السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من الله أن تكونوا بأفضل حال
وثانيًا .. اعذروني على أي قصور في القصة
كونها ارتجالية كُتبت دون تنقيح
**
يشعر أنه عاجز، في حالة من الضعف الشديد تمنعه من تفجير ثورة غضبه العارمة
أسند ظهره بقلة حيلة على الحاجز الذي يفصلها عنه دون أن يجرؤ على تجاوزه، ليس بسبب التعب الذي يسري
في جسده بل لإحساسه المفرط بالخجل والمهانة والإحباط، وخليط من مشاعر، سحقت قلبه في أسفل دركات الوجع
الجوع المهلك يُحني أعتى الهامات .. وهو لا ذنب له كونه وُلد على بساط الفقر، وحُرِم لذلك من أبسط
حقوقه المتمثلة في " الدراسة والتعلم " بمعنى أوضح لا توجد لديه أدنى فرصة لتقلد إحدى الوظائف المحترمة
ليكسب منها دخلاً - وإن كان بسيطًا - يُمكّنه من إعالة صغيرته "عائلته الوحيدة "
- إياد
اخترق صوتها الحائط الذي يتكأ بعجزه عليه واستقر مباشرة في فؤاده العليل، رد عليها بهمهمة غير مفهومة فكررت مناداته بنبرتها المحببة إليه :
- إياد
- نعم يا عزيزتي
نكس رأسه وهو يجيبها، تمنى وبعنف أن تقول له بصريخ العبارة : " أنا جائعة "
سيفعل المستحيل، وحتى المُحرّم شرعًا ! فلو توجب عليه سفك دم أحدهم فلن يتردد
سيفجر ثورته على العالم بأكمله، رغم أنف قواه البدنية الخائرة
سيفعل أي شيء من أجل أن يسد رمق جوعها
فقط لو تنطقها
- أنا سعيدة لكوني شقيقتك
كان سيقوم بعمل جنوني ويُقبّل الجدار الذي خلفه لأنه ستر دموعه عنها !
دموعه التي فرّت من عينيه معاندة إياه ومُحطّمة ما تبقى في نفسه من كبرياء مزعوم
توقّع شيئًا مغايرًا، لكنها قالت ما قالته بمنتهى البساطة رغم أن الطعام لم يدخل بطنهما منذ
ثلاث ليال منصرمة
مهلاً .. هل تحاول مواساته ؟ منذ متى والصغار يخففون عن الكبار ويهونون عليهم آلامهم ؟
أي موازين مقلوبة هذه التي يعيشانها هو وشقيقته ؟
تصغره بعشر سنوات لكنها تملك عزيمة تفوق عمرها وعمره بأضعاف .. ليتها كانت هي الكبيرة
حسنًا هي سعيدة لأنها شقيقته لكن هذا لا ينفي شعورها بالجوع الشديد
لا يحتاج أن ينتظر حتى تُصرّح له بذلك، ألا يكفي رؤية الوجع الصارخ من عينيها والذي يغنيه عن
سماع ألف عبارة قد تنطق بها
مسح عبراته بخشونه ونهض ورغبة جامحة تسيطر على كيانه، عزم على فعل شيءٍ ما
ولن يعود قبل ذلك
في المساء كان هو وشقيقته يجلسان في فناء منزلهم الضيق، وأمامها مائدة حوت ما لذ وطاب
بدت كالحلم الجميل في نظر الصغيرة التي قالت ببهجة :
- لبن وخبز و.. والكثير من الطعام .. ما أكرم الشخص الذي وضع كل هذا الأكل اللذيذ على عتبة دارنا
الحمد لله
ابتسم إياد لفرحتها وابتسامتها الرقيقة التي طوّقت ثغرها، وثانيًا لأنه استطاع إقناعها بهذه الكذبة الرخيصة
غمس قطعة من الخبز في وعاء العسل .. وأطعم شقيقته بنفس اليد الآثمة التي تطاولت على الغير وسرقت، تاركةً خلفها شخص ما يعاني على حافة الخطر !
أغلق الكتاب الذي بين يديه وقد بلغ التأثر أقصاه داخل قلبه حتى كاد يبكي تعاطفًا مع البطل وأخته الصغيرة
حمد الله أن رزقهما هذا الطعام !
كم هو رائع هذا المؤلف لا يكتفي من القراءة له
قرر أن يُعير هذه القصة الرائعة لأحد زملاء دراسته الذي سمع أنه
يعاني ظروفًا ظالمة قاسية، مشابهة لظروف هذا البطل !
والأكثر من ذلك عزم في قرارة نفسه على تجشم عناء نصح أي محتاج فقير يراه أو يسمع عنه بفعل ما فعله إياد لينجو من قَدَره البائس .. نعم على الفقراء أن يسرقوا ليعيشوا !
المفضلات