[ بد جريئة! ] ...

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: [ بد جريئة! ] ...

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    الصورة الرمزية عين الظلام

    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المـشـــاركــات
    3,718
    الــــدولــــــــة
    سوريا
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Actions Go Next View Icon [ بد جريئة! ] ...

    يد جريئة!


    " جريئة تلك اليد التي لا تأبه بعدد الرصاصات التي تطلقها، ولا أين مستقرها! " هكذا قالوا!! .
    بعد مضي قرابة الشهر، على تولي سامر، لمنصبه الجديد، كقائد لإحدى فروع عصابته؛ وذلك بعد أن نُعتتْ يده، بأنها [ يد جريئة ]!.
    لم يعرف سامر طيلة مشواره داخل عصابته تلك، سوى كلمة " المال .. ولو بأي طريقة! ".
    هكذا كان الشعار عندهم!!.
    يتدربون جميعًا، دون كللٍ أو ملل، ليصبحوا من ذوي [ اليد الجريئة ]!.
    مازال يتذكر أيامه كعضو في ذاك الفرع، بعد أن مكث فيه لأكثر من عامين.
    كان مكوثه كمكوث غيره، مبنيًا على جمع المال بالنهب أو السلب .. أو القتل!. حتى غدا قليل المال في ناظرهم، أثمن من أرواح البشر!.
    كان مقياس كفاءة العضو عند قادة العصابة الكبار، مبنيًا على ما يجمعه العضو مع قائده وبقية أعضاء الفرع من أموال، مهما اختلف شكل الأموال تلك أو مصدرها.
    بعد أن أطلق سامر مئات الرصاصات، وأزهق أرواح العشرات من الأشخاص، بل ربما أكثر!؛ لم تغب عن عينيه يومًا، ذكرى الشهر المنصرم، حيث قضى آخر أيامه في الفرع كعضو؛ وبالرغم من أنها ساقتْ له بعدها، نبأً سارًا، إلا أنه ظل في أسى على ما اقترفه ذاك اليوم.
    لقد كان سامر أكثر رفاقه جمعًا وحصولًا على المال؛ وكان ذو اللب الحاذق، في تنظيم الخطط وابتكار بعضها.
    وقد صار مؤخرًا، محط فخرٍ لدى قادته، ليمنحوه لقب [ اليد الجريئة ].
    لم يفتخروا به لأنه أتى لهم بالآلاف أو الملايين، وليس لأنه جمع عشرات المجوهرات الثمينة، ولا لأنه اصطاد فريسة من على بعد مئات الأمتار.
    بل فقط، لأنه أودع إحدى رصاصاته في رأس طفلٍ، كان يتغنى فرحًا بماله قليل العدد؛ ذاك المال الذي حصل عليه من والديه، مكافأةً له ليشتري به حلوى يشتهيها.
    ولكنه عوضًا عن ذلك، فقد ذهب ذاك المال، ليد سامر، وظل الطفل جثة هامدة، تنتظر عيني والديه، لفجعهما بالمنظر حينما يبصرانه!.
    لم ينظر قادته إلى المال القليل الذي استخرجه من يد الطفل، مع أنهم هم الذين لا يهملون من المال شيئًا، قل أو كثر.
    ولكنهم نظروا إلى يده، محتفين بعثروهم على يد جريئة جديدة!.
    ظل متسمرًا كي يسلمهم ما لهم مما جمعه من المال، ويأخذ حصته، فينصرف؛ إلا أنه لم يعلم ما تفسير نظراتهم إليه، حتى أتاه قائدٌ منهم من خلفه، ليربت على كتفه ويقول:
    " أحسنتَ يا سامر، لقد تعبتَ اليوم، خذ المال كله مع هديةٍ، لتذهب وتسترح؛ فمذ الغد، سيكون لديكَ عملٌ جديدٌ، لأنك ستصبح قائدَ الفرع خلفًا للقائد الحالي ... ".
    ووسط دهشة سامر مما سمع، أمسك ذات قائد العصابة يده، وأكمل: " فأنت ذو يدٍ جريئة ".


    سامر، رجلٌ في مقتبل الثلاثينيات من عمره، انضم إلى تلك العصابة، بعدما شاهده فردًا منها، يتمرس على الرماية قبل أكثر من عامين، ليعجب بدقته في التصويب.
    أغراه ذاك الرجل، بما يمكن أن يجنيه من المال، داخل العصابة، بدلًا من أن يظل عاطلًا كما هو.
    لم يتردد سامر آنذاك، وهو الذي كان يشتعل غضبًا، من إهانة زوجته له، بعد طرده من عمله السابق، ومكوثه لثلاث سنواتٍ بلا عمل!.
    فهو يريد التخلص من عبارت زوجته، التي ظل يسمعها مؤخرًا دومًا.
    " أنت رجلٌ، لا يجيد سوى الْتهام الطعام! ".
    " إن ظللتَ على حالك البائس هذا، فسيموت ابننا حسام جوعًا أمام ناظرينا! ".
    " هل سأظل مضطرة، أن أعمل لأجلكَ، وإلا متنا جوعًا!؛ انظر إلى حالكَ، ألا تخجل من تتابع الأيام والسنوات عليكَ وأنت على هذا الحال! ".
    عزم أمره، والتحق بهم، بعدما فقد أمله بالعثور على عملٍ آخر؛ ليجد نفسه بعد ذاك، في متاهة لا نهاية لها!.
    فالتقاعد لديهم .. يعني قبرًا يُحفر!، والاستقالة .. تعني نهاية الحياة!.


    أغلق سامر سجل ذكرياته تلك، التي خاض بها وجال داخل عقله؛ فلم يعد يمكنه الفرار من واقعه الذي اختاره بنفسه، ولم يعد المال الوفير الذي يلقيه لزوجته يرضيها، بعدما علمتْ بمصدره.
    فلم يزد الْتحاقه بالعصابة إلا اشتعالًا بالأسى والألم أكثر من ذي قبل في حياته البائسة؛ إذ بات ماله الذي يجنيه، لا ينفعه في إرضاء من طمع لإرضائه؛ وقد أضفى على نفسه جديدًا، قيودًا لا مفر منها، تقيده بتلك العصابة.
    لعل الحسنة الوحيدة التي يلتمسها الآن، أن ابنه حسام ذو الأربع سنوات، لايزال يلهو بتلك الألعاب، ويبتسم لتلك الحلوى، التي يحضرها ذاك المال.


    خرج من بيته يمشي قاصدًا المكان المتفق عليه للقاء اليوم، والذي لم يكن بعيدًا عن منزله.
    كانت هنالك خُطى تتسارع خلفه، ولكنه لم يعلم بها لاضطراب عقله، بين الماضي الأليم .. والحاضر الأشد ألمًا، وما زاد عليهما مما يدكره من الخطة المعدة.
    وصل إلى بناءٍ قديمٍ هُجر لأنه متهالك، حيث يلتقي بأصدقاء الخراب، في هذا الخراب!. أخرج لهم قطعة معدنية، يتأكدون بها من هوية بعضهم، ثم انضم إليهم.
    كانت تلك الخطوات الصغيرة التي تتبعه، قد أصابتْ هدفها، وعرفتْ نزل والدها؛ فقد كان والدها، متخبط الفكر والقدمين، ولذا لم يصعب عليها العدو خلفه.
    انتهى المطاف بحسام بعدما وقف أمام ذات البناء، في أن وجد مدخلًا صغيرًا، يكفي لدخول جسده الصغير؛ وبعدما وصل حيث والده، فأبصر أباه؛ غرد بسعادة ممزوجةً ببراءة: " لقد أتيتُ إليك! ".
    تجمعت الأعين متجهةً إلى حسام، وهو الذي لا يدرك أين وقع، أو ماذا ينتظره.
    فأردف حسام لأبيه: " هل هؤلاء أصدقاؤك أبي؟! ".
    همس أحد القادة الكبار لسامر: " ما هذا يا سامر!، ألم تتأكد من إغلاق الباب خلفكَ؟!؛ اقضِ عليه وإلا قضي علينا! ".
    تسمر سامر في مكانه، وانطلقتْ قطراتُ عرقٍ متسربلةً على جسده، تفر منه واحدةً تلو أخرى، كغزير المطر!.
    ليحدث نفسه قائلًا: " ماذا يهلوس ذاك القائد!!، أنا .. أقضي .. على من؟!!!، سأنهي حياة ابني بيدي؟؟!!! ".
    تقدم حسام أكثر صوب والده، وقد أظهر ما يخفيه في يده الصغيرة: " بابا، لقد خرجتَ مسرعًا، ولم تتذوق الحلوى التي أعدتها أمي؛ إنها حلواي المفضلة، خذ وجربها " ومد يده حاملًا الحلوى.
    غضب القائد أكثر، فزمجر لسامر: " ماذا حل بك يا ذا اليد الجريئة!، هل ستنتظر حتى يهرب الطفل، ثم يصبح سر عصابتنا في خطرٍ بسببك؟!!! ".
    وحينما لم يجد ردَ فعلٍ من سامر، أضاف بسخرية: " أبتعد عن وجهي يا ذا اليد الجريئة، لقد أعطيتكَ من المكانة أكثر مما تستحق، سأتولى أنا الأمر ".
    أخرج ذاك القائد على الفور، مسدسه المزود بكاتمٍ للصوت، ووجهه صوب رأس حسام، مودعًا رصاصةً منه لتستقر في ذاك الرأس الصغير، بعدما مزقت العين اليمنى لحسام، ليخر صريعًا بلا روحٍ أو حياة.
    سقط جسد حسام، وتهاوى رأسه يمنةً ويسرةً، ليستقر بعدما سالتْ منه الدماء الغزيرة؛ وسقطت تلك الحلوى التي قدِم بها لوالده، في مشهدٍ لن يخرج من ذاكرة سامر، مادام حيًا.
    أخرج سامر هو الآخر مسدسه، ووجه فوهته صوب تلك اليد، التي وصفوها بأنها [ يد جريئة ]، ليودع في راحتها رصاصةً، معلنًا انتهاء الحكاية.
    سقط كفه وتهاوى، وسال الدم مختلطًا بدم طفله، وارتمى المسدس بجوار قطعة الحلوى.
    خر سامر على ركبتيه بجوار صغيره، صريع القلب لا الجسد!.
    كما بدأ كل شيءٍ .. انتهى، ولكن .. بفقدان فلذة الكبد!.

    النهاية


    التعديل الأخير تم بواسطة أثير الفكر ; 21-6-2014 الساعة 12:48 AM سبب آخر: دام قلمك مبدعاً !

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...