الزوايا المتناقضة... مقالة اجتماعية من صميم الملحوظات الحياتية (عمر قزيحة)

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,290
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي الزوايا المتناقضة... مقالة اجتماعية من صميم الملحوظات الحياتية (عمر قزيحة)


    الزوايا المتناقضة

    حالات كثيرة نراها أمامنا لأشخاص نعرفهم
    ونقف معهم الموقف ذاته مرتين
    فنرى ردة فعلهم الناتجة عن نظرتهم للأمور
    مختلفة كل الاختلاف
    متناقضة أشد التناقض
    ما بين الموقفين
    على نحو يثير الدهشة والعجب
    بل وربما أثار؛ كذلك؛ غيظك وغضبك

    *************

    كان خارجًا من المسجد يصيح ويصرخ، ناعتًا الآخرين بالاستهتار بأوامر الدين وكتاب الله عز وجل، مؤكدًا أن (أحد الناس) سيتعذب في السعير، لأن عليه كفارة واجبة لليمين، ذلك لأنه قال مما يجري على ألسنة الناس عادة: (والله) لن أفعل هذا
    أعجبتني الغيرة على الدين بهذا الشكل وإن كان خاطئًا، إلا أنني وقبل نهاية اليوم ذاته، وفي قلب المسجد، فوجئنا بالأخ الغيور على الدين، يشير لنا إلى شخص ما، حالفًا بالله العظيم داخل بيت الله، أن ذلك الشخص قد ارتكب المعصية الفلانية، وبدأ بعضهم يعظه، وبعضهم يستنكر عليه، وقسم يعنفه، فيما سأل أحدهم ذلك الغيور محتارًا عن سبب قوله هذا، لأن الشخص المتهم كان معه في الوقت الذي أشار إليه الأخ، فأجابه مقهقهًا كالمجانين إنه كان ضجرانًا ويريد أن يتسلى!!

    ما بين كلام اعتاده اللسان
    وحلف بالرحمن
    انتفى حكم الكفارات
    والزوايا حظيت بالتناقضات!!


    *************************

    كنت في بيت أحد أقاربنا البعيدين عنا في منطقة أخرى، أجري فحصًا لطبقه الهوائي لمعرفة سبب ضعف الإشارة لديه، حددت مكمن المشكلة، وقمنا بتسليك جديد للكابل المتصل بالعين اللاقطة، إلا أني فوجئت به وقد أطال (نحاسة) الكابل، حذرته من وصله بالعين كي لا يتسبب في صعقة كهربائية لجهاز الاستقبال (الرسيفر)، فأسرع يقطعها، لأن المرء (يُسْأَل عن ماله فيم أنفقه)
    كانت نظرته للأمر من هذه الزاوية عملًا ممتازًا، لولا أنه بعد أسبوع تمامًا، كان معي على سطح منزلي، لنسلك الكابل الخاص بطبقي أنا، فما كان منه إلا أن أطال النحاسة بشكل مخيف، حذرته أن هذا يسبب صعقة كهرباء للرسيفر، فما كان منه إلا أن ضحك ببلاهة ثم أوصلها بالعين!!
    وقد تسبب هذا في تلف جهازي الذي لم يمض عليه أربع وعشرون ساعة عندي في ذلك الوقت، وكان باهظ الثمن أيامها...
    (والأخ تنكر لفعلته، وأنكر أذاه، ولم يعوضني ثمن الجهاز)

    ما بين سطحه وسطحي
    وطبقه وطبقي
    كانت زاوية النظرة للأمور
    متناقضة جدًا ولا جدال في هذا

    ***********************

    كنا في منزله في زيارة عائلية، واضطر للاتصال بأحد أصدقائه، فقام يسب ويلعن فواتير الهاتف المبالغ فيها، وبدأ (يبرطم) باللغات المنسية المهجورة قبل أن يرفع سماعة هاتفه الثابت ليجري اتصاله بذلك الصديق، بأوجز العبارات وبأقل من نصف دقيقة كان الاتصال قد انتهى...
    انتهى كما بدأ بالسباب على الهواتف وفواتيرها.

    إلا أنه ولما كان في منزلي أنا في زيارته تلك، اختفى فجأة من أمامنا، لأفاجأ به بعدها ممسكًا بسماعة الهاتف يضحك كالمجانين محاولًا أن يحزر رفيقه من يكون، وأربع دقائق في محاولات التحزير، تلتها عشر دقائق أخرى من الضحك واسترجاع الذكريات...
    وكلما أنهى اتصالًا بدأ بآخر، لفت نظره بلطف إلى فواتير الهاتف، ففوجئت به يصيح بغضب:
    لو كان لابن آدم واديًا لتمنى أن يكون له واديان، لماذا اخترعوا الهاتف إذًا ؟؟

    وقبل أن أعلق على هذه الحكمة البالغة التي سمعتها منه، أشير إلى أنه كان يستغل دخولي الحمام أو مغادرتي المنزل، وأي شيء آخر، ليعاود الاتصال بكل من يعرفهم، علمًا أنهم جيرانه في منطقته، وليس مضطرًا إلى كل هذا الهراء، بمعنى لا يوجد أي سبب للاتصال بأناس يراهم كل يوم بهذه الطريقة المزعجة!
    وخلال 36 ساعة أقامها عندي محسومًا منها ساعات النوم والطعام ونزهته وسباحته، تضاعفت الفاتورة ثلاثة أضعاف كاملة ونيف عن الشهر السابق.

    ما بين سماعة هاتفه
    وسماعة هاتفي تختلف الأمور
    وتتناقض الزوايا!!!

    *******************************

    وقف المتأخرون عن الصلاة خلفه لما رأوه يصلي
    فكان أن أطال وأطال حتى وكأنه يريد أن يختم القرآن في ركعة واحدة
    فلما ركع نسي القيام حتى سَبَّح من خلفه سبعين تسبيحة لا سبعًا، ثم كان السجود الذي لا قيام منه ما دفع بمعظمهم إلى قطع صلاتهم والمغادرة، ولم يبال بأحد، ومن عاتبه على هذا، بدأ يصيح عليه أن قراءة تسعين آية في الركعة على الأقل (من السُّنَّة)، وأن علينا إطالة الركوع والسجود واصفًا من اعترض عليه أنه ممن (ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون)
    وفي مساء اليوم التالي كنا في صلاة المغرب وقرأ الإمام بضع آيات ولم يطل لا الركوع ولا السجود، إلا أننا فوجئنا بالأخ نفسه (يجعر) كالوحوش (أفتان أنت يا معاذ)؟؟ معترضًا على هذه الإطالة التي نهى عنها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم!!


    ما بين حالته كإمام
    وحالته كمأموم
    تختلف السُّنَّة مئة وثمانين درجة
    وتنعكس الاتجاهات
    وتتناقض زوايا الأخذ بالأمور!!

    *****************************

    في منزله كنا وطفلته ذات العامين وأشهر تلعب حولنا وتأكل حبة شوكولا، ثم فوجئنا بوجه الأخ يحمر انفعالًا وبصوته المدوي يصرخ في وجه الطفلة لأنها ألقت بالقشرة على الأرض، متحدثًا عن قلة الأخلاق والتهذيب لدى الأطفال، وبقسوة من دون مبالاة ببكائها، صفعها على وجهها، وجذبها بمنتهى الخشونة رغمًا عنها لتلتقط القشرة وتذهب لرميها في كيس النفايات، ثم منعها من مشاهدة التلفاز وأغاني الأطفال على (طيور الجنة)، ما فجر استنكارها وصراخها وزعيقها، لكن دون جدوى.
    رأيت هذا حرصًا زائدًا عن حَدِّه ولا مبرر لهذه القسوة والحدة والانفعال والعقوبات لطفلة في هذا السن الصغير...
    إلا أن زيارته لي في منزلي بعد ذلك بيوم واحد، أتى بخلاف ذلك!
    إذ كانت طفلته تأكل الشوكولا وألقت بالقشر كله على الأرض
    عاتبتها بلطف، فكان أن حملت ما ألقته واتجهت به إل مكان النفايات
    إلا أنني سمعت العجب العجاب من والدها
    لقد أمرها أن ترجع وتلقي بالقشور على الأرض
    فما كان من الطفلة إلا أن فعلت ذلك
    وأسرعت عائدة إلى والدها لتحتمي به مني
    والحقيقة لم تكن ثورتي عليها بل على أبيها
    ولقد قابلني الأخير بابتسامة (يعجز عن رسمها المجاذيب) شارحًا لي كيف أن الطفل لا يهتم قطع الشوكولا، إلا لتحقيق حلمه الكبير بعدها، والمتمثل بإلقاء القشرة على الأرض، وببلاهة حماسية أخذ يلوح بذراعيه واصفًا مدى ما تشعر به الطفلة من الفرحة والسعادة، وهي ترى قشرة الشوكولا ترتفع وترتفع، ثم تبدأ مرحلة الهبوط، ما دفع بي إلى فتح الباب وإلقائه خارجًا ليواصل أحلامه الغبية بعيدًا عني، ويبدو أنه أفاق من أحلامه مع صوت إغلاقي الباب في وجهه إثر ضربة من ساقي،
    فأخذ يطرق من دون جدوى، أفهمته أني سأضرب الطفلة إلى أن تلتقط القشور وتلقيها في النفايات، فصاح بها من خلف الباب أن تفعل ذلك، لتلبي أمر أبيها فورًا، وهو يصرخ من الخارج أنه لا يجوز ضرب الأطفال ولا معاقبتهم ولا....
    ولا... ماذا؟؟
    لن أخبركم هنا...
    فقد هتفت به أن يصمت قبل أن يسمع صوت الضرب!!

    *****************************

    ما بين نظافة بيته
    ونظافة بيتي يختلف الوضع
    وضربه طفلته لأجل ذلك (تربية)
    وفكرة ضربي لها للأمر ذاته (حرام)
    زاوية مختلفة جدًا
    ومتناقضة أيما تناقض!!

    **********************************

    رأيتها وأنا أمر خلال الصفوف كبديل للناظر، كانت تضرب الولد بخشبتها، وقد احمرت يدا الأخير تمامًا، وهي تواصل الضرب، ثم حملت النبريش وأهوت به على منتصف ظهره بضربة رهيبة ألقته أرضًا عاجزًا عن التنفس، وكادت تواصل لكني خلصته من يديها وأسرعت به إلى المشرف الصحي، وهي تتحدث عن قلة التربية والأخلاق لدى الأطفال، وكيف أنه لم يهتم بأغراضه، ما أدى إلى أن (يُسْرَق منه القلم)، وبعدها بيومين أو ثلاثة، سمعتها تولول وتصرخ في غرفة المعلمات واصفة لهم كيف تضاربت بالأيدي مع معلمة ابنها في مدرسته لأنها ضربته عصا على يده، كي لا يسرق النقود من زميله مرة ثانية...
    وقد تفجر غضب الأم (المعلمة التي ضربت ذلك الطفل)، وانطلقت إلى مدرسة ابنها لتواجه المعلمة وتمد يدها عليها، ما استدعى حالة الضرب بينهما، إلى أن تدخلت معلمات وناظرات لإبعادهما عن بعضهما بالقوة.


    ما بين أن يُسرق القلم من الطفل
    وما بين أن يَسرق طفلها النقود
    وما بين ضربها هي الطفل المسكين بتلك الوحشية
    وضرب المعلمة طفلها هي بمنتهى العدل
    اختلفت الموازين
    وانقلبت الأمور
    وتناقضت الزوايا.

    *******************************

    إخوتي في الله
    جزاكم الله خيرًا
    إنما هذا هو الجزء الثاني
    لموضوعي السابق (الاتجاه المعاكس)،
    وبقي لنا جزء ثالث ضاع في مجرى الزمان للأسف...


    (عمر قزيحة _ مما كتبته عام 2009م)


  2. 5 أعضاء شكروا أ. عمر على هذا الموضوع المفيد:


  3. #2

    الصورة الرمزية Lumi

    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    المـشـــاركــات
    143
    الــــدولــــــــة
    السودان
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: الزوايا المتناقضة... مقالة اجتماعية من صميم الملحوظات الحياتية (عمر قزيحة)

    ذكرتني أستاذي الجليل بموقف كانت قصته علينا أمي حفظها الله
    فقد داست احدى قريباتي قدم احداهن فصاحت بها الأخيرة "أبعدي كراعك عن قدمي!"
    *الكراع أجلّكم الله هي لفظ يستخدم للتعبير عن قدم أحد الحيوانات
    سألتها الأولى مستنكرة "مالذي جعل قدمكِ قدمًا وقدمي كراع؟!"
    هذه المواقف تتكرر بأشكال مختلفة
    هدانا الله جميعا لما يحب ويرضى
    دمتم في أمان الله وحفظه

  4. #3

    الصورة الرمزية Jomoon

    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    5,615
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Thumbs up رد: الزوايا المتناقضة... مقالة اجتماعية من صميم الملحوظات الحياتية (عمر قزيحة)

    السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

    عجب العجاب
    صراحة شيء غريب
    قهرني اللي تسبب بالصعقة الكهربائية
    ذا تمسكه من خلقاته وتخليه يعوضك ببديل
    مجنون فعلاً فعله هذا شنيع
    الطفلة أدهشني أباها
    يقهر فعلاً
    ما شاء الله سردك جميل وممتع في نفس الوقت
    فبارك ربي بك
    وزادك من فضله
    في حفظ المولى،،
    ~

  5. #4


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,290
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: الزوايا المتناقضة... مقالة اجتماعية من صميم الملحوظات الحياتية (عمر قزيحة)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Lumi مشاهدة المشاركة
    ذكرتني أستاذي الجليل بموقف كانت قصته علينا أمي حفظها الله
    فقد داست احدى قريباتي قدم احداهن فصاحت بها الأخيرة "أبعدي كراعك عن قدمي!"
    *الكراع أجلّكم الله هي لفظ يستخدم للتعبير عن قدم أحد الحيوانات
    سألتها الأولى مستنكرة "مالذي جعل قدمكِ قدمًا وقدمي كراع؟!"
    هذه المواقف تتكرر بأشكال مختلفة
    هدانا الله جميعا لما يحب ويرضى
    دمتم في أمان الله وحفظه
    حفظ الله أمكِ من كل سوء،
    هذا من المستنكر فعلًا أن يتعالى الإنسان على الآخرين
    ومجتمعنا يحتاج إصلاحًا حقيقيًا ينطلق من مبادئ الدين الحنيف
    بوركتِ أختي الكريمة لدعائكِ الطيب، حفظكِ الله تعالى

  6. #5


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,290
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: الزوايا المتناقضة... مقالة اجتماعية من صميم الملحوظات الحياتية (عمر قزيحة)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Jomoon مشاهدة المشاركة
    السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

    عجب العجاب
    صراحة شيء غريب
    قهرني اللي تسبب بالصعقة الكهربائية
    ذا تمسكه من خلقاته وتخليه يعوضك ببديل
    مجنون فعلاً فعله هذا شنيع
    الطفلة أدهشني أباها
    يقهر فعلاً
    ما شاء الله سردك جميل وممتع في نفس الوقت
    فبارك ربي بك
    وزادك من فضله
    في حفظ المولى،،
    ~

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    لو استطعت أن أمسكه بخلقاته ليعوض بالبديل لما قصرت في ذلك
    لكنه _ فعليًا _ لم يكن يملك ولا نصف ثمن الجهاز، ولم يعطِ وعدًا بإحضار ثمنه من أهله حينما يرجع إلى منطقته...
    وهو نفسه في الحالتين، أي هو نفسه أب الطفلة هذه...
    لذا يبدو أن إبداعاته لا تتوقف عند حد ما، بل إنه تسبب لي بخسارة فادحة في مرة أخرى، باستهتار غريب، وأنكر حقي فيها، وكانت نتيجتها أنني طردته من بيتي نهائيًا...
    كل الشكر لكِ لرأيكِ المشرف بأسلوبي المتواضع، بارك الله بكِ ولكِ، وحفظكِ من كل سوء

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...