[اجتماع عائلي] وسائل التقطاع الاجتماعي

[ منتدى نور على نور ]


النتائج 1 إلى 5 من 5

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي




    في بعض الأحيان، الندرة تجمع، والكثرة تفرّق.. في زمن فائت، كانت العائلة تسكن في غرفة واحدة، تجلس على مائدة واحدة، تشاهد تلفزيوناً واحداً، لتتابع مسلسل السهرة الواحد، تطلق ضحكة واحدة، كما في البيت هاتف واحد، تعرف المتصل وماذا يريد ومن يريد، كانت الملامح مكشوفة للجميع، وصفحات الوجوه مقروءة بفواصلها ونقاطها بفقرات الفرح وهوامش الحزن..
    كانت القلوب قريبة ومتراصة مثل قلادة التين المجفّف.

    الآن الوضع اختلف، البيت عبارة عن
    مطار، الجميع يدخلون من البوابة نفسها، لكن كل يتوجه إلى «راحته» و«رحلته»، صالة الجلوس شبه فارغة، كل فرد في غرفة منفصلة ينتظر إقلاع يومه المملوء بالعزلة، طعام الغداء مثل تذاكر «المترو» أوقات متقاربة لكن ليست موحدة، كي لا يحدث تصادم بالأطباق، الشاشة صارت شاشات، ومسلسل السهرة لا يقبل القسمة على أحد، ما يضحكك لم يعد يضحك غيرك.. كلٌّ يمسك بهاتفه يفرغ حواسه جميعها فيه، وبالضرورة لا تعرف المتصل وماذا يريد ومن يريد.. الملامح مغلقة، صفحات الوجوه عليها «باسوورد» لا تعرف ما الذي يسكن هذا المنشغل بقبيلة التطبيقات الذكية شقي أم سعيد؟!



    الاطمئنان على الأخ صار بالتأكد خلال آخر ظهور على
    «الواتس أب»، وبر الوالدين يقتصر على «الحالة» أو «البيج كوفر»، التعبير عن الفرح مجرد «لايك»، والقيام بواجب العزاء صار من خلال «شير وكومنت» على الـ«فيس بوك»، ولقاء الأسرة اليومي من خلال «غروب» مغلق.

    كلما قررت شركة الاتصالات بزيادة
    «الغيغا بايت» للمشتركين، وضعت يدي على قلبي خوفاً من انخفاض «اللقاء ــ بيت» للمشتركين، وكلما قوي بث شبكة الـ«واي فاي»، ضعف بث شبكة «العاطفة»، وأصبحت العلاقات الحميمة «باي باي»، أخشى إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، من انعزالية طوعية للناس، أخشى أن يصبح اللقاء العائلي مثل اجتماع الهيئة العمومية للشركات المساهمة يعلن عنه في الصحف اليومية، إذ يعقد مرة واحدة في السنة، يتلا فيه ما جرى من أحداث خلال العام، ثم ينتخب رب أسرة جديد في حال العجز أو المرض أو الوفاة، أو يجدد للسابق بالأغلبية.

    أغلقوا هواتفكم،
    ضعوها في حقائبكم،
    والتقوا بأرواحكم لا بأجسادكم،
    فبطارية العمر توشك على النفاد!



    *لكاتبه: أحمد حسن الزعبي



    .....

  2. 11 أعضاء شكروا [مِسعَرُ حَرب على هذا الموضوع المفيد:


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...