||مسابقة تـــاريخ أمتنا|| الدولـــة المملوكيـــة ||

[ منتدى نور على نور ]


النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1

    الصورة الرمزية !Pink Lotus

    تاريخ التسجيل
    Jul 2011
    المـشـــاركــات
    3,681
    الــــدولــــــــة
    سوريا
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي ||مسابقة تـــاريخ أمتنا|| الدولـــة المملوكيـــة ||


    بسم الله والصلاة والسلام على رسولِ الله ..
    اليوم نضع بين أيديكم تقريرنا عن دولة المماليك ..
    نتمنى أن يعجبكم .. وأن يحوز على رِضاكُم ..


    - المماليـك فـي اللغـةِ العربيّـة هـم العبيـدُ أو الرّقيـق , وبخاصّـة هـم الّذيـن سبـوا ولم يُسبَ آباؤهـم ولا أمّهاتهـم. ومفـرد المماليـك مملـوك: وهـو العبـد الذّي يبـاع ويشـترى.
    (العبـد الذي سبـي أبواه يُعـرف بالعبـد القِـنِّ وليـس المملوك)
    ومـع أن لفـظ المماليك بهذا التعريف يُعتبر عامًّا على معظم الرقيق, إلا أنه اتُّخِذَ مدلولاً اصطلاحيًا خاصًا في التاريخ الإسلامي.

    - هُـم خليط مِن الأتراك والرّوم وَالأوروبّيين والشّراكسة جلبهم الحكّام ليستعينوا بهم في القرن السّادس الهجري وحتّى منتصف القرن السّابع. كان كلّ حاكم يتّخذ منهم قوة تسانده, وتدعم الأمن والاستقرار في إمارته أو مملكته, لكن في الأَصل يَرجِعُ ظُهورُ المَمَالِيكِ فِي العَالَم الإِسلَامِي إلى مَا قَبلَ دَولَتِهِم فِي مِصرَ والشام بأَمَدٍ بعيدٍ؛ إِذ اِستَخدَمَهم الخُلفَاءُ العَبَاسِيُّونَ الأَوَائِل, وَاعتمدوا عليهم في توطيد دولتهم, واستعانوا بهم في الجيش والإدارة, ومنذ أيّام الخليفة العبّاسي المشهور المأمون والذي حكم من 198هـ إلى 218هـ , وأخيه المعتصم الذي حكم من 218هـ إلى 227هـ, ففي فترة حكم هذَين الخليفتين استجلَبا أعدادًا ضخمةً من الرّقيق عن طريق الشّراء من أسواق النخاسة, واستخدموهم كفرقٍ عسكرية بهدف الاعتماد عليهم في تدعِيم نفوذهما.

    وَبذلك -ومع مرور الوقت- أصبَح المماليك هُم الأداة العسكرية الرّئيسِية -وَأحيَانًا الوَحِيدة- فِي كَثِير مِنَ البِلَاد الإِسلَامِيَّة, وَكَان أُمرَاءُ الدَّولَة الأَيُّوبِية بِوَجهٍ خَاص يَعتَمِدُون عَلَى المَمَالِيك الذِينَ يَمتَلِكُونَهم فِي تَدعِيم قُوتِهِم, وَيستَخدِمُونَهُم فِي حُرُوبِهِم, لَكِن كَانَت أَعدَادُهُم مَحدُودَة إِلَى حَدٍّ مَا, إِلَى أَن جَاءَ المَلِكُ الصَّالِح نَجمُ الدِّينِ أَيُّوب, وَحَدَثَت فِتنَةُ خُرُوجِ الخَوَارِزمِيَّة مِن جَيشِهِ, فَاضطر رَحِمَهُ الله إِلَى الِإكثَارِ مِنَ المَمالِيك, حَتى يُقَوِّيَ جَيشَهُ وَيَعتَمِدُ عَلَيهم, وَبِذَلِك تَزَايَدَت أَعدَادُ المَمالِيك جِدًّا, وَخَاصَّة فِي مصر.

    وَأَكثرَ أحمدُ بنُ طُولُون الذِي تَولَّى حُكمَ مِصرَ سنة (254هـ/868م) مِن شِراء المَمَالِيك الدَيَالِمَة, سُكَّانُ بَحرِ قِزوِين حَتَّى بَلغ عَددُهُم أَكثَر مِن 24 ألفًا, وَالتَزَم الإخشِيديُّونَ سُنّـةَ أسلافهم الطولونيين فِي جلبِ المَمالِيك الأَترَاكِ وَالاستِعَانَةِ بِهم فِي الجَيش.
    وَفِي الهِند قَامَت لَهم دَولةٌ قَبل أَن تَقومَ فِي مِصر بَعدَ أَن نَجَحَ "قُطبُ الدِّينِ أَيبَك" فِي إِنشَاء دَولَة عُرِفت بِاسم دَولَة "المُلُوكُ المَمَالِيك", وَظلت دَولَتهم قَائِمَة مُدة 84 عامًا, بدَأت عَقِبَ سُقوطِ الدَّولَة الغُورِية سنة (602هـ/689م).


    كَانَ الصَّالِحُ أَيوب -وَمَن تَبِعَه من الأُمرَاء- لَا يَتَعَاملُون مَعَ المَمَالِيك كَرَقِيق, بَل عَلَى العَكس مِن ذَلِكَ تَمَامًا. فَقَد كَانُوا يُقَربُونَهم جِدًّا مِنهم لِدَرَجَة تَكَاد تَقتَرِب مِن دَرَجَةِ أَبنَائِهِم, وَلم تَكن الرَّابِطَة التِي تَربِطُ بَينَ المَالِكِ وَالمَملُوك هِيَ رَابِطَة السَّيِّدِ وَالعَبدِ أبدًا, بَل رَابِطَةُ المُعَلمِ وَالتلمِيذ, أَو رَابِطَة الأَبِ وَالاِبنِ, أَو رَابِطَة كَبِيرِ العَائلَة وَأَبنَاء عَائِلَته. وَهَذهِ كُلهَا رَوَابِط تَعتَمد عَلَى الحُب فِي الأَسَاس, لَا عَلَى القَهرِ أَو المَادة. حَتى أَنهُم كَانُوا يُطلِقُونَ علَى السيدِ الذِي يَشتَرِيهِم لَقبَ "الأستاذ" وَلَيس لَقَبَ "السيد".
    ويشرح لنا المقريزي -رحمه اللهُ- كيف كان يتربى المملوك الصغير الذي يُشتَرى وهو ما زال في طفولته المبكّرة, فيقول: "إنّ أولَ المراحلِ فِـي حيـاةِ المملـوكِ هـي أَن يتعلّـم اللغةَ العربيّـةَ قراءةً وكتـابةً, ثم بعذ ذلك يُدفع إلى من يعلمه القرآنَ الكريمَ, ثم يبدأ في تعلّمِ مبادئ الفقه الإسلامي, وآدابِ الشريعةِ الإسلاميّةِ, ويُهتـمّ جدًا بتدريبِـه علـى الصّـلاة, وكذلك على الأذكـارِ النبويّـةِ, ويُرَاقَـب المملوكُ مراقَبـةً شديدةً مـن مؤدّبيـه ومعلّميـه, فإذا ارتكب خطأً يمسّ الآدابَ الإسلاميّةَ نُبّـهَ إِلـى ذلك, ثمّ عُوقِبَ".


    لِهذِه التربِيَة المُتَميزَة كَانَ أطفَال المَمالِيك يَنشَؤُونَ عَادَة وَهُم يُعظّمُون أَمرَ الدين الإسلَامِي جدًّا, وَتَتَكون لَديهِم خَلفِية وَاسِعَة جِدًّا عَن الفقهِ الإسلَامِي, وَتَظَل مَكَانَة العِلمِ وَالعُلَمَاء عَالِيَة جدًّا جدًّا عِند المَمالِيك طِيلَة حَيَاتِهم, وَهَذَا مَا يُفسِّر النَّهضَة العِلمِيَّة الرَّاقِية التِي حَدَثَت فِي زَمَانِ المَمَالِيك, وَكيفَ كَانُوا يُقدّرُون العُلَماء حَتى وَلَو خَالَفُوهُم فِي الرأي؛ وَلِذلك ظَهَر فِي زَمَان دَولَة المَمالِيك الكَثيـرُ مِن عُلمَاء المُسلِمِين الأَفذَاذ مِن أمثَالِ العِزِّ بن عَبدِ السَّلام وَالنَّوَوِي وَابنُ تَيمِية وَابنُ القَيم الجَوزِية وَابنُ حَجر العَسقَلَاني وَابنُ كَثِير وَالمَقرِيزِي وَابنُ جماعة وابن قدامة المَقدِسِي -رَحِمَهم اللهُ جميعًا-, وَظهَرَت أيضًا غَيرَهُم أعدادٌ هَائلة مِن العُلمَاء يَصعُب جِدًا حَصرُهُم.

    ثُم إِذا وَصَلَ المملُوك بعدَ ذَلكَ إِلَى سِن البلُوغ جَاء مُعلِّمُوا الفُرُوسِية وَمُدَرِّبُوا القتَال فَيعلمُونَهُم فُنونَ الحَربِ وَالقِتال وَرُكُوبِ الخَيلِ وَالرَّمي بِالسهَامِ والضربُ بِالسيُوفِ, حَتى يَصِلُوا إِلَى مُستَوَيَات عَالِية جِدًا فِي المهَارَة القِتَالِية, وَالقُوة البَدَنية, وَالقُدرَة علَى تَحَمّلِ المَشاق وَالصعَاب.

    ثُم يَتَدربُون بَعد ذَلك عَلى أمورِ القِيادَة وَالإِدَارَة وَوضعِ الخُطط الحَربِية, وَحَل المُشكِلَات العَسكَرِية, وَالتَّصَرّف فِي الأُمور الصَّعبَة, فَينشَأُ المَملُوك وَهُو مُتَفَوقٌ تَمَامًا فِي المَجَالِ العَسكَرِي وَالإِدَارِي, وَذَلِكَ بِالإِضَافَة إِلَى حَمِيّةٍ دِينِية كَبِيرَة,وَغَيرَةٍ إِسلَامِية وَاضِحَة. وَهَذَا كُلهُ بِلَا شَكٍّ كان يُثبّت أَقدَام المَمَالِيك تَمامًا فِي أَرضِ القِتَال.

    وفي كل هذه المراحل من التربية كان السيد الذي اشتراهم يتابع كل خطوات حياتهم بدقّة, بل أحيانًا كان السلطان الصالح أيوب -رحمه اللهُ- يطمئن بنفسه على طعامهم وشرابهم وراحتِهم, وكان كثيرًا ما يجلس للأكل معهم, ويكثر من التبسّط إليهم, وكان المماليك يحبّونه حبًّا كبيرًا حقيقيًّا, ويدينون له بالولاء التامّ.

    وكان المملوك إذا أظهر نبوغًا عسكريًّا ودينيًّا فإنه يترقّى في المناصب من رتبةٍ إلى رتبةٍ, فيصبح هو قائدًا لغيره من المماليك, ثم إذا نبغ أكثر أعطِيَ بعضَ الإقطاعاتِ في الدولة فيمتلكها, فتُدِرّ عليه أرباحًا وفيرةً, وقد يُعطَى إقطاعات كبيرة, بل قد يصل إلى درجة أمير, وهم أمراء الأقاليم المختلفة, وأمراء الفرق في الجيش وهكذا.

    وكان المماليك في الاسم ينتسبون عادة إلى السيد الذي اشتراهم, فالمماليك الذين اشتراهم الملك الصالح يُعرَفُونَ بالصالحيّة, والذين اشتراهم الملك الكامل يُعرَفُونَ بالكامليّة وهكذا.

    وقد زاد عدد المماليك الصالحيّة, وقويَ نفوذُهم وشأنُهم في عهد الملك الصالح أيوب, حتى بنى لنفسه قصرًا على النيل, وبنى للمماليك قلعة إلى جواره تمامًا. وكان القصر والقلعة في منطقة الروضة بالقاهرة, وكان النيل يُعرَف بالبحر, ولذلك اشتُهِرَت تسميةُ المماليك الصالحية بـ"المماليك البحريّة" ؛ لأنهم يسكنون بجوار البحر.

    وهكذا وطّدَ الملك الصالح أيوب ملكَه بالاستعانة بالمماليك الذين وصلوا إلى أرقى المناصب في جيشه وفي دولتِه, وتولى قيادةَ الجيشِ في عهده أحدُ المماليك البارزين اسمه "فارس الدين أقطاي", وكان الذي يليه في الدرجة هو "ركن الدين بيبرس", فهما بذلك من المماليك البحريّة.


    - وعرفت مِصرُ نوعين مـن هؤلاء المماليـك , وهُمـا :

    1)الممـاليـك البحريّـة -وزيادةً على مـا ذكرْنا- : حكمـوا مِصرَ مـن سنة (648-784هـ/1250-1382م) , وتداول عرشَ مصرَ في عهدهم أربعةٌ وعشرون سلطانًا, وقد برزوا وتعاظم شأنُهم في خِضَمّ أحداث الحملة الصليبية السابعة التي مُنيت بهزيمة بالغة سنة (648هـ/1250م), وانتهت بأسر الملك "لويس التاسع" قائد الحملة في المنصورة, وتبدد قواته بين القتل والأسر.

    2)المماليك البُرجية أو الجراكسة : سُمّوا بذلك لأن السلطان قلاوون أسكنهم أبراج قلعة الجبل , ولأن الجراكسة كانوا أكثر عددًا, وهؤلاء حكموا مصر من سنة (784-923هـ/1382-1517م), وهم ثلاثةٌ وعشرون سلطانًا.

    - توفّي الصالح أيوب في أثناء المعركة وخلفه ابنُه توران شاه في حكم مصر, لكنه لم يُحسِن معاملةَ المماليك البحرية, الذين كان لهم الفضل الأكبر في تحقيق النصر, وحسدهم على مكانتهم التي بلغوها بفضل شجاعتهم وقوة بأسهم, وخشي من نفوذهم فأعرض عنهم, وأوجس منهم خِيفَـةً وأضمر لهم السوءَ, غير أنه لخِيفتِه ولهوجتِه كان يجاهر بذلك عند سكره بالليل فينفلت لسانُه بما يضمره قلبُه من قتلهم والتخلص منهم.

    يُضاف إلى ذلك سوءُ تدبيره وفسادُ سياستِه بإبعادِه كبارَ رجال دولتِه من الأمراء وأهل الحل والعقد, وتقريبِه رجالَه وحاشيته وإغداقِه عليهم بالأموال والإقطاعات ولم يكن أمام المماليك سوى التخلص من توران شاه قبل أن يتخلص هو منهم, فنجحوا في قتله في فارسكور في صباح يوم الإثنين الموافق (28\محرم\648هـ/2\مايو\1250م), بمقتلِه انتهت الدولةُ الأيوبيّة في مصر وبدأ عصرٌ جديد.

    - وجد المماليك أنفسهم أمام وضع جديد لم يعهدوه من قبل, فهم اليوم أصحابُ الكلمة النافذة والتأثير البالغ, ولم يعودوا أداةً في أيدي من يستخدمهم لمصلحتِه وتحقيق هدفه, وعليهم أن يختاروا من بينهم سلطانًا جديدًا للبلادِ, فاتفقت كلمتُهم على اختيار أرملةِ أستاذِهم "شجرة الدر" سلطانة للبلاد, في سابقةٍ لم تحدث في التاريخ الإسلامي إلا نادرًا, وبايعوها بالسلطنة في (2\صفر\648هـ/5\مايو\ 1250م).

    غير أن الظروف لم تكن مواتية لأن تستمر "شجرة الدر" في الحكم, على الرغم مما أبدته من مهارة وحزم في إدارة شؤون الدولة, فلقيت معارضة شديدة في داخل البلاد وخارجها, وثارت ثائرةُ الأيوبيين في الشام لمقتل توران شاه وجلوس "شجرة الدر" على سدة الحكم, ورفضت الخلافة العباسية في بغداد أن تُقِرّ صنيعَ المماليك, فكتب الخليفة إليهم : "إن كَانت الرجالُ قَـد عُدِمَـت عندكم فأَعلِمُونـا حتى نُسَيِّـرَ إليكم رجلاً".

    تنـازلُ "شجرةِ الدرّ" وولايَـةُ "عزّ الدين أيبـك" :
    - لم تجد "شجرة الدر" بدًّا من أن تتنازل عن الحكم للأمير "عز الديـن أيبك" أتابك العسكر الذي تزوجته ولقّـبَ بالملك المعزّ, وكانت المدة التي قضتها "شجرة الدر" على عرش البلاد 80 يومًا, ولم يكن تولّيها الحكم ناتجًا عن موافقة شعبية أو اختيار من الخلافة العبّاسيّة, وإنما كان وليد الظروف التي أحاطت بمصر في ذلك الوقت.

    تولّى الملك المعزّ عرشَ البلاد, ولم تهدأ أصواتُ المعارضين لانفراد المماليك بالحكم, بل زاد حدّةً, وكان على السلطان الجديد للدولة الوليدة أن يواجه بحزم خطرَ الأيوبيين في الشام وتهديداتِهم, وكانوا قد اجتمعوا تحت زعامة "الناصر يوسف" صاحب حلب ودمشق لاسترداد مصر من المماليك, باعتبارهم مغتصبين حق الأيوبيين في حكم مصر, وزحفوا على مصر فالتقى معهم أيبك بقواتِه في معركة بالقرب من الصالحية في (10\ذي القعدة\648هـ/2\فبراير\1251م), وانتهت بانتصاره وفرار الناصر يروسف ورجاله إلى الشام.

    وقد دفع هذا النصرُ الملكَ المعزّ إلى الزحف إلى الشام للقضاء على المعارضة الأيوبية, غير أن تدخل الخليفة المعتصم العباسي وضع حدًّا للنزاع بين الطرفين؛ فتمّ الصلحُ بينهما سنة (651هـ/1253م) على أن تكون مصر والجزء الجنوبي من فلسطين بما في ذلك غزّة وبيت المقدس وبلاد الساحل للمعزّ أيبك, على حين تظل البلاد الشامية في أيدي الأيوبيين, وهكذا انتهت العقبة الأولى في تأسيس الدولة المملوكية الناشئة بإيقاف النزاع والصراع مع ملوك البيت الأيوبيّ.

    ولقد اهتم المماليك بالأوضاع الحضارية من بناء للمدارس والمساجد والعمائر، حتى عُدَّ عصرهم من أزهى العصور في العمارة، فقد كان للمماليك إسهام رائع في مجال العمارة، فقد أصبح فن العمارة على أيديهم إسلاميًا يستقي قواعده من مبادئ الإسلام وأصوله، ففن بناء البيوت مثلا على عهدهم انطلق من مبدأ منع الاختلاط والغيرة على النساء، فتبني البيوت الطابق الأول للرجال ويسمى"السلاملك" والسفلي للنساء ويسمى "الحرملك" ومدخل البيت ينحرف غربًا نحو دهليز ومنه إلى حجرة الضيوف، حتى لا يرى الدَّاخِل مَنْ في وسط البيت، وكانت هناك مداخل خاصة بالنساء فقط، وكانت شبابيك البيوت مرتفعة بحيث لا يرى السائر في الطريق ولو كان راكبًا من بداخل البيت، وكانت هذه الشبابيك عبارة عن خشب مثقوب يسمح بدخول الضوء والهواء، ويسمح لمن بداخل البيت برؤية من بالخارج بحيث لا يري من بالخارج من بداخل الحجرات .

    - ولم يكد السلطان أيبك يتخلص من هذه العقبة حتى واجهته عدةُ مشكلات داخلية, بدأت بقيام الأعراب بثورة شعبية في الصعيد والشرقيّة تحت زعامـة "حصن الدين ثعلب", هددت البلاد؛ فاضطر السلطان إلى أن يرسل حملة عسكرية بقيادة "فارس الدين أقطاي" لقمع هذه الثورة في مهدِهـا؛ فنجح في القضاء عليها قبل أن يستفحلَ خطرُها.

    أما العقبة الثانية التي واجهت أيبك في الداخل فهي ازدياد نفوذ المماليك البحرية بزعامة "فارس الدين أقطاي", خاصة بعد نجاحهم في تحقيق انتصارات داخلية وخارجية, فهدد نفوذُهم مكانةَ السلطان, واشتد خطرُهم حتى أصبح يهدد أمن الناس وسلامتهم, وعجز السلطان عن مواجهتهم والتصدي لهم لاستخفافهم به؛ فكان "أقطاي" لا يظهر في مكان إلا وحوله رجاله ومماليكه في أبهة عظيمة كأنه ملك متوج, وبالَغَ في تحقيره للسلطان في مجلسه فلا يسميه إلا أيبكا, وتطلعت نفسه نحو السلطنة, ولقَّبه زملاؤه بالملك الجواد.

    استشعر السلطان الخطر وأحس بالخوف من ازدياد نفوذ "أقطاي"؛ فعزم على التخلص منه فاستدعاه إلى القلعة بحجة استشارته في أمر من أمور الدولة, وهناك تخلص منه بالقتل في (3\ شعبان\652هـ/18\سبتمبر\1254م), وألقى هذا الحادثُ الرعبَ في قلوب كبار المماليك البحرية فسارعوا بالهرب إلى خارج البلاد, والتجأ بعضُهم إلى ملوك البيت الأيوبي في الشام, ولجأ بعضُهم الآخر إلى دولة سلاجقة الروم, وتعقّب أيبك من بقي منهم في مصر فقبض عليهم, وكتب إلى الملوك الذين لجأ إليهم المماليك يحذرهم منهم ومن غدرهم.

    - أسلَمَـت البلادُ قيادَها للمعز, وتخَلَّصَ من القوى المناوئة له, وكان من المًنتَظَـر أن تنعم البلاد بالهدوء بعد الفوضى والقتال, وينعم هو بزعامةِ بلدٍ له شأن, ولكن ذلك لم يدم, ودخل في صراع مع زوجتِه شجرة الدر زاد من ضراوتِه وعزمِه على الزواج من إحدى بنات البيت الأيوبي, وبدأ يفكر في الخلاص منها, غير أنها كانت أسبق منه, فدبرت مؤامرة لقتله في (24\ربيع الأول\655هـ/11\إبريل\1257م), ثم لم تلبث هي الأخرى أن قُتلت بعده بأيام قليلة.

    وبعد مقتلِه تعصب المماليك المعزية لابن سيدِهم المدعو "نور الدين علي" بن أيبك, وكان في الخامسة عشرة من عمره, وأقاموه سلطانًا على البلاد, ولمّا تعرض الشرقُ الإسلامي لخطر المغول الذى اجتاح الشام وأصبحت مصر على مقربة من هذا الخطر, قام "قطز" نائب السلطنة بعزل السلطان الصغير, وتولى الحكم لمواجهة الخطر المغولى الداهم, وخرج إلى ملاقاة المغول في "عين جالوت" وحقق نصرًا تاريخيًا في (26\رمضان\658هـ/3\سبتمبر\1260م), وطرد المغول من المنطقة, وضمّ الشام إلى سلطان المماليك الذين أصبحوا سادة الموقف, ومن بيدهم مقاليد الأمور في مصر والشام.

    لقد عرفت البداية لدولة المماليك, ولقد كانت النهاية على يد العثمانيين عند "مرج دابق" و الريانية (حي العباسية) سنة 923هـ, وكانت الغلبة للعثمانيين الذين آلت إليهم ممتلكات المماليك ليبدأوا عهدًا جديدًا.
    ولم يأخذ المماليك بمبدأ وراثة العرش, وإنما كان الطريق مفتوحًا أمام من أبدى شجاعةً وإقدامًا ومقدرةً.

    - بعد وفاة أكتاي خام امبراطور المغول سنة 639هـ/1241م اضطربت أحوالُ المغول, واختلفوا على من يخلفه على العرش, وكثر الطامعون في تولي عرش المغول, حتى استطاع كيوك بن أكتاي أن يصل إلى العرش سنة 644هـ/1246م ومن بعده منكو بن تولوي بن جنكيز خان سنة 648هـ/1250م.

    ولم يكد منكو خان يتربع على عرش المغول ويقضي على الفتن الداخلية ويتخلص من المناوئين لسياستِه حتى بدأ في توجيه همته نحو الغزو وأرسل الجيوش إلى الأطراف والحدود حيث أرسل قائده بايجو نويان على رأس جيش **** للمحافظة على إيران, وما إن وصلها حتى بادر بإرسال رسالة إلى منكو خان يشكو إليه الإسماعيلية وخليفة بغداد ويحذره من خطرِهم على ممتلكاتِ المغول في إيران. والواقع أن منكو خان بدأ يفكرمنذ اللحظة الأولى في إكمال استيلاء المغول على غرب إيران والعراق والشام ومصر, واختار أخاه هولاكو الذي كان يتوسَّم فيه مخـايلَ الملِك لقيادة هذه الحملة على البلاد الإسلامية.

    والواقع لم يكن أمام المغول بعد استيلائِهم على أملاك الدولة الخوارزمية أي قوة تستطيع اعتراضَ طريقِهم نحو الغرب, وكان الحكام المسلمون يعرفون تمام المعرفة أهمية الدولة الخوارزمية كحاجز قويّ بينهم وبين المغول, يدلنا على ذلك ما حدث بعد مقتل السلطان جلال الدين منكبرتي بن السلطان محمد خوارزم شاه, حيث ذهب بعضُ خواص الملك الأشرف موسى الأيوبي صاحب مدينة خلاط يهنئونه بمقتلِ عدوِّه جلال الدين, فردَّ عليهم قائلاً: "تُهنّئُـونِي بِـه وَتفرَحُـونَ سَـوف تَـرونَ غِبَّـهُ, واللهِ لتَكُونَـنّ هذه الكسرَةُ سبَـبًا لدخُولِ التتارِ إِلَى بِلادِ الإِسـلامِ, مـا كان الخوازمِيّ إلا مِثـل السدّ الَّذي بيننَـا وَبَيـن يَأجُوج وَمَأجُوج". وقد صدق قولُـه.

    وعلى كلٍّ فقد حرص منكو خان على إعداد حملة هولاكو إعدادًا محكمًا يكفل لها النجاحَ, فقد أرسل المرشدين ليختبروا الطريق الذي سوف تمر منه عساكر هولاكو من قراقورم حتى شاطئ نهر جيحون, فأقاموا الجسور على الأنهار العميقة, وعلى مجاري المياه السريعة. ثم رسم لأخيه الخطة التي كان عليه أن يتبعها حيث قال له: "إنّـكَ الآن على رأسِ جيشٍ كبيرٍ وقواتٍ لا حصرَ لهَـا, فينبغي أن تسيرَ من توران إلى إيران, وحافظ على تقاليد جنكيز خان وقوانينِه في الكلياتِ والجزئيّـاتِ وخُصّ كُـلَّ من يطيع أوامرك ويتجنب نواهيك في الرقعةِ الممتدّةِ من جيحون حتى أقاصي بلاد مصر بلطفِكَ وبأنواع عطفِك وأنعامك, أما من يعصيك فأغرقْه في الذلة والمهانةِ مع نسائه وأبنائه وأقاربِه وكلِّ ما يتعلّق بِـه, وابدأ بإقليم قهستان في خراسان, فخرّب القلاع والحصون, فإذا فرغْتَ من هذه المهمّـةِ فتوجه إلى العراق وأزل من طريقيِك اللور والأكراد الذين يقطعون الطرق على سالكيها. وإذا بادر خليفة بغداد بتقديم فروض الطاعة, فلا تتعرض له مطلقًا, إما إذا تكبّر وعصى, فألحقه بالآخرين من الهالكين, كذلك ينبغي أن تجعل رائدك في جميع الأمورِ العقل الحكيم والرأي السديد, وأن تكون في جميع الأحوال يقظًا عاقلاً, وأن تخفف عن الرعية التكاليف والمؤن, وأن ترفه عنهم, وأما الولايات الخربة, فعليك أن تعيد تعميرها في الحال, وثق أنك بقوة الله العظيم سوف تفتح ممالك الأعداء حتى يصير لك فيها مصايف ومشاتي عديدة, وشاور دقوز خاتون في جميع القضايا والشؤون".

    ---------------------------------------------------------
    دقوز خاتون: كانت زوجة تولوي, ثم آلت من بعده إلى ابنه هولاكو, فتزوج منها جريًا على عادة المغول في تزوج نساء آبائهم, وكانت امرأة حازمة ذات شخصية قوية, تدين بالمسيحية, وكان هولاكو يعزها ويحترمها, ويستشيرها في مهام الأمور.
    ---------------------------------------------------------

    وفي شهر شعبان سنة 653هـ/1255م وصل جيش هولاكو إلى سمرقند, وأمضى بها أربعين يومًا ثم توجه إلى مدينة كش, وهناك وَصَلَه كافةُ الأمراء والأكابر خرسان وقدموا خضوعهم وهداياهم له. وأقام بهذه المدينة قرابة شهر وجَّه خلالها عدةَ رسائل إلى الملوك والسلاطين في البلاد المجاورة طلب منهم معاونتَه في تحطيم قلاع الإسماعيلية والقضاء عليهم, وفي مقابل ذلك تعهّد لهم بأن يبقيَهم على ولايتِهم ولا يتعرض لهم بسوء, وهددهم بأن امتناعهم عن مساعدته يجرهم إلى الهلاك وأنه سينزل بهم ما سينزله بالإسماعيلية.

    ويبدو أن ذلك التهديد كان له الأثر البالغ على نفوس هؤلاء الملوك والسلاطين فسارع بعضُهم إلى التوجه إلى هولاكو لتقديم فروض الطاعة له, حيث وصل إلى حضرة هولاكو كلٌّ من سلطان سلاجقة الروم عز الدين كيكاوس وأخيه ركن الدين, وكذلك ابن أتابك فارس, وغيرهم من أمراء العراق وخراسان, وأذربيجان وجورجيا, وكانوا جميعًا يحملون الهدايا الثمينة لهولاكو.

    وعندما بدأ المغول زحفهم على الممالك الإسلامية في الشرق, كان الخليفة العباسي في ذلك الوقت هو المستعصم بالله (640هـ/1242م - 656هـ/1258م) الذي تكاد تجمع المصادر على وصفِه بأوصافٍ لا تُحمَد؛ وبأنه لم يكن يأبه بخطورة وضع المسلمين آنذاك من جراء خطر المغول القادم من الشرق. وصفه ابن تغري بردي بقوله: "كان قليلَ المعرفةِ بتدبيرِ المُلكِ نازلَ الهمّـةِ, مهمِلاً للأمورِ, مُحِبًّا لجَمعِ الأموالِ, يُقدِمُ على فِعلِ مَـا يُستَقبَح, أهمل أمرَ هولاكو حتى كان في ذلك هلاكه". ووصفه رشيد الدين بأنه كان "شخصًا عاجزًا لا رأي له ولا تدبير, وساذجًا". كما وصفه الأربليُّ بأنه كان: "محبًّا للهو واللعبِ .. ثم وكَّل أمورَه في الكليّـاتِ إلى غير الأكفاء, وأهمل ما يجب عليه حفظُه والتصرفُ فيه". أما ابن طباطبا فقد وصفه بقوله: "كان المستعصم رجلاً متدينًا لين الجانبِ سهل العريكة عفيف اللسانِ, إلا أنه كان مُستَضعَفَ الرأي ضعيف البطش قليل الخبرة بأمورِ المملكة مطموعًا فيه غير مهيب في النفوس, ولا مُطَّلِـعَ على حقائق الأمور, وكان أصحابه مستولين عليه وكلهم جهَّال من أراذل العوامّ". وكذلك وصفه ابنُ كثير بأنه: "كان فيه لين وعدم تيقظ وحبة للمال وجمعِه".

    ففي الوقت الذي كان على الخليفة المستعصم بالله إعداد العدة واتخاذ الاحتياطات الكاملة وإصلاح أموره الداخلية وتقوية جيوشه للوقوف في وجه الخطر المغولي الذي بات يهدد ممتلكاتِ الخلافة العباسيّة, فقد عمد إلى قطع أرزاق أكثر جندِه وإنقاص عدد جيشه من مائة ألف فارس إلى عشرين ألف, بحجة توفير الأموال وإرسالها إلى المغول لاسترضائهم وإثنائهم عن مهاجمة دولته.

    والواقع أن هذا الأمر الذى أقدم عليه الخليفة المستعصم لم يكن مجديًا لإثناء هولاكو عن الهجوم على الخلافة العباسية, خاصة إذا علمنا بأن الخليفة المستعصم نفسه قد رفض طلب هولاكو بمساعدته على تحطيم قلاع الإسماعيلية, وأن هولاكو قد هدد من لم يستجب له بتحطيم ممتلكاته, فضلاً عن أن خطة منكو خان التي رسمها لأخيه هولاكو كانت تنص على أن تأمين الخليفة العباسي يكون بدخوله في طاعة المغولِ من غير قيدٍ أو شرطٍ. وهذا معناه عدم اعتراض جيش المغول الذين كانت خطتهم تنص على مواصلة الزحف غربًا باتجاه الشام ومصر.

    وحينما كان يحكم مصر علي بن أيبك الذى كان في الخامسة عشرة, وكان ضعيفًا لا حول له في هذه الظروف الصعبة. وراحت مصر تتطلع إلى مملوك قوي يحمي حماها, ويصون أرضها. لقد سقطت الخلافة العباسية, واستولى التتار على بغداد وبقية مدن العراق, ثم اتجهوا نحو بلاد الشام التي كانت مقسّمة إلى إمارات يحكمها أمراء أيوبيون, وتمكن التتار من الاستيلاء على حلب سنة 657هـ/1277م.
    الرَّجَاء عدم الرد ..
    تـــابِعُوا مع شيهو~~
    تفضلـــي عزِيزَتِي ^^

  2. #2

    الصورة الرمزية زَهـرة خَضراء

    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المـشـــاركــات
    865
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ||مسابقة تـــاريخ أمتنا|| الدولـــة المملوكيـــة ||



    - وفي هذه اللحظات التاريخية ظهر سيف الدين قطز وقد تولى حكم مصر بعد أن خلع السلطانَ الطفل, وقال قولته المشهورة: "لا بُدَّ مِـن سُلطـانٍ قَاهـر يُقاتِـل عَـن المُسلمِيـن عدوَّهم". ووصلت إلى مصر صرخاتُ أهل الشام, واستغاثاتُ أمرائهم من الأيوبيين: أن تحركُوا واعمَلُوا على إنقاذِنَا, لقد قتلوا العبادَ, وخرّبوا البلاد, وأسروا النساء والأطفالَ, وأصبحت مصر هي الأمل بعدما ضاع الأمل في الخلافة, وفي أمراء الشام. خرج "سيف الدين قطز" في عساكره, حتى انتهى إلى الشام.

    - وكان اللقاء عظيمًا عند "عين جالوت" في 25\رمضان الذي وافق يوم جمعة. ولأول مرة يلقى المغولُ من يصدهم ويهزمهم هزيمة ساحقة, وكان النصر لراية الإسلام. وكانت صيحةً واحدة صدق بها المسلمون ربَّهم "وَا إِسلامَـاه", وفي يوم واحد, انقلبت الأوضاع, وأذن الله بنصره بعد عصر طويل من الذل والمهانة, وبعد جبال الأشلاء وأنهار الدماء التي غرق فيها المسلمون.

    ولكي تدرك مدى الضعف الذى كان عليه المسلمون قبل أن يعودوا إلى ربهم, فاعلم أن التتري كان يلقى المسلم في بغداد وليس معه سيف, فيقول للمسلم: قِفْ مكانك حتى أحضِرَ السيفَ لأقتلَك. فيبقى المسلم جامدًا ذليلاً في مكانه حتى يأتيه التتريُّ بالسيف قيقتله به!.

    لقد قاتل سيف الدين قطز قتالاً عظيمًا, وقاتل معه الأمراء المماليك حتى النصر. ووقف قطز يوم عين جالوت على رجليه تاركًا جواده, وهو يقول لمن راح يلومه على ذلك خائفًا عليه: "إِنّنِي كنتُ أفكّـرُ فـي الجنّـةِ, وَأمّـا الإسلامُ فلـه ربٌّ لا يُضِيعُـه". لقد قام قطز بنفس الدور الذي قام به صلاح الدين عرف الحقيقة, وأعلنها على الناس: "لقد انهزمتُم أمامَ التتارِ لتهاونِكم في أمرِ دينِكم, فاستَمسَكُوا بِهَذَا الدّين, واللهُ مُنفِذ وعدَه الذي وعد: }وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقٌونَ]{النّـور:55[.

    - ولكن قطز لقي مصرعه وهو في طريق العودة بعد النصر, وتولى الأمر من بعده "الظاهر بيبرس البندقداري"، تولى سلطنة مصر، والشام، وبعث بإحضار أحد العباسيين إلى مصر ليُعينَه خليفة للمسلمين، وهو المستنصر بالله، وقد تولى بعد مقتله الحاكم بأمر الله الخلافة بمصر، وأُطلق عليه أمير المؤمنين، وكان يدعي له على المنابر، أما الأمر والنهي فهو للمماليك حتى سقطت الخلافة، وانتقلت من العباسيين إلى العثمانيين.

    - وإذا كان التاريخ قد سجل للمماليك في حرب المغول بطولة رائعة، فقد سجل لهم قبل سنة 648هـ/ 1250م بسالتهم وإقدامهم في قتال الصليبيين عند "المنصورة" وعند "فارسكور" بقيادة الظاهر بيبرس.

    إن الظاهر بيبرس لم يترك سنة في فترة ولايته دون أن يغزو الصليبيين ويحقق انتصارات عليهم. لقد استرد "الكرك" سنة 661هـ/ 1263م، و"قَيْسَارِيَّة" سنة 663هـ/ 1265م، وكثيرًا من البلاد التي استولى عليها الصليبيون مثل "صفد"، و"يافا"، و"أنطاكية" سنة 666هـ/ 1268م. لقد وقف بيبرس للتتار وللصليبيين معًا بعد أن تحالفت قوى التتار والصليبيين ضد المسلمين. وكان لهما بالمرصاد، وأسس دولة المماليك تأسيسًا قويّا، وعندما لقي ربه سنة 676هـ/ 1278م، استمر الملْك في ذريته حتى سنة 678هـ/ 1279م .

    ومرت سنوات قبل أن يتولى الملك "الأشرف خليل" أمر البلاد بعد وفاة والده قلاوون سنة 690هـ/ 1281م، وفيها أسدل الستار على الصراع الصليبي مع المسلمين في العصور الوسطى .
    لقد فتحت "عكا" وبقية مدن الساحل في هذه السنة، وهرب الصليبيون إلى "قبرص" التي أصبحت ملجأ لهم في الشرق، وهكذا قطع الله دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين .
    لقد حُلّت العقدة التي سادت الناس جميعًا كما سادتهم قديمًا عن عدم إمكان هزيمة الجيوش المغولية مهما كانت أعدادها، وكسبت سلطنة المماليك مركز الصدارة بين سلاطين المسلمين، كما استقامت لمصر زعامة جديدة في العالم الإسلامي .


    واستمر عهد المماليك البحرية حتى سنة 784هـ/1382م، وكان عهد استقرار ورخاء، ولكن بوفاة الناصر محمد بن قلاوون سنة 741هـ/ 1341م، اضطربت البلاد المملوكية مما شجع الصليبيين على غزو مصر سنة 767هـ/ 1366م، من جزيرة "قبرص" حتى سقطت الإسكندرية في أيديهم بعد أن ساءت أحوال البلاد لعدم وجود رجل قوي على رأس المماليك بعد الناصر قلاوون، وسقط كثير من الشهداء على أيدي الصليبيين الذين اعتدوا على البنات والنساء.

    ولكن يشاء الله أن يبدأ عهد جديد على "المماليك البرجية" يعيد للمسلمين مجدهم، ويرفع راية الإسلام من جديد على ربوع الوادي .
    لقد بدأ عهد المماليك البرجية بالظاهر برقوق سنة 784هـ/ 1382م، وانتهى بالأشرف قنصوه الغوري الذي قتل في مرج دابق على يد العثمانيين سنة 922هـ/ 1516م.
    ولا ننسى للمماليك بصفة عامة دفاعهم عن الإسلام وأهله ودياره ضد التتار، فلقد أبلوا بلاء حسنًا، وكانوا خير عَونْ للإسلام والمسلمين في كل فترة من فترات تاريخهم .

    محرم 923هـ ـ 31 يناير 1517م
    كان المماليك دائمًا أهل طعان ونزال كانوا أشقاء للسيف والرمح قهروا التتار والصليبيين أبطال عين جالوت ووقعة حمص وشقحب وفتحوا قبرص، ولكن لما نسوا تلك الرسالة السامية التي عاشوا من أجلها في الذود عن حياض الأمة المسلمة، وانقلبوا إلى متسلطين على شعوبهم فقدوا دورهم في التاريخ وحانت نهايتهم المحتومة وموت دولتهم السريع.

    و بالحديث عن سقوط دولة المماليك هو الحديث عن المتغيرات التي شهدها العالم في أواخر القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر، وهو الحديث عن التهديد البرتغالي من جهة الجنوب والتهديد العثماني من جهة الشمال، وهو الحديث عن آخر سلطانين من سلاطين دولة المماليك البرجية، وهما قانصوه الغوري وطومان باي، وهو الحديث أيضا عن آخر معركتين في تاريخ دولة المماليك البرجية هما معركة مرج دابق في دمشق سنة 1516م ومعركة الريدانية في مصر سنة 1517م.

    فكيف سقطت دولة المماليك، ولماذا، وما هي العوامل التي أدت إلى إسقاطها؟
    لابد من القول أولا إن هناك عاملين أديا إلى سقوط دولة المماليك، أولهما داخلي والثاني خارجي. وأدى العامل الأول (الداخلي) إلى تشكيل خطر خارجي اُضيف للخطر الخارجي الثاني فيما بعد، وعمل كلاهما على إسقاط دولة المماليك. وسنأتي في الحديث لتوضيح هذه التداخلات والمتغيرات التي أدت بالنهاية إلى سقوط دولة المماليك نهائيا في سنة 1517م واختفائها من ساحة الأحداث.

    شهدت الدولة المملوكية في المرحلة التي أعقبت وفاة قايتباي سلسلة من الاضطرابات والصراعات الداخلية على الحكم استمرت من سنة 1496م حتى سنة 1501م وانتهت أخيرا بتولي قانصوه الغوري الحكم في نيسان من تلك السنة. ومن جهة أخرى كانت الأحوال الاقتصادية في مصر سيئة للغاية في تلك المرحلة، إذ كثرت الأعباء المالية الملقاة على كاهل السكان، وانتشر الطاعون انتشارا مريعا في سنة 1492م، بحيث كان عدد القتلى في اليوم الواحد عشرة آلاف شخص (وكان من بين القتلى زوجة السلطان قايتباي وابنته)، وازداد الموقف سوءا بانعدام المواد الغذائية وانخفاض مناسيب مياه نهر النيل وانتشار المجاعة.
    وحينما جاء السلطان قانصوه الغوري عمل بسرعة على إنقاذ مصر من الأزمة السياسية والاقتصادية التي كانت تعصف ببلاده. فمن الناحية السياسية عمل على إعادة الأمن والاستقرار إلى العاصمة، وعين الأكفاء في مناصب الدولة المهمة، ثم اتجه لإصلاح الوضع الاقتصادي المتردي الذي كانت تمر به البلاد.

    كان السلطان سليم الأول، ذا عقلية عسكرة فذة، وهمة ونشاط في التحركات الحربية، وفي أثناء انشغاله في القتال مع الدولة الصفوية الشيعية التقطت مخابراته الحربية رسائل متبادلة بين الشاه إسماعيل الصفوي وقنصوه الغوري، مما أكد الشكوك القديمة من تحالف الطرفين على العثمانيين فقرر سليم الأول التوجه للمماليك فور الانتهاء من الصفويين.

    وبالفعل زحف السلطان سليم بجموع غفيرة إلى الشام، وارع قنصوه الغوري للقاءه خارج مصر، وفي يوم 25 رجب سنة 922هـ التقى الجيشان عند مرج دابق على مشارف حلب، وانتصر العثمانيون رغم المقاومة الباسلة التي أبداها الغوري وكان في الثمانين من العمر، وقتل الغوري، ودخل حلب ثم دمشق وسانده الأعيان وأمراء الشام مثل جان برولي الغزالي وفخر الدين المعني، وكلاهما كان له خيانة بعد ذلك للعثمانيين قُتلَ بها، وأكرم العثمانيون الغوري بعد مقتله وكفنوه وصلوا عليه ثم دفنوه في مكان لائق ثم واصل سليم زحفه إلى مصر.

    قبل أن يتحرك سليم الأول من الشام أرسل إلى زعيم المماليك بمصر وهو طومان باي برسالة يدعو فيها للطاعة للدولة العثمانية، ولكنه سخر من هذه الرسالة، تمادى أكثر من ذلك بأن قتل الرسول وهذا يعد إعلانًا بالحرب كما هو معروف.

    أسرع سليم بجيوشه ومن دخل في طاعته من أهل الشام إلى مصر، واستعد طومان باي للقتال وفي يوم 29 ذي الحجة سنة 922هـ، التقى الجيشان في منطقة الريدانية، (وهي حي العباسية الآن في القاهرة)، وحاول المماليك صد الهجوم، وكانوا من قبل أرباب السيف والرمح واستبسلوا في القتال خاصة كبيرهم طومان باي الذي قاد مجموعة فدائية بنفسه واقتحم معسكر سليم الأول وقبض على وزيره سنان باشا وقتله بيده ظانًّا منه أنه سليم الأول.
    ولكن الخطة العسكرية الذكية التي وضعها العثمانيون وأبطلت مفعول المدفعية المملوكية إضافة للتفوق العسكري المادي والخططي لصالح العثمانيين والروح المعنوية العالية لدى العثمانيين كل ذلك حسم المعركة لصالح العثمانيين.

    وبذلك زالت دولة المماليك العظيمة لما حق عليها القول ووجبت جنوبها وركبت أسباب الهلاك وتعاطف مقومات الزوال، فأذن الله تعالى في ذهابها، وأخذتها سنة الاستبداد وسبحان من يبقى وغيره يفنى.

    دولة المماليك (ويكيبيديا الموسوعة الحرة).
    أصل المماليك.
    أطلس التاريخ الحديث.
    تاريخ مصر الإسلامية.
    سيرة الظاهر بيبرس.
    مماليك مصر والشام.
    الدار العربية للموسوعات.
    تاريخ الاشرق قنصوه الغورى.
    معركة الريدانية (الموسوعة الحرة).
    تاريخ معركة مرج دابق.
    موقع قصة الإسلام.
    كتاب"جهاد المماليك ضد المغول والصليبيين".

    هذا ونسأل الله أن نكون قد وُفقنا في هَذا الموضوع ..
    إن أصبنا فمن الله وإن أخطأنا فمن أنفسنا والشيطان ..
    تقبلوا تحياتِنا || الــامبراطورة||شيهو-هايبرا||نور الشروق||


  3. #3

    الصورة الرمزية أبو رويم

    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المـشـــاركــات
    4,560
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ||مسابقة تـــاريخ أمتنا|| الدولـــة المملوكيـــة ||

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيراً على الموضوع القيم
    وبارك الله فيكم ووفقكم لكل خير

  4. #4

    الصورة الرمزية Hami Al-Hima

    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المـشـــاركــات
    2,879
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ||مسابقة تـــاريخ أمتنا|| الدولـــة المملوكيـــة ||

    ما شاء الله
    حجز
    السلام عليكم
    ما شاء الله ما هذا الجهد
    جبااااااااار جدا
    تقرير شااااااااااااااامل بكل معنى الكلمة
    رائع، ابدعتوا حقا
    معلومات غزيرة قد امطرتمونا بها
    جهد حقا كبييييييييييير وجدا جدا
    جعله الله في ميزان حسناتكم أضعافا مضاعفة
    لا أستطع أن اصدق عيناي، لا بد بأنكم بذلتم عليه جهدا ووقت كثيرين
    بارك الله فيكن
    والسلام عليكم
    التعديل الأخير تم بواسطة Hami Al-Hima ; 19-7-2012 الساعة 01:31 AM

  5. #5

    الصورة الرمزية سميد

    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المـشـــاركــات
    33,763
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ||مسابقة تـــاريخ أمتنا|| الدولـــة المملوكيـــة ||

    وعليكم سلام
    حجز للفتره بسيطه
    ~

  6. #6

    الصورة الرمزية Hami Al-Hima

    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المـشـــاركــات
    2,879
    الــــدولــــــــة
    الاردن
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ||مسابقة تـــاريخ أمتنا|| الدولـــة المملوكيـــة ||

    تم فك الحجر في الرد 4#
    وشكرا لجهودكم العظيمة جزيل الشكر

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...