الحلقة الرابعة _ شاورما بجبنة

الزمان: شهر تموز، عام 2009
المكان: منزل حضرتنا المتواضعة
الحدث: التأكد من موهبتي في عالم الطبخ

تفاصيل الحدث الأول (الحدث الطبخي)!:
الخطوة الأولى: حضرت صينية شاورما وأدخلتها الفرن، على نار متوسطة، وانتظرت حوالي 8 دقائق.
الخطوة الثانية: فتحت باب الفرن، وألقيت فوق الشاورما بجبنة قشقوان مبروشة!
السبب: هكذا ستصبح أطيب، لا شك في ذلك!
الخطوة الثالثة: نزلت لأشتري زجاجة بيبسي، وإذ بأحد أصدقائي تحت منزلي.
جملة استطرادية: صديقي هذا يحب الشاورما حبًا جنونيًا، ولا يستطيع إلا أن يأكلها يوميًا.

تفاصيل الحدث الثاني (حدث العزيمة):
أنا: ما رأيك أن أدعوك إلى الغداء؟ أعددتُ صينة شاورما (غير شكل)!
هو، (وعيناه تبرقان): شاورما؟!
أنا: بل ووضعتُ فيها جبنة، وليس أي جبنة، بل جبنة قشقوان!
هو، (وعيناه تبرقان): جبنة قشقوان!
أنا: وسأشتري البيبسي وأصعد لآكل، وقد دعوتك إلى الغداء معي.
هو، (وعيناه تبرقان): شاورما؟! جبنة قشقوان!
شعرت بالسعادة لأني سأسعد هذا الصديق الذي أحبه، واشتريت البيبسي (زجاجة كبيرة)، فصديقي يشرب البيبسي أكثر مما يشرب الماء.

تفاصيل الحدث الثالث (حدث الوليمة):

صعدنا إلى البيت، ودعوت رفيقي ليجلس على الكرسي أمام طاولة الطعام، معززًا مكرمًا، واتجهت إلى الفرن، لأطفئه، وأفتح بابه، وأخرج صينية الشاورما منه، متجهًا بها_بكل فخر بإنجازي في الطبخ_ إلى طاولة الطعام، و...
صديقي (في ذهول): هل هذه شاورما دجاج؟ أم شاورما لحم؟ أعرف بوجود هذين النوعين، لكني لا أرى أمامي سوى شاورما فحم!
أنا (مبتسمًا): المهم شاورما يا رجل! ولا تنسى، هذه شاورما...
وتابعت (كأني أذكر له ذلك أول مرة): فيها جبنة قشقوان!
صديقي (يفرك عينيه، ناظرًا إلى الصينية): الله وكيلك، لست أدري أي منهما شاورما، وأي منهما الصينية! كلتاهما زنوج متفحمين!
أنا (متسائلًا): هل تريد أن تفوِّت على نفسك الشاورما؟ أنت حر!
صديقي (وقد نسي الاعتراضات كلها): لا، لا، من قال ذلك؟ سنتذوقها!
وغمس صديقي قطعة من الخبز وسط الشاورما، ليخرجها ممتلئة بها، ثم يضعها في فمه، ليبتدئ عملية الأكل، لأظن أنا أني أرى عينيه تدوران في محجريهما، تريدان الفرار من موضعهما، لشدة (حلاوة) ما يأكل... ولا أدري صراحة كيف تمكن من ابتلاع اللقمة 😀 لكنه انقض بعدها على زجاجة البيبسي الكبيرة ليفرغ حوالي ليتر ونصف في جوفه دفعة واحدة!

تفاصيل الحدث الرابع (خطة الفرار):

صديقي (بحماسة): أين ال... آه؟ أه! الحمام!
أنا (بحماسة مماثلة): خلف هذه الغرفة قرب الممر، تجد ال... الآه؟ آه! الحمام!
صديقي (بسعادة): حسنًا، أنا ذاهب إلى الحمام!
أنا (بسعادة مماثلة): حسنًا، أنت اذهب إلى الحمام!
وانسلَّ صديقي ليدور حول الغرفة متجهًا إلى باب الخروج، فاتحًا إياه بكل الحذر، ويبتدئ النزول على الدرج...
أنا (بصوت عالٍ): إلى أين؟
صديقي (بجفول): أأأأأه!! هـ... هذا أنت؟ كيف؟
أنا (بهدوء): هل ظننت أن خطتك عبقرية إلى هذه الدرجة؟ ثم إنك نسيت شيئًا مهمًا...
هو (بدهشة): وما هو؟
أنا (بتهكم): إننا لم ننقل الحمام إلى الدرج بعد!
أنا (بجدية زائفة): فإياك، ثم إياك، أن تفعلها هنا! ستبهدل نفسك أمام الجيران!
صديقي (بجنون): وااااااااااااااااااااااااااع!!

تفاصيل الحدث الأخير (الختام):
أنا: صديقي، أنت هنا، جيد أني رأيتك، أنا أدعوك إلى الغداء!
صديقي (بحماسة جارفة): أعوذ... أقصد لا لا، أنا تغديت الآن، والله العظيم!
أنا: يا خسارة! كنت أنوي أن أدعوك كي ننزل إلى طرابلس، لنأكل!
صديقي (كذلك بحماسة جارفة، ولكن حماسة سعيدة): نعم، نعم، صحيح أنني قد تغديت، لكن ما يزال في المعدة متسع كبير!
أنا (متظاهرًا بالحماسة): جيد، جيد، إذًا سأدعوك غدًا إلى المطعم، بشرط ألا تكون قد تغديت قبل، وذلك حتى تأكل وفق الأصول، أما الآن، فتفضل معي إلى البيت لتملأ متسع معدتك بشيش طاووق لم تأكل له مثيلًا في حياتك!
صديقي (في جنون): ولييي!! أعوذ بالله! معدتي ممتلئة عن آخرها، ولا مكان فيها نهائيًا.
ثم يبادر صديقي بالفرار، ويتكرر هذا الموقف، كلما أردت أن أدعوه إلى الطعام، سواء أكان فطورًا أم غداءً أم عشاءً... ثم سافر صديقي بعد ذلك، وأنا أعتقد، وربما أجزم، أنه لن ينسى طعم الشاورما (الرائع) الذي أطعمته إياه، فحتى في بلاد الغربة لن يستطيعوا أن يأتوا بمثل الشاورما التي طبختها له آنذاك...
ملحوظة قبل الختام (لتوكيد ما أقوله لكم الآن): راسلتُ صديقي بعد سفره بسنوات، وحينما
سألتُه إن كان يتذكر طبخة الشاورما بجبنة قشقوان... رد متحمسًا مؤكدًا أنه قد تغدى الآن!!
فهل من متشكك ببراعة طبخي النادرة، وأنهم في بلاد الغربة لن يستطيعوا أن يُنسُوا صديقي طعم فمه!!