يعتقد الجميع أنهم من ضمن فئة البشر، وياله من اعتقاد!

[قنـاع]

من المخيف أن هذه الحياة بأفعال قاطنيها الجهلة تجري "كأمر طبيعي مُسلّم به"
في كل مرة تشرق فيها الشمس وتغرب

تتعين مدرّسًا مسؤولًا، تلد طفلًا، تتدخل بشكل مستمر -كصديق متطفل- في ذوق صديقك
وتستمر الحياة على هذه الوتيرة النتنة في كل يوم بل في كل ساعة ودقيقة
وهكذا تنشأ شبكة تتلو شبكة من الجهل والحماقات المتتالية لتجعل من عالمنا قذرًا متعفنًا

عندما تمت ولادتنا لم نكن صفرًا
لم نكن فارغين ولم نكن نمتلك غشاء مصنوعًا من تراهات البشر على أدمغتنا
لقد كنا مملوئين عن آخرنا بالحب والسلام والفطرة
لكن يجرؤ البشر اليوم بل منذ الأزل على محاولة تغيير هذه الأمور كونها لا تعجبهم؟
لا تروق لهم؟ لا تعطيهم هيبة ووقار؟ لا تتماشى مع برستيج بعضهم؟
ياللخراب الذي مزق جمال الحياة
لماذا كلما ازداد نمو الفرد كلما ازدادت محاولته في إعادة ملئ نفسه بالقذارات
عوضًا عن محاولة معرفة ما يمتلكه من جمال آخاذ ولد معه؟

لكم شعرت بالغضب على الوغد الذي رمقته وهو يهدر طاقته في مسخ ابنه
محاولًا أن يثنيه عن فعل كذا وكذا بحضرة فلان وعليه ألا يلعب أو يتحدث بتلك القصة
وإن فعل ستصب لعنات السماء كاملة عليه لتسحقه ويغدو كمن لم يكن هناك ابنٌ أصلا

أو عندما شهدتُ ذلك الحادث المؤسف عندما صرخ الطفل: "أنا خائف منك ماما"
لأنه آذاها بشكل غير متعمد بذراعه الصغيرة جدًا، ومن ثم هبت واقفة مستعدة للهجوم كوحش كاسر
لولا أن تم إنقاذ الطفل بأعجوبة ورحمة سماوية، رحمة سماوية عاجلة
ومن يدري ماذا يحدث في دهاليز روح هذا الطفل من حزن وقهر وغضب وحرمان وبؤس وكره!

وعندما تبدي ملاحظتك اتجاه هذا السلوك المتوحش
يتمتمون لك بكونها التربية! ألا لعنة الله وغضبه على تربيتكم المختلة!
بل هو مسخ، هذا الطفل تُمسخ مشاعره بشكل تدريجي بكل عبارة وكلمة وسلوك يوجه له
ليخرج لنا بعد زمن شابًا مختل عاطفيًا، يمتلك كمًّا لا يفنى من المشاكل النفسية
من السبب؟ من المسؤول؟ الشيطان ياترى؟ أم عين أصابت ابنكم؟
ههه إنه نتاج تربيتكم ياجهله، هذا ما صنعته أيديكم الشيطانية
والله وحده يعلم ماذا تقول الشياطين عنكم

كيف لهذه الأرض أن تكون مرتعًا لهذا الكم من الحماقات والوساخات؟
أنت لا تكاد تذهب لمكان إلا وسمعت من يتكلم بالآخر، من يُحقّر ويصغر من شأن المخالف له
الأدنى وربما الأعلى منه
لا أحد على هذه الأرض يترك الآخر وشأنه، يؤمن بحرية الآخر يحترمها ويقدسها ولا يتدخل بها
هذا نادر مع أسفي وحزني!
إلا ربما أبناء الغاب كونهم ترعرعوا على ومع الطبيعة فهم لا يكترثون لبدع البشر
أتساءل فيم لو كنت قد ولدت في قعر بئر أو ترعرعت على يد زرافة هل كنت سأكون أكثر نقاء يا ترى؟


إنني لو سردت بعض الأمور التي تعد تغييرا في طبيعة الفرد لهالكم الأمر
كون البشر وبشكل مستمر ويومي يفعلونه ويظنونه الحق المطلق والحقيقة أنها أمور تزيد من الحياة سوءًا
وليس كما تعتقد أدمغتهم المعطلة أنها أمور صالحة لا صلاح بعدها.

هل يحاول البعض إخبارنا بتصرفاتهم أن الله لم يُلهم المولود طريقا صحيحًا؟
وأنهم بعقلهم وبقدرتهم وبعلمهم المحدود جدا عن التربية سيجعلونه مستقيما؟
يالبؤسي ياله من هراااء محض

إن أي سلوك يقلل أو يحقّر أو يستهين ويستهتر من الطرف الآخر، من أفكاره
من أسلوبه أو ذوقه وطريقته الخاصة في العيش لهو سلوك فاحش علينا ألا نسلكه
طالما أننا لا نريد لأي كان أن ينظر إلينا بالطريقة ذاتها

من المؤذي أن أدرك أنني أمتلك دورًا لا يقل عن أحدكم في هذه اللعبة القذرة
ولكنني أدرك أنني أدرك، وأعلم يقينًا أنني في مرحلة تجرد من هذه اللعنة
وليساعدني الله طالما كنت في طريق صحيح، وإلا فليردشني وإياكم

ويُعيدنا لطبيعتنا كبشرٍ لا مسخ



طاب صباحكم