رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ--رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ--رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ--رجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ
رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ--رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ--رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ--رجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ
رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ--رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ--رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ--
رجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ









الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً،
والحمد لله الذي جعل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مصابيح الدجى ، وقدوة لمن أتى ،
وجعل محبتهم واجبة على من أتى بعدهم ،
وجعلهم الأسوة والقدوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم،
أحمد ربي وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله ،أرسله رحمة للعالمين
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ،
أما بعد :




لقد اختار الله - سبحانه وتعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام صُحبة هم خير الخلق بعد الأنبياء ليكونوا معه
يرافقونه ويآزرونه، ويبلغون عنه دين الله - عز وجل- الذي أرسل به،وبهم أظهر الله الإسلام ،
بذلوا الأموال والأنفس في سبيل نصرة دين الله، وحملوا عبئ الرسالة،
وأعلوا كلمة
لا إله إلا الله في كل مكان .

فرضي الله عنهم وأرضاهم.





فهرس الموضوع :

- تعريف معنى صحابي
- فضائل الصحابة
-لماذا وجبة علينا محبتهم
-التعريف بمؤلف كتاب حياة الصحابة
-تعريف موجز للكتاب
- قصة ستة من الصحابة رضي الله عنهم
-ختاما




الصحابي في اللغة هو : الملازم والمعاشر والمرافق.

الصحابي اصطلاحا :هو من لقي النبي عليه الصلاة والسلام يقظة ، مؤمناً به ، بعد بعثته ، حال حياته ومات على الإيمان.
والصحابة هم الذين عرفوا من أحوال النبي محمد ما جعلهم يهرعون إليه ويضعون مقاليدهم بين يديه ينغمسون في فيضه
حتى آثروه على أنفسهم وأموالهم وأزواجهم وأولادهم،وبلغ من محبتهم له إيثارهم الموت في سبيل دعوته للإسلام
.فصاروا أهلاً لمجالسته ومحادثته ومرافقته ومخالطته.







إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم صفوة خلق الله تعالى بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام
فهم أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، وأقومها هديا ، وأحسنها حالا.

وإن
فضلهم وعلوّ مكانتهم هو ما عُلم بالضرورة من دين الإسلام
فقد تكاثرت الأدلة الدالة على ذلك من الكتاب والسنة
وهذا حتى لا يذهب ذكرهم ولا تمحى من رؤوس البشر مآثرهم.
..

فضلهم من القرآن :


قال تعالى : { قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى}
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم


لم يذكر الله
الصحابة في كتابه إلا وأثنى عليهم وأجزل الأجر والمثوبة لهم، وشهد للمهاجرين والأنصار بأنهم الكاملون في الإيمان،
قال الله تعالى:{والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}

وقال تعالى :(مُّحَمَّدٌ رَّسُول ُاللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً
سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ
يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)


وقال تعالى:{لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون}


فضلهم من السنة:

قال ابن مسعود رضي الله عنه :
" إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد
صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ،
ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجدقلوبَ أصحابهِ خيرَ قلوبِ العبادِ فجعل هم وزراءَ نبيهِ يُقاتِلون على دينه "

وقد أثنى عليهم الرسولصلى الله عليه وسلم ، وبشر بعضهم بالجنة،
وذلك لقيامهم بما كلفهم به خير قيام، وأداءهم الأمانة خير أداء،فكانوا نعم البطانة وآية في الفطانة.

ومما جاء في فضلهم رضي الله عنهم

حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )

و ما رواه أبو بردة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي
فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون ،وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون )
وهو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشو الفجور في أقطار الأرض
..
والصحابة كلهم عدول، لا يجوز تجريحهم ولا تعديل البعض منهم دون البعض.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه )
وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة ، وضيق الحال بخلاف غيرهم ،ولأن إنفاقهم كان في نصرته صلى الله عليه وسلم ، وحمايته ،
وذلك معدوم بعده ، وكذا جهادهم وسائر طاعتهم ، وقد قال تعالى
( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً )




وهذا كله مع ما كان فيهم في أنفسهم من الشفقة ، والتودد ، والخشوع ، والتواضع ، والإيثار ، والجهاد في الله حق جهاده ،
وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ، ولا ينال درجتها بشيء ، والفضائل لا تؤخذ بقياس، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .





حب الصحابة من أصول الإيمان عند أهل السنة والجماعة لأنهم صفوة البشرالذين اختارهما لله لصحبة نبيه
ونشر دينه فهم الذين
حفظوا لنا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلموبلغوا ذلك إلينا

ولولا هؤلاء الثلة الأخيار بفضل من الله ومنته
لضاعت شرائع الإسلامكما ضاعت اليهودية والنصرانية
ومن هنا كان
الطعن في الصحابة طعنا فيما حملوه إلينا من الوحي

وقد رأينا في فضائل الصحابة من نصوص الكتاب والسنة ما يوجب محبتهم والذب عنهم وبغض منتقضيهم

وكما قاله ابن مسعود رضي الله عنه . "فحبهم سنة والدعاء لهم قربة والإقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة "




هو أديب سوري، ولد عام 1920م في بلدة "أريحا" شمال سورية، وتلقى دراسته الابتدائية فيها،
ثم تخرج في المدرسة الخسروية بحلب؛ وهي أقدم مدرسة شرعية رسمية في سورية..
أما دراسته الجامعية فتلقاها في القاهرة؛ حيث نال
الشّهادة العالية لكلية أصول الدّين في الأزهر ،
وشهادة اللّيسانس أيضًا في الأدب العربي من كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول، ثم درجتي الماجستير والدّكتوراه
من هذه الجامعة التي أطلق عليها فيما بعد اسم جامعة القاهرة.

تُوفي - رحمه الله - في يوم الجمعة من عام
1986م في مدينة اسطنبول بتركيا.





هو كتاب ألفه الدكتور عبد الرحمنرأفت الباشا وفيه يعرض صورًا من حياة مجموعة من الصحابة
من المهاجرين و الأنصار .. منهم المعروفون ومنهم الذين لم يسمع عنهم الكثير.

وقال المؤلف عن كتابه: بحثت في كل مكان ممكن عن القصة برواية الصحابي نفسه
حتى تكون المصداقية أكبر و أقرب إلى نفس القارئ.


أما عن أسلوب الكاتب فقد جمع بين
البلاغة الأدبية، والحقيقة التاريخية

مستعملا بعض الكلمات القديمة مع شرحها في هامش الصفحات

...

سأتطرق في هذا الموضوع لستة صحابة وهم :

-زيد بن حارثة
-أسامة بن زيد
-سعيد بن زيد
-عمير بن سعد
-عبد الرحمن بن عوف
-جعفر بن أبي طالب

حاولت تلخيص قصصهم قدر الإمكان






أخـــذته أمــه
سعدى بنت ثعلبة معها، وهو ابن ثمان سنوات، لزيارة أهلها في بني مَعْن ، وهناك أغــارت خيـل لبني القين بن
جسر في الجاهلية على القبيلة، فأسروا زيداً وأتوا به سوق عكاظ وعرضوه للبيع،
فاشتراه حكيم بن حزام
بأربعمائة درهـــم
وقـدمه
لــعمته خديجة رضي الله عنها ، ولما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له، وفي موسم الحج حج أنــاس
من قبيلة زيد فرأوا زيداً فـعرفهم وعـرفوه، فقال:
أبلغوا أهلي فقدم والده وعمه مكة فسألا عن النبي صلى الله عليه وسلــم،
فقيل: هو في المسجد فدخلا عليه، فقالا:
يا ابـن عبـد الـمطلب أنتم جيران الله،تفكون العاني وتطعمون الجائع جئاك في ولدنا
الـذي عندك ، فـامنن علينا وفاده لنا فإنا سندفع لك
، قال: وما ذاك؟ قـالوا: زيد بن حارثة، فقال: أو غير ذلك؟ ادعوه فخيروه
فإن اختاركم فهو لكم بغير فداء، وإن اختارني فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء
، قالوا: لقد أنصفتنا وزيــــادة،
فدعاه فقال:
هـل تعرف هـؤلاء؟ قـال: نـعم، هذا أبي وهذا عـمي، قـــال: فأنا من قد علمت وقد رأيت صحبتي لـــــك فاختــرني
أو اخترهما
، فـقال زيد : ما أنا بالذي أختار عليك أحداً،
فــدهش أبـوه وعـمه وقــالا : ويـحك يــــا زيد أتختار العبودية عــــلى
الحرية
، قــال :نـعم، إنـي قـد رأيت مـن هذا الـرجل شيئاً ما أنا بالذي أختار عليه أحداً،فـفرح رسول الله صلى الله عليه وسلم
لـذلك
فرحًا شديدًا و أخـرجه إلى الحـجر فـــقال: اشهدوا أن زيداً ابني يرثني وأرثه، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت أنـفسهما
وانـصرفا،
وصــار يعرف بـزيد بن محمد ولما جاء الإسلام حرم التبني وصار يسمى زيد بن حارثة لقوله تعالى"ادعوهم لأبائهم"


وعــند مجيئ الإسلام كـــان زيد من أوائـل الذين أسلموا، وأصبح أميناً لـــسر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقائداً لــبعوثه
وسراياه وأحد خــلفائه عـلى المدينة إذا غــــادرها النبي صـلى الله عــليه وسلم .. وقــــد أحبه الـرسول صلى الله عليه وسـلم
حبًّــا عـظـيمًـا و شاع هذا الحب بين الــمسلمين فـدعـوه بـزيد الحبّ وأطـــلقوا عـليه لـقب حِبِّ حـتى عــرف بـحِب رسـول الله.

ومن بين المواقف التي حدثت لزيد : أن عائشة
رضي الله عنها قالت [ قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه
وسلم
في بيتي فقرع الباب فقام إليه الرسول صلى الله عليه وسلمعرياناً ليس عليه إلا ما يستر ما بين سرته وركبته ومضى
إلى الباب يجر ثوبه فاعتنقه وقبله ووالله ما رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلمعريانا قبله ولا بعده] جامع الأصول وأخرجه الترمذي .



وفي السنة الثامــنة مـــن الـهجرة بــعث الـرسول صلوات الله وسلامه عليه، الحارث بن عمير الأزدي بكتاب إلى ملك بصرى
يــدعوه فيه إلى الإسلام، فلمــا بلغ الحارث "مؤتة" بشرقي الأردن، قتله أحد أمراء الغساسنة فاشتد ذلك على النبي
صلوات
الله وسلامه عليه
فجهز جيشـاً مــن ثلاثة آلاف مقاتل لغزو مؤتة، وولى على الجيش حبيبه زيد بن حارثة، وقــال : إن أصيب
زيد فتكون القيادة لـجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر كانت إلى عبد الله بن رواحة، فإن أصيب عبد الله فليختر المسلمون
لأنفسهم رجلاً منهم .. مضى جيش المسلمين الذي بلغ عددهم
ثلاثة آلاف‏ يواجه جيش الغسانين والروم البالغ عــــددهم مئتا
ألف
وكــان اللقاء على أرض مؤتة، فقاتل المسلمون، رغم قلة عددهم مقارنة مع العدو، قتالاً أذهل الروم وملأ قلوبهم هيبةً
وجـــالد زيد بن حارثة عن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم جـــلاداً لـم يعرف له تاريخ البطولات مثيلاً حتى خرقت جسده
مئات الرماح
فـــخر صريعــاً يسبح في دمــائه، فتناول منه الراية جعفر بن أبي طالب وطفق يذود عنها أكرم الذود حتى لــحق
بصاحبه، فتناول منه الراية عبد الله بن رواحة فناضل عنها أبسل النضال حتى انتهى إلى ما انتهى إليه صاحباه، فأمَّر النــاس
عليهم خالد بن الوليد -وكان حديث إسلام- فانحاز بالجيش، وأنقذه من الفناء المحتم
.

حزن النبـي
صلى اللـه عليه وسلم على زيد حتى بكاه وانتحب، فقال له سعـد بن عبادة: " ما هذا يا رسـول الله ؟
"
قال صلى اللـه عليه وسلم : 'هذا بكاء الحبيب على حبيبه' .










ولــــد أسامة في السنة الســابعة قبل الهجرة وقد أدخلت ولادته الفرحة والسعادة في قلب رسول الله صلى الله عليه وســـــلم،
ولـــن نستغرب ذلك إذا عـــلمنا أنـه ابن مسلمين كريمين من أوائل المسلمين سبقا إلى الإسلام و من أكثرهم ولاءا للرسول
وقـربا منه فـأمّه هي
'بركةَ الحبشية' المكناة بأمِّ أيمن، وقد كانت مملوكة لآمنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وســـلم،
فــربَّته فــي حياتها، وحضنته بعد وفاتها، ففتح عينيه على الحياة، وهو لا يعرف أمًّا غيرها،
فأحبها النبي الكريم أعمق الحب
وأصــدقه،
أمّــا أبـــوه فهو حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة الذي تطرقنا سابقا إلى مكانته عند رســـول الله.

كــــان أسامة شديد السواد، أفـطس الأنف لكن النبي لم يهتم بشكله فـرباه النبي وأحبه حبًّا كـبيرا ، كما كان يحب أباه فسمي
الحِبّ بن الحبّ، وكان النبي يأخذه ويجلسه في فخذه هو و حفيده الحـسن ويقـول:
(اللهم أحبهما فإني أُحِبُّهما) [أحمد والبخاري].

ومـــــــن المواقف التي تظهر حب الرسول
لأسامة : عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: عثَـرَ أسامة عـلى عتبة الباب
فشَجَّ جبهتَهُ، فجعل رسول الله
صلى الله عليه وسلم يمصُّ شجّته ويمجُّ الدم
وهو يطيب خاطره بكلمات تفيض عذوبة وحنـــان.
وذات مـــرة اشترى الرسول صلى الله عليه وسـلم حَــلّةً كــانت لذي يَزَن،اشتراها بخمسين ديناراً،ثم لبسها رسول الله
صلى
الله عليه وسلم
وجـــــلس عـــــلى الــــمنبر للجمعة، ثــــم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فكسى الحُلّة أســــامة بن زيد.

وعندمـــا كــبر
أســــامة وبلغ أشده بدى عليه من كمال الصفات والخصال ما جعله جديرا بحب الرسول صلى الله عليه وسلم
حيث كـــــــان خفيف الروح، ذكيًّا حادَّ الذكاء، شجـاعًا خارق الشجاعة، حكيمًا يضع الأمور في مواضعها، عفيفًا يأنف الدنايا،
تقيًّا ورعًا، يحبّه الله، ويحبه الناس.



أسامة والجهاد :

أحب
أسامة الجهاد في سبيل الله رغم صغر سنه،
ففي يوم أُحُدْ جــاء أسامة إلى النبي يريد الجهاد في سبيل الله مع مجموعة
من رفقاءه فرده رسول الله لصغر سنه وقبل بعض أصحابه فبكى
أسامة وحزن كثيرا، وفي غزوه الخندق جاء أسامة ليطلب
الجهاد كالمرة السابقة وجـعل يشد قامته الى أعلى
فقبِله النبي عليه الصلاه والسلام وأجازه فحمل السيف جهاداً في سبيل الله
وهو ابن
خمس عشر سنة.


وفي يوم حنين ثبت
أســامة بن زيد مـــع العبـاس عم الرسول وأبي سفيان بن الحارث ابن عمه وستة نفر آخرين من كـرام
الصحابه فاستطاع الرسول
عليه الصلاه وسلام أن يحول هزيمة المسلمين إلى نصر بفضل هذه الفئه الصغيره المؤمنة الباسلة.

وفي معركه مؤته جاهد أسامة تحت لواء أبيه زيد بن حارثة وسنه دون الثامنة عشر فشهد مصرع أبيه لكنه لــــــم يضعف
ولم يستسلم وإنما ظل يقاتل تحت لواء من جــاءوا بعـده حتى انتصر المسلمون تحت لواء خالد بن الوليد،ثم عــــــــاد
أسامة
إلى المدينه محتسباً أباه عند الله راكبا جواده الذي استشهد عليه .



وفي السنة الحــــــــادية عشر للهجره أمر الرسول الكريم بتجهيز جيش لــــغزو الروم وأمّر عــلى الجيش أسامة بــــن زيد،
وهو لــــــــم
يتجاوز العشرين بعد، وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فـــلسطين، وكـــــــان في الجيش
أبو بكرالصديق،عمر بن الخطاب،سعد بن أبي وقاص،وأبو عبيدة بن الجراح،وغيرهم من كبار الصحابة،وفيما كان الجيش
يتجهز مرض رسول الله
صلى الله عليه وسلم فـتوقف الجيش عن المسير انتظارا لما تسفر عنه حاله صلى الله عليه وسلم

لكن الرسول
صلى الله عليه وسلم انتقل الى الرفيق الأعلى،فتولى أبو بكر الخلافة وأمر بانفاذ جيش أسامة رغم مــعارضة
بــعض الصحابة بأن يتولاهم
أســـــامة لصغر سنه فقال أبــو بكر: ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله لــن أنـزعــه
،

وخرج ماشيا ليودع الجيش بينما
أسامة راكبـا فقال له: يا خليفة رسول الله لتركـبن أو لأنزلن ، فـرد أبوبكر: والله لا تنـــزل
ووالله لا أركــب
، ومـا علي أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة
ثم استأذنه في أن يبقى الى جانبه عمر بن الخطاب قائـلا له :
إن رأيت أن تعينني بـــعمر فـــافعل، فـفعل.
وســــار الجيش وحـــارب الــروم وقضى على خطرهم، وعاد الجيش بلا ضحايا ..
وقال المسلمون عنه:
ما رأينا جيشا أسلم من جيش أسامة


بقيت مكانة
أسامة عند المسلمين كما هي قبل وفاة الرسول وفاءا له صلى الله عليه وسلم، وقـد فــرض عمر بن الخطاب
له مرة عطاءا أكثر ممــا فـــرضه على ابنه عبد الله بن عمر وشرح السبب لأبنه قائلا له :'
كــان أبــــوه أحــــب من أبيك
وكــان هــو أحب الى رسول الله منك' ،
وكان عمر عندما يلتقيه يقول له مرحبا بأميري ( لأن الرسول قد ولاه يوما عليه ).








كان زيد بن عمرو بن نفيل'والد سعيد'من الذين نفروا من عبادة الأصنام والأوثان فخرج من مكة وذهب ليلتمس دين الحق
بعدما رأى ما عليه قومه من ضلال وأنهم ليسوا على شئ وما يعبدون إلا أصناما لا تملك شيئاً، وأن
المعبود الحق هو الله

وعندمــــا صار إلى بلاد الشام ، ذهب لراهب عنده علم من الكتاب لعله يجد عنده بعض الأجوبة ، فأخبره الراهب بـــأن الله
سيبعث نبياً مـــن بـــلاده على دين ابــراهيم الحنيفية ، فذاك هو زمانه، فأراد زيد أن يرجع الي مكة التماساً للنبي الموعود،
ولكن شــــاء الله أن يُقتل قبـــل أن يبلغ مــكة فـــدعى الله وقــال
'اللهم إن كنت حرمتني هذا الخير فلا تحرم منه ابني سعيدا'

واستجــــاب الله دعـــوته فــكان
سعيد بن زيد في طليعة مَـــن آمنوا بالله، وصدَّقوا رسالة نبيِّه، وأسلمت معه زوجته فاطمة
بنت الخطــــاب،
أخت سيدنـــا عــــمر بن الخطـــــــاب، وكــــانا سببًـــا فـــي إســــــلام عمر بـــن الخطــــاب رضـي الله عنــه.



أســــلم
سعيد بن زيد رضي الله عنـه وسنُّه لــم تـتـجاوز العشرين بعد، فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد
كلَّها إلا بدرًا،فقد غاب عنها في ذلك اليوم لأنه كان في مهمّة كلَّفه إياها النبي
صلى الله عليه وسلم، وأسهم مع المسلمين
في استلال عرش كسرى .. وتقويض الملك قيصــر، وكــانت من أجـمل بطولاتـه تلك التي خــــاضها في معركة اليرموك


ويصف سعيد بن زيد تلك الـمعركة قائلاً: لما كان يوم اليرموك كنا أربعة وعشرين ألفاً ونحواً من ذلك، فخرجت لنا الروم
بـ
عشرين ومائة ألف،وأقبلوا علينا بخطى ثقيلة كأنهم الجبال تحركها أيد خفية. . فلما رآهم المسلمون على حـــــالهم هذه
هالتهم كثرتهم وخالط قلوبهم شيء من خوفهم،عند ذلك قام
أبو عبيدة فخطب في الناس وحثهم على القتال.عند ذلك خرج
رجل من صفوف
المسلمين وقال لأبي عبيدة:إني أزمعت على أن أقضي أمري الساعة. فهل لك من رسالة تبعث بها إلى
رسول الله؟ فقال أبو عبيدة: نعم. تقرئه مني ومن المسلمين السلام وتقول له: يارسول الله إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حـقـاً
.
قال سعيد: فما إن سمعت كلامه ورأيته يمتشق حسامه ويمضي إلى لقاء أعداء الله حتى اقتحمت إلى الأرض وجــــــثوت
على ركبتي
وأشرعت رمحي وطعنت أول فارس أقبل علينا. ثم وثبت على العدو وقد انتزع الله كل ما في قلبي من الخوف.
فثــار النــاس فــي وجــــــــوه
الــــروم .. ومـــــــــــــــا زالـــــوا يقـــــــاتلونهم حـــتى كــــــتب الله لـــــلمؤمنين الـــــــنصر
.

وشـــهد بعدها سعيد فتح دمشــق، وكـــــــان
أول من وليَ إمــــرتها من المسلمين،
وهو
أحد العشرة المبشَّرين بالجنة.



ومع هذه الفضائل النادرة كان سعيد بن زيد مستـجاب الدعوة،فقد روي أنَّ إمرأة تدعى أروى خاصمت سعيدا في بعض داره
واتهمته زورا باغتصاب أرضهـا ، فــقال
سعيد :"دَعُوهَا وَإِياهَا؛ فَإِني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: "مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِـنَ الأَرْضِ
بِغَيْرِ حَقهِ، طُوِّقَهُ فِي سَبْعِ أَرضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
،فدعى وقال
"اللهم إنها قد زعمت أني ظلمتها فإن كانت كاذبة فأعم بصرها
وألـــقها في بئرها الـــــذي تـنـازعنـي فيـه.. وأظـهـر مـــن حــــقي نـــــــــــــــوراً يبين لــلمـسلمين أنـي لـــم أظـلـمـهـــــــــا".
وبعد قليل فاض وادي العقيق في المدينة بسيل عرم فكشف عن الحد الذي كانا يختلفان فيه.وظهر للـمسلمين أنه كان صادقاً.
ولـــم تلبث المـرأة إلا شـــهراً حتى عميت .. وبينما هي تطوف في أرضها تلك سقطت في بئرها فماتت فتحدث الناس في ذلك.