الإنتقام

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الإنتقام

  1. #1

    الصورة الرمزية faten

    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المـشـــاركــات
    97
    الــــدولــــــــة
    الجزائر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    icon19 الإنتقام

    السلام عليكم
    رواية الإنتقام هي رواية جديدة من رواياتي بعد أن أتممت سلسلة مؤلفات كونان وهيبارا للأبد
    أرجو أن تنال إعجابكم وأن يعينني الله على كتابتها لأن جدول أعمالي ودراستي مكتظ جدّا هذه الأيام
    أتمنى أن تستمتعوا بقراءة هذه الأسطر القليلة عن رواية الإنتقام مع العلم أني سأتأخر في وضع التكملة لتوضيح أحداث ومجريات القصة

  2. #2

    الصورة الرمزية faten

    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المـشـــاركــات
    97
    الــــدولــــــــة
    الجزائر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: الإنتقام

    الإنتقام
    قصة من تأليف مريم آيت حسين عن فتاة يتيمة تدعى مارلين تبنتها عائلة واطسن وجعلوها كابنتهم الحقيقية. وحدوث مشاكل بينها وبين أخيها أليكس عندما تكبر وكيف تحول الحب إلى كره والإمتنان إلى إنتقام. كلّ هذا سنعرفه من خلال هذه القصة.
    أبطال الرّواية:
    مارلين: هي ابنة رئيس شركة البناء جورج واطسن المتبنّاة
    جايسون بارك: صديق مارلين الحميم
    آرثر وتيريزا بارك: والدا جايسون بارك، يمتلكان القاعدة العسكرية لتدريب الجيش
    ميريندا: صديقة مارلين
    جورج واطسن: رئيس شركة البناء
    ماريا بلاند: زوجة جورج واطسن الأولى
    أليكس واطسن: الإبن الأكبر لجورج وماريا
    إيثن: الإبن الأصغر لعائلة واطسن
    ساندرا روميرو: زوجة جورج واطسن الثانية القادمة من إيطاليا


    الفصل الأوّل

    كان السيد جورج واطسن الوريث الوحيد لشركة البناء بعد رحيل والده السيّد توماس واطسن عن عمر يناهز التسعين عاما. كان رجلا شريفا ومخلصا جدّا في عمله، أقام هذه الشركة بعد جهد وتعب عظيم لتصل إلى ما هي عليه الآن ليتركها لابنه الوحيد والغالي جورج.
    كان جورج واطسن رجلا طويل القامة، ضخم الجثة، له شاربان كثيفان بارزان. عينين سوداوين توحي إلى حدّة الذكاء والمكر من جهة، وكذلك إلى القسوة من جهة أخرى، ولكنه كان رجلا طيّبا رغم أنّ مظهره لا يوحي إلى ذلك.
    ...بعد توليه منصب رئاسة شركة واطسن للبناء، حقق نجاحات كبرى لم تعرفها الشركة من قبل، مما جعله رجلا معروفا في أنحاء انجلترا وأوروبا عموما في وقت قياسي. وكان جميع سكان انجلترا فخورين بوجود شخص بمثل هذه الصّورة، وكانوا جميعا يحبّون تتبع أخباره بشتى الوسائل، فتراهم دائما يقرؤون في الصّحف جميع المقالات عنه، ولن تجد موقعا في الانترنت لم يضع إعلانا عن نجاح هذا الرّجل في إدارة هذه الشركة وعن تحقيقه للأرباح في مدّة زمنية قصيرة جدّا.
    وكان من بين المهتمّين بأمر جورج فتاة شابّة تدعى ماريا بلاند، وهي ابنة انطوان بلاند، الرّجل الأكثر ثراء في البلاد ومموّل معظم الشركات في انجلترا وأوروبا.
    ماريا بلاند، هي فتاة تبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عاما، طويلة ورشيقة، جذابة وأنيقة، ذات وجه ساحر وجميل. لها ذوق خاص في اختيار الملابس وتزيين نفسها، وهي امرأة معروفة جدّا في انجلترا لأنها الوريثة الوحيدة لأموال أبيها.
    كانت هذه الفتاة – ماريا بلاند – تحبّ نفسها كثيرا، وكانت تفعل أيّ شيء من أجل أن تكون الأجمل والأبرز بين النساء، حتى أنها فازت بمسابقة ملكة جمال بريطانيا في سنّ العشرين.
    ماريا بلاند، امرأة محبّة للحياة، مفعمة بالنشاط ومدللة جدّا من طرف أبيها. فقدت حنان أمها وهي في السّابعة إثر إصابتها بسرطان في معدتها ممّا أودى بحياتها. ومنذ موت والدتها، لم يبخل والدها أنطوان عليها بالحنان، وكان يلبّي جميع طلباتها ويحقق كلّ أمانيها.
    وعلى الرّغم من كلّ هذا الثراء وكلّ هذا الجمال والأناقة، لم تكن ماريا بلاند مهتمّة أبدا بالرّجال، فقد كان كلّ تركيزها وهمّها الوحيد هو تسيير شركتها الخاصّة التي أسّسها لها والدها بناء على طلبها، فقد أرادت أن تغدو امرأة ناجحة بمفردها من دون مساعدة أحد.
    ولكن هذا لا يعني أنّ الرّجال لم يكونوا مهتمّين بها، بل على العكس، فما من شاب في المنطقة إلا وهو يفكر في طريقة ليجعلها شريكة حياته لأمرين اثنين: أوّلا لجمالها الأخاذ السّاحر، وثانيا طمعا بمالها لأنها الوريثة الوحيدة لوالدها. وهذا ما جعلها لا تهتم بالرّجال لأنهم لا يفكرون إلا في مالها ولا يفكرون أبدا في حبّها بصدق.
    ولكنها مع ذلك...اهتمت برجل واحد فقط، وهو جورج واطسن، رجل السّاعة، وكانت حريصة على تتبّع أخباره بشتى الوسائل، وقرّرت تحديد لقاء عمل معه حتى تراه عن كثب، وتقابل هذا الرّجل العظيم الذي لا تكفّ الصحف عن الحديث عنه وعن إنجازاته ومشاريعه.
    استلم السّيد جورج اتصالا من سكرتيرة الآنسة ماريا سائلة إياه إذ ما كان بإمكانه مقابلة الآنسة بلاند في صباح الغد إن لم يكن مشغولا لمناقشة أمر يخصّ ميدان العمل. فأجابها بأنه لن يكون مشغولا وأنه بإمكانها المجيء إلى مكتبه في السّاعة العاشرة.
    أبلغت السكرتيرة جوليا الآنسة بلاند بشأن لقاءها بالسّيد واطسن، ففرحت كثيرا إذ أنه لم يكن مشغولا ليقابلها في الغد.
    ذهبت إلى بيت والدها في غبطة وسرور وقالت له: سوف أقابل جورج من أجل لقاء عمل يا أبي. أودّ أن أراه شخصيا لأرى هذا الرّجل العظيم الذي يهمّ العالم بأسره. فقال لها أنطوان: هذا رائع يا ابنتي، جميل جدّا أن يجمع بينك وبين السّيد جورج لقاء عمل، ولكن أي نوع من العمل؟
    -لا أعلم على وجه التحديد، بل لم أفكر فيه أبدا، كلّ ما أريده هو أن أقابل هذا الرّجل لأني أشعر بفضول شديد نحوه.
    -آه لقد فهمت.
    -أظنّ أنني سأطلب منه بعض النصائح أو أجعله يتولى قيادة مشروعي الجديد لأرى كيف ينجز أموره، فما رأيك بهذا يا والدي العزيز؟
    -فكرة جيّدة، لا بأس بها، وأنا موافق على ذلك.
    فقالت وهي مبتسمة: جميل جدّا أن أسمع منك هذا الكلام يا والدي. وتقبّله على خدّه.
    وبعد وقت قصير جدّا جاءت الخادمة وأخبرتهما أنّ طعام العشاء أصبح جاهزا. فقال أنطوان: هيّا يا ابنتي إلى مائدة العشاء فأنا جائع جدّا.
    -حسنا هيّا بنا.
    وبعد الانتهاء من طعام العشاء ذهبت ماريا لغرفتها لتنام، وذهب أنطوان ليراجع فواتير شركته ليدفع ما يجب في صباح الغد.
    ظلت ماريا طوال نومها تفكر فيما يجب أن تقوله وما يجب أن تفعله عندما تقابل السّيد جورج واطسن. إذ لم تعلم أبدا السّبب الحقيقي الذي دفعها لتحديد لقاء عمل معه، وظلت تنتظر قدوم الغد لترى كيف ستبلي.
    أشرقت الشمس بعد انتظار طويل من الآنسة ماريا. تزيّنت على غير عادتها، فكانت تبدو كملاك نزل إلى الأرض. تناولت فطورها وذهبت إلى مقرّ عملها لتراجع بعض الملفات الخاصة بمشروعها الذي يتضمّن بناء مجمّع سكني من ستين طابقا ليأوي المساكين والمشرّدين والفقراء في أنحاء إنجلترا، وستتبرّع به للجمعيات الخيريّة حالما تنتهي من إنجازه.
    وأخيرا دقت السّاعة العاشرة، فحضرت ماريا نفسها للذهاب ومقابلة السّيد واطسن، واتصلت به هذه المرّة شخصيّا لتبلغه بقدومها، فأخبرها بأنه سيكون في انتظارها في مكتبه.
    ركبت في سيّارتها الحمراء الفخمة وانطلقت نحو شركة واطسن للبناء، ولم يمض أكثر من عشر دقائق حتى وصلت إلى هناك. قابلت سكرتيرة جورج فأخبرتها بأنها على موعد مسبق مع الرّئيس. فقالت لها مع ابتسامة تعلو وجهها الطفولي: نعم يا آنسة، والسيّد جورج في انتظارك، تفضلي بالدخول.
    -شكرا لك.
    ودخلت جوليا قبل ماريا لتبلغ السيّد جورج بوصول الآنسة ماريا ثم انصرفت. فنهض جورج من مقعده احتراما ليسلم عليها، فصافحها بكلّ لطف ورقة، وقال لها: مرحبا بك في شركتي المتواضعة، يشرّفني جدّا حضورك إلى هنا يا آنسة بلاند.
    فردّت عليه مبتسمة: الشرف كله لي بأن أتعامل مع رجل عظيم مثلك.
    -آه! أخجلني إطراءك يا آنسة، آه، تفضلي بالجلوس.
    -شكرا لك. وجلست واضعة رجلا فوق رجل. لم تكفّ ماريا أبدا بالتحديق في وجهه نظرا للجمال الذي يشع به. فقد نزع شاربيه الكثيفين وأطلق لحية خفيفة لتبرز شبابه الفيّاض.
    لم تكن تتوقع أن تراه بكلّ هذا الحسن والجمال، وبقيت عيناها تتلألآن من فرط إعجابها به رغم أنّ هذه هي المرّة الأولى التي تقابله فيها وأوّل مرّة يخالجها شعور كهذا تجاه رجل، فقد كان جورج شابا لم يبلغ الثلاثين بعد، كان في الثامنة والعشرين وكان وسيما جدّا عكس ما يبدو في الصّحف.
    وكان من جهته –السيّد جورج- رجلا شغوفا جدّا بعمله ومخلصا له، ولم يكن مهتمّا بالنساء كثيرا. إلا أنّ هذه الأخيرة أظهرت عواطفه. فقد كانت الآنسة ماريا آية في الجمال ولم يكفّ أبدا عن التحديق بها وخاصّة أنها كانت ترتدي أجمل وأبهى وأغلى الملابس وتزيّن نفسها بالمجوهرات النفيسة ممّا جعل السّيد جورج يلفت نظره إليها، وظلا يحملقان في بعضهما البعض إلى أن قال السيّد جورج:
    -آه، هل تشربين شيئا يا آنسة؟
    -أوه، كأس عصير من فضلك.
    -حسنا. ويطلب من جوليا أن تحضر كأسين من العصير الطازج. وتأتي جوليا بالكأسين وتضعهما على المكتب، ثمّ تقول للسيّد جورج: هل من شيء آخر يا سيّدي؟ فيردّ عليها جورج: كلا، شكرا لك يا جوليا. وتنصرف جوليا ثمّ وجّه جورج نظره إلى ماريا التي كانت تشرب قليلا من العصير لتبلل حلقها، فقال لها مع ابتسامة تعلو وجهه: إذن يا آنسة بلاند، ما سبب طلبك للقائي؟
    -أوه، لقد أردتك أن تتولى إدارة مشروعي الخاص الذي يتعلق بإنشاء مجمّع سكني يتألف من ستين طابقا ليأوي معظم مشرّدي وفقراء ومساكين إنجلترا
    فردّ عليها السيّد جورج معجبا ومحبّا للمشروع: أوه، يا له من عمل نبيل جدّا. يسرّني كثيرا أن أكون مشرفا عليه.
    -أوه، شكرا لأنك لم ترفض طلبي.
    فقال لها مبتسما: وكيف لي أن أرفض إدارة مشروع ضخم كهذا يا آنسة؟ إنها أروع فكرة سمعتها على الإطلاق وسأجعل من هذا المشروع من أعظم ما أقوم به يا آنسة بلاند.
    -آه، أشكرك ثانية من صميم قلبي.
    -ولكن أخبريني يا آنسة، لماذا اخترتني أنا بالضبط للقيام بإدارة هذا المشروع؟
    -لأنك أنت رجل القرن الثاني والعشرين، ولا يوجد شخص أئتمنه على المشروع سواك فأنت رجل معروف.
    فردّ جورج بكلّ تواضع: إنك تخجلينني بمدحك لي يا آنسة ماريا، ولهذا أعدك بأني سأعمل على المشروع بكلّ ما أوتيت من خبرة.
    فقالت ماريا وهي تبتسم ابتسامة عريضة: أعلم تماما بأنك ستفعل ذلك. أوه! نسيت تماما، تفضل، هذه هي السندات المتعلقة بالمشروع.
    -آه، حسنا، سوف أراها ظهر اليوم.
    -جيّد. آه، تذكرت، سأقوم مساء اليوم بعد السادسة بزيارة موقع البناء بمفردي. أترغب بالقدوم معي لتفقده إن لم يكن لديك ما يشغلك في ذلك الوقت؟
    فكر جورج قليلا ثم قال: دعيني أرى جدول أعمالي أوّلا.
    -لا بأس.
    -هممم، أرى أنه لا يوجد أبدا ما يشغلني، لا بأس، سأذهب معك لزيارة الموقع.
    فابتسمت ماريا ابتسامة رضا وقالت: جيّد، خذ، هذا رقم هاتفي الخاص. اتصل بي عندما تنتهي من أعمالك حتى أمرّ عليك لنذهب سويّا إلى الموقع.
    -آه، شكرا لك. سأتصل بك.
    -حسنا، لقد أخذت الكثير من وقتك. شكرا لأنك وافقت على لقائي لهذا اليوم يا سيّد واطسن.
    -مرحبا بك في أي وقت.
    -شكرا. والآن عليّ المغادرة، أراك في المساء.
    -حسنا. ويصافحان بعضهما.
    -إلى اللقاء.
    -وداعا.
    وخرجت ماريا بكلّ هدوء وثبات من مكتب السيّد جورج. وظلّ يتتبّعها بناظريه وهي مغادرة لمكتبه ثمّ قال: إنها فتاة جذابة ورائعة! لم أكن أتوقع أن تكون هكذا.
    كانت ماريا تحمرّ خجلا عندما ركبت في سيّارتها نتيجة إعجابها الشديد بالسيّد جورج، وقالت في نفسها: يا إلهي! لم أتوقع أبدا أن أقع في حبّه هكذا فجأة، إنه شاب رائع وجذاب، وقد أخذ قلبي بكلّ سهولة.
    توقفت عند هذه الكلمات، ثم أردفت قائلة: ما هذا الذي يحدث لي؟ لم يسبق لي أن أعجبت بشاب ما. يجب عليّ ألا أقع بمثل هذه السّهولة. سوف أنتظر بعض الوقت لأرى ما سيحدث.
    واتجهت نحو شركتها وهي شاردة الذهن تفكر في جورج واطسن.
    ولم يكن الحال يختلف كثيرا مع جورج، فقد كان هو الآخر شارد الذهن يفكر فيها: آه ماريا بلاند! من هذه المرأة؟ وكيف دخلت إلى قلبي فجأة؟ لماذا أعجبت بها هكذا رغم أن هذا هو اللقاء الأوّل لنا؟ هل يمكن أن...؟ أوه، لا لا، لا يمكن أن يحدث هذا. لا يجب أن أقع ببساطة. سأجعل الأيام تقرّر ما سيحدث.
    لم يمض كثير من الوقت على دخول ماريا إلى مكتبها حتى جاء والدها ليسألها عن لقاءها بجورج.
    -إذن يا بنيّتي، هل التقيت به؟
    -أجل، لم يكن كما تخيّلته أبدا. وبدأ وجهها بالاحمرار.
    -وكيف كان؟
    -لقد كان شابا أصغر بكثير ممّا يبدو عليه في الصحف والمجلات، وكان مفعما بالحيوية ومتحمّسا جدّا لتولي هذا المشروع. كما أنه كان وسيما جدّا.
    -آه، الآن فهمت.
    فردّت ماريا بشيء من التردّد: ما...ماذا فهمت يا أبي؟
    -أنت معجبة بهذا الشاب جورج.
    فقالت ماريا ووجهها قد ازداد احمرارا: كلا، هذا غير صحيح أبدا!
    فابتسم أنطوان ساخرا: أستطيع أن أرى هذا على وجهك يا حبيبتي، إنه يروقك، أليس كذلك؟
    -هممم، قليلا.
    -حسنا، أترين فيه الشاب المناسب ليشاركك حياتك؟
    -أوه، أبي، ما هذا الذي تقوله؟ أنا لم ألتق به سوى مرّة واحدة في حياتي، فكيف تخطر لك فكرة كهذه؟
    -لا أعلم، ربّما لأنك في السّن الملائم للزواج، وهو أوّل شاب أراك مهتمة به.
    -لا زلت صغيرة جدّا على ذلك، أنا في الثالثة والعشرين.
    -ومع ذلك فأنت تبدين كبيرة كفاية بالنسبة لي.
    ويضحكان مع بعضهما البعض لطرافة الموقف، ثم نظر أنطوان إلى ساعته وقال: آه، حان الوقت لأعود إلى شركتي، أراك في المساء يا حلوتي، إلى اللقاء. ويقبّلها على جبينها ثم يغادر المكتب.
    جلست ماريا في مكتبها وحيدة وهي تفكر في جورج طول الوقت، وظلت تنتظر بفارغ الصّبر وصول السّاعة السّادسة لتلتقي بجورج إلى أن رنّ هاتفها حوالي السّاعة الخامسة والنصف، وكان رقما جديدا، فردّت على المتصل بنبرة مختلفة.
    -آلو نعم؟ من المتصل؟
    -آنسة ماريا بلاند؟
    -أجل هذه أنا، من معي؟
    -هذا أنا، جورج واطسن.
    فصاحت ماريا قائلة: جورج واطسن! مرحبا، كيف حالك؟
    -إني بخير، ماذا عنك أنت؟
    -أنا بأفضل حال.
    -هذا جيّد.
    -آه، قل لي يا سيّد جورج، ما سبب اتصالك بي؟
    -آه، لقد فرغت من أشغالي للتون وأردت أن أرى إذا ما كنت غير مشغولة لنذهب معا لرؤية موقع البناء. فهل لديك ما يشغلك؟
    -أوه، كلا، كلا بالطبع ليس لديّ، سآتي إليك في الحال,
    -رائع! بودّي أن آتي إليك لاصطحابك، ولكن مع الأسف لا أعرف مكان عملك.
    -لا بأس، ستعرفه في المرّة القادمة.
    -نعم، بالتأكيد، هيّا، سأكون في انتظارك يا آنسة.
    -حسنا، لن أتأخر عليك.
    -إلى اللقاء. ويقفل الخط، ثمّ قال في نفسه: آه، هذا ما يجب أن أفعله. سأنتظر لقاءها بفارغ الصّبر.
    في هذه الأثناء لم تصدّق ماريا أبدا بأن جورج قد اتصل بها، وكانت تبدو بغاية السّعادة لهذا الأمر.
    -هذا هو رقمه إذن، سوف أحفظه عندي فأنا سأحتاجه فيما بعد.
    وبعدها ذهبت إلى سكرتيرتها جوليا وأخبرتها بأنها ستغادر الشركة وقد لا تعود إليها اليوم، ثم ذهبت مسرعة إلى شركة جورج، فالتقت به وهو ينتظرها أمام المدخل.
    -آه، ها أنت ذي يا آنسة، لقد جئت بسرعة.
    -نعم، فأنا لا أحب أن أجعل أحدا ينتظرني، هيّا اصعد إلى السّيارة.
    -حسنا، لطف كبير منك أن تأتي.
    -بل اللطف منك لأنك وافقت على أن تأتي معي لرؤية الموقع.
    -حسنا، هذا من واجبي.
    وظلاّ يتحدّثان قليلا عن أوضاع الشركات وأوضاع العمل حتى وصلا إلى مكان الموقع.
    -أنظر يا جورج، في هذه المساحة أريد أن أنجز مشروعي.
    -وآو، إنها مساحة كبيرة جدّا.
    -نعم، إنها كذلك. فأنا أريد لهذه المساحة الكبيرة أن تكون كافية لتأوي المشرّدين والفقراء والمساكين.
    -لا شكّ في أنها ستكفي وتزيد.
    -أتظنّ ذلك؟
    -بالتأكيد! فهذه المساحة كبيرة جدّا.
    -حسنا إذن، سوف أعتمد على رأيك.
    وبقيا يتجولان في أرجاء الموقع لتفحصه حتى هبط الظلام، فقال جورج: عجبا! لقد حلّ علينا الظلام!
    -نعم، لم أشعر أبدا بمرور الوقت.
    -وأنا أيضا. آ، آنسة بلاند...أتقبلين الخروج معي لتناول طعام العشاء؟ لن يكون لائقا أن أدعك تغادرين في هذا الوقت بدون أن تحصلي على دعوة مني.
    فردّت عليه ماريا مع ابتسامة تعلو شفتيها: أتعلم...يسرّني جدّا أن أقبل دعوتك يا جورج.
    -هذا رائع! يسرّني جدّا أنك قبلت دعوتي يا ماريا.
    * * *
    -أوه، ما هذا يا جورج؟! هذا طعام كثير.
    -نعم، فهذه أوّل مرّة نتناول عشاءنا معا.
    -أجل، ولكن...أخشى أن نأكل أكثر ممّا يجب وعندها سوف...ولم تكمل ماريا جملتها وفهم عليها جورج وقال وهو يضحك: لا تقلقي يا عزيزتي، كلي فقط بقدر ما تستطيعين.
    -آه، ههه حسنا، سأفعل ذلك. ويضحكان قليلا ثم يتناولان عشاءهما في صمت بسبب الخجل السّائد بينهما. وبعدما أنهيا طعام العشاء، غيّرا الطاولة حتى يتمكنا من الحديث بهدوء.
    ذهبا إلى طاولة أخرى في طابق آخر، وكانت تلك الطاولة تطلّ على منظر جميل جدّا للمدينة، فظلا يراقبانه بصمت لأنهما لا يزالان خجلان من بعضهما بعض الشيء، إلى أن كسر جورج هذا الصمت، فقال: أتعلمين يا ماري...أنت...أنت تبدين مختلفة جدّا عمّا كنت أتصوّره عنك...فكما كنت تبدين لي في المجلات والصحف وغيرها من وسائل الإعلام، ظننتك فتاة متعجرفة ومغرورة، لا شغل لها إلا الأموال والزينة، ولكن بعدما قابلتك بدّدت عني كلّ تلك الأفكار السّخيفة، فأنت إنسانة ثريّة حقا، ولكن المال لا يعني كلّ شيء لك، فأنت تحبين التمتع بالحياة وجعل الأناس الآخرين يتمتعون بها...كما أنك...تبدين أجمل بكثير عمّا تبدين عليه في الصّحف، وبالإضافة إلى جمالك، لن أنسى أبدا الإشادة بأخلاقك الرفيعة التي تتصفين بها.
    وبدأ وجه ماريا بالاحمرار خجلا بسبب كلمات جورج الرّقيقة، إلى أن قالت: آه، لقد أحرجتني بكلامك يا جورج
    -آه، ماذا؟! هل قلت شيئا أزعجك؟ أنا آسف، لم أقصد...
    -كلاّ، كلاّ، أنت لم تقل شيئا أزعجني، وإنما...أذهلني انطباعك وأفكارك الخاصة عني.
    -آه، فهمت، وماذا عنك أنت؟ أليست لديك أيّ انطباعات أو آراء نحوي؟
    فأجابت ماريا بشيء من التردّد والخجل: نعم، بالتأكيد...
    -إذن، هل يمكنني أن أعرف...؟؟
    -هه، إنك ببساطة الشخص الوحيد الذي أثار اهتمامي، وأنا لم يسبق لي أن اهتممت بشاب ما مثلما أنا مهتمّة بك حاليا، فكلّ وسائل الإعلام لا تكفّ عن الحديث عن انجازاتك التي حققتها بعدما استلمت شركة والدك، فهذا ما جعلني أهتم بك بشكل عام، أما بشكل خاص...فهي وسامتك.
    -آه، وسامتي؟! أتظنينني وسيما إلى هذا الحدّ؟
    -أجل، فأنت شابّ يتميّز بجميع الصّفات التي أحبّ أن تكون لدى الرّجل، وسيم، قويّ البنية، ذكي، مرهف الإحساس، حنون وغيرها الكثير من الصّفات التي وجدتها فيك.
    -هكذا إذن...ثمّ قال بشيء من التردّد: ماري...أتقبلين...ثمّ صمت ولم ينهي جملته
    -ماذا هناك؟
    -آه، لا شيء، انسي الأمر.
    وكان جورج يبدو كما لو أن فكرة عظيمة قد جاءت إلى ذهنه أراد أن يقولها ولكنه رأى بأنه لم يحن الوقت المناسب بعد ليقولها، ثم قال وهو ينظر باتجاه النافذة: حسنا يا ماريا، أعتقد بأنه قد حان الوقت لكي نرجع فقد تأخرنا كثيرا.
    -أوه، نعم، معك حق، هيّا بنا.
    وأوصلها السّيد جورج إلى باب بيتها، فطلبت منه ماريا الدخول، ولكنه اعتذر قائلا بأن لديه بعض الأشغال التي عليه القيام بها
    -حسنا، كما تريد ياجورج.
    -أرجو ألا تحزني لذلك، أعدك بأني سأدخل في المرّة القادمة.
    -حسنا، سأنتظر ذلك.
    -جيّد، والآن، تصبحين على خير.
    ويركب جورج سيّارته الفخمة ويغادر مودّعا الآنسة ماريا.
    -آه، يا له من شاب لطيف، أرجو أن تتوطد العلاقات بيننا سريعا فلا أرى شابا يناسبني أكثر منه.
    وتدخل ماريا إلى البيت وهي في قمّة السعادة، فقابلت والدها وأخبرته بكلّ ما حصل.
    -آه، هذه فعلا أخبار جيّدة، أرى أن الأمور قد بدأت بالتحسن بينكما يا ماري.
    -أجل يا أبي هذا صحيح.
    وفي جهة أخرى، ظلّ جورج يفكر في الأمر الذي أراد أن يقوله لماريا في ذلك المطعم.
    -هل هي فعلا الفتاة المناسبة لي؟ لقد وقعت في حبّها من النظرة الأولى وهي جيّدة بما يكفي لأجعلها زوجة لي، سأطلب يدها في الغد، نعم، سأفعل ذلك، فلا يمكنني أن أجعلها تنتظرني.
    ومضى الليل سريعا بالنسبة لجورج، واستيقظ في الصباح الباكر ليذهب إلى عمله فوجد سيارة ماريا أمام شركته، فذهب ليلقي عليها التحية.
    -صباح الخير آنسة بلاند.
    -أوه، صباح الخير جورج، لقد كنت بانتظارك.
    -بانتظاري أنا؟ ولما؟
    وتنزل من السيارة قائلة: جئت لأسلمك الأوراق المتعلقة بالمشروع.
    -آه، لطف كبير منك أن تحضريها.
    وتنظر ماريا إلى ساعتها وتقول: آه! إنها الثامنة والربع، عليّ الذهاب إلى مكتبي. وداعا يا سيّد جورج
    ويمسك جورج بيدها قائلا: إنتظري!
    وتردّ ماريا عليه باندهاش: آه، ماذا هناك سيّد واطسن؟
    فأجاب جورج على سؤالها بشيء من التردّد: هل...هل أنت مشغولة اليوم؟
    وبدأت نبضات قلبه تتسارع وهو بانتظار جواب منها، وماريا تتساءل في نفسها عن سبب هذا السؤال، فكسرت ماريا حاجز أفكارها بقولها بأنها ليست مشغولة أبدا.
    -هذا جيّد، أريد تناول العشاء معك الليلة.
    -آه، يسرني هذا يا جورج، إذن نلتقي في المساء، إلى اللقاء.
    - قودي بحذر.
    وتبتسم له ماريا وهي تركب سيّارتها وجورج ينظر إليها بعينيه متتبعا إياها حتى غادرت مقرّ الشركة. كانت تبدو في غاية السعادة بسبب دعوة جورج لها، وقادت سيّارتها وهي تستمع لأغان عن الحب لكي تعيش اللحظة بكلّ جوارحها.
    وفي هذه الأثناء صعد جورج إلى مكتبه ليراجع الأوراق التي أعطته إياها ماريا ولكنه لم يركز فيها جيّدا لأن تفكيره كله كان في كيفية اخبار ماريا بالأمر الذي في باله.
    -آه يا إلهي، سيتطلب هذا الأمر شجاعة كبيرة مني، أوه، الأمر فعلا ليس سهلا كما كنت أظن، على كلّ حال، سأترك كلّ شيء للمساء، فعندها سأعرف كيف سأتصرّف.
    وبعدما دخل جورج إلى مكتبه لحقت به سكرتيرته جوليا سائلة إياه عما إذا كان هناك ما يمكن أن تفعله، فأجابها بأنه مشغول حاليا بقضية أهم من الشركة، فلمعت عيناها بقوّة، ثم رمقته بنظرة ساخرة قائلة:
    -آه عرفت! إذن فالأمر له علاقة بتلك الآنسة الشابة.
    ارتبك جورج لما سمعه فقال: ماذا؟! آه، أنت تقصدين الآنسة ماريا، أليس كذلك؟
    -نعم، ومن غيرها، فمنذ أن التقيتها تغيرت كثيرا يا سيّدي، أظنك واقعا في حبّها.
    -آه، أهذا باد عليّ؟
    -أوه، أجل، أجل. كلّ الموظفين في الشركة على علم بذلك، هل أنتما تتواعدان؟
    -آه، ليس تماما يا جولي.
    -أرى أن وراءك قصة كبيرة يا سيّدي، هيّا أخبرني فأنا في شوق كبير لأعرف ما تخفي.
    -حسنا، كلّ ما في الأمر أنني...وقعت في حبّها من النظرة الأولى، وأنا الآن على وشك طلب يدها للزواج
    قالت جوليا وهي في قمة الاندهاش: ماذا قلت؟! الزواج؟!!
    -آه، أجل، ولعله قرار متسرّع جدّا فأنا لم أعرفها إلا قبل أيام معدودة و...
    فقاطعته جوليا قائلة: كلا كلا يا سيّدي، إنه فعلا القرار الصحيح وهي الفتاة الوحيدة التي تناسبك.
    -هل حقا تظنين ذلك؟
    -أوه بالتأكيد، فما إن رأيتكما معا حتى عرفت أن الأمر سينتهي على هذا النحو.
    اعتلت على وجه جورج ابتسامة مشرقة بسبب ما قالته جوليا، فقال لها: آه، شكرا لك يا جوليا، لقد رفعت من معنوياتي كثيرا، ولهذا سأزيد راتبك هذا الشهر.
    -أوه، كلا، لا يتوجّب عليك فعل ذلك فهذا من واجبي.
    -لن أقبل برفضك، فهذا الأمر غير قابل للنقاش، سأكون حزينا إن لم تقبلي.
    -حسنا أيها الرئيس الشرير، سأقبل ذلك بامتنان.
    ويضحك جورج وجوليا لطرافة الموقف، وبعدها تنصرف جوليا لعملها ويبقى جورج لوحده غارقا في تفكيره.
    -يا إلهي! أرجو ألا تبادرني بالرفض فأنا لا أعرف كيف أعبّر عن مشاعري.
    وأما الآنسة ماريا فقد ظلت تفكر في جورج أيضا.
    -آه، لقد أمسك بيدي اليوم، كم هذا رائع! وقد دعاني لتناول العشاء معه أيضا. ترى...هل يخبّئ أي مفاجآت؟ آآآه، لا أستطيع الانتظار أكثر، متى يحين وقت العشاء؟ ما بالك أيها الوقت؟ لماذا لا تتحرك؟ آآآآه هذا يقودني إلى الجنون.
    مرّ الوقت كأنه دهر من الزمن بسبب إنتظار جورج وماريا للقاء، وحان موعد التقائهما في أحد أفخم المطاعم في بريطانيا، وكان جورج مرتبكا جدّا بسبب انتظاره لماريا إلى أن وصلت.
    -آه، حسنا، ها قد جئت كما اتفقنا.
    -مرحبا، عذرا على التأخير يا جورج.
    -آه، كلا، لم تتأخري أبدا يا ماري. تفضلي بالجلوس.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...