حكاية البيسة (الكاتب: عمر قزيحة)

[ منتدى قلم الأعضاء ]


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 23 من 23
  1. #21


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,290
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكاية البيسة (الكاتب: عمر قزيحة)

    بيسة الرعب (الحلقة الثالثة)

    يقولون إن البيسة ظريفة لطيفة، وعلى القلب خفيفة! وكثير من البنات يدللن طفلاتهن بـ(البيسة)، بل وتفرح أية بنت منهن، وهي صبية لا طفلة، إذا دللها أحدهم بـ(البيسة)، ولا أعلم لماذا! لكني أعلم يقينًا أن
    قلبي (المسكين) كاد يتوقف أكثر من مرة بسبب هذه البيسة الناعمة الظريفة اللطيفة، إلخ!
    ذات أمسية في ماضي الزمان البعيد، طلبت مني الوالدة _ رحمها الله تعالى _ أن أنزل لأرمي كيس نفايات في البرميل المخصص لذلك، ونفذت طلبها فورًا، ولكنْ، ما إن اقتربت قليلًا من البرميل حتى اضطررت إلى التوقف مشمئزًا بسبب ما يفوح منه من روائح مزعجة، إذ يبدو أن البلدية كانت في سبات عميق، ولم تقم بإفراغ الأكياس منه، ويبدو كذلك أن بعضها قد تحلل، ولكن لا علينا من هذه التحليلات والاستنتاجات، رفعت الكيس لألقيه بقوة في البرميل، وفي اللحظة التالية أحسست بأنني أكاد أصاب بالشلل!
    لقد عاد الكيس الأسود يطير من داخل البرميل، وقد تقلص حجمه! بل ويطلق صرخة بصوت غريب جدًا، كدت أظن أن كيس النفايات الذي أحمله يسكنه عفريت مثلًا! ولم يفرح العفريت بإلقائه داخل برميل النفايات، مع أنه يفرح بوجوده داخل الكيس، فعاد يقفز وهو يصرخ غَضَبًا!
    دارت هذه الأفكار في ذهني ربما خلال أقل من ثانية واحدة، إذ انطلق ما ظننته كيس النفايات نحوي ليواصل طريقه وصراخه، وأنتبه هنا إلى أن هذا العفريت التعيس ليس أكثر من بيسة كانت تنام، أو ربما تبحث عن طعامها، في برميل النفايات حينما نزل عليها ذلك الكيس، فوثبت مطلقة مواء بصوت منكر لِتَفِرَّ بنفسها، مسببة لي هذا الرعب المزعج!
    عدت إلى البيت، وما كدت أدخل حتى كاد قلب أمي يقع من مكانه، وهي تراني أتصبب عرقًا، رغم أننا لسنا نعاني البرد، وقد حاولت أن تعرف ماذا أصابني، ولكني لم أجبها بشيء بادئ الأمر، فسألتني هل كنت أركض بأقصى سرعتي مثلًا ذهابًا وإيابًا حتى أتصبب عرقًا بهذا الشكل الغريب؟ ولم أكذب عليها وأجيبها بالإيجاب، وقررت أن أخبرها بالحقيقة، فَتَمْتَمْتُ بصوت منخفض:
    _ لقد أخافتني بيسة كانت...
    وليتني لم أتكلم! لم تمنحني أمي الفرصة قط لإتمام ما أقول، إذ هتفت مستنكرة:
    _ شاب مثلك، يقترب من العشرين، يخاف بيسة؟ شاب مثلك، تخيفه بيسة؟ ولو!!
    وحاولت مرارًا أن أقاطعها لأشرح لها لكنها لم تستمع، بل والمصيبة الحقيقية ليست هنا، بل بإخبارها أخوالي وخالاتي اليوم التالي بأنني رجعت أمس إلى البيت راكضًا أرتجف لأنني رأيت بيسة في الطريق، ويا لسعادتي الغامرة! يا لبهجتي الكبرى لهذه السمعة الأسطورية حول شجاعتي!!
    ولا أخفيكم سرًا أنني أخاف الكلاب كثيرًا، لتجارب مريرة لي معها، ولن أتكلم عنها هنا، إذ سبق وعرضتُها في (حكايتي مع العوعو)، أما أن يتهمني أحد بأنني أخاف القطط، فهذه كارثة حقيقية، ولكن لا علينا، ولكن في أحد الأيام، تسببت بيسة لي بموقف رعب مع كلب! وهل يُصَدَّق أن بيسة (تتحالف) مع كلب لإخافة ابن آدم؟!
    في ذلك اليوم، بل في تلك الأمسية، كنت راجعًا إلى بيتي بعد صلاة العشاء، والدنيا ما بين العتم والضياء، لذا استطعت أن أميز على مسافة بعيدة نسبيًا كلبًا يمشي على مهله، كأنه يتمشى في أرض يملكها ولا نعلم! أبطأتُ سيري قدر الإمكان، وأنا أتمنى أن يتابع الكلب طريقه، ولا يتخذ من طلعة بنايتنا له طريقًا، ولكنه _ يا لحماقته! _ أخذ طريقه فيها من دون تردد! وأنا أتابعه من بعيد بغيظ، ولكنْ، ماذا أفعل؟ هل أبقى في الشارع حتى اليوم التالي؟ تابعتُ سيري بأبطأ ما أستطيع، كأنني أتقمص دور طفل يتعلم المشي حديثًا! وإذ وصلتُ إلى أول الطلعة، نظرتُ بتركيز فيها، فلم أرَ للكلب أثرًا، بل رأيتُ ما أثلج صدري!
    لقد كانت هناك بيسة تمشي متغندرة في الطلعة وعلى مهل مهلها، ما وقر في نفسي أن الكلب تابع في الحقل الكبير يمينًا وأخذ طريقه بعيدًا عني، وإلا كيف يمكن أن تمشي البيسة بهذا الهدوء بوجود كلب؟ أمر مستحيل لا يصدقه العقل طبعًا! وزاد في ارتياحي أن البيسة دخلت مدخل بنايتنا، وانتظرت قليلًا لأرى النتائج، هل ستخرج وهي تموء مرعوبة أم لا؟ لم يحصل هذا لحسن الحظ _ كما ظننت _ فدخلت مسرعًا بجرأة، لأتوقف مكاني، وشهقة عنيفة تخرج مني رغمًا عني، شعرت معها بأن روحي تكاد تخرج من جسمي، إذ مَرَّ كلب بسرعة كبيرة بجانبي تمامًا حتى لم يكن ينقصه إلا أن يصعد على ساقي، وإن لم يفعل ذلك بفضل الله، ولكنْ تخيلوا ماذا رأيت!
    البيسة واقفة قربنا بكل هدوء، وكأنها لم تَرَ كلبًا حينما دخلت، ولم تَرَه الآن كذلك! وجدتُ نفسي أسألها بغضب شديد:
    _ هل أنتِ مسطولة؟ آه؟ قولي!
    ظلت البيسة واقفة في تناحة غريبة، كأنها مصابة بإحدى الحالتين، الصمم أو الخرس، أو كلتيهما، إضافة إلى العته المنغولي طبعًا، ما جعلها تظن الكلب الكبير المخيف قطعة زبدة مثلًا! لم نقل قطعة جبنة لأني لا أظنها قد عضته ظنًا منها أنها تأكل الجبنة وإلا لكان له معها تصرف آخر، وإن كنت تمنيت لو أنها فعلَتْ ذلك، ليهجم عليها الكلب، وأعرف أنا من أصواتهما بوجوده، فأهرب ولا أدخل البناية ولا أقف مثل هذا الموقف، ولكن للأسف لم يحدث ذلك!
    نظرت إلى البيسة الجامدة مكانها بغيظ، وأنا ما أزال أشعر برهبة الموقف الذي تعرضت إليه بسببها، وسألتُها بصوت مرتفع قليلًا ربما:
    _ هل أنتِ خرساء أم صماء؟ أجيبي! لماذا دخلتِ هنا وأنتِ تعرفين بوجود الكلب؟ من المؤكد أنك مسطولة أيتها الحمقاء!
    أجابت البيسة هنا، قائلة:
    _ ميااااو!
    ولم أعُدْ أتمالك أعصابي هنا، والدنيا من حولي تبدو كأنها ملأى بالكلاب المتحفزة، فصرخت في وجه البيسة:
    _ مياااااو؟ تتكلمين بِجد؟؟ قال ميااااو قال! وأين كان لسانكِ منذ قليل؟ هل ظننتِ أنكِ نسيتِه في البيت؟
    رددت البيسة، كأنها آلة تسجيل:
    _ ميااااااو!
    نظرتُ إليها مغتاظًا بعض الوقت، ثم أخذت أضحك لهذه التناحة الغريبة منها، ولا أعلم لماذا هي جامدة مكانها لا تتحرك! لكني أعلم أنني أنا من تحرك، أخذت طريقي نحو المدخل الثاني لأبدأ صعود الدرج، وقد مررتُ بجوار البيسة تمامًا، لكنها لم تتحرك، بل يبدو أنها عادت إلى حالة التمثال مرة أخرى، إذ إنه حتى الـ(مياااااو) هذه توقفت عن تكرارها!
    كان الموقف قاسيًا جدًا بالنسبة إلي، ومن يعاني فوبيا الكلاب يدرك مدى الرعب في مرور كلب بشكل مفاجئ سريع قرب ساقه، وكل هذا بسبب بيسة خائنة لبنات جنسها! وربما كانت تفشي أسرار قبيلتها إلى الكلب، ولذا كانت في أمان من أن يؤذيها! لا أرى الأمر وفق أي منطق آخر!!
    ولكن البيسة ربما تكون أحيانًا متطفلة...
    وما أسوأ تطفلها إذ لا يمكن الخلاص منها بسهولة بعد ذلك!
    كما أن قصص البيسة تتسم أحيانًا ببعض الغموض، بل ربما بكثير منه...
    ولكنْ، هذه قصة أخرى ورواية أخرى...
    تابعوا معنا.

    الكاتب: عمر قزيحه
    في: 19 _ 9 _ 2019م
    الساعة: 4:59 دقيقة فجرًا


  2. #22

    الصورة الرمزية Jomoon

    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    5,615
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: حكاية البيسة (الكاتب: عمر قزيحة)

    يالله ربي يعينك ويكتب لك أجر ما عانيت
    شيء مخيف فعلاً أن تخاف من شيء ثم يتمثل لك
    هداك ربي منذ فترة كنا في الشاليه (مكان نستأجره ليوم) لو تبحث تجد صور نماذج
    وكان قريب منه بقالة وكنا نحتاج شيء خرجت أنا وأختي مسرعين لنحضر ما نحتاجه
    رأيت كلب _أكرمكم ربي_ تذكرتك فوراً
    نبهت أختي وكنت والله أستعد لمواجهته ذهنياً وكأني سأقاتل!!
    وطبعاً كنت أذكر الله في نفس الوقت ليس خوفاً من الكلب بل من البشر!!، لأنا كنا في المغرب ليلاً
    ما نخرج نحن مشياً أبداً، بس لأنا في الخارج وهذا قريب منه تشجعنا!!
    أنا أحب الكلاب لكن كلامك عنهم جعلني أحذر منهم!!،
    وسرعنا وقضينا حاجتنا ورجعنا بسرعة
    يالله ما توقعت أن الكلاب فيها شر!! :"(,
    كل شيء فيه الصالح والطالح ربما،

    ربي يبارك بك على جمال الأسلوب والطرح
    كالعادة تدهشنا بروعة سردك بورك فيك
    ربي يزيدك من فضله
    في حفظ المولى،،
    ~

  3. #23


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,290
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكاية البيسة (الكاتب: عمر قزيحة)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Jomoon مشاهدة المشاركة
    يالله ربي يعينك ويكتب لك أجر ما عانيت
    شيء مخيف فعلاً أن تخاف من شيء ثم يتمثل لك
    هداك ربي منذ فترة كنا في الشاليه (مكان نستأجره ليوم) لو تبحث تجد صور نماذج
    وكان قريب منه بقالة وكنا نحتاج شيء خرجت أنا وأختي مسرعين لنحضر ما نحتاجه
    رأيت كلب _أكرمكم ربي_ تذكرتك فوراً
    نبهت أختي وكنت والله أستعد لمواجهته ذهنياً وكأني سأقاتل!!
    وطبعاً كنت أذكر الله في نفس الوقت ليس خوفاً من الكلب بل من البشر!!، لأنا كنا في المغرب ليلاً
    ما نخرج نحن مشياً أبداً، بس لأنا في الخارج وهذا قريب منه تشجعنا!!
    أنا أحب الكلاب لكن كلامك عنهم جعلني أحذر منهم!!،
    وسرعنا وقضينا حاجتنا ورجعنا بسرعة
    يالله ما توقعت أن الكلاب فيها شر!! :"(,
    كل شيء فيه الصالح والطالح ربما،

    ربي يبارك بك على جمال الأسلوب والطرح
    كالعادة تدهشنا بروعة سردك بورك فيك
    ربي يزيدك من فضله
    في حفظ المولى،،
    ~
    جزيتِ خيرًا لدعائكِ الطيب
    وحماكِ الله تعالى من شرور أي حيوان مفترس
    وكل الشكر لكِ لرأيكِ المشرف في ما أكتب من تواضع العبارات
    حفظكِ الله من كل سوء

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...