وماذا تتحمل النساء؟ (دراسة اجتماعية بقلمي عمر قزيحة)

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 20 من 46

مشاهدة المواضيع

  1. #13


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,290
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: وماذا تتحمل النساء؟ (مقالة اجتماعية بقلمي عمر قزيحة)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحلقة الرابعة

    وينظر الرجال إلى النساء بنظرة اجتماعية، تختلف من منظور كل رجل، وفهمه الدين، وأخذه ببعض آراء العلماء، فمن الرجال من ينكر على النساء اللواتي يصافحن الرجال، أو غير المنقبات، ومنهم من يعتبر ذلك أمرًا طبيعيًا!
    وإذا نظرنا في موضوع النقاب، نؤكد؛ أولًا؛ أن النقاب لم يبدأ في الإسلام، بل كان موجودًا قبل ذلك، وعرفته الشعوب القديمة كالبيزنطيين واليونانيين، وكان لدى نساء اليونان عادة حجب الوجه بطرف المئزر أو بحجاب خاص، وفي مدينة إسبارطة كانت الفتيات يكشفن وجوههن، حتى زواجهن، فلا تبدي الفتاة وجهها من بعد ذلك.
    وفي الجاهلية نفسها، بعض الفتيات كُنَّ يَنْتَقِبْنَ، ومن هنا المثل العربي (ذكرني فوكِ بِحمارَي أهلي)، وقصته أن رجلًا في الجاهلية خرج يبحث عن حمارين ضاعا لأهله، فالتقى بفتاة منقبة وأعجبته، فأخذ يمشي معها يتحادثان، ثم كشفت له نقابها، ليتبين له أن أسنانها نخرة سوداء، فقال لها (ذكرني فوكِ بِحمَارَي أهلي)، ما يدلنا على أن النقاب موجود من قبل ظهور الإسلام، ولكن السؤال ماذا عن حكم النقاب في الإسلام؟ وهل يحق للرجل أن يجبر نساء بيته على أن يلتزمن النقاب، أم لا؟
    النقاب؛ قبل ظهور المذاهب الفقهية الأربعة؛ كان حاضرًا لدى نساء الإسلام، ولو لم يكن الأمر كذلك، لما كان الحديث الصحيح: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين وهي محرمة)، ولكن ما زلنا نبحث في وجوبه من عدم الوجوب، وبغض النظر إن كان حديث النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء: (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا، مشيرًا إلى وجهه وكفيه)، صحيحًا أم لا، فإن تفسير ابن عباس رضي الله عنه، للآية الكريمة: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، أن ما ظهر منها هو الوجه والكفان، يقطع بعدم الوجوب ظاهرًا، ولكن للفقهاء الأربعة مذاهب وآراء في هذا الأمر.
    فالمالكية قالوا إن النقاب غير واجب، ولكنه مستحب، أما الأحناف فكان رأيهم إن وجه المرأة ليس بعورة، ولكن بعض أئمتهم قالوا بوجوب النقاب، لأن المرأة لا تعرف إن كان الرجل الذي ينظر إليها يفعل ذلك شهوة منه أم لا، وبالتالي أصبح النقاب واجبًا كَسَدٍّ للذرائع لنظرات الفتنة، والحنابلة كانوا أكثر تشددًا في موضوع تغطية النساء وجوههن، إذ ذهبوا إلى القول إن جسم المرأة كله عورة، حتى أظافرها، ولا يجوز لها أن تكشف وجهها ويديها إلا لمن يطلب يدها فحسب، واختلفت آراء الشافعية، فقالوا إن النقاب واجب، ولا يُكشَف الوجه إلا عند الحاجة، كما قالوا إن النقاب غير واجب على النساء، إلا في حالة الفتنة.
    ومن النقاب إلى النساء اللواتي يصافحن الرجال، وكيف ينظر المجتمع إليهن؟ كثيرًا ما نسمع الاعتراض على مسألة المصافحة، لأن الحديث النبوي يَنُصُّ على: (لئن يُطعَن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يَمَسَّ امرأة لا تَحِلُّ له)، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمسَّ النساء، وأنه قال: (إني لا أصافح النساء)، والذهاب إلى أن حديث معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يصافح النساء من تحت الثوب) حديث ضعيف، والقول إن عمر بن الخطاب كان يصافحهن عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يثبت، بل إن مصافحة أبي بكر الصديق العجائز أمر لا يثبت كذلك.
    ولكن، وقبل أن نتكلم عن (المسِّ) ومعانيه، وننظر إلى الحديث الأول بنظرة استفهامية، ننظر في آراء مذاهبنا الفقهية الأربعة، فنرى أن المالكية قالوا إنه لا يجوز للأجنبي أن يلمس وجه الأجنبية ولا كفيها، ولا يجوز لهما وضع كفه على كفها بلا حائل، لا الشابة ولا العجوز، (أي أنهم قد يحللون المصافحة إن وُجِد الحائل)، بينما الحنابلة قالوا بتحريم مصافحة الشابة، ولكن لا بأس بمصافحة العجوز، وفي رواية أخرى عنهم كراهية المصافحة حتى للعجوز، أما الأحناف، فقالوا إنه لا يجوز للرجل أن يمس وجه امرأة ولا كفها، وإن أمن الشهوة، لوجود المحرم، ولانعدام الضرورة والبلوى، وهذا للشابة، أما العجوز فلا بأس بمصافحتها بل لا بأس بأكثر من المصافحة، لأن عبد الله بن الزبير استأجر امرأة عجوزًا لتمرِّضه، فكانت تكبس رجليه، وتفلِّي رأسه، وأباح الشافعية المصافحة، ولكن بتحقق شرطين أساسيين، أمن الفتنة، ووجود الحائل.

    والسؤال، هل يتبين لنا من كل ذلك أن المصافحة حرام قطعًا؟ وماذا عمن يذهب إلى القول والاستنتاج من الأحاديث الصحيحة بأن النبي صلى الله عليه وسلم صافح النساء؟ ثم إن حديث: (لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له)، لم يستدلَّ به أي من الفقهاء الأوائل، ما قد يجعلنا ننظر نظرة الشك إلى صحته، ولكن، دعنا نأخذ به على أنه صحيح، فإن المس في اللغة العربية، وكذلك ورد في القرآن الكريم، يحمل معنى المباشرة الزوجية، وحتى اللمس أتى بهذا المعنى تقريبًا، فهو مقدمات المباشرة، إذ يقول ابن مسعود رضي الله عنه عن قوله تعالى: {أو لامستم النساء} قال: (هو ما دون الجماع، والقبلة من اللمس، وفيها الوضوء)، كما قال عمر بن الخطاب: (إن القبلة من اللمس فتوضأ منها)، ويدخل في ذلك حديث أبي هريرة: (فاليد زناها اللمس)، وكذلك قول ابن عباس: (لعلك مسست).
    وحديث أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كُتِبَ على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذن زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدِّق ذلك الفرج ويكذِّبه)، يقول عنه ابن عباس: (ما رأيتُ شيئًا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة)!

    وهناك مشكلة أخرى، نراها في بعض المجتمعات الذكورية، وكم مرة سمعنا من امرأة أن زوجها ضربها لأنها تأخرت في واجبها الشرعي تجاهه، ولم تُحَضِّر الغداء له في موعده مثلًا، لننظر إلى الآراء الفقهية لأئمتنا الأربعة بهذا الصدد.
    ذهب الأحناف إلى أن خدمة المرأة لزوجها ديانةً لا قضاء، أي أنها تقوم بخدمة البيت، وليس لها أن تطلب أجرًا على ذلك، ولكنهم؛ أي الأحناف؛ ومعهم الإمام مالك، والإمام الشافعي، قالوا إن عقد النكاح اقتضى الاستمتاع لا الاستخدام وبذل المنافع، وإن أردنا النظر في التفصيل أكثر، لرأينا أن الشافعية والحنابلة وبعض المالكية يقولون إن خدمة المرأة البيت غير واجبة، لكن الأولى لها فعل ما جرت به العادة، أما جمهور المالكية فقالوا إن الخدمة واجبة للأعمال الباطنة التي جرت العادة بقيام الزوجة بمثلها، ولكن إن كانت المرأة من أشراف الناس، فلا تجب عليها هذه الخدمة، ما لم يكن زوجها فقير الحال، لا قدرة له على استئجار خادم للقيام بأعمال البيت.

    ولكن الأرجح أنها ملزمة بهذه الخدمة، فالنبي صلى الله عليه وسلم حكم على ابنته فاطمة بها، ولزوجها الخدمة الظاهرة، أي العمل خارج البيت، ثم إنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: (يا عائشة أطعمينا، يا عائشة هلمي السكين واشحذيها بحجر)، ثم إن عقد النكاح يقتضي الاستمتاع، ولكن الاستمتاع للطرفين، وبالتالي على الرجل النفقة والكسوة، وعلى المرأة الخدمة الباطنة، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابنته سيدة نساء الجنة، ثم إن العرف جرى على هذا، والعرف له حكم القانون ما لم يخالف شرع الله تعالى، ومنه قوله تعالى: {وأمر بالعرف}، ولكن في آراء فقهائنا التنوع، وبالتالي إن من تجد أن خدمة البيت ليست واجبة عليها، أن تشترط ذلك مقدمًا لمن يطلب يدها، وإلا فإن موافقتها على عقد النكاح من دون هذا الشرط، يعني موافقتها ضمنيًا ومباشرة على إلزامها بخدمة زوجها وبيتها...
    وليس في هذا أي انتقاص لمقام المرأة! فكما تشقى هي في عمل المنزل، على الرجل أن يشقى في عمل الخارج ليؤمن لها النفقة والكسوة والغذاء، وليست المجتمعات الإسلامية، ولا العربية، وحدها من تمشي وفق نظام خدمة النساء أزواجهن وبيوتهن، فهذا الأمر عام في كافة المجتمعات، ومثال بسيط على ذلك، الإنكليزي كارل، كان يُلزم زوجته بغرامات مادية، ومن بينها غرامة تأخرها بتقديم طعام العشاء إليه (جنيه إسترليني)! حتى وصل الأمر إلى القضاء الإنكليزي، والمدعي كارل نفسه، أراد أخذ نصف ثروة زوجته، فألزمته المحكمة بدفع نفقة أسبوعية باهظة إلى زوجته، بدلًا من تلك الغرامات التي ألزمها بها، وبالتالي إن من يتتبع المسلسلات والكرتون الأجنبي، يرى أن أعمال البيت تقوم بها النساء كذلك...

    وما زلنا نتابع الكلام حول واقع النساء اجتماعيًا، وهل يتطابق مع الدين أم لا...
    تابعوا معنا

    التعديل الأخير تم بواسطة أ. عمر ; 18-1-2018 الساعة 09:20 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...