~ ✿ تحدي أصحاب القلوب القوية ❤ هنا النصوص المشاركة ❤

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 11 من 11
  1. #1

    الصورة الرمزية أثير الفكر

    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    المـشـــاركــات
    5,262
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي ~ ✿ تحدي أصحاب القلوب القوية ❤ هنا النصوص المشاركة ❤




    ~ ✿ تحدي أصحاب القلوب القوية ❤ هنا النصوص المشاركة ❤

  2. #2

    الصورة الرمزية أثير الفكر

    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    المـشـــاركــات
    5,262
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ~ ✿ تحدي أصحاب القلوب القوية ❤ هنا النصوص المشاركة ❤

    بقلم : الوجه المبتسم


    أهزوجة معتمة - ضوضاء - مكان مزدحم

    البهارات :عاطفي ^.^




    غالبًا ما كان ينزعج من كل ذلك الزحام والصداع الذي ينتابه كلما مرّ بهذا الشارع الذي لا يخلو من الضوضاء.. إلا أنه لم يعر اهتمامًا لكل ذلك.. بل تابع مسيره بلا شعور...

    استمر عقله في إعادة سيناريو الأحداث التي حدثت مذ ساعة خلت.. ورافق ذلك العرض المرئي طنينًا لأهزوجة معتمة لطالما سمعها واستاء منها...

    تفجر قلبه بالألم والغضب من نفسه.. أكان عليه حقًا أن يجرب الفقد ليندم على لحظات لم يستغلها كما يجب؟! لطالما قرأ تلك الجملة التي علقها على حائط غرفته: "لن تشعر بقيمة الشيء إلا عندما تفقده".. ولكنه -للأسف- لم يعمل بها.. وها هو يندم أشد الندم...

    رفع رأسه المطأطأ قليلًا ليخيل له أن أطياف والدته تلتف حوله.. أخرج آهة حارة من أعماق صدره.. وبدأت أمطار مسعرة بحرقة قلبه بالانهمار على وجنتيه...

    ضغط بيديه على صدغه في محاولة يائسة لإيقاف الصداع الذي بدأ بنهش دماغه رويدًا رويدًا.. لكن الأخير قاوم بضراوة وأبى أن يرحل...

    أطلق صرخة مدوية شدت انتباه الكثيرين بينما لم يبالي البعض بما حدث.. وغطت حبيبات سوداء دقيقة نظره تدريجيًا لتحجب عنه المشهد الذي أمامه.. ثم تهاوى جسده أرضًا ليغيب في عالم من اللاوعي...



    *****



    "محمد.. محمد.. استيقظ يا حبيبي.. عُد لي يا صغيري"...

    همهم بخفوت.. وعيناه لا زالتا تذرفان الدموع.. أبلغ به الشوق إلى هذا الحد؟! أن يسمع صوت أمه الحبيب؟! دغدغت همساتها الحنونة أذنيه.. وقلبه يهتف في رجاء بأن تعود به الأيام للوراء ويمحي كل أثر لتلك الجريمة التي ارتكبها -ولأول مرة- في حق والدته...

    فتح عينيه رغمًا عنه.. فهو لم يعد يحتمل المزيد.. وذلك الصوت يزيد من حدة النصل الذي بات يمزق روحه.. لم يعد يحتمل أكثر من ذلك.. لكنه صُدِم بذلك الطيف الباسم الماثل أمامه.. لا.. أرجوك يا عقلي توقف.. توقف عن إعادة الذكريات الأليمة.. لقد خسرت كل شيء.. خسرت كل شيء في هذه الحياة...



    *****



    "ما الذي حدث له؟! لقد فتح عينيه للحظات ثم أغلقهما بشدة.. وما بال تلك النظرة الكسيرة التي شوهت جمال لونهما الأسود؟! وتلك الدموع؟!"

    انتفض جسدها عندما بدأ بالنشيج الذي اختلط بكلمات لم تتبين منها غير كلمة: "سامحيني" التي كان يرددها مرارًا وتكرارًا.. رق قلبها لحاله.. تقدمت من سرير المشفى الذي تمدد فيه.. واحتضنته بحنانها المعتاد...

    تراجعت تلقائيًا عندما خمدت حركته الهوجاء فجأة.. ونظرت إلى حدقتيه اللتين اتسعتا بذهول.. لم تعد تفهم شيئًا مما يحدث.. يا رب رحمتك...



    *****



    انقطعت التيارات المرسلة إلى عقله.. وتوقف عن العمل لبرهة من الزمن.. فقد الاحساس بما حوله.. وتلاشى كل ما حوله عدا روح خيل له أنه فقدها للأبد...

    "أمي؟! هل أنتِ حقًا أمي؟! أم أنكِ خيال قدم ليعذب روحي؟!"

    "إنها أنا يا حبيبي.. حمدًا لله على سلامتك.. لقد قلقت عليك كثيرًا"

    "لكن...؟! حادث الاصطدام... السيارة... والـ..."

    ابتسمت والدته وبريق يزين عينيها.. ثم هتفت بهدوء ممزوج بعاطفة فطرية عميقة:

    "في الواقع.. يبدو أنك أنهكت جسدك كثيرًا في العمل.. وأدى ذلك إلى انهيارك وفقدانك للوعي ليوم كامل.. لم يكن هناك أي حادث اصطدام.. لا بد أن هذه لم تكن سوى مجرد هلوسات"

    "حقًا؟! حمدًا لله.. حمدًا لك يا رب"


    ***
    التعديل الأخير تم بواسطة أثير الفكر ; 6-11-2014 الساعة 07:48 AM

  3. #3

    الصورة الرمزية أثير الفكر

    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    المـشـــاركــات
    5,262
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ~ ✿ تحدي أصحاب القلوب القوية ❤ هنا النصوص المشاركة ❤

    بقلم : ميشيل كريس

    أهزوجة معتمة - ضوضاء - مكان مزدحم

    البهارات : غموض


    عَتمةٌ استَحوذَتْ عَلى الشمسِ كاسيةً إيّاها ظِلاً دامساً
    فارتوتِ الأرجاءُ بِكساءِ ظلمةٍ مُعلنةً أنَّ الليلَ قَد أتى
    حَيثُ في القطار راقبت أعيُني مُفترق الطرقِ هامِساً
    وضوضاءٌ في ينبوعِ المدينةِ يكسوهُ هُدوءٌ حَولها
    مِن مَحطتي توقفتُ أستطلِعُ ما جرى
    ...
    أَسيرُ فِي عَتمةِ الليلِ فإذا بها تبرُقُ مصابيحُ السماءِ
    كاشفةً عَمّا سأراهُ أَمامِي
    سيّارةٌ شاحنةٌ عربةٌ وأُناس تمرُّ وتختفِي في السوادِ
    وصِغارٌ تسرحُ وتمرحُ في الأرجاءِ
    وُهُنا عمَّ الصمتُ فِي الناحيةِ الأُخرى
    ...
    شَيخٌ كَبيرٌ على حافةِ الطريقِ راقدٌ
    وطِفلةٌ تَبكِي عَلى رُكبتَيهِ جالسة
    وِفي الطريق سكنتْ دموعُها ميّتة
    فتقطّرتِ الدموعُ مِن عَينيَّ على الأرضِ راسِية
    فِي الزقاقِِ الأسودِ أَسمعُ وقع خُطى
    ...
    إتّخذ السكونُ مكاناً يلتجئُ إليهِ هُنا
    صرخاتٌ وشِجارٌ يهتفُ واصِلاً حدَّ السُحُبِ البيضاء
    وعلى الأرضِ فراشٌ أحمرُ مِنَ الدّماء
    كأنَّ الدُنيا تقتلُ نفسها ها هُنا
    وفي الظلامِ اسودَّت مَعالمُ الدُمى
    ...
    أُرجوحةٌ تهُزُّها فتاةٌ لا تزالُ في ربيعِ عُمرِها
    "رياحٌ عصفتْ بجسدي الصغيرِ
    ولُعبتي على الأرضِ قد جثتْ
    وأَنا في زَمنِ الغنيِّ والفقيرِ
    ودُموعِي على الأرضِ انسكبتْ"
    تُرددُ اهزوجةً حزينةً ليستْ كما أرى
    ...
    قناديلٌ أشعّت في الأُفقِ الواسع
    وانحنت لأصواتٍ ليتها ما سَمِعت
    تمنّيتُ لو أنّي في البحرِ الشاسعِ
    حيثُ لا أسمعُ صُراخاً ولا وغى
    فِي الليلِ إذ يرتجفُ القمرُ خائفاً

    التعديل الأخير تم بواسطة أثير الفكر ; 6-11-2014 الساعة 07:49 AM

  4. #4

    الصورة الرمزية أثير الفكر

    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    المـشـــاركــات
    5,262
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ~ ✿ تحدي أصحاب القلوب القوية ❤ هنا النصوص المشاركة ❤

    بقلم : ساعة التخدير


    أهزوجة معتمة - ضوضاء - مكان مزدحم

    البهارات : شاعري



    بسم الله الرحمن الرحيم
    حين يصهر الصلب يأتي الحديد..
    وحين تشرق الشمس يولد يوم جديد..
    وحين تطفل الشمس بيد الليل يعم المغيب..
    تكور الليل على النهار فاستشربت الظلماء من الشمس ضوءها واحتوتها بكفها..
    فانسابت أشعة الشمس منحسرة حتى امتطت السحاب صاعدةً الأفق البعيد..
    وانفجر قرص الشمس عن شفق عم الأرجاء يودعها الوداع الأخير..
    واكتست الأرض بحلة بنفسجية اللون..
    أخذت تمتزج مع ظلمة الليل حتى عم الوشاح الأسود طبق السماء..
    وعمت أهزوجة العتمة أرجاء الفضاء وأسدل الليل ستاره بنعومة ينهي العناء..
    وبرز القمر المنير ناصعًا البياض في جبين السماء..
    يرسل ضوءه المنير فيعكس جماله صفحة الغدير..
    وقف هنالك بجانب البحيرة وقد تاه في دنيا الحيرة، وحيدًا في وسط الزحام وكأنما ابتلعته ذكرياته بعيدًا هي والأحلام ..
    فما عاد يشعر بالضوضاء حوله..
    لا همس العاشقين ولا ضحكات المحبين ولا صرخات الصغار ولا حديث الكبار..
    واقف وسطهم نعم، لكن روحه تسبح هنالك بعيدًا للغاية!
    حالم بذكرياته التي غلفته فعزلته عن عالمه ومحيطه..
    كل ما كان يفكر فيه هو..
    هي!
    أمسك زهرة حمراء بيده،عله يشم فيها عبقها..
    عله يرى فيها جمالها..
    عل مداعبة النسيم لورقها تذكره ضحكاتها..
    علها ورقتها السابحة في الهواء تحمله نحوها!
    عله يستنشق منها شذاها!
    رغم أنه واقف وسط مشهد خلاب يسلب الألباب تجتمع في طياته الأرض والسحاب، إلا أنه ما كانت تحين منه التفاتة ولم يجعل بناظريه يجول أرجاء الزحام لعله يستشف من وراءه ما يستشف، كان وحيد الجسد لكن هائم الروح!
    شعور بالدفء لامس قلبه وكأن يدًا حانية قد شملته وهو يتذكرها ..
    يتذكر أرض بلده!
    إنه ما عاد يرى النعيم إلا فيها!
    وصغرت في مقلتيه كلما دونها!
    إنه لا يرى جمال الخضرة إلا في أصلادها!
    ولا يحس بالأنس إلا ببلاقعها!
    ولا يشعر بالبرودة إلا تحت شمسها!
    ولا بهبوب النسيم إلا في سمومها!
    إنه باختصار لا يرى النعيم إلا في ربوعها!
    إنها بلاده من هجر منها وأجبر على فراقها!
    تمنى لو يعتصر قلبه الدم فيذرفه دموعًا ذوبانًا في الشوق إليها
    هي من أحبها حتى النخاع، بلاده..
    عاطفة شياجة ألمت به وتجرع مرارة فراقها
    إنه ليقاسي الآلام في ذكر سعادته بها
    وكأنه السعادة قد رسمت لحياته الخزي من بعدها والذوب في الحسرة من ذكراها!
    لكن كلا..
    كلا وألف كلا..
    سيعود يومًا ليعانق أرضها
    سيعود يومًا ليكتب مجدها
    سيعود يومًا ليرفع علمها يرفرف وسط سحاب العزة
    سيعود يومًا ليرفع رايتها تخفق بذكرى نضال غزة
    أخذ الدم ينفجر في عروقه والغضب يلون قسمات وجهه بلمساته.
    رفع يده عاليًا لتشهد عتمة الليل، وليوقظ هدأته، وصرخ وسط الزحام هادرًا فاختفت الضوضاء من حوله وشمل الأرض السكون والتفت الناس منصتين وكأن على رؤوسهم الطير
    وأنصت الكون ساجعًا وراءه يهتف ناذرًا النصر المبين
    والفتح العظيم!
    "
    فدائي فدائي
    فدائي يا أرضي يا أرض الجدود
    فدائي فدائي
    فدائي يا شعبي يا شعب الخلود
    بعزمي وناري وبركان ثأري
    وأشواق دمي لأرضي وداري
    صعدت الجبالا وخضت النضالا
    قهرت المحالا عبرت الحدود
    بعزم الرياح ونار السلاح
    وإصرار شعبي لخوض الكفاح
    فلسطين داري ودرب انتصاري
    فلسطين ثاري وأرض الصمود


    بحق القسم تحت ظل العلم
    بأرضي وشعبي ونار الألم
    سأحيا فدائي وأمضي فدائي
    وأقضي فدائي إلى أن تعود


    فدائي
    "
    التعديل الأخير تم بواسطة أثير الفكر ; 6-11-2014 الساعة 07:50 AM

  5. #5

    الصورة الرمزية أثير الفكر

    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    المـشـــاركــات
    5,262
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ~ ✿ تحدي أصحاب القلوب القوية ❤ هنا النصوص المشاركة ❤


    بقلم :
    تشيزوكو

    نظارة سوداء - غموض - رجل أعمى

    البهارات : شاعري



    عندما أراد الخروج لعمله في الصباح الباكر.. وجد على عتبة بابه علبةً تحوي نظارةً سوداء.. تلك كانت البداية..

    ~

    تساؤلات كثيرة حامت في ذهنه حول هذه النظارة.. أهي هدية..؟ إذا كانت كذلك فلماذا أرسلها صاحبها بهذه الطريقة المريبة..؟

    قلّبها بين أصابعه وأخذ يتفحصها بناظريه.. لا تبدو جديدة.. ولكن.. ولسبب ما إنه يرغب حقا باستخدامها..! ربما يكون من أرسلها هو أحد زملاءه في العمل وربما يعترف بذلك إذا رآه يستخدمها.. تبدو قديمة وملية بالخدوش.. لا بأس.. ليومٍ واحدٍ على الأقل.. الشمس مؤذيةٌ اليوم على أية حال..

    رفع النظارة السوداء ووضعها على عينيه.. وانطلق إلى عمله..

    ~

    عملٌ كثير كالمعتاد.. مواعيد متراكمة.. ومشاكل لا تنتهي.. عاد إلى منزله في المساء مرهقاً.. مدّ يده إلى جيبه ليلقي محفظته ومفاتيحه على أقرب طاولة.. ونظارته أيضاً..!

    لقد نسي أمرها تقريبا مع مشاغل يومه الكثيرة.. لم يعرف مرسلها.. لعلها مزحة سخيفة.. عليه ألا يستخدمها مجدداً.. الأهم الآن.. ما سر هذا الألم الفظيع الذي يغزو صدره منذ الصباح..؟

    ~

    - مراد.. مراد..!

    بدا مراد كما لو عاد فجأة من حلم بعيد... التفت إلى صديقه مشدوها.. ثم تمتم: آه.. نعم.. نعم.. أقلت شيئاً..؟

    ظهر الامتعاض على وجه صديقه وائل وهو يقول: ما بالك هذه الأيام يا مراد؟ دائما شارد الذهن؟ وأيضاً ما قصة هذه النظارة السوداء التي تضعها دائماً منذ الأسبوع الماضي..؟ لم أر أحدا يضع نظارة شمسية في العمل..!

    كان مراد يبدو متفاجئاً.. نظارة..!! صحيح إنه لا يزال يضع النظارة..!! لماذا يا ترى..؟ إنه يذكر تماماً أنه قرر عدم استخدامها مجدداً.. ما الذي يحدث معه بالضبط.. عليه أن يتخلص منها حالا..!

    ولكنه ويا للغرابة لم يحاول حتى مد يده لانتزاعها.. فقط تابع عمله وكأنه نسي أمرها تماماً..! بقي وائل يراقب تصرفات صديقه بارتياب.. إنه حقاً لا يبدو على ما يرام.. يبدو.. يبدو تعيساً بشكل أو بآخر..!

    ولذلك قرر أن يدعوه إلى العشاء الليلة.. عله يكشف شيئا عما ألمّ بصديقه.. أو يتمكن من مساعدته بشكل ما على الأقل..!

    ~

    بدا محطماً ومشوشاً وهو يجلس إلى مائدة العشاء الصغيرة في منزل وائل.. حاول وائل أن يفتح عدة مواضيع سعيدة وممتعة مع صديقه ولكن الأخير كان يكتفي بإجابات مقتضبة..

    وأخيرا قرر وائل الدخول في صلب الموضوع.. أخذ نفساً عميقاً.. وظهرت الجدية في صوته وهو يقول: ما الأمر يا مراد..؟ ألسنا صديقين نتصارح في كل شيء..؟ أخبرني بما يزعجك علّي أتمكن من مساعدتك..! أنت لا تزال شابا في مقتبل عمرك.. الحياة بدأت تبتسم لك الآن فلماذا تغرق نفسك بكل هذه التعاسة..؟؟

    استطاع وائل أن يشعر بالألم الذي ارتسم في عيني صديقه رغم اختفاءهما خلف نظاراته السوداء.. ومنذ متى كانت الحواجز والمسافات تمنع الأصدقاء من رؤية عيون بعضهم؟

    تنهيدة كبيرة تلك التي صدرت عن صدر مراد.. بدأ يتحدث بمنتهى البؤس: أنا.. سعيدٌ لأنك هنا.. إلى جانبي.. سعيدٌ أنه بقي أحد في هذا العالم يمكنني التحدث إليه.. أنا حقا أشعر بالتعاسة.. بالوحدة الشديدة.. لا أستطيع الاستمرار هكذا.. أنا حقاً.. حقاً أريد أن أقابلهم..! أن أسمع أصواتهم..! لا يمكنني العيش بدونهم.. أريد أن أشم رائحتهم ولو لمرة واحدة.. ولو لمرة أخيرة..!

    كان الألم والحزن يكاد يقطر من كلمات مراد المعذّبة.. كان وائل مذهولاً بما يسمعه.. ما الذي يتحدث عنه بالضبط..؟؟ حاول مسايرته وسأله بتردد: من هم أولئك الذين تريد رؤيتهم؟؟

    زفر مراد بألم وقال: وهنا تكمن المصيبة... أنا لا أعرف..!!!

    ~

    يعرف وائل مراد من أيام الجامعة.. كانا زميلي دراسة.. وسرعان ما أصبحا صديقين.. مراد كان من النوع الجاد.. الطموح.. لا يثنيه شيء عن عزمه.. لم يره وائل قبلا يتحدث حتى عن عواطفه..!

    لم يعرف وائل كيف صارا صديقين بالضبط فهو كان من النوع الاجتماعي المحب للجلسات المرحة.. عكس مراد الذي لطالما فضّل التركيز على أهدافه الجادة.. ربما هذه الأهداف هي من جمعتهما معاً.. كلاهما أحب قسم الإدارة كثيرا.. كلاهما كان يتحدث عنه بشغف.. يقضيان ساعاتٍ يتحدثان عن أحلامهما فيه دون ملل.. يخططان تفاصيل مستقبلهما معاً.. ويبتسمان لمشهدٍ بعيدٍ يكادان يريانه أمامها..!

    لطالما جمعت الأحلام الأرواح البعيدة وقاربت بينها.. فالأحلام هي قطب الأرواح.. تدلها إلى أين تتجه.. ومع أي أرواحٍ تلتحم..

    سهرا معاً حتى الفجر يستذكران آخر صفحات كتاب اختبارهما الأخير.. احتفلا معاً وتبادلا قبعاتهما السوداء يوم التخرج وجدّدا عهدهما على الاستمرار.. قدّما أوراقهما إلى نفس الشركة.. وقُبلا كزميلين في نفس الوظيفة..

    لم يتغير مراد يوماً.. دائماً يركز على أهدافه.. يعيش وحده.. لا يكاد يرى أخويه اللذين استقل كل منهما بحياته بصمت أيضاً.. لم يفكر بالزواج حتى يؤسس نفسه جيداً.. لم يعرف يوماً عواطف الأمومة التي رحلت عن عالمه منذ صغره.. ألهذا عواطفه متجمدة..؟ حتى وفاة والده في دار الرعاية التي قضى فيها آخر أعوامه لم تكد تحرك مشاعره..

    كان وائل قد اعتاد هذا من صديقه.. لم تعد تؤذيه صلابته.. كان يدرك أنها قد تكون مصدر قوته.. فما الذي حدث له بالضبط ليستحيل إلى هذه الحالة المدمَّرة..؟؟ أهو مرضٌ نفسيٌ ألمَّ به فجأة..؟ ولكن.. مراد..؟؟ يمكنه أن يصدق إصابة أي شخصٍ في العالم بأزماتٍ نفسيةٍ إلا مراد..!! ما الذي حلّ بصديقه بالضبط..؟

    ~

    بقي وائل يحلل ويقلب الأمور في ذهنه دون جدوى.. وكلما مر يوم ازدادت تعاسة مراد أكثر.. وبعد بضعة أيام.. تغيب عن العمل..!

    أنهى وائل عمله على عجالةٍ ذلك اليوم.. هرع إلى منزل صديقه.. عليه أن يقف إلى جانبه في أزمته هذه..! ربما عليه أن يأخذه إلى طبيب نفسي..؟

    طرق وائل الباب مراراً قبل أن يفتح له مراد.. هزيلاً شاحباً.. تتربع فوق عينيه نظارات سوداء كئيبة..

    دخل وائل المنزل مغتاظاً.. مدّ يده ساحباً النظارات من فوق عيني صديقه بعنف وهو يصيح: حتى في المنزل تضعها؟! ما الذي.....

    وتوقف حين رأى عيني مراد الغائرتين الدامعتين.. ارتجت روحه لألم صديقه.. أغلق باب المنزل وساعد صديقه على الجلوس على أحد الكراسي.. تبعه مراد منقاداً طائعاً لا يقوى حتى على المقاومة.. جلس وائل مقابله وهو يتألم لألم صديقه..

    همس أخيراً: ليتني على الأقل أعرف ما بك..؟ أخبرني بأي شيء يمكّنني من مساعدتك.. أي شيء!!

    قال مراد بضعف: لا أدري.. أنا فقط أريد أن أسمع ولو همسةً من أصواتهم.. إنهم قطعٌ من روحي.. لقد اختفوا من حياتي فجأة.. أو.. فقط دعهم يجلسون معي في نفس الغرفة.. لدقائق فقط.. لثوانٍ حتى.. لا يجب أن يتكلموا.. فقط وجودهم يكفي.. سأشعر بهم لو اقتربوا قليلاً..

    آه يا وائل أنا أتعذب.. لا أطيق صبراً عنهم وأنا لا أعرف حتى من هم..! كأنني أعيش في وهم.. وأيضاً....

    صمت متألماً فحثّه صديقه على المتابعة وقلبه يعتصر لحال صديقه: وأيضاً..؟

    تنهد مراد.. غطى وجهه بكفّيه وهمس: أنا.. بالكاد أستطيع الرؤية الآن..!!

    ~

    بقي وائل يحدق بصديقه بعد فهم.. ثم ما لبث أن قال بتوتر: تـ.. تقول أنك لا ترى! هل أنت جاد؟؟ ألم تزر طبيبا؟؟

    هز مراد رأسه بالإيجاب وقال: فعلت ولكن دون جدوى.. بصري يضعف بشكل تدريجي ولا سبب واضح لذلك..

    قال وائل بفزع: ألم يعطك الطبيب نظارات تساعدك..؟؟

    أجاب مترددا: لقد فعل ولكن.. أنا لم أستخدمها.. لأن.. لأنني أضع النظارات السوداء..!

    نظر وائل مذهولا إلى النظارات السوداء التي لا تزال في يده.. تمتم: النظارات السوداء..؟ أتضعها لأن بصرك ساء؟

    هز مراد رأسه نافياً هذه المرة وقال: لا.. لقد وجدتها.. أحدهم أحضرها.. كانت أمام الباب.. إنها قديمة.. لا أعرف مرسلها..

    سأل وائل مصدوماً: ولماذا بالضبط تستخدمها إذا كانت قديمة؟؟

    رد مراد بضعف شديد: لا أدري.. أنا حقا لا أدري.. إنها فقط.. تحمل الكثير.. أشعر أني أعرفها.. أنها جزء مني..

    صمت فجأة وكأنما يحاول عقله استيعاب أمر ما.. أطلت نظرةٌ غريبةٌ من عينيه المحدقتين بالنظارة.. تناولها من يد صديقه وقربها من عينيه متفحصاً لها باهتمام..

    بدا القلق في صوت وائل وهو يسأل: وما الأمر الآن..؟

    أجاب مراد بخفوت: أنا.. أنا حقاً أعرف هذه النظارة..!

    سأل وائل بلهفة: حقاً!! أتعرف صاحبها..!!

    هزّ مراد رأسه ببطء.. رفع عينيه بوجل نحو صديقه وقال بارتياع: إنها نظارة والدي..!!

    ~

    بقي كلاهما يحدقان في النظارات السوداء بصمت.. تنهد وائل وقال أخيرا: يبدو الأمر كله خياليا.. لا شيء قابل للتصديق هنا!!

    مرر يده في شعره بطريقة مشوشة.. ثم عاد يقول: هلا حدثتني عن والدك..

    مرت دقائق من الصمت قبل أن يقول مراد: لقد.. لقد مات منذ مدة.. منذ أشهر طويلة.. في الواقع أنا لم أره منذ سنوات.. لقد عشت مستقلا منذ دخولي الجامعة.. كنت أنفق على نفسي وكذلك فعل أخواي.. سامر ووليد.. كان والدنا قد كبر في السن كثيرا ولم يعد يقوى على العمل أو حتى على العناية بنفسه.. وبطبيعة الحال لم نكن لنستطيع العناية به فذهبنا به إلى دار رعاية المسنين.. ربما زرته بضع مرات فقط في البداية.. ولكني انشغلت جدا بعد ذلك.. لم أسمع عنه إلا يوم وفاته..!

    لم تبد الصدمة على وائل.. هكذا يعرف صديقه.. عاد مراد يقول بعد تردد: وأيضاً.... لقد كان أعمى!!

    تفاجأ وائل الآن.. نظر إلى النظارة مجدداً.. تمتم دون ترابط: نظارة والدك السوداء تظهر فجأة.. لسبب ما تتعلق بها.. تشتاق لأشخاص مجهولين وتريد سماعهم وشمهم والإحساس بهم لا رؤيتهم.. يضعف بصرك شيئا فشيئا.. وأخيراً...

    رفع بصره نحو مراد وتابع: وأخيراً تبدو أكثر منطقية عندما تخلعها! كل هذا هراء وغير قابل للتصديق ولكني لا أملك تفسيراً آخر..

    هب واقفاً على قدميه وهتف: مراد.. لنذهب لزيارة قبر والدك!

    ~

    وصل الصديقان إلى المقبرة وشمس الأصيل توشك على المغادرة.. كان وائل يساعد مراد أثناء السير حتى وجدا نفسيهما أمام القبر تماماً.. بدا مراد متوتراً.. نظر إلى صديقه وقال: ماذا بالضبط عليّ أفعل؟؟

    تنهد وائل وقال: لا أدري.. يقولون أن الأموات يسمعوننا.. تصلهم مشاعرنا.. سيكون عليك فعل الكثير لوالدك منذ اليوم.. التصدق عنه والدعاء له.. ولكن الآن.. حاول على الأقل التحدث إليه.. أوصل اعتذارك له.. لقد سكنتك مشاعره.. واثقٌ أنك تفهمه الآن.. لا أملك تأكيداً على ما أقوله ولكني ربما هذه المشاعر وهذا البصر الضعيف سيلازمانك إلى الأبد.. لنأمل على الأقل أن يتوقف الأمر عند هذا الحد ولا يزداد سوءاً..!

    هز مراد رأسه.. جثا على ركبتيه.. فتح فمه ليتحدث فخنقته العبرة.. ثم أرخى جفنيه تاركاً العنان لدموعه.. متى كانت آخر مرة بكى فيها؟؟ إنه لا يذكر ذلك.. لا بد أنه كان طفلا وقتها..

    تحدث أخيرا من بين دموعه وقال: أنا.. لم أتخيل أنك كنت تشعر هكذا.. أو ربما.. لم أحاول يوما تخيل حقيقة مشاعرك.. ربما عرفت في مكان ما في داخلي أنك وبلا شك وحيد وحزين.. ولكني لم أهتم.. هي أدوار توزع في الحياة.. دورك انتهى ودورنا حان.. التفاتُنا نحوك لن يغير شيئا.. هكذا آمنتُ دوما.. ولم أبالي إن كنتُ مصيباً أو مخطئاً فيما أؤمن به.. وأنت بقيتَ وحيداً تتعذب.. برغم فقدك لبصرك وزوجتك بقيتَ تعتني بنا وحيداً.. كنا كل حياتك.. أستطيع أن أشعر بذلك الآن.. هل أنت من أرسلت إلي هذه المشاعر لتسكنني؟؟ أم هي نظاراتك التي شهدت وحدها مرير لحظاتك..؟ هل كنت تجلس بجوار النافذة كل ليلة تنتظر صوتا ينبئكَ بقدومنا؟ أنا أو سامر أو وليد؟ هل كنت تفكر بنا في لحظاتك الأخيرة؟؟ هل كانت غاية أمانيك أن تلمسنا أو تشم رائحتنا أو تستشعر حتى وجودنا بقربك قبل رحيلك؟؟

    غالب مراد نحيبه الذي ازداد الآن ليتابع: أنا.. لم أرد يوماً الالتفات نحو مشاعري الدفينة أو إعطاءها أكبر من حقها.. كل ما كنت أعرفه أنها عائق.. عائق يمنعني من التقدم.. ولكن الآن.. بعد أن عشتُ بنفسي تجربة الوحدة المريرة آخر العمر وأنا في ريعان شبابي، لا أريد أن تنتهي بي الحال هكذا..! لا أريد أن أقضي حياتي بعيداً وحيداً ليتابع أولادي حياتهم الخاصة متجاهلين روحي الممزقة التي خلفوها وراءهم..! هل لهذا أرسلت إليَّ مشاعرك؟ لأتغير حتى لا أنتهي بنفس بؤسك؟ إلى جانبي الآن وائل.. فهل كان إلى جانبك أحدهم يوما؟ أنا أعرف أنه لو كان وائل مكاني لما كنتُ قد وقفتُ إلى جانبه كما وقف هو الآن..! ولكني الآن أعرف كم أحتاجه.. وكم كان ليحتاجني لو كان مكاني.. هو اعتذار.. وشكر.. لك ولوائل.. ولأخوي سامر ووليد.. حيث لم أكن يوماً قدوة جيدة يتبعانها.. ارقد في سلام يا أبي.. وإذا كنتَ تسمعني فكل ما أرغب بقوله لك الآن هو.. أنني حقا أحبك..!

    كان الظلام قد بدأ يخيم على المكان الآن.. نهض مراد ماسحاً دموعه بكمه.. لم يستطع وائل إلا أن يربت على كتفه برفق.. سارت خطواتهما مغادرةً المقبرة معاً.. ونظارةٌ سوداء ترقد برفق فوق قبرٍ قديم..

    ~

    عندما أراد سامر الخروج لعمله في الصباح الباكر.. وجد على عتبة بابه علبةً تحوي نظارةً سوداء.. تلك كانت البداية..

    ~ تمت ~

    التعديل الأخير تم بواسطة أثير الفكر ; 6-11-2014 الساعة 07:50 AM

  6. #6

    الصورة الرمزية أثير الفكر

    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    المـشـــاركــات
    5,262
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ~ ✿ تحدي أصحاب القلوب القوية ❤ هنا النصوص المشاركة ❤

    بقلم : غاسا آليرو


    نظارة سوداء - غموض - رجل أعمى

    كوميدي


    1،. افتتاح ..
    مع تنفس الصبح الأول، أسلك طريق (البلد) على قدمين -كعابي- حتى أصل لمكاني السري المفضل ..
    دراستي؟
    أنهيتها منذ ردح من الزمن!
    عملي؟
    هو ما سأشرع فيه بعد قليل ..
    سيرتفع حاجباك بدهشةأو ضيقٍ حسود إن أخبرتك أنّ مكاني المفضل على وجه مدينتي هو مكان عملي.
    هيا لا تكابر!
    أعلم أنك كذلك! وإلا، فلِمَ تدعوا لي أمي -غيضًا- بالعافية، ووالدي يغسلني بنظرات تشي بأنني سأزور (شهار) في المرة المقبلة التي أحدثه فيها بعملي ..
    هاقد اتجه الحديث لاتجاهٍ آخر ..
    أصل لمكاني، أُخرج من جيبي العلوي أداتي السحرية للتخفي، أضعها على عينيّ لتحجب عنها الشمس، ولتعطيني مظهرًا يتسم بالغموض يخدع السذّج من القوم .. وتضيف أيضًا مظهرًا لن أذكره لك الآن ..
    ثم أجلس على مقعدي الأثير ..
    هل نال منك الفضول مناله؟ أنا أيضًا يقطّعني هذا الفضول بلا توقف!
    فضولٌ لا يكتفي بنظرةٍ عابرةٍ لشخصٍ يركض مسرعًا على الرصيف ..
    لِمَ يركض؟
    من هو؟
    هل يركض هكذا دائمًا حين يعتريه قلق؟
    أكان يهرول رياضةً أم هلعًا؟ لم أنتبه -للأسف- إلى تعابير وجهه حين مر!
    ألحقه؟ لقد كان قرارًا متأخرًا ..
    أُمضي أصيل النهار وقيضه وعصره أقلب نظري من موطئ قدمي إلى العابرين إلى المحلات المقابلة، توجد تغطية إنترنت جيدة هاهنا، إن صاحب البيت المجاور لا يملك أبناء؛ لذلك لا يضع رمزًا لإغلاق الشبكة ..
    ويظهر أن المغفل لا يستخدم هذا الإنترنت إلا للـ "whatsApp"
    أنا أحد الكائنات المتخشبة، أضف إلى فضولي الحاد كسلي الشديد فيما يتعلق بالحركة
    لذا أمضي أغلب النهار في وضع واحد دون اكتاءٍ أو تغيير.
    أهذا جوهر عملي؟ لا ..
    لكن هذا ما سيقوله لك أي بائع أو متجول رسمي في هذا الشارع عني ..
    أضف إليه وصفًا آخر:
    الجميع يظنني ضريرًا!
    ******
    2،. طرف الحبل،. بداية كل شيء ..
    بدأ الأمر منذ أشهر ..
    فبعد أن نسخت سيرة حياتي عشرات النسخ، ثم عبأتُها في مظاريف خضراء، ومهرتها بتوقيعي وجميع عناويني ..
    أرسلتها لعناوين الوظائف التي تروقني وتناسب تخشيبتي الأثيرة ..
    لم يرسل الحمقى لي جوابات قبول أو اعتذار ..
    فحزرت أنهم تائهون هائمون لا يجدون مقامًا رفيعًا يليق بي، فعذرتهم على مضض ..
    أما عملي فقد بدأ قبل أسبوع ..
    في أحد الجُمُعات اللاهبة، وبعد صلاة الجمعة
    استغللت الوقت المستقطع لتغيير وضع جلوسي إلى (التربيعة)
    هنا ووسط ازدحام الأرصفة بالأجانب وتجمعات الجاليات، كان هنالك شخص في موقعه الخطأ
    كحبة بازلاء حمراء وسط طبق خصار ورقية
    أو كصدفةٍ بين كرات بيسبول
    أو دعني أقول بأنه كسحلية وردية غريرة وسط قبيلة (ضبّان)
    لقد كان الوصف الأخير إبداعيًا بحق!

    يمكنني أن أصف لك شكله ببساطة:
    جميل!
    ليس اسمه بالتأكيد، فهو يرتدي زي الشرطة -ويكاد يكون مستحيلًا أن تجد هذا الاسم هاهنا-
    جميل وليس وسيمًا
    كتمثال إغريقي -كما يحبون أن يصفوا الجمال-
    شدّني مظهره بحق!
    لا أملك حقد ذوي الكروش تجاه الشباب الوسيمين.
    على العكس! أنا أرى أن هذه الزهور الناضرة تجعل محيط رؤيتك أجمل، تحديدًا إن كانوا طيبي القلوب كما يبدو على هذه السحلية الوردية التي تركض تجاهي مباشرةً ..
    بتصميم رهيب كان يحدق في عينيّ تماما، وكأنه يقول: "لست أحمقًا كالآخرين، أنت ترامي كما أراك"
    توجست منه خيفةً وأعترف بهذا، أكره احتكاكي بالشرطة لأنه لم يكن يومًا احتكاكًا لطيفًا ..
    ما إن اقترب حتى أدركت أنه كان يقصد البقية الشاغرة من المقعد جواري لا أنا!
    أيستخدم هذا الأحول أعينهُ جيّدًا؟
    جلس ثم بدأ بالكلام:
    - السلام عليكم
    - وعليكم سلامٌ ورحمةٌ وبركاتٌ من الله (لطالما أحببت التفنن في الرد على السلام الذي لا يلقيه الآخرون إلا بشق الأنفس)
    التفت لي مدهوشًا من الصيغة التي كانت من وحي اللحظة:
    - أتعرف صاحب هذا البيت (مشيرًا إلى عجوز الـ"WhatsApp")
    - أجل، وأعرف أنك مكلّف بمراقبته (هل أقسم أنها كانت من وحي اللحظة كسابقتها؟)
    *******
    3،. عقدة الحبل،.
    وجه هذا الشاب هو مرآته النقية ..
    فقد حولته كلماتي إلى عجين:
    - من أنت؟!
    - لا تصرخ هكذا! مجرد تخمين، فلم يتجوّل شرطيٌّ هنا من قبل -وإن كان هذا خللًا في توزيعكم للدوريات-، ثم سؤالك الأول عن هذا البيت وصاحبه مباشرةً بالرغم من أنه يظهر وكأنه مقطوع من شجرة ..
    - ربما كنت أحد أقاربه!
    - وبثياب العمل في عزّ ظهر يوم الجمعة؟ وعلى هذا المقعد بدلًا من مجلس الضيوف داخل منزله؟
    - إذن، ماذا لو كنت أسأل عَرَضًا عن أحد أبناءه، إذ خطب ابنه إحدى بنات عائلتـ ...
    - (قاطعته) لا أبناء ولا بنات له ..
    - من قال لك هذا؟!
    "وجهك الغبي الآن!" وددت لو رددت عليه بهذا، لكنني بدأت بالشرح:
    - لا أحد يخرج من منزله عداه وزوجته، لا أطفال ولا كبار غيرهما، لا يوجد لهذا البيت إلا مخرجٌ ومدخلٌ واحـ ...
    - لِمَ لا يكون مستبدًا على بناته أو قلقًا بشكل مبالغ على أطفاله؟
    - الطلبات!
    - ماذا؟
    شعرت حقًا بالإحراج وأنا أقص ملاحظاتي الدقيقة، لكن تلهفه زاد حماسي:
    - الطلبات، ما يقوم البقّال والصيدلي وعمّال التوصيل بجلبه للمنزل، ذلك يشير بإن البيت خاوٍ من الشباب والأطفال.
    فلا يجلب الرجل لمنزله أيّة دمى أو ألعاب، لا حلوى كذلك والوجبات خفيفة، لا مستلزمات صحية للفتيات أو مستحضرات تجميل.
    كل سيارات التوصيل التي تقف أمام منزله تتعلق بالبريد.
    بقي عدة دقائق فاغرًا فاه في ذهول، ثم انعقد حاجباه وسأل:
    - من أنت؟!
    الحق أن الإجابة أخذت مني وقتًا للتفكير، فاختصاري (أنا) في عدة جُمل تعارفٍ هو أمرٌ مجحف!
    - أنا خالد
    *******
    4،. حبال،.
    استغرق التعارف وقتًا أطول مما ظننت ..
    هو:
    حمد، عسكري برتبة جيّدة، مع رؤساء جيّدين
    ألقوا بمهمّةٍ تزن أمن مدينةٍ على عاتقه ..
    لِمَ الشكوى؟ سيصبح رجل دولةٍ في المستقبل، لذا يجب عليه أن يتدرب على مساحةٍ كافية وغير مؤثرةٍ جغرافيًا، وقد جاءت الفرصة على طبقٍ من زعفران ..
    أنا؟
    خالد، شابٌ تملك كل شركةٍ في خزائنها ملفه الأخضر، يتمطط على مقعده الخشبي كل يوم، شديد الملاحظة، كتوم حتى يسأله أحدٌ ما ..
    بعد أن انتهى من التعريف بنفسه صدمني:
    - ستساعدني في هذه القضية!
    - اصبر يا بني! أي قضيةٍ وأي مساعدة؟
    - القضية التي أخبرتك عنها! هذا العجوز المسالم يزن رأسه الكثير!
    - أتعني بأن تهديد الأمن يقبع في هذا المنزل اللطيف؟ كم هي المظاهر مخيفة!
    - أنا لا أمزح، سأعطيك القدر الذي تحتاجه من المعلومات لتساعدني!
    - ما الذي كُلفت به صاح أولًا؟
    - التحقيق.
    - فيمَ؟
    - في علاقة المذكور بتهديد الأمن.
    - أنت حقّا تجسيدٌ فيزيائي للمثل (يتكلم بالقطارة)! ما الأمن الذي يهدده؟ ما الطريق الذي ينتهجه لتهديد الأمن؟!
    قال بخفوت كأن أحد المارة سيقرب أذنه للسماع:
    - أمن المعلومات.
    فيوو~
    أطلقت تصفيرة تنهد:
    - من بين كل عباد الله الصالحين، تختارني أنا لأعينك في قضية أمن معلومات؟
    - لم أطلب منك الكثير، سآتيك بالمعلومات، وأنت ستجدلها وتكوّن منها ضفيرة استنتاجات متكاملة، كالعرض المدهش الذي أريتنيه قبل قليل!
    بحزنٍ رفضت فكرته:
    - اعذرني، فلستَ في حلٍّ من أمرك لتثق بغريبٍ جلست جواره على قارعة الطريق!
    - من قال أنني أثق بك؟
    كل ما في الأمر أنني أحترم قدرتك على تسخير العجين الذي يملؤ جمجمتك!
    - أفسدت غروري، كنت بخيرٍ مع شعور الثقة!
    لم يفهم الأحمق مزاحي وبدأ بالاعتذار، ثم نهض ليبلل حنجرته بشيءٍ من الثلاجة على الرصيف المقابل ..
    شيعته بنظري حتى عاد، ثم سدَّ أحدهم الرؤية علي ..
    أحسست بحفيفٍ ناعمٍ حين انصرف ذلك الجبل.
    لأجد ورقةً نقديّةً ضخمة!
    لقد ظنني ذلك الأحمق أعمى!
    أعمى؟
    لِمَ لا؟
    يالها من طريقةٍ لكسب المال وسط هوايتي المحببة!
    سيحسدني بالتأكيد عمّال المكاتب الذين تحجّرت مؤخراتهم أمام أكوام الورق!
    لمح ما جرى وأخبرَني بصراحة حمقاء:
    - لا ألوم من يظنك أعمى مع هذه الملابس!
    إن أي بالغ عاقل صحيح من العته لن يرتدي هذا المزيج الغريب!
    هنا اشتعل فتيلي القصير:
    - أنت وزيّك الرسمي آخر من يتحدث بهذا الشأن أيتها السحلية الوردية!
    -سحلية ماذا؟!!
    -هذا اللون الذي يفوق الرمادي تماهيًا والذي تتبختر به!
    - إ.. إنه للتمويه مع البيئة المحيطة! كفاك تغابيًا!
    -تمويه ماذا؟ هذا اللون الذي يشكل مزيجًا من التراب والفضلات الحيوية ومستنقعات الطرق غير المعبدة؟
    لمحت تقلصًا في وجهه وعيناه تهربان إلى كل شيءٍ سواي، وقد أجدت طريقتي الطفولية في انتزاع فخر الآخرين مرةً أخرى.
    وعرفت بعد هذه المحادثة الظريفة أن عملي قد بدأ!

    [TABLE]
    [TR]
    [TD]حبل شوكي،.[/TD]
    [/TR]
    [/TABLE]
    [TABLE]
    [TR]
    [TD][/TD]
    [/TR]
    [/TABLE]
    [TABLE]
    [TR]
    [TD][/TD]
    [/TR]
    [/TABLE]
    [TABLE]
    [TR]
    [TD][/TD]
    [/TR]
    [/TABLE]
    [TABLE]
    [TR]
    [TD][/TD]
    [/TR]
    [/TABLE]
    [TABLE]
    [TR]
    [TD]ناولني في اليوم التالي ورقة تغص بالأرقام المجدولة، وفي الأعلى شعارٌ نقطي لشركة اتصالات، حسبتني الوحيد الذي لا يزال يستعمل الفاكس ..[/TD]
    [/TR]
    [/TABLE]

    [TABLE]
    [TR]
    [TD]- ما خطب هذه الورقة؟
    - إنه تقرير مفصل لاستخدام البيت للبيانات .. لاحظ الأرقام المرتفعة يوم الخميس الماضي! هذا هو الوقت ذاته حين تلقينا البلاغ!
    بلاغ ماذا؟ حقًا لم أفهم إلى اللحظة، ولكن!
    يوم الخميس!
    يا لغبائي!

    - إحم ... يجدر بي إخبارك ... بأن هذا لا يعتبر دليلًا، انس أمره فحسب.
    - ما؟ ما الذي تقصده؟ كيف لا يعتبر هذا دليلًا؟! هذا دليلٌ صافٍ تمامًا!
    كيف يمكنني الشرح لهذا المتحمس بأنني قد استغللت سرعة إنترنت هذا البيت لتحميل سلسلة أفلام Kara no Kyouka كاملة؟!
    يوم الخميس نفسه ..

    - اسمعني جيّدًا، بالرغم من إن قول هذا يبعث على الإحراج، أعترف بأنني أستهلك الكثير من البيانات من شبكته لأنه لا يضع عليها أي أقفال، ويوم الخميس الذي تكلمت عنه هو أكثر يومٍ تماديت فيه باقتراض إنترنته ..
    قلتها ورسمت وجه بوكر سعيد يخفي شلل عضلات وجهي من الخجل
    - Kara no Kyouka ?
    - (بسرعة) آه .. حسنًا .. الأمر هـ ..
    - أنت تملك ذوقًا سيئًا يا صاح!
    قالها بإحباطٍ شديد، ثم طوى الورقة التي أراني إياها بإحباطٍ أكبر، لكنني تجاسرت على سؤاله:

    - ألحجم استهلاك البيانات علاقةٌ بما تتهمونه به؟
    - هممم ليس بشكلٍ مباشر، لكنني ظننت أنك قد تعرف شيئًا بخصوصه، كما أن استهلاك البيانات الكبير -والذي علمت للتو أنه من طرفك- يبعث على التساؤل ..
    - حسنٌ، ألا يمكنكم فحسب ضبطه متلبسًا؟
    - الأمر ليس سهلًا .. جرائم المعلومات لا تتم بالطرق التقليدية، ولا يتم تتبعها بالطرق التقليدية أيضًا.
    - لقد كان خطأً فادحًا!
    - ماذا؟
    - تعيين شخص ليتحرى عن قضيةٍ لا يعرف كوعه من بوعه فيها وفي ملابساتها ومعالمها ..
    - لـ .. لم يطلب مني إلقاء القبض عليه متلبسًا! كلُّ ما طُلب مني هو مراقبته والتحري عنه، ثم جمع المعلومات وترتيبها.
    - ورميت بالمهمة الأخيرة على عاتقي!
    - ...
    - وما المطلوب مني الآن؟
    - الآن؟ لا شيء سوى انتظار آخر المعلوما...

    قطع صوتَه صوتُ الأذان الرقيق لصلاة العصر..
    ثرثرنا بعد انتهاء الأذان إلى الإقامة ناسين أو متناسين موضوعنا الشائك
    ثم مشينا سويًا إلى المسجد قاطعين الشارع الخاوي، وما إن وصلنا إلى العتبة
    حتى كانت الصفوف الثلاثة الأولى قد اكتملت ..
    في الركعة الثانية، كان الشيطان قد وجد الطريق الذي يلهيني به في الركعات المتبقية:

    لقد كان ذلك العجوز أمامي في الصف الثالث!
    ما الأمر إذن؟
    لقد شهدت دخوله إلى بيته بعد صلاة الظهر، لكنه -قطعًا- لم يخرج من بيته بعدها ...
    فما الذي جلبه إلى هنا قبلي؟!

    ****
    حبل المشنقة،. النهاية،.
    أفهم الآن شعور بوارو وشارلوك ..
    القشعريرة التي تسري في عمودك الفقري رعبًا لمواجهتك الحقيقة!

    شعورٌ أحمقُ بالغبطة لإمساكك بطرف حبلٍ قد تشدُّه فيضيء لك بقعةَ ضوءٍ ما ..
    ليس استنتاجًا متكاملًا موضوعًا في طبقٍ واحدٍ كما تفعل كريستي ودويل .. لكنه يبقى استنتاجًا ..

    - السلآآم عليكم ورحمة الله!
    صرخ بها (حمد) في أذني اليمنى، هاقد انتهت الصلاة!
    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم!

    التفتُّ إليه هامسًا خوفًا من إن يصل صوتي للعجوز أمامي:
    - هل سيضيف للتحقيق شيئًا علمك بأنه ينتهج أساليب ملتويةً للتهرب من المراقبة؟

    - بالتأكيد!! "صرخ الأحمق" سيرسله ذلك إلى المشنقة كما يقال!
    حمدت الله أنه كان يرتدي زيًّا مدنيًا .. وإلـ..ا
    - الحق بي بسرعة!
    هتفت به وأنا أتجه للباب، ركض ورائي ولم يعقب لحسن حظه ..
    لقد غفلت عن ذلك الرجل أمامي أقل من دقيقة!
    - اتجه لمنزل عجوز الـ WhatsApp حالًا!

    - عجوز ماذا؟!
    - الذي تقوم بالتحري عنه! أسرع!
    كان هنالك طريقات يفضيان للمنطقة السكنية التي يتصدرها بيته ..
    سلك (حمد) دربًا وسلكت الآخر .. أبحث حولي عن دليلٍ ما ..
    بناية غير مكتملة ..
    بيت غير مأهول ..
    محلات مغلقة ..

    حتى وجدت ضالتي!
    مجمّعٌ سكني لم يكتمل بناؤه .. يطل من وراء كتفه بخوف: بيت المذكور!

    تسألني ما الأمر؟
    بيته يرتبط بطريقٍ ما بهذه البناية
    يمكنك أن تعدّها بابه الخلفي!

    عاد لي (حمد) متقطع الأنفاس يسألني عن سبب إرسالي له إلى واجهة البيت، أعترف أنني لم أحزر جوابًا ..
    لذا تعمدت مضايقته:
    - كيلا تشوّش حماقتك كهرباء دماغي!

    ..
    أخبرني (حمد) فيما بعد، أن بقية إجراءات التحقيق قام بها أناسٌ أكفاء على شاكلة من يعرفون الفرق بين الهاكر والكراكر ..
    وأن كل ما قمنا به كان فتح فجوةٍ تسمح لهم بالمرور، لم يكن دورنا بذلك السوء بعد كل شيء ..


    [/TD]
    [/TR]
    [/TABLE]

    التعديل الأخير تم بواسطة أثير الفكر ; 6-11-2014 الساعة 07:51 AM

  7. #7

    الصورة الرمزية أثير الفكر

    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    المـشـــاركــات
    5,262
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ~ ✿ تحدي أصحاب القلوب القوية ❤ هنا النصوص المشاركة ❤

    بقلم : [الليث]

    صحبة - هدية - مفاجأة

    عاطفي



    استبد به الوجس معطلا زفرات نسيم الوجد ورائحة البحر السكرية.

    فاجأه حرق غشاء الدهمة عن جلده الشفيف المقطع الأوصال ،

    واستصرخ من رماده أنليل ، واستهب الريح من مرقدها ؛ حررها .

    استعادت الأشجار أنفاسها ، و علقت الأعشاش على أسرتها الخضراء.

    و راح هو يرسم في الهواء قبلة لا شرقية ولا غربية ،

    غزلت على كل العيون الحزينة نظرات الحب الأول ،

    و نسجت خيوط الدفء القديم على الجباه المتعبة .

    سرت عروقه في الأرض تفجر ينابيع الأصالة

    والهدية ، هبت عليه نسائم البحر البرتقالية ، يداعبها ، و تشاغله.


    **

    استيقظ عصرا على غير عادته ؛

    سبقه صراخه يقرع بنات صدر النهار ،

    يلاوم بقايا الضوء و ما تبقى من خيال .

    يقبض على صراخه بقبضة من حديد ؛

    يتفلت من بين أصابعه الحنين منتفضا.

    ينازله بصور الصباح المعتقة في قوارير عينيه ،

    و يقضي عليه برائحة التفاح وحكايات الياسمين للفجر المسافر بين التلال.

    يستسلم للمساء غارقا في حلم فجر جديد.
    التعديل الأخير تم بواسطة أثير الفكر ; 6-11-2014 الساعة 07:51 AM

  8. #8

    الصورة الرمزية أثير الفكر

    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    المـشـــاركــات
    5,262
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ~ ✿ تحدي أصحاب القلوب القوية ❤ هنا النصوص المشاركة ❤

    بقلم : أثير الفكر

    صحبة - هدية - مفاجأة

    تراجيدي



    رحيل و أي رحيل ؟!



    قصتي تبدأ من حيث عشقي اللامنتهي لهما ، أحدهما كبرت تحت حنان نظراته و دفء أحاسيسه و تحت كنف حبه لنا الذي يراه الكثيرون مبالغًا فيه ، أبي الثاني - حسام -


    و الآخر بابتسامته الدائمة و مقالبه اللا منتهية ، أستاذي الأول في عالم المزاح - إياد -


    إلى أن انتهت للأسف يوم الثالث و العشرين من جماد الأول .




    ككل صباح أصوات شجارنا الاعتيادية في محاولة تخمين ما يتقوقع ببطن والدتي :


    - ذكر


    - لا قبل شهر قالوا أنثى !


    - لاااااا قلت ذكر يعني ذكر ألا يكفي سبع إناث ؟


    - لا تنسَ بأن الذكور خمسة إلى جانب أن أصغرنا ذكرًا !


    - حمقاء أنا كنت بجانب والدتي عندما قال الطبيب بأنها فتاة !


    تُخالط صيحات شجارنا ضحكات أخي إياد البالغ من العمر ستة عشر عامًا بعد إحدى محاولاته الناجحة في سرقة إحدى اللقيمات التي تقليها أختى الكبرى بملامحها الغاضبة ، كعادتها دائمًا


    عندما تجبرها والدتي على طبخ شيء ما ، لا تعي ما يحدث حولها و لا تنتبه له و كأنها تريد أن تنهي ما في يدها بأقصى سرعة ، لا يعجب ذلك إياد فهو يريدها أن تراه وهو يسرق ما تقليه


    فيردد " و السارق و السارقة فاقطعوا أيديهما " بصوت تسمعه ، و كالعادة ينتهي المشهد بصراخ أختي عليه و طرده من المطبخ .


    لا شيء جديد ، صوت إذاعة القرآن يصدح ليملأ البيت بروحانية آسرة اعتدنا عليها .


    و همهمات أختي الصغيرة تلاعب عروستها مختلطًا بضجيجنا و كلمات أبي و هو يستعجل والدتي لتستعد للذهاب إلى المشفى .


    كل شيء طبيعي يسير بشكل روتيني حفظته غيبًا .. الآن عندما ترتدي أمي عباءتها سيبكي الصغار و سيرفض أبي ذهابهم ، ستوصي أمي أختي الكبرى بنا و بالمنزل ، و ستطلب ريهام أن يعودوا بأكياس الحلوى التي تعشقها يلي ذلك اقفال الباب و لن نسمع سوى هدير السيارة و صراخ أخوتي المزعج .


    هذا ما يحدث كل مرة مذ وعيت الحياة حتى بلغت عامي التاسع و لم يتغير مشهد خروج أمي من البيت بإضافة و لا بنقص .


    بالفعل بدى المشهد بشكله الروتيني في بادئ الأمر خرج أخوتي من الباب ، حسام ، إياد ، تلاهم أبي ثم أمي الحبلى و هي تتخلص من معاذ المتعلق بطرف عباءتها باكيًا .


    لا أخفيكم رغم أن رغبتي في الذهاب معهم لم تتحقق إلا أن قلبي الصغير كان يملؤه سعد لا محدود و ترقب للضيف الجديد فقط ، شعور بالفرح ، لا يخالط إحساسي ذاك أي شعور آخر ، حتى أني لم ألحظ تغير روتيننا المعتاد عليه في مشهد خروج أمي و إخوتي ، كان آخرهم خروجًا حسام على غير ما اعتدنا ، فقد كانت أمي هي الأخيرة دومًا .


    لا يهم فأنا لم أنتبه أساسًا حتى أني لم ألحظ وداع حسام لأختي غير الإعتيادي و غمي عليّ احتضانه لأختي الكبرى و هو يخبرها بأنه تخلى لها عن كتبه جميعها .


    قلبي المغفل لم يشعر بشيء غير طبيعي ، و كأن شعور الفرح حال بيني و بين أن أرى ، لا يهم فهكذا كنت دائمًا و لازلت .




    تحركت سيارة أبي و داعب أسماعنا هديرها مختلطًا ببكاء أخويّ الصغيرين في إشارة إلى عودة الروتين إلى مساره .


    ريهام ، ريما ، روان ، و أنا ، جلسنا نفكر في اختيار اسم للضيف الجديد و عدنا لاستكمال شجارنا في تحديد جنس الضيف :




    - سنسميها أمل


    - لا سيكون ذكرًا و نسميه عامر


    - سينام هنا و سيأكل معي و سنلعب هناك .


    خططنا لكل شيء حتى محل أنفاسه ، و فكرنا بكل شيء حتى بملامحه و لون بشرته وحجمه، ولم ننسَ شيئًا ، حفلاتنا له فرحة أبي و أمي و أخوتي وحتى الهدايا .


    لكننا نسينا هدية القدر التي بإمكانها خطف فرحتنا بفجائيتها اللامتوقعة ، وقسوة لا تجابه إلا بتسليم و رضا !!




    تك .. تك .. تك


    الساعة 11 ليلًا


    دقات الساعة و نبضات فؤاد أختي الكبرى امتزجت بسمفونية تزرع في فؤادي الصغير خوفًا من مجهول يختبئ خلف القدر .


    كنت أترقب وجل أختي و توترها :


    - لم يحدث شيء و الظاهر بأن السيارة قد تعطلت .


    وتعليق شقيقتي الصغرى المضحك :


    - ربما هم في مركز التسوق ليشتروا حلواي التي طلبت و تعرفن كم يكون مزدحمًا بهذا الوقت .


    طرقات الباب و نظراتنا المتسابقة نحوه كشفت عن مقدار ما يختلج في دواخلنا من ترقب .


    كانت جارتنا ، بابتسامتها المصطنعة التي شعرنا بها كلنا و تبادلنا النظرات .


    دخلت و جلست صامتة و كأنها أتت لتستمع إلى هزيج المكيف فقط ، أو تتأمل اللاشيء بجدراننا الصفراء .


    تلتها طرقات أخرى و أخرى حتى امتلأ المجلس و اكتظ بالنساء ، كلهن صويحبات أمي و طالباتها ، غريب !!


    الوقت متأخر ما الذي أحضرهن يا ترى ؟ تساؤل قرأته في عيني أختي الوجلة و لم أجد له جوابًا .




    لا شيء يسمع في المجلس سوى أصوات الفناجين و همهمات خافتة تختفي كلما اقتربت إحدانا منهن .


    لا أعلم حقًا ما سبب حضورهن و لكني أوجست بنفسي خيفة أخفيتها على مضض .


    و أخرست نذيرًا في فؤادي يهمس من بعيد - أن مصيبة قد حدثت - ، طردت كل الأوهام من رأسي و أنا أحاول أن أستقي من عين أختي الوجلة ثباتًا لا يكاد يرى .


    صمتهنّ زاد من توتر أختي الكبرى ، انزويت إلى طرف المجلس أسترق حديثهن و أستشف من ملامحهن خبرًا مسعدًا أو ما يطمئن على الأقل !


    إحداهن تسأل أختي :


    - كم كان بالسيارة ؟


    وصوت أختي المحتقن يجيب :


    3 من أخوتي و والدتي و والدي ، حصل شيء ؟


    - لا لا فقط أردنا الاطمئنان عليكم .


    غريب اطمئنان في غير محله ، لا يهم !!


    وتسأل أخرى :


    - أمك حبلى بأي شهر ؟


    تجيب أختي بهمس :


    - التاسع .


    تتلوها شهقات تهوي بفؤاد أختي للسحيق ، و تنتصب أذناي لترقب حديثًا يتلو شهقاتهن ، لكنهن عدن إلى صمتهن بشكل مخيب .




    تصرخ أختي بعصبية :


    - حصل لهم شيء ؟


    ابتسامة مصطنعة من آخر المجلس :


    - مطلقًا ، كل ما أردناه هو تهنئتكم بالمولود الجديد .


    لم يرق الجواب لأختي و لا لي ، و لكن ليس بيدنا حيلة ، لا أحد ينطق و ليس لنا إلا التسليم لظنون تجيء بنا و تذهب .


    ولم تمر دقائق حتى قامت إحداهن تستعد للرحيل ، و تبعتها الأخريات و كأنهن لم يأتين إلا ليهدونا حيرة و ظنًا فوق ظنوننا زادنا فزعًا و وجلًا .


    خرجن جميعًا ، و أصبح المجلس فارغًا من كل شيء سوى من نبضات أختي المتسارعة و هزيج المكيف المزعج ، همست أختي الأخرى :


    - لم يحصل شيء ، لا داعي للقلق


    منتصف الليل


    تك . تك . تك


    وقلوبنا تشبعت بترقب وجل ، كلنا نلعب لعبة النوم ، ابتداء من أختي الكبرى ، كانت تتقلب مصطنعة النوم و شعور الاطمئنان حتى تغطي على توترها الملحوظ


    ونحن كذلك ، كلنا نصطنع نومًا لا سبيل له لأجفاننا الخائفة .


    لا همس ، لا شجار ، لا كلام ، لا شيء يسمع سوى تردد أنفاسنا


    أجواء الغرفة مشحونة بترقب مقيت ، و أعيننا تراقب سقف الغرفة ، و كأنها تنتظر طمأنة تهبط عليها من السماء .


    لحظات أشبه ما تكون بالموت ، أن تخاف من لاشيء و تخشى مجهولًا لا تعلم كنهه شعور مميت بحق ، فلا أنت عرفت ما تخاف و لا اطمأنت نفسك و أمنت .




    طق .. طق .. طق


    طرقات الباب كانت كافية لنقفز جميعًا من فرشنا متناسين لعبة التصنع التي كنا نلعبها ، ركضنا جميعًا بلا استثناء و كأننا مطرنا بعد طول ظمأ تسبقنا هتافاتنا " ماما ، ماما "


    غير مدركين لخيبة تنتظرنا خلف بابنا الحديدي .


    لحظات لا توصف تلك التي سبقت لحظة فتح الباب ، ابتسامتنا البلهاء و أعيننا المترقبة بشغف ، أكاد أجزم أن لحظتها لا أحد منا كان ينتظر رؤية طفل أو ما شابه ، كل ما كنا نريده هو صورة أبي أو أمي أو حتى طرف عباءتها كان كفيلًا لأن نرتمي جميعًا خارج البيت نحتضنها .


    ما حدث كان مشهدًا آخر ، آخر وجه كنا نتوقع رؤيته ابن خالتي و معه زوج أخته .


    خيبة قاتلة ، و سكون مميت، سكنَنَا جميعًا .


    تلته شهقة خافتة همست بها أختي ، وقتها لم أكن أعلم ما تعني بها ، ربما خيبة أمل ، أو خوف من قادم .


    وقفنا نستمع إلى ابن خالتي و كان موجز ما وعيناه من ثرثرته " أمي بخير و أنجبت طفلًا و سبب التأخير أنها تعبة جدًا "


    تنفسنا الصعداء و تعانقنا فرحًا ، و تعالت صيحاتنا احتفالًا جميعنا ، إلا هي !


    كانت تنظر في عينيهما و كأنها تقرأ فيهما غير ما قيل ، و لم تنبس بشفة بل ظلت صامتة حتى لحظة ركوبنا إلى السيارة إلى حيث أمي و أبي و أخوتي .


    كنت أرى يدها على قلبها كنت أجلس بجانبها و أسمعها تتمتم بصوت خافت ، لربما كانت أذكار المساء ، لكن الوقت متأخر !


    أدرت ناظري للنافذة أتأمل الظلام ، ترى كيف تبدو أختنا الصغيرة أو أخونا الصغير ، لا أذكر بالضبط ما قاله ابن خالتي و كل ما وعيته - أمي بخير -


    ابتسمت حالما تذكرت أوهامي السيئة و ظني الأسود قبل مجيء البشارة ، لا أخفيكم كل ما كنت أرجوه أنه إن كان هناك مكروهًا قد حدث يكون قد صب كله على الضيف الجديد المتقوقع في بطن والدتي و ألا ينال شيئًا من والديّ أو أخوتي ، على الأقل أنا لا أعرف الضيف الجديد ، صحيح أني سأتألم لكن ألمي بوالديّ و أخوتي سيكون أشد .


    انتزعت نفسي من تفكيري و أنا أدقق النظر فيما أراه .. السجادة المميزة التي كان أبي يضعها في سيارته على الدوام .. السجادة النمرية .. ياللشبه أو أنها هي حقًا !


    أشرت إليها و بصوت لفت انتبه الجميع :


    - أليست سجادة والدي النمرية ؟


    التفت الجميع نحوي حتى أختي ، و تصرف ابن خالتي بطريقة غريبة سألنا بتصريفة واضحة :


    - هل اخترتم اسمًا للطفل ؟


    سؤالي و السجادة و تصريفته أربكت أختي و زادها يقينًا بأن قدرًا مفجعًا قد حدث .


    وصلنا إلى منزل خالتي ، أجواء غير التي اعتدنا عليها في كل مرة نأتي لزيارتها ، لا ضجيج و لا استقبال عند الباب لا شيء يسمع سوى صوت جدتي الآتي من بعيد ، ابنة خالتي تبكي ، و أختها تبتسم في محاولة منها لاخفاء دموعها و عينيها الحمراوين .


    و ترحيب بارد من زوجة ابن خالتي ، تناهى إلى سمعي صوت خالي الأصغر ، ماذا يحدث ؟ لا بد أن الكل اجتمع بمناسبة ولادة أمي - كنت أطمئن قلبي لا أكثر -


    ابتسامة خالي المصطنعة أخبرتنا بأن قدرًا ينتظرنا ، جمعنا خالي حوله كعادته ليروي لنا قصة و لكن ليس ككل مرة يجمعنا فيها ، فقصته اليوم ليست لغزًا و لا طرفة ، خالي يروي قصة أم مسلمة و صبرها على فقدان ولدها بجدية لم نعهدها فيه .


    تأكد لي أن شيئًا ما حدث ، ربما مات الضيف الجديد كان هذا أملي على الأقل .


    كان التوتر جليًا في عيوننا جميعًا إلا أنه كان واضحًا في عيون أختي الكبرى أكثر ، الكل صامت يستمع ليس لقصة خالي بل لما بعد قصته .


    خالي يروي بهدوء قاتل ، يحكي تفاصيل التفاصيل في قصة أم مسلمة ، لم تستعطفه أعيننا أبدًا ولا أصابعنا التي بتنا نفركها وجلًا .


    وكما تأتي الأقدار بفجائية قاتلة و موجعة ، كان دخول خالتي للغرفة يسبقها صوتها الذي شد انتباهنا حتى قبل أن نلتفت :


    - تعرض والداكما لحادث أدى إلى وفاة حسام و إياد بينما كسرت رقبة معاذ ، و أبوكم الآن طريح في العناية المركزة !!


    صدمة أخرستنا للحظات ، تلتها صرخات أخوتي و بنات خالتي التي لم أعي منها شيئًا ، و انهيار أختي الكبرى ، و صفعة خالي لأخته التي تكبره سنًا ، ثم صوت جدتي التي تنكر كلام خالتي .


    لم أعي شيئًا سوى أني ركضت إلى خالتي و ابتدأت بضربها بكفي ، لا أعلم بم كنت أشعر ، اعتراض أو عدم تصديق .


    لا أعلم حقًا و لكني لم أبكِ أبدًا ، قلبي الذي لم يعرف سوى السعادة طيلة الثماني سنوات الماضية لا يريد أن يستوعب أن حسامًا قد مات و إيادًا كذلك .


    لا يمكن أبدًا ، أبي بخير أمي بخير حسام بخير إياد بخير معاذ بخير .


    جدتي قالت ذلك ، وقفت أنظر يمنة و يسرة خالتي كانت تكمل تفاصيل ما حدث رغم يقينها بألا أحد يستمع ، فبالكاد أحدنا يستطيع سماع شهقاته فقط .


    ولكني أجزم أنها لم تكن بوعيها بالطريقة التي روت بها ما حدث .


    شهقات أختي تزيد و تختلط بهذيان أختي الأخرى و بكاءات أخوتي الصغار و نداءاتهم " ماما "


    عداي !! لم أبكِ ، اكتفيت بالصمت أولًا و انتابتني حالة من عدم التصديق و يقين بأني أحلم و سأستيقظ .


    حاولت اقناع أخوتي بما أيقنت به :


    - لم يمت أحد خالتي تكذب !!


    لا يهم ، لا أحد يصدقني ، غدًا سيصدقونني حينما يرون الجميع بخير ، المهم ألا يتزحزح إيماني ، أمي و أبي و أخوتي بخير .


    مرت السويعات ببطء شديد ، استيقظ أبي من غيبوبته ، لم يكن كما عهدته ، اكتسبت ملامحه انكسارًا لم أره من قبل ، رأيته ذابلًا لأول مرة في حياتي ، ملامحه القاسية لم تعد كما كانت بل لا تكاد ترى أبدًا .


    وجه أمي هو الآخر لم أعد أرى ملامحه أبدًا ، فدموعها قد شكلت ستارًا حال بيني و بين رؤيتها ، وكان بطنها كما هو !!


    أخي معاذ سليم معافى ، و لكنه على غير العادة منطوي لا يتكلم ،و بكاء أختي يملأ الأرجاء .


    ملامح أهلي جميعها تغيرت ، كساها الحزن بقناع موجع يدمي الفؤاد ، لا أحاديث تسمع سوى تمتمات أهل العزاء و شهقات من طرف المجلس ، وحدي أنا لا أؤمن بما يحصل حولي


    لم يصدقون كذبة قالتها خالتي ؟ جدتي أبدًا لا تكذب !!


    بإصرار أبله لم أعش معهم لحظة العزاء أبدًا ، لم أبكِ لم أدمع ، حتى أني لم أشعر بحزن سوى على منظر أمي و أبي .


    حتى لحظة اجتماعنا في الحرم للصلاة عليهما ، كنت كالتائهة أنظر حولي ، أيعقل أن أصلي على حي ؟


    لا أريد أن أتخلى عن إيماني ، وما يحدث الآن يجبرني على أن أوقن بموتهم .


    تزلزلت مشاعري مع أول تكبيرة ، أغمضت عيني لأمنعهما من التصديق


    " أنا الآن أصلي صلاة الميت على حسام و إياد "


    تمتمت في سري بهذه العبارة حتى تبدد ما كنت أوقن به ، أحسست ببلل على وجنتيّ ، كلاااا لن أبكي !!


    كل هذا حلم سأستيقظ بالتأكيد ، وما إن أنهينا الصلاة حتى رأيتهم ، جموع لا منتهية تركض تحمل الجنازتين ، لمحت من بينهم أبي و أخي يشيعان الجنازة


    إذًا فقد ماتا حقًا ، إني أرى جثتهما التي ما خلت يومًا أني سأراها !!


    و مع مرور الجنازة تبعثر آخر أمل كنت أتمسك به بكذب الخبر .


    كان انهياري أليمًا ، بكيت و بدأت أصرخ و أهذي بكلمات غير مفهومة ، وانفجر كل ما كان بداخلي من شعور ، خوفي ، ترقبي ، حزني ، ألمي .


    كنت فاتحة لبكاء أخوتي ، ضج موضع جلوسنا في الحرم ببكائنا ، ما بين نشيج و شهقات ، و أنا منهارة على الأرض أشير إلى جنازة اختفت من ناظري أخذت معها ما تبقى من أمل .


    الناس من حولنا يحاولون تهدئتي و أنا لا أعي سوى أن الأمر أصبح واقعًا .


    احتضنتني أختي تهدئني و دموعها تغرق رأسي .


    اجتمع الكثير حولنا ينظرون باستغراب ، و يهمسون :


    - كلنا سنموت يا حلوة لا داعي للبكاء .


    هه


    لو أدركوا مقدار ما بي من خيبة وقتها لشاركوني الجنون و لبكوا معي كثيرًا ، حتى يبكي معنا البكاء .


    بلغت الآن عامي الثامن عشر ، و لا زلت أنا و أختي نتسابق لفتح الباب علنا نراهم خلفه ، و رغم خيباتنا المتكررة و يقيننا بأن فألنا محال التحقق


    إلا أننا نستمر بألعوبة الأمل !!




    " تمت "


    =(
    التعديل الأخير تم بواسطة أثير الفكر ; 6-11-2014 الساعة 07:56 AM

  9. #9

    الصورة الرمزية أثير الفكر

    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    المـشـــاركــات
    5,262
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ~ ✿ تحدي أصحاب القلوب القوية ❤ هنا النصوص المشاركة ❤

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    صباح الخير والسعادة وذكر الإله

    طبتم وطاب يومكم ومسعاكم

    وُضِعت النتائج وتم تنزيل التكريم

    لذا فتحت الموضوع بعد أن كان مغلقًا لتأخذ القصص حقها من الردود

    ستكون لي عودة بحول الله بعد الدوام لكل قصة

    +

    ثمة بيت كتبه الفاضل ( van ) وقال فيه :

    فردوا يا بني قومي ::: فإن الرد مجاني

    لا تبخلوا على الكتاب المبدعين بردودكم النيرة ^.^


    دمتم بحفظ المولى ورعايته
    التعديل الأخير تم بواسطة أثير الفكر ; 6-11-2014 الساعة 11:14 AM

  10. #10

    الصورة الرمزية [ اللــيـــث ]

    تاريخ التسجيل
    Sep 2009
    المـشـــاركــات
    4,329
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: ~ ✿ تحدي أصحاب القلوب القوية ❤ هنا النصوص المشاركة ❤

    وعليكم السلا ورحمة الله وبركاته ..

    لنا عودة .. وستكون أكثر من مرة لأني أريد القراءة بكل أريحية لأرى إبداع المشاركين ..

    الله يجزاكم خير آل القلم .. وكل الشكر لمن شارك في هذه المسابقة الجميلة :")


  11. #11

    الصورة الرمزية أثير الفكر

    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    المـشـــاركــات
    5,262
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: ~ ✿ تحدي أصحاب القلوب القوية ❤ هنا النصوص المشاركة ❤

    بسم الله وعدنا أحبتي

    [ أسوأ شعور عندما تذهب للدوام لأجل ساعة فقط ] =___=

    القصة الأولى ( الوجه المبتسم )


    يا ذات الألق وحبيبة القلب ، ما أحوالك ؟

    أصدقكِ القول أنكِ من القلة المبدعة التي جمعت بين جمال الأسلوب وقوة وسلامة اللغة
    في كل مواضيعك وردودك ، والقصة هنا في منتهى الجمال تبارك الله ، بعيدة عن الغرابة والتعقيد ، سامية في فكرتها فاخرة بلغتها ، ألا حماكِ الله ومن الأحسن للأحسن


    القصة 2 ميشيل كريس :

    لا يُحبطنَّكِ كلامي السابق بالمحكمة أي حبيبة

    فإن لنصكِ رونقًا متألقًا ، ولكوني قرأته لأول وهلة وكان تنقلًا بين المشاهد بلا علامات ترقيم لم أفهمه ، ولكن في الإعادة فهمته وعشقته ، وكما قلت لم ينقصه إلا الفواصل بين كلمة وكلمة - أعني خاصة المشاهد لما انتقلتِ من شيء لآخر -

    إلى جانب همزة الوصل
    والبقية إبداع :"""")

    نص تشيزوكو :

    قصتكِ كانت رائعة والوصف الرقيق مدهش ، ربما أحسستها بعيدة عن حبكتكِ المعروفة في قصصكِ ولكن هذا لا يُخل بجمالها البتة ، لغتك سليمة كما عهدناها والأخطاء النحوية معدومة أسعدكِ الله


    نص غاسا :

    في سياق الحياة يتم تقسيم طبقات الناس ( طبقة عامة - طبقة كادحة - طبقة أرستقراطية )

    وأسلوبك الأدبي أشبه ما يكون بالطبقة الأرستقراطية ، رغم ألا نهج معين لك ، بل في كل مرة أجد أسلوبًا ونهجًا جديدًا عليّ ، ومع هذا أحببتها جميعًا وعجزت عن المفاضلة

    بحق أتمنى القراءة لك أكثر وأكثر وأكثر ، فلا تحرمنا بريق حرفك في المواضيع أو في - بقعة حبر - إن أصابك داء الكسل إزاء لوحة المفاتيح XD

    أبدعت في إخراج القصة وتوظيف الكوميديا فيها - تبارك الله - ولكن أتدري ما أكثر شيء أعجبني بل أبهرني ؟؟

    توظيف محيطك والتقنية المستخدمة حاليًا فيها

    سأقول بأني كقاطنة بالسعودية عشت القصة بكل أجوائها ، وكم أحترم الكاتب الذي يكتب عن بيئته بصدق كما فعلت ، لا أرى الله قلمك عثرة وإلى مزيد من الألق ^.^


    أقصوصة الليث :

    رغم ما قاله الإدعاء إلل أعجبت بحق بقصتك ، لأكون صادقة عندما يكون النص أقصوصة قصيرة مزخرفة الألفاظ فإني أغوص في عالم الألفاظ متناسية غيرها
    لذا لم أنتبه لملاحظات الإدعاء ، ومع هذا فإن هذا الأمر لا يقلل من جمال النص ، سلمت أخي
    التعديل الأخير تم بواسطة أثير الفكر ; 6-11-2014 الساعة 12:29 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...