الزمان، المكان، الحدث... متجدد

[ منتدى قلم الأعضاء ]


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 23 من 23
  1. #21


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: الزمان، المكان، الحدث... متجدد

    الحلقة السابعة عشرة _ الطريقة السحرية!

    الزمان: عام 2006م.
    المكان: الفندق في مكة.
    الحدث: أحد زملائنا في الرحلة، وكان قد قدم مع زوجه وطفلته، يسألني باهتمام: (هل لمستَ الحجر الأسود خلال العمرة)؟
    الإجابة: (لا، لم أستطع الوصول إليه بهذا الزحام الشديد).
    قال (بفخر): ولا أنا!
    وقبل أن أستنكر سبب تفاخره، بما أنه لم يصل إلى الحجر الأسود، تابع (موضحًا): لقد عرفت طريقة تجعلك تصل إليه وتلمسه وتقبله.
    وأضاف (بتوكيد): بل إن الشرطي الذي يقف بجواره، سيكون مجبرًا حتمًا على تأمين الطريق لك.
    قلت (غير مصدق): لا يمكن!
    أجاب (متحمسًا): بلى، وسأخبرك بالطريقة، الخطأ أننا نحاول الوصول إلى الحجر الأسود مباشرة، ولكن لو سرت بهدوء ناحية الزاوية، وأمسكت (الحبل) فقط، فلن يكون هناك مناص لرجل الأمن إلا أن يأخذك بيده لتلمس الحجر الأسود!
    وأضاف _ قبل أن أقول شيئًا _ (بشهامة): سنصلي العصر هناك، ثم نطوف حول الكعبة، وسأقوم بإيصالك بنفسي حتى تمسك بالحبل، لتصل إلى الحجر الأسود.
    أنا (مفكرًا بيني وبين نفسي): العبقرية تتسم بالأفكار البسيطة فعلًا! لقد وصلت إلى الحجر الأسود في رحلة سابقة، بصعوبة أقرب إلى المعجزة، والآن... الطريق إلى الحجر الأسود مضمونة!
    طبعًا: كان الأخ قد انصرف إلى غرفته، وفعلتُ مثله، فقد كانت رحلتنا إلى مكة مرهقة، مع سائق لا أعتقد بوجود من هو أشد تعاسةً وبؤسًا على المسافرين منه، للأسف!
    ومن دون أن أشعر: غفوتُ إرهاقًا... ثم....
    ما هذا؟ ولولة وبكاء بصراخ عنيف يرج الطابق بأكمله!
    ترى؟ هل اشتعلت النار في الطابق!!
    ولكن: يا للألم! الأخ نفسه، صاحب الطريقة السحرية، وجدني نائمًا، ولم يشأ إيقاظي، فذهب بمفرده، وصلى العصر ثم اتجه يطوف حول الكعبة محاولًا تنفيذ طريقته...
    ولقد: أمسك به (بعضهم) من عنقه، وألقوا به أرضًا بعنف، ما تسبب له بجراح قاسية، أما مشكلة وقوع نظارته بعيدًا ليدوسها من داسها ويكسروا زجاجها، فهذا أمر هين لين!
    إذ إن: الأمر لم يقتصر على ذلك، ولا حتى على الجراح والرضوض!
    فلقد: داس بعض المعتمرين فوق الأخ، لأنهم لم يستطيعوا تلافيه في الوقت المناسب، ليزداد ألَمًا فوق آلامه!
    ولولا أن: بعض أولاد الحلال انتبهوا إليه، فألقوا بأنفسهم فوقه لِيَقُوه بأجسادهم أقدام الآخرين، ثم تعاونوا على إنهاضه، لكان مصير أضلاعه التكسير حتمًا، والله أعلم!
    كما أن: بعض رفاقنا انتبهوا إليه، فأسرعوا بإسناده والسير به إلى الفندق، لتفاجأ به زوجه وطفلته بهذا الشكل، فتنطلق صرخاتهما ويعلو بكاؤهما...
    وكل ذلك هين فعلًا! إذ إنه نظر إليَّ متمتمًا بحياء: (لا تؤاخذني! لم أنتظرك لأنفذ لك الوعد! لكن، حينما يخف هذا الألم سآخذك معي لتمسك بالحبل، وتصل إلى الحجر الأسود، ربما غدًا)!
    سألتُه (غير مصدق ما يقول): غدًا؟!
    تمتم (بحياء أكبر): غدًا، أو، أو بعد غد، نعم، بعد غد على الأكثر، لأن...
    قاطعتُه (بحزم): لا غدًا، ولا بعده، ولا بعد بعد بعده! أنا لا أريد الوصول إلى الحجر الأسود، ماشي؟!
    هتف (مستنكرًا): كيف؟ هل هناك من (يَصِحُّ) له أن يصل إلى الحجر الأسود ويرفض؟؟
    قلتُ له (ببعض السخرية): يا أخي، أنت (صِحّ) بالأول، وبعدها انظر إن كان (يَصِحّ لك) أن تصل إلى الحجر الأسود!
    واستطردتُ (ببعض السخرية، لكنها أقوى من المرة السابقة)!: لولا أن الله رحمني لأغفو، لذهبت معك، أفتريدني أن يرحمني ربي من عنده، فأرفض الرحمة، وألقي بنفسي إلى الهلاك!!
    ولا أعلم: هل كان يريد الاعتراض آنذاك، أم لا.
    إذ إنني: انصرفتُ مسرعًا، رحمةً به طبعًا، ليدخله الزملاء غرفته، لعله يستريح قليلًا.
    وما يزال: منظر هذا المسكين، بملابسه الممزقة، وجروحه المتعددة، ماثلًا في ذهني، رغم اثنتي عشرة سنة تفصلنا عن هذا الحدث.
    بل: ما يزال صوت بكاء عائلته الأليم، يَرِنُّ في مسامعي.
    وأنَّى: لفئات قليلة ممن يذهبون إلى العمرة أن يكونوا وحوشًا بهذا الشكل، ليلقوا بمن أمامهم أرضًا، كي يصلوا إلى الحجر الأسود قبلهم؟؟
    وهل: تُطلَب رحمة الله تعالى بهذا الشكل!!

  2. #22


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: الزمان، المكان، الحدث... متجدد

    الحلقة الثامنة عشرة _ خطر الموت!

    الزمان: عام 2006م.
    المكان: صحراء (على الأرجح)، لا يوجد سوى رمال تحيط بنا من كل حدب وصوب، ولا أثر لمخلوق واحد، أو حتى بيت أو دكان.
    الشخصيات: بين غاضب يتمنى لو يضرب السائق أو يدفنه في رمال الصحراء، وبين ممتقع الوجه خوفًا على امرأته وطفلته من الهلاك جوعًا وعطشًا، قبل أن يخاف على نفسه.
    وتطورت الأحداث: بفيض السباب واللعنات على رأس السائق الذي تسبب لنا بهذا الوضع الحرج.
    وعودة للبداية: كنا آنذاك قد أنهينا إقامتنا في مكة، وبات علينا الانطلاق إلى المدينة المنورة، وآخر أيامنا في مكة ذهبنا إلى عرفات، وكان الباص يترجرج يمينًا ويسارًا ويصدر أصواتًا غريبة، ما دفع بمسؤول الرحلة إلى تأكيد القيام بعملية فحص شاملة، ووعده السائق بذلك.
    ولكن المفاجأة (السعيدة): أن السائق لم يهتم بالذهاب إلى أي شخص يعمل في هذا المجال، ولم يَرَ في هذه المصيبة التي يعانيها الباص سوى أنه يستطيع أن يبطئ سرعته قليلًا (وسرعته ألعن من سرعة السلحفاة)، ولكن بدلًا من أن تستغرق الطريق 9 ساعات (ومع غيرنا 6 ساعات)، فلتستغرق 13 ساعة مثلًا!
    ومن هنا: وجدنا أنفسنا فجأة في أرض رملية بعد فترة بسيطة من تركنا مكة، والباص قد أصدر صوتًا عنيفًا ثم توقف بغتة، ولم تنفع محاولات السائق لإدارته بعدها.
    على أن: مسؤولَي الرحلة كانا قد سألا السائق هل أصلح الباص وأجاب بالإيجاب، وبعد ما توقف بنا، أقرَّ بأنه لم يفكر أصلًا في أخذه إلى أي ميكانيكي، لأنه؛ وبكل بساطة؛ (لم يكن يرغب بذلك)!
    وكانت المحاولة الفاشلة: من أحد المسؤولين لتهدئة الأعصاب، بقوله إن ما يحصل (ابتلاء من الله تعالى) ليختبر به صبرنا، وعلينا أن نتوكل عليه، عزَّ وجلَّ.
    ونحن جميعًا ندرك: أن هذا الكلام صحيح لا جدال به، لكنه ينافي الواقع بكل بساطة، إذ إننا نتقبل هذا الكلام لو حصل العطل فجأة، أما أن السائق يعرف بأن الباص فيه مشكلة ما، ويَعِد بإصلاحها، ويكذب ليقول إنه قد أصلحها، فهذا ما لا يُحتَمَل، لما فيه من الاستهتار بأرواح المسافرين معه.
    ولا أعلم هل كان السائق حكيمًا: إذ لم يَرُدَّ على ما يسمعه من السباب والإهانات، أم أنه لم يجرؤ على الرد؟ فالإهانات كانت حادة قاسية لا يمكن احتمالها.
    ولستُ بصدد ذِكرها الآن، ولكني أذكر محاولة أحد المسؤولين معنا تهدئة الزملاء، فكان أن ارتفع صراخ أحد الرجال: (وحين تجوع طفلتي، هل ألقمها التراب الملتهب في فمها لتأكل؟؟ أم أتركها جائعة كل النهار وبعض الليل، حتى يبرد التراب، قبل أن أطعمها إياه؟ أم أن السائق "الرائع" سيلحس التراب بلسانه لِيُبَرِّدَه لها لتتمكن من أكله إن لم تحتمل الجوع)؟!
    وأكتفي بما قاله هذا الرجل، فلقد دارت حوارات أشد قسوة وسوءًا، وحاول المسؤول مرة أخرى أن يذكر الزملاء بأنهم راجعون من (العمرة)، ولا يجب أن يضيعوا الحسنات، فارتفعت الهتافات بأن سباب مثل هذا السائق يدخل في باب الحسنات طبعًا!
    والطريف أن مسؤول الرحلة هذا استنجد بي وبرفيق لي في الرحلة، وكنا نجلس في المقعد الأول، ولم نشارك في الحوار، لعلنا نتكلم مع "الركاب" ونقنعهم بالهدوء، فهتف رفيقي (متحمسًا): وهل بعد ما قاله الرفاق ما يقال؟ بارك الله بهم! يستحق سائقك هذا الكلام وأكثر!
    وما يجب توضيحه هنا أن معظم الركاب لم يكن معهم أي طعام، وتركوا ما تبقى من نقودهم القليلة لأجل أيام الإقامة في المدينة، بعد أن أنفقوا معظم النقود في أبراج مكة (أقنعهم أحد مسؤولي الرحلة بألا يشتروا إلا من أبراج مكة)، فوجدوا أنهم قد دفعوا مبالغ باهظة وأثمانًا مضاعفة لبضاعة يمكن شراء أضعافها من السوق الشعبي بتوفير مبلغ لا يستهان به، لذا كانت الثورة عارمة فعلًا، وشبح الهلاك جوعًا وعطشًا يلوح أمام الأعين...
    ولكن الله تعالى تغمدنا برحمته، إذ مَرَّت سيارة بقرب باصنا، وأسرع بعض الزملاء يلوحون بأيديهم، وكاد أحد المسؤولين يقفز من نافذة الباص، والحمد لله أن قائد السيارة انتبه إلى ما يحصل، فتوقف، وبشهامة يُشكَر لأجلها، ساعدنا بأن أخذ مسؤولي الرحلة معه، ثم عادوا بعد مدة ومعهم ميكانيكي، فحص الباص، وأصلحه، لكن مؤقتًا!
    و(مؤقتًا) هذه تعني أننا نستطيع الانطلاق بالباص، لكن بشرط ألا يسرع السائق به، وأن يقوم بتبديل قطعة ما بالباص في المدينة، وإلا فقد يتوقف بنا الباص مرة أخرى.
    وببساطة كان لا بد من ورشة عمل كاملة للباص، لكن ليكن ذلك لاحقًا، أما الآن فالمهم أن الباص عاد إلى الحياة، وتابعنا الرحلة، وذلك الأب يحتضن طفلته بحنان، كأنما يدعو الله تعالى بأن يحميها من كل سوء.
    غير أن المنظر المؤلم الرهيب، تجلى في وقفة الباص أمام إحدى الاستراحات، وذلك لينام السائق (مثل عادته) كل ما انطلق بضع ساعات، ينام ضعفها... ولقد غادرنا الباص، ووقفت تلك الطفلة مع والدها، وإذ بأحد الركاب يقترب متحمسًا ليلعب معها، (وكانت الطفلة نفسها تتملص من ذراعي والدها في طريق الذهاب مادة يديها إلى هذا الراكب ليحملها، وتناغيه وتقبِّله، كأنما تعرفه من أعوام)!
    ويبدو أن الراكب شعر بالامتنان لهذه الطفلة، وأراد ملاعبتها، فطلب إلى والدها أن يمسك بها من ذراعيها، ليرفعها هو من قدميها، ويحرِّكانها في الهواء، فكان رد الوالد (آه)، وحين سأله إن كان قد أمسكها ليبدأ بملاعبتها قال الوالد (آه) مرة أخرى...
    ولم يخطر لنا أن الوالد كان شاردًا ويَرُدُّ بهذه الـ(آه) تلقائيًا من دون انتباه، فكان أن رفع الراكب الطفلة من قدميها فجأة لتنقلب على أم رأسها بخبطة مدوية انخلعت لها قلوب الجميع!
    وهنا... هنا فقط أفاق والدها من شروده! وأسرع يحمل طفلته ويجري لا يعلم ما يفعل، وركض خلفه بعض الركاب تضامنًا، وكأنهم في سباق ماراتون! ولحق بهم مسؤولا الرحلة ليرشدا الوالد إلى ضرورة غسل رأس الطفلة، وأين يفعل ذلك، ولعلهما انطلقا إلى صيدلية ما لشراء دواء لها...
    غير أن العجيب الغريب، أن الطفلة؛ فيما بعد؛ وكان والدها يحملها كعادته، رفعت يدها لتضرب يد الراكب وتحاول التمسك به ليحملها!
    فعلًا: (ضرب الحبيب زبيب)!!!

  3. #23


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: الزمان، المكان، الحدث... متجدد

    الحلقة التاسعة عشرة _ مجاملة


    الزمان: ما بين منتصف الثمانينات وما بعد منتصف التسعينات!
    وذلك: لزوم التمويه طبعًا!
    المكان: المدرسة
    تحديدًا: أحد الصفوف
    الحدث: معلمتنا تشرح لنا الدرس بأسلوب مذهل، فابنها (يقبر قلبها) يحب الكوسا باللبن، ولا يحب اللوبياء باللحمة! وهو (الله يحميه) يحب الكرتون (...) وبالأخص البطل (...)
    وإذ: بتلميذة تقاطعها متسائلة باهتمام: مدام، كم عمركِ؟
    المعلمة (بفخر): 36 سنة...
    المعلمة (تضيف بثقة وبساطة): بس!
    لا أدري: هل نظرت إلى المعلمة غير مصدق أم لم أفعل...
    ولكنها: توجهت إليَّ بالسؤال المهم: وأنت ماذا تقول؟
    أنا (بثقة): قريبًا من هذا!
    المعلمة (يحمر وجهها تواضعًا): كم تقريبًا؟
    أنا (هاتفًا بحماسة شديدة): 54 سنة...
    أنا (أضيف بثقة وبساطة): بس!
    وانفجرت المعلمة تصرخ في وجهي!
    الحق عليَّ أنني (جاملتُها) ولم أذكر الحقيقة!
    أهذا جزاء المعروف!


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...