الاتجاه المعاكس... مقالة اجتماعية من صميم ما لاحظته في الحياة (أ. عمر)

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 10 من 10

مشاهدة المواضيع

  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي الاتجاه المعاكس... مقالة اجتماعية من صميم ما لاحظته في الحياة (أ. عمر)

    الاتجاه المعاكس


    كثيرًا ما يستوقفنا ويثير دهشتنا تناقض عجيب في شخصية الواحد
    أمام موقف واحد
    يحدث معه مرتين
    تراه في أحدهما في شخصية وموقف
    أما في الثاني
    فترى انقلابًا معاكسًا...
    كل التعاكس!!

    *************
    ما أزال أذكر مائدة الإفطار التي جمعتنا؛ منذ سنوات طوال؛ في بيت أحدهم، حيث جلس معنا ابنه البالغ عشر سنوات تقريبًا، يأكل بمنتهى الأدب والاحترام والرقي، ووالده يفخر به وبرجولته، ولئن امتدت يد الولد أبعد من طبقه بما لا يقاس، صاح به الوالد مؤنبًا زاجرًا داعيًا إياه إلى التزام آداب الطعام...
    وبالمقابل ما يزال الموقف الذي حصل بعد ذلك بعدة أيام حاضرًا في ذهني...
    كنا كذلك أمام مائدة الإفطار، حيث كنا أنا وذلك الشخص وابنه أمام مائدة إفطار، إنما في بيت أحد أقاربنا لا في بيت الرجل، وهناك جلس ابنه هذا، وهو لم يكن صائمًا أصلًا، ومتناولًا طعام الغذاء، ومتناولًا بعض الطعام قبل الإفطار كذلك...
    جلس هذا الابن يأكل كالوحوش الكاسرة، ويرتفع بجسده على الكرسي ليختطف الطعام من أمام الجالسين، آكلًا إياه بشراهة ودونما مضغ تقريبًا، ملقيًا بعضه بجوار قدمه على الأرض مخبئًا إياه عن أعين الحضور، مادًا لسانه ليلعق طبقه وجانب الطاولة فيه، ما أثار موجة اشمئزاز واستنكار عنيفة من الجالسين، وغادر معظمهم الطاولة قبل إتمام الطعام، ومن بقي عليها فإنما ليتفرج على هذا الموقف العجيب، فاستدرت إلى الأب قائلًا: (يا رجل، ألا ترى ما يفعله ابنك)؟؟
    ففوجئت به يصيح بغضب: (وماذا يفعل؟؟ إنه طفل ويريد أن يأكل)!!
    بماذا نسمي هذا...
    إن لم يكن اتجاهًا معاكسًا!!

    **************
    كنت في بيت أحد أقاربنا البعيدين عنا قليلًا لأجل عمل ما، وحضرت تلك المرأة وأخذت تنظر إلي وابتسامة ساخرة هازئة على شفتيها، قبل أن تسألني بلهجة اتهامية إن كنت أفسر المنامات، فأجبتها أن كلا، وإنما هي لي معرفة بسيطة ببعض مبادىء التفسير، فوجئت بها تعلن أن هذا دجل وافتراء، حين تفسر منام أحد، لأنه لا يعرف الغيب إلا الله...
    أخبرتها أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان أصحابه يسألونه فيفسر لهم، بل إن في الحديث الصحيح أن أبا بكر الصديق فسر منامًا لأحدهم، فقال له الرسول لقد أصبت في بعض، وأخطأت في بعض، ثم هل كان ملك مصر يبحث عن عالم بالغيب ليفسر له منامه؟؟
    أعلنت أنها لن تقتنع، ثم سألتني عن رأيي بـــ(المكاشِفون) الذين تذهب حضرتها إليهم، ليخبروها بما سيحصل معها في مستقبلها!!
    بم نسمي موقفها هذا من عالمي الغيب؟!
    أليس اتجاهًا معاكسًا؟؟

    ***********************
    حين تقوم جارتك، أعزها الله، بجمع بقايا غذاء أولادها من عظام الدجاج مثلًا، ثم تحمله وتلقي به على شرفتك دون مبالاة، أو حين تقوم بتغيير حفاض طفلها - أعزكم الله - ثم تلقي به بلا استحياء على دمها، على شرفتك، ولما تغادر منزلها، تستر شعرها ووجهها وكفيها،
    امتثالًا لأوامر الله تعالى بالحجاب، وزيادة في الحرص على الدين، أما أوامره بعدم إيذاء الجيران، فلا أهمية لها أيًا كانت!
    ألا نستطيع اعتبار هذا...
    اتجاهًا معاكسًا؟؟

    ********************
    حينما ترى امرأة تمشي في الشارع غاضة بصرها، ساترة رأسها، ثم تراها فاتحة باب بيتها على مصراعيه جالسة أمامه مباشرة وقد كشفت عن شعرها، ولباسها مخزٍ بكل المعاني، ولما تسمع خطواتك على الدرج لا تبالي، وما إن تصبح في وجهها حتى تقف وتبدأ تصرخ لابنتها أن تأتيها بالحجاب من دون أن تكلف نفسها حتى عناء الدخول إلى المنزل!!
    ماذا يمكن لنا أن نعتبر موقفها
    ما بين خارج البيت، بل خارج البناية
    ثم جلوسها على الدرج بهذه الطريقة المستفزة...
    أليس اتجاهًا معاكسًا؟؟

    *****************************
    حين ترى الرجل يسير في الشارع وبجواره امرأته، ملتزمة أمر ربها، ساترة نفسها، وعيناها في الأرض،
    ولما يدعوك الأخ الغيور على عرضه إلى بيته
    تجد المرأة منضمة إليكما في جلستكما
    كاشفة رأسها
    مظهرة ذراعيها وساقيها
    مطلقة الضحكات العالية
    كيف لنا أن نقيس موقف الرجل
    ما بين إخراجه زوجته إلى الشارع
    ومظهرها في البيت بوجود الرجال...
    أليس اتجاهًا معاكسًا؟؟

    *****************************
    اخرج إلى شرفتك لتشم الهواء النقي (طبعًا بعد أن تنظفها لك شغالة خاصة من عظام الدجاج والحفاضات)، فترى جارتك واقفة في مقابلك على شرفتها مع زوجها المصون، والمحروسة بلباس غير لائق نهائيًا، والمصيبة أنها لا هي ولا زوجها يلقيان بالًا أو اهتمامًا لخروجك من عدمه، ثم تسمع في اليوم التالي خناقهما العجيب وهي تؤكد وتحلف أنها لم تكن منتبهة إلى ظهور شعرة من رأسها من تحت الحجاب قبل خروجها من البيت، والأخ المصون الغيور على عرضه يصرخ و(يجعر) متسائلًا عن فوائد المرآة!
    ألا يعتبر هذا...
    اتجاهًا معاكسًا؟؟

    *****************************
    حين تصل إلى مدرستك، فتجد مديرك يصرخ ويولول ويشيح بذراعيه وساقيه، ملقيًا على مسامعك المحاضرات حول أهمية الكسب الحلال، وعدم التأخر عن الدوام، مع العلم أن التلاميذ لم يصعدوا إلى صفوفهم بعد، ويأتي غيرك وهو ابن المنطقة لا يحتاج التنقلات، ولا يبعد بيته عن المدرسة أكثر من عدة أمتار، يأتي حضرته في الساعة العاشرة أو الحادية عشرة، وتجد المدير يبتسم في وجهه الابتسامات العريضة...
    أليس هذا اتجاهًا معاكسًا...
    بالمعنى الحقيقي للكلمة؟؟

    *****************************
    تفاجأ بحديث الأساتذة في مدرستك عن رحلة خلوية مختلطة بين الشباب والبنات، غطاها التلفزيون المحلي للمنطقة، حيث تحلقت البنات المحجبات ذوات اللباس الطويل، مع الشباب في دائرة، وتشابكت الأيادي، وبدأ الرقص، كل بنت يديها في يدي شاب، وبعلم وموافقة وتشجيع ومشاهدة آبائهن على التلفاز المحلي
    ثم تسمع أن هؤلاء الآباء الغيورين على أعراضهم، هجموا على مدرسة ما، وكسروا باب الإدارة وأشبعوا مديرها ضربًا، بحجة أنه وجه لابنتهم ملاحظة (وكيف وجهها لها ما لم ينظر إليها؟؟ عرضنا غالي)!!
    فبالله عليكم...
    أليس هذا اتجاهًا متعاكسًا؟؟

    *****************************
    حين تمشي في الشارع
    فترى ولدًا ماشيًا بجوار أبيه الملتحي
    والذي لا يفارق المساجد وصفوفها الأولى
    فترى الولد يسب الدين
    يهزأ به
    والأب يضحك له
    واصفًا إياه بــــ (الرجل الحقيقي)
    فلئن نهرت الولد
    أو أبا الولد لكلام ابنه
    هاج وماج
    وأرعد وأزبد
    ووثق وأكد
    أن ابنه محض (حمار) لا يفهم؟؟
    فبربكم...
    أليس هذا اتجاهًا متعاكسًا؟؟

    ******************************
    في رمضان
    ولأن صلاة التراويح
    ستنقل على الميكروفون
    تراه راكضًا مزاحمًا حفظة القرآن بكتفيه
    ليقف إمامًا رغم الأنوف
    ويبدأ يقرأ
    وللدقة يغني القرآن
    بينما باقي الصلوات الجهرية
    لا تنقل على الميكروفون
    فتراه يمر بجانب المسجد
    من دون أن يكلف نفسه عناء الدخول!!
    ما اسم هكذا تباين في الموقف...
    أليس اتجاهًا متعاكسًا؟؟

    *****************************
    حين يأتيك الولد إلى المدرسة بلا كتاب ولا دفتر ولا قلم، ثم يتورط في خناق مع رفاقه وهو المخطىء المعتدي، ويضربهم، استدع والده فلا يأتي، بل ويرسل إليك أن (إليك عني) أو (ما معي وقت)، ثم يتورط الولد هذا في خناق مع رفاقه، وهو المخطىء المعتدي، ويضربهم، لكنه يتلقى ضربة معتبرة من أحدهم
    ترى والده قادمًا إلى المدرسة حاملًا سكينًا، لينتقم من الأساتذة والمعلمات، صائحًا صارخًا كالمجانين حول الطفل المسكين الذي تعرض للضرب، وكيف أن هذا حرام لا يجوز!
    أليس هذا...
    اتجاهًا متعاكسًا؟؟

    ****************************
    حين تتململ الواحدة من زوجها إن طلب منها أن تلبس له ثوبًا يحب رؤيتها فيه، فإن علمت أن صديقتها قادمة إليها أسرعت تلبسه...
    وحين تعرف المرأة بوقت قدوم زوجها إلى البيت
    فلا تكلف نفسها عناء الاهتمام بهذا
    أما إن عرفت بوقت قدوم رفيقتها
    أسرعت تصلح من زينتها لتظهر بأفضل المظاهر
    قبل ساعتين أو ثلاثة من وصولها
    ألا نستطيع اعتبار هذا الموقف...
    اتجاهًا متعاكسًا ؟؟

    ********************************
    حين تتزوج لتعف نفسك ببنت الحلال، فتهملك وتهمل مطالبك واحتياجاتك النفسية والجسدية، ولا تظهر أمامك إلا بمنظر سيئ للغاية...
    وبكل برود تهملك وتصم أذنيها عن نصيحتك لها
    وما إن تشعر بفتورك نحوها
    حتى تراها راكضة إلى الساحر اللعين
    المتعامل مع الجن
    والكافر بالله تعالى، إذ يتعامل مع الجن
    مهما ادعى الصلاح
    ليعطيها (خلطته)
    لتضعها بما تحويه من دماء الحيض
    بمقادير قليلة في أطعمتك وشرابك
    لتضمن أن ترجع إلى حبها وعشقها
    أليس هذا الاتجاه المتعاكس...
    بكل ما تحتويه الكلمة من المضامين؟؟

    وإلى (الزوايا المتناقضة)، الجزء الثاني بإذن الله تعالى

    (عمر قزيحة: مما كتبته عام 2009م).



  2. 5 أعضاء شكروا أ. عمر على هذا الموضوع المفيد:


المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...