[منقول] جابر عثرات الكرام....قصة

[ منتدى اللغة العربية ]


النتائج 1 إلى 3 من 3

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    الصورة الرمزية روَاء

    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المـشـــاركــات
    896
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي [منقول] جابر عثرات الكرام....قصة



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



    جابر عثرات الكرام

    عن شيبة الدمشقي قال : كان في زمن سليمان بن عبدالملك رجل من بني أسد يقال له : خزيمة بن بشر ، مشهور بالمروءة والكرم والمواساة ، وكانت نعمته وافرة ، فلم يزل على تلك الحال حتى افتقر ، فأحتاج إلى إخوانه الذين كان يواسيهم ويتفضل عليهم ، فواسوه حيناً ثم ملّوه ، فلما لاح له تغيرهم ، قال لامرأته : يابنة عم ، قد رأيت من إخواني تغيراً ، وقد عزمت على لزوم بيتي إلى أن يأتيني الموت ، ثم اغلق بابه عليه، واقام يتقوّت بما عنده حتى نفد ، وبقي حائراً في حاله .

    وكان عكرمة الفياض والياً على الجزيرة ، فبينما هو في مجلسه وعنده جماعة من أهل البلد ، إذ جرى ذكر خزيمة
    فقال عكرمة : ما حاله ؟
    فقالوا : صار في أسوأ الأحوال ، وقد اغلق بابه ، ولزم بيته .
    فقال عكرمة : فما وجد خزيمة بن بشر مواسياً ولا مكافئا !
    قالوا : لا .
    فأمسك عن ذلك ، فلما كان الليل عمد إلى أربعة آلاف دينار ، ووضعها في كيس واحد ، وخرج متنكراً سراً حتى وقف بباب خزيمة وطرقه ، فخرج خزيمة ، فقال له : أصلح بهذا شأنك ، فتناوله فوجده ثقيلاً ، فقبض خزيمة على لجام الدابة ، وقال : من أنت ، جعلت فداءك ؟
    قال له : ما جيئتك في هذا الوقت وأنا أريد أن تعرفني .
    قال خزيمة : فما اقبله أو تخبرني من أنت ؟
    قال : أنا جابر عثرات الكرام ، ثم انصرف .

    فدخل خزيمة داره وهو يتحسس الكيس والدراهم غير مصدق . ورجع عكرمة إلى منزله ، فوجد امرأته قد افتقدته وارتابت ، ولطمت خدها ، فلما رآها على تلك الحال قال لها : ما دهاك يا ابنة عم ؟
    قالت : سوء فعلتك بأبنة عمك ، أمير الجزيرة لا يخرج في هدأة من الليل سراً دون غلمانه إلا إلى زوجة أو سرية !
    قال : لقد علم الله ما خرجت لواحدة منها
    قالت : فخبرني فيم خرجت ؟
    قال : يا هذه لم اخرج في هذا الوقت إلا وأنا لا أريد ألا يعلم بي أحد ،
    قالت : لا بد أن تعلمني
    قال : فاكتميه إذاً
    قالت : سأفعل
    فأخبرها بالقصة على وجهها
    فقالت : قد سكن قلبي .

    ثم أن خزيمة اصبح ، فصالح غرمائه واصلح من حاله ، ثم تجهز قاصدا سليمان بن عبدالملك ، فلما حضره ، أستأذن عليه ، فأذن له سليمان لما يعلم من مروءته ، فأخذ سليمان يسأله عن حاله وسبب إبطاءه عنه ، فأخبره خزيمة بقصة زائر الليل
    فقال سليمان : هل عرفته ؟
    قال : لا والله لأنه كان متنكراً ، وما سمعت منه إلا جابر عثرات الكرام
    فتلهف سليمان على معرفته وقال : لو عرفناه لأعنّاه على مروءته
    ثم قال : على بقناة ، وعقد لخزيمة ولاية الجزيرة وعلى عمل عكرمة الفياض ، واجزل عطاياه ، وأمره بالتوجه إلى الجزيرة .

    فخرج خزيمة إليها ، فلما قرب منها خرج عكرمة وأهل البلدة للقائه ، وسارا جميعاً إلى أن دخلا البلد ، فنزل خزيمة دار الإمارة ، وأمر أن يؤخذ عكرمة ويحاسب ، فحوسب ، ففضل عليه مال كثير ، فطلبه خزيمة بالمال
    قال عكرمة : مالي إلى شيء منه من سبيل
    فأمر بحبسه ، ثم بعث يطالبه
    فأرسل إليه : إني لست ممن يصون ماله بعرضه ، فأصنع ما شئت ، فأمر به فكبِّل بالحديد ، وضيّق عليه ، فأقام على ذلك شهراً ، فأضناه ثقل الحديد وأضر به .

    وبلغ ذلك ابنة عمه ، فدعت جارية لها ذات عقل ، وقالت : امض الساعة إلى باب هذا الأمير ، فقولي عندي نصيحة ، ولا أقولها إلا للأمير نفسه ، فإذا دخلت عليه سليه في الخلوة : ما كان هذا جزاء جابر عثرات الكرام منك في مكافأتك له بالضيق والحبس والحديد ! ففعلت الجارية ذلك
    فلما سمع خزيمة قولها قال : واسوأتاه ! جابر عثرات الكرام غريمي !
    قالت : نعم ، فأمر من وقته بدابته فأسرجت ، وركب إلى وجوه أهل البلد ، فجمعهم وسار بهم إلى باب الحبس ففتح ، ودخل فرأى عكرمة الفياض في قاع الحبس متغيراً ، قد أضناه الضّر . فلما نظر عكرمة إلى خزيمة وإلى الناس احشمه ذلك ، فنكس رأسه . فأقبل خزيمة حتى انكب على رأسه فقبّله ، فرفع رأسه إليه وقال : ما أعقب هذا منك ؟
    قال : كريم فعالك وسوء مكافأتي .
    قال : يغفر الله لنا ولك ، ثم أمر بفك قيوده ، وان توضع في رجليه ، فقال عكرمة : تريد ماذا ؟
    قال : أريد أن ينالني من الضّر مثل ما نالك .
    فقال : اقسم عليك بالله ألا تفعل .
    فخرجا جميعاً إلى أن وصلا إلى دار خزيمة ، فودعه عكرمة ، وأراد الانصراف ، فلم يمكنه من ذلك ، وقال : وما تريد ؟
    قال : أغير من حالك ما أراه ، ثم أمر بالحمام فأخلي ودخلا جميعاً ، ثم قام خزيمة فتولى خدمته بنفسه ، وسأله أن يسير معه إلى أمير المؤمنين ، فأنعم له بذلك .

    فسارا جميعا حتى قدما على سليمان بن عبدالملك ، فراعه قدوم خزيمة بدون أمره مع قرب العهد به ، فأذن لخزيمة ، فلما دخل عليه قال له قبل أن يسلم : ما وراءك يا خزيمة ؟
    قال : خير يا أمير المؤمنين ، ظفرت بجابر عثرات الكرام ، فأحببت أن أسرك لما اعلم من شوقك إلى رؤيته
    قال : ومن هو ؟
    قال : عكرمة الفياض
    فأذن له بالدخول ، فدخل وسلم عليه وأدناه من مجلسه
    وقال : يا عكرمة ، كان خيرك له وبالاً عليك ، ثم قضى حوائجه وأمر له بعشرة آلاف دينار ، ودعا بقناة وعقد له على الجزيرة وأرمينية وأذربيجان ، وقال له : أمر خزيمة بيدك ، أن شئت أبقيته وأن شئت عزلته
    قال : بل أرده إلى عمله يا أمير المؤمنين
    ثم انصرفا جميعاً ، ولم يزالا عاملين لسليمان مدة خلافته
    التعديل الأخير تم بواسطة طَيْفْ ; 31-10-2012 الساعة 03:19 PM سبب آخر: بارك الله فيكِ، وجبر عثراتكِ يا كريمة ^^

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...