حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

[ منتدى قلم الأعضاء ]


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 40 من 40
  1. #21


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر


    الحلقة التاسعة عشرة والأخيرة

    شعرتُ بالمرئيات تتلاشى من أمام عيني مع وعيي، وبدفقة دم أخرى تندفع من فمي، وفقدتُ وعيي نهائيًا ربما لثماني عشرة ساعة تقريبًا!
    ولكن الغريب أنني؛ حينما أفقتُ أخيرًا؛ لم أشعر بأني استعدتُ ولو جزءًا بسيطًا من تركيزي ونشاطي، بل ظللتُ متهالكًا، ولولا الساعة التي أمامي لما صدقتُ أنني كنتُ غائبًا عن الوعي، وذلك لاستعادتي إياه، وأنا على الحالة نفسها.
    وأخيرًا أتى يوم الثلاثاء، ي
    وم نزع الفتيل، وأحداث ذلك اليوم الدامي تتكرر في ذهني بتفاصيلها الدقيقة، رغم مرور ثلاثة عشرة سنة عليها، لكن هذا الطبيب كان واعيًا إلى ما يفعل، وليس أهوج كالطبيب الأول، نزع الفتيل بمنتهى الرفق، ومع هذا تألمتُ منه، ثم كان الألم الأقسى مع نزع الفتيل من الجهة اليسرى، وهي الجهة التي كنتُ أعاني منها أكثر قبل العملية، ووضع الطبيب بعض البنج قبل أن يُخرِج من الأنف أشياء مثل الإسفنج، قال إنه يضعها قبل الفتيل عادة، وحين سألتُه بِمَ سأشعر بعد زوال هذا البنج، وكان أنفي ما يزال يؤلمني من نزع الفتيل، قال لي إن الألم لن يستغرق سوى خمس دقائق، وبعدها لن أشعر بشيء، وسألتُه لِمَ لَمْ يضع البنج قبل نزع الفتيل، فأبدى استنكاره ذلك، وكيف يستطيع إدخال البنج بوجود الفتيل أساسًا؟
    كان الطبيب بارعًا أكثر مما يتصور، إذ لم تمرَّ سوى دقيقتين أو حتى أقل، حتى زال الألم تمامًا، ولم أعد أشعر بأي ضيق، إلا من القطن الذي طلب مني وضعه داخل أنفي، لأنه حرمني لذة التنفس الرائعة التي أحسستُ بها بعد نزع الفتيل، ولكن الطبيب كان يعلم ماذا يفعل، لم يُرِد لي أن ألوِّث نفسي بالدم، وقد سال منه الكثير بالفعل، وأقصد الدم الأحمر القاني، بعد فترة بسيطة من وصولي منزلي ونزع القطن من أنفي، لأدخل في غيبوبة أخرى وأخيرة... ثم بعدها حان وقت الدم الأسود المحتقن مع الالتهابات منذ سنوات طوال، ربما ستة عشرة سنة والالتهاب يتضاعف، ومرَّ اثنا عشر يومًا متتالية، وهذا الدم يخرج يوميًا بكميات كبيرة، الطبيب قال إن الأمر سيستغرق أسبوعين أو ثلاثة، ثم إن شاء الله سأبتدئ أحسُّ بالفرق الكبير بإذن الله تعالى، ولا أنسَ أن أذكر هنا، أنه بعد نزع الفتيل بأيام، قام الطبيب بجلسة تنظيف للأنف، لم يَجِد داعيًا للعمل في الفتحة اليمنى حيث التصريف طبيعي، لكن الاحتقان الشديد في الفتحة اليسرى، وهكذا قام باستخراج قطع دم متجمدة سوداء، لا بأس بحجمها، ولم أشعر بأي ألم أو ضيق، وهو يقوم بعمله هذه المرة، والحمد لله تعالى.
    في هذه الفترة، اختفى أسيد المعدة عدَّة أيام، ثم حين بدأتُ أشعر به قليلًا، كان الدواء الذي وصفه لي هذا الطبيب حاضرًا، بدأتُ باستعماله مباشرة، محددًا لنفسي المهلة التي منحني إياها هذا الطبيب، وهي مدة أسبوعين، فإما الشفاء، وإما تحليل من نوع خاص، يقتضي بالنفخ في بالون، ثم تناول حبة دواء، والانتظار نصف ساعة، ثم النفخ مرة أخرى، وإرسال التحليل إلى بيروت لدراسته، والبحث عن جرثومة معيَّنة تسبب أسيد المعدة، وذلك لعلاجها العلاج الصحيح.
    غير أن الأمور لم تكن بهذه النهاية السعيدة المثالية، فربما كان الطبيب بارعًا وهادئًا في استخراج الفتيل، بل إنه في المعاينة الأخيرة نظر في أنفي وقال إن كل شيء تمام والأنف نظيف ومجرى التنفس رائع، ولا وجود للبلغم في الحلق، علمًا بأنني عانيتُ معاناة مريرة بسببه قبل قدومي إلى الطبيب! وإذ أخبرتُه بذلك، أدخل أداة رفيعة من أنفي ليغرزها داخل حلقي صائحًا بانتصار إنه قد سحب البلغم المحتقن بهذه الطريقة، وأنا أشعر بأن حلقي قد تمزق من موضعه!!
    والأسوأ من هذا أنني أدركتُ لاحقًا أنه لم يستعمل تقنية اللايزر التي تقاضى ثمنها، وذلك أن هذه المستشفى (العالمية) لا تمتلك التقنية من أساسها!
    ومع بقاء كثير من العوارض التي كنتُ أعانيها قبل العملية، ذهبتُ إلى طبيب آخر ولكني لم أخبره بأنني خضعتُ لعملية جراحية، وكانت النتيجة المذهلة (الغضروف تم تجليسه ولكن بكسر العظم حتى بات فيه ما يشبه الخندق! ولا وجود للحميات "والحمد لله"، ولكن هناك جيوب أنفية كبيرة متضخمة إلى درجة غير عادية، ولم تر التنظيف في حياتها)!
    ولكني لم آخذ بهذا الكلام، وأخضعتُ الأمر للعقل والتفكير المنطقي، هل هذا الطبيب يتكلم الصدق أم أنه يريد إجراء عملية لا داعي لها؟ فطلبتُ من الطبيب أن يكتب لي صورة سكانر، وفي مركز التصوير وبعد طول انتظار، أدركتُ الحقيقة المريرة... هذا الطبيب يتكلم الصدق ولا يكذب، ومع ذلك ذهبتُ إلى مستشفى خاص في بيروت، للمعاينة عند طبيب آخر هناك، والكلام نفسه لا يتغير، هناك جيوب أنفية كبيرة متضخمة إلى درجة غير عادية، ولم تر التنظيف في حياتها، بل وأضاف الطبيب كلامًا آخر، مفاده أن سائر الجيوب الأنفية تم تمزيقها تمزيقًا لفتح مجرى التنفس، بدلًا من تنظيفها!
    وبعد ذلك استدللتُ على طبيب ثالث، والإفادة نفسها، الجيوب الأنفية الممزقة هذه، وتلك التي تقترب من الدماغ متضخمة جدًا (لا يبدو أن الطبيب الذي أجرى العملية حاول الاقتراب منها، ولا أعرف السبب)!
    ولم أكن مستعدًا لإجراء عمليات أخرى بعد الذي شاهدتُه في تلك المستشفى التعيسة، وعلى يدي ذلك الطبيب الغشاش، وحتى اختبار أسيد المعدة لم يتم بالطريقة الصحيحة، بسبب خطأ وتضارب في الآراء بين الشباب (الرائعين) في المختبر!

    ولكني لم أترك نفسي مهملة من العلاج، وصلتُ بفضل الله تعالى إلى طبيب يخاف الله في فعله، ودخلتُ المستشفى لإجراء ناضور للمعدة، وأخبرتُ الطبيب؛ قبل ذلك؛ أنني سأرتدي ملابسي العادية تحت ملابس المستشفى وإلا فلينسَ الناضور هذا، واتفقنا على ذلك، ورغم هذا بدا لي أن المسؤول في غرفة العمليات لم يكن على علم بذلك، وهكذا كدتُ أغادر المسشفى وأرجع إلى بيتي، ولكن مديرة القسم عاتبت ذلك المسؤول، لأبقى أنا على راحتي...
    وكما كان الأمر قبل أيام، تلك الممرضة في المختبر سحبت الدم لإجراء تحليل معين، من دون أن أشعر بأي ألم من الإبرة، كان الممرض في غرفة العمليات بارعًا جدًا في غرز الإبرة لوضع كيس المصل، ولم أشعر بأي شيء، ولكن السماجة تمثلت لديهم بعد استيقاظي من البنج أنهم لا يريدون أن يتركوني أخرج، إلا إن أتى أحد لاستلامي، وكأنني طفل صغير، بل وكادت أعينهم تخرج من موضعها حينما علموا أن عندي شغلًا معينًا يستلزم قيادتي سيارتي بعد حوالي نصف ساعة!
    ولا أعرف هل أتيح لشخص قبلي أن يمسك بهاتفه الخلوي، وهو في غرفة العمليات، ليجري اتصالًا هاتفيًا، أم لا؟ ولكن صديقي الذي اتصلتُ به لبى الطلب وأتاني مسرعًا، وحين سأل عني لم تكن مسؤولة الاستعلامات في طابق العمليات تعلم أنني قد وصلت، فاتصل بي رفيقي لأرد عليه من غرفة العمليات، وأنا أسمع صوت صراخ وأنين المرضى الذين يدخلونهم الغرفة يكاد يُصِمُّ أذنيَّ!
    وإذ خرجتُ؛ أخيرًا؛ سلمتُ على رفيقي وشكرتُه بحرارة، وإحدى الطبيبات تهتف بي أن أذهب إلى بيتي لأنام، لأنني لا أدري متى سأغفو من دون أن أشعر، وضربتُ بنصيحتها عرض الحائط، وذهب رفيقي بسيارته، ورجعتُ أنا بسيارتي أقودها بشكل طبيعي لأنجز شغلي الذي استمر عدة ساعات، ومن بعدها رجعتُ إلى بيتي لأنام بعد العناء.
    ومع الدواء الذي وصفه الطبيب لي لاحقًا بدأتُ أشعر بالتحسن، ولكن مشكلة التنفس ما تزال قائمة مستمرة، وأنا لا أفكر بالخضوع لعملية أخرى، إذ كان الطبيب الأخير واضحًا معي كل الوضوح، وأخبرني بأن العملية لن تشعرني بالراحة أكثر من 30% في الحد الأقصى...
    أما قلبي فكان على خصام معي! من العام 2014 وهو ينبض بعنف، هكذا فجأة، من دون سابق إنذار، وطبيب القلب قال إنها مجرد خفقة في عضلات القلب ودواؤها بسيط، وبالفعل بعد سنة ونصف تقريبًا من العلاج اختفى هذا النبض العنيف، ومرت شهور طوال، وأنا لا أشعر بتلك الخفقة، ثم عادت مؤخرًا بعنف كما كانت، وحاولتُ تجاهلها عدة أشهر حتى لم أعد أحتمل، ولكن الطبيب الذي عالجني من قبل كان قد انتقل إلى رحمة الله تعالى من فترة، فكان أن ذهبتُ إلى ابنه، ذلك الابن الذي درس طب القلب مثل والده، وبرع فيه كثيرًا، وكان أن طلب إليَّ دخول المستشفى لوضع جهاز مراقبة نبضات القلب، وقد رافقني هذا الجهاز حوالي أربعين ساعة قبل أن يتم نزعه لقراءة النتائج، ومع أن هذه الخفقة المؤلمة لم تأتِني خلال هذا الوقت، إلا أن الجهاز رصد تسارعًا بسيطًا في النبض، وطلب إليَّ الطبيب أن أستعمل الدواء القديم نفسه، وهو دواء خفيف، إذ لا حاجة لأدوية ثقيلة (حاليًا)، ولكن الأشهر القليلة المقبلة ستحدد مسار العلاج... وأنا شخصيًا أكاد أتوقع الأسوأ، إذ إنني أفقد الوعي أحيانًا من فرط الألم من النبض المتسارع، بل إنني سبق لي أن تصببت عرقًا في أيام باردة، بسب هذا الخفقان العنيف...

    آمل ألا أكون قد أطلتُ عليكم...
    حفظكم الله تعالى وأهلكم من كل سوء...
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  2. #22

    الصورة الرمزية Dragonier

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    2,852
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    حمدًا لله على سلامتكم
    لا يمكن لأحد تخيل مدى المعاناة التي تعرضتم لها، حين يتحول الطب إلى تجارة وتجارب على البشر
    وكل طبيب يلقي بمشكلته على من سبقه من الأطباء

    طرح الأحداث واقعي جدًا ويتيح للقارئ تخيل المشاهد كأنه يحدث أمام عينيه
    كنت أتقرب كل جزء وكلي أمل بأنها ستكون ذات نهاية سعيدة نوعًا ما، لكن أعانكم الله على القادم من الأيام
    وشفاكم الله وعافاكم وكتب لكم الصحة والعافية وجعله كفارة لكم

  3. #23


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Dragonier مشاهدة المشاركة
    حمدًا لله على سلامتكم
    لا يمكن لأحد تخيل مدى المعاناة التي تعرضتم لها، حين يتحول الطب إلى تجارة وتجارب على البشر
    وكل طبيب يلقي بمشكلته على من سبقه من الأطباء

    طرح الأحداث واقعي جدًا ويتيح للقارئ تخيل المشاهد كأنه يحدث أمام عينيه
    كنت أتقرب كل جزء وكلي أمل بأنها ستكون ذات نهاية سعيدة نوعًا ما، لكن أعانكم الله على القادم من الأيام
    وشفاكم الله وعافاكم وكتب لكم الصحة والعافية وجعله كفارة لكم

    سلمكم الله أختنا الكريمة وحفظكم من كل سوء،
    نقول الحمد لله تعالى على كل حال، والله المستعان دومًا،
    وجزاكِ الله كل الخير لدعائكِ الطيب

  4. #24

    الصورة الرمزية تشيزوكو

    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المـشـــاركــات
    4,317
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    في الواقع كانت هذه تجربةً مريرةً لا تُحسد عليها!

    شافاك الله وعافاك، طهور إن شاء الله..

    من المؤسف حقًا ما وصل إليه الطب والأطباء الذين من المفترض أن ينقذوا الأرواح لا أن يزيدوا في عذابها..

    أسلوب سردك كان مشوقًا للغاية، ونهايات الحلقات تشدك بشدة للحلقة التي تليها!

    أسأل الله أن تتمكن يومًا من تسطير نهايةٍ سعيدةٍ مختلفةٍ للحكاية..

    في حفظ الله..

  5. #25


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تشيزوكو مشاهدة المشاركة
    في الواقع كانت هذه تجربةً مريرةً لا تُحسد عليها!

    شافاك الله وعافاك، طهور إن شاء الله..

    من المؤسف حقًا ما وصل إليه الطب والأطباء الذين من المفترض أن ينقذوا الأرواح لا أن يزيدوا في عذابها..

    أسلوب سردك كان مشوقًا للغاية، ونهايات الحلقات تشدك بشدة للحلقة التي تليها!

    أسأل الله أن تتمكن يومًا من تسطير نهايةٍ سعيدةٍ مختلفةٍ للحكاية..

    في حفظ الله..
    أسأل الله تعالى أن يحفظكم بحفظه أختي الكريمة
    وما حصل معي بعض الأحيان يبقى هينًا أمام صديق لنا أفاق من البنج خلال العملية الجراحية التي يستأصلون له فيها اللوزتين
    آلام فظيعة وهو لا يستطيع الصراخ حتى، ولا قريبة من أقربائي أدخلت طفلتها المستشفى لأمر بسيط، فكان أن ساءت حالتها، وبكل بساطة أخبروها
    في المستشفى أن بنتها تعرضت لفايروس قاس ومن المستشفى نفسها! نقول الله المستعان وكل الشكر لحضرتكِ أختي الكريمة لدعائكِ الطيب، ولرأيكِ المشرف في أسلوبي،
    هذا شرف كبير لي، بارك الله بكِ ولكِ.

  6. #26


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    ونرجع إليكم بحلقة (ما بعد الختام) مع دخولي المستشفى من ثلاثة أيام لإجراء عملية أخرى،
    وبانتظار نتائجها وتوابعها، كونوا معنا لعرض ما حصل، قريبًا جدًا إن شاء الله تعالى.

  7. #27


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    عودة ما بعد الختام 1

    لقد كسر الطبيب الغضروف بدلًا من تجليسه بطريقة صحيحة، حتى بات فيه ما يشبه الخندق داخله، والحمد لله تعالى أولًا وأخيرًا!

    آراء الأطباء توافقت، وكنت أمام مشكلة لم أعانِ مثلها من قبل، بعد تلك العملية الجراحية الخرقاء التي أجراها ذلك الطبيب (سامحه الله)

    وبعد تردد طويل، لسنة وأربعة أشهر، حسمتُ أمري مجددًا لأحاول الخلاص من هذه المشكلة المزعجة في تنفسي، وفي الخلاص مما أعانيه من الاحتقان

    ولكن...
    إلى من أُسَلِّم نفسي؟!

    هناك طبيب مميز في منطقة بعيدة يقصده الناس من كل مكان
    وابن أختي، وهو طفل صغير، سبق وخضع لعملية وضع أنابيب في أذنيه
    وإذ ذابت هذه الأنابيب لم يجرؤ طبيب واحد على انتزاعها
    والسبب أن انتزاعها مستحيل من دون بنج كامل وعملية جراحية
    أما هذا الطبيب فقد تمكن من سحبها ببساطة تامة وخلال ثوان معدودات!

    هذا الطبيب حينما رأى صورة السكانر كان رأيه أنه لا بد من فتح الجيوب الأنفية المتضخمة
    قرب الدماغ، ومع ذلك لن نحقق راحة لنَفَسي أكثر من 30%

    وهناك طبيب آخر، درس في الجامعة الأمريكية، وأجرى صديق ثقة لي عنده عملية جراحية (قبل أن أفعل أنا ذلك مع الطبيب الأرعن الذي قطع شراييني وكاد يقتلني)
    وصديقي أخبرني أنه استراح بنسبة كبيرة بعد العملية عنده

    وقد زرتُه فعلًا وقام بالفحص وأخذ عينة للتحليل ليتبين وجود التهاب مزمن في الجيوب الأنفية
    وأعطاني علاجًا للتخفيف من هذا الالتهاب بقدر المستطاع

    ولكنه رأى أن الجيوب الأنفية التي تقترب من الدماغ لا داعي للاقتراب منها
    لم يَنْفِ كونها متضخمة على الإطلاق، ولكنه قال إنها نظيفة، والاقتراب منها الآن
    يشبه أن ينتزع أحدنا الزائدة تحسبًا لأن تلتهب يومًا ما!

    وبما أن الطبيب الأول البعيد من منطقتي لا يجري عمليته سوى في مستشفى بعيد جدًا
    ولا يأتي صوب مناطقنا، وبما أنه يجب أن نحجز موعدًا للعملية قبل عدة شهور
    فإنني استبعدتُه من حساباتي تمامًا

    وحسمتُ أمري لإجرائها مع الطبيب القريب الذي كتب لي أوراق دخول المستشفى
    لأحصل على الموافقة من تعاونية الموظفين

    وكما حصل المرة السابقة طلبوا صورة سكانر، على أن تكون جديدة
    لم يمضِ عليها ستة أشهر كَحَدٍّ أقصى

    أخذتُ هذه الصورة في مركز جديد للتصوير الشعاعي، يمتلك أجهزة حديثة
    وإذ عدتُ لاستلامها سلموني قرصًا مرنًا cd لأن التقنيات الحديثة لم تعد تعترف بالصور الضخمة الكبيرة، ولكني أصررتُ على استلام الصورة لأن تعاونية الموظفين تطلب ذلك

    ولم يرفضوا بالطبع، ولكنهم طلبوا مني بعض الوقت، لأن إخراج الصورة يحتاج وقتًا، كونها صورة 3rd وليست مثل الصور التقليدية

    وإذ هممتُ بالانصراف، توقفتُ لأسأل الطبيب المسؤول في مركز التصوير أن يقرأ لي صورة السكانر بالكامل
    وأخبرني بوجود التواء عنيف في الغضروف، وبأن الجيوب الأنفية ملتهبة، ولكن تلك التي قرب الدماغ متضخمة، ولكن لا التهابات فيها
    (يبدو بأن دواء الالتهاب الذي أخذتُه بعد الزرع قد أفاد، ما طمأنني إلى دقة عمل الطبيب الذي قررتُ أن أجري العملية عنده)

    ولكن المشكلة ليست هنا، المشكلة الأكبر ما قاله لي الطبيب في العيادة
    وأكده طبيب مركز التصوير

    الطبيب الذي أجرى العملية كان (ذكيًا) على ما يبدو، فقام بِقَصِ اللحمية في مقدمة الأنف بشكل همجي، وأكثر من اللازم، ما ترك فراغًا!
    وهذا الأمر لا يمكن حله نهائيًا، فلا توجد عملية تعيد اللحمية إلى موضعها

    ويبدو بأن هذا الأمر كان (أعظم) إنجازات الطبيب الأرعن، لأنه أراد بذلك (والله أعلم) أن يخدعني
    بأنني سأشعر ببعض التحسن في عملية التنفس، ولم يفعل شيئًا غير ذلك، اللهم إلا تكسير عظام الأنف من الداخل طبعًا!

    أما اللحمية التي في نهاية الأنف فلم يلمس منها شيئًا، وبالتالي؛ ومع احتقان الجيوب الأنفية؛ لم أعد أستطيع تصريف البلغم نهائيًا، وزاد أسيد المعدة الوضع سوءًا، فاختنقت طبقة الصوت عندي أكثر وأكثر، للأسف...

    اتجهتُ إلى المستشفى صباحًا، وذهني يستعيد ذكريات عشر سنين مضت وأكثر
    إنه المستشفى الذي دخلتُه عام 2007 لاستئصال اللوزتين...

    ومع انتهاء الملف الطبي في مكتب الدخول، أعطتني مسؤولة المكتب أوراقًا لتوقيعها،
    تفيد بمسؤوليتي عما سيحصل لي خلال العملية الجراحية (كوني المسؤول عن نفسي)
    وطلبت إليَّ تسليم الأوراق إلى زميل لها في مكتب آخر...

    اتجهتُ بالأوراق إلى ذلك الأخير، فَمَدَّ يده؛ قليلًا؛ قائلًا: (ناولني)!
    وضعتُ الأوراق أمامه، فعاد يقول: (ناولني)!

    نظرتُ إليه ساخرًا، ودفعتُ الأوراق أكثر من تحت الزجاج الحائل بيننا، لتلامس يده،
    لكنه عاد يكرر، كأنه آلة مبرمجة: (ناولني)!

    سألتُه متهكمًا: (ماذا سأناولك؟ هذه هي الأوراق؟ ناولنا أنت الأوراق المتبقية من عندك)!
    ردَّد الأخ، متفوقًا على الآلات المبرمجة: (ناولني)!

    نظرتُ إليه متهكمًا، لا أعلم هل أصابه العمى أم الخرف أم ماذا بالضبط،
    ولكنه؛ أخيرًا؛ تابع الكلام: (مئة ألف)!
    سألته بدهشة: (مئة ألف ماذا)؟
    ردَّ بحزم: (مئة ألف ليرة)
    سألته بالدهشة ذاتها: (مئة ألف ليرة ماذا)؟
    أجابني مبتسمًا ابتسامة عريضة: (للتأمين)!
    رددتُ مبتسمًا ابتسامة أعرض من ابتسامته: (يا عزيزي، اقرأ الأوراق في يدك أولًا، أنا أستاذ، وهذا يعني...)
    قاطعني كالمذهول من هذه المعلومة (وماذا يعني)؟
    رددتُ بحزم: (يعني أننا لا ندفع الآن، ندفع عند الخروج فقط، ونسبة 10%، لا أكثر ولا أقل)!

    ابتسم الأخ، ليخبرني بأنه يعرف ذلك، ولا يجب عليَّ أن أدفع شيئًا نهائيًا (يبدو بأنه يحب الدعابات المرحة)! وناولني ورقة من عنده، طالبًا إليَّ أن أتَّجه بها إلى المختبر، لإجراء التحليل اللازم، لتزول ابتسامتي
    ويملأ الهم والخوف قلبي

    يا للرعب!
    سأتعرض لإبرة في يدي بعد قليل!

    اتجهتُ إلى المختبر، أمشي خطوة وأقف مترددًا، وخاطر الفرار بنفسي يراودني
    وأعتقد أنني دخلتُ المختبر، بوجه شاحب، وناولتُ الورقة للممرضة المسؤولة،
    وأخذتُ أمشي يمينًا ويسارًا أمامها، فَظَنَّت؛ فيما يبدو؛ أنني مستعجل، فقالت لي مبتسمة:
    (اهدأ يا أستاذ، سيأتي دورك سريعًا، لا تقلق أبدًا، دورك محفوظ)!

    ما شاء الله!
    هكذا اطمأنت نفسي التعيسة!
    ألا تدركين، يا سيدتي، أنني أخاف قدوم دوري؟!
    وأنَّى لكِ أن تعلمي ما تعنيه الإبرة بالنسبة إليَّ؟!

    رغم أنني لا أطيق الانتظار، إلا أن الوقت مضى بسرعة هائلة،
    ونادت الممرضة باسمي، لأدخل المختبر، وأنا أسأل نفسي: (ترى، هل ستكون هي نفسها هنا)؟

    ألا تذكرون تلك المسكينة التي سحبت لي الدم آنذاك، وفقدتُ وعيي تقريبًا، فظَنَّت هي أنني مت، وأخذت تصرخ: (ولييي، لقد مات، لقد مات)؟!
    أعتقد أنها إن كانت ما تزال موجودة، فستستقيل حتمًا اليوم

    لم تكن الأخت نفسها موجودة، ولا أدعي أن ذاكرتي ستحتفظ بملامحها عشر سنوات كاملة،
    ولكن الممرضة التي أتت الآن كانت، على الأرجح، في أوائل العشرينات من عمرها، ما ينفي أي احتمال لتكون هي نفسها المسكينة التي كاد قلبها يتوقف رعبًا بسببي

    طلبَتْ إليَّ الممرضة أن أجلس على الكرسي الواسع، وأخذَتْ تنظر في يدي اليمنى
    ثم... ما... ما هذا؟! إنها تبتسم! كأنها وجدَتْ كنزًا!

    وها هي تحمل إبرتها المخيفة المرعبة
    ومن دون أن أتمالك نفسي، أبعدتُ يدي بسرعة، ووثبتُ من على الكرسي، وأنا أصرخ
    في وجهها بصرامة شديدة
    وأجفلتِ المسكينة، وكادت تنقلب أرضًا!

    تابعوا معنا

    التعديل الأخير تم بواسطة أ. عمر ; 2-1-2018 الساعة 06:53 PM

  8. #28


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    عودة ما بعد الختام 2


    بَدَت لي الإبرة سيفًا رهيبًا يتجه نحو ذراعي ليخترقها بلا رحمة، فوثبتُ من على الكرسي صارخًا في وجه الممرضة مباشرة: (إياكِ)!
    وأجفلتِ المسكينة مع هذه الحركة المباغتة، وتراجعت إلى الخلف فكادت تنقلب لضيق المساحة، ثم نظرت إليَّ بدهشة تختلط باللوم، ولكني لم أكن في وضعية تسمح لي بالمجاملات، فقلتُ لها بجفاف: (لا تغرسي الإبرة في يدي! حللي الدم ولكن من دون الإبرة)!
    ابتسمت الممرضة، قائلة: (لم أجد من يخاف مثلك، حتى الأطفال)!
    لم يزعجني هذا الكلام، فالإبرة فوبيا حياتي، بل ظللتُ أنظر إليها متوترًا، بانتظار الخطوة التالية، وهل أقدم على هذه (المغامرة) الرهيبة التي تحمل اسم (الإبرة)، أم أفِرَّ بروحي بعيدًا، وأبقى في معاناة التنفس والاحتقان الدائمين؟!
    ولكن الممرضة؛ جزاها الله خيرًا؛ كان لديها الحل فيما يبدو، إذ همَّتْ بقول شيء ما، ولكني سبقتها هاتفًا بأمل وتفاؤل: (لحظة، لقد قرأتُ على باب المختبر بسرعة عن تقنية غاز معين، يتم استخدامه للذين يخافون الإبــــ...)
    وهوى الأمل في أعماقي، وهي تقاطعني لتخبرني بأن هذه التقنية لا تُستَخدم إلا في وجود طبيب مختص، والطبيب هذا لن يأتي اليوم، ويجب إجراء التحاليل وانتظار طبيب القلب والضغط والبنج، وإلا فلن أستطيع إجراء العملية في الغد...
    كدتُ أنصرف هنا، ولكنها؛ جزاها الله خيرًا؛ استوقفتني، لتخبرني بأن لديها الحل بالفعل، ولم تتردد في استخدام مخدر موضعي، وضعَتْ لي منه على ذراعي، وطلبَتْ مني أن أنتظر ربع ساعة حتى يعطي مفعوله، وقد كان ذلك بالفعل، ولا أعلم هل هو مخدر موضعي فعلًا، أم أنها استخدمت معي تقنية الدواء الوهمية: (بلاسبو: Placebo)، ولم تضع سوى بعض السبيرتو فحسب، ولكني أعرف أنني كنت خائفًا، إذ أسلمها يدي مرة أخرى، وطلبتُ إليها أن تترفق بي قدر المستطاع، وإذ حملت الإبرة ورفعتها، سألتُها بخوف شديد: (كم)؟
    الممرضة: (كم)؟ (كم ماذا)؟
    أنا (أرتعد رعبًا): (كم... من الوقت... حتـ...)؟
    هي (مقاطعة، وبحماسة): (سنة ونصف)!
    نظرتُ إليها غير مصدق هذا الهراء! هل يُعقل أن يستغرق سحب الدم سنة ونصف السنة؟!
    ولم أحتفظ لنفسي بهذا الاعتراض، بل هتفتُ به بوجهها، فصاحت في استنكار شديد:
    (سحب الدم؟ ظننتُك تسألني كم لي هنا في هذا المختبر، فأجبتك أن لي سنة ونصف السنة...آي)!!
    هذه ال(آي) كانت مني، فالإبرة اخترقت يدي في هذه اللحظة، مثل الصاعقة الكهربائية، وظلت يدي ترتجف بعض الوقت، حتى بعد سحب الإبرة، وأشهد؛ رغم ذلك؛ أن العملية كانت هينة، والممرضة بارعة في عملها، لكني لم أجرؤ على سؤالها، هل وضعَتِ المخدر الموضعي فعلًا أم أنني لم أشعر بكثير من الألم لبراعتها؟

    اتجهتُ إلى الطابق الثاني، لتتابع الممرضة المسؤولة هناك تسجيل البيانات اللازمة، ومن ضمنها الأسئلة المستفزة الآتية: (هل لديك مرض في الضغط؟ هل معك سكري؟ هل معك غُدَّة)؟
    وهذه الأسئلة مستفزة لأنك تسمعها مرات عديدة، وكل شخص في المستشفى سيسألك عنها، واتجهتُ بعدها لأخذ صورة شعاعية للصدر، ولكن الاستفزاز كان في الانتظار ساعتين أو أكثر، حتى يحين دوري بعدها مع طبيبة القلب لإجراء الإيكو اللازم، ثم الانتظار ساعة أخرى، حتى يرانا طبيب القلب المختص (ولا أعلم لماذا يقوم بالإيكو شخص، ويخبرك بنتائجه شخص آخر، هل ليحققوا للمرضى مزيدًا من الانتظار)؟!
    واستقبلني الأخير هاتفًا: (هل لديك مرض في الضغط؟ هل معك سكري؟ هل معك غُدَّة)؟
    أجبتُه، كما أجبتُ الممرضة السابقة، وتواليًا على الترتيب: (لا، لا أظن، لا وفق علمي)!
    فسألني مبتسمًا: (وماذا أفعل بكلمة "وفق علمي" هذه؟ أريد أدلـة وبراهين)!
    أجبتُه ساخرًا، متظاهرًا بالجدية: (نعم، هذا حقك محقق كـ... أقصد هذا حقك يا دكتور، ولكن انظر في شاشة الكومبيوتر أمامك، تجد الإجابة)!
    نظر إليَّ لا يدري هل أتكلم جادًا أم لا، فتابعتُ بتهكم واضح كل الوضوح: (أعرف أن كل البيانات يتم وضعها في ملفي على الكومبيوتر لديكم، وأنت الآن ترى ملفي حتمًا، وإلا ما استدعيتني، فماذا ترى لديك وفق نتائج التحليل المخبري)؟!
    لم يُحِر الطبيب إجابة ما هنا، بل حمل جهاز قياس الضغط، وهو يخبرني بأن تخطيط القلب سليم تمامًا تقريبًا (لم أستطع الموازنة بين "تمامًا" و"تقريبًا"، ولكن لا بأس) وإذ انتهى الطبيب من قياس الضغط أخبرني بأن الضغط جيد ولا بأس به (مرة أخرى لم أستطع الموازنة بين "جيد" و"لا بأس"، ولكن لا بأس)!!
    وقفتُ هنا لأنصرف، وأنا أسأله شاعرًا ببعض الراحة: (هل انتهينا)؟
    أجابني مستنكرًا: (لا، بقي أن يراك طبيب البنج)!
    شعرتُ فعلًا ببعض الغيظ، للانتظار كل هذه الساعات الطوال، وأنا لم أنتهِ بعد، وهممتُ بالاستدارة لأفتح الباب وأخرج...
    ولكن... آآآآآآخخخخخ!! ضربة كالقذيفة في أسفل ظهري كادت تشقه نصفين، ووجدتُ نفسي أندفع إلى الأمام، وأكاد أسقط أرضًا، وبعنف...
    ترى، ما الذي حصل؟ هزة أرضية، أم زلزال؟!!

    تابعوا معنا

    التعديل الأخير تم بواسطة أ. عمر ; 24-1-2018 الساعة 11:31 PM

  9. #29


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    عودة ما بعد الختام 3

    انطلقت صرختي الأليمة مع انفجار في ظهري لم أفهم ماهيته بادئ الأمر، ثم امتلأت نفسي بالغضب إذ أرى تلك الممرضة المسؤولة عن ملء ملفات المرضى باتت بجواري في غرفة طبيب القلب!
    وبمنتهى الغيظ، سألتُها: (كيف تفعلين ذلك)؟
    فكان ردُّها الدَّهِش: (وماذا فعلت)؟!
    أجابها طبيب القلب معاتبًا: (كيف تدخلين الغرفة بهذا الأسلوب)؟
    أجابت بلا مبالاة: (هذه عادتي، ترى هل أزعجت الأستاذ عمر)؟!
    لم يسعدني أنها حفظت اسمي، ولا أنها احترمت لقب مهنتي، فهناك مبادئ لا أتنازل عنها، وما زلتُ أرى من يقتحم الغرف بهذا الشكل إنسانًا همجيًا، وعاتبتُها بدوري: (لقد ضربتِ الباب بظهري)!
    نظرت إليَّ، قائلة بجدية: (أمر طبيعي)!
    رددتُ خلفها ساخرًا: (طبيعي)؟!
    أجابت، كأنها تشرح الدرس لتلميذ: (بالتأكيد، لقد فتحتُ الباب، وأنت تقف قرب الباب، وبالتالي من الطبيعي أن يصطدم ظهرك بالباب)!
    قلتُ، مقلدًا أسلوبها: (من الطبيعي أن تدقي الباب، قبل أن تفتحي الباب، لأن ظهري كاد ينكسر مع ضربة الباب، حينما فتحتِ حضرتُكِ الباب، من دون أن تعطينا إنذارًا بأنكِ ستفتحين الباب)!
    ضحكت الممرضة بشكل مستفز فعلًا: هيهاهااااااا
    (هيهاهاااااا؟! صحيح، كنتُ أنتظر سماع الـ(هيهاهااااا) ليزول الألم من ظهري)!
    وكانت فترة انتظار أخرى، حتى حان وقت طبيب البنج، وكانت الأسئلة التقليدية مجددًا:
    (هل لديك مرض في الضغط؟ هل معك سكري؟ هل معك غُدَّة)؟
    وإجابتي التقليدية، كذلك: (لا، لا أظن، لا وفق علمي)!
    تقبَّل الطبيب الإجابات من دون إلقاء أسئلة لا معنى لها، مثلما فعل طبيب القلب، بل أخبرني بأنه لا خطر طبيًا بإجراء العملية، وأخبرتُه بأنني أخاف الإبرة خوفًا لا مثيل له، وأنني أريد وضع مخدر موضعي على يدي، كما فعلوا بالمختبر، ووعدني بذلك.

    انصرفتُ إلى بيتي أخيرًا، وطلبتُ وجبة دسمة فعلًا للغداء، وشربتُ ثلاثة أكواب من الشاي (فقط) ولكن على دفعات متباعدة نسبيًا، وذلك لأنني كنتُ أتحسب أن يتخشب حلقي مثل الحجار القاسية، كما حصل في العملية السابقة، وأُحرَم أيامًا عديدة من الأكل ومن الشاي، ثم جهزتُ أغراضي، وأسعدني أن أرسل إليَّ الطبيب برسالة صوتية عبر الواتس أب، يخبرني بأن عمليتي ستكون في العاشرة، ويجب أن أكون في المستشفى الثامنة والنصف، ويمكن لي أن أكون في التاسعة إن أحببت، كي لا أنتظر طويلًا، لكنه يفضل أن آتي صباحًا، تحسبًا لغياب أحد عن عمليته، فأدخل أنا باكرًا، وهكذا انطلقتُ صباحًا بمفردي إلى المستشفى، لأترك سيارتي في كراج مخصص لوقوف السيارات قرب المستشفى، طالبًا إليهم أن يغسلوا السيارة كذلك (كونهم يقدِّمون هذه الخدمة، لقاء أجر مادي مقبول)، وتوجهتُ إلى المستشفى، لأكلِّم رجل الأمن الذي يقف قرب البوابة الداخلية، ليمنع الزائرين من الصعود، إلا للضرورة القصوى فحسب، وما إن علم بأنني أريد إجراء عملية، حتى سألني إن كان يفتح لي البوابة لأصعد إلى الطابق الثاني، أم يتَّجه معي نحو مصعد الطوارئ، لكني اخترتُ الصعود على الدرج، طابقان لا يشكلان مشكلة كبيرة، وفي الطابق الأول التقيتُ بالطبيب مصادفة، فسَلَّمْتُه صورة السكانر الجديدة، وتابعتُ إلى الطابق الثاني لتخبرني الممرضة المسؤولة هناك عن الغرفة المخصصة لي، وهناك... كان فلم الرعب الحقيقي!

    لقد لحقت بي تلك الممرضة، ومعها ممرضة أخرى، وحملت الممرضة الأولى إبرة مخيفة، قائلة بلهجة آمرة: (مُدَّ يدك)!
    ذكرتني لجهتها بأسلوب المعلمات لدينا حينما كنا طلابًا في المرحلة الابتدائية، إذا أردنَ ضرب أي تلميذ، وكدتُ أعلق ساخرًا بهذا، ولكن الممرضة حركت يدها، لتتحرك الإبرة أمام عيني، مذكرة إياي بما ينتظرني من العذاب، فهتفتُ بالممرضة خائفًا: (أريد المخدر الموضعي، لقد كلمتُ طبيب البنج، وقال لي إنه سيخبركم).
    ردَّت الممرضة مبتسمة: (نعم، أخبرنا، ولكن، لا داعي له)!
    (نعم؟ نعم)؟ لا داعي لماذا؟!
    قلتُ للممرضة في جفاء تام: (أريد المخدر الموضعي فورًا)
    ولكنها أولجت إبرتها في ذراعي المسكينة، لأشعر بضربة كهرباء تسري في جسمي المسكين، وبأن يدي قد تعطَّلت عن الحركة، وندمتُ فعلًا لأنني أعطيتُها يدي، قبل أن أطمئن إلى وجود المخدر الموضعي أولًا!
    انتبهتُ إلى أن الممرضة تنظر إليَّ بقلق شديد، فسألتُها متألِمًا عن السبب، وإذ بها (يا للحنان الدافق)! تخشى عليَّ من العملية، وتظنُّ أنني سأموت رعبًا حينما يحين دوري لإجراء العملية، فأخبرتُها بسخريتي المعهودة، محاولًا أن أكون جادًا قليلًا، ولكن الآلام تمنعني: (لا تهتمي لذلك، المشنقة أهون عليَّ من ضرب الإبرة، أما العملية فلا يعنيني أمرها لا من قريب ولا من بعيد)!

    وما كادت الممرضتان تخرجان حتى دخل الطبيب، ليكلمني بكل وضوح وصراحة، مذكرًا إياي بأن العملية هذه عملية (ترقيع أخطاء العملية السابقة)، وأن اللحمية التي تم انتزاعها بتلك الهمجية لا يمكن أن نضع لحمية أخرى بدلًا منها، فهذا من باب المستحيل، بينما اللحمية المتضخمة والذي لم يتمَّ لمسها، فسيقوم بتخفيفها، وسينظف الجيوب الأنفية، وبالتالي لا يمكن لنا أن نتوقع نجاحًا كبيرًا، وهناك أمر آخر، التكلس الذي يحصل داخل الأنف بسبب تلك اللحمية التي قصفها الطبيب السابق، ربما لا نتخلص منه، وفي هذه الحالة سنضطر إلى عملية ثالثة، لوضع جهاز من السليكون داخل الأنف!

    رغم أن الأمر لا يبدو مستساغًا، إلا أنني أردتُ أن أحزم مسألة معاناتي هذه نهائيًا، فسألتُ الطبيب أن يضعه الآن، لكنَّه رفض ذلك مستنكرًا اللجوء إلى هذا الحل إلا إن سُدَّت كل الحلول الأخرى، وذلك لأن بعض الأجسام لا تتقبل هذا الجهاز، ويعاني صاحبها بسببه، وقد يضطر إلى عملية أخرى لإزالته، وبالتالي يُعتبَر هذا الدواء آخر خطوات العلاج، وخرج الطبيب، وأنا أفوض أمري إلى الله تعالى، داعيًا إياه بأن يرحمني مما أعانيه، وأن تنجح هذه العملية.

    بعد ذلك انتظرتُ ساعتين ونصف، حتى الحادية عشرة والربع، ليحين دوري، وانطلقت بي الممرضتان تجرَّان السرير النقال، وأنا في غاية الحرج لذلك الأمر، ووصلتا بي إلى غرفة العمليات، لتستلمني ممرضة أخرى هناك، طالبة إلي أن أنتقل إلى سرير آخر، تم إلصاقه بالسرير الأول، وفي غرفة العمليات طلبت إليَّ طبيبة هناك الانتقال إلى سرير ثالث، فأخبرتُهم بسخرية لاذعة أنني لا أجيد، ولا أحب، أسلوب الزحف هذا!
    ويبدو أن الطبيبة تهوى المزاح هي الأخرى، فقالت بلا مبالاة تامة إن هذا الأمر يرجع إليَّ، ولكن يجب أن أجيد وأحب أسلوب الزحف هذا، وإلا قد يقع شيء ما يضعونه على السرير، كي لا يبرد المريض كثيرًا، وبالتالي إن لم أُجِد وأحب أسلوب الزحف، فلا بأس لي من أن يقع ما يضعونه على السرير، وأعاني البرد بعد ذلك!

    لكني لم أتقبل مزاحها، بل سألتُها لائمًا: (هل هكذا يكلمون من سيجري العملية)؟ احتقن وجه الطبيبة، فلطَّفْتُ الجو قائلًا: (أعلم أنه لا يهون عليكِ أن أبرد، أليس كذلك)؟ فَرَدَّت متحمسة: (بالتأكيد، لن أسمح بذلك أبدًا).
    أتى هنا طبيب البنج، ليتلقى دوره في اللوم: (لماذا لم يستخدموا المخدر الموضعي لي حينما ضربوني بالإبرة في يدي)؟ هتف الأخير مستنكرًا: (ضربوك)؟ وقبل أن أُفْهِمَه المقصود، وصل الطبيب الذي سيجري العملية، فقلتُ له إنني اتكلتُ على الله تعالى، ثم عليه، وأسلِّمه نفسي الآن بكل ثقة واطمئنان، ثم زالت الثقة والاطمئنان، وشعرتُ بالرعب، مع أني لم أفهم ما حصل وقتها بالضبط، ولكنه كان كفيلًا بإصابتي بالرعب فعلًا!

    تابعوا معنا.


  10. #30


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    عودة ما بعد الختام 4

    توجَّه طبيب البنج بالأمر إلى مساعده، قائلًا: (أعطِه في المصل، عيار 2×2 من البنج)
    هتف المساعد مصعوقًا: (مــ...ماذا؟ لقد وضعتُ له عيار 3×3)!
    صاح طبيب البنج، مصعوقًا بدوره: (كـــ... كيف؟ ألا تعلم ما يعني ذلك)؟
    شعرتُ بالتوتر، مع كلامهما، فهتفتُ بهما: (وماذا يعني ذلك؟ هل من خـ...)
    لا أعلم إن كنتُ تابعتُ كلامي هنا أم لا، ولكني وجدتُ نفسي فجأة وحدي، أشعر بإعياء شديد، وأتاني صوت أنثوي يقول بهدوء: (لقد انتهتِ العملية).
    أومأتُ برأسي موافقًا، وأنا لا أكاد أعرف أين تقف صاحبة الصوت، ولكنها تابعَت بهدوء: (سنعيدك إلى غرفتك، مستعد)؟
    ابتسمتُ ساخرًا، رغم الإعياء الذي أعانيه، فما معنى أن أكون مستعدًا؟ وما هو الاستعداد الذي يمكن لي أن أمتلكه، وأنا لا أقدر حتى على تحريك أي عضو في جسمي؟!

    شعرتُ بالسرير الذي أنام عليه يتحرك، وفقدتُ الوعي (حتمًا)، لأنني وجدتُ نفسي في غرفتي، وهناك كان يجلس أعز أصدقائي، أتى إلى المستشفى ليطمئن عني، وعلم أنني في غرفة العمليات، فظلَّ منتظرًا أكثر من أربع ساعات، لم يتحمل أن يغادر قبل أن يراني ويطمئن، والحمد لله تعالى، أنني رغم الإعياء الشديد تمكنتُ من الكلام معه، والتركيز في كل ما يقوله، وقضينا وقتًا لا بأس به، قبل أن يغادرني، وبعد ذلك اعتمدتُ على نفسي، لأنهض من السرير وأمشي ممسكًا بحامل المصل، وأدخل الحمام، لم أتحمل فكرة ضغط الجرس لاستدعاء الممرضات لمعاونتي على ذلك، وأدعو الله تعالى ألا يضعني في مثل هذا الموقف أبدًا، وأن نكون ممن يدعوه: (ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبدًا ما أحييتنا)، ويستجيب لنا ذلك.

    عدتُ إلى سريري، أتمدد عليه، شاعرًا بضغط مزعج في صدري، ولكن... لم أجد أن حلقي متخشب مثلما حصل في العملية السابقة، بل كان هناك بعض الألم الذي يمكن احتماله، كما لم أشعر بأنفي يحترق ألَمًا، والحمد لله أن البنج لم يحرق يدي، كل الهراء الذي حصل في العملية السابقة لم يكن موجودًا الآن، بفضل الله تعالى.

    وأتى الطبيب، ليخبرني مرة أخرى بأن الغضروف الملتوي لم يستطع أن يغير في وضعه شيئًا، كي لا يتسبب ذلك في ترك مزيد من الفراغ داخل الأنف، ويكفي ما سببه نزع اللحمية بأكملها في مقدمة الأنف، ولا داعي لنزيد الطين بلة كما يقولون، ونظف الطبيب؛ كما قال؛ كل الجيوب الأنفية، كما فتح المسرى في لحمية الأنف التي قرب الأعين وأعلى منه، للتنفس، ولإخراج البلغم، ولكن، كل ذلك قد لا يأتي بنتيجة إيجابية مُرضية، وقد يأتي، والخوف؛ كل الخوف؛ أن نضطر إلى وضع جهاز السليكون في الأنف.

    انصرف الطبيب بعد أن حدَّد لي موعدًا في العيادة لنزع الفتيل، قال يمكن لي أن آتي بعد يومين، في أي لحظة أشاء، ما بين الواحدة والرابعة، وطمأنني بأنه لم يضع الفتيل آخر الأنف، بل وضعه فوق اللحمية، ما يعني أن نزعه هين إن شاء الله...

    الأمر المستفز الوحيد هنا، أن الفتيل كان يتدلى خارج الأنف! (لقد نزع الطبيب القطن لأتنفس من أنفي، وكي لا يحتقن الدم الذي يسيل كل فترة)، والفتيل مثل السماعة الطبية التي تخرج من الأذن، مع فارق الحجم طبعًا، ولكن لا بأس، كل شيء سأحتمله في سبيل الشفاء بإذن الله، ولكن، لن أنام هنا، طلبتُ الممرضة، فجاء ثلاث! ممرضتان، ومسؤولة القسم، وقامت مسؤولة القسم بتنظيف الأنف جيدًا، وإذ أخبرتها بأنني سأخرج الآن، وضعت لي بعض القطن عليه، فقط لأصل إلى البيت، وأنزعه بعدها، ثم كان فلم الرعب الثاني، ستنزع مسؤولة القسم الإبرة من يدي! نظرتُ إليها متوجسًا، هامسًا بتوسل: (أرجوكِ، أريد بعض البنج)، ابتسمت الممرضتان، فيما توقفت هاتفة في دهشة: (كيف ستخرج؟! أنت تشعر بالألم الشديد، وتطلب البنج، فكيـ...)، كان صوت الممرضتين يرتفع بالضحك مع كلامها، ولقد قاطعتُ هذا الاستطراد منها: (أنا لا أشعر بالألم الشديد، لكني أخاف الإبرة، فقط)! سألتني مستنكرة: (تخاف الإبرة ولا تخاف العملية والدم و...) قاطعتُ كلامها مرة أخرى: (كل هذا هين لين، ولكن اسحبي الإبرة بهدوء، ترفقي بي، أو ضعي المخدر لـ.... آآآآآآي)!!
    يا لها من مسؤولة قسم عملية فعلًا! فهمت ما أخافه، ولكنها لن تضع المخدر في يدي لتسحب الإبرة، بل قامت بسحبها مباشرة بــ(هدوء) تام، كما قالت لي! وإن كان هذا هو (الهدوء) فكيف يكون (العنف) في سحب الإبر، إذًا؟!

    طلبتُ صديقًا لي ليأتيني، لأرجع معه، لأنني لن أقود سيارتي في هذا الوضع (الدم يسيل من تحت القطن والضماد)، وسأغتسل بالدم فعليًا إن قدتُ سيارتي، ولبى صديقي طلبي، وأتى، ناولته المال لينزل إلى الصندوق ويدفع، ففعل ذلك، وهممنا بالمغادرة، وإذ بمسؤولة القسم تأتي بسرعة، لتسألني إن كنتُ أحب أن تأتيني بالمقعد المتحرك لأجلس عليه، وتقوم هي بدفعه حتى سيارة رفيقي، مهما كانت بعيدة عن المستشفى، ولكني رفضتُ ذلك، لا لخوفي من أن تكون مثل تلك الممرضة التي خبطت المقعد بجدار المصعد، وبكل شيء تراه، بل لأنني لا أتحمل هذا، طالما أنني أستطيع المشي، فلماذا أجلس ويدفع المقعد بي أحد؟ لا أتحمل ذلك، لو كان رجلًا من يعرض عليَّ هذا الأمر، فما البال وكيف الحال، وامرأة هي التي تعرض ذلك؟

    وصلتُ بيتي أخيرًا، لأنزع القطن والضماد، وأصفي بعض الدماء، وآخذ حبتين من الدواء المسكن، ثم أنام نومًا عميقًا، كنت أستيقظ أحيانًا، أشعر ببعض الدم يسيل، ولكن ليس بتلك الغزارة الرهيبة التي مررتُ بها في العملية السابقة، وبدأتُ بالأدوية من اليوم التالي، أدوية الالتهاب والبخاخات، ومساء توجَّه رفيقي إلى الموقف المخصص للسيارات قرب المستشفى ليعود بسيارتي، وكنتُ على وشك النوم حينما اتصل بي، فرددتُ متسائلًا: (ماذا هناك يا...)؟ أتاني صوت غريب يقول (بونسوار)!
    شعرتُ بأنني أهذي! صديقي لا يرد إلا بـ(السلام عليكم)، ثم كيف تغير صوته بهذا الشكل؟ ولكن الغموض انتهى، مع استطراد صاحب الصوت بحذر: (هل لديك سيارة عندنا)؟ أجبتُه بسرعة: (نعم، وأرسلتُ صديقي ليأخذها)، سألني: (وكيف أعر...)، قاطعتُه: (لقد طلبتُ منك أن تغسلها إلى جانب إبقائها ليلة عندكم)، اقتنع الرجل وسلَّم السيارة إلى صديقي، الذي عاد بها وأوقفها قرب بيته، لأنه لم يجد مكانًا واحدًا قرب بيتنا.

    ثم أتى يوم الخميس الرهيب (الخميس الماضي تحديدًا)، سينزع الطبيب الفتيل، اتصلتُ بصديقي لننزل بسيارتي، فأتاني بها، اتجهنا إلى عيادة الطبيب، وغادر رفيقي لأنه مرتبط ببعض الأعمال، وفي العيادة قالت السكرتيرة إنه يجب أن أنتظر فترة طويلة، لتدخلني بين المواعيد، لكن كيف أنتظر؟ الفتيل يخرج من الأنف، ويبدو كأنه قطعة دم سوداء متجمدة، وبالتأكيد إن من سيرى منظري سيظن أنني (لم أنتبه) إلى الدم الخارج من أنفي! عدا عن الدم الذي يسيل فعلًا، فأخرجتُ هاتفي لأرسل إلى الطبيب عبر الواتس أب، ومباشرة طلبت إلي الممرضة أن أدخل!

    جلستُ متوترًا خائفًا، ومدَّ الطبيب بأداته نحو أنفي، لأمسك بيده بحركة غريزية، فقال معاتبًا: (دع يدي، كيف سأشتغل)؟ كان الطبيب محقًا فعلًا في كلامه، لذا تركتُ يده، وقررتُ أن أكون شجاعًا، فأبعدتُ وجهي بأكمله كي لا أرى ما يحصل، وليتمكن الطبيب من أداء عمله، ولكن...
    لم يحصل شيء! لم ينزع الطبيب الفتيل! لماذا؟ ماذا قد حصل؟!

    تابعوا معنا

  11. #31

    الصورة الرمزية Jomoon

    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    5,610
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~


    مؤلم مؤلم مؤلم
    الألم كبير ولا يطاق
    أعانك ربي وكتب جزيل الأجر لك
    وشفاك وعافاك إنهُ ولي ذلك والقادر عليه،
    انسلخ البشر من إنسانيتهمـ وتجردوا منها،
    فحسبي الله ونعم الوكيل
    وكفى به حسيبا،
    أوصيك بأمرين
    الدعاء والدعاء والدعاء
    وخاصة في أوقات الإجابة
    لعل الحجب تفتح ويستجيب الله لك
    ثانياً اقرأ عليك ولو القليل من القرآن وانفث
    على موضع الوجع وعلى ماء لتشربه لاحقاً
    ومن الجميل أن تصب القليل عليك أو تمسح به وجهك
    وعلى بعضٍ من جسدك لعل الله إن يشفيك

    قال عزوجل:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)}
    لعلك تدرك الرحمة والشفاء،
    أسأل المنان بعزته وقدرته
    أن يلبسكم الشفاء لباساً لا ينزع أبدا،
    ولتعلم أن الله بعزيزٍ قادر ففوض الأمر له وانطرح بين يديه
    اللهم ارحم عبدك يارب العالمين،

    باركك ربي،
    في حفظ المولى،،
    ~

  12. #32

    الصورة الرمزية Lumi

    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    المـشـــاركــات
    143
    الــــدولــــــــة
    السودان
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    تجربة مؤلمة وقاسية ، سامحهم الله جميعا
    لعلها تكون نهاية هذا الفصل القاسي وبداية فصل جديد
    نسأل الله لكم عاجل الشفاء أستاذي الجليل
    وأن يجعل كل ما مررتم به في سبيل الشفاء كفارة لكم
    دمتم جميعا أحبتي في حفظ الله ورعايته



  13. #33


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Jomoon مشاهدة المشاركة
    السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~


    مؤلم مؤلم مؤلم
    الألم كبير ولا يطاق
    أعانك ربي وكتب جزيل الأجر لك
    وشفاك وعافاك إنهُ ولي ذلك والقادر عليه،
    انسلخ البشر من إنسانيتهمـ وتجردوا منها،
    فحسبي الله ونعم الوكيل
    وكفى به حسيبا،
    أوصيك بأمرين
    الدعاء والدعاء والدعاء
    وخاصة في أوقات الإجابة
    لعل الحجب تفتح ويستجيب الله لك
    ثانياً اقرأ عليك ولو القليل من القرآن وانفث
    على موضع الوجع وعلى ماء لتشربه لاحقاً
    ومن الجميل أن تصب القليل عليك أو تمسح به وجهك
    وعلى بعضٍ من جسدك لعل الله إن يشفيك

    قال عزوجل:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)}
    لعلك تدرك الرحمة والشفاء،
    أسأل المنان بعزته وقدرته
    أن يلبسكم الشفاء لباساً لا ينزع أبدا،
    ولتعلم أن الله بعزيزٍ قادر ففوض الأمر له وانطرح بين يديه
    اللهم ارحم عبدك يارب العالمين،

    باركك ربي،
    في حفظ المولى،،
    ~
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    نعم يا أختي الكريمة، الألم كبير، وما زلت أعاني آثاره حتى الآن، والحمد لله دومًا
    أما من تجردوا من إنسانيتهم، فإننا نثق بأن الله تعالى لن يتركهم من دون عقاب
    بارك الله بكِ بكل حرف في الوصيتين، وإن شاء الله تعالى سأواظب عليهما
    وكل الشكر لحضرتكِ للدعاء الطيب، أسأل الله تعالى أن يحفظكِ بحفظه ورعايته.



  14. #34


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسيره الاوهام مشاهدة المشاركة
    تجربة مؤلمة وقاسية ، سامحهم الله جميعا
    لعلها تكون نهاية هذا الفصل القاسي وبداية فصل جديد
    نسأل الله لكم عاجل الشفاء أستاذي الجليل
    وأن يجعل كل ما مررتم به في سبيل الشفاء كفارة لكم
    دمتم جميعا أحبتي في حفظ الله ورعايته

    الحمد لله دومًا
    أتمنى أن أرى نتائج إيجابية وفصلًا جديدًا من دون هذه المعاناة
    وأنتظر لعل وعسى، بارك الله بكِ أختي الكريمة هذا الدعاء الطيب
    وحفظكِ الله تعالى بحفظه ورعايته





  15. #35


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    ولعلي أتابع الحكاية في أمسية الغد إن شاء الله تعالى

  16. #36


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    وداعًا

    جمد الطبيب مكانه، مع ابتعادي المباغت عنه، كان يستعد ليولج أداته الحديدية في أنفي وينزع الفتيل، ولكني أبعدتُ رأسي لأمنحه حرية العمل، ولا أزعجه بخوفي وتوتري، فكان أن حرك أداته
    في الهواء، وكاد يفقد توازنه (فقط)!
    ونظر إليَّ الطبيب لائمًا، فقررتُ أن أكون شجاعًا، واستدرتُ نحوه، أنظر إلى آلته هذه، مغالبًا التوتر في أعماقي، وذكرى خمس عشرة سنة مضت تتداعى في ذهني، الطبيب ينزع الفتيل بقوة عنيفة، والدماء تنزل في فمي، وأنا أسقط أرضًا، و...
    ونزع الطبيب الفتيل هنا، لينتزعني من ذكرياتي الأليمة، بألم واقعي مباشر! كتمتُ صرخة الألم، وإن أحسستُ بأن أنفي يلتهب لفرط الألم، لكني تمالكتُ نفسي أضغط على شفتيَّ لما أعانيه، ولكني أشهد للطبيب بالبراعة، طريقة وضع الفتيل كان يكفيها حركة واحدة لانتزاعه من فتحتي الأنف معًا، ولكم دُهِشْتُ حينما رأيتُ الطبق الحديدي أمامي مليئًا بالدم! لم أشعر بسيلان الدم الغزير من أنفي، مع الآلام الملتهبة فيه.
    نهضتُ هنا، سائلًا الطبيب كم يأمر؟ فاستنكر فعلًا أن يأخذ أجرة على نزع الفتيل، وقد كَبُرَ فعلًا في عيني، الطبيب الذي قبله أخذ خمسين دولارًا دفعة واحدة أجرة يده! والطبيب العبقري في العاصمة بيروت، أصابته (الشهامة)، وهو يراني أكاد أموت من الألم والنزيف، ليخبرني بأنه لن يأخذ مني، مع أنه يأخذ في المعتاد، لكنه لن يأخذ الآن، وإن كان أخبرني في المستشفى قبلها أنه لن يأخذ شيئًا، و... لا علينا!
    ومرة أخرى أحمل كابوس يوم الخميس في أعماقي! أخبرني الطبيب بوجوب الحضور يوم الخميس لإجراء عملية التنظيف! غادرتُ ناسيًا، من الخوف، أن أطلب من السكرتيرة تسجيل موعد لي، وأخذتُ أمشي، والدم يسيل من أنفي، حتى وجدتُ باصًا صعدتُ فيه متوجهًا إلى بيتي، لأتناول الدواء المسكِّن وأنام قليلًا، لكن النوم لم يأتِ بسرعة، ولكن الألم؛ على قسوته؛ كان محتملًا، لم أشعر بفقدان التركيز، ولله الحمد، ثم غفوتُ ربما من دون أشعر بذلك، لأستيقظ بعد ساعات قليلة، شاعرًا بالحيوية والنشاط، إذ إن الألم زال نهائيًا.
    اليوم الخميس، ويوم الغد هو الخميس! كيف ذلك؟ لا تسألوني! وجدتُ أننا أصبحنا في الخميس فجأة، فاتجهتُ؛ هذه المرة؛ بسيارتي إلى العيادة، وكان علينا الانتظار بعض الوقت لتأخر الطبيب في المستشفى والعمليات الجراحية، ثم حضر الطبيب، وبدأ المرضى يدخلون، ونادت السكرتيرة باسمي المسكين! دخلتُ مترددًا خائفًا، تلك الآلات التي يدخلونها الأنف ويلتقطون بها قطع الدم المتجمدة ويسحبونها، مواقف تبعث الاشمئزاز في النفس، إضافة إلى الآلام الرهيبة طبعًا.
    ولكن الطبيب لم يكن أهوج، كمن سبقه وسبق من سبقه، لقد أدخل آلته برفق، ومن خلالها مد ما يشبه الأنبوب، ليضغط زرًا به، وكأن دفقة ماء تدخل الأنف، كان هناك بعض الضيق ولكن لم أشعر بأي ألم، الحمد لله لفضله هذا، وكرر الطبيب الأمر مرة ثانية، ثم طلب إليَّ النهوض، قمتُ مستبشرًا، أريد أن أغادر، فطلب أن أجلس قليلًا.
    لا بأس، نجلس قليلًا ونجلس كثيرًا، المهم أننا انتهينا، أخبرني الطبيب بوجوب استخدام ظروف الريسبيمار مرتين يوميًا من دون انقطاع، قلتُ له إنني سأفعل ذلك، وقمتُ لأغادر مرة أخرى، فلم يطلب أن أجلس، ولكنه قال لي ببساطة: (ولا تنس أن تأتي الخميس)! ارتعد جسمي من دون أن أتمالك نفسي، ووجدتُ أنني أرد مستنكرًا، مؤكِّدًا: (اليوم هو الخميس)! فأخبرني الطبيب أنه يعرف هذا، ولكنه يقصد الخميس المقبل، وذلك لإجراء ناضور في الأنف! (يا لك من مسكين يا أنفي، لا تجد من يرحمك حتى الآن)!
    ومرة أخرى، ينتهي يوم الخميس ليبتدئ يوم الخميس! وفي العيادة استقبلتني السكرتيرة قائلة: (هذه المرة ليست مثل المرة السابقة)، شعرتُ بالدهشة لكلامها، فهل (هذه المرة) سأشعر بالألم، وبذلك تختلف عن (المرة السابقة)؟! وأكملت السكرتيرة قائلة بابتسامة: (لن تتأخر عن موعدك، فالطبيب لم يتأخر عن موعده)! أكملتُ بسخرية: (وحضرتكِ لم تتأخري عن موعدكِ)! سألتني من دون أن يبدو عليها أنها قد استوعبت ما أقول: (نعم)؟ فأجبتُها ببساطة: (لا)!
    كان الناضور الطبي مؤلِمًا نسبيًا، ولكني احتملتُ الألم، وأخبرني الطبيب بأن العملية ناجحة بإذن الله، ولكن يبقى ما تسبب به الطبيب السابق، ما لا علاج له، ويمكن أن لا أشعر بالراحة إلا بنسبة طفيفة، ثم أخرج الطبيب الناضور، ليأتي بأدواته ويستخرج بعض الدم المتجمد، عبر دفعتين أو ثلاث، وعاد يضع الناضور بعدها، حتى أحسستُ بأنني على وشك التقيؤ!
    مرة أخرى، يطلب إليَّ الطبيب الجلوس، ليخبرني بضرورة متابعة الريسبيمار شهرًا على الأقل، وعدتُه بذلك، وما إن أردتُ النهوض، حتى قال لي: (ولا تنسَ أن تأتي...) قاطعتُه باستنكار: (الخميس)؟ أكمل، كأنه لم يسمع: (الشهر المقبل، لإجراء ناضور آخر، وإن أحببتَ أن يكون هذا يوم خميس، فلا بأس)!
    نهضتُ، لأغادر، فاستوقفني قائلًا: (سيتكفل استخدامك الريسبيمار بإخراج ما تبقى من الدم الأسود المحتقن في أنفك)، لم أجد هذه المعلمة مهمة، فلينزل الدم شهرًا أو سنة، المهم أن أرتاح من كابوس حياتي هذا، غادرتُ عيادته، عائدًا إلى بيتي، وما زلتُ أستخدم وصفته الطبية، لكني لا أجد النتيجة الإيجابية التي أتمناها، التحسن طفيف جدًا، ولكن ما زلتُ أحيا على أمل انتهاء خروج الدم الأسود المحتقن في حلقي، لعل وعسى تتحسن طبقة الصوت المختنقة، إضافة إلى مواظبتي على دواء أسيد المعدة طبعًا...
    وما زال الإرهاق يملأ جسمي بأكمله، مع التعليم والتحضير والتصحيح، وفوقها خروج الدم الصعب نسبيًا، والذي يستغرق وقتًا طويلًا، كل هذا يجعلني أشعر بالدوار معظم الأوقات... ولكن، الأمل بالله تعالى كبير، وما زلتُ أرى أنني في بداية العلاج، ومن يدري، بعد ثلاثة أسابيع أو أكثر كيف تكون النتيجة؟!

    أودعكم مرة أخرى في ختام حكايتي مع الطبيب، وأدعو الله تعالى لكم أن يحفظكم بحفظه ورعايته، دمتم في أمان الله تعالى.


  17. #37

    الصورة الرمزية كونان المتحري

    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المـشـــاركــات
    445
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    و الصلاة و السلام على سيد الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله الطيبين الطاهرين
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


    نحمد الله سبحانه على سلامتكم بعد المرور بكل هذه التجارب الأليمة, كما نسأله لكم الصحة و العافية و أن يجزل لكم الثواب بما صبرتم على هذا العناء

    صحيح أنَّ المرض ابتلاء و اختبار من الله تعالى لنا على صبرنا و لكنه في الوقت ذاته كفارة لسيئاتنا و مصدر لحسناتنا إذ تحملنا و شكرنا

    لا ريب أنَّ خوض هذا الكم من التجارب في العمليات الجراحية لم يكن أمراً هيناً على الإطلاق أظنني كنت سأصاب برهاب العمليات لو كنت مكانك بعد المرة الأولى فالأمر يتطلب قدراً لا بأس به من الجرأة لخوض عملية جراحية بعد معاينة هذه النتائج المرعبة للعملية الأولى

    و أرى خوفك من وخز الإبر خوفاً طبيعياً مقارنة بي فقد حصل لي مراراً أنَّ الإبرة تدخل ذراعي بينما تهرب الدماء إلى وجهي من شدة الخوف أو التوتر فلا يحصلون على قطرة دم واحدة بينما هم يريدون ملء عدة أنابيب اختبار لإجراء التحاليل المطلوبة فيكون جزائي أن أسلم لهم ذراعي الأخرى ليباشروا عملهم بعد أن أحاول الاسترخاء قليلاً لكن لم تخطر في ذهني فكرة هذا المخدر الموضعي أبداً فجزى الله صاحب هذه الفكرة الرائعة خيراً

    رغم كل هذه المعاناة و الآلام المختفية بين سطورك أجده أمراً جميلاً أن تواجه بعض المواقف بالتهكم و السخرية رغم مرارتها, رغم أنَّني أرى غضبك حاضراً في بعضها أيضاً و معك الحق حتماً إذ أنَّهم يسلمون أرواح المرضى و أبدانهم لأيدٍ لا تملك الكفاءة اللازمة لتولي الشئون التي وكلت بها فيكون المريض ضحية هذا الجهل و يتسببون له بمشاكل صحية لا يستطيعون التعامل معها كما فعلوا معك

    هذا يحصل كثيراً مع الأسف الشديد فعبقريات الأطباء ليس لها حدود و لنا تجاربنا في هذا المضمار


    أرجو أن تكون بحال أفضل من تلك التي كنت عليها عند كتابة الرد الأخير في هذا الموضوع بعد العملية الأخيرة
    نسأل الله أن يديم لك هذه الروح المرحة و يديم لنا قلمك اللطيف الساخر و نتمنى أن يمنَّ عليك بالشفاء قريباً


    التعديل الأخير تم بواسطة كونان المتحري ; 24-1-2018 الساعة 10:34 PM سبب آخر: خطأ مطبعي

  18. #38


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كونان المتحري مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    و الصلاة و السلام على سيد الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله الطيبين الطاهرين
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


    نحمد الله سبحانه على سلامتكم بعد المرور بكل هذه التجارب الأليمة, كما نسأله لكم الصحة و العافية و أن يجزل لكم الثواب بما صبرتم على هذا العناء

    صحيح أنَّ المرض ابتلاء و اختبار من الله تعالى لنا على صبرنا و لكنه في الوقت ذاته كفارة لسيئاتنا و مصدر لحسناتنا إذ تحملنا و شكرنا

    لا ريب أنَّ خوض هذا الكم من التجارب في العمليات الجراحية لم يكن أمراً هيناً على الإطلاق أظنني كنت سأصاب برهاب العمليات لو كنت مكانك بعد المرة الأولى فالأمر يتطلب قدراً لا بأس به من الجرأة لخوض عملية جراحية بعد معاينة هذه النتائج المرعبة للعملية الأولى

    و أرى خوفك من وخز الإبر خوفاً طبيعياً مقارنة بي فقد حصل لي مراراً أنَّ الإبرة تدخل ذراعي بينما تهرب الدماء إلى وجهي من شدة الخوف أو التوتر فلا يحصلون على قطرة دم واحدة بينما هم يريدون ملء عدة أنابيب اختبار لإجراء التحاليل المطلوبة فيكون جزائي أن أسلم لهم ذراعي الأخرى ليباشروا عملهم بعد أن أحاول الاسترخاء قليلاً لكن لم تخطر في ذهني فكرة هذا المخدر الموضعي أبداً فجزى الله صاحب هذه الفكرة الرائعة خيراً

    رغم كل هذه المعاناة و الآلام المختفية بين سطورك أجده أمراً جميلاً أن تواجه بعض المواقف بالتهكم و السخرية رغم مرارتها, رغم أنَّني أرى غضبك حاضراً في بعضها أيضاً و معك الحق حتماً إذ أنَّهم يسلمون أرواح المرضى و أبدانهم لأيدٍ لا تملك الكفاءة اللازمة لتولي الشئون التي وكلت بها فيكون المريض ضحية هذا الجهل و يتسببون له بمشاكل صحية لا يستطيعون التعامل معها كما فعلوا معك

    هذا يحصل كثيراً مع الأسف الشديد فعبقريات الأطباء ليس لها حدود و لنا تجاربنا في هذا المضمار


    أرجو أن تكون بحال أفضل من تلك التي كنت عليها عند كتابة الرد الأخير في هذا الموضوع بعد العملية الأخيرة
    نسأل الله أن يديم لك هذه الروح المرحة و يديم لنا قلمك اللطيف الساخر و نتمنى أن يمنَّ عليك بالشفاء قريباً


    بسم الله الرحمن الرحيم
    صلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    سلمكم الله، بوركتم للدعاء الطيب، حفظكم من كل سوء
    ونسأله تعالى أن يجعل ما مررنا به كفارة لسيئاتنا ويكتبنا من الصابرين
    لم أُصَب برهاب العمليات ربما بسبب رهاب الإبرة المخيفة التي تطاردني قبل كل عملية مرتين
    وأعانكم الله على هذه الإبرة المخيفة، ونسأل الله ألا تضطروا إليها مرة أخرى
    (هل أستطيع تقديم طلب تسجيل براءة اختراع المخدر الموضعي قبل الإبرة)
    عباقرة الطب بلوى كبرى على من يقع في أيديهم من المرضى، ونسأل الله تعالى ألا نقابلهم في حياتنا مرة أخرى
    الحال ليس جيدًا تمامًا، فأنا أمرُّ الآن بدور انفلونزا حادة جدًا، تكاد تسبب لي الاختناق أحيانًا، ولكن لا بأس
    المهم أن نصبر ونشكر، ولعل الله يتقبل منا، وأسأله تعالى أن يَمُنَّ عليَّ بالراحة مما أعانيه في هذا الصدد
    أما الأسلوب الساخر المتهكم فأواجه به صعوبات الدنيا وما نمرُّ به خلالها من التعامل مع الشواذ كبعض هؤلاء
    الأطباء والممرضات ممن ذكرناهم
    خالص الشكر والتقدير لك أخي الغالي لمرورك المشرف ولكلامك الراقي ولدعائك الطيب، ودمتَ في أمان الله تعالى

  19. #39

    الصورة الرمزية كونان المتحري

    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المـشـــاركــات
    445
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر



    و بارك الله بكم و حماكم من كل سوء


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أ. عمر مشاهدة المشاركة
    (هل أستطيع تقديم طلب تسجيل براءة اختراع المخدر الموضعي قبل الإبرة)


    أخشى أن يقاضيك الممرض صاحب الفكرة فقط



    الحال ليس جيدًا تمامًا، فأنا أمرُّ الآن بدور انفلونزا حادة جدًا، تكاد تسبب لي الاختناق أحيانًا، ولكن لا بأس
    المهم أن نصبر ونشكر، ولعل الله يتقبل منا، وأسأله تعالى أن يَمُنَّ عليَّ بالراحة مما أعانيه في هذا الصدد

    غالباً يعود ذلك لبرودة الجو هذه الأيام, كنت حتى شهرين إلى الوراء لا أشفى تقريبا من هجمات الانفلونزا و لكن شاي الليمون والنعناع-أقوم بخلط الكيسين في نفس الكأس- أنهى هذه المشكلة و لله الحمد رغم أن طعمه ليس رائعاً و لكنه مقبول كما ساهم في رفع مناعة جسمي ضد الأمراض بشكل سريع جداً لكن تجنب شاي الليمون دون خلطه بالنعناع حتى لا تزداد الحموضة على المعدة إذ أنَّ النعناع يساعد على معادلة الحموضة, يومين سيكفيان بإذن الله لتشفى من الانفلونزا و كأسين في اليوم يكفيان حتى لا تتأذى أغشية المعدة
    أما الأسلوب الساخر المتهكم فأواجه به صعوبات الدنيا وما نمرُّ به خلالها من التعامل مع الشواذ كبعض هؤلاء
    الأطباء والممرضات ممن ذكرناهم
    خالص الشكر والتقدير لك أخي الغالي لمرورك المشرف ولكلامك الراقي ولدعائك الطيب، ودمتَ في أمان الله تعالى






    كان الله في عونكم أخي الكريم و نسأله أن يفرج عنكم بعد هذا الصبر, نعم أحياناً يكون ذلك نوعاً من مساندة النفس لمواجهة الصعاب

    لنا الشرف في قراءة ما تكتبونه أخي و دمتم في أمان الله و حفظه

  20. #40


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,282
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع الطبيب... بقلمي أ. عمر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كونان المتحري مشاهدة المشاركة

    و بارك الله بكم و حماكم من كل سوء

    أكرمكم الله وحفظكم





    أخشى أن يقاضيك الممرض صاحب الفكرة فقط


    إذًا لا داعي لها ولكن الفضل لي في ذلك طبعًا
    فما كان الممرض_ أو الممرضة_ ليخطر له هذه الفكرة لولا خوفي الشديد من الإبرة
    إلا إن كان هناك من سبقني إلى هذا الخوف غير المنطقي




    غالباً يعود ذلك لبرودة الجو هذه الأيام, كنت حتى شهرين إلى الوراء لا أشفى تقريبا من هجمات الانفلونزا و لكن شاي الليمون والنعناع-أقوم بخلط الكيسين في نفس الكأس- أنهى هذه المشكلة و لله الحمد رغم أن طعمه ليس رائعاً و لكنه مقبول كما ساهم في رفع مناعة جسمي ضد الأمراض بشكل سريع جداً لكن تجنب شاي الليمون دون خلطه بالنعناع حتى لا تزداد الحموضة على المعدة إذ أنَّ النعناع يساعد على معادلة الحموضة, يومين سيكفيان بإذن الله لتشفى من الانفلونزا و كأسين في اليوم يكفيان حتى لا تتأذى أغشية المعدة


    نعم، البرد شديد هذه الأيام، والشتاء غزير
    ما تقوله كنتُ أفعله من قبل، أي أن أشرب الشاي بعد أن أعصر فيه قليلًا من الليمون
    ولكن كان ذلك يضايق معدتي، فجزاك الله كل الخير لإرشادي إلى الوسيلة الصحيحة
    سأعود إليه، لكن مع خلطه بالنعناع كي لا تزداد الحموضة على المعدة،
    ولن أزيد عن كأسين في اليوم بإذن الله
    كل الشكر لك يا أخي للنصيحة القيمة



    كان الله في عونكم أخي الكريم و نسأله أن يفرج عنكم بعد هذا الصبر, نعم أحياناً يكون ذلك نوعاً من مساندة النفس لمواجهة الصعاب

    أسأل الله تعالى لكم دوام الابتسامة، وأدعو الله لك بكل الخير، وأن تكون أيامك خيرًا وسعادة


    لنا الشرف في قراءة ما تكتبونه أخي و دمتم في أمان الله و حفظه
    كل الشرف لي يا غالي، دمتَ في حفظ الله تعالى وأمنه ورعايته

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...