-: تأثير الدين في التخصصات العلمية :- محاضرة قيّمة للشيخ محمد بن صالح المنجد

[ المكتبة الإسلامية ]


النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1
    مبتغي الخير
    [ ضيف ]

    افتراضي -: تأثير الدين في التخصصات العلمية :- محاضرة قيّمة للشيخ محمد بن صالح المنجد

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له.
    و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله.
    -( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتنّ إلا و أنتم مسلمون )-
    -( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ و خلق منها زوجها و بث منهما رجالاً كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحامَ إن الله كان عليكم رقيباً )-
    -( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله و قولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )-
    أما بعد:
    فيسرني أن أقدّم لكم من باب نشر الخير :-
    -[ تأثير الدين في التخصصات العلمية ]-

    .:. للتحميل و الاستماع إضغط على الصورة أو عنوان المحاضرة أعلى الصورة .:.
    -[-]- فوائد و عناصر من المحاضرة لا تغني عن إستماعها -[-]-


    -- أمرَ اللهُ بالنَّظر و التفكّر و التدبّر :
    فقال [ أَفَلَا يَرَوْنَ ] – من الآية 89 من سورة طه ، و من الآية 44 من سورة الأنبياء - .
    و قال [ أَفَلَا يَنظُرُونَ ] – من الآية 17 من سورة الغاشية - .
    و قال [ أَفَلَا يَسْمَعُونَ ] – من الآية 26 من سورة السجدة - .
    و قال [ أَوَلَمْ يَرَ ٱلْإِنسَـٰنُ أَنَّا خَلَقْنَـٰهُ مِن نُّطْفَةٍۢ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌۭ مُّبِينٌۭ ] – الآية 77 من سورة يسن - .
    و قال [ إِنَّ فِى ذَ‌ٰلِكَ لَءَايَـٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ ] – من الآية 3 من سورة الرعد ، و من الآية 21 من سورة الروم ، و من الآية 42 من سور الزمر ، و من الآية 13 من سورة الجاثية - .
    و قال [ إِنَّ فِى ذَ‌ٰلِكَ لَءَايَـٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَعْقِلُونَ ] – من الآية 4 من سورة الرعد ، و من الآية 12 من سورة النحل ، و من الآية 24 من سورة الروم - .
    -- الإسلام دينُ العلم ، دينُ البيّنات ، دينُ البراهين ، دينُ الحق ، و ما سوى العلم فهو ظن ، و الظن لا يغني من الحق شيئاً ( 1 ).
    -- أهل العلم هم صفوة الخلق ، قال تعالى [ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ وَأُو۟لُوا۟ ٱلْعِلْمِ قَآئِمًۢا بِٱلْقِسْطِ ] – من الآية 18 من سورة آل عمران - .
    -- و العلم المحمود هو : الذي يورث خشية الله تعالى ، كما قال سبحانه [ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَـٰٓؤُا۟ ] – من الآية 28 من سورة فاطر - .
    -- و أهلُ العلم هم أهلُ العقول الوافية و الأحلام الكاملة الذين يُميّزون ما ينفعُ مما يضر ، قال تعالى [ وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْعِلْمَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ] – من الآية 54 من سورة الحج - ، فهم أسرع الناس إدراكاً للحق و إيماناً به .
    -- و أشرف العلوم : الوحي ، و هو الذي أثنى الله على أهله كما قال سبحانه [ لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًۭا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُوا۟ عَلَيْهِمْ ءَايَـٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا۟ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَـٰلٍۢ مُّبِينٍ ] – الآية 164 من سورة آل عمران - ، فأشرف العلوم ما علّمه النبي صلى الله عليه و سلم للناس .
    -- و خير ما يُتفقّه فيه : هذا الدين ؛ كما قال النبي صلى الله عليه و سلم { مَنْ يرد الله به خيراً يُفقّهه في الدين } – من حديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم 70 - ؛ و لذلك كان طلب العلم الشرعي واجباً على الجميع ، أصحابِ التخصصات المختلفة ( 2 ) .
    فهذا العلم : الذي يُنجّي صاحبَه يوم القيامة ، و العلوم الأخرى خادمة للدين ، ناصرة للدين ، و هي العلوم النافع ، و هذه العلوم المتعلّقة بالكون الذي خلقه الله ، و الأرض و ما فيها مما بثّه الله من دابة ، أو ركز فيها من معادن ، و ما جعل فيها من النباتات ، مما في ظاهرها و ما في باطنها ، و ما يتعلّق بجسد الإنسان و ما يتعلّق بالجماد كالفيزياء و الكيمياء ، و غير ذلك ، فهذه العلوم خادمة للدين ناصرة له ، رافعة لشأن المسلمين ، مقوِّية لهم ، يَكُفُّ بها أصحابُها وجوههم عن السؤال ، و تكون من أسباب طلب الرزق و هذا مطلب شرعي .
    و بالرغم من أن البشرية تقدّمت اليوم كثيراً في مجالات الطب و الفلك و غيرها : يبقى هذا العلم علماً دنيوياً قابلاً للخطأ و الصواب ، و يبقى ظاهراً من الحياة الدنيا فلا يمكن أن يغني عن علوم الآخرة ؛ و لذلك قال تعالى [ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ] -- من الآية 85 من سورة الإسراء -- ، و قال [ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيا ] -- من الآية 7 من سورة الروم -- ، فهذا العلم و إن تقدَّم فيه الكفار فإنه لا يُنجيهم يوم الدين ، قال تعالى [ وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ] -- من الآية 7 من سورة الروم -- .
    -- يجب أن تكون هذه الأمة الإسلامية أقوى أمة في العالم ؛ لأنها تجمع بين علم الكتاب و السنة و هو العلم الذي يُنجّي في الأخرة و يُسعِد في الدنيا ، و بين علوم الدنيا التي تجلب القوة ( القوة الزراعية و الصناعية و الجسدية ) ؛ لأن الله أمرها بذلك ، قال تعالى [ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ] -- من الآية 60 من سورة الأنفال -- .
    قال الإمام الزُّهْري رحمه الله :
    كان من مضى من علمائنا يقول ( الإعتصام بالسنة نجاة ، و العلم يُقبَض قبضا سريعاً ، فَنَعشُ العلم - أي إنتعاشُه و رِفعتُهُ - ثباتُ الدنيا و الدين ، و ذهابُ العلماء ذهاب ذلك كلِّهِ ) . ( 3 ) .
    -- الدينُ يضبط العلوم : فيقول أن هناك علوماً علوماً محرَّمة كعلم السحر و الموسيقى مثلاً ، كم أن هناك عوماً مباحة و علوماً واجبة ، و يَـحُـدُّ مِنَ الطغيان العلمي ( 4 ) .
    -- العلم الدنيوي لا يكفي للإهتداء للحق ، و لا يوصل بالضرورة إلى الإيمان الذي يُنجي الإنسان في الآخرة .
    لكن يهدي اللهُ بعض الناس من المخترعين و المكتشفين و علماء الدنيا بما يتوصلون إليه من العلوم : إلى أن للكون خالقا و أن للخالق نظاما و دينا أنزله للبشر ، فيدلّهم علمهم إلى الحق من جهة المبادئ العامة ، أما التفصيلات فلا يمكن معرفتها إلا من الكتاب و السُّنَّة .
    -- عندما يكون الدين رائد الإنسان يتحكّم فيه حتى في تخصّصّه و توجهّه العلمي :-
    فمثلاً : يستحيل أن يتخصّصَّ مسلم في تخصّصّ يقوم على إعادة الروح إلى الجسد ؛ لأن المسلمَ يعلمُ يقيناً أنه لا يمكن أن تعود الروح بعد خروجها و قد قال تعالى [ فَلَوْلَآ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ﴿٨٦﴾ تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ ] - من سورة الواقعة - ، و قال تعالى [ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌۭ ۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةًۭ ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ] - من الآية 34 من سورة الأعراف - .
    كما يستحيل أن يتخصّص مسلم في تخصّص يدرس جعل الخلايا لا تشيخ و تبقى شابّة ( القضاء على الهرم ) ، و أن لا يصيب الإنسان أمراض و لا عوارض ، و قد قال تعالى [ كُلُّ نَفْسٍۢ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ] - من الآية 185 من سورة آل عمران ، و من الآية 35 من سورة الأنبياء ، و من الآية 57 من سورة العنكبوت - .
    -- فالدين يوجّه المسلم ، أما الكافر فما عنده ضوابط فكل شيء في نظره ممكن ، فيُنفق الكفار في ذلك أموالاً طائلة ، كفكرة إقامة مستعمرات بشرية في المريخ ! ، و الله عز و جل يقول [ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ] - الآية 25 من سورة الأعراف - ، فيستحيل أن يقبل مسلم بهذه الفكرة .
    -- الدين الإسلامي يوجّه طالب التخصّص ألا يكون - مثلاً - تجارياً بحتاً ، إنما يكون عنده أخلاقيات و أمانة و دين ، فلا تتحوّل تخصّصات حسّاسة كالطب مثلاً إلى تخصّصات تجارية بحتة ؛ لأن في ذلك خيانة للأمانة و إسرافاً و ضرراً ، و كذلك لا يمكن لطبيب مسلم أن يُعارض نصّا من الوحي مثلاً : كأن يُعارض أن في العسل شفاء ، و قد جاء عن أبي سعيد الخدري أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أخي يشتكي بطنه ، فقال " إسقه عسلاً " ، ثم أتى الثانية ، فقال " إسقه عسلاً " ، ثم أتاه فقال : قد فعلتُ ؟ ، فقال صلى الله عليه و سلم " صدق الله و كذب بطن أخيك ، إسقه عسلاً " فسقاه فبرأ ( 5 ) .
    و لا يمكن لمسلم أن يعارض قول النبي صلى الله عليه و سلم " في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام " ( 6 ) .
    -- بل إن الدين يُوجّه الأبحاث العلمية فإذا انطلق المسلم من الدين : ساعد ذلك في توجيه الأبحاث العلمية .
    -- للدين تأثير على الطب :-
    قال النووي رحمه الله [ و أما العلوم العقلية فمنها ما هو فرض كفاية كالطب ] .
    و قال الشافعي رحمه الله [ لا أعلم بعد الحلال و الحرام أنبل من الطب ، إلا أن أهل الكتاب غلبونا عليه ] ، و قال لائماً أهل الإسلام على تفريطهم في الطب [ ضيعوا ثلث العلم و وكلوه إلى اليهود و النصارى ] .
    فموقف علماء الشريعة من العلوم الدنيوية موقف إيجابي ، بخلاف ما ينشره العلمانيون و المنافقون .
    -- ذَكَرَ الشيخ حفظه الله أمثلة تفصيلية على تأثير الدين في جملة من التخصصات العلمية [ الطب كمثال ]:-
    -- تأثر طالب الطب بالدين في دراسته كبير : فالضوابط الشرعية التي يجعلها الإسلام في حياة الطبيب المسلم لها أثر كبير سواء في الدراسة أو الممارسة أو في أثناء التلقي أو بعد التخرّج و العمل :
    = و من آثار ذلك الإتقان ، و قال صلى الله عليه و سلم " مَنْ تطبّب و لم يُعلم منه طِبُّ فهو ضامن " ( 7 ) .
    = و من آثار ذلك مقاومة تحوّل القضيّة إلى متاجرة .
    = و من آثار ذلك الأمانة في وصف الدواء .
    = و من آثار ذلك مراعاة مسألة حجاب المرأة و عدم الإختلاط ما أمكن ، و تصميم المستشفيات و إداراتها على أساس الفصل بين الجنسين ، و تقديم الطبيبة المسلمة عند العلاج ثم الطبيبة الكافرة ثم الطبيب المسلم ثم الطبيب الكافر ، و عند الرجال العكس .
    = و مراعاة ما يجوز كشفه و لا يجوز كشفه و الكشف على حسب الحاجة و عدم الزيادة على الجاحة .
    = و مراعاة حاجة المرأة و مراعاة الأخلاقيات و عدم الخلوة لا بالممرضة و لا بغيرها و عدم النظر و اللمس عند عدم الحاجة .
    = و مراعاة عدم تعلّق المريضة نفسياً بالطبيب .
    = و احتساب الطبيب المسلم أجر زيارة المرضى و أداؤه لمهامه .
    = و النظر في كون الراتب حلال .
    = و التفقّه و طلب العلم الشرعي ، و تلقين المحتضر ، و الإلمام بالطب النبوي ، و معرفة أنواع الصرع ، و عدم إنكار وجود الجن ، و الإذعان للشريعة .
    = و التماسُ الفتوى من أهل العلم و التعاون مع طلبة العلم في ذلك ، و الرجوع إلى العلماء في المسائل و شرحها .
    = و لا ينفي - الطبيب المسلم - الرقية الشرعية و العلاج بالأذكار ، و يحارب المشعوذين و الدجّالين و المخادعين و الذين دخلوا مجال الطب لخداع الناس .
    = و معرفة ما يلزم تغييره في الإنسان ، و ما هو من قبيل الزيادة في الحُسْنِ ؛ لئلا يدخل في حديث النبي صلى الله عليه و سلم " المتفلِّجاتُ للحُـسْـنِ " ( 8 ) ، و قوله تعالى على لسان إبليس [ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ] - من الآية 120 من سورة النساء - .
    = و رفع معنوات المريض و الإهتمام بالنفسيّات و عدم جعل المرضى حقل تجارب فهذا لا يجوز .
    = و الإستئذان قبل إجراء عملية و المحافظة على أسرار المرضى .
    = و استعمال الطب في الدعوة إلى الله ، و مجابهة حملات التنصير عبر الطب .
    = و تنبيه الطبيب على المحاذير في الألفاظ كقولهم " يا فلان اشفني " ، فالطبيب يُعالج و لا يشفي .
    = شرحُ الآيات التي تُبيّن قدرة الله في خلق الإنسان ( و ينتج عن ذلك تعظيم الله عز و جل ) و التفكّر في خلق الله .
    = الحذر من الإنزلاق مع الكفار في الغرور بالمكتشفات في التلاعب بالجينات و استئجار الأرحام و بنوك الحليب و بنوك الحيوانات المنوية ، فينظر الطبيب إلى ذلك بمعيار الشرع من حلال و حرام ، و قواعد الشريعة .
    -- و للدين تأثير على علم الصيدلة ، و من ذلك :
    = النظر في الأدوية : و ما هو طاهر منها و ما هو نجس ، و ما يجوز و ما لا يجوز في اشتقاق الأدوية : فمثلاً هل يجوز أخذ دواء من ميتة ، أو من خنزير ، أو من حيوان غير مأكول اللحم ؟ و هل يجب أن يُذكّى قبل الأخذ منه أو لا يجب ؟
    = و حكم إذابة الأدوية في الكحول ؟ و ما هي أنواع الكحول ؟ و ما حكم ما يُسكر كثيره من الكحول ؟ و هل هناك مواد أخرى يُمكن الإستغناء بها في الإذابة ؟ و هل هذه البدائلُ محرّمة ؟
    = إقحام الخمور في الدواء و خطورة ذلك ، و قد قال صلى الله عليه و سلم " ما أسكرَ قليله فكثيره حرام " ( 9 ) .
    = الحذر من أدوية من الممكن أن تولِّد عِللا أخرى ، و قال صلى الله عليه و سلم " إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرّم عليها " ( 10 ) ، فقد يزعم ناس أن في الخمر علاجاً ، لكنه يولّد عِللا أخرى فالعبرة بالحكم الشرعي .
    -- لابد من الرجوع لفتاوى العلماء كمثل تحريم استعمال الإنسولين المستخرج من لحم الخنزير ، و قد ثبت تحريم التداوي بالمحرّمات .
    أو تحريم كبسولات الأدوية المستخرجة من ميتة لحم الخنزير من جلده أو عظامه .
    و لا عبرة بكون الخنزير رخيص في استعماله في الأدوية .
    أو الجلاتين في الأودية : هل يُستخرج من جلد حيواني مذبوح بالطريقة الشرعية ؟ .
    -- لابد أن يعرفَ صاحبُ تخصّص الصيدلة معنى الإستحالة شرعا عند الفقهاء ، فهي :
    أن يستحيل و يتحوّل إلى شيء آخر يختلف في تركيبه تماماً أو في صفاته عن الشيء الأول ، كتحوّل الميتة إلى ملح : هل يصير طاهراً أو يبقى على الأصل ؟
    و كتحوّل العين المحرّمة إلى مادة أخرى مباحة : هل هو داخل في التحريم ؟
    قال ابن القيّم :
    [ إذا زال وصفُ النجاسة عن العين زالَ أثره ؛ و قد نبش النبي صلى الله عليه و سلم قبور المشركين من موضع مسجده و لم ينقل التراب .
    و قد أجمع المسلمون على أن الدابة إا عُلِفَت بالنجاسة ثم حُبسَت و عُلِفَت بالطاهرات : حلَّ لَبَنُها و لَحمُها ] ( 11 ) .
    و الطيّب إذا استحال نجساً كطعام البشر إذا استحال إلى نجاسة .
    فالإسم تابعٌ للحكم ، و الوصف دائر معه وجوداً و عدماً .
    و من الكتب المؤلّفة في ذلك " تحريم الأعيان المحرّمة " .
    -- موقف الصيدلي المسلم من قضية تجربة الأدوية مع تديّنه و خوفه من الله ، فلا يستغل المعاقين و المجانين في تجربة الأدوية .
    -- التدقيق في الشعارات كشعار الثعبان الملتف حول عصى : فالمسألة هنا مرتبظة بآلهة عند الإغريق يُقدّسون الثعبان و يعتبرونه رمزاً للحياة و الحكمة و الشفاء و يُعرَف بإله الطب عن الإغريق - تعالى الله عن ذلك - .
    و لمّا صارت الشعارات العالمية أُخذ الشعار من الإغريق فيجب على المسلم تجنّب هذه الشعارات .
    -- و من تأثير الدين في الهندسة :
    = عدم الغش في المواصفات و الأمانة فيها و في غيرها .
    = التحكيم الهندسي .
    = أثر حديث النبي صلى الله عليه و سلم " لا ضرر و لا ضرار " ( 12 ) .
    = تأثير آيات كثيرة في كتاب الله كقوله تعالى [ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ] - من الآية الثانية من سورة الرعد - ( 13 ) .
    و قوله تعالى [ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ] - الآية 32 من سورة الأنبياء - .
    = عدم تصميم مسلم لكنيسة أو أمكان محرمة ، كالنوادي الليلية و مصانع الخمور و المصارف الربوية ، فينظر المسلم إلى أصل فكرة التصميم و لأجل ماذا ؟ .
    = هندسة المدن : بالبداءة ببناء مسجد فيها أو مساجد و الإهتمام بموضع المسجد في المدينة و الحي و جعلها مركزيا فيها و في غيرها ، و الإهتمام بالأولويات في المرافق .
    -- في الرياضيات : قد تخاغ بعض الفقرات في الرياضيات العشوائية بحيث تُشعر القارئ بالتعارض مع القضاء و القدر فيحتاج إلى توضيح .
    -- إستكشاف المنكرات الموجودة في المناهج لبيان الحكم الشرعي فيها ، و تصحيح المفهومات الموجودة في بعض العلوم على ضوء الشريعة .
    -- عند التصميم لا يبدأ المصصم الفكرةَ مِنْ صورة محرّمة .
    -- أثر تخصّص الجغرافيا في تحديد إتجاه القبلة ، و تعيين جهة القبلة داخل الشقق السكنية بعلامة تدل على ذلك .
    في تخصص الكيمياء و الفيزياء ينتبه المسلم من مقولة " المادة لا تفنى و لا تُستَحدَث " ، و حكم هذه المقولة : راجع فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتاب " ألفاظ و مفاهيم في ميزان الشريعة " الصفحة 27 ، أو الصفحة 221 من الطبعة الثالثة لكتاب " الفتاوى الشرعية في المسائل العصرية من فتاوى علماء البلد الحرام " جمع الشيخ خالد بن عبد الرحمن الجريسي .
    -- و في مسألة خصائص النار أو البرودة يُؤمن المسلم أن الله قادر على سلب النار مثلاً خاصيتها كما قال تعالى [ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامَا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ] .
    -- ثم تحدّث الشيخ بالتفصيل عن تأثير الدين في تخصصات أخرى كالفلك و التسويق و المحاسبة .
    جزى الله الأخ الفاضل مصمم صورة الموضوع .
    و نسأل الله تعالى أن ينفع بالمحاضرة أكبر عدد من الناس .
    و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العلمين .

    ======================[ هوامش ]=:-
    ( 1 ) قال تعالى [ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ] – الآية 36 من سورة يونس -
    و قال تعالى [ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ] – الآية 28 من سورة النجم - .
    ( 2 ) طبيباً أو مهندساً أو فلكياً أو صيدلياً أو من أصحاب الدراسات الإجتماعية أو النفسية أو الإدارية أو المالية .
    ( 3 ) فأمة الإسلام أولى الأمم بالتفوق العلمي ، و ما حدث لها مِنْ تأخّر و تخلّف في هذه المجالات الدنيوية إنما هو بسبب ضعف الدين عندها ، فلو كان أمر الدين قوياً لفاقت غيرها في أمور الدنيا .
    ( 4 ) كالطغيان عند الماديين حيثُ قالوا إنهم سقف العالَم و رأسُ الحضارة و قُوّاد الأمم و النهاية للتاريخ .
    حتى اغترّوا فزعموا أن ليس بينهم و بين إكتشاف ما يؤدّي إلى الموت ؛ ليتخلّصوا منه - بُغيَة الخلود - : إلا شيء يسير !!
    و قالوا : " نحن على أبواب ثورة كبيرة في الكتشفات تمكننا من الوصول إلى الخلود ، و سننزع كلَّ المورِّثات التي تُسبِّب الأمراض و سنتوصّل إلى أسرار الخليّة التي تجعلها دائماً شابة ، فلن يكون هنالك هرم و لن يكون هنالك موت " !!
    و إذا عرضتَ هذا على الدين فإنه يرفضه رفضاً قاطعاً ؛ لأن النبي صلى الله عليه و سلم أخبر " أن الله أنزل لكل داء دواءً إلا الهرم " ليس له دواء و لا علاج و لا مانع - الحديث صحيح و قد أخرجه الحاكم في المستدرك بلفظ " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُنْزِلْ دَاءً، إِلا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، إِلا الْهَرَمَ، فَعَلَيْكُمْ بِأَلْبَانِ الْبَقَرِ، فَإِنَّهَا تَرُمُّ مِنْ كُلِّ شَجَرٍ " - .
    و عندما يكون العلم الدنيوي عند ناس لا يخافون الله و لا يعرفون الآخرة فلا شك أنه سيصيبهم بالطغيان و سيؤدي بهم إلى رفض دعوة الرسل ؛ كما قال تعالى [ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ] - الآية 83 من سورة غافر - .
    ( 5 ) أخرجه البخاري برقم 5684 ، و مسلم برقم 2217 ..
    ( 6 ) أخرجه البخاري برقم 5688 ، و مسلم برقم 2215 .
    ( 7 )حديث حسن ، رواه أبو داود برقم 4586 ، و النسائي برقم 4830 ، و ابن ماجه برقم 3466 ، و الحاكم في المستدرك وقال " هذا حديث صحيح الإسناد و لم يُخرجاه " .
    ( 8 ) من حديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم 4886 عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال " لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ، وَالْمُوتَشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ " .
    ( 9 ) حديث صحيح أخرجه أبو داود برقم 2681 ، و الترمذي في جامعه برقم 1865 .
    ( 10 ) رواه الإمام الذهبي في المعجم الكبير بإسناد قوي 1 / 106 .
    ( 11 ) في مسألة الجَـلاّلَة لابد من ربطها بحكمها الشرعي في الإسلام ، و كيف إذا تغذّى حيوان على نجاسة ثم حُبس ثم تغذى بشيء طاهر : كم المدة اللازمة ليحل أكل لحمها بعد تذكيتها ؟ .
    ( 12 ) حديث صحيح رواه الإمام مالك في الموطأ و الإمام أحمد في المسند و اين ماجه في سننه و الحاكم في المستدرك و قال هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم و لم يخرجاه .
    ( 13 ) فيها قولان :
    أن الله رفع السماء بغير أعمدة أصلاً .
    أن الله رفع السماء بأعمدة غير مرئية .
    التعديل الأخير تم بواسطة مبتغي الخير ; 26-1-2012 الساعة 02:47 PM

  2. #2

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: -: تأثير الدين في التخصصات العلمية :- محاضرة قيّمة للشيخ محمد بن صالح المنجد

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    جزاكم الله خيرا أخي الفاضل ومرحباً بك

    نفعنا الله وإياكم بما تعلمنا

  3. #3
    مبتغي الخير
    [ ضيف ]

    افتراضي رد: -: تأثير الدين في التخصصات العلمية :- محاضرة قيّمة للشيخ محمد بن صالح المنجد

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عُــمَر مشاهدة المشاركة
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    جزاكم الله خيرا أخي الفاضل ومرحباً بك

    نفعنا الله وإياكم بما تعلمنا
    آمين ، و أنت من أهل الجزاء أخي الفاضل ...
    و نسأل الله تعالى أن يستعملنا و إياكم في طاعته
    وفّقكم الله لما يحب و يرضى

  4. #4


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: -: تأثير الدين في التخصصات العلمية :- محاضرة قيّمة للشيخ محمد بن صالح المنجد

    شكر الله لك أخي الكريم طارق ونفع بك

    وهداك وأرشدك للحكمة أنت وولي أمرك


    في رعاية مولاي

  5. #5
    مبتغي الخير
    [ ضيف ]

    افتراضي رد: -: تأثير الدين في التخصصات العلمية :- محاضرة قيّمة للشيخ محمد بن صالح المنجد

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة From Earth مشاهدة المشاركة
    شكر الله لك أخي الكريم طارق ونفع بك

    وهداك وأرشدك للحكمة أنت وولي أمرك

    في رعاية مولاي
    آمين ...
    و لكم بمثل ما دعوتم .

  6. #6

    الصورة الرمزية سميد

    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المـشـــاركــات
    33,763
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: -: تأثير الدين في التخصصات العلمية :- محاضرة قيّمة للشيخ محمد بن صالح المنجد

    وعليكم سلام
    جزاك الله كل حير احوي على طحك الطيب
    بارك الله فيك
    والله يحفظك من كل مكرووه
    سلامي

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...