~|بينَ البراعمِ والتويجات دماء | في روايةِ الروحِ المُظلمة || Darken Soul |~

[ منتدى قلم الأعضاء ]


صفحة 4 من 4 الأولىالأولى 1234
النتائج 61 إلى 65 من 65
  1. #61

    الصورة الرمزية Michelle Kris

    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المـشـــاركــات
    1,709
    الــــدولــــــــة
    العراق
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ~|بينَ البراعمِ والتويجات دماء | في روايةِ الروحِ المُظلمة || Darken Soul |~


    قامتْ جُثتي من مكانِها وتسللتْ إلى غرفتي مرتديةً مِعطفاً وقبعة، أخذتُ الهِرَّةَ وإلى السيارةِ ذهبنا نقصدُ بَيتَ ماليسّا.. ترجّلتُ مِنَ السيارةِ وانتصبتُ لِآخُذَ نفساً عميقاً فَهذهِ هِيَ المرَّةُ الأُولى لِي هُنا.. طرقتُ بابَها وانتظرتُ بِضعَ لحظاتٍ لِأَرى وجهَها المُبتسِمَ ذاك "دارك؟ يا لها مِنْ مُفاجأة! صباحُ الخير" قالَتْ والفرحُ يقفِزُ حَولها، "صباح النُور، ماليسّا.. أَلا تفتقِدينَ أَحداُ ما؟" ردَدتُ فاستغربتْ معالمُ وَجهِها فإِذا بالهِرَّةِ تَموءُ قليلاً وهِيَ تُعانِقُ قدَمَيَّ مِنْ قُربِها الشديدِ مِنِّي، "لوسيا؟!" نَطقَتْ ماليسّا وانحَنَتْ لِتقفِزَ الهِرَّةُ بَينَ ذِراعَيها الدافِئَتينِ مُلاعِبةً مُداعِبةً إيّاها بِلُطف.. ذاكَ المنظَرُ البرِيءُ لا نُشاهِدُهُ كَثِيراً هَذهِ الأَيام، ارتسمَتْ بَسمةٌ طَفِيفَةٌ عَلى وَجنتَيَّ حِينَ قالتْ بِصوتٍ مِلؤُهُ الإِمتنانُ والشُّكر :"أَشكُرُكَ كَثيراً يادارك! ولَكِنْ كَيفَ عَثرتَ عَليها؟"، ردَدتُ وذِراعايَ يُعانِقانِ رَقبَتِي مِنَ الخلفِ قائِلاً: "لا داعِيَ لِذلِك.. حسناً هِيَ كانَتْ فِي مَنزِلي، يَبدو بِأَنَّنِي هِرُّ وأَنا لا أَعلمْ!" فانبجَسَتْ ضحِكات خَفِيفَةٌ مِنْ طَرفَينا، هَممتُ للرَحِيل لَولا أَنَّها أَصرَّتْ على ضِيافَتِي فانتَهى بِيَ المَطافُ للرقودِ بِسلامٍ فِي بَيتِ مَعشوقَتِي..
    //
    ..
    أَوصلَتنِي إِلى غُرفةِ الجُلوسِ طالِبةً مِنِّي أَن أُرِيحَ نَفسِي حِينَ استَأذَنتْ لِلعودَةِ بَعدَ قَلِيل.. مَنزِلُها كَانَ جَميلاً فِعلاً، واُنثوياً كَذلِك، مُرتّباً أَنيقاً بَرزَ فِيه اللونُ الأَبيضُ المُشِعّ.. عَادَتْ بَعدَ قَليلٍ مَع عَصيرِ فراوِلةٍ أَحمر وَكعكة، أَجهلُ كَيف عَرفَتْ أَنَّهُ مَذاقِيَ المُفضَّل! تَجاذبنا أَطرافَ الحديثِ بدأً بجُروحِي وصِحَّتِي وحَياتِها حتّى وَددتُ سُؤالَها قائِلاً :"لِوحدكِ تعيشين؟" فأَومأتْ بالإيجابِ قائِلةً :"انتَقلتُ للعَيشِ هُنا للدِّراسةِ والعملِ مُنذُ عدةِّ سنِين، أَشتاقُ إلى أَهلِي وأَذهبُ لِزيارَتِهِما بَينَ الحِينِ والآخَر"..
    //
    ..
    علاماتُ استفهامٍ أخذَتْ مَوقِعها عَلى وَجهِي لِتسأَلَها عَنْ والِدَتِي وَكيفَ كانتْ طُفولَتُها مَعها فأجابَتْ أَن :"كانَتْ كالزهرة، إِعتدتُ الجُلوسَ والحديثَ معها كُلّما زارتنَا، كانَتْ حَكيمةً وتعلَّمتُ مِنها أُموراً كَثيرة.. كانَتْ كالبلسمِ تُريحُ مَنْ حَولَها بِبضعِ كَلمات.. خَبرُ وَفاتِها كَانَ صدمَةً لا أَنساها" ترقرقتِ الدُّموعُ في عَينَيها كأَنَّها لآلِئُ بيِض، ثمُ أَكملَتْ قائِلةً: " حِين كانَتْ تُحدِّثُنِي عَنك تقولُ لِي بأنَّكَ أَجملُ طِفلٍ شاهدَتهُ فِي حَياتِها ورَغمَ عَدمِ وجودِ قَلبِك، فكانَتْ تَرى المشاعِرَ الفيَّاضَةَ مِنكَ حِينَ تَبتسِم، ذاتَ مرَّة تراسَلَتْ مع والدتي عَلى الإِيميل وأَنتَ نائِم وإِلتقطَتْ لَكَ صُورةً وأَرسلتها.. أَوتدري؟ تلكَ الصورةَ لاتزالُ مَعِي!"
    //
    ..
    فَمِي مَفتوحٌ والأحمرُ يَكسو وَجهِي، هَذا ما ارتسَمَ على مَلامِحي بعدَ آخِرِ جُملةٍ قالتها.. صارَ صَعباً عليَّ الكلامُ فَنطقتُ كَما لو كانَتِ الكلماتُ فِي مقطوراتِ قطارٍ قائلاً: "أَينَ تِلك الصورة؟" نَهظَتْ مِن مَرقدِها لتجلِبَ هاتِفها، قلَّبَتْ فِيهِ قَليلاً ثُمَ عَرضتها عَلي.. حَسناً، كنتُ أَبدو بريئاً ولطيفاً إلى أَقصى الحُدود، أَنْ أرى لِأولِّ مرةٍ شَكلِي في الثانيةِ مِنَ العُمرِ منذُ أَنْ فَقدتُ أَلبوم صُورِي وَقتها كانَ شيئاً أَحلمُ بِه..
    //
    ..
    تابَعنا حَديثنا عَنِ عَوائِلنا وطُفولتِنا تلتها أحادِيثٌ عَن أُمورِ الحياةِ والعمل حتّى حانَ وَقتُ الظَهيرة، لَمْ نشعُر بالوقتِ إطلاقاً! إِعتذرتُ مِنها قائِلاً أَنَّ عليَّ العودة فرأَيتُ ملامِحَ وَجهِها يرتسِمُ الخوفُ ويُزهِرُ القلقُ فوقَها، فِي حِضنِها قَفزتِ الهِرَّةُ وقَالتْ لِي وَعيناها على الأَر ضِ مُوجّهة: "عِدنِي بِأَنْ تَعودا سالِمَين، يَكفِينِي مِنَ الدُّنيا مَنْ فَقدت، لا أُريدُ أَنْ أَخسركُما" كَانَتْ كَلِماتُها كَأشواكِ تلمِسُها أَيادِي الأَطفال، لَمْ أَكُنْ أَعلمُ ما يتوجَّبُ عليَّ قولُهُ فِي تلكَ اللحظةِ القاسِية، وَضعتُ عُلبةً على المِنظدةِ وَهِيَ تَنظُرُ لِي باستغرابٍ فَقلتُ: "لِيَكُنْ هذا رمزَ العَهدِ بَينَنا، عِدينِي ألّا تَفتحِيهِا حَتَّى نُغادِر أَنا ولانس هَذهِ المدِينة"، أَومأتْ لِي بالإيجابِ فَودَّعتُها وانطلقتُ عائِداً إلى البَيتِ مَع ابتسامةٍ طفيفةٍ تَحمِلُها شَفتاي..
    //
    ..
    موعِدُ النُّزهةِ كانَ مُقرراً لليومِ التّالِي! أَفقتُ فَجراً لِأداءِ الرُّوتينِ اليَومِيِّ فَخرجتُ أُرخِي قَدمَيَّ وَجسَدِي فِي حديقةِ منزِلي، الطقسُ اليوم باردٌ ولكنَّ أَشِّعةَ الشَّمسِ وأَلسِنةَ دِفئِها بدأتْ تجعلُ مِنْ هذا الوقتِ فِي الصباحِ مكاناً آسِراً تحلُمُ بالبقاءِ فيهِ فترةً طويلة.. جَلستُ قُربَ زَهرتِي وَسطَ الصّرحِ الأَبيضِ الجليديِّ هُناكَ وكُنتُ قدِ ارتدَيتُ ثياباً أقلَّ عتمةً وقتامةً مِنَ السابق، كأَنَّ هذا القاتِلَ لَمْ يعُد موجوداً فِي داخلي بعدَ الآن، لكِنْ مَهما حاولَ الدَّهرُ تغييرِي فَلنْ أَتراجَعَ عَنْ هَدفي ولَنْ أسمحَ للألمِ أن يجتاحَ قلبِي مَرَّةً أُخرى.. رُغمَ هَذا، بدأتُ أشعرُ باقترابِ أَجلي وضرباتُ قَلبيَ المُتقطِّعة بدأَتْ تُخيفُنِي حَقاً كَأنَّها تَنوِي أَخذَ رُوحِي بَعيداً عَنْ جَسدِي..
    //
    ..
    كُنتُ حِين أَنظرُ إلى زَهرتِيَ السوداء أَشعُرُ بالأمانِ والارتياح لِسببٍ مجهولٍ ذي سِرٍّ غير معلوم، كَم مِن مرَّةٍ حاولتُ تفسِيرَ بقائِها حَيَّةً رُغمَ عدمِ حِمايتي لها أو حتَّى رَيِّها برُبعِ قطرةٍ مِنَ الماء، والآن صِرتُ أَعرِفُ سَببَ هذا.. زهرتِي يا زهرتِي، أنتِ هِيَ قَلبِيَ المفقُودُ مِنْ صَدرِي، أَنتِ مَنْ سَبَّبتِ لِي أَمرين، حُزنِي وفرحتِي، أَمَّا حُزنِي فهو بقائُكِ ذِكرى بَعدَ مَقتَلِ والدَيَّ على يدي، وأمَّا فَرحتِي، فَهِيَ بابتعادِي عَنكِ لِلِّقاء معَ أصدِقاءٍ روتْ أحلامِي قِصصَهُمْ على الرَّغمِ مِنُ كُلِّ الكوابِيسِ الغريبَةِ الَّتِي رأَيتُها فِي الآوِنةِ الأَخِيرةِ وَلَم أعَلَمْ شَيئاً مِنْ تَفسيرِها..
    //
    ..
    بدأتُ أَلوحُ بِناظِري إلى الأُفقِ الشاسِعِ والسماءِ المُلبَّدةِ بالقُطنِ الأَبيضِ علَّنِي أَجدُ الطَّيرَ الَّذي افتقدتُ رُؤيتهُ مُنذُ سنوات، كانَ هذا الطَّيرُ عُصفورِيَ الصَّغير، كان يُؤنِسُنِي ويُذهِبُ عَنِّي وَحدتِي.. كان لونُهُ أَبيضَ كالثَّلج تتخلَّلُهُ رِيَشٌ رَماديَّةُ اللونِ، عَيناهُ الحمراوتانِ بقيتا عالقتَينِ فِي ذِهنِي ولمْ يَكُنِ بِمقدورِي إِيقافُ تواجُدِهِ دقيقةً فِي ناظِري، إلى أنْ حان وَقتُ إِرسالِهِ وإطلاقِهِ في الحُرِّيةِ إلى السماءِ، كَي يرى أَصدقائهُ وعائلتهُ كما لم يراهُم مُنذُ قديمِ الزمنِ..
    //
    ..
    إلى هاتِفي نَظرتُ وأَمعنتُ حتّى قَرأتْ اسم لانس، يَبدو بأنِّي نَسيتُ ارتِداء عَدساتِي الطِّبيّةَ مُجدداً.. رَفعتُ الحاكِيةَ وتحدَّثنا قليلاً فبدى لِي بأَنِّي تأخرتُ عَنْ مُوعدِ النُّزهة، "كيفَ مرَّ الوقتُ سريعاً هكذا؟" تسائلتُ فِي نَفسِي فَعدوتُ ناحيةَ القصرِ أُهيِّئُ نَفسِي لاستقبالِ أَرقى الشتائمِ مِنْ لانس عَلى تأخُّرِي هَذا.. إلى المُتنزَّهِ وَصلتُ لأتلقَّى لكمةً كادت أَن تكسِرَ ذراعِي إلاَّ أَنّها عادتْ إلى لانس فكادَ يَبكي مِنْ شِدَّةِ الأَلم، بَقيتُ مُحدِّقاً فِيهم وكَيف كان شَكلُهُم يَبدو عَفوياً لطيفاً ارتسمتْ فِيهِ معالِمُ الضحكاتِ الصامِته والسعادةِ الحالِمة.. لَيتَنِي أَبقى مَعهُم إلى الأبد، إلى الأبد، إلى الأبد..
    //
    ..
    تجوَّلنا نحنُ الأربعة والأحاديثُ والضَّحِكاتُ الفَرِحَةُ تَغمُرُنا، أَحسستُ بِعُمقِ الوقتِ وطولِهِ مَعهُم كَما لَم أَشعُر بِهِ فِي حَياتِي كُلِّها، حَتّى الطريق ناحيةَ الشَّجرةِ الكَبيرةِ بدا كأنَّهُ مِيلٌ لا بِضعةَ أَمتار.. فِعلاً كانَ عَلينا أَنْ نَغتَنِمَ فُرصةً كَهذهِ مُسبقاً فاللّحظاتُ المُقدّسة فِي الحياةِ هِيَ حِينَ تَكونُ بِجانبِ أَرواحٍ تَهتمُّ بِكونِكَ بَشراً مِثلَهُم.. وَصلنا أَخيراً بَعدَ أَنْ أَهلكتنا الأحاديثُ فِجلَسنا هُناكَ نُحاوِلُ التِقاطَ بضعَ أَنفاسٍ قِصار، التَّرتيبُ الّذِي كُنا نجلِسُ عَليهِ وكأَنَّهُ خُطَّةٌ خَبيثةٌ مِنْ تَدبِيرِ لانس الحَقير حَيثُ أَجلِسُ قُربَ ماليسّا، حتّى مَتى يَنوِي هَذا الأَخرقُ إِبقائِي حبَّةَ بَندورةٍ مُكوَّرة، لا أدري..
    //
    ..
    قُمنا بِترتيبِ السُّفرةِ وكانَ المنظرُ يَفتحُ النّفس، تناوَلَتْ عَينايَ الطّعامَ دونَ استِئذانٍ وَقتَها، بدأتُ حقَّاً أَرى كَم أَّنَ النِّساءَ يَعرِفنَ فَتحَ شَهيَّةِ أَمثالِنا.. كَانتِ الوجبةُ لتكونَ روتينيَّةً لولا أَنْ لَعِبنا بَعضَ الأَلعابِ وَقتَها، فكانَتِ الصراحة والتحدِّي مِنْ نَصيبِ القائِمةِ العُليا، إِذ كانَ مِنْ بَعضِ ما جرى هُو أَنَّ الخاسِرَ والرافِض للتحدِّياتِ يأكُلُ الحشائِشَ وأَوراقَ الشَّجرِ غَصباً عَن أَنفِه، آهٍ مِنكَ يا لانس وَمِنْ أَفكارِكَ وأَسئِلتِكَ الشَّنيعة.. إِنتهى بِيَ المطافُ لِآكُلَ كَثيراً مِنْ أَوراقِ الشجر، والجيِّدُ أَنَّنِي لَم أتسمّم.. لَمْ نَشعُر بالوقتِ مُطلقاً وكانَتِ الشَّمسُ مُتّخِذةً مِنَ اللونِ البُرتُقالِيِّ مأخذاً فَقرَّرنا تَوثِيقَ بَعضِ الصُّور..
    //
    ..
    إنتهى، ذاك اليومُ السعيدُ انتهى بِدُموعٍ تهاطَلَتْ كغَيثٍ يُكسِّرُ الأَرضَ لَو ارتَطَمَ بِها.. "لا تَذهبا" كانَتْ الجُملةُ الّتِي قالَتها ماليسّا وكايتي، كانَ شَيئاً كاسِراً مُحطِّماً للقلبِ رُؤيتُهُما بِهذا الوضع المَأساوِي.. المُشكِلةُ لَيستْ فيهِما فَقط، إِنَّما بَكِينا أَنا ولانس قَليلاً أَيضاً.. ودَّعنا بَعضَنا البعضَ بِأَسىً كأَنَّنا لَنْ نرى ملامِحَ وُجوهِنا مرَّةً أُخرى، تمنَّيتُ وَقتَها لو بإِمكانِي قولُ شَيءٍ ولكِنِ انتَهى بِيَ المطافُ أَوَّلَ الراحِلين..
    //
    ..
    صباحُ يَومٍ أَسودَ كَئِيب، إِنطَلَقنا أَنا ولانسْ فَجراً صوبَ الهدفِ المَنشُودِ تَحتَ اسمِ ذِكرياتِي النّائِمَة.. واجهنا المَخاطِرَ الَّتي خُضتُها بمُفردِي سابِقاً بِأَقصى سُرعةٍ مُمكِنةٍ، حَصلنا على الزُّمُرُّداتِ مِن جديدٍ وواصلنا الرِّحلةَ بِشكلٍ طَبيعيِّ للغايَة.. ما أَحبَبتُهُ هو صُحبةٌ فِي سَفرِي، لأَوَّلِ مرَّةٍ أشعُرُ بِأَنِّي مُنبسِطُ الأساريرِ فِي رِحالِي إِذ كان لانس أُنساً لِي خلال هذهِ الأيامِ القليلة، حقاً شَعرتُ أَنَّهُ نِعْمَ الصدِيقْ..
    //
    ..
    وها نحنُ ذا أَخِيراً، على ضفافِ شاطئٍ تلفَّظتهُ الأمواجُ ببرودتِها، وانحنتْ بتلاتُ الأَزهارِ تجاهَها، وصَلنا أَنا وَلانس إلى مُرادِنا، "بوابةُ المدى البعيدِ" كما قالتِ الخرِيطةُ وَقتَها، "ها أَنا ذا قادِمٌ يا ذِكرياتِي لِأستعِيدَكِ وأستعِيدَ نِصفِيَ المَفقُودَ ذاك، حَقِيقَتِي ستتجلَّى فِي الأُفقِ وَلَنْ أَرى بَعدَها حُزناً ولا شقاء"، هكذاَ قُلتُ بِهَمسٍ خافتٍ فَسَمِعَني لانس وربَّتَ على كَتِفي قائلاً: "أَجل، لَم يبقَ إِلاَّ القليل"..
    //
    ..
    فُتِحَتِ البوابةُ بوَميضٍ ساطِعٍ أبيضَ لامِع، دَخلنا أنا ولانس إِلى المكانِ المطلوبِ حَيثُ بَدا لِي وكأَنَّهُ ثقبٌ أَسودُ قاتِم، أَخِيراً أَفِدَ الوقتُ كي أنعَمَ بالنصرِ فهاقد جاء الوعيد.. فَتَحنا أَعيُنَنا فإِذا بِنا نتوسَّمُ الفضاءَ يُحاصِرُنا وأَقدامُنا تَرسوا عَلى أَرضيَّةِ مَكانٍ بَدا لِي كمُستعمَرةٍ سودَاءَ لا بَل هِيَ كالمَنفى، تنبعِثُ مِنهُ أنوارٌ صَفراءُ قائِمَة.. "دارك هَلُمَّ إلَيّ" صَوتٌ بَدَا لِي مَألُوفاً، إِنَّهُ بِلا شكٍّ ذاكَ العالِمُ المجنُونُ الَّذي بقيَتْ ذكرياتِي حبيسةَ قُضبانِ سجنِهِ الأسود.. مايِرفاير..
    //
    ..
    حِسُّهُ فِي كُلِّ مَكانٍ نَذهَبُ ناحِيَتَهُ أَنا ولانس، هَرعنَا نُحاوِلُ اللّحاقَ بِمصدرِ الصَّوتِ حَتّى وصلنا إلى مُفترقِ طريقٍ مسدود، وقفنا دونَ حركةٍ واحدة إِذ كُنَّا ننهتُ بشدةٍ جرَّاءَ عَدوِنا الطويلِ ذاك، توقف صدى الصوت العميق، وبدأ صَدرِي يؤلمُني.. ألمٌ للحظاتٍ قصيرةٍ غامضة بدتْ كأنها عامٌ لا بَل أكثر.. "ها قَدْ حانَ وَقتُ لُقياكَ أَخيراً، يا دارك"، إِنَّهُ فِي الغُرفةِ الّتِي خَلفَ هذا الجِدار!
    //
    ..
    حطَّمنا الجِدارَ أَنا وَلانس فانتفضَتِ الأَرضُ مِنَ الغُبارِ أَثناءَ ذاك الحُطامِ حَتَّى انقَشَعَ كُلِّياً فَدَخَلنا وأَيادِينا وأَجسادُنا كُلُّها عَلى أُهبةِ الاستِعداد.. تَجلَّى لِعَينينا شخصُ حِينَ استدارَ ناحِيَتَنا أَبصرناهُ ضَخمُ الجُثَّةِ بِشعرٍ كَساهُ الثَّلجُ مِنْ شِدَّةِ البَياض وعَينَينِ كأَنَّ السَّماءَ ارتَسَمَتْ فِيهِما فِي وَجهِهِ شَيءٌ مِنَ الاسمِرار ونِصفُهُ لا بَل أَغلبُهُ مُغطَّىً بالمَعدِن، هَزِقَ بِجُنونٍ وَأَتبعَ قائِلاً "إذاً ها قَد جِئتَ أَخيراً، داركِ روبرت ميريوفا، الصَّغيرُ الَّذِي عاشَ فِي بَيتَينِ حَتَّى صارَ شبهَ مَيِّت" كَلِماتُهُ غامِضةٌ كالأُسودِ لا تعرِفُ مَتى تنقضُّ عَلى فَريسَتِها..
    //
    ..
    "مايرفاير، أَليسَ كَذلِك؟" نَطقتُ فأَومأَ بالإيجابِ أَنْ: "لِمَ تأَخَّرتَ كُلَّ هذهِ الفترَة؟ أَلم أَقُم بِدعوتِكَ عِدَّةَ مَرَّات؟"، إتَّسعَتْ مُقلَتا عَينَيَّ فَقُلتُ باستِغرابٍ: "لَم تَدعُنِي إِلَّا مرَّةً واحِدة، أَم أَنَّكَ هَرِمتَ فَخانَتكَ الذَّاكِرة؟"، "يُؤسِفُنِي أَنَّكَ لا تَزالُ جاهِلاً لا يُدركُ بَواطِنَ الأُمُورِ كَما عَهِدتُك" توقَّفَ قَليلاً وتَقدَّمَ بِضعَ خطواتٍ ثُمَّ تابعَ: "أَلم تَكفيكَ تِلكَ الرُؤى كُلّها لِإِثباتِ دَعواتِي لَك؟" صُدِمتُ وَنَظَرَ كِلانا إِلَيهِ باستِغرابٍ فَقالَ لانس: "مَاذا تَقصِدُ بِرُؤى؟!"، توجَّهَ نظرُ مايرفاير ناحِيةَ لانس فابتَسم باستِخفافٍ قائِلاً: "إِذاً أَنتَ مَنْ عَطَّلَ الجِهاز تماماً، لانسيلوت"، وفوقَها يُدرِكُ ما اسمُهُ الكامِل! مَنْ هَذا وما هذهِ الأَسئِلةُ الإضافيَّةُ يا إِلهي ما هِيَ..
    //
    ..
    "أَنّى لكَ مَعرِفةُ لانس! ثُمَّ عَنْ أَيِّ جَهازٍ تتحدَّث؟!" قُلتُ بِغضبٍ وبِصوتٍ شابَهُ الإستِغرابُ والاستِفسارُ والتساؤُل فَردَّ أَنْ: "مَنْ، لانسيلوت؟ كَيف لا أَعلمُ اسمَ مَنْ قتلتُ أخاه؟" صَدمَةٌ تَتلوها الأُخرى وَنحنُ مَفتوحةٌ عُيونُنا عَلى مَصرعَيها فانْتَاغَ قائِلاً: "يا لَها مِنْ نَظراتٍ تَدُلُّ على الغَباء! مِنَ المُمتِعِ رُؤيتُكُما هَكـ.." رصاصةٌ اطلقتُها لِأُسكِتَ فَمَهُ لِيصرُخَ خاصَّتِي أَنْ: "كَفاكَ عَبثاً مَعَ أَعصابِي! أَنا مَنْ قَتَلَ مايك لا أَنت!" إِبتِسامةٌ عَلَتْ وَجهَهُ فَقال: "كلاَّ يا دارك، فَقد كانَ الجِهازُ يَعمَلُ وَقتَها"، "وما هَذا الجِهاز!!" أَعصابِي تكادُ تنهارُ وتشتعِلُ شَرايِينِي ناراً حِينَ نَطَق قائِلاً:"اوه، أَنتَ لا تذكُرُ شَيئاً أَبداً، حتّى هَذا مُحيَ أَثناءَ العملِيَّة؟ صار الوضعُ حماسيّاً أَكثرَ الآن"..
    //
    ..
    "ماذا تَعنِي بكلامِكَ هذا..؟" قُلنا بصوتٍ واحِدٍ أَنا ولانس فَردَّ قائِلاً: " ليتكَ ترى وجهكَ الآن.. أبيضٌ شاحبٌ كمصاصي الدماء، ترتشفُ دماءَ ضحايانا يوميّاً دونِ شفقة، تُمزقُ أجسادهُم بِلا أَدنى رحمة.. وتقفُ أماميَ الآنَ كطفلٍ صغيرٍ صُفعَ على وجنتِه؟! أَلم تُدرك مَن أنتَ حتى الآن حسناً إِذنْ، تُريدُ مَعرِفةَ حامِلِ لَقبِ القاتِلِ الأَسود، قاتِلُ مايك ووالِدَيك؟"، ردَّ لانس بِخوفٍ: "أَليسَ هَذا لَقبَ دارك؟"، "لا بَلْ هُوَ أَنا!" فُتِحَتْ أَفواهُنا جرَّاءَ الصَّدمةِ وكُنتُ أَسمعُ ضربات قَلبِي فِي عُنُقِي..
    //
    ..
    "ويَبدو بِأَنَّ آخِرَ جُملةٍ قَطعَتْ ألسِنتكُما لِذا سأَقُصُّ عليكُما الحَقيقة، أَتذكُرُ رُؤياكَ الّتِي رأَيتَها فِي الآوِنَةِ الأَخيرة؟ طفلٌ صغيرٌ مَربوطٌ تُمزَّقُ صُورُ والِدَيهِ أَمام ناظِرَيه تَتلوها صعقاتٌ كَهربائيَّة.. ذاكَ أَنتْ وكُلُّ ما جَرى هُناك مُحِيَ بَعد الصَّعقات، بِما أَنّكَ بَدأتَ تَرى تِلكَ الأَحلام، فَهذا يَعنِي بِأَنَّ الجِهازَ الَّذي زَرعتُهُ داخِلكَ قَد تعطَّل.." كانَ يدورُ حَولَنا ويُتابِعُ كَلامَهُ وَنحنُ تماماً كَما وَصفَنا، فَقد قُطِعَتْ أَلسِنَتُنا بَعدَ سماعِ هذا كُلِّه.. "كُنتُ عالِماً وَطبيباً راقِياً فِي بِلادٍ رائِعة، حِينَ وُلِدتْ، جائتنِي حالةٌ مَفادُها أَنَّ مولوداً جاءَ دُونَ قَلبٍ أَفادَ أَنَّهُ كانَ لِوالِدَيكَ الحَقيرَين، إِبنِي وَزوجَته.. تفحَّصتُكَ ورَبطتُ فِكرةَ كونِ قلبِكَ مَوجوداً داخِلَ زهرةِ الآردز روفر الموجودة فِي حَديقةِ مَنزِلِك، فَنَعتَنِي الجَميعُ بالمَجنونِ والهرمِ وتمَّ نَفيِي إِلى هُنا حَيثُ عِشتُ باقِي سنينِ عُمرِي.. لِحُسنِ الحظِّ فَقد أَخذتُكَ بِرفقَتِي دُونَ أَنْ يَعلمَ أَحد، كُنتُ أَنوي تَدميرَ كُلِّ مَنْ جَعلنِي هَكذا، بدءاً بأُمِّك يتلوها أَبوك، ماراً بالمُجرمِينَ الَّذينَ عَذَّبوا زَوجَتِي حتَّى المَماتِ وانتِهاءً باؤلئكَ الَّذينَ سَخِروا مِنِّي.. كُنتَ أَنتَ سِلاحِي يا دارك لإنجازِ هذهِ العمليَّة، فتستحِقُّ الإنحِناءَ والشُّكر"..
    //
    ..
    جثيتُ على رُكبتَيَّ غارقاً في الألم والقشعريرة والرّجفة، عقلي سينفجِر، وقلبي سيندثِر.. لم أَكُن دارك القاتل الأسود، بَلْ سِلاحاً للإنتِقام.. "هَكذا زَرعتُ جِهازاً فِي دِماغِكَ وتحكَّمتُ بجَسدِكَ وعَقلِكَ اللطيفِ البريءِ نوعاً ما" قال وكأَنَّ لا مَزيد فسألتُهُ بغضبٍ وحُزنٍ وجِسمِي يختضُّ مِنَ الأَلمِ قائِلاً: "وماذا فَعل أَبواي.. ابنُكَ وزوجتُهُ.. أنَّى لكَ أَنْ تَقتُلَ اثنينِ مِنْ أَحبِّ النّاسِ إِليك؟!" قَهْقَهَ قائِلاً: "هُما سَببُ ما عانَيت! أَقرأتَ كِتاباً صَغيراً فِي مكتبةِ قَصرِكَ تَحتَ عُنوان (لَيلةٌ في النار؟)" أَومأتُ بالنَّفيِ فتابعَ أَنْ: "هذهِ تَحكِي قِصَّتِي وبِدايةَ مُعاناتِي، فِي لَيلةِ حَفلةٍ أَقامَها والِداكَ فِي قصري أَوقَعَت والِدتُكَ النَّارَ فَوقِي والتهمَت ما ترى غِطائَهُ مَعدنيّاً.. هَجرَتنِي زَوجَتِيَ الّتِي أَحببتُها وَعِشتُ وَحيداً حتَّى تزوّجتُ أُخرى اختُطِفَتْ لَيلةَ زِفافِنا وهشَّمَ جَسدها مُجرمونَ قَتَلَة، أَلا يَكفِي هذا سبباً فِي كُرهِي لَهُما؟"..
    //
    ..
    "أَنتَ أَحمق! إستعملتَ دارك لِتقتُلَ ولدكَ وزَوجَتهُ لِأَجلِ حادِثةٍ غَيرِ مَقصودةٍ مِثل هَذه؟! أَبشرٌ أَنت؟! دارك، أَستترُكُهُ يَنجُو بِفِعلَتِه؟! سَلَبَكَ سَعادتكَ وفِكرك وروحَكَ طوال هذهِ السنين، هيّا قِف وانتَقِم فأَنتَ هُنا تستحِقُّ ملأَ كَأسِكَ بِدمائِه والتلذُّذَ بشُربِها!" لانس، كَلِماتهُ قويَّةٌ وجريئةٌ على الدَّوام.. نَهظتُ وتوجَّهتُ ناحِيةَ لانس فتلطَّختْ دِماؤهُ عَلى وَجهِي.. أَنا، طَعنتُه..؟ كلاّ، مايرفاير!! سَقطَ بَينَ ذِراعَيَّ وهو يَنزِفُ مُغمىً عَليه "لانس، لانس أَجِبني!!" قُلتُ بانذِهالٍ فَأجابَنِي وهُوَ يسعلُ دماً أَنْ: "لا عَلَيك، بإِمكانِي إيقافُ النَّزيفِ بِمُفرَدِي، إِذهَب وقاتِل، أَيُّها البَطلُ الأَسود"..
    //
    ..
    تَركتُ لانس وحَملتُ سَيفِي مُتَّجِهاً ناحِيةَ مايرفاير قائِلاً: " لن أُنكر ما قُلتَه، نفسي ضعيفه وروحي جريحه.. لكنني لَنْ أَتركَ نفساً دنيئةً كنفسكَ تُلطخُ العار على اسمي! أنا.. دارك روبرت ميريوفا، سأُنهِي حياتِك!!"، "حقاً أنتَ مثيرٌ للشفقة! سأُطعمكَ مرارةَ الألم! وأَسقيكَ من ماءِ السَّقم! إذاً! هيا اهجُم!!" قالَ فبدأَتْ مَعركَتُنا وَتضارَبتْ سُيوفُنا بِقُوَّةٍ وكُنّا قَد دمَّرنا نِصفَ المكانِ إِذ أَنَّ قِوانا عالِيةٌ و تساوينا في كُلِّ شيءٍ تقريباً.. دراتِ المعركةُ لفترةٍ طويلة، أُنهكَ كِلا الطرفينِ فيها، وعلى الرغمِ من هذا، فقد نهضتُ وركضتُ بسرعةٍ طارِحاً إيَّاهُ أرضاً وسيفيَ الأسودُ ممتدٌ صوبَ قلبِه! قُلتُ لهُ بصوتٍ تقشعِرُّ له النفوسُ والأبدان: "أَمِنْ كَلماتٍ أَخيرة؟"، "أَتظُنُّ أَنَّنِي لَمْ أَضَع حِساباً لِمثلِ هذهِ الحالات؟!" ردَّ فاستغربتُ قائِلاً: "ماذا تعني..؟!" فإِذا بِهِ يضغطُ على زرِّ لِتخرُجَ أَمامهُ.. "زَهرَتِي؟!" صَرختُ باستغرابٍ فَقالَ: "كلا بَل هِيَ أداةٌ صَنعتُها لأقطعَ تُويجاتِها بِنَفسِي كَما السابِق! راقِب هذا"..
    //
    ..
    بدأ ذاك الأخرقُ بتمزيقِ تويجاتِ زهرتي الواحِدة تِلوَ الأُخرى وبدأتُ أنزفُ وأتقلَّبُ أرضاً مِن شدةِ الألم! قلبي يؤلمُني لِأَقصى الحُدود!! إِنْتَاغَ قائِلاً: " هذا ما يحصلُ حينَ تقومُ بعصيانِ أوامِري!!" أَمسكتُ سِلاحِي واضِعاً رصاصَتِيَ الذَّهبيَّةَ الأَخيرةَ حين لم تبقى إِلاَّ تويجةٌ واحدة.. الدمُ يسيلُ مِني.. والألمُ يُقطعُني.. نَهضتُ قَليلاً فصوَّبتُ ناحيةَ قلبِهِ وسقطَ على الأَرضِ جُثَّةً هامِدة.. جثيتُ على الأرضِ مُغماً عليَّ وأَنا أَلهثُ تَعباً مُحاوِلاً أَخذَ أَنفاسٍ قَلِيلَة.. ناحيةَ لانس نَظرتُ وكانَ مُغماً عَليهِ تَماماً ووجهُهُ شاحِبٌ كأنَّهُ مَيت، لَمْ أَتمكَّن مِنْ استِعمالِ قِوايَ فخَلعتُ قِلادَتِي وأَلبَستُها إِيَّاهُ لِتَشفِيَهُ فاستَيقظَ وجَسدِي انهارَ على الأَرض..
    //
    ..
    أَمسك لانس بي وعانقني والدمعُ يسيلُ من عَينَيه، "لِمَ لَم تُنقِذ نَفسكَ أَيُّها الأَخرق!" صرخَ بِأَسىً وأَلم.. أشعرُ بالألمِ فِي قلبي فكانَ ينزفُ دماً.. عيني تدمي دمعاً.. وجلدي يتصببُ عرقاً، عادتْ لي ذكرياتي بَعد مَقتلِ مايرفاير وحان وقتُ رحيلي، لا.. لا أُريدُ رؤية لانس يبكي عليَّ، كايتي وأيضاً.. خطيبتي ماليسّا.. قُلتُ لهُ كلماتيَ الأخيرة: ""لانس.. لو تعلمُ كم أَنا سعيدٌ الآن، إنتصرت.. حققتُ غايتي العُظمى.. إلتقيتُ بك، وبكايتي وماليسّا.. أَنتُم كنتم لي.. نِعمَ الأصحاب.. ليتني قاتلتُ نفسي اللئيمةَ منذُ صغري.. أَشعرُ بالراحةِ لأَنني لستُ مَن قتل أبي وأُمِّي.. لقد فعلتُ ما كنتُ أُريدُ القيام به.."، "دارك.. أرجوك.. لاتقُل شيئاً آخر! سأُعالجُك، أمهلنِي دقيقةً واحدة أرجوكَ لاتتكلم!" قالَ وملامِحُ وَجهِهِ كانَتْ مُؤلِمةً بِحق، رَددتُ أَن: " لافائدة.. لايُمكنُكَ إبعادُ الموتِ عني.. لذا أرجوكَ أن تسمع رجائيَ الأخير.. إسمع وصيتي.. عُد إلى الأرضِ.. وأخبرِ الجميعَ بما حصل.. أخبرهم بأنني آسف.. وأَنني شديدُ الأَسف.. أَرجوك يا لانس.. خُذ إرثي، قصري وكُلَّ ما أملِك، إنها لك.. وأيضاً لخطيبتي ماليسا.. رجائيَ الأخير.. إعتنِ بنفسك و بكايتي وماليسا.."
    //
    ..
    سقطتْ التويجةُ الأخيرة.. وسقطتْ يدي مِن بين يدَي لانس كالماء المـُتدفقِ براحةٍ عميقة، بردَ جسدي بالكامل، خرجت روحي وعانقَتْ لانس، وغادرتُ العالمَ الكئيب، تَردد صدى صرخاتِ لانس في أرجاءِ المكان بِأَسرِه، بكى كثيراً وحاول إيقاظ جسدِيَ الهامدِ لكن دون جدوى.. حملَ لانس جُثتِي وغادر المنفَى عائِداً إلى حَيثُ يتوجَّبُ عَليهِ دَفنُ جُثَّتِي لِترقُدَ روحِي بِسلامٍ هُناك..
    //
    ..
    كايتي وماليسا أمام البوابة تنتظرانِ لانس وروحِيَ المُرافِقةَ لَه.. حين رأتْ عيناهُما جسدِيَ الخامد بكتْ أعيُنهما وذرفتِ الدموعَ بِغزارة.. إقتربتْ ماليسّا ناحيةَ جسدِي وعانقتهُ وقبلتْ جبينِي قائلةً: "أيُّها الكاذب.. ألم تُخبرني بأنكَ ستعود، ألم تعِدني فِي رِسالتِكَ بأنَّ خاتمَ الخُطوبةِ هذا سَيكونُ دليلَ عَودَتِكَ؟ والآن.. أينَ أنت؟! هيا أجبني! لا تُغلق عينيكَ في وجَهي هَكذا! أَعلمُ بِأنَّكَ تُمازِحُنِي.. أُنطق بكلمة.. أسمعني صوتك.. لا أُريدُ أَن أفقدك.. دارك.. دارك!!" تعالَتْ صَرخاتُها وبَكَتْ روحِي مُعانِقةً إِيَّها بِشدَّة..
    .
    .
    مَضى عامانِ كامِلانِ لِروحِي الّتِي سكَنَتْ مَعَ روحِ والِدَيَّ، كنتُ راقِداً فِي قَبرِي حتَّى جاء ثلاثُ أشخاصٍ يحمِلُونَ باقةَ أزهارٍ حَمراءَ سَوداءَ بَيضاءَ يقولون: "عيدَ ميلادٍ سعيداً يا دارك!" بكى الجميعُ بَعدَ ابتساماتٍ خَفيفةٍ فعانَقتُهُم قائِلاً: "أَجل.. عيدَ ميلادٍ سَعيداً لِي"



    وتوتة توتة خلصت الحتوتة *^*
    قراءة ممتعة للجميع وشكراً لكم على حسن المتابعة
    أنتظر آرائكم وانتقاداتكم :"$
    وانتظروني مع مانجا قريباً ان شاء الله
    إلى ذاك الوقت
    دمتم في حفظهِ تعالى :")



  2. #62

    الصورة الرمزية Brhom Kun

    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المـشـــاركــات
    2,946
    الــــدولــــــــة
    اليمن
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ~|بينَ البراعمِ والتويجات دماء | في روايةِ الروحِ المُظلمة || Darken Soul |~

    عادة كمل

    لا إله إلا الله .....

    لم اقراء سوى ثلاثة فصول

    ان شاء الله نقراءة قريباً

    أرسلت من ALE-L21 بإستخدام تاباتلك

  3. #63

    الصورة الرمزية بوح القلم

    تاريخ التسجيل
    Apr 2014
    المـشـــاركــات
    3,354
    الــــدولــــــــة
    كندا
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ~|بينَ البراعمِ والتويجات دماء | في روايةِ الروحِ المُظلمة || Darken Soul |~

    السلام عليكم ،،

    ياللجمال *^*

    أنا متحمسة جدا جدا تبدو الرواية مشوقة جدا بأحداثها

    والرسومات آه .. آه ... يالروعتها *^*

    رااااااااااااااااااائعة بحق بالفعل أنت مبدعة ميشو لم أتخيل أن تكون رسوماتك بهذه الروعة والإتقان

    من الجميل أنك أكملتها نادرا ما أقرأ الروايات الغير مكتملة لأنني أبقى متشوقة لتتمة

    بإذن الله سأبدها من البداية للخاتمة وأتلذذ بكل حروفها

    سلمت حروفك وشكرا لك مع أجمل وردة



  4. #64

    الصورة الرمزية Michelle Kris

    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المـشـــاركــات
    1,709
    الــــدولــــــــة
    العراق
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ~|بينَ البراعمِ والتويجات دماء | في روايةِ الروحِ المُظلمة || Darken Soul |~

    منتظرة عودتكم بفارغ الصبر *^* <3
    قراءة ممتعة :")

صفحة 4 من 4 الأولىالأولى 1234

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...