احفظوا ألسنتكم سلامة لدينكم

[ منتدى نور على نور ]


النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    الصورة الرمزية Jodie

    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    المـشـــاركــات
    556
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي احفظوا ألسنتكم سلامة لدينكم



    احفظوا ألسنتكم سلامة لدينكم

    أحمد بن عبد الله القاضي

    أَيُّهَا المُسلِمُونَ!
    لقد تأملت في حال ألسنتنا اليوم فوجدتها نارا تحرق، وأفاعي تلدغ، ويا لها من ألسنة! تزرع الهموم، وتثمر الغموم، وتجني الشرور، وتورث الحقد والغلّ في الصدور.
    وعليه كان لا بد من تذكير المؤمن عن خطر اللسان فرغم صغر حجمه لكنه عظيم جرمه؛ لذا ممّا ينبغي التنبيه عليه أنّ من الأصول المقطوع بها في الإسلام وجوب صيانة اللّسان عن أذيّة أهل الإيمان، ولاسيما ونحن نرى الفرية والكذب على الآخرين عبر وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية.
    ومن هنا نقول: لقد حرّم الإسلام هتك أعراض المسلمين والتقول عليهم بغير حق، فالغيبة مرض خطير وداء فتّاك ومِعول هدّام، سبّب في تفرّق كثير من الناس، والتي حقيقتها ذكر مساوئ الإنسان وما يكرهه في غيبته، إنّ الغيبة خصلة ذميمة تّنم عن ضعف الإيمان وسلاطة اللّسان وخبث الجنان، فما أكبر خطرها وما أعظم جرمها، يقول عليه الصّلاة والسّلام:

    « يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين،
    ولا تتّبعوا عوراتهم فإنّه من تتبّع عورة مسلم تتبّع الله عورته ،
    ومن تتبّع الله عورته كشفه ولو في جوف بيته ».

    إِنَّ لَنَا دِينًا عَظِيمًا وَمَنهَجًا كَرِيمًا، حُرِصَ فِيهِ عَلَى أَن تَبقَى العلاقَاتُ بَينَنَا قَوِيَّةً لا تُضعِفُهَا أَدنى هَزَّةٌ، وَأَن تَظَلَّ الأَوَاصِرُ مُحكَمَةَ البِنَاءِ لا يَنقُضُهَا أَيُّ عَاصِفٍ.
    «والمُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ لا يَخذُلُهُ وَلا يَحقِرُهُ»
    وَلأَنَّ الكَلِمَةَ السَّيِّئَةَ مِن أَخطَرِ الآفَاتِ الَّتي تَفتِكُ بِالمُجتَمَعَاتِ وَتُدَمِّرُ مَا بَينَ أَفرَادِهَا مِن علاقَاتٍ، فَقَد جَاءَ الأَمرُ لِعِبَادِ اللهِ أَن يَقُولُوا الَّتي هِيَ أَحسَنُ، قَالَ سبحانه:
    {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطَانَ يَنزَغُ بَينَهُم}
    [الإسراء:35]
    فَالَكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ الحَسَنَةِ لا يَجِدُ مَعَهَا الشَّيطَانُ مَجَالاً لِلإِفسَادِ بَينَ النَّاسِ أَو إِيغَارِ صُدُورِ بَعضِهِم عَلَى بَعضٍ، وَمَا ظَفِرَ عَدُوُّ اللهِ مِنِ اثنَينِ بِثَغرَةٍ يَنفُذُ مِنهَا عَلَيهِمَا وَيَنزِغُ بَينَهُم فِيهَا بِمِثلِ الكَلِمَةِ الخَبِيثَةِ السَّيِّئَةِ، مِن لِسَانِ قَاصِدٍ لِلشَّرِّ مُتَعَمِّدٍ لِلإِفسَادِ، أَو آخَرَ غَافِلٍ عَنِ الخَيرِ وَالإِصلاحِ.
    وَمِن ثَمَّ فَلا عَجَبَ أَن يَكُونَ مِنَ الإِيمَانِ أَن يَقُولَ المَرءُ حَسَنًا أَو يَسكُتَ عَن سَيِّئٍ، في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
    «وَمَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرًا أَو ليصمت».
    أَلا وَإِنَّ الغِيبَةَ مِن أَخطَرِ آفَاتِ اللِّسَانِ الَّتي تَفعَلُ الكَلِمَةُ فِيهَا في القُلُوبِ الأَفَاعِيلَ، وَقَد تَكُونُ كَالقَذِيفَةِ المُسَدَّدَةِ لِلأَفئِدَةِ، فَتُفسِدُ وُدًّا قَدِيمًا أَو تَمحُو حُبًّا مُتَمَكِّنًا، أَو تَقتُلُ ثِقَةً مُتَبَادَلَةً أَو تَقطَعُ علاقَةً مُحكَمَةً، إِنَّهَا الآفَةُ المُستَشرِيَةُ وَالمَرَضُ الفَتَّاكُ، الَّذِي مَا انتَشَرَ في مُجتَمَعٍ إِلاَّ قَامَت فِيهِ سُوقُ الظُّنُونِ السَّيِّئَةِ، وَنَبَتَ فِيهِ التَّحَسُّسُ وَالتَّجَسُّسُ، وَظَهَرَ فِيهِ الحِقدُ وَالحَسَدُ وَالتَّشَفِّي، وَرُبَّمَا بَلَغَ أَثَرُهَا في إِفسَادِ المُجتَمَعِ مَا لم تَفعَلْهُ بَعضُ الغَارَاتِ وَالحُرُوبِ، وَلَقَد بَالَغَ القُرآنُ الكَرِيمُ وَالسُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ في عِلاجِ هَذَا المَرَضِ الخَطِيرِ، وَبَلَغَ التَّحذِيرُ مِنهُ وَتَبشِيعُهُ وَتَقبِيحُ صُورَتِهِ حَدًّا لا تَقدِرُ النُّفُوسُ وَالقُلُوبُ بَعدَهُ عَلَى تَحَمُّلِهِ وَلا أَن تَنطَوِيَ عَلَيهِ، إِلاَّ أَن تَكُونَ نُفُوسًا خَبِيثَةً وَقُلُوبًا قَاسِيَةً، فَفِي سُورَةِ الحُجُرَاتِ، الَّتي احتَوَت مِن آداب التَّعَامُلِ بَينَ النَّاسِ عَلَى أَعظَمِهَا وَأَكمَلِهَا، فهي َتُنَظِّمُ أَقوَالَ المُسلِمِينَ وَتَضبِطُ أَلسِنَتَهُم، نَجِدُ النَّهيَ عَنِ الغِيبَةِ الَّتي هِيَ سَبَبٌ مِن أَسبَابِ فَسَادِ العلاقَاتِ وَاختِلافِ الوُدِّ، وَنَلحَظُ أَنَّهَا صُوِّرَت لِبَشَاعتِهَا بِأَقبَحِ صُورَةٍ، إِنَّهَا الصُّورَةُ الَّتي لا تَقبَلُهَا نَفسٌ سَوِيَّةٌ زَكِيَّةٌ، صُورَةُ الرَّجُلِ الآكِلِ مِن لَحمِ أَخِيهِ المَيِّتِ، وَهِيَ البَهِيمِيَّةِ الَّتي لم يَقبَلْهَا الإِنسَانُ عَلَى مَرِّ العُصُورِ لا في جَاهِلِيَّةٍ وَلا في إِسلامٍ، قَالَ سبحانه:
    {وَلا يَغتَبْ بَعضُكُم بَعضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُم أَن يَأكُلَ لَحمَ أَخِيهِ مَيتًا فَكَرِهتُمُوهُ
    وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}
    [الحجرات:12].
    وَأَمَّا الأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ الكَرِيمَةُ، وَالَّتي حَذَّرَت مِنَ الغِيبَةِ وَنَهَت عَنهَا وَبَيَّنَت خَطَرَهَا وَشَدِيدَ ضَرَرِهَا فَكَثِيرَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ، رَوَى مُسلِمٌ عَن أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
    «أَتَدرُونَ مَا الغِيبَةُ؟
    قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ.
    قَالَ: ذِكرُكَ أَخَاكَ بما يَكرَهُ،
    قِيلَ: أَفَرَأَيتَ إِن كَانَ في أَخِي مَا أَقُولُ؟
    قَالَ: إِن كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغتَبتَهُ، وَإِن لم يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَد بَهَتَّهُ».
    وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
    «لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرتُ بِقَومٍ لَهُم أَظفَارٌ مِن نُحَاسٍ، يَخمِشُونَ وُجُوهَهُم وَصُدُورَهُم،
    فَقُلتُ: مَن هَؤُلاءِ يَا جِبرِيلُ؟
    قَالَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ في أَعرَاضِهِم».
    وَعَن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَت: قُلتُ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:
    «حَسبُكَ مِن صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا تَعنِي قَصِيرَةً
    فَقَالَ: لَقَد قُلتِ كَلِمَةً لَو مُزِجَت بِمَاءِ البَحرِ لَمَزَجَتْهُ،
    قَالَت: وَحَكَيتُ لَهُ إِنسَانًا، فَقَالَ:
    مَا أُحِبُّ أَنِّي حَكَيتُ إِنسَانًا وَأَنَّ لي كَذَا وَكَذَا»
    [رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ].
    وَعَن أَبي بَكرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
    «بَينَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي وَرَجُلٌ عَلَى يَسَارِهِ، فَإِذَا نَحنُ بِقَبرَينِ أَمَامَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
    إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ، وَبَلَى، فَأَيُّكُم يَأتِيني بِجَرِيدَةٍ؟
    فَاستَبَقنَا فَسَبَقتُهُ فَأَتَيتُهُ بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا نِصفَينِ،
    فَأَلقَى عَلَى ذَا القَبرِ قِطعَةً وَعَلَى ذَا القَبرِ قِطعَةً،
    قَالَ: إِنَّهُ يُهَوَّنُ عَلَيهِمَا مَا كَانَتَا رَطبَتَينِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ إِلاَّ في الغِيبَةِ وَالبَولِ»
    [رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ، وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ].
    وَعَلَى فَدَاحَةِ الرِّبَا وَعِظَمِ خَطَرِهِ وَسُوءِ أَثَرِهِ، وَكَونِهِ مُحَارَبَةً للهِ وَرَسُولِهِ وَأَكلاً لِلمَالِ بِغَيرِ حَقٍّ، فَقَد جَاءَ ذَمُّ الغِيبَةِ بِجَعلِهَا مِن أَعظَمِ الرِّبَا.
    فَعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ أَمرَ الرِّبَا وَعَظَّمَ شَأنَهُ، وَقَالَ:
    «إِنَّ الدِّرهَمَ يُصِيبُهُ الرَّجُلُ مِنَ الرِّبَا أَعظَمُ عِندَ اللهِ في الخَطِيئَةِ
    مِن سِتٍّ وَثَلاثِينَ زَنيَةً يَزنِيهَا الرَّجُلُ، وَإِنَّ أَربى الرِّبَا عِرضُ الرَّجُلِ المُسلِمِ»
    [رَوَاهُ ابنُ أَبي الدُّنيَا وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ].

    لَقَد حَرَصَ الإِسلامُ عَلَى إِضفَاءِ السِّترِ وَحِمَايَةِ الأَعرَاضِ بما لا مَزِيدَ عَلَيهِ، وَحَذَّرَ مِنِ انتِهَاكِ الأَعرَاضِ بِالبَاطِلِ، وَنَهَى عَنِ الخَوضِ فِيهَا بِغَيرِ حَقٍّ، حَتَّى لَقَد سَوَّى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عِرضَ المُسلِمِ في الحُرمَةِ بِدَمِهِ وَمَالِهِ، حَيثُ قَالَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ:
    «إِنَّ دِمَاءَكُم وَأَموَالَكُم وَأَعرَاضَكُم عَلَيكُم حَرَامٌ
    كَحُرمَةِ يَومِكُم هَذَا في شَهرِكُم هَذَا في بَلَدِكُم هَذَا»
    [مُتَّفَقٌ عَلَيهِ].
    وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
    «لا تَحَاسَدُوا وَلا تَنَاجَشُوا وَلا تَبَاغَضُوا وَلا تَدَابَرُوا،
    وَلا يَبِعْ بَعضُكُم عَلَى بَيعِ بَعضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخوَانًا،
    المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ لا يَخذُلُهُ وَلا يَحقِرُهُ، التَّقوَى هَاهُنَا وَأَشَارَ إِلى صَدرِهِ،
    بِحَسبِ امرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَن يَحقِرَ أَخَاهُ المُسلِمَ،
    كُلُّ المُسلِمِ عَلَى المُسلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرضُهُ»
    [رَوَاهُ مُسلِمٌ].
    فَهَل ثَمَّةَ بَيَانٌ لِعِظَمِ حُرمَةِ عِرضِ المُسلِمِ أَعظَمُ مِن هَذَا البَيَانِ وَأَوضَحُ مِنهُ؟! وَحِينَ يَرَى بَعضُ النَّاسِ الإِسلامَ مُجَرَّدَ أَعمَالٍ ظَاهِرَةٍ يَخُصُّ بها نَفسَهُ، ثُمَّ يَنسَى حُقُوقَ الآخَرِينَ وَيَخُوضُ في أَعرَاضِهِم، وَلا يَدرِي عَظِيمَ أَجرِهِ لَو أَصلَحَ وَكَبِيرَ ذَنبِهِ كُلَّمَا أَفسَدَ، فَقَد بَيَّنَ صلى الله عليه وسلم صِفَةَ المُسلِمِ الحَقِيقِيِّ بِقَولِهِ:
    «المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ»
    [رَوَاهُ مُسلِمٌ].
    وَبَيَّنَ صلى الله عليه وسلم عُلُوَّ دَرَجَةِ المُصلِحِ بَينَ النَّاسِ، فَقَالَ:
    «أَلا أُخبِرُكُم بِأَفضَلَ مِن دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ؟
    قَالُوا: بَلَى.
    قَالَ: إِصلاحُ ذَاتِ البَينِ؛ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَينِ هِيَ الحَالِقَةُ».

    وَحَذَّرَ في المُقَابِلِ مَن تَعَرَّضَ لِلمُسلِمِينَ بِالأَذَى بِالنَّارِ وَالبَوَارِ وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ وَفَعَلَ مَا فَعلَ، فَعَن أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:
    «يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ فُلانَةَ تَقُومُ اللَّيلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ، وَتَفعَلُ وَتَصَّدَّقُ، وَتُؤذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
    لا خَيرَ فِيهَا، هِيَ مِن أَهلِ النَّارِ،
    قَالَ: وَفُلانَةُ تُصَلِّي المَكتُوبَةَ وَتَصَّدَّقُ بِأَثوَارٍ مِنَ الأَقِطِ وَلا تُؤذِي أَحَدًا.
    فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هِيَ مِن أَهلِ الجَنَّةِ».
    وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
    «أَتَدرُونَ مَنِ المُفلِسُ؟
    قَالُوا: المُفلِسُ فِينَا مَن لا دِرهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ.
    فَقَالَ: المُفلِسُ مِن أُمَّتي مَن يَأتي يَومَ القِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ،
    وَيَأتي قَد شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا،
    فَيُعطَى هَذَا مِن حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِن حَسَنَاتِهِ،
    فَإِنْ فَنِيَت حَسَنَاتُهُ قَبلَ أَن يُقضَى مَا عَلَيهِ
    أُخِذَ مِن خَطَايَاهُم فَطُرِحَت عَلَيهِ ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ»
    [رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ].
    وَإِذَا كَانَتِ الغِيبَةُ تَحمِلُ كُلَّ هَذَا السُّوءِ، فَإِنَّ ثَمَّةَ نَوعًا مِنهَا أَعظَمَ ذَنبًا وَأَكبَرَ جُرمًا، إِنَّهُ البُهتَانُ، حِينَ يَظلِمُ المَرءُ أَخَاهُ بِذِكرِهِ مَا لَيسَ فِيهِ، وَهِيَ الكَبِيرَةُ الَّتي حَذَّرَ المَولى جل وعلا عِبَادَهُ مِنهَا حَيثُ قَالَ:
    {وَالَّذِينَ يُؤذُونَ المُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ بِغَيرِ مَا اكتَسَبُوا
    فَقَدِ احتَمَلُوا بُهتَانًا وَإِثمًا مُبِينًا}
    [الأحزاب:58].
    وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
    «خَمسٌ لَيسَ لَهُنَّ كَفَّارَةٌ:
    الَشِّركُ بِاللهِ،
    وَقَتلُ النَّفسِ بِغَيرِ حَقٍّ،
    وَبَهتُ المُؤمِنِ،
    وَالفِرَارُ مِنَ الزَّحفِ،
    وَيَمِينٌ صَابِرَةٌ يَقتَطِعُ بها مَالاً بِغَيرِ حَقٍّ»
    [رَوَاهُ أَحمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ].

    وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:
    «وَمَن قَالَ في مُؤمِنٍ مَا لَيسَ فِيهِ أَسكَنَهُ اللهُ رَدغَةَ الخَبَالِ حَتَّى يَخرُجَ مِمَّا قَالَ»
    [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ]
    ، وَرَدغَةُ الخَبَالِ هِيَ: عُصَارَةُ أَهلِ النَّارِ.
    أَلا فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ! وَلْيَبْكِ امرُؤٌ عَلَى نَفسِهِ وَلْيَحذَرْ خَطِيئَتَهُ، فَإِنَّ اللهَ لم يَبعَثْهُ عَلَى الخَلقِ رَقِيبًا، وَإِذَا لم يَكُنْ مِنَ المَرءِ لأَخِيهِ خَيرٌ وَبِرٌّ، فَلا يَكُنْ مِنهُ شَرٌّ عَلَيهِ وَلا ضُرٌّ، وَرَحِمَ اللهُ امرَأً قَالَ خَيرًا فَغَنِمَ، أَو سَكَتَ عَن شَرٍّ فَسَلِمَ، وَنِعمَ الأَخُ مَن ذَبَّ عَن عِرضِ أَخِيهِ، قَالَ عليه الصلاة والسلام:
    «مَن ذَبَّ عَن عِرضِ أَخِيهِ بِالغِيبَةِ
    كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَن يُعتِقَهُ مِنَ النَّارِ».
    وَقَالَ:
    «مَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ».
    والمؤمن مأمور بأن يكون كلامه مستقيماً لا اعوجاج فيه ولا انحراف، قال تعالى:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *
    يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
    وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
    [الأحزاب:70-71].

    وألا يُحدِّث بكل ما سمع، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
    «كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع».
    ولقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال:
    ((( اللسان والفرج )))
    ها هو أبو بكر يراه عمر وهو ماسكٌ بلسانه ويشير إليه ويقول:
    "هذا أوردني الموارد".
    وهاهو ابن مسعود على الصفا يقول وهو يخاطب لسانه:
    "يا لسان قل خيراً تغنم واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم".

    وقال عمر:
    "من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت زلاته، ومن كثرت زلاته فالنار أولى به".
    وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    «إذا أصبح ابن ادم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول:
    اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا،
    وإن اعوججت اعوججنا»
    [رواه الترمذي].
    إن المسلم إذا سمح للسانه أن يلغو في هذه الأعراض وغيرها كان عرضة للضياع والإفلاس في الآخرة، وشتان بين إفلاس الدنيا وإفلاس الآخرة.
    يأتي ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: يا رسول الله! إني زنيت فطهرني وبعد إعراض النبي عنه ثلاث مرات أمر أصحابه برجمه بعد أن علم أنه قد فعل وبعد أن رجم إذا رجلان يتحدثان يقول أحدهما للآخر انظر إلى هذا ستره الله ففضح نفسه حتى رُجم رجم الكلب، فمر النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه بجيفة حمار فقال:
    «أين فلان وفلان فقالوا:
    لبيك يا رسول الله! انزلا فكلا من هذه الجيفة قالوا:
    يا رسول الله! وهل تأكل هذه الجيفة؟
    قال: ما نلتما من عرض أخيكما قبل انتن من هذه الجيفة».
    واعلموا أيها المسلمون أن الغيبة قد تكون في البدن والنسب والخلق والدين والدار والثوب، وأخبث أنواع الغيبة غيبة أهل الخير والصلاح والعلماء فلحومهم مسمومة.
    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
    «توفي رجل من أصحابه يعني النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل: أبشر بالجنة!
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    أولا تدري، فلعله تكلم بما لا يعنيه، أو بخل بما لا يغنيه»
    [رواه الترمذي].

    خطر الغيبة
    1- تحبط الأعمال وتأكل الحسـنات حتى قال أحدهم: "لو كنت سأغتاب أحداً لاغتبت أمي وأبي فهم أحق الناس بحسناتي".
    2- تفسـد المجالس وتقضي على الأخضر واليابس.
    3- صاحبها يهوى إلى الدرك الأسفل من النار.
    4- رذيلة الغيبة لا تقل عن النميمة خطرا بل أشد منها ضرراً.
    5- صـفة من الصـفات الذميمة وخلة من الخلال الوضيعة.

    الأسباب التي تبعث على الغيبة

    1- تشفي الغيظ بأن يحدث من شخص في حق آخر؛ لأنه غضبان عليه أو في قلبه حسداً وبغض عليه.
    2- موافقة الأقران ومجاملة الرفقاء كأن يجلس في مجلس فيه غيبه ويكره أن ينصحهم لكي لا ينفروا منه ولا يكرهونه.
    3- إرادة ترفيع النفس بتنقيص الغير.
    4- يغتاب لكي يضحك الناس وهو ما يسمى المزاح حتى يكسب حب الناس له.
    أما علاج الغيبة فهو كما يلي:
    1- ليعلم المغتاب أن يتعرض لسخط الله، وأن حسناته تنتقل إلى الذي اغتابه، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئاته.
    2- إذا أراد أن يغتاب يجب أن يتذكر نفسه وعيوبها ويشتغل في إصلاحها فيستحي أن يعيب وهو المعيب.
    3- وأن ظن أنه سالم من تلك العيوب اشتغل بشكر الله.
    4- يجب أن يضع نفسه مكان الذي اغتيب لذلك لن يرضى لنفسه تلك الحالة.
    5- يبعد عن البواعث التي تسبب الغيبة ليحمي نفسه منها.
    بعد كل هذا لنتعاهد أن لا ننطق إلا بما يرضي الله سبحانه وتعالي، فنحن نتحدث كثيراً وننسى.. ولنتذكر قوله تعالي:
    {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}
    [ق:18].

    الأمور التي تساعد على النميمة

    إن مما يدفع الناس إلى النميمة بواعث خفية منها:
    1- جهل البعض بحرمة النميمة وأنها من كبائر الذنوب، وأنها تؤدي إلى شر مستطير وتفرق بين الأحبة.
    2- ما في النفس من غل وحسد.
    3- مسايرة الجلساء ومجاملتهم والتقرب إليهم وإرادة إيقاع السوء على من ينم عليه.
    4- أراد التصنع ومعرفة الأسرار والتفرس في أحوال الناس فينم عن فلان ويهتك ستر فلان.

    نسأل الله أن يحفظ ألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة وقلوبنا من النفاق, وأن يحفظ بلادنا من شر الأشرار, وأن ينصر المسلمين في أرض الشام ويدمر أعداءهم ولا يحقق لهم غاية ولا يرفع لهم راية إنه على ذلك قدير وبالإجابة ر.



  2. #2


    تاريخ التسجيل
    Apr 2013
    المـشـــاركــات
    27
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: احفظوا ألسنتكم سلامة لدينكم

    جزاكم الله خيراً ونفع بكم

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...