شرط القراءة هنا أن تقرأ بقلبك:

روى ابن إسحاق، والإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري، والإمام أحمد، والشيخان من طريق أنس بن مالك، والشيخان عن عبد الله بن يزيد بن عاصم- رضي الله عنهم- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- أصاب غنائم حنين، وقسم للمتألّفين من قريش وسائر العرب ما قسم.
وفي رواية:
طفق يعطي رجلا المائة من الإبل، ولم يكن في الأنصار منها شيء قليل ولا كثير، فوجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كثر فيهم القالة حتّى قال قائلهم: يغفر الله- تعالى- لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن هذا لهو العجب يعطي قريشا، وفي لفظ الطّلقاء والمهاجرين، ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، إذا كانت شديدة فنحن ندعى ويعطى الغنيمة غيرنا وددنا أنّا نعلم ممن كان هذا، فإن كان من أمر الله تعالى صبرنا، وإن كان من رأي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- استعتبناه.
وفي حديث أبي سعيد: فقال رجل من الأنصار لأصحابه: لقد كنت أحدثكم أن لو استقامت الأمور لقد آثر عليكم. فردّوا عليه ردّا عنيفا. قال أنس: فحدّث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بمقالتهم،

وقال أبو سعيد: فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: أن هذا الحيّ قد وجدوا عليك في أنفسهم. قال: «فيم» ؟
قال: فيما كان من قسمك هذه الغنائم في قومك وفي سائر العرب ولم يكن فيهم من ذلك شيء.
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «فأين أنت من ذلك يا سعد» ؟
قال: ما أنا إلا امرؤ من قومي.
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة، وفي لفظ في هذه القبّة، فإذا اجتمعوا فأعلمني»، فخرج سعد يصرخ فيهم حتّى جمعهم في تلك الحظيرة.

وقال أنس: فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبُّة من أَدَمٍ ولم يدع غيرَهم، فجاء رجال من المهاجرين فأذِن لهم فيهم، فدخلوا، وجاء آخرون فردَّهم، حتى إذا لم يبق أحد من الأنصار إلّا اجتمع له، أتاه فقال يا رسول الله: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار حيث أمرتَني أن أَجْمَعَهم.
فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- فقال: «هل منكم أحدٌ من غيركم» ؟ قالوا: لا يا رسول الله إلا ابنُ أختنا.
قال: «ابن أخت القوم منهم».

فقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خطيبًا، فحمِد اللهَ وأثنى عليه بما هو أهلُه، ثم قال: «يا معشر الأنصار! ألم آتكم ضُلَّالًا فهداكم الله- تعالى-، وعالةً فأغناكم الله، وأعداءً فألَّف بين قلوبِكم؟

قالوا: بلى يا رسول الله، الله ورسوله أمنُّ وأفضلُ.
وفي رواية قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟» قالوا: وما نقول يا رسول الله؟ وماذا نجيبك؟
المنّ لله- تعالى- ولرسوله- صلى الله عليه وسلّم!

ثم قال صلى الله عليه وسلم: «والله لو شئتم لقلتم فصَدَقْتُم وصُدِّقتم، جئتَنا طريدًا فآويناك، وعائلًا فآسيناك، وخائفا فأمَّنَّاك، ومخذولًا فنصرناك، ومُكَذَّبًا فصدَّقناك»
فقالوا: المنّ لله- تعالى- ورسوله!
فقال: «وما حديثٌ بلغني عنكم؟»
فسكتوا، فقال: «ما حديثٌ بلغني عنكم» ؟
فقال فقهاء الأنصار: أمّا رؤساؤنا فلم يقولوا شيئا، وأمَّا أناسٌ مِنَّا حديثةٌ أسنانهم قالوا: يغفر الله- تعالى- لرسوله- صلى الله عليه وسلّم- يُعطي قريشا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم؟!

فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- «إنّي لأعطي رجالًا حديثي عهدٍ بكُفْرٍ لأتألَّفهم بذلك»

وفي رواية: إنّ قريشا حديثو عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أَجْبُرَهم وأتألَّفهم! أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لَعَاعَةٍ من الدّنيا تألّفتُ بها قوما أسلموا، ووكَلْتُكم إلى ما قسَمَ الله- تعالى- لكم من الإسلام؟!
أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب النّاس إلى رحالهم بالشّاة والبعير وتذهبون برسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى رحالكم، تحوزونه إلى بيوتكم؟! فو الله لمَنْ تنقلبون به خيرٌ ممّا ينقلبون به!

فو الذي نفسي بيده لو أنّ النّاس سلكوا شِعْبًا وسلكتِ الأنصار شِعْبًا لسلكتُ شعب الأنصار.
أنتم الشِّعار والنّاس دِثار، الأنصار كَرِشِي وعيبتيّ، ولولا أنّها الهجرةُ لكنت امرأً من الأنصار، اللهمّ ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار!

فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا بالله ورسوله حظّا وقسما.
فبكى النبي صلى الله عليه وسلم معهم، ورَضِيَ عنهم، فكانوا بالذي قال لهم أشدَّ اغتباطًا وأفضلَ عندهم من كل مال!

وجدان العلي


ما رأيكم؟ أليس وضع المشاركة التي تحوي كلمات كثيرة في سبويلر أفضل وأرتب؟