اللا انتماء ~

[ منتدى نور المعرفة ]


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: اللا انتماء ~

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    الصورة الرمزية |[ گريستال ]|

    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المـشـــاركــات
    1,588
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Pen Icon اللا انتماء ~

    بسم الله الرحمن الرحيم




    قبل 3 أيام مرت علي قصة عجيبة غريبة أرجعتني لا شعوريا لعالم الكتابة، فقمت بفتح برنامج المذكرة وكتبت النص أدناه مباشرة ارتجالا دون تنقيح أو تصحيح، وهي تتكلم عن موضوع حساس موجود في المجتمع ويعتبر الكلام فيه غير مريح للبعض ألا وهو اضطراب الهوية الجندري وأسميت مقالتي التي كتبتها على عجل في الجوال كما ترون في العنوان: "اللا انتماء"



    على كثر المواضيع الشائكة والتي تصنع الجدل في مجتمعاتنا العربية، يوازيها مواضيع كثيرة تم الختم عليها بشمع "التابوه" المحرم، والذي تجعل من يتحدث فيها شيطان تأبط شرًا..

    (اضطراب الهوية الجنسي أو الجندري) هو أحد المواضيع التي ربما لا يدري كثير من أفراد المجتمع ماهيته، فضلًا عن استيعاب وجوده حقيقة و واقعًا مغيبًا -بكل الأسف- ، فتحدثك عنه بِشَرٍّ أو بخير هو مفتاح لنظرات ريبة تجتاحك وعلامات استفهام عن تطرقك لموضوع شائك كهذا في ازدحام الكثير من المواضيع المستهلكة التي تلوكها الأفواه صباح مساء..

    الأشخاص الذين يعيشون هذا الاضطراب هم أشخاص
    (حقيقيون)، يعيشون بيننا وربما كنت تعرف أحدهم ظاهرًا دون أن تعرف مرّ معاناتهم داخل جدران غرفهم وأفئدتهم، ودون أن تعلم حقيقة ألم يعتصرهم حيال واقع يعيشونه لكنهم لا يستطيعون التصرف فيه وأخذ (action) ويكتفون بالتألم بالصمت الى أن يصلوا لحد الانفجار او ربما اكتنفوا ألمهم في قلوبهم حتى قبورهم..

    الاضطراب الجنسي/الجندري هو نشوء الفرد بأعضاء كاملة لجنس معين، لكنه يشعر ويعيش حياة الجنس الآخر في عقله وقلبه.. لأبسّط الموضوع بمثال واضح: ولادة ذكر مكتمل النمو والأعضاء التناسلية الذكرية، لكنه مقتنع بأنه ولد في جسد خاطئ وأنه في الحقيقة أنثى.

    باتضاح المعنى تتضح لك عزيزي القارئ بداية المعاناة، حيث ينشئ المصاب بمرض الاضطراب في جسد وحياة لم يخترها، إنما فرضها عليه المجتمع والأقارب، فهي أنثى بجسدها وملامحها لكنها مقتنعة عقليا وقلبيا أنها في الأصل ذكر، لكن جسدها ليس بالجسد الذي يصوره لها عقلها... وهنا بداية رحلة الألم التي قد تنتهي بنهاية مؤلمة تصلح أن توضع في فيلم يذرف عليه الناس الدموع وهم يأكلون الفشار ويشربون الكولا.

    تبدأ الرحلة مع المضطرب
    (واسمح لي إن كنت منهم باستخدام هذه التسمية فهي أقرب للتسهيل على القارئ) بعمر الثلاث سنوات تقريبا في كثير من الحالات، في غياب مؤسف للأهل عن الملاحظة والاستنتاج من تصرفات الطفل ورغباته التي تبدأ مبكرا، حيث يميل الذكر المضطرب لأشياء الأنثى وألعابها، وتراه يود الجلوس مع الفتيات من عائلته أكثر من الأولاد، ويحب ملابسهم وحركاتهم في تحيز قوي تجاههم منبعه اللا شعور واللا التعمد..

    تقول الدراسات بأن أكثر ما يؤثر في هذا الموضوع هو المشاكل بين الزوجين أو غياب أحدهم عن المنزل، مما يؤدي للطفل بالميل تجاه الجنس الحاضر واستحضار نفسه مثله وإن كان بجسد مختلف، فنجد كمثال الذكر قد ولد وهو لم يجد أباه بجانبه لوفاة أو سفر أو انفصال، فتمضي السنون عليه صغيرا وهو يتشبع من حنان الأم ليتحول مع الوقت إلى تقمص شخصيتها، فيحاول التقرب من صفاتها لا شعوريا ويشابهها في كل شي حتى يصل لدرجة الاضطراب والخلل دون ملاحظة الطرف القريب منه إما لمشاكله وإما لأنه يحاول التغطية على غياب الطرف الآخر ف
    يتغاضى عن بعض التصرفات حنانا منه وعطفا وهو لا يعلم بأنه ينفخ على النار الهادئة.. وربما حصل العكس وبدأ الطفل بتقمص شخصية الجنس الغائب والميلان نحوه..

    تصل المشكلة في ذروتها عند البلوغ،
    فيبدأ الطفل باستشعار الفروقات بينه وبين الباقين وخصوصا انه اختلط بهم في المدرسة لعدة سنوات، ويبدأ في هذا العمر بالميلان العاطفي ربما (وليس الأمر جنسيا غالبا كما يظن البعض) باضطراب غريب يصيبه بالشتات وعدم معرفة أين ستتجه به البوصلة، فتأخر التدخل منذ الصغر ساهم في تعقيد الموضوع لدرجة صعوبة التصحيح وتعقيده خصوصا في مجتمعاتنا الشرقية، فتخيل معي عزيزي القارئ شخصًا بأعضاء تناسلية ذكرية ويذهب لمدرسة البنين وهو مقتنع بأنه فتاة أصلا، فهل يقبل مجتمعنا أو الأهل بأن يصارحهم بميوله وأنه يريد أن يعيش كفتاة؟ ثم ينشأ الصدام مع من حوله بكل قوة، فهو يجلس مع أولاد عمومته كمثال بينما هو مستاء ومتضايق ويتمنى لو جلس مع قرابته من الفتيات! والعكس أقسى واشد، فكيف لفتاة بالجسم ان يوافق اهلها ان تجلس مع الذكور في عائلتها أو أن تدرس في مدرسة للبنين!! وكن واثقًا عزيزي القارئ بأنه ليس شخصا شريرا بأفكار خبيثة، إنما هذا ما يتلبس فكره وقلبه كاملا وهو لا يعلم (ولا من حوله من قرابته القريبين) ما العمل الصحيح وكيف التصرف..

    ننتقل بعدها في رحلة سريعة إلى سن الكبر، حيث كبر هذا المضطرب ووصل لسن العشرينات والنضج الكافي الذي يجعله يفكر بالتمرد،
    لمَ عليه أن يتألم في كل مرة يناديه أحد باسمه الذكوري بينما هو مقتنع بأنه أنثى ويعيش حياة كاملة داخله باسم أنثى يسعده ويبهجه! ويتألم في كل مرة ينادى بضمير المخاطب الذي لا ينتمي إليه اطلاقا الا بشكل الجسد..
    ويقترب من عمر الزواج مثلا وهو مضطرب يظن أن روحه وقلبه وعقله في الجسد الخطأ، فتجد مثلا أن ذا الجسد الذكوري لا يشتهي النساء اطلاقا، لأن عقله يظن أنه أنثى بالكامل، وهل سينفع أن يتزوج من رجل وهو بجسد رجل ايضا؟! وإن رغب أهله بتزويجه من أنثى، فكيف سيعيش معها وهو يرى نفسه مثلها تماما؟!

    حينها يبدأ المضطرب في البحث عن الحلول التي تنقذ وضعه، فقد كبت في قلبه سنين طويلة جدا وهو الآن في عمر النضج الذي يريد فيه تصحيح الوضع والاستقرار على حقيقته التي في عقله وقلبه.. فيجد أمامه الكثير من الحلول والوسائل التي سيكتشف بتفكير عميق وحسابات لكل شيء بأنها لن تنجح غالبًا!! وتخيل نفسك مكانه وأنت تجد كل وسيلة ممكنة للهرب من الألم الداخلي هي طريق يوصلك لهاوية تقع فيها في النهاية وربما تؤدي لعواقب وخيمة تصل إلى فقد الروح.



    إذا كنت
    تظن عزيزي القارئ بأنك استطعت تكوين صورة ممتازة عن ما يشعر به ذوو الاضطراب فأنت مخطئٌ تمامًا، فالنار لا تحرق إلا من لمسها وليس من سمع عنها، وابدأ معي رحلة الحلول وامضي في طريقها لتجد النهاية الصادمة:

    - يلجأ الكثير منهم لمحاولة العيش بصورة طبيعية، لكن هل الصراع الذي يعيشه سيسمح له؟ فلو عاش مع رغباته الحقيقية الداخلية لأصيب بالشذوذ لأنه يميل إلى نفس جنسه، لا لأنه مثلي بل لأن قلبه وعقله يعيش حياة الجنس الآخر، ومن الطبيعي أن يجذب للجنس الآخر الذي هو في الحقيقة جنسه الجسدي! ولو حاول العيش مع جسده لوجد الألم في قلبه وعقله لا يزول، فكيف لذكر مضطرب أن يتزوج من أنثى وهو يظن بأنه مثلها ولا يشتهيها اطلاقا؟

    - يتجه الكثير منهم للعمليات الجراحية لتحويل جنسه والتلاعب بالهرمونات مع تغيير النظام الغذائي أيضا ليغير جسده، وهو أمر مؤسف ،لكنه يجابه بالجانب الديني والمجتمعي الذي لا يتقبل هذا الشيء، وإن فعلها ربما نُبذ وتم هجره من كل من هم حوله، ثم أن هناك الإجراءات الحكومية التي قد لا تتوافق مع التعقيد الذي يعيشه وصعوبة اجراء هذه العمليات في بلداننا الشرقية، فضلا عن ان الكل يتحدث عن كثرة حالات الانتحار لكل من قام بهذه العمليات.

    - يقول الأطباء النفسيون بأن العلاج النفسي فعال جدًا في كثير من الحالات -ليس كلها- وربما أثمر في التوجيه الصحيح نحو انفراجة حل لهذه المعضلة، لكن ينفر الكثير من المضطربين منه لأنهم -مثلنا تمامًا- يرون أنفسهم طبيعين
    ، وكما صورت لنا مجتمعاتنا بأن من يذهب للطبيب النفسي هو مجنون ومريض، فأنت عزيزي القارئ تستعرّ لو قال لك أحدهم: عليك بزيارة طبيب نفسي. فأنت تعرف الإجابة التي جالت في عقلك الآن.



    ملاحظة سريعة خارج النص: في الحقيقة التي بدأت تنجلي للكثيرين الآن ولله الحمد، فإن زيارة الطبيب النفسي
    لا تعني اطلاقا الجنون او المرض العقلي، وإنما يستطيع الشخص زيارة الطبيب النفسي ليساعده ويرشده إلى الطريق المنشود، كأقرب تشبيه يجول في خاطري فهو مثل "المرشد الطلابي أو الأكاديمي"

    لم أتوقع أن يطول الكلام هنا، وكنت أظن بأني سأكتب خاطرة بسيطة وردت لعقلي عند سماع قصة حقيقية واقعية من أصحابها وليس من وكالة يقولون، سماع القصة جعلني أبحث واقرأ وأفكر كثيرًا.

    ما كتبته في الأعلى هو ارتجال مباشر من معلومات في ذهني قرأتها سابقًا، فإن رأى أحدكم أي تعديل فليفدنا ونعدّل بحول الله، ومنكم نستفيد.

    التعديل الأخير تم بواسطة هيغو ; 15-1-2019 الساعة 03:34 PM سبب آخر: "بتصرف بسيط"

  2. 3 أعضاء شكروا |[ گريستال ]| على هذا الموضوع المفيد:


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...