أين انتم؟؟؟؟؟

[أنا واحد]

"بسم الله الرحمن الرحيم"
في الليل ،عدت إلى داري وأسرعت للفراش..
وعَمِي المصباح عن يميني فجأة ،فنهضت استكشف الخبر..
وسألت أخي الذي يسهر غالباً كيف غابت الأضواء..
ولم أجده..ولم أجد أحداً في البيت.

خرجت إلى باحة الحي الذي أظلم تماماً ،وبحثت عن أصحاب الليل ،غير أني لم أسمع صوتاً
ولم أشتم نفَساً ،غير أنفاس السكون الصامتة.
وتعجلت في القرار ،فتوسطت المدينة التي غادرها أهلها ،وسحبت ساقي إلى طرفها فوجدت جانبه
طفلاً ينتظر.
قال لي وحسن وجهه ينير في العتمة ،وصوته يتمايل بالغناء:"مالذي تفعله هنا؟ قد غادر قومك منذ زمن"
قلت:"أين ذهبوا ياحارس الليل؟؟ أين سافر الأهلون وتركوني؟"
فأشار إلى طريق أعرج وعر يمتلئ بانحدارات غير موزونة ،وتركته للصمت.

ووقفت على الطريق ،فوجدته مبينّاً بخطوات سائر وألفيت لدى أوله رجل أشيب له طالع منفّر
وسألته:"هل مر رفاقي من هنا؟"
قال:"نعم. اتبعهم يابني"
فتقدمت إليه ،وألقيت قدمي فيه فمشيت خطوتين ثم تراجعت والشيخ من ورائي يحضني ،ويدعمني
فاخترت أن أمضي ،ثم بدا لي أن أرجع.
وسلكته عائداً والشيخ في أوله ينظر إلي ،ودخلت مدينتي الخالية ونظرت في مآذنها فلم ترتد إلي عيني بأحد
ودخلت البيت فجلست ،ومر يومان دون أن يجيبني أحد.
واخترت أن أذهب لأصحابي ،ففعلت ماأسلفت وشجعني الشيخ على عبور الوحل إلى رفقتي ،وقطعت في الطريق أكثر من نصفه.
وآثرت العودة مرة ثانية ،ورآني الشيخ فعاتبني ومنعني سبيل الرجعة.
وتخلصت منه ببعض القوة ،واجتمعت بوحدتي في مدينة خالية.

وكان الأمر قاسياً على نفسي ،فحزمت أمري وعدت فإذا الشيخ جالس كأنه ينتظرني ،وتنهد بارتياح حين دخلت في طريقه.
وتعمقت في السَلَك العرج وتبعت خطواته خطوة من بعدها خطوة ،ووصلت إلى عمران يعيش فيه الناس ورأيت بينهم وجوه رفقتي
أمي
وأخي
وصديقي
وغيرهم
فحييتهم أجمعين ،ودخلت داري الجديدة ،وغططت في النوم حتى الصباح.
ولما أن تيقظ جسدي مكتفياً بساعات السبات التي حصدها ،نادتني أمي أن فلاناً قد مات ،فتعال نعزي فيه.
وتبعت الميت إلى حفرته.
ووعيت الصبح التالي على خبر مثله ،أن فلاناً قد مات ،ومشيت في جنازته.
وصارت زورات الزائر تثقل على أهل المدينة ،فيكرموه برجلين أو ثلاثة في كل يوم
وفزعت ،وأردت العودة لئلا أكون المذبوح التالي.
ذهبت إلى الطريق المتعرج ،ووجدت الأشيب بهيئته القبيحة ينظر إلي.
وعدوت على طول الطريق ,والتفتّ ورائي على صخب من الناس ،فرأيتهم يتبعونني
ومنعنا الرجل أن نعود لمدينتنا ,ودافعناه جميعنا حتى غلبناه ودخلنا المدينة.
ورأيت الصبي الوسيم يحفر مكاناً أسفل رجليه ويتلاشى داخله.
وكبّر الناس وهللوا ،وحملوا الحجارة ،ورأيت موكبهم - وكنت معهم - يلقيها باتجاه موحد ذاكراً اسم الله ،ويلبي دعوته.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
المصباح جانب السرير: نور الحق.
خلاء المدينة: غربة المؤمن.
الطفل الوسيم: يمثل الدنيا الجميلة.
الرجل الأشيب والطريق: الشيطان وخطواته.
المدينة الأخرة: الحياة التي لاترضي الله.
والزائر:ملك الموت.
والحجارة :جمار الحج.


"يأتي على الناس زمان القابض على دينة كالقابض على الجمر" (رواه الترمذي)
في أمان الله
إلى اللقاء...في موضوع جديد بإذن الله.

[يالبى ران]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
..
موضوع جدا رائع استمتعت بقراءته حقا ..
جزيت خيرا ..
وننتظر جديدك ..

***********************************

[مريم نبيل]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....

سبحان الله....انا حسيت انك راح تقول انو حلم بالاخير.....يعني هذا من خيالك؟

سبحان الله الله يحفظنا ويهدينا لطريق الحق والصواب دااااااااااائما....

الموضوع......رااااااااائع جدا ومفيييييييد ايضا وممتع في نفس الوقت.....

ابدعت اخي....ان شاء الله نرى لك المزيد من الكتابات الرائعة والمفيدة.....
جزاك الله خيرا وفي ميزان حسناتك ان شاء الله......موفق

[ms hagar ehab]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
مـاشاء الله موضوع خطير . .
استمتعت وانا أقرا ^ ^ . .
جزاك الله خيرا والله . . .
فعلا . . كلنا نحس بما كتبته . . .
حتى ان امي كل يوم حين اشكو لها تقول لي
:" قال عليه الصلاة والسلام "جاء الدين غريبا وسيعود غريبا .. فطوبى للغرباء " "
جزاك الله خيرا القصة رائعة + محبوكة + مؤثرة + اسلوب بلاغي راقي جدا بل رائع . .
استمتعت فلا تحرمنا يا اخي . .
شكرا جزيلا ..
وفقك الله لما يحب ويرضى
في امان الله

[miss coctail]

غالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا واحد ،، أذهلتنا بقلم سطرته أعماق قلبك ،،
استخدمت أحلى الكلمات وأقواها ،، عبرت عن قلق يعترينا ويجتاز صدورنا ،،
أفلا تبدعنا دوما بهكذا جمال وكذا خيال وهكذا إبداع ...!
سطرت بين حروفك لغزا غامضا ،، جذبتنا به لإكمال القراءة
ذاك سحر امتلكته ،، قل من امتلكه ،، فهنيئا لك هنيئا ..

دنيانا التي نحياها دنيا فانية ،، نتبع فيها ما أحببنا وما اردنا
لكن لم ولن تكون هذه الغاية من وجودنا ،، فلوجودنا سبب واحد لا ثاني ولا عاشر له
عبادة الله وحده ،، وحتى نفعل هذا نتجنب اثنان شياطين الجن وشياطين الإنس ،، وقبل هذا كله النفس
تساءلت يوما عما قد يحبب قلبي المعاصي في شهر رمضان والشياطين تصفد آن ذاك ،، فلم اجد الا نفسي وويل لنا من انفسنا
بل هي اشد وأقوى منها من شياطين الجن حتى .. فهذه بدورها تلازمنا كل أوقاتنا ،، عبثا تتركنا وعبثا تأمرنا بصالح الا ان صلحت

الخوف من زيارة الزائر لنا على حال لا نرضاه لأنفسنا ،، لو تذكرناه كل لحظة
لو تذكرنا ان الله يراقبها كل وقت ، في الصباح وفي الليل ،، عدم وجود احد معنا لا يعني ان الله لا يرى
بل يمهل ولا يهمل ،، المسارعة لجمال وسعادة دنيا فانية .. غير مهم ان لم تسارع بتزيين ما هز خالد
اعمل لآخرتك قبل مماتك ,, نعلم بل نقون بخلودنا بعد الدنيا ،، أفلا تكون أولى بكل هذا الاهتمام وهذا التفاني
ان حرصنا على سعادة خالدة أبدية فعلينا بها ،، فنسعد في الدنيا والأخرة

لا يضيق صدرنا بشيء ولا نحزن ولا نكرب .. فأمر المسلم كله خير
لنجعل حياتنا مرحبة بالزائر لشوقنا ،، فنحن أبعد ما نكون مستعدين لاستقباله
ولنضء حياتنا بمصابيح السعادة ،، فتشرق دنيانا بمافيها
ولندفع ولنردع بقلوبنا عرقلات طريق قد قررنا اتخاذه
وان أضعها الطريق فلنعلم ان الله يرى ويسمع ،، وانه غفور رحيم قريب مجيب
فيا ساكنا دارا قبل خلودك .. احالك يدعو زائرا ان جاء لا مقر منه ؟؟!!


حفظكم الله إخوتي وأخواتي في كل مكان
اللهم اعل راية الحق عاليا في كل مكان ،، وأظهرها على الباطل كله ولو كره المشركون

انا واحد ،، فعلا كم انت مبدع ،، أتوق لقراءة جديدك ،،

كوكتيل~~

[أنا واحد]

شكراً للتفاعل

اللهم اهدنا للسبيل القويم



آمين