إدراك متأخر .

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: إدراك متأخر .

  1. #1

    الصورة الرمزية kaw Matsuda

    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المـشـــاركــات
    203
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي إدراك متأخر .

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    محاولة لتجديد شيء ما، وعسى أن تشحذ حماستي وتدفعني لإكمال كتاباتي الكثيرة المبتورة، بعد أن صار الإلهام ملازمًا لي كظلي - في الآونة الأخيرة - بطريقة جد مزعجة
    أضع هذه القصة التي سبق ونشرتها في مكان آخر .
    +
    تجاهلوا العنوان .. لا أدري إن كان متناسبًا مع المضمون


    ***

    - يا رب
    تلتها زفرة حارة من أعماق جوفه
    أسند ظهره إلى العامود الطويل خلفه ، و هو يراقب بأسى تكدس السيارات على طول الشارع ، لو استمر الوضع هكذا فلن يصل ، أو سيصل متأخرا ، و في هذه الحالة سيكون كلا الأمران عند مديره في العمل سيان ، سُيعتبر غائبا بكل الظروف ، إنه الإنذار العاشر ربما يطرد بعدها ..
    جميع الأشياء تآمرت عليه ، ألا يكفي تأخيره التعيس لتكمل عليه أبواق السيارت بصوتها المزعج ما ينقصه ، كل شخص غاضب ، و يشعر أن له الأحقية ليصل أولا إلى مقر عمله أو إلى المكان الذي يريد ؛ لذا يستمر بإطلاق الأبواق ليجبر الآخرين على إفساح الطريق له حتى يعبر بسرعة ، رغم أن هذا يزيد النار حطبا ، فالغضب والسباب المتبادل بين أصحاب السيارات خير شاهد على اشتعال الأوضاع أكثر .. ااخ لو لم تتعطل سيارته هذا اليوم ..
    دامت هذه الفوضى لدقائق أخرى قبل أن يخلو الشارع نسبيا و ينتظم أخيرا سير المركبات ، تنفس هو الصعداء ، و قرر أن يجازف بالذهاب إلى دوامه ، سيشرح ما حدث معه ، و من يدري ربما يصفح عنه رئيسه ، مرت أمامه حافلة فتقدم سريعا باتجاهها و هو يشير لسائقها بيده ليتوقف الأخير ، وضع قدمه على عتبة الحافلة الأخيرة و قبل أن يدخل أحس بشعور غريب ، الأجواء تلفها سوداوية ، و نظرات الركاب جميعها مصوبة ناحيته
    بحركة تلقائية مسح على شعره ، و مرر أنامله على حاجبيه و ملامح وجهه " آه يبدو أن مظهري غير مرتب " غزا التوتر نفسه حين لم تتوقف أزواج الأعين الكثيرة عن التحديق به بعدائية لم يعرف لها مبررا و كأنهم يتربصون منه القيام بحركة أخرى لينقضوا عليه ، أدار رأسه إلى السائق وهو يرسم شبه ابتسامة على شفتيه علها تساعد بطرد قلقه أو على الأقل تخفيفه ، و يا للعجب لم تكن نظرات السائق بأقل حدة من الآخرين ، حاول قول شيء ما ليكسر الجمود لكن صاحب الحافلة صفعه بكلمة :
    - انزل !
    قرن حاجبيه و دهشة لم يستطع اخفائها انسابت من بين عينيه :
    - عفوا ؟!
    أعاد بخشونة و هو يميل بجسده كله ليصبح مواجها للرجل :
    - قلت لك انزل ؛ لا نستقبل ذوي البشرة الداكنة في حافلتنا !
    هذه المرة تدلى فكه ببلاهة ، و كفه - التي كانت تقبض على الحديدة الملتصقة بجوار الباب من الخارج - ارتخت إلى جانب جسده " لماذا توقف السائق من الأساس إذا لم يكن في نيته إيصالي ؟ مهلا المشكلة ليست هنا ، ما الذي قاله ؟ لا يستقبلون أصحاب البشرة الداكنة ؟ ما هذه السخافة ، هل هذا من المنطق في شيء ؟! "
    لم ينتبه للسائق الذي نهض من مقعده ، و تقدم صوبه ليدفعه خارجا ، كل ما كان يفعله هو الحملقة في وجوه الركاب و تبين له هذه اللحظة أنهم جميعا أصحاب بشرة بيضاء ، حين شعر باليد الغليظة التي تحاول إقصاءه ، تشبث بالعامودين المعدنيين رافضا التزحزح ، لم يكن أبدا من النوع العنيد ، لكنه الآن لا يفكر بمغادرة هذا المكان المنحوس قبل أن يحصل على إجابة للسؤال الذي صاح به لسانه دون شعور :
    - ما هذا التعسف ، هل يوجد نظام يجيز لك أن تفرق بين الناس و تصنفهم إلى فئات يُعامل كل منهم بطريقة مختلفة حسب لون بشرته ؟
    - نعم ، نظام وُضع منذ اليوم ، و سيفرض قسرا على الجميع بما فيهم أنت
    قال هذا بغلظة و ألقاه بعنف ليرتطم جسده أرضا بقوة بالغة ، لم يتسنى للرجل أن يعتدل جالسا ، حتى لمح الخيط الدخاني الرفيع الذي خلفته الحافلة خلفها إثر احتكاك عجلاتها المجنون بالشارع
    حاول أن يجد تفسيرا منطقيا لسرعتها الا عقلانية ، لكنه لم يلبث أن هز رأسه حين أدرك غباء الموقف الذي حدث له و الذي بسببه يجلس حاليا على قارعة الطريق كأحد المتسولين ، ما إن نهض حتى لفت نظره أحد الأشخاص يحمل بين ذراعيه طفلا - يبدو بغاية التعب - و يحاول جاهدا أن يتفاوض مع سائق الأجرة - الذي يملك بشرة داكنة - بل إن صح التعبير يتوسله أن يقله هو و الصغير إلى إحدى المستشفيات ، و لسوء حظ هذا الشاب الأبيض لم يستجب له صاحب الأجرة و انطلق بسيارته مبتعدا ، و لم يعثر هو للأسف الشديد على سائق آخر يحمل نفس لون بشرته ، و حينها أدرك الرجل السبب الحقيقي وراء الزحام المروري الذي حدث منذ دقائق ولت .. ثم استوعب ذهنه أكثر وضعه الذي لا يحسد عليه ، ليضحك بسخرية مريرة على نفسه ، لقد كابد الحر و التعب و ضوضاء السيارات و كل شيء و هو منذ البداية مفصول من وظيفته !


    - النهاية -

    التعديل الأخير تم بواسطة قصاصات حلم ; 27-11-2015 الساعة 01:11 PM

  2. 4 أعضاء شكروا kaw Matsuda على هذا الموضوع المفيد:


  3. #2

    الصورة الرمزية قصاصات حلم

    تاريخ التسجيل
    Jul 2014
    المـشـــاركــات
    440
    الــــدولــــــــة
    عمان
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: إدراك متأخر .

    جميلة يا ماتسودا
    ما شاء الله تبارك الله =)

    هيجتي في داخلي رغبة في كتابة القصص
    كما كنت أفعل سابقاً ~
    شعرت بحروفك وهي تكافح للظهور بما ظهرت عليك ~
    أجدت سرد القصة، و حتماً ستكون أفضل لو أعطيتي الخلفية أكثر مساحة من التعبير، أعني بذلك أن تسردي عن الأجواء المحيطة بالشخصية الرئيسية بصورة أكثر أيضاحاً لتجعل تصور القارئ عما يقرؤه أكثر وضوحاً ~

  4. #3

    الصورة الرمزية أثير الفكر

    تاريخ التسجيل
    Dec 2012
    المـشـــاركــات
    5,262
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: إدراك متأخر .

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    موجعة ورائعة بآنٍ واحد

    ألا قاتل الله العنصرية بكل أشكالها

    افتقدنا طلتك ، أينكِ عنا يا فتاة :""

  5. #4

    الصورة الرمزية بوح القلم

    تاريخ التسجيل
    Apr 2014
    المـشـــاركــات
    3,354
    الــــدولــــــــة
    كندا
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: إدراك متأخر .

    يا الله رائعة بالفعل كتاباتك كما عهدناك دوما ماتسودا

    أحب أسلوبك وانصباب الحروف من تحت أناملك

    شعرت وكأنني أعيش الموقف

    المسكين أدرك متأخرا بعد كل الجهد أنه سيكون في عداد المطرودين لاختلاف لون بشرته

    الحمد لله على نعمة الإسلام من لم يفاضل إلا بالتقوى

    سلمت حروفك الندية عزيزتي مع وردة

  6. #5

    الصورة الرمزية kaw Matsuda

    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المـشـــاركــات
    203
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: إدراك متأخر .

    اوبس إدراك متأخر ورد متأخر كذلك
    يبدو أن التأخير يجرّ بعضه بعضًا

    قصصات

    جميلة يا ماتسودا
    ما شاء الله تبارك الله =)

    هيجتي في داخلي رغبة في كتابة القصص
    كما كنت أفعل سابقاً ~
    شعرت بحروفك وهي تكافح للظهور بما ظهرت عليك ~
    أجدت سرد القصة، و حتماً ستكون أفضل لو أعطيتي الخلفية أكثر مساحة من التعبير، أعني بذلك أن تسردي عن الأجواء المحيطة بالشخصية الرئيسية بصورة أكثر أيضاحاً لتجعل تصور القارئ عما يقرؤه أكثر وضوحاً ~
    جمّل الله حياتكِ بطاعته

    هذه قصة قديمة ظهرت بشكل عفوي وغير متوقع
    أتاني إلهامها عندما رأيت حافلة ما وأنا في طريق عودتي للمنزل
    ربما ظهرت مختصرة لأن كتابتها كانت لحظية بلا تعديل
    سأحاول مراعاة ذلك مستقبلاً بإذن الله

    عسى أن نرى لكِ رائعة قصصية بعدما هيجتكِ قصتي
    سعدت لذلك بالمناسبة ^^
    شكرًا لكِ يا عزيزتي

    أثير

    موجعة ورائعة بآنٍ واحد

    ألا قاتل الله العنصرية بكل أشكالها

    افتقدنا طلتك ، أينكِ عنا يا فتاة :""
    فعلاً إنها شيء بغيض ><
    لا أذاقكِ الله فقد حبيب
    أنا هنا ولستُ هنا ^^

    دمتِ بحفظ الله

    بوح

    يا الله رائعة بالفعل كتاباتك كما عهدناك دوما ماتسودا

    أحب أسلوبك وانصباب الحروف من تحت أناملك

    شعرت وكأنني أعيش الموقف

    المسكين أدرك متأخرا بعد كل الجهد أنه سيكون في عداد المطرودين لاختلاف لون بشرته

    الحمد لله على نعمة الإسلام من لم يفاضل إلا بالتقوى

    سلمت حروفك الندية عزيزتي مع وردة
    شكرًا شكرًا يا عزيزتي
    رفع الله قدركِ ومعنوياتكِ أضعاف ما ترفعين معنويات الآخرين ^^
    الحمد لله فعلاً على نعمة الإسلام وهدى الله جميع المسلمين والمسلمات
    سلمكِ الله وأدام لكِ كل خير ^^

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...