وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إن أكثر ما جذبني ولفت انتباهي تلخيص أسباب هذه الأزمة بنقاط جوهرية عميقة وبليغة المعنى، تصوّب على الهدف النهائي بسلاسة مباشرة

إن الوعي التام المرافق لمعرفة الأنا المسلمة تقود المسلم إلى قرارات وقناعات تتجسد في مبادئ وتصرفات ثابتة في حياته لا ينوط عنها أو يحيد
وهذا يعني أن العلم، المعرفة والوعي التام يقود الإنسان إلى اتجاهين :
إشباع الغريزة النفسية الإنسانية التي زرعها الخالق في كل إنسان وهو الوصل إلى الكمال والاستقرار الروحي مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع المادي ولا يكون ذلك إلا عن طريق تحمل مسؤولية القرارات الناتجة عن هذا الوعي
إن تحمل المسؤولية وحده يعني اتخاذ قرارات مصيرية منها أو مؤقتة وبالتالي تحمّل جميع النتائج المترتبة عليها والوعي بآثارها وما يعنيه التغيير واتخاذ القرار
الاتجاه الآخر هو بالضبط الأنا السطحية التي تعي وتدرك ولكنها تتجاهل أو بمعنى أصح تتهرب من تحمل مسؤولية ذاتها رغبة في إشباع الغرائز النفسية الأخرى والتي تكون سطحية ليست ذات عمق مصيري بقدر ما هي نشوة لحظية كامتلاك شيءٍ ما أو اتباع الهوى
وهذا يعني أن كلا الاتجاهين يقودانا نحو شيء واحد؛ أن الإنسان كونه قَبِل الوعي فهو مسؤول ومحاسب بغض النظر عن كونه تحمل المسؤولية أو تهرب منها، لماذا ؟ لأن لديه العقل الذي ميزه عن سائر المخلوقات والذي أعطاه إياه من أوجده وخلقه ليستعمله ويتفكر به فـ يصل بذلك إلى تعظيم خالقه وتقديره والسعي إلى إرضائه بشتى السبل والوسائل .. لأنه بذلك أدرك الغاية التي خُلق لأجلها والتي لها أبعاد أخرى أكثر من كونها لحظية أو دنيوية طالما أنه أيقن بالعالم الآخر.
عندما ذكر سبحانه حقيقة الإنسان وكونه من اختار تحمل الأمانة عن سائر المخلوقات، الأمانة التي تعني الكثير وأهم ذلك أمانة معرفة الله والوصول إليه عن طريق تسخير عقله في البحث عن ذاته وأسباب وجوده فهذا يدل على أنه تميز بالعقل الذي جعله يختار يعي ويميّز ويدرك حقيقة ما حوله
يقول تعالى : (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ( 72 ))
ليدل ذلك أن الإنسان هو المسؤول الأول والوحيد عن قراراته التي قد يظلم بها نفسه أو يرتقي بها ولا يكون ذلك إلا بالعلم الذي ينير به جهله ونفسه مهما كان من علم لكنه حتماً سيشمل العلم المؤدي للأمانة
ولهذا قال سبحانه : (إنما يخشى الله من عباده العلماء) بعد آية مليئة بالتساؤولات الداعية للتفكر الذي يقود للخشية الموصلة للتعظيم

راق لي لفتك إلى مصدر إلهامك، سأقرأ له بإذن الله .. شكراً

تعقيبك على قناع مثيرٌ هو أيضاً
إذ أنني سأضيف على آخره أيضاً :
(لعبدنا حتى نتصل روحياً بمن أوجدنا)

متشوقة للطرح القادم عن الحياة الدنيا والدنيا فقد أثار إيمانك هذا فضولي !

وأضيف نقطة أخيرة قد لا يكون لها علاقة مباشرة بالموضوع لكن أجدها تصب في نهره من قريب أو بعيد
أعتقد أن نعمة تحمل المسؤولية باتخاذ القرارات الناجمة عن إدارة صحيحة لحياة المرء تلعب دوراً كبير في تكوين شخصه وفكره وترتقي به للخلافة سعياً لتطوير ذاته، مهاراته وقدراته نحو الأفضل بغض النظر عن الظروف التي قد يواجهها إلا أنه سيكون مدرك لأهمية الغاية التي يسعى لتحقيقها وصولاً للسعادة والقرب الرباني والحياة الكريمة
لطالما تساءلت ما الذي أوصلنا لما نحن فيه من تدهور على الصعيد النفسي والأخلاقي والاجتماعي والمعيشي -إلا من رحم ربي- لكن بشكل عمومي كمجتمع يراه العالم في المستوى المتدني
فقادني هذا التساؤول إلى جواب واحد (عدم وجود إدارة حكيمة تتحمل المسؤولية ومسؤولية اتخاذ القرارات وما يترتب عليها من نتائج) هي الريادة الأنجح التي جسدّها الرسول عليه الصلاة والسلام بقيادته وإدارته الحكيمة لأمة كاملة والحديث بذلك يطول


شكراً أن فتحت لنا مجالاً للتساؤل والتفكر
وشكراً أخرى على ما طرحته من أفكار واعية ترتقي بالفكر والنفس معاً
أعتذر على الإطالة وشكراً مرة أخرى ()