حين يحدثك الناس عن الحياة هنا , في حلب مثلا , فإنهم يتحدثون عما هو "استثنائي " أو ما يدخل في حيز "المبالغة " .. وسينسون لفرط هشاشة الذاكرة أن كثيرا مما أصبح "اعتياديا" تماما , كان يصنف في خانة "الفنتازيا " و"الخيال " ..
سينسون الحديث عن الأحياء المسورة بالشراشف لتضليل القناصة وحجب أكبر قدر ممكن من الرؤوس عن فوهات البارود .. لأنها أصبحت جزءا من اليومي والمألوف ..
وبأن عمر الرابعة عشر , وربما اقل قليلا , اصبح عمرا يليق بصاحبه الموت عالي السلاح على جبهة النار .. وأن صاحبه أكثر بكثير من رجل !
سينسون أن مرأى الأطفال الذين يجمعون النحاس والبلاستيك والحديد من تحت الانقاض لم يكن عاديا في وقت ما ..
لن يحدثك احد عن المشهد اليومي الذي يتحول فيه النهر الصغير إلى يد حانية تحمل الموتى من الطرف الآخر من المدينة .. وسيصبح تجمع الناس حول نهر قويق منتظرين "كم جثة أرسلها النظام ؟ " مشهدا لا يلفت انتباه المتسوقين على حواف الصورة ..
لن يحدثك الناس عما هو أقل شأنا من السكود .. أو عما لا يمس وجعهم الخاص .. وعليك أنت أن تجتاز صف الكلام وتنفذ إلى عالم الرؤى المجنونة التي تغتال المدينة ..
أسامة غاوجي
المفضلات