حكاية نور (لمحة من الواقع) بقلمي عمر قزيحه

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,305
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي حكاية نور (لمحة من الواقع) بقلمي عمر قزيحه

    حكاية نور
    (إهداء إلى الطفلة نور)

    زاوية الحدث الأولى قليلة التفاصيل، فقط مكانيًا صفٌّ دراسيٌّ للبنات، والحدث الأستاذ هنا يشرح الدرس بدلًا من أستاذة غائبة، والطفلات في المتابعة والكتابة، وإذ بطفلة تتذكَّر أنَّ رفيقتها أزعجتها مرَّةً من سنوات، فاستدارت وصفعتها بقوَّة!
    هنا يتوقَّف الأستاذ عن الشرح، ويتَّجه نحو هذه الطفلة التي توتَّرَت مع مرأى ملامحه الغاضبة، وها هو يريد الكلام، من المؤكَّد أنَّه سيعاتبها ويلومها، لكنْ لا، إنَّه لم يتكلَّم بأيَّة كلمة، بل مدَّ يده وأهوى على وجهها بصفعة مدويِّةٍ رنَّتْ في الصفِّ بأكمله، لتنظر الطفلات إلى الأستاذ في رهبة وخوف!
    والتي تلقَّت الصفعة، وهي طفلة في السادسة وأشهر، اسمها نور، بكَتْ في ألمٍ هائلٍ، توقَّعَت أنَّ الأستاذ سيعاتبها، وكانت مستعدَّةً لتؤكِّد له أنَّها لن تعيدها، لكنْ، هذه الصفعة قاسية كثيرًا، أقسى بألف مرَّة ممَّا فعلَتْ هي بزميلتها!
    وهنا بدأ الأستاذ يتكلَّم ويعاتب، هل تألَّمْتِ يا نور؟ يا حرام! لكنْ، رفيقتكِ هذه حلال ضربُها؟ ألا تتألَّم هي الأخرى؟ من سمح لكِ بضربها؟ هذه المرَّة رددنا لكِ بهذه الصفعة فقط، المرَّة المقبلة سيكون الردُّ أقسى يا نور، هل فهمتِ؟
    ******
    في اليوم التالي، دخل الأستاذ المدرسة، واتَّجه نحو المدخل الثاني كالمعتاد، ليتابع طريقه إلى غرفة الإدارة، ولكن استوقفَتْه خطوات مسرعة تدوِّي على أرض الملعب خلفه، توقَّف واستدار ليرى من يركض نحوه، وإذ بها تلقي نفسها في أحضانه، هاتفةً بصوتٍ عالٍ: بابااااااااااااا!
    وارتجف الأستاذ فعلًا، تدمَّر شيء ما في كيانه، هذه الطفلة التي صفعها بالأمس! أجل! هذه هي نور نفسها! توقَّع أنَّها ستحقد عليه إلى الأبد، لكنَّها تدفن رأسها تقريبًا في بطنه، وتبكي وهي تهمس بين لحظةٍ وأخرى: حبيبي يا بابا!
    حبيبي يا بابا! أنتِ يا نور لم تَرَي سوى الزاوية السابقة التي قلناها، أنتِ صفعتِ زميلتكِ، والأستاذ صفعكِ في عنف مبالغ به، لكنَّكِ لا تدرين شيئًا عن الزاوية الأخرى في هذا الحدث، الزاوية الحقيقيَّة، فالأستاذ لم يكن ينوي ضربَكِ، لم يفكِّر في هذا حتَّى، كان قادمًا ليعاتبكِ فحسب، ولسوء حظِّكِ تعثَّر قليلًا وفقد توازنه، ويده أهوت على وجهكِ بالخطأ، ولم يتعمَّد هذا قطُّ! غير أنَّه رغم آلامه هو لدموعكِ وبكائكِ، حاول أن يبدو صارمًا حازمًا، وهو يصرخ في وجهكِ، فقط كي تكوني مهذَّبةً تمامًا في سلوككِ ولا تمدِّي يدكِ على أحد بعد الآن!
    عزيزتي نور، أنتِ عن ذلك لا تعلمين! كلَّ ما رأيتِه كان مشهدًا من ظلمٍ قاسٍ مدمِّرٍ، وعقابًا مبالغًا بما لا تستحقِّين، ومع هذا تقولينَ للأستاذ: بابا؟ بل وتحاولين احتضانَهُ بيديكِ الصغيرتينِ، بل ها أنتِ ذي تقبِّلينَ يده، بكلِّ حبٍّ وامتنان؟
    ووضع الأستاذ يده على رأس نور، لا تأثُّرًا فحسب، وإن كان التأثُّر يكاد يخنقُهُ، بل لأنَّه لا يريد لها أن تنزعج إذ تنهمر دموعه فوق رأسها! كانت الكلمات متوقِّفةً في حلقه لا تخرج، والناظرة العامَّة تراقب الموقف، ثمَّ تتَّجه إلى الأستاذ هامسةً في دعابةٍ ثقيلةٍ: يبدو أنَّك صفعْتَها كي تناديَكَ بابا؟ أبوها لا يتعامل معَها سوى بالصفع فحسب، صفعة على خدِّها اليمين، وصفعة على خدِّها اليسار.
    وزاد التأثُّر في نفس الأستاذ وتعمَّق أكثر حتَّى كاد يمزِّق قلبه! الطفلة التي أبكاها الألم العنيف بسببه، بالأمس، حتَّى لو لم يتعمَّد ذلك، تشكرُهُ بكلِّ امتنانٍ صادقٍ من قلبها...
    ذلك لأنَّه صفعها مرَّةً واحدةً...
    ولم يصفعها مرَّتين!

    عمر قزيحه - 2022م.

  2. الأعضاء الذين يشكرون أ. عمر على هذا الموضوع:


  3. #2

    الصورة الرمزية Jomoon

    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    5,621
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: حكاية نور (لمحة من الواقع) بقلمي عمر قزيحه

    السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

    فرق بين صفعتها وصفعته!!
    قصة جسدت القسوة والألم!
    لا أدري إن كانت حقيقية؟!
    لكن الواقع أسوأ وأعظم!!

    بوركت يارب
    في حفظ المولى،،
    ~

  4. #3


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,305
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكاية نور (لمحة من الواقع) بقلمي عمر قزيحه

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Jomoon مشاهدة المشاركة
    السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

    فرق بين صفعتها وصفعته!!
    قصة جسدت القسوة والألم!
    لا أدري إن كانت حقيقية؟!
    لكن الواقع أسوأ وأعظم!!

    بوركت يارب
    في حفظ المولى،،
    ~
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    مرت عشر سنوات منذ آخر مرة رأيت فيها نور
    كانت وقتها في التاسعة أو العاشرة تقريبًا
    أي بعد الحادثة بما يقارب 3 سنوات...

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...