ذاكرة المطر

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: ذاكرة المطر

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    الصورة الرمزية kaw Matsuda

    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المـشـــاركــات
    203
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي ذاكرة المطر

    -

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    القصة منشورة مسبقا، وبما أنني أنشرها هنا في مسومس العزيز، فسأهديها لصاحبة الابتسامة الجميلة التي ألهمتني بطريقة ما لكتابتها
    إليكِ تشيزوكو العزيزة ..




    "المحاضرة الأخيرة مُلغاة"
    كفتني رسالة صديقي عناء الاستعداد للغد، ورغم أنني سهرتُ البارحة فلم أتخلَ عن طقسي الخاص بالبقاء مستيقظا بعد صلاة الفجر حتى شروق الشمس ..
    فتحتُ الشباك إلى المنتصف، ثم عدتُ لمقعدي
    أغمسُ قطعة البسكويت في كوب الشاي الذي أحبّ تناوله حلوًا كالدبس .. وأبتسم ..
    للنسيم في هذا الوقت حلاوة لا توصف، يجعلني أفكر تلقائيا بتلك الآية الكريمة (والصبح إذا تنفس) ..
    أنهيتُ فطوري "اللا صحي" كما تسميه أمي، وبمجرد وقوفي، طرقَ رذاذ خفيف زجاج النوافذ .. منذ البكور والأفق مغمور تحت طبقات الغيوم ..
    في أوقات كهذه يطيب لي أخذ جولة سيرًا على الأقدام، بعيدا عن حدود المنزل، أشعر أنني بهذه الطريقة أصبح قريبًا من السماء ..
    ارتديتُ نعليّ وانطلقتُ خارجًا، تتراقص القطرات على كتفيّ، بتناغم تام مع الذكرى المنبعثة من ذاكرتي كأغنية قديمة لا تُنسى ..
    كنتُ في ذاك الصباح برفقة جدي الذي يصحبني إلى المدرسة بسيارته، أجلس في الأمام بثوب شبه متجعد، يغلبني النعاس تارة وأغلبه تارة أخرى .. أوقف جدي المركبة وأخرج من جيبه بضع ريالات، سامحًا لي بالنزول لشراء وجبة بسيطة تنشطني وتساعدني على استيعاب الدروس في الحصص الأولى .. اختفت كل معالم النوم مني، ترجلت فرِحًا، والتصبيرة الوحيدة التي خطرت ببالي هي "مثلجات الشوكولاتة" .. ابتعتها سريعًا وغادرت .. كانت السماء ترشح مياهً خفيفة وكأنها تشاركني سعادتي الخاصة، توقفتُ على العتبات العريضة خارج "السوبر ماركت" وانشغلتُ بإزالة قراطيس الآيسكريم، وفي تلك اللحظة اخترق سمعي صوت آخر، لا يمتّ للمطر بصلة، نشيج خافت تحول إلى عويل مرتفع، تلفّت من حولي بعينين متسعتين حتى استقر ناظري على ذلك الكرتون الخشبي في الزاوية اليسرى .. تقدمتُ ببطء لأجد صبيًا صغيرًا داكن البشرة، متكوّرًا على نفسه، والأسمال البالية بالكاد تستر جسده، لم أعلم إن كان يبكي بسبب البرد أو الجوع، أو لأن المطر أفسد تماسك منزله الخشبي، أو ربما لأنه بعيد عن والديه .. بدا وحيدًا بشكل آلمني حدّ الموت
    - هل أنت بخير؟
    - يا فتى
    - لعله لا يتكلم
    تناثرت العبارات بقربي .. دسستُ مثلجاتي أسفل كفي، واستيقظتُ من شرودي على صوت البوق الذي يضربه جدي، سحبت قدمي ناحية السيارة تاركا خلفي ذاك العامل الهندي الذي يُغطي الطفل بغطاء رقيق ..

    سأكذب إن قلتُ -بعد كل تلك السنوات وإلى الآن- أنني لا أفرح بانهمار الغيث، لكن الشيء الذي لم أتخلى عنه أبدا منذ ذلك الحين، هو الدعاء لجميع الفقراء والمحرومين
    كل مرة .. أسفل المطر.



    -تمّت-


    التعديل الأخير تم بواسطة ~~خالد~~ ; 5-3-2018 الساعة 08:05 PM

  2. 7 أعضاء شكروا kaw Matsuda على هذا الموضوع المفيد:


المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...