بسم الله الرحمن الرحيم
"أريد أن ينظر الله إلي"
نقطة انطلاق!
إني إنسان يرفع العقل قدري أو يحطه..
إني قائم الخلقة بتقرير الخالق:"لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" ،كامل الأخلاق بإخبار سيدها:"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"..
إني امرؤ ينادي في الناس:"قيمتي ليست بثوبي"..
صدر الحديث:
ما هي العلامة التجارية(الماركة)؟
إنها اسم يميز الصنف الذي ابتكره صاحبه أو طوره وجدده ،وهو إما اسم ذلك الشخص الحقيقي ،أو اسم اخترعه لنفسه ،أو اسم أراد أن تدعى به سلعته كصفة الجودة أو الجمال.
ليست كل الماركات تضع وشمها على منتجاتها ،ولكن الغالب الأعم منها يفعل ذلك.
لماذا أحرص على اقتناء الماركة أو التعامل معها؟
ببساطة لجودتها أو حسن التصميم الذي تتبعه في صياغة بضائعها ،وكله في الجودة.
لماذا يتعمد الناس إظهار العلامات في كل خَلَقٍ يرتدونه؟
لا أدري ،ولكن أعتقده غروراً وتكبراً ،وليعلم العاجزون أي لباس يلبسونه(أي مقام يقعدونه)!!
فسحة من الخطاب!
لاريب يحكم كل لبيب بسفاهة هذا الفكر وسفاهة حامله ،ولست آتٍ بغثائهم ولا ضجيجهم ،ولست هنا لأنقدهم.
ما أريده من موضوعي هنا مناداة حارة لمن أحسب فيهم عقلاً واعياً اختلط عليه في الضباب وجه الحق من بين الوجوه.
قد أعلم أن جلكم يجدني أعظّم ما ليس إلا حبة خردل ولكن ،ماجعله الله عظيماً فليس من حقي أن أحقّره!
باختصار كل الذي يحدث أمامي هو التكبر بعينه التي جاءت الآيات والأحاديث بتحريمه ووعيد فاعله بالذلة في الدنيا والآخرة.
اقتناء الشيء الجيد وتنعيم النفس بالغالي مما حببتنا مُثُلنا العليا على فعله ،قال تعالى:"وأما بنعمة ربك فحدث"
اشتر يا صاحبي من مالك الذي وهبك الله ماتشتهيه نفسك وخذ نصيبك من الدنيا ولاتسرق نصيباً من الكبر!
في النهاية إني حريص على اصطحاب متاع لا وسم للعلامة فيه ،لكي لايفهم الناس أني أغتر به أمامهم وأريد أن يعلموا من أي بقاع الأرض أقبلت به.
نقطة نقاش!
أخبرتني قريبتي أن المرض استشرى في مجتمعي وأن التي لاتعرف شانيل وجيفنشي وفيندي ولويس فيتون ولاكوست ....(مع احترامي لبنّائها) ولا" ترتز" بشيء منها لاينظر لها الناس ،فملت عليها وقلت لها:"أريد أن ينظر الله إلي"!
ردت علي:" رحمك الله إني احتقر ماذهبوا إليه ولكني أعاني ،إن جلست سألوني أو وقفت عاتبوني مالنا لانرى عليك مما نرتدي أم منعك ضيق اليد ؟ كيف وأنت موظفة تستلمين أجراً؟ تبا لك ،لا نلقى في قاموس الأعذار لك عذراً !!
وزادت:"إني أحتقر فعلهم ولكن ياصاحبي وجدت وسيلة وسطاً بيني وبينهم ،صلح يكفيني شر ثرثرة النساء"
قلت:"الباطل لامصالحة معه"
قالت:"قد جلبت خرقة مما يلبسون وفيها بصمة مما يتخيرون ،ياصاحبي وكفاني هذا سؤلهم إذ يتساءلون"
عاتبتها:"أو تفعلين الخطأ وتجدينه نصراً مؤزراً عليهم فإنك ياصاحبة الحديث لست إلا المهزومة!"
اشتكت لي:"صديقتي ابتلاها الله بلسان سليط ،وعين زائغة تطيلها خلف جدران البيوت ،ورأس فارغ ليس فيه إلا الشرايين. إني إن جادلتها كنت السفيهة وإن هاجمتها اتخذتني عدوة لها ورمتني بالشرر طول السنين ،صديقتي يا صاحبي لاتعرف من أرض البشر إلا الأسواق ،صديقتي ثور يسكتها حرف أحمر يتربع على عرش قميصي فيريحها ويريحني ،يا صاحبي حل وسط ،حل يخرسها ويحفظ ماء وجهي "
فقلت:"لاتتخذي وضع الهجوم ودافعي ،أعلم الناس أمثالها لايجدي معهم جدال ،وأسلوب الردع الممزوج بالمزاح لابأس به. إن سألتك لماذا لاترتدين قميص مانجو الذي انتشر هذه الأيام؟ قولي لها إنني حرة بنبرة ضاحكة ،إنك لم تهاجمي ولم تجادلي ودافعتِ عن رأيك بأضعف السهام"
قالت:"لا يجدي ولايفيد علاجك الذي وصفت"
"هل تسايرين الخطأ"
"بل وضعت خطاً بين مافعلت ومايفعلون فلم أسايرهم ولن أنزلق"
"الخط لايوضع بين خطأ وخطأ ،الخط فصل بين الخطأ والصواب والقليل من الخطأ خطأ"
"ولكن ماذا أفعل؟ ومايفعل أبنائي وأحفادي؟ لا اريدهم يكونون أقل من غيرهم.."
"وهذا أصل الخطأ. المكانة لاتأتي من الثياب والساعات ،قدر الإنسان يأتي بقدر ما أنجز في الحياة ليس غيره. أبناؤك إن أصابتهم العقدة لكونهم مغايرين لمن حولهم ،سيعرفون الحقيقة يوماً ،نصر الحق لايكون إلا بالحق ،وليس بحقن من الباطل تخدر الأعداء. أيتها الأخت الفاضلة يامن تقرأين حروفي وتسمعين كلامي ،كوني قوية وواجهي.. وسؤالهم لك عن ثوبك فرصة للدعوة إلى الصواب وفرصة لإسكات الأفواه الناعقة. ياسيدتي أتنادين في الأرجاء أن قد عم الخلل في المجتمع ؟ فأنت منه وباندماجك هذا واندماج تلك أصبح الصبح علينا في وضعنا هذا. والله ماعرف الصباح في الأرض قوماً خاطئين يوماً إلا وتأخر عنهم في اليوم التالي "(1)
خاتمة
قال فاتح السبيل إلى الجنة صلى الله عليه وسلم:
( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) رواه البخاري.
( بينما رجل يجر إزاره إذ خُسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة ). رواه البخاري.
قد أطال ثوبه فما نظر الله إليه ،ونحن تجاوزناه إلى علامة يراها الأعمى ،أتساءل هل سينظر الله إلي ؟
أريد الله أن ينظر إلي.
(1) القصد صباح البشرى والفتح.
المفضلات