    فهل كان علي رضي الله عنه متساهلاً في أمر الإمامة والأمة بأن يوكل في تحديد مصيرها رجلاً هذه صفته فيما يزعم الشيعة ؟؟؟!!!
    ثم أين شجاعة علي بن أبي طالب في الحق ؟؟!! وأين طاعة شيعته وأتباعه له
    ؟؟!!!
    إذا كان هذا هو حال الرعيل الأول من الشيعة في مخالفتهم لأئمتهم ؛ فما بالكم بمن وراءهم
    ؟؟؟!!!



    وأما ما روي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
    كان يلعن أبا موسى الأشعري ومعاوية رضي الله عنهما في صلاته فإن هذا مردود من وجهين : الأول : أن الروايات خالية من الأسانيد ، ونحن هنا في مقام نقاش علمي ، وكل رواية لا تحمل إسناداً ثابتاً فإنما هي كالهباء المنثور ، ليس لها أي وزن أو قيمة ، وأما الثاني : فقد كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه ينهى أهل العراق عن لعن أهل الشام ، ويقول لهم : إني أكره لكم أن تكونوا لعانين ، وهذا هو المتوقع من علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ثم لماذا يلعن رجلاً هو الذي وكله عن نفسه بنفسه ؟؟؟!!!



    ثم إن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قد روى بعض الروايات في مدح أهل البيت ، فمن ذلك ما رواه ابن ماجة : ( عن أبي موسى الأشعري قال :
    رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فأقبل حسن وحسين عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فأخذهما فوضعهما في حجره ، فقال ((صدق الله ورسوله {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} رأيت هذين فلم أصبر)) ثم أخذ في خطبته ) . قال الشيخ الألباني : صحيح .

    فجميع الطرق الثلاثة التي وردت عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه صحيحة لا غبار عليها ، والعاقل المنصف يكتفي بهذه الروايات ، وحسبه بها ، وقد ذكر البقية وفيها من الغثيان ما لا يحتمل ..



    كتب الشيعة :

    وبالنظر البسيط إلى أسانيد كتب الشيعة ؛ يعلم المنصف علم اليقين أن هذه الأسانيد إنما وضعت بأسماء رجال لا مسمى لهم ، فلا يكاد إسناد واحد عندهم يسلم من مجهول ضمن رجاله ، ودونكم كتب الشيعة جربوا فيها بأنفسكم ، ووافونا بالنتائج .
    وقد يعجب البعض من
    تضعيف علماء السنة لأكثر من 99 في المائة من مرويات الشيعة في كتبهم ، حتى لو حكموا عليها من وجهة النظر الشيعية البحتة ، وقد يجعله البعض تحاملاً من أهل السنة والجماعة على الشيعة ، ولكن ليطمئن الجميع ،،،،
    فهذا يوسف البحراني الشيعي يقول في كتابة "لؤلؤة البحرين" :
    ( والواجب إما الأخذ بهذه الأخبار ، كما هو عليه متقدمو علمائنا الأبرار ، أو تحصيل دين غير هذا الدين ، وشريعة أخرى غير هذه الشريعة لنقصانها وعدم تمامها ، لعدم الدليل على جملة من أحكامها ، ولا أراهم يلتزمون شيئاً من الأمرين ، مع أنه لا ثالث لهما في البين ، وهذا بحمد الله ظاهر لكل ناظر ، غير متعسف ولا مكابر ) !!!!!!!!!!



    وسيظل الشيعة إلى أبد الآبدين ينتقلون من مأزق إلى مأزق في هذا الموضوع ، ولذلك نراهم قد أفرغوا أذهانهم من مسألة نقد كتبهم ، وتفرغوا تماماً لنقد روايات أهل السنة والجماعة ، في حين نراهم يجهلون الكثير والكثير عن كتبهم ، ولو فرغوا أنفسهم لنقد مروياتهم لتبين لهم بطلان المذهب ، ولهذا فالشيعة يتهربون وبشدة من إظهار الروايات الصحيحة عندهم مع التصريح بصحة إسنادها ، لأنهم إن سلموا من انقطاع السند لم يسلموا من تضمن السند على مجاهيل ، وإن سلموا من المجاهيل لم يسلموا من روايات الضعفاء المردودي الرواية ، وإن سلموا بعد الترميمات الجبارة التي قام بها الخوئي والعاملي ليتم اتصال الإسناد ، ويتبين حال كل راو لم يسلموا من وجود حديث آخر بنفس هذا الإسناد ، وخاضع لنفس شروط السند الأول يرفض الشيعة الاعتراف به ، لأن فيه ما يخزيهم ، ولهذا فهم يدورون في حلقة مفرغة إلى ما شاء الله ، ولكن لعل المتبصرين منهم يقومون بتلك الخطوات الجريئة ، ولهم في تجربة الشيخ إبي الفضل بن البرقعي في كتابه كسر الصنم خير دليل على ذلك ، فلعل الله أن يفتح على قلوبهم ويهدينا وإياهم إلى سواء السبيل ، والله أعلم .

    وهذا حالهم :
    كناطح صخرة يوماً ليوهينها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوَعِل




    وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....






  18. #18

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    شبهات حول الصديق رضي الله عنه -4- :




    الإدعاء بأن الصديق رضي الله عنه قد تخلف عن جيش أسامة رضي الله عنه :
    ومنها أنه تخلف عن جيش أسامة المجهز للروم مع انه صلى الله عليه وآله وسلم أكد غاية التأكيد عليه حتى قال :
    ((جهزوا جيش اسامة ، لعن الله من تخلف )).



    وجوابه : إن كان الطعن من جهة عدم التجهيز فهذا أفتراء صريح لأنه جهز وهيأ .
    وإن كان من جهة التخلف فله عدة أجوبة :

    الأول : أن الرئيس إذا ندب رجلاً مع جيش ثم أمره بخدمة من خدمات حضوره فقد أستثناه وعزله ، والصديق لأمره بالصلاة كذلك ، فالذهاب إما ترك الأمر الأهم ومحافظة المدينة المنورة من الأعراب .

    الثاني: أن الصديق قد أنقلب له المنصب بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه كان من آحاد المؤمنين فصار خليفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأنقلبت في حقه الأحكام ، ألا ترى كيف أنقلبت أحكام الصبي إذا بلغ ، والمجنون إذا افاق ، والمسافر إذا اقام ، والمقيم إذا سافر إلى غير ذلك .
    والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لو عاش لما ذهب في جيش أسامة ، فالخليفة لكونه قائماً مقامه يكون كذلك .

    الثالث: أن الأمر عند الشيعة ليس مختصاً بالوجوب كما نص عليه المرتضى في (الدرر والغرر) فلا ضرر في المخالفة وجملة لعن الله من تخلف مكذوبة لم تثبت في كتب السنة .

    الرابع: أن مخالفة آدم ويونس لحكم الله تعالى بلا واسطة عند الشيعة فالإمام لو خالف أمراً واحداً لاضير فتدبر .




    قال الرافضي:«وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض موته، مرة بعد أخرى، مكرراً لذلك: أنفذوا جيش أسامة، لعن الله المتخلف عن جيش أسامة. وكان الثلاثة معه، ومنع أبو بكر عمر من ذلك».

    والجواب:أن هذا من الكذب المتفق على أنه كذب عند كل من يعرف السيرة، ولم ينقل أحد من أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل أبا بكر أو عثمان في جيش أسامة.
    وإنما رُوي ذلك في عمر، وكيف يرسل أبا بكر في جيش أسامة، وقد استخلفه يصلِّي بالمسلمين مدة مرضه!!، وكان ابتداء مرضه من يوم الخميس إلى الخميس إلى يوم الاثنين، اثني عشر يومًا، ولم يقدِّم في الصلاة بالمسلمين إلا أبا بكر بالنقل المتواتر، ولم تكن الصلاة التي صلاَّها أبو بكر بالمسلمين في مرض النبي صلى الله عليه وسلم صلاةً ولا صلاتين، ولا صلاة يوم ولا يومين، حتى يُظَنّ ما تدعيه الرافضة من التلبيس،
    وأن عائشة قدّمته بغير أمره، بل كان يصلِّي بهم مدة مرضه؛ فإن الناس متفقون على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِ بهم في مرض موته إلا أبو بكر، وعلى أنه صلّى بهم عدة أيام.
    وأقل ما قيل: إنه صلّى بهم سبع عشرة صلاة؛ صلَّى بهم صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة، وخطب بهم يوم الجمعة.
    هذا مما تواترت به الأحاديث الصحيحة، ولم يزل يصلّي بهم إلى فجر يوم الاثنين: صلّى بهم صلاة الفجر، وكشف النبي صلّى الله عليه وسلم الستارة، فرآهم يصلّون خلف أبي بكر، فلما رأوه كادوا يفتتنون في صلاتهم، ثُم أرخى الستارة.
    وكان ذلك آخر عهدهم به، وتوفي يوم الاثنين حين اشتد الضحى قريباً من الزوال.

    وقد قيل: إنه صلّى بهم أكثر من ذلك من الجمعة التي قبل؛ فيكون قد صلّى بهم مدة مرضه كلها، لكن خرج النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة واحدة لما وجد خفةً في نفسه، فتقدَّم وجعل أبا بكر عن يمينه، فكان أبو بكر يأتمُّ بالنبي صلى الله عليه وسلم، والناس يأتمُّون بأبي بكر، وقد كَشَف الستارة يوم الاثنين، صلاة الفجر، وهم يصلّون خلف أبي بكر، ووجهه صلى الله عليه وسلم كأنه ورقة مصحف، فَسُرَّ بذلك لمّا رأى اجتماع الناس في الصلاة خلف أبي بكر، ولم يَرَوْه بعدها.
    وقد قيل: إن آخر صلاة صلاَّها كانت خلف أبي بكر.
    وقيل: صلَّى خلفه غيرها.



    فكيف يُتصور أن يأمره بالخروج في الغزاة وهو يأمره بالصلاة بالناس؟!
    وأيضاً فإنه جهَّز جيش أسامة قبل أن يمرض؛ فإنه أمَّره على جيش عامتهم المهاجرون؛ منهم عمر بن الخطاب في آخر عهده صلى الله عليه وسلم، وكانوا ثلاثة آلاف، وَأَمَرَه أن يغير على أهل مُؤتة، وعلى جانب فلسطين، حيث أصيب أبوه، وجعفر وابن رواحة.
    فتجهّز أسامة بن زيد للغزو، وخرج في ثقله إلى الجرف، وأقام بها أياماً لشكوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة فقال:
    «اغد على بركة الله والنصر والعافية ثم أَغِر حيث أمرتك أن تغير». قال أسامة: يا رسول الله قد أصبحتَ ضعيفاً، وأرجو أن يكون الله قد عافاك، فَأْذَنْ لي فَأَمْكُث حتى يشفِيَك الله، فإني إن خرجت وأنت على هذه خرجت وفي نفسي منك قرحة، وأكره أن أسأل عنك الناس» فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بأيام، فلما جلس أبو بكر للخلافة أنفذه مع ذلك الجيش، غير أنه استأذنه في أن يأذن لعمر بن الخطاب في الإقامة؛ لأنه ذو رأي ناصح للإسلام، فأَذِن له، وسار أسامة لوجهه الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصاب في ذلك العدو مصيبة عظيمة، وغَنِم هو وأصحابه، وقتل قاتل أبيه، وردّهم الله سالمين إلى المدينة.



    وإنما أنفذ جيش أسامة أبو بكر الصدّيق بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:
    لا أُحِلُّ رايةً عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وأشار عليه غير واحد أن يردَّ الجيش خوفاً عليهم؛ فإنهم خافوا أن يطمع الناس في الجيش بموت النبي صلى الله عليه وسلم، فامتنع أبو بكر من ردّ الجيش وأمر بإنفاذه.
    فلما رآهم الناس يغزون عقب موت النبي صلى الله عليه وسلم، كان ذلك مما أيَّد الله به الدين، وشدَّ به قلوب المؤمنين، وأذلَّ به الكفار والمنافقين، وكان ذلك من كمال معرفة أبي بكر الصدِّيق وإيمانه ويقينه وتدبيره ورأيه .



    وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....


  19. #19


    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المـشـــاركــات
    14
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "يمنع الرد"

    الموضوع صراحه ممتع من حلاوته قرييته كله

  20. #20

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "

    شبهات حول الصديق رضي الله عنه -5- :





    شبهة أن أبا بكر يشهد على نفسه

    ومن الشبهات حول الصديق رضي الله عنه الإدعاء بأن أبا بكر يشهد على نفسه.
    حيث ذكر احدهم ذلك قائلاً:
    "كما سجل التاريخ لأبي بكر مثل هذا، قال لما نظر أبو بكر إلى طائر على شجرة:
    (طوبى لك يا طائر تأكل الثمر وتقع على الشجر وما من حساب ولاعقاب عليك، لوددت أنّي شجرة على جانب الطريق مرّ عليّ جمل فأكلني وأخرجني في بعره ولم أكن من البشر).
    وقال مرة أخرى:
    (ليت أمي لم تلدني، ليتني كنت تبنة في لبنة) ..ألخ



    فالرد بالنسبة للرواية الأولى فقد عزاها لتاريخ الطبري والرياض النضرة وكنز العمال ومنهاج السنة لابن تيمية ولكنني لم أجدها في منهاج السنة ولا في الرياض النضرة ولا في تاريخ الطبري الذي عزا هذا القائل اليها اللهم إلا في كنز العمّال وهذا دليل
    على مصداقية هذا الطاعن.

    وأما بالنسبة للرواية الثانية فقد عزاها للمصادر السابقة أيضاً فلم أجدها في كنز العمّال ولا في تاريخ الطبري ولا في الرياض النضرة اللهم إلا في منهاج السنّة.

    يرد هذا الطاعن أن يوهم القارئ بعزوه كلام أبي بكر إلى المصادر السابقة على أنها من أقوالهم وكأنهم موافقون لما ذهب إليه ولكن بعداً، فكتاب منهاج السنة لابن تيمية اسمه بتمامه منهاج السنة النبوية في نقد كلام الشيعة القدرية ويرد فيها على كتاب منهاج الكرامة في إثبات الإمامة لابن المطهر الحلّي وهو شيعي إمامي والرواية المنقولة عن أبي بكر هي من ادعاء هذا الطاعن.



    وأما كتاب الرياض النضرة الذي طالما يعزو إليه هذا الطاعن فعنوانه كاملاً الرياض النضرة في مناقب العشرة أي العشرة المبشرين بالجنة وهم أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة والمؤلف يشير هنا إلى الحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما بشر هؤلاء العشرة وهم على جبل أحد بالجنة وهذا الطاعن ممن ينكر هذا الحديث فكيف يستدل بالكتاب؟ هذا
    أولاً.



    وثانياً: لم أجد الفقرتين المذكورتين عن أبي بكر في الكتاب بالإضافة إلى أن صاحب الكتاب يثبت أن أبا بكرٍ هو الأحق بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذكر بيعة عليٍّ لأبي بكر وردّ فيه على المخالفين بل وأفرد في ذكر مناقب أبي بكر واستغرق منه أكثر من ربع الكتاب ثم يأتي بعد ذلك هذا الطاعن ليستشهد بهذا الكتاب على ما يظنه من مثالب أبي بكر موهماً أنه ينقد أبابكر ولكن قد حصحص الحق ولولج الباطل.



    ثالثاً: لو فرضنا جدلاً ثبوت هذا عن أبي بكرٍ فإنه يدل على قوة إيمانه وخوفه من الله سبحانه وتعالى وهذا لا يقدح في إيمانه قط فقد جاء في الصحيحين خبر الرجل الذي أمر أهله بتحريقه وتذرية نصفه في البحر ونصفه في البر مع أنه لم يعمل خيراً قط، وقال: والله لئن قدر اللهُ عليّ ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين فأمر الله البر فجمع ما فيه وأمر البحر فجمع ما فيه ثم سأله الله: ما حملك على ما صنعت. قال: من خشيتك يارب فغفر له، فإذا كان مع شكِّه في قدرة الله على بعثه، إذا فعل ذلك غُفر له بخوفه من الله، عُلم أن الخوف من الله من أعظم أسباب المغفرة للأمور الحقيقة إذا قدِّر أنها ذنوب.

    وقد ورد مثل ذلك عن عدة صحابة منهم عبد الله بن مسعود فقد روى الإمام أحمد بن حنبل عن مسروق قال: قال رجل عند عبد الله بن مسعود: ما أحب أن أكون من أصحاب اليمين، أكون من المقربين أحب إليّ ، فقال عبد الله بن مسعود: لكن ههنا رجل ودَّ أنه إذا مات لم يبعث يعني نفسه.



    وروى الترمذي في سننه وابن ماجة عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء وحقّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملكٌ واضعٌ جبهته لله ساجداً، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصُّعداء تجأرون إلى الله.)) لوددت أني كنت شجرة تعضد .. قال أبو عيسى(أي الترمذي) ، ويروى من غير هذا الوجه أن أباذر قال: "لوددت أني كنت شجرة تعضد".

    فعلى ذلك نقول لهذا الطاعن أنه ثبت بالرواية الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لوددت أني كنت شجرة تعضد فهل يعتبر هذا القول شهادة على نفسه؟!
    وهل سينطبق عليه ما وصفت به الخليفة أبا بكر؟! ولو فرضنا أن هذا القول صادر عن أبي ذر فهل هو أيضاً يشهد على نفسه وإلا فما الفرق بين هذا القول وقول أبي بكر يا أولي الألباب؟!



    بل روى البخاري عن ابن مسعود أنه قال قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((
    اقرأ عليّ))، قلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أُنزل؟ قال: ((نعم)) فقرأت سورة النساء حتى أتيت على هذه الآية { فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيد، وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } قال: حسبك الآن، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان فأقول أليس هذا يدل على أن من يخاف الله سبحانه في الدنيا دليلٌ على قوة صدق إيمانه بالله؟



    رابعاً: أما بالنسبة لتاريخ الطبري فلم أجد لهاتين الروايتين أثراً يذكر به ومن أراد التثبت ممن يريد الحق فليرجع لتاريخ الطبري من حوادث السنة الحادية عشرة إلى أواخر السنة الثالثة عشرة.

    بالنسبة لكتاب كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال لعلاء الدين الهندي فلا تعتبر رواياته حجة لأنه لم يراعِ وضع الروايات الصحيحة فقط بل جعله جامعاً لجميع الأقوال والأفعال النبوية والأثرية والعجيب أنه أفرد قسماً خاصاً للأحاديث التي ذكرت في نقد المخالفين مع العلم أنه لم يوجد فيها حديث صحيح عند علماء الحديث من أهل السنة الذي يدعي هذا الطاعن بأنهم يضعفون الأحاديث في أهل البيت ويختلقون الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة زعم فلو كان كلامه حقاً لصحح علماء الجرح والتعديل من أهل السنة الأحاديث التي تطعن في الشيعة ولكنهم لم يفعلوا لأن تصحيح الأحاديث يخضع لضوابط ثابتة ومتفق عليها عند علماء الحديث من حيث المتن والسند وليست حسب الأهواء والكذب الرخيص الذي هو من سمات أهل الطاعن ، إضافةً إلى أنه أفرد باباً خاصاً في ذكر الصحابة وفضلهم في ثلاثة فصول وابتدأ بالخلفاء الأربعة وأولهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي إشارة إلى الأفضلية والسبق في الإسلام والخلافة.



    ثم يسترسل هذا الطاعن فيقول وهذا كتاب الله يبشر عباده المؤمنين بقوله
    { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم } ويقول أيضاً { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلاً من غفور رحيم } صدق الله العلي العظيم. فكيف يتمنى الشيخان أبو بكر وعمر أن لا يكونا من البشر الذي كرّمه الله على سائر مخلوقاته!!.



    - هذه الآيات لا تنافي خوف العبد من ربه وقد ذكرنا بالفقرة السابقة ثبوت خوف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من الله.
    - وبالنسبة لقوله تعالى في سورة يونس
    { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ....} قال ابن كثير في تفسير هذه الآية : "يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون كما فسرهم ربهم، فكل من كان تقياً كان لله ولياً (فلا هم يحزنون) ، أي فيما بستقبلونه من أهوال الآخرة ولا هم يحزنون على ما وراءهم في الدنيا "..
    فالخوف في هذه الآية هو في الآخرة والصحابة جميعاً كانوا يخافون الله في الدنيا وليس في الآخرة وقوله تعالى ولا هم يحزنون أي على ما وراءهم في الدنيا، ولا شك أن خوف أبي بكر والصحابة لا يدل على أنهم يحزنون على شيء من الدنيا.
    أما قوله تعالى
    { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة....} قال ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية : "يقول تعالى ذكره إن الذين قالوا ربنا الله وحده لا شريك له، وبرئوا من الآلهة والأنداد ثم استقاموا على توحيد الله، ولم يخلطوا توحيد الله بشرك غيره به، وانتهوا إلى طاعته فيما أمر ونهى " ،، ثم أورد الإمام الطبري في تفسير الاستقامة عدة أحاديث عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، منها عن سعيد بن عمران قال: قد قرأت عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه هذه الآية { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } قال: "هم الذين لم يشركوا بالله شيئا1".
    ومن هنا نعلم أن هذه الآية المستدل بها لا تنطبق على الخليفة الأول أبي بكر، فلا يقول من عنده مسكة من عقل أن أبا بكر الذي قاتل المشركين والمرتدين وجاهدهم أعظم جهاد وحفظ لله به بيضة المسلمين يكون مشركاً فسبحانك اللهم هذا جهلٌ عظيم.



    ثم يقول هذا الطاعن : (وإذا كان المؤمن العادي الذي يستقيم في حياته تتنزل عليه الملائكة وتبشره بمقامه في الجنة فلا يخاف من عذاب الله ولا يحزن على ما خلف وراءه في الدنيا وله البشرى في الحياة الدنيا قبل أن يصل إلى الآخرة، فما بال عظماء الصحابة الذين هم خير الخلق بعد رسول الله كما تعلمنا ذلك يتمنون أن يكونوا عذرة وبعرة وشعرة وتبنة، ولو أن الملائكة بشرتهم بالجنة ما كانوا ليتمنوا أنّ لهم مثل طلاع الأرض ذهباً ليفتدوا به من عذاب الله قبل لقاه. قال تعالى { ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون } وقال أيضاً { ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون } وإنني أتمنى من كل قلبي أن لاتشمل هذه الآيات، صحابةً كباراً أمثال أبي بكر الصديق وعمر الفاروق) !!.

    أقول: فإن الآيتين اللتين سقتهما هما إخبار الله عن عذاب يوم القيامة حيث لا ينفع الندم ولا التوبة، وليس في الدنيا، ومعلوم لكل عاقل الفرق بين خوف العبد ربه في الدنيا وخوفه منه في الآخرة فقد أخرج أبو نعيم في الحلية عن شداد بن أوس، وابن المبارك في الزهد عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال قال الله عزوجل: ((وعزتي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين، إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع فيه عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع فيه عبادي)) .

    وروى مثل هذا الحديث إمام الاثني عشرية الصدوق ابن بابويه القمي في كتابه الحجة الخصال عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((قال الله تبارك وتعالى وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة)) ،، وهذا لمن له أدنى فهم لهذه الحقيقة فمن خاف الله في الدنيا أمنه يوم القيامة ولأن خوف العبد ربه في الدنيا مثاب عليه فمن جعل خوف المؤمن من ربه في الدنيا كخوف الكافر في الآخرة فهو كمن جعل الظلمات كالنور، والظل كالحرور، والأحياء كالأموات .



    ومن هذه الطعون إحتجاجهم بما رواه الإمام مالك رحمه الله أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لشهداء أحد: ((هؤلاء أشهد عليهم))، فقال أبو بكر الصديق: "ألسنا يا رسول الله إخوانهم أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا" ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي!)) فبكى أبو بكر ثم بكى ثم قال "إننا لكائنون بعدك" ....ألخ.

    والرد أن هذا الحديث مرسل ومنقطع عند جميع رواة الموطّأ، ومعلوم أن الحديث المرسل مردود عند جمهور المحدثين والفقهاء للجهل بحال الراوي فيفقد شروط الصحة، وحجة عند أبي حنيفة ومالك وأحمد في الراجح من مذهبه.

    أما بالنسبة لشرح الحديث فهو خلاف ما اخترعه هذا الطاعن حسب فهمه المقلوب فإن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ((هؤلاء أشهد عليهم) أي بالإيمان والبذل في سبيل الله فلما قال ذلك سأله أبو بكر الصديق: "ألسنا يا رسول الله إخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا؟" فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (بلى!) أي أنتم مسلمون مثلهم ومجاهدين في سبيل الله ولكن لا أدري ما تحدثون أي لا أعلم ما سوف تفعلون بعد وفاتي وأبو بكر لم يسأله عن نفسه ولكنه سأله بصيغة الجمع، فأجاب بنفس الصيغة أنه لا يعلم ما سيكون بعده ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلم الغيب أي ما سيحدث في المستقبل وبعد مماته إلا بما أخبره به الله سبحانه وتعالى يقول الله سبحانه وتعالى
    { قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله، ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء أن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون } ، فبكى أبو بكر لأنه علم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيفارقهم وذلك واضح في قول أبي بكر "أئنا لكائنون بعدك" أي سنعيش بعدك يا رسول الله وبالطبع لم يبك لأنه يعلم أنه سيحدث بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم !!



    لو كان تفسير الآيات وفهم النصوص النبوية
    يعتمد على الأهواء والكذب الرخيص لكانت حجج المستشرقين أقوى من حجج هؤلاء الطاعنون ولأصبح الطعن بالكتاب والسنة حجة لكل أبله مثله والعجيب أنه يقول في كتابه فكتاب الله صامت، وحمّال أوجه، وفيه المحكم والمتشابه ولا بد لفهه من الرجوع إلى الرّاسخين في العلم حسب التعبير القرآني وإلى أهل البيت حسب التفسير النبوي .

    فهل رجع هذا الطاعن في فهم الحديث إلى أهل البيت؟ وعلى أضعف الإيمان هل رجع إلى الراسخين في العلم حتى تفهم معنى الحديث؟ وإذا قلت أن الحديث مرو عن طريق أهل السنة فإما أن ترفض الحديث أو ترجع فيه لشرح علماء أهل السنة مرغماً وإليك شروحهم ..



    هذا وقد شرح الموطأ لمالك مجموعة من أهل العلم لا بد لنا أن نأتي بأقوالهم وشروحهم لهذا الحديث:

    - يقول الزرقاني : ((هؤلاء أشهد عليهم)) بما فعلوه من بذل أجسامهم وأرواحهم وترك من له الأولاد أولاده فقال أبو بكر الصديق "ألسنا يا رسول الله بإخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا " فلم خص هؤلاء بشهادتك عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (بلى أنتم إخوانهم) ألخ ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي فلذا خصصتهم بالشهادة المستفادة من حصر المبتدأ في الخبر بقوله هو لا أشهد عليهم فبكى أبو بكر ثم بكى كرّره لمزيد أسفه على فراق المصطفى ثم قال "أئنا لكائنون" أي موجودون بعدك استفهام تأسف لا حقيقي لاستحالته من أبي بكر بعد أن أخبره النبي صلى الله عليه وآله وسلم .



    - يقول ابن عبد البر : ومعنى قوله: ((أشهد عليهم)) أي أشهد لهم بالإيمان الصحيح والسلامة من الذنوب الموبقات، ومن التبديل والتغيير، والمنافسة في الدنيا، ونحو ذلك والله أعلم.
    وفيه من الفقه دليل على أن شهداء أحد ومن مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبله أفضل من الذين تخلفهم بعده والله أعلم.
    وهذا عندي في الجملة المحتملة للتخصيص، لأن من أصحابه من أصاب من الدنيا بعده وأصابت منه، وأما الخصوص والتعيين، فلا سبيل إليه إلا بتوقيف يجب التسليم له.
    وأما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين تخلفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعده، فأفضلهم: أبو بكر وعمر، على هذا جماعة علماء المسلمين إلا من شذ، وقد قالت طائفة كثيرة من أهل العلم: إن أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر وعمر لم يستثنوا من مات قبله ممن مات بعده ،، ثم قال : وأما قوله ((أنا أشهد لهؤلاء)) وأنا شهيد لهؤلاء ونحو هذا فقد روى هذا اللفظ ومعناه من وجوه ثم ساق عدة روايات ومنها هذه الرواية . وأخبرنا خلف بن القاسم، قال حدثنا ابن أبي العقب، حدثنا أبو زرعة، حدثنا الحكم بن نافع أبواليمان، حدثنا شعيب عن الزهري، أخبرني أيوب بن بشير الأنصاري عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين خرج تلك الخرجة استوى على المنبر فتشهد، فلما قضى تشهده كان أول كلام تكلم به: ((أن استغفر للشهداء الذين قتلوا يوم أحد،)) ثم قال: ((إن عبداً من عباد الله خيّر بين الدنيا وبين ما عند ربه فاختار ما عند ربه)) ففطن بها أبو بكر الصديق أوّل الناس وعرف إنما يريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نفسه، فبكى أبو بكر فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((على رسلك سدوا هذه الأبواب الشوارع في المسجد إلا باب أبي بكر، فإني لا اعلم امرءاً أفضل عندي يداً في الصحبة من أبي بكر)) .

    ثم يقول بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد شك في أبي بكر؟ فيا للعجب!



    -يقول الإمام الباجي : وقول أبي بكر رضي الله عنه "ألسنا يا رسول الله باخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا" على وجه الإشفاق لما رأى من تخصيصهم بحكم كان يرجوا أن يكون حظه منه وافراً وأن يكون حظ جميع من شركه فيه من الصحابة ثابتاً فقال أن عملنا كعملهم في الإيمان الذي هو الأصل والجهاد الذي هو آخر عملهم فهل تكون شهيداً لنا كما أنت شهيدا لهم فقال صلى الله عليه وآله وسلم بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي، قال قوم إن الخطاب وإن كان متوجهاً إلى أبي بكر فإن المراد به غيره ممن لم يعلم صلى الله عليه وآله وسلم بما آل حاله وعمله وما يموت عليه وأما أبو بكر رضي الله عنه فقد أعلم أنه من أهل الجنة، والنبى صلى الله عليه وآله وسلم شهيد له بذلك لظاهر عمله الصالح ولما قد أوحي إليه وأُعْلِمَ من رضوان الله تعالى عنه ولكنه لما سأل أبو بكر واعترض بلفظ عام ولم يخص نفسه بالسؤال عن حاله كان الجواب عاماً، وقد بيّن تخصيصه بأنه ليس ممن يحدث بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً مما يحبط عمله بما تقدم وتأخر عن هذا الحال من تفضيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم له واخباره بما له عند الله من الخير وجزيل الثواب وكريم المآب.



    قال القاضي أبي الوليد رضي الله عنه ويحتمل عندي وجهاً آخر، وهو أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((هؤلاء أشهد عليهم)) بما شاهدت من عملهم في الجهاد الذي أدى إلى قتلهم في سبيل الله ولذلك لم يقل أنه شهيد لمن حضر هذا اليوم وقاتل وسلم من القتل كعليّ وطلحة وأبي طلحة وغيرهم ممن أبلى ذلك اليوم، ومن هو أفضل من كثير ممن قتل ذلك اليوم، لكنه خصّ هذا الحكم بمن شاهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم جهاده إلى أن قتل، ويكون على معنى هذا قوله لأبي بكر رضي الله عنه: بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي، لم يرد به الحدث المضاد للشريعة وإنما أراد به جميع الأعمال الموافقة للشريعة والمخالفة لها، فيكون معنى ذلك أن ما تعملونه بعدي لاأشاهده، فلا أشهد لكم به وأن علمت أن منكم من يموت على ما يرضي الله من الأعمال الصالحة، إلاّ أنها لم تعين لي فيقال لي أنه يجاهد في الموطن كذا وأن الواحد منكم يقتل زيداً أو يقتله عمرٌ، وكما شاهدت من حال هؤلاء، فلذلك لا أكون شهيداً لكم بنفس الأعمال وتفصيلها، كما أشهد على تفصيل عمل هؤلاء وأن شهدت لبعضكم بجملة العمل بالوحي واعلام الله، فعلى هذا يكون قوله: ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي متوجّهاً إلى جميع الصحابة من أبي بكر وغيره.

    وقوله: فبكى أبو بكر ثم بكى ثم قال أئنا لكائنون بعدك، يريد أنه أطال البكاء وكرره وأظهر معنى بكائه بقوله: أئنا لكائنون بعدك كأنه للإشفاق من البقاء بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإنفراد دونه وفقد بركته ونعمة الله على أمته به، وهذا يدل على أنه قد فهم أبو بكر رضي الله عنه من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي أنه لا يخاف أو يجوز أن يكون من أبي بكر حدث يضاد الشريعة ويخالف به من أجله عن سبيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن بكاءه لذلك كان أولى له وكان حكمه على ذلك بأن يقول ائنا لمحدثون بعدك حدثاً يصد عن سبيلك ونخالف به طريقتك ولما لم يقل ذلك ولا بكى من أجله وإنما بكى من أجل فراقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبقائه بعده علمنا أنه فهم منه ما قدمنا ذكره والله أعلم فهذا هو قول أهل العلم في هذا الحديث والذي يظهر جلياً مدى جهل هذا الطاعن بفقه الحديث وتحامله على الصحابة العظام.



    أما قوله : فقلت: إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو أول من شك في أبي بكر ولم يشهد عليه لأنه لا يدري ماذا سوف يحدث بعده ،، فأقول:

    - قد ظهر واضحاً لكل عاقل من خلال الشروح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقصد أبا بكر الصديق بقوله: ((لا أدري ما تحدثون بعدي)).
    ولكن كلامه عام على جميع الصحابة بخلاف هؤلاء الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

    - من المسلم به أنّ اليقين لا ينتفي بالشك، ومن المعلوم يقيناً أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شهد لأبي بكر بالجنة في الكثير من الروايات، منها ما رواه الترمذي والطبراني في الكبير عن عائشة قالت: أن أبا بكر دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال ((أنت عتيق الله من النار)) ، وفي الحديث الذي رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري في جزء منه فجاء أبو بكر فدفع الباب، فقلت من هذا؟ فقال: أبو بكر . فقلت على رسلك، ثم ذهبت فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن، فقال: ((ائذن له وبشِّرْهُ بالجنة)). فأقبلتُ حتى قلتُ لأبي بكر: ادخُل ورسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يبشِّرك بالجنةِ وأخرج الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((أبو بكر في الجنة)) و....الخ



    وأخرج الترمذي أيضاً عن علي بن أبي طالب قال: "كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ طلع أبو بكر، وعمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((هَذَان سيِّدا كهول أهل الجنة، من الأولين والآخرينَ، إلاالنَّبينَ والمُرْسلينَ))، يا عليُّ: لاتُخْبِرهُما" ، وقد أثبت الله لهذا الصحابي الجليل الصحبة لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى
    { إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا...} ،، ففي الآية فضل أبي بكر الصديق لأنه انفرد بهذه المنقبة حيث صاحب رسول صلى الله عليه وآله وسلم ، في تلك السفرة ووقاه بنفسه ولهذا قال سفيان بن عيينة وغيره: "إن الله عاتب الخلق جميعهم في نبيه إلا أبابكر".
    وقال: "من أنكر صحبة أبي بكر فهو كافر، لأنه كذَّب القرآن".



    ثم يدع بعد ذلك هذا الطاعن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد شك في أبي بكر! ولكن من خلال هذه الأدلة من الكتاب والسنة يعلم طالب الحق يقيناً لا شكاً أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي شهد لأبي بكر بالجنة لا يشك به قطعاً وإلا لكان هذا تناقضاً منه وحاشاه ذلك فيكون قوله : لا أدري ما تحدثون بعدي. على سبيل اليقين والرؤية كما عاين ورأى شهداء أحد.

    ثم يقول : فمن حقي أن أشك وأن لا أفضّل أحداً حتى أتبيّن وأعرف الحقيقة، ومن المعلوم أن هذين الحديثين يناقضان كل الأحاديث الواردة في فضل أبي بكر وعمر ويبطلانها، لأنهما أقرب للواقع المعقول من أحاديث الفضائل المزعومة: قال الحاضرون وكيف ذلك؟ قلت: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يشهد على أبي بكر وقال لو إنني لا أدري ماذا تحدثون بعدي! فهذا معقول جداً وقد قرّر ذلك القرآن الكريم والتاريخ يشهد أنهم بدّلوا بعده ولذلك بكى أبو بكر وقد بدّل وأغضب فاطمة الزهراء بنت الرسول كماسبق وقد بدل حتى ندم قبل وفاته وتمنّى ألا يكون بشراً.

    أما الحديث الذي يقول لو وزن إيمان أمتي بإيمان أبي بكر لرجح إيمان أبي بكر فهو باطل وغير معقول: ولا يمكن أن يكون رجلاً قضى أربعين سنة من عمره يشرك بالله ويعبد الأصنام أرجح إيماناً من أمة محمد بأسرها، وفيها أولياء الله الصالحين والشهداء والأئمة الذين قضوا أعمارهم كلها جهاداً في سبيل الله، ثم أين أبو بكر من هذا الحديث؟ لو كان صحيحاً لما كان في آخر حياته يتمنى ألا يكون بشراً.
    ولو كان إيمانه يفوق إيمان الأمة ما كانت سيدة النساء، فاطمة بنت الرسول ص، تغضب عليه وتدعو الله عليه في كل صلاة تصلِّيها .!!!!!



    - قوله :
    (أن هذين الحديثين يناقضان كل الأحاديث الواردة في فضل أبي بكر وعمر ويبطلانها من أشد أقواله عجباً!)

    فلست أدري على أي مبدأ استند في إبطال أحاديث صحيحة؟ فالحديث الذي يستند عليه هذا الطاعن هو حديث مرسل كما بينت سابقاً في حين أنه يرى ضعف الحديث المرسل ففي مكان آخر من كتابه يحتج على أهل السنة بحديث يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي تراه يضعّف حديث كتاب الله وسنتي بحجة أنه حديث مرسل!؟ فيقول بالهامش: ( أخرج مسلم في صحيحه والنسائي والترمذي وابن ماجه وأبي داود في سننهم الحديث المذكور بلفظ كتاب الله وعترتي مسنداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    أما لفظ سنتي فلم يرد في أي من الصحاح الست، وأخرج الحديث بهذا اللفظ مالك بن أنس في موطّئه ونقله مرسل غير مسند !!!، وأخذ عنه بعد ذلك البعض كالطبري وابن هشام ونقلوه مرسلاً كما ورد عن مالك فكيف يحتج هنا بالحديث المرسل على بطلان الأحاديث الصحيحة المسندة؟!)

    السبب بسيط أنه يريد أن يظهر حقيقة إنصافه المزعوم وتلاعبه المأثوم بالقراء الكرام فمرحا بالهداية!



    - يبدو أن هذا الطاعن عنده من الشجاعة العلمية في إثبات الأحاديث التي يهواها فتتحول إلى أحاديث مسندة في نظره، أما الأحاديث التي تثبت فضائل الصحابة فليس عنده هذه الشجاعة العلمية في نقدها سنداً ومتناً فتتحول بدون مقدمات إلى أحاديث باطلة ولو كانت من أصح الأسانيد!
    وأقول: إذا كانت كل الأحاديث التي تذكر فضائل أبي بكر باطلة فأظن أن شهادة الله سبحانه بفضل أبي بكر وتقواه وبصحبته النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليست باطلاً!؟ فشهادة الله هذه لأبي بكر تقتضي أن أحاديث فضائل أبي بكر صحيحة وهذه قضية منطقية ومعقولة جداً، لأن من شهد الله له بالتقوى والطهارة لا بد أن يشهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك.



    - أما قوله : أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يشهد على أبي بكر وقال له إنني لا أدري ماذا تحدثون بعدي.

    قلت: بل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شهد لأبي بكر في هذا الحديث عندما قال له أبو بكر "ألسنا يا رسول الله إخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا؟!" فقال له: (بلى!) فهذه شهادة منه صلى الله عليه وآله وسلم بذلك ولكنه استدرك بأنه لا يعلم ما سيكون منهم على سبيل الرؤية والتعيين بالإضافة إلى أن سياق الجملة لا يستساغ بلاغياً فكيف يقول هذا الطاعن أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يشهد على أبي بكر ويقول له أنني لا أدري ما تحدثون بعدي، فكيف يخاطب أبا بكر بصيغة الجمع وهو مفرد، بل لأن أبا بكر خاطبه بصيغة الجمع واعترض بلفظ عام ولم يخص نفسه بالسؤال عن حاله، كان الجواب عاماً وعلى أقل تقدير أن يكون هو من ضمن المخاطبين، وبما أننا علمنا أن علياً بن أبي طالب كان من المقاتلين في أحد ولم يستشهد فيها فعلى ذلك لا بد أن يشمله الخطاب لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلم ما سيحدث له بعده مثله كمثل بقية المخاطبين فكل ما بناه هذا الطاعن الوبيّ على هذا الحديث من الطعن على أبي بكر وعمر يدخل فيه علي!! فهذا معقول جداً؟!



    أما قوله : وقد قرر ذلك القرآن الكريم والتاريخ يشهد أنهم بدّلوا بعده...
    !!!

    فهذا من أقبح الكذب إذ كيف يقرر القرآن أن الصحابة بدلوا ؟!
    فأين هذه الآيات التي تدل على هذا التخرص ؟ فلو كانت عنده بينة لأتى بها اللهم إن كان
    يقصد مصحف فاطمة؟! وأما إذا ادعى أنه بيّن هذه الكذبة في فصل رأي القرآن في الصحابة فقد دحضت افتراءاته بحول الله تعالى وفضله منه بما يقنع كل من يريد الحق ويرتضيه وأما بالنسبة لما قرره القرآن حقاً فيتضح في قوله تعالى { لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون، أعدّ الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم } ،، فأسأل هذا الطاعن هل هؤلاء المذكورون في الآية هم علي وابناه الحسن والحسين اللذان لم يكونا قد بلغا الحلم؟؟
    بالإضافة إلى الثلاثة أو السبعة الذين يبقي البعض على صحبتهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عدا جميع الصحابة وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير؟!
    وهل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم جاهد المشركين في بدر والذين وصل تعدادهم إلى ألف مقاتل، وفي أحد وكانوا ثلاثة آلاف مقاتل، وغيرها من الغزوات بهؤلاء النفر الذين لم يتجاوزوا العشرة يا أيها الطاعن؟ وقوله تعالى
    { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم } ، فنسأل هذا الطاعن من هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار؟!..
    هل هم علي والسبعة المرضيون عندكم؟!!

    سبحان الله !! فوالله لست أدري كيف يُهدى البعض إلى عقيدة تخالف النقول وتهين العقول؟!

    فأسأل الله الكبير المتعال أن يقينا شرور هؤلاء المرجفين وشرور ما يرددون من أباطيلهم وجميع المسلمين اللهم آمين.



    -يقول الله سبحانه { للفقراء المهاجرين الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون، والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شحّ نفسه فؤلئك هم المفلحون } ،، وإنني لن أسأل هذا الطاعن فيمن تعنيهم هذه الآية وسأوفر عليه الجواب وسأدع الإمام الرابع عند الاثني عشرية وهو عليّ بن حسين يجيب عن ذلك.
    روى عليّ بن أبي الفتح الأربلي في كتابه كشف الغمّة في معرفة الأئمة عن علي بن الحسن أنه قدم عليه نفر من أهل العراق فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فلما فرغوا من كلامهم، قال لهم: "ألا تخبروني أنتم
    { المهاجرون الأولون الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون }؟ قالوا: لا، قال: فأنتم { الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة }؟ قالوا: لا، قال: أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم{ والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا } أخرجوا عني فعل الله بكم" !
    فهذا هو قول الإمام الرابع فيمن نزلت فيهم هذه الآيات، وهو يرد على من أغلقت عقولهم وعمّيت أبصارهم، فأخذوا يطعنون بأبي بكر وعمر وعثمان فأخرسهم بهذه الآيات البينات.



    - وأما قوله : أما الحديث الذي يقول (لو وزن إيمان أمتي بأيمان أبي بكر) فهو باطل وغير معقول ولا يمكن أن يكون رجلاً قضى أربعين سنة من عمره يشرِك بالله ويعبد الأصنام أرجح إيماناً من أمة محمد بأسرها..ألخ
    وللإجابة على ذلك أقول:
    - يلاحظ القارئ أن هذا الطاعن أبطل حديثاً لا لشئ سوى
    أن عقله الواعي لا يقبله، فمعنى ذلك أن علم الجرح والتعديل علم لا قيمة له لأن العقل هو الحاكم الذي يحكم على الحديث بالقبول أو الرد، وهذا يعني أيضاً أنه لو اختلق البعض أحاديث مدعياً أنها من فم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم واستساغتها عقول بعضهم لأصبحت أحاديث صحيحة؟! وهذا القول سيفتح الباب على مصراعيه للمستشرقين وأفراخهم للطعن بالسنة بحجة أن عقولهم الصدئة لا تستسيغ أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بفضل العلم الجديد الذي استحدثه هذا الطاعن في قبول الأحاديث أو ردها؟! فابحث أخي القارئ بعد ذلك عن دينك؟؟!



    - أما الحديث( لو وزن) ... فهو حديث موقوف على عمر فقد رواه أسحاق بن راهويه والبيهقي في الشعب بسند صحيح عنه ورواية عن عمر هذيل بن شرحبيل، وهو عند ابن المبارك في الزهد، ومعاذ بن المثنى في زيادات مسند مسدد، وكذا أخرجه ابن عدي في ترجمة عيسى بن عبد الله من كامله، وفي مسند الفردوس، معاًمن حديث ابن عمر مرفوعاً، بلفظ: (لو وضع أيمان أبي بكر على إيمان هذه الأمة لرجح بها) ، وفي سنده عيسى بن عبدالله بن سليمان، وهو ضعيف، لكنه لم ينفرد به، فقد أخرجه بن عدي أيضاً من طريق غيره بلفظ: (لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجحهم). وله شاهد في السنن أيضاً، عن أبي بكرة مرفوعاً: (أن رجلاً قال: يا رسول الله، رأيت كأن ميزاناً أنزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت، ثم وزن أبو بكر بمن بقي فرجح)، ، وعلى ذلك إن كانت هذه الرواية في رفعها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ضعف ولكن حديث أبي داود يشهد لها بالصحة وعلى العموم فأبو بكر الصديق من أكثر الناس إيماناً وتقوى وصلاحاً!



    - أما قوله : ولا يمكن أن يكون رجل قضى أربعين سنة من عمره يشرك بالله ويعبد الأصنام أرجح إيماناً من أمة محمد بأسرها، وفيها أولياء الله الصالحين والشهداء والأئمة الذين قضوا أعمارهم كلّها جهاداً في سبيل الله .

    وجواب ذلك من وجوه:
    - كيف علم هذا الطاعن أن أبا بكر
    قضى أربعين سنة يشرك بالله ويعبد الأصنام !! ، فهل جاء ببينة على دعواه هذه بدل أن يتقيأ هذا الكذب الذي استمرأه؟
    فإن احتج أنه لم يكن أحد مؤمناً قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكانوا يعبدون الأصنام ولا شك أن أبا بكركان واحداً منهم.
    قلت: وكذلك الصبيان كانوا يعبدون الأصنام كعليّ لأن الصبي المولود بين أبوين كافرين يجري عليه حكم الكفر باتفاق المسلمين وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ((ما من مولودٍ إلا يولد على الفطرة، فأبواه يُهوَّدانه، أو ينصِّرانه، أو يمجِّسانه، كما تُنْتَج البهيمة بهيمةً جمعاء، هل تُحسون فيها من جَدْعاء)) ، وإن ادّعى هذا الطاعن أن كفر الصبي ليس مثل كفر البالغ، قلت ولا إيمان الصبي مثل إيمان البالغ، فإسلام أبي بكر مخرجاً له من الكفر باتفاق المسلمين، وأما إسلام علي فهل يكون مخرجاً له من الكفر علي قولين مشهورين ومذهب الشافعي أن إسلام الصبي غير مخرج له من الكفر بالإضافة إلى أن أبابكر لم يتلعثم عند إسلامه فعن محمد بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ((ما عرضّت الإسلام على أحد، إلا كانت له عنده كبوة وتردد، غير أبي بكر، فإنه لم يتلعثم )) والغريب في الأمر أن الشيعة الاثني عشرية يروون أن علياً تردّد في قبول الإسلام وطلب الإمهال من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقال ... (إن هذا مخالف دين أبي، وأنا أنظر فيه؟)



    - أما بالنسبة لعبادة أبي بكر للأصنام ؛ فإنه لم يثبت أنه سجد لصنم قط قال أبو بكر رضي الله عنه في مجمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "ما سجدت لصنم قط، وذلك أني لما ناهزت الحكم أخذني أبو قحافة بيدي فانطلق بي إلى مُخدع فيه الأصنام ، فقال لي: هذه آلهتك الشمّ العوالي، وخلاّني وذهب، فدنوت من الصنم وقلت: إني جائع فأطعمني فلم يجبني، فقلت: إني عار فاكسني فلم يجبني، فألقيت عليه صخرة فخرّ لوجهه" ،، فكيف يدعي إذاً هذا الطاعن على أبي بكر أنه قضى أربعين سنة يشرك بالله ويعبد الأصنام!؟...
    وبالنسبة لعلي وأنه سجد لصنم أم لا فليس عندنا نقل يثبت ذلك فلا نجزم بعدم سجوده للأصنام ولأنّ أهل قريش كانوا يسجدون للأصنام الرجال والنساء والصبيان!



    - ولو فرضنا أن أبا بكر مكث أربعين سنة يشرك بالله ويعبد الأصنام فما من شك أن المشرك إذا تحول للإسلام فإن الله يغفر له ما قد سلف كما يقول الله سبحانه
    { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } ،، وفي الحديث الطويل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر عمرو بن العاص عندما جاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد الإسلام ولكنه إشترط أن يغفر الله له فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟)).... فاعتناق الإنسان للإسلام يَجُبُّ ما اقترفه وأصابه ويمحوه.



    - وهذه الحقيقة يؤكدها أيضاً الإمامية فقد روى إمامهم الكليني في كتابه أصول الكافي تحت باب ( أنه لا يؤاخذ المسلم بما عمل في الجاهلية) فعن أبي جعفر عليه السلام قال : "إنّ ناساً أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعدما أسلموا فقالوا: يا رسول الله أيؤخذ الرجل منا بما كان عمل في الجاهلية بعد إسلامه؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (من حسن إسلامه وصحَّ يقين إيمانه لم يؤاخذه الله تبارك وتعالى بما عمل في الجاهلية، ومن سَخُفَ إسلامه ولم يصحّ يقين إيمانه أخذه الله تبارك وتعالى بالأوّل والآخر)" .. وحتى هذا الطاعن نفسه يعترف بهذه الحقيقة فيقول وليست لي أي عداوة لأبي بكر ! ولا لعمر ولا لعثمان ولا لعلي ولا حتى لوحشي قاتل سيدنا حمزة ما دام أنه أسلم والإسلام يجب ما قبله وقد عفى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!؟
    فكيف يؤاخذ أبو بكر على جاهليته، والإسلام بجب ما قبله؟ الجواب واضح وهو أنه ليست له أي عداوة لأبي بكر؟؟!



    - أنه ليس كل من ولد على الإسلام بأفضل ممن أسلم بنفسه كأبي بكر وعمر، بل قد ثبت بالنصوص المستفيضة أن خير القرون القرن الأول وعامتهم أسلموا بأنفسهم بعد الكفر، وهم أفضل من القرن الثاني الذين ولدوا على الإسلام.

    - أما إدعاؤه أن أبا بكر لا يمكن أن يكون أرجح إيماناً من أمة محمد وفيها أولياء الله الصالحين والشهداء والأئمة الذين قضوا أعمارهم كلها جهاداً في سبيل الله.
    قلت: لا يشك أي منصف أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه من كبار أولياء الله الصالحين والأئمة المهتدين الذين قضوا أعمارهم كلها جهاداً في سبيله فهو من أحب وأقرب الناس إلى سيد الأولياء والصالحين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لدرجة أنه كان يغضب لمن يؤذي أبا بكر فقد أخرج البخاري فيى صحيحه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إذ أقبل أبو بكر آخذ بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتيه، قفال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أما صاحبكم فقد غامر، فسلّم وقال: يا رسول الله، إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيءٌ، فأسرعت إليه ثم ندمتُ، فسألته أن يغفر لي فأبى علىَّ، فأقبلت إليك. فقال: يغفر الله لك ياأبابكر ثلاثاً . ثمّ إن عمر ندم، فأتى منزل أبي بكر فسأل: أثمَّ أبو بكر؟ فقالوا: لا. فأتى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فجعل وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتمعَّرُ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم مرتين .
    فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبتَ، وقال أبو بكر: صدقَ، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟)) ، مرتين ، فما أوذي بعدها.

    وعن أبي عثمان قال حدّثني عمرو بن العاص رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحبُّ إليك؟ قال: ((عائشة)). فقلت من الرجال؟ قال: ((أبوها))، قلت ثم من؟ قال: ((ثم عمر بن الخطاب)، فعدّ رجالاً.

    وهذا رأي عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أيضاً، فعن محمد بن الحنفية وهو ابن عليّ قال قلت لأبي: أي الناس خيرٌ بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال: أبو بكر. قلت ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.



    وكان أبو بكر أكثر الصحابة عملاً للصالحات فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن أطعم اليوم مسكيناً؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما اجتمعن في امرئٍ إلا دخل الجنة إضافة إلى شهوده جميع الغزوات مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومباشرته الأهوال التي كان يباشرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أول الإسلام إلى آخره، ولم يجبن ولم يحرج ولم يفشل، وكان يقدم على المخاوف، يقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه، يجاهد المشركين تارة بيده وتارة بلسانه وتارة بماله، وهو في ذلك كله مقْدِم.

    وعن علي رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدرٍ ولأبي بكر: مع أحدكما جبريل، ومع الآخر ميكائيل، وإسرافيلُ ملكٌ عظيم يشهد القتال أو يكون في القتال.



    فبعد هذه الأدلة الواضحة يتّضح لكل طالب للحق أن أبا بكر كان من كبار أئمة الدين وأوليائه الصالحين، المجاهدين في سبيل الله، ولعل هذا الطاعن لا يقتنع بهذه الحقائق الواضحة فاضطر لإيراد رأي أحد كبار الأئمة الاثني عشرية لتصبح الحقائق دامغة وحجةً على المكابرين والمعاندين وسلسبيلاً للمطمئنين ، فقد أورد أبي الحسن الأربلي الاثني عشري في كتابه كشف الغمة عن عروة بن عبد الله قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن حلية السيوف، فقال: لا بأس به، قد حلّى أبو بكر الصديق رضي الله عنه سيفه، قلت: فتقول: الصديق؟ قال: فوثب وثبة واستقبل القبلة وقال: نعم الصديق، نعم الصديق، نعم الصديق فمن لم يقل له الصديق فلا صدّق الله له قولاً في الدنيا ولا في الآخرة فهل يرتدع هذا الطاعن ويكفينا إيراداً للأدلة المكذوبة؟!



    ....


    التعديل الأخير تم بواسطة [مِسعَرُ حَرب ; 31-1-2012 الساعة 01:22 PM

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...