بسم الله الرحمن الرحيم..
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
هذه مذكرّات حجي المتأخرة.. أعرف أن المسابقة انتهت.. لكني أرغبُ في الكتابة :)
كتبتُ مقتطفات فقط.. حيثُ أني نسيت كثيرًا مما حدث هناك
أرجو لكم قراءة ماتعة..
. .
حجتي الأولى هذه السنة، كانت مع والدي ووالدتي وأخي.. حفظهم الله
[ما قَبْل الرحيل..
في الليلة التي تسبق السفر لم أستطع النوم..
كنتُ -لأن من عادتي التسويف- لم أغلق حقيبتي وأنهِ تجهيز أمتعتي.. فعكفتُ على ذلك تلك الليلة
وقتها كنت أتذكر توصيات جدتي لوالدتي: خليها تاخذ ملابس أكمام طويلة.. وتتستر :)
وحين أغلقت حقيبتي.. كنتُ لا أنفك أتردد عليها لأحشو أي مكان فارغ بأشياء نسيتها وأشياءٌ أرغب في أخذها
وهكذا إلى ما قبل الفجر بساعة.. أويتُ إلى سريري واستسلمتُ للنوم..
[ يوْمُ السَّفر..
الساعة الخامسة والنصف..
- اصصصصصصحييييي السواق يستنى عند الباب!!!!
كان صراخ أمي.. أقصد كانت توقظني من النوم..
صحوت فزعة لا أدري ما الأمر..
أنهيتُ استعدادي بسرعة كبيرة وودعتُ من في المنزل و.. ركبتُ السيارة..
كانت الساعة السادسة صباحًا،،
السماء كانت سماويّة، والشمس تطل على استحياء
وقتها.. كان يملأ قلبي حزنٌ عميق..
لا أدري! لكن الفراق والمغادرة أمرٌ مؤلم جدا
انطلقنا للمطار
كنتُ أرقب قرص الشمس يرتفع شيئًا فشيئًا وأتأمل شوارع الرياض الفارغة وقلبي يردد بحزن بيتًا أحبه..
(قفا ودّعا نجدًا ومن هلّ بالحمى.. وقلَّ لنجدٍ عندنا أن يودعا)
..في المطار..
ذهبت أمي وأخي ولم أهتم بسؤالهم أين.. تركوني أنتظر قليلًا
استغللت الفرصة لتفريغ بعضٍ من الدموع التي كانت تتزاحم في عيني وتزعجني!
عادت والدتي ومعها صديقتها وابنها.. أول مرة أراها..
"تذكرتُ حينها رواية المجاهد الصغير، وشعرت أننا لاجئين أفغان لا أعلم لمَ!"
أنهينا الإجراءات المعتادة وتوجهنا للطائرة..
جلستُ في المنتصف بجوار والدتي وأخي لم يكن بجوارنا..
لم أبعد عيني عن النافذة.. صحيحٌ أنني كنتُ بعيدة عنها لكني أستطيع رؤية الأرض..
وسماء الرياض..
بكيتُ كثيرًا حين ارتفعت الطائرة..
بكاء وداع وخوف :)
وقت الإفطار!
وهل يوجد أحدٌ يرغب أن يدخل شيئًا في فيه؟
أصرّت أمي أن آكل فأكلت رغما عني..
كان الطعام مالحًا أكثر من اللازم.. بسبب دموعي هه -.-
وصلنا لمنطقة الميقات..
توجهتُ لدورة المياه لأبدّل النقاب
لم أعرف كيف أرتدي الغطوة! فتكفّلت والدتي بالأمر
وصلنا لجدة..
دورة المياه مكتظّة بالنساء!
انتظرتُ دوري ربما قرابة الساعة أو الساعة والنصف..
انتهينا وتوجهنا للحافلة الخاصة بالحملة..
لم تكن ممتلئة فأخذت مقعدين متجاورين.. كانت صديقة والدتي قريبة مني..
سألتني: تبين تفاحة؟ أخبرتها أنني لا أريد.. وشكرتها
انتظرنا طويلًا قبل تحرّك الحافلة
وقتها أدركتُ فائدة رائعة للغطوة.. ابكِ قدر ما تشائين ولن يدري عنكِ أحد :)
كنت نَعِسة وبحاجة ماسّة للنوم.. وجدت طريقة للنوم في المقعدين.. كانت مُتعبة جدا لكن لم أشعر بما حولي
في الطريق استيقظتُ على شرطي فوق رأسي يطلب تراخيص الحج
سويت نفسي ميتة من الإحراج =))
تحركت الحافلة مرة أخرى وأكملتُ نومي
أرض مكة
صحوتُ أخيرًا وجلستُ جلسة "حرمة راكدة" وأخذتُ أنظر من النافذة.. مشاعر غريبة
أناس كُثر! وقوف الحافلة ليعبر أشخاص من أمامها..
ومنى!
الخيام البيضاء التي لم أتخيّل يومًا أنني سأدخلها!
يا الله!!
مشاعر لا توصف..
كان الوقت ظهرًا وقد جعت قليلًا.. أخرجت (كب كيك) من حقيبتي وأكلته
وصلنا المخيّم
دخلتُ مع والدتي الخيمة التي سنقيم فيها..
جلستُ على سرير وأخذت أتأمل من فيها.. لم يكن عددنا كبير، غالبهن نسوة
وفتاتين غيري
كنتُ أتأمل بصمتٍ من سأشاركهم مأكلهم ومشربهم وأنام وأصحو معهم لأسبوع كامل..
نسيت ما حدثَ في باقي اليوم وما يليه..
لكنّي كنتُ منتظمة أصحو فجرًا مثلهن.. وأنام قبلهن
لأنهن لم يكنّ يَنَمْنَ كثيرًا، في الساعة الواحدة ويصحون فجرًا!
كنتُ أصلي العشاء وأنام..
نصحوا فجرًا.. والإفطار ربما الساعة السابعة نسيت..
كان معنا سيّدة تايلندية لا تفتأ تعطيني موزًا في كل حين :)
[ يَوْم عرفة..
في الصباح كنتُ أسأل والدتي:
- يمه آخذ معي ملابس؟
طيب مفرش ووسادة؟
طيب أكل؟
طيب موية؟
- ترى مب رايحين لمقطعة!!
فيه كل شيء هناك مثل هنا..
أعطتني والدتي سوارًا أصفر أضعه على معصمي.. كان تذكرة القطار
قبل الظهر ركبنا القطار..
وتوجهنا لعرفة,,
طبعًا تجربتي الأولى في ركوب القطار :)
كان جميلًا جدا واستمتعت بتلك التجربة! ^^
وصلنا عرفة..
الجو كان حارًا جدا لا يطاق!
وكنتُ متحمسة ومرتدية ملابس بأكمام طويلة ومن القطن الثقيل..
دخلنا خيمة كبيــــــــــــــــــــــرة جدا جدا
كان فيها مكيفات لو وقفتُ أمامها لطارت بي
تمنيتُ أن أتبرد لكن الوقوف أمامها بعد الحر الشديد ليس جيّدًا
مع الجلوس في المكان البارد بدأت أشعر باعتدال الجو ثم البرد..
غفوت قليلًا بعدها تناولنا الغداء..
وقتُ العصر كثر لغط النساء وثرثرتهن!
توقفت امرأة وتحدّثت عن فضل عرفة.. و"نزرتهم" حتى استحن على وجوههن وأغلقن أفواههن..
. .
يوم عرفة كان يومًا يجعلك تخجل من ربك..
وتغرب الشمس وأنت تشعر أنك أصبحت نظيفا نقيًّا طاهرًا
كأن قلبك غُسل بماء زمزم..
مشاعر لا توصف.. أبدًا
. .
توجهنا لمحطة القطار مرة أخرى
وانطلقنا لمزدلفة..
المبيت في مزدلفة كان رائعًا..
صحيح أن الجو باردًا، لكن أن تتأمل السماء وتتنفس هواءًا نقيّا..
ثم تنام
كان إحساسًا لطيفًا :)
[ يومُ العيد!
صحونا نصلّي الفجر..
وبقينا في مزدلفة حتى طلعت الشمس..
حين أردنا المغادرة نسيت حذائي البلاستيكي المفضل لدي..
ولم أذكره إلا حينما ابتعدنا ولم نعد لأجله..
حزنتُ عليه فقد كنتُ أحبه..
ونحن نمشي للمحطة
عبرت بجاورنا سيارة مسرعة ومشت على علبة ماء محدثة صوت انفجار.. فكانت النتيجة أن ارتجفتُ رعبًا وجاء الماء كله على عباءتي..
شعرتُ بقرفٍ شديد!
الطرقات كانت مزدحمة جدا جدا..
وكانوا قد أغلقوا بوابات المحطات نظرًا لامتلاء القطارات بالناس..
توقفنا عند البوابات ننتظر..
ربما نصف ساعة!
ولا داع لذكر إزعاج السيارات بآلات التنبيه!!
كان خلفي رجل يبصق على الأرض كل حين!
شعرتُ وقتها برغبة في البكاء حزنًا على حالي البائس
وقتها.. عبر مجموعة من الرجال..
حوالي عشرون رجلًا.. يحملون رجلا ويدفعون من حولهم ويصرخون..
"معنا مريض معنا مريض"
بغض النظر عن حالة الفوبيا من سقوط المرضى وإغمائهم وخوفي من الوجود في حادثة أو مكان به مريض..
في أثناء سيرهم بين الناس دفعني من يمشي أمام موكبهم -وهو رجل طويل عريض-!
وكدتُ أقع على الأرض..
ثارت ملاسنة بين الرجال استنكارًا لفعلة هؤلاء القوم..
خفتُ كثيرًا وبكيت..
عبروا وهدأ المكان..
فُتحت البوابات..
وفتح البوابات يعني تدافعًا وازدحامًا يجعل أقدامك ترتفع عن الأرض..
يحركك الناس بدفعهم..
كنتُ أمسك يد أخي بقوة لكن موجة الناس أبعدتني عنه..
تجاوزنا البوابة
وجدتُ نفسي وحيدة لا أدري أين أهلي..
بكيتُ خوفًا ولم أدر ما أفعل..
حتى هاتفي نسيت أنه في حقيبتي..
سرعان ما وجدني أخي والحمدلله..
اجتمعنا بأبي وأمي وتوقفنا لننتظر فتح البوابة الأخرى، التي تؤدي للقطار..
كنت في حاجة ماسّة لمناديل أجفف بها ما سال
لم أكن أملك واحدا ولا أحدًا ممن معي..
تلفتُ حولي لأجد بجواري امرأة.. طلبتُ منها منديلًا وأعطتني.. وكثّرت :)
فعلا فرّجت لي فرّج الله عنها.. آمين
. .
مع كثرة الأحداث والمشي والوقوف في الشمس والحر كنتُ أشعر بعطش شديد..
وكلمّا رأيتُ أحدًا يشرب ماءًا ذكرتُ اسم الله خشية من أن يسقط من طوله
صِدقًا كنتُ بحاجة لقطرة ماءٍ على الأقل :(
فُتحت البوابة أخيرًا وبدأ التدافع مجددا..
كان أشد من سابقه
شعرتُ وقتها أنني سأموت اختناقًا.. و"فغصًا"!
نطقتُ الشهادتين حينها :)
بحمدالله تجاوزنا البوابة وعادت الروح
انتظرنا مجددا فترة طويلة حتى ركبنا القطار..
كان مكتظًا.. كل ما كنتُ أفكر فيه: ماذا لو انتهى الأوكسجين ولم أستطع التنفس!
أحسست أن الطريق أصبح أطول من المعتاد وخفت حقا..
كُنا نرغب في الذهاب لمنى لنرمي الجمرات..
لكن الازدحام الشديد جعلنا نتراجع..
وصلنا لمنى حيثُ المخيّم..
.. أسوأ يوم عيدٍ مرّ علي!
نمتُ حتى الليل..
استيقظت لأرى الجميع يرتدي ثياب العيد.. و"مدهرين"
تأسفت على حالي.. استحميت وارتديت ثيابي وجلستُ أتأمل..
في الليل ذهبنا لمنى ورمينا الجمرات..
حين عدنا نمت نومًا عميقًا..
[ اليوم الحادي عشر وعدّة أيام أخرى..
مللتُ من الاستيقاظ في وقت مبكر!
الوقت لا يكفي للنوم..
أيقظوني فجرًا لكني أكملتُ نومي حتى الساعة العاشرة..
حين صحوت أحضرت لي والدتي إفطارًا.. تناولته وجلست..
كنتُ قد وصلتُ حدّي من الاحتمال..
لم تعجبني تلك العيشة :(
صحيح أن الوضع ممتع وهناك لحظات جميلة
لكن السرير لم يكن مريحا تماما وكنتُ قد مللت من طعامهم..
والنوم والاستيقاظ على وجوه ناسٍ غرباء!
في العصر أحضرن تفاحًا وبرتقالًا كعادتهن..
طلبتُ من أمي أن تقطعه لي بحجة أني لا أعرف..
قطعَتْها لي مكعبات.. وضعتُ عليها سكرًا وعصير برتقال..
حين بدأت آكل قالت لي إحداهن: اوه أنتِ عملتيها "فروت سَلاد"
ابتسمتُ لها وأكملتُ فاكهتي ثم توجهتُ لسريري وأعطيتهن ظهري وسرحت بخيالي بعيدًا..
نسيت متى ذهبنا للرمي مجددا لكني وقتها أخذت علبة ماءٍ لي وأخرى لأمي..
طبعًا والدي وأخي لم يكن معهم ماءًا فتقاسمناها.. فعلًا العطش هناك شديد!
المرة الأخيرة لرمي الجمرات ملأت حقيبتي بعلب الماء حتى أصبحتُ كأني أحمل أثقالا معي..
المشكلة أن أخي كان معه ماءًا..
ووالديَّ لم يشربوا أبدًا! :(
. .
[ اليوم الأخير :)
النساء اللاتي في خيمتنا.. جميعهن ليست هذه المرة الأولى لهن في الحج..
وجرّبن التعب الشديد في الطواف والسعي..
فعندما أردن الذهاب للحرم
تسلّحن بمختلف الأدوية!
فكانت حقائبهن صيديلات تجد فيها ما تريد!
عمومًا..
كنتُ أراقبهن متعجبة وكانوا يعطوني مما معهن حتى امتلأت حقيبتي الصغيرة جدا..
ودعناهن وتفرّقنا..
وداع المخيم كان يخلّف في القلب فراغا ^^"
توجهنا لمكة ودخلنا الحرم في وقتٍ متأخر من الليل..
كانت الساعة الواحدة ربما..
سعينا في السطح..
أو ربما شيء فوق السطح!
المهم أنه مكان للسعي فقط لا يوجد بجواره مطاف..
الحمدلله لم يكن متعبا أبدًا..
انتهينا وأردنا الطواف..
طلبت أن نطوف في الصحن.. "ودي أحس بالروحانية جنب الكعبة والله ودي"
والحقيقة أني بداخلي كنت أقول "ودي فيه ودي هو الأقصر" :(
طفنا فيه شوطين وكان مزدحما جدا ولم نستطع المتابعة فصعدنا للسطح..
طفنا ربما شوطين ونصف.. ولم أعد أستطيع المتابعة..
ولم أشعر بوجود قدمي.. تعبت كثيرًا..
أعطتني والدتي شيئًا لا أعلم ما هو.. دواء على هيئة حبوب للأقدام..
تناولت حبة واحدة وارتحت قليلًا..
عاودتُ المسير.. في الشوطين الأخيرة لم أعد أستطيع المشي باعتدال!
من التعب كنتُ أشعر أنني يجب أن أمشي ولا أتوقف!
وبرغبة ملحة للركض!
وكأن قدمي اعتادت على تلك الحركة.. فتركتُ أهلي ومشيتُ بسرعة حتى انتهيتُ بحمدلله..
. .
اممممم أظن هكذا انتهت رحلة الحج ^^
أرجو أنني لم أسبب لكم شيئًا من الضجر :)
شُكرًا لقراءتكم..
دمتم على خير،،
المفضلات