رحلة الدم (بقلمي أ. عمر)

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,290
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رحلة الدم (بقلمي أ. عمر)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    رحلة الدم
    أهي خاطرة أم قصة؟
    أهي واقع أم خيال؟

    لا أعرف الإجابة!
    فلنقل إنها كلمات خرجت، ما بين وهم وحياة محسوسة!

    وأدعو الله تعالى أن تروق لكم بكلماتها القليلة ومعانيها البسيطة!



    رحلة الدم
    بقلمي: أ. عمر


    النجوم تهمس لليل بهمسات المحبة، فلولا ظلامُهُ ما أدرك أحدٌ وجودَها، وبفضل دُجَاهُ صَفَتِ القلوب في ظل بريقها، وشردت الأرواح القلقة تبحث عن بلسمها في فيء مناجاتها.
    لكنِ النجومُ الليلةَ عن تفاعلٍ معَ قلوبِ أحبابِها في غفلة، فالنجومُ في هذا الظلام تتألق كما اعتادها عشاق الألم والراحة وهي عن مشاعرهم في غفوة، فتلك الخطا المتسارعة، في قلب رجل خائف يقطع دياجي الظلماء، غافلًا عن النجوم ونورها، يبحث عن العصابة التي تسرق الليالي ونومَهَا، وتُلْقِي الأفئدة في سهادها، مخفيةً توأم روحه وصفاء عينه في طيات الخفاء، تطلب فدية بقلوب تخجل منها الصخور الصماء، وإلا فمصير اثنتين الموت قتلًا، امرأة خائفة ومن دون سندها ضائعة حيرى، وطفلتها التي تستنجد مما يخيفها فلا تجد لها منقذًا ولا مغيثًا.
    وهذا هو الرجل يركض في ليل ظَلِمٍ
    [1]، يدأب[2] كما يعدو ظليم[3]، يسعى حثيثًا وفي قلبه من الخوف ما الله به عليم، يبحث عن امرأته التي منحها حُبَّه بكل تضحية وأنانية! فلم يحرمها الحبَّ قط، ولكنه طمع في أن تغمره بحنانها كله، لم يستطع أن يمنحها قلبه تاركًا حنانها، فكان في حبه مضحيًا وكان في عشقه أنانيًا!
    وما يزال الرجل يركض، متعاليًا على جراح ترهق الجسد، يريد أن يسترجع ابنته، لقد عزم على أن يفتديها وأمها بروحه، إنهما أوتار قلبه، إنهما إيقاع حياته، ونغم كيانه، كيف لا يكونان كذلك، وامرأته جعلها الله عز وجل في علاه له سكنًا؟ كيف لا يكونا كذلك، وهو في حياته ما بكى إلا حينما حبلت امرأته بابنته، وإذ ولدتها، وأغشي عليه فرحًا ودموعه تتدفق على خديه جداول، مع كلمة (بابا)
    [4] تنطقها طفلته المرة الأولى!
    ويتفجر في جسد الرجل، دم من غرزٍ جراحية، وتعالت آلامه تصرخ، تنادي روحه أن توقفي، والروح نفسها تنادي الرجل، الزوج والأب، أن أكمل طريقك، وتابع! امرأتك هناك، أنسيتَ الحضن الآمن؟ أنسيتَ دفء السكينة في لمسات يديها الحانيتين؟ أنسيتَ ضحكة غنجٍ منها تحلق بك في عالم بعيد عن عالم الدنيا الأليم؟ وماذا عن ابنتك التي فَنِيَ شبابك في انتظارها؟ أتتركها فريسة لسكين غدر تذبحها وتنام من بعدها هنيئًا؟ تابع طريقك، أعدهما إلى حياتهما الآمنة، ولو دفعتَ ثمنًا لذلك حياتك! فما أرخصَ حياتك من ثمن، فداء لتلك الأنثيين!
    وينطلق الرجل مقتحمًا كهف العصابة، ينقض عليهم انقضاضة نسر على فرائسه الهزيلة، لكن الفريسة لم تكن هينة، أسالت من دمائه الكثير، لكنه انتصر وقد فقد بعض بريق عينيه، لتحل فيهما نقطة عمياء تنبض على عماها متألقة وسط سكون النقاط المبصرة!
    ونهض الرجل بآلام ساقيه وتقوس ظهره، يحمل امرأته وطفلته على كتفيه، يسندهما بذراعيه، وفي دربه يمضي، نحو الأمان يسري
    [5]، وإلى بيته يمشي[6]، وها هو ذا يصل متألِمًا، وها هي طفلته كالملاك على كتفه، ليضعها في رفق أنامله، التي حطمت أعتى الأعداء ببطش محبتها نور حياتها، وينحني يقبل طفلته قبلة الامتنان، ودموع قلبه يسبح فيها كيانه، وتفيض أنهارًا مالحةً من عينيه.
    ويستدير الرجل نحو امرأته، يَمُدُّ يَدَيهِ يحضُنُها، وهو بذاك يريد حُضْنَها، يبثها الشعور بالأمان، كما ظن، ويستقي منها الشعور بالأمان بعد أن أنهكه الخوف وهَزَّ كيانه الرعب، كما تخيل، ولكن الألم يعتصر قلبه، والدم يتدفق غزيرًا في صدره، وبعين ذاهلة عن الدنيا ينظر إلى السكين التي أغمدتها امرأته في جسده تبتغي روحه، انتقامًا منه لأنه ضرب خاطفها!
    ويتهاوى الرجل جثة هامدة لا حراك فيها، يتهاوى بعد أن فقد في آخر ثواني حياةِ روحِهِ كلَّ مشاعر الأمان في هذه الدنيا، يتهاوى تحت قدميها، وهي تنظر إليه كأنها لا تراه، وما يعني لها بعد أن فارقته مياه الحياة الآن! وتمسك الأم بطفلتها بمنتهى الحنو والهدوء كي لا توقظها، لا رأفة بها ولا عطفًا عليها أو حنانًا، بل لأنها ستبيعها لخاطفها، وبثمنها ستنطلق الأفعى في دنيا البشر، تشتري كل ما تشتهيه نفسها، تاركةً خلفها جُثَّتَينِ، جثة طفلة لم تقتلها بيدها، ولم ترها بعينها، وبقايا في جسد رجل يلفظ آخر الأنفاس، وقد فارقته روحه في رحلة ليس بعدها من رجوع، قتله رمز الحنان في حياته، ومشى في جنازته، لكنه ما يزال في هذه الدنيا حيًا يسعى!!

    انتهت كتابتها في
    (8_7_2019م: الساعة: 12:47 بعد منتصف الليل)


    [1] ليل ظَلِم: ليل شديد الظلام.
    [2] يدأب: يستمر في حركته لا يتوقف أو يخفف من سرعة عدوه.
    [3] ظليم: ذكر النعام، ويُضْرَب به المثل في سرعته.
    [4] بابا: كلمة عربية فصحى.
    [5] يسري: يسير ليلًا.
    [6] المشي: يكون في أي وقت كان، نهارًا أم ليلًا.




  2. 3 أعضاء شكروا أ. عمر على هذا الموضوع المفيد:


  3. #2

    الصورة الرمزية Jomoon

    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    5,615
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: رحلة الدم (بقلمي أ. عمر)

    وعليكمـ السلامـ ورحمة الله وبركاته~

    سبحان الله نزغني قلبي!،
    ما استوعب صراحة هذا الفعل!،
    في كذا؟!،
    تعرف أيش توقعت؟!، توقعت يصاب في عينه ثم تتركه!،
    هذا اللي توقعته!،
    نعاني من الواقع أحياناً وبدل أن نرسم السعادة فإذا بنا نطرحها أرضا!!،
    عذراً أستاذ!،
    ما يسوي كفعلها إلا من نزع منه الرحمة أوالإيمان!!،

    ربي يبارك بك أستاذ،
    ويزيدك من فضله
    يارب
    في حفظ المولى،،

    ~

  4. #3


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,290
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: رحلة الدم (بقلمي أ. عمر)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Jomoon مشاهدة المشاركة
    وعليكمـ السلامـ ورحمة الله وبركاته~

    سبحان الله نزغني قلبي!،
    ما استوعب صراحة هذا الفعل!،
    في كذا؟!،
    تعرف أيش توقعت؟!، توقعت يصاب في عينه ثم تتركه!،
    هذا اللي توقعته!،
    نعاني من الواقع أحياناً وبدل أن نرسم السعادة فإذا بنا نطرحها أرضا!!،
    عذراً أستاذ!،
    ما يسوي كفعلها إلا من نزع منه الرحمة أوالإيمان!!،

    ربي يبارك بك أستاذ،
    ويزيدك من فضله
    يارب
    في حفظ المولى،،
    ê¥ں
    ~
    ربما يكون هناك من هذه النماذج، ولو كانت قليلة إلا أنها موجودة
    وردة فعلها ليس بالضرورة أن تتخذ شكل القتل، لكنها تبقى ردة بشعة تمتلئ بالغدر
    وأسأل الله تعالى أن يبعد من نزع منه الرحمة والإيمان عنا بعدًا شاسعًا لا نلتقي وإياه أبدًا
    بارك الله بكِ وحفظكِ من كل سوء.


المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...