حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 20 من 40

العرض المتطور

  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    عودة ما بعد الختام 4

    توجَّه طبيب البنج بالأمر إلى مساعده، قائلًا: (أعطِه في المصل، عيار 2×2 من البنج)
    هتف المساعد مصعوقًا: (مــ...ماذا؟ لقد وضعتُ له عيار 3×3)!
    صاح طبيب البنج، مصعوقًا بدوره: (كـــ... كيف؟ ألا تعلم ما يعني ذلك)؟
    شعرتُ بالتوتر، مع كلامهما، فهتفتُ بهما: (وماذا يعني ذلك؟ هل من خـ...)
    لا أعلم إن كنتُ تابعتُ كلامي هنا أم لا، ولكني وجدتُ نفسي فجأة وحدي، أشعر بإعياء شديد، وأتاني صوت أنثوي يقول بهدوء: (لقد انتهتِ العملية).
    أومأتُ برأسي موافقًا، وأنا لا أكاد أعرف أين تقف صاحبة الصوت، ولكنها تابعَت بهدوء: (سنعيدك إلى غرفتك، مستعد)؟
    ابتسمتُ ساخرًا، رغم الإعياء الذي أعانيه، فما معنى أن أكون مستعدًا؟ وما هو الاستعداد الذي يمكن لي أن أمتلكه، وأنا لا أقدر حتى على تحريك أي عضو في جسمي؟!

    شعرتُ بالسرير الذي أنام عليه يتحرك، وفقدتُ الوعي (حتمًا)، لأنني وجدتُ نفسي في غرفتي، وهناك كان يجلس أعز أصدقائي، أتى إلى المستشفى ليطمئن عني، وعلم أنني في غرفة العمليات، فظلَّ منتظرًا أكثر من أربع ساعات، لم يتحمل أن يغادر قبل أن يراني ويطمئن، والحمد لله تعالى، أنني رغم الإعياء الشديد تمكنتُ من الكلام معه، والتركيز في كل ما يقوله، وقضينا وقتًا لا بأس به، قبل أن يغادرني، وبعد ذلك اعتمدتُ على نفسي، لأنهض من السرير وأمشي ممسكًا بحامل المصل، وأدخل الحمام، لم أتحمل فكرة ضغط الجرس لاستدعاء الممرضات لمعاونتي على ذلك، وأدعو الله تعالى ألا يضعني في مثل هذا الموقف أبدًا، وأن نكون ممن يدعوه: (ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبدًا ما أحييتنا)، ويستجيب لنا ذلك.

    عدتُ إلى سريري، أتمدد عليه، شاعرًا بضغط مزعج في صدري، ولكن... لم أجد أن حلقي متخشب مثلما حصل في العملية السابقة، بل كان هناك بعض الألم الذي يمكن احتماله، كما لم أشعر بأنفي يحترق ألَمًا، والحمد لله أن البنج لم يحرق يدي، كل الهراء الذي حصل في العملية السابقة لم يكن موجودًا الآن، بفضل الله تعالى.

    وأتى الطبيب، ليخبرني مرة أخرى بأن الغضروف الملتوي لم يستطع أن يغير في وضعه شيئًا، كي لا يتسبب ذلك في ترك مزيد من الفراغ داخل الأنف، ويكفي ما سببه نزع اللحمية بأكملها في مقدمة الأنف، ولا داعي لنزيد الطين بلة كما يقولون، ونظف الطبيب؛ كما قال؛ كل الجيوب الأنفية، كما فتح المسرى في لحمية الأنف التي قرب الأعين وأعلى منه، للتنفس، ولإخراج البلغم، ولكن، كل ذلك قد لا يأتي بنتيجة إيجابية مُرضية، وقد يأتي، والخوف؛ كل الخوف؛ أن نضطر إلى وضع جهاز السليكون في الأنف.

    انصرف الطبيب بعد أن حدَّد لي موعدًا في العيادة لنزع الفتيل، قال يمكن لي أن آتي بعد يومين، في أي لحظة أشاء، ما بين الواحدة والرابعة، وطمأنني بأنه لم يضع الفتيل آخر الأنف، بل وضعه فوق اللحمية، ما يعني أن نزعه هين إن شاء الله...

    الأمر المستفز الوحيد هنا، أن الفتيل كان يتدلى خارج الأنف! (لقد نزع الطبيب القطن لأتنفس من أنفي، وكي لا يحتقن الدم الذي يسيل كل فترة)، والفتيل مثل السماعة الطبية التي تخرج من الأذن، مع فارق الحجم طبعًا، ولكن لا بأس، كل شيء سأحتمله في سبيل الشفاء بإذن الله، ولكن، لن أنام هنا، طلبتُ الممرضة، فجاء ثلاث! ممرضتان، ومسؤولة القسم، وقامت مسؤولة القسم بتنظيف الأنف جيدًا، وإذ أخبرتها بأنني سأخرج الآن، وضعت لي بعض القطن عليه، فقط لأصل إلى البيت، وأنزعه بعدها، ثم كان فلم الرعب الثاني، ستنزع مسؤولة القسم الإبرة من يدي! نظرتُ إليها متوجسًا، هامسًا بتوسل: (أرجوكِ، أريد بعض البنج)، ابتسمت الممرضتان، فيما توقفت هاتفة في دهشة: (كيف ستخرج؟! أنت تشعر بالألم الشديد، وتطلب البنج، فكيـ...)، كان صوت الممرضتين يرتفع بالضحك مع كلامها، ولقد قاطعتُ هذا الاستطراد منها: (أنا لا أشعر بالألم الشديد، لكني أخاف الإبرة، فقط)! سألتني مستنكرة: (تخاف الإبرة ولا تخاف العملية والدم و...) قاطعتُ كلامها مرة أخرى: (كل هذا هين لين، ولكن اسحبي الإبرة بهدوء، ترفقي بي، أو ضعي المخدر لـ.... آآآآآآي)!!
    يا لها من مسؤولة قسم عملية فعلًا! فهمت ما أخافه، ولكنها لن تضع المخدر في يدي لتسحب الإبرة، بل قامت بسحبها مباشرة بــ(هدوء) تام، كما قالت لي! وإن كان هذا هو (الهدوء) فكيف يكون (العنف) في سحب الإبر، إذًا؟!

    طلبتُ صديقًا لي ليأتيني، لأرجع معه، لأنني لن أقود سيارتي في هذا الوضع (الدم يسيل من تحت القطن والضماد)، وسأغتسل بالدم فعليًا إن قدتُ سيارتي، ولبى صديقي طلبي، وأتى، ناولته المال لينزل إلى الصندوق ويدفع، ففعل ذلك، وهممنا بالمغادرة، وإذ بمسؤولة القسم تأتي بسرعة، لتسألني إن كنتُ أحب أن تأتيني بالمقعد المتحرك لأجلس عليه، وتقوم هي بدفعه حتى سيارة رفيقي، مهما كانت بعيدة عن المستشفى، ولكني رفضتُ ذلك، لا لخوفي من أن تكون مثل تلك الممرضة التي خبطت المقعد بجدار المصعد، وبكل شيء تراه، بل لأنني لا أتحمل هذا، طالما أنني أستطيع المشي، فلماذا أجلس ويدفع المقعد بي أحد؟ لا أتحمل ذلك، لو كان رجلًا من يعرض عليَّ هذا الأمر، فما البال وكيف الحال، وامرأة هي التي تعرض ذلك؟

    وصلتُ بيتي أخيرًا، لأنزع القطن والضماد، وأصفي بعض الدماء، وآخذ حبتين من الدواء المسكن، ثم أنام نومًا عميقًا، كنت أستيقظ أحيانًا، أشعر ببعض الدم يسيل، ولكن ليس بتلك الغزارة الرهيبة التي مررتُ بها في العملية السابقة، وبدأتُ بالأدوية من اليوم التالي، أدوية الالتهاب والبخاخات، ومساء توجَّه رفيقي إلى الموقف المخصص للسيارات قرب المستشفى ليعود بسيارتي، وكنتُ على وشك النوم حينما اتصل بي، فرددتُ متسائلًا: (ماذا هناك يا...)؟ أتاني صوت غريب يقول (بونسوار)!
    شعرتُ بأنني أهذي! صديقي لا يرد إلا بـ(السلام عليكم)، ثم كيف تغير صوته بهذا الشكل؟ ولكن الغموض انتهى، مع استطراد صاحب الصوت بحذر: (هل لديك سيارة عندنا)؟ أجبتُه بسرعة: (نعم، وأرسلتُ صديقي ليأخذها)، سألني: (وكيف أعر...)، قاطعتُه: (لقد طلبتُ منك أن تغسلها إلى جانب إبقائها ليلة عندكم)، اقتنع الرجل وسلَّم السيارة إلى صديقي، الذي عاد بها وأوقفها قرب بيته، لأنه لم يجد مكانًا واحدًا قرب بيتنا.

    ثم أتى يوم الخميس الرهيب (الخميس الماضي تحديدًا)، سينزع الطبيب الفتيل، اتصلتُ بصديقي لننزل بسيارتي، فأتاني بها، اتجهنا إلى عيادة الطبيب، وغادر رفيقي لأنه مرتبط ببعض الأعمال، وفي العيادة قالت السكرتيرة إنه يجب أن أنتظر فترة طويلة، لتدخلني بين المواعيد، لكن كيف أنتظر؟ الفتيل يخرج من الأنف، ويبدو كأنه قطعة دم سوداء متجمدة، وبالتأكيد إن من سيرى منظري سيظن أنني (لم أنتبه) إلى الدم الخارج من أنفي! عدا عن الدم الذي يسيل فعلًا، فأخرجتُ هاتفي لأرسل إلى الطبيب عبر الواتس أب، ومباشرة طلبت إلي الممرضة أن أدخل!

    جلستُ متوترًا خائفًا، ومدَّ الطبيب بأداته نحو أنفي، لأمسك بيده بحركة غريزية، فقال معاتبًا: (دع يدي، كيف سأشتغل)؟ كان الطبيب محقًا فعلًا في كلامه، لذا تركتُ يده، وقررتُ أن أكون شجاعًا، فأبعدتُ وجهي بأكمله كي لا أرى ما يحصل، وليتمكن الطبيب من أداء عمله، ولكن...
    لم يحصل شيء! لم ينزع الطبيب الفتيل! لماذا؟ ماذا قد حصل؟!

    تابعوا معنا

  2. #2

    الصورة الرمزية Jomoon

    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    5,621
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~


    مؤلم مؤلم مؤلم
    الألم كبير ولا يطاق
    أعانك ربي وكتب جزيل الأجر لك
    وشفاك وعافاك إنهُ ولي ذلك والقادر عليه،
    انسلخ البشر من إنسانيتهمـ وتجردوا منها،
    فحسبي الله ونعم الوكيل
    وكفى به حسيبا،
    أوصيك بأمرين
    الدعاء والدعاء والدعاء
    وخاصة في أوقات الإجابة
    لعل الحجب تفتح ويستجيب الله لك
    ثانياً اقرأ عليك ولو القليل من القرآن وانفث
    على موضع الوجع وعلى ماء لتشربه لاحقاً
    ومن الجميل أن تصب القليل عليك أو تمسح به وجهك
    وعلى بعضٍ من جسدك لعل الله إن يشفيك

    قال عزوجل:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)}
    لعلك تدرك الرحمة والشفاء،
    أسأل المنان بعزته وقدرته
    أن يلبسكم الشفاء لباساً لا ينزع أبدا،
    ولتعلم أن الله بعزيزٍ قادر ففوض الأمر له وانطرح بين يديه
    اللهم ارحم عبدك يارب العالمين،

    باركك ربي،
    في حفظ المولى،،
    ~

  3. #3


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Jomoon مشاهدة المشاركة
    السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~


    مؤلم مؤلم مؤلم
    الألم كبير ولا يطاق
    أعانك ربي وكتب جزيل الأجر لك
    وشفاك وعافاك إنهُ ولي ذلك والقادر عليه،
    انسلخ البشر من إنسانيتهمـ وتجردوا منها،
    فحسبي الله ونعم الوكيل
    وكفى به حسيبا،
    أوصيك بأمرين
    الدعاء والدعاء والدعاء
    وخاصة في أوقات الإجابة
    لعل الحجب تفتح ويستجيب الله لك
    ثانياً اقرأ عليك ولو القليل من القرآن وانفث
    على موضع الوجع وعلى ماء لتشربه لاحقاً
    ومن الجميل أن تصب القليل عليك أو تمسح به وجهك
    وعلى بعضٍ من جسدك لعل الله إن يشفيك

    قال عزوجل:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)}
    لعلك تدرك الرحمة والشفاء،
    أسأل المنان بعزته وقدرته
    أن يلبسكم الشفاء لباساً لا ينزع أبدا،
    ولتعلم أن الله بعزيزٍ قادر ففوض الأمر له وانطرح بين يديه
    اللهم ارحم عبدك يارب العالمين،

    باركك ربي،
    في حفظ المولى،،
    ~
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    نعم يا أختي الكريمة، الألم كبير، وما زلت أعاني آثاره حتى الآن، والحمد لله دومًا
    أما من تجردوا من إنسانيتهم، فإننا نثق بأن الله تعالى لن يتركهم من دون عقاب
    بارك الله بكِ بكل حرف في الوصيتين، وإن شاء الله تعالى سأواظب عليهما
    وكل الشكر لحضرتكِ للدعاء الطيب، أسأل الله تعالى أن يحفظكِ بحفظه ورعايته.



المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...