حكاية من خيال... مقالة اجتماعية (د. عمر قزيحه)

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 8 من 8
  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,305
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي حكاية من خيال... مقالة اجتماعية (د. عمر قزيحه)

    حكاية من خيال

    الكاتب: د. عمر قزيحه

    **********
    من الوارد جدًّا في مسيرتك في هذه الحياة، أن تواجهك بعض المواقف التي تبدو أشبه بالخيال، نظرًا إلى طرافتها، أو غرابة أحداثها، وربما بعض هذه الأحداث لن تشعر بما فيه من طريف الابتسامة، أو حتى الغيظ، إلا إذا عِشْتَ أحداثه بتفاصيلها، ووقت وقوعها بالضبط.
    فمن ذلك، يومًا ما، دُعينا جميعًا، دعوة عامة، إلى حضور ندوة تكريميَّة، لأطفال يقتربون من سنِّ الشباب، قد أتمُّوا حفظ جزء عمَّ، حفظًا تامًّا، في احتفال هو كناية عن تلاوة من القرآن الكريم، ثمَّ إلقاء كلمات متعدِّدة من بعض من عملوا على تحفيظ هؤلاء الأطفال.
    إلَّا إنَّ الواقع كان مختلفًا إلى حدٍّ ما، إذ استلم إمام الجامع آنذاك (رحمه الله وغفر له) زمام المبادرة بالكلام، وألقى كلمة مشجِّعة جدًّا بحقِّ هؤلاء الأطفال، ووصفهم بأنَّهم الأبطال، قدوة الأجيال، ومبعث الآمال، وقال إنَّه لن يتلو من كتاب الله تعالى كما نرتقب، وهو الإمام، لأنَّ الأحقَّ منه بذلك ولد من هؤلاء، حفظ فأتقن الحفظ، وقرأ فأجاد التلاوة إذ يسمِّع ما حفظه، ولم يخطئ خطأ واحدًا ولا مرَّة، طوال مشاركته في دورة التحفيظ هذه.
    ويبدو أنَّ المبالغة في المديح أشعلت حماسة الطفل تمامًا، كيف لا، وهو الوحيد من بين عشرات الأطفال، لم يخطئ في تلاوة سورة النبأ وسورة النَّازعات، وكلُّ من حوله ارتكب عشرات الأخطاء في تلاوته، وأُرهق تمامًا حتَّى حفظ هذه السُّور المباركات؟
    وانفعل الولد واحمرَّ وجهه، وبات متحمسًا ليبدأ التلاوة، وإمام الجامع يتابع في ثقة: والآن نترككم مع تلاوة من آي الذِّكر الحكيم، يتلوها علينا الطفل البطل "..."، ليتلو علينا سورة الضحى! وهنا شهق الطفل في غضب ربَّما، أو دهشة عارمة، أو كليهما معًا، لقد تحمَّس لِيُرِيَنا مواهبه الفذَّة، فإذ بالإمام يقول إنَّه سيتلو سورة الضحى التي حفظها كلُّ الأطفال بدون أيِّ خطأ منهم في ذلك؟ لا! لا! ثمَّ لا!
    بدا بعض التفكير في ملامح الولد، ثمَّ حسم أمره، فبدأ يتلو بصوت رخيم مبتدئًا كما ينبغي: {أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والضحى، والليل...}، وأظنُّ هذا يكفي! فما بعدها فجَّر الضحكات من الأفواه، بدلًا من الخشوع المرتقب، إذ إنَّ هذا فقط ما قرأه الولد من كتاب الله تعالى، وما بعد ذلك دمج عناصر الطبيعة معًا: (الشمس) (النهار) (المرعى) (الغثاء الأحوى) (القمر) (النجم) (النجوم)، في مزيج لا يجرؤ على فعله أبو لهب شخصيًّا لو أنه موجود في عصرنا هذا، ولم تفلح محاولات الإمام ولا غيره في إسكات هذا الولد!
    والمستفزُّ لهم فعلًا، أنَّ الولد بعد هذا التخريف، سألهم في لهفة: أين جائزتي؟ لينظروا إليه في غضب ما بعده غضب، والإمام يلومه: أهذا هو ثناؤنا فيك؟ لقد خيَّبْتَ الآمال يا هذا! وإذ بالولد يهتف منفعلًا: أنا مستعد لأسمِّع لكم الآن جزء عمَّ كاملًا وبدون أيِّ خطأ، لكنَّك طلبْتَ منِّي أن أقرأ سورة الضحى (فقط)، وأردت أن أريهم كم أنا (شطُّور) أحفظ كلَّ السُّور في جزء عمَّ، بل وسورًا من أجزاء أخرى! وهنا كنَّا قد انصرفنا، إذ لم نعد نتحمَّل أصوات الضحك المدوِّية الصادرة من الجمهور الكبير، (ومنَّا كذلك قبلهم)، فلم نعلم هل نال هذا الولد جائزته أو تمَّ فرك أذنيه!!
    وفي موقف آخر، أو هل نقول مواقف أخرى؟ إذ إنَّ هذا الأمر تكرَّر كثيرًا في خطب الجمعة، من الإمام (رحمه الله)، كان ينفعل في منبره انفعالًا شديدًا، وهو يقول إنَّ هناك أناسًا يدخلون إلى الجامع في فوضى، إذ يجلس كلٌّ منهم حيث أراد، ويتكلَّمون قبل أن يصعد هو المنبر، لكنَّ الأشدَّ فداحةً من ذلك، حين يقترب من إنهاء خطبته، بعض الناس يقفون وبعضهم لا، بل وحين تبدأ إقامة الصلاة بعض الناس يقفون وبعضهم لا، وهؤلاء الذين هم (لا) هم المحقُّون في ذلك، والإمام يشرح لنا ذلك متحمِّسًا: ولو أنَّكم تفهمون لما وقف أحد، إلَّا حين يقول المؤذِّن في الإقامة: حيَّ على الصَّلاة، لتقفوا معًا صفًّا واحدًا، وهذا ما تفعله الأقليَّة فيكم، لكن ماذا أفعل سوى أن أنصح لكم وأكرِّر النصيحة؟ لكن هل تظنُّون أنَّ هذا ينفع فيكم؟ لا! لأنَّني دائمًا أنصحكم وأنتم لا تفهمون، ولن تفهموا، لأنَّه {إنَّ شرَّ الدَّوابِّ عند الله الصُّمُّ البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولَّوا وهم معرضون}!
    والحقيقة أنَّني لم أستوعب الحكمة من هذا الأسلوب الدَّعويِّ الفذِّ! بل إنَّني أقدِّر صراخ بعض هؤلاء أحيانًا، بعد الصلاة، في وجه الإمام: بما أنَّك ترانا دوابًّا من شرِّ خلق الله تعالى لا ينفع معنا نصح ولا كلام، فلماذا تعذِّب نفسك في كلِّ مرَّة بهذا الكلام؟ وهو يتمتم في حسرة: لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العليِّ العظيم، لكن يا إمامنا العزيز، من الأحقُّ بالتَّحسُّر؟ أنت أو من تصفهم بأنَّهم شرُّ الدَّوابِّ عند الله؟؟
    ونبقى ضمن خطب الجمعة، ففي إحداها أخبرنا الإمام أنَّنا من الجمعة القادمة سنسمع السِّيرة النَّبويَّة (الصَّحيحة)، بأجمل الأساليب، لنعلم منها ما لم نعلمه في حياتنا كلِّها، في خطب موجزة مبسَّطة، قصيرة في وقتها، عظيمة في معانيها، وملأنا هذا حماسة ولهفة، ولعلَّنا أوَّل مرَّة في حياتنا نتحمَّس لخطب الجمعة (لا بأس بهذا الاعتراف، الوقت كان صيفًا وقتها، والخطب طويلة كثيرًا، والشمس تصبُّ نيرانًا علينا)، وجاءت الجمعة بعد انتظار، وذهبنا متحمِّسين إلى المسجد، وبالفعل بدأت الخطبة بداية حماسيَّة مشوِّقة، من بعد الافتتاحيَّة المعتادة:
    (يا أحبَّة، كي نفهم السِّيرة النَّبويَّة، يجب أن نعلم أوَّلًا من هو نبيُّنا محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، إنَّه محمَّد)...
    ويا ويلنا ممَّا بعد ذلك!! إذ استفاض الإمام: (ابن عبد الله بن... بن... بن... بن... بن...)، لِيَعُدَّ أكثر من ثلاثين اسمًا، ومعظمها مكرَّر، ما أكَّد لنا أنه يفشل في قلب صفحة الأوراق التي يقرأ منها، ليعيد قراءتها أكثر من مرَّة، وبعض كبار السِّنِّ يتمتمون في استنكار: (إن شاء الله يقول: ابن آدم، ويخلِّصنا)! وبعد مدَّة توقَّف الإمام أخيرًا، ليقول: ومن الخطبة المقبلة نبدأ في السِّيرة، إذ يجب أن لا نطيل الخطبة، فليس ذلك من السُّنَّة في شيء، ولكن مهلًا، مهلًا، نسينا أن نخبركم أنَّ أمَّه آمنة بنت وهب بن... بن... بن... بن...)!!
    وعادَتِ المسبحة لِتَكُرَّ في عشرات الأسماء التي لا ندري متَّى علم بها، ولا من أين جاء بها، وكما سبق، معظمها مكرَّر، والنَّاس تتلوَّى من شظى لهيب الشمس، وأصوات التَّأفُّف ترتفع وتعلو، والإمام يتابع في حماسة لا يبالي بأحد! ثمَّ قرَّر أن يرحمنا أخيرًا، فقال: لا بأس، الخطبة هذه ضروريَّة جدًّا كي (تفهموا) السِّيرة النَّبويَّة بشكل صحيح، وإن كانت جافَّة (قليلًا)، وهنا انطلقت الصرخات المستنكرة: (نعم؟ نعم؟ قليلًا؟؟ آه؟ قليلًا قال؟ اسمعوا اسمعوا)! وهم ارتفعت صرخاتهم ونحن ارتفعت ضحكاتنا، وبالكاد كنَّا نستطيع كتمانها، وحتَّى في الصلاة كانت أجسادنا تهتزُّ في محاولات كبت الضحك، ونظنُّ أنَّ صلاتنا لم تكن صحيحة، لذا أعدناها بعد ذلك في البيت أربع ركعات ظهرًا، ولا ندري من الملوم، الإمام لما فعل، أو كبار السِّنِّ في هذا الاعتراض الغريب، أو نحن لأنَّنا لم نكن في مستوى التحدِّي لكبت الضحك؟!
    ولئن كان هذا من ذكريات الطفولة، أو بداية مرحلة الشباب، فإن ذكرى سنواتٍ ستٍّ قد مضَتْ، ما تزال في الذِّهن ماثلة، لقسوتها ومرارتها، آنذاك كانت أمِّي (رحمها الله) من المستشفى إلى البيت، ومنها إلى المستشفى، وهكذا، ترتاح وتنتكس صحيًّا، وكانت البداية في وقوعها وكسر رجلها كسرًا شديدًا، لكن في ذلك اليوم لم تكن في المستشفى بسبب ذلك، بل لوضع صحيٍّ آخر استدعى بقاءها عدَّة أيَّام، وكان تحسُّنها بعد ذلك، ويوم خروجها يوم الجمعة، وحان وقت صلاة الجمعة، انصرفنا مع الوالد لأدائها، وأنا أحبِّذ البقاء، إذ إنَّ الطبيب سيأتي في أيَّة لحظة ليوقِّع الانصراف لأمِّي، وبعدها لن تستطيع البقاء في سريرها لحظة واحدة، وآلامها السابقة تمنعها الجلوس فترة طويلة، لكننا ذهبنا لأداء الصلاة، وفي ذهننا أنَّها لن تستغرق وقتًا طويلًا، ولكن!!
    بدأت الخطبة، وانتهى الخطيب في سبع دقائق ممَّا يقوله، وجلس لاستراحة بسيطة، ووقف بعد ذلك، يرغي ويزبد في مواضيع لا أحد يفهم ما هي، ولا ما هو التجانس بينها، مرَّ ما يقارب العشر دقائق، وهو يتابع ملوِّحًا بذراعيه منفعلًا، ثمَّ هدأ قليلًا، فقال: (وباختصار شديد نقول)، وليته ما قالها، إذ انطلق بعدها يصبُّ عشرات المواضيع في آذاننا، كأنَّه ظنَّ أنَّنا كفَّار قريش والقبائل وقد بُعثِوا من جديد، فقرَّر تعليمنا السِّيرة والفقه والتَّفسير في جلسة واحدة، وهاتفي أمامي يرنُّ، طبعًا هو على الوضع الصامت في المسجد، لكنِّي أرى الشاشة في وضوح، اسم أختي يتَّصل ويتَّصل، بات قلبي مع أمِّي، أتخيِّل آلامها، ولا أعلم متى سيسكت هذا الإمام، ولا أفهم أن تكون الخطبة الأولى سبع دقائق، والخطبة الثانية بدايةً عشر دقائق، ثمَّ تستمرُّ بعد (الاختصار الشديد) ما يقارب أربعين دقيقة، حتَّى صرت أدعو بيني وبين نفسي أن ليته يسكت وينزل ويخلِّصنا!
    وبالفعل حين عدنا إلى الوالدة وجدناها جالسةً في ممرِّ المستشفى على مقعد، تمدُّ رجلها أمامها وتثنيها وتتألَّم وتتأوَّه، أسرعنا نطلب كرسيًّا متحرِّكًا لننقلها خارج المستشفى، وإلى السَّيَّارة، ثمَّ البيت، وهي في حالة يرثى لها من الألم، وأنا لا أدري في أيَّة خانة أصنِّف هكذا إمام؟ ثمَّ من قال إنَّ المنبر ملك له حين يصعد إليه، ليتكلَّم بالمفهوم وبالتخبيص، وبكلِّ ما يخطر في باله، لوجود (سمِّيعة) كأنَّه حكواتي في مقاهي الحارات الشعبيَّة قديمًا؟ هذا مكان له مكانة وقدره، ولا يصعد إليه ويتكلَّم من لا يفهم أصول الكلام وفنون الدَّعوة، كي لا يطالُهُ من أطراف الدعاء ما لا يحبُّ ولا يرضى...

    وما تزال مقالتنا مستمرَّة، في مواقف أخرى قليلة...
    لكنَّها خارج نطاق المسجد والخطب وسواها...
    فإلى اللقاء قريبًا إن شاء الله تعالى...

    في 8-8-2022: الساعة: 12:46 بعد منتصف الليل.

  2. 2 أعضاء شكروا أ. عمر على هذا الموضوع المفيد:


  3. #2


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,305
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكاية من خيال... مقالة اجتماعية (د. عمر قزيحه)

    هل هي قصص روائيَّة؟ ربَّما هي كذلك، لكنَّنا نريد لها زاوية اجتماعية من مكان ما، كأن نقول إن المبالغة في مديح الطرف الآخر، وتصوير ما قدَّمه بأنَّه إنجاز لم يسبقه إليه أحد في التاريخ، قد يدفع به إلى الغرور التام، والأخطاء الفادحة، كما أنَّ للمنبر حرمته وقيمته، فلا يجلس على كرسيِّه أيٌّ كان.
    والمواقف هذه، ما بين اجتماعيَّة وقصصيَّة، تمتلئ بها حياتنا، وبعضها ربَّما لا يُصَدَّق في سهولة، أو تستوعب مشاعر الشخص الذي مرَّت به تلك المواقف في سهولة، ما لم تكن أنت نفسك ذلك الشخص، الذي مرَّت به مواقف، قد تكون مضحكة أحيانًا، ومرعبةً أحيانًا أخرى.
    وممَّا نحكيه لكم، يوم بدا طبيعيًّا، وإن كان إرهاق الاستعداد للشهادة الثانوية قد بات كبيرًا جدًّا، ووقتها ذهبت بعد العصر إلى مناطق أخرى ترويحًا قليلًا عن النفس، ولشراء كاسيت أناشيد للأطفال، لطفلة في عائلتنا كنت سأراها تلك الأمسية.
    وبعد شرائي ما أردت، واستعدادي للرجوع فوجئت بأذان المغرب! لقد تأخرت أكثر مما أتوقع، لكن لا بأس، لأصلي المغرب هنا وأرجع، سيارتا تاكسي فحسب، وأصل إلى منطقتي، والمسافة ليست بعيدة كثيرًا، ولكن هذا ما قدَّرْتُه وقتها، ولم يكن التقدير يحسب حساب المفاجآت السعيدة، كذلك التعيسة، على حدٍّ سواء.
    فالإمام أطال قليلًا، وكان في صلاته خاشعًا، مسَّ بتلاوته شغاف القلوب، لكن المشكلة عندي بعد ذلك، أنَّ هذه المنطقة التي لا تتوقَّف فيها سيَّارات الأجرة، باتت خاوية فجأة، وبقيتُ أكثر من نصف ساعة أنتظر، الهواء بات باردًا جدًّا فجأة، والوقوف كلَّ هذا الوقت أمر مزعج، وضعف الرؤية الليليَّة أخذ يغزو عينيَّ، ومرَّت سيَّارة أجرة أخيرًا، توقَّفت لي، وأضاء السائق مصباح سيَّارته الداخلي، ركبْتُ بجواره مسرعًا، لم يكن هناك أحد سوانا في السيَّارة، وانطلق بها كأنَّه ذاهب إلى معركة!
    السرعة غير طبيعيَّة، توحي أنَّ هذا السائق ليس في حالة طبيعيَّة، وفجأة انحرفت السيارة بنا يمينًا، يسارًا، يسارًا يسارًا، يمينًا، وسرعتها تزداد ثمَّ توقَّفت بغتة، والسائق ينظر إليَّ، ووجهه محتقن مثل النيران، وصوته الجاف يدوِّي في السيَّارة: (لا تؤاخذني، أنا مضطر)!
    أنت مضطر؟ مضطر إلى ماذا؟ أن تسرقني؟ لن تُفيد شيئًا! كل ما معي هو أجرتك وأجرة السيارة الثانية فقط، ولكن وجهه لا يبشِّر بالخير، ولا صوتُهُ الذي يرتفع كأنَّه يهدِّد: (أنا مضطر، ماذا قلت)؟ شعرْتُ - رغم الموقف الصعب - ببعض التسلية! ماذا أقول؟ هل أمسح دموعك أو آخذك في حضني مثلًا وأمسح لك رأسك، مبديًا تعاطفي معك ومع ظروفك الاضطراريَّة هذه؟ قلت له مستهزئًا به: (افعل ما يحلو لك)، فصاح في سعادة عجيبة: (أشكرك كثيرًا)، وفتح بابه وانطلق يركض كأنَّه في سباق ماراثون!
    هل هو مضطر إلى الفرار منِّي؟ هل أراد أن يُهديني سيَّارته وتركها لي؟ ما الذي يحدث؟ ثمَّ أضاءت الحقيقة في ذهني بغتة، وحين عاد إلى سيَّارته مبتسمًا، وقد بان عليه ملامح الخلاص، كنت أضحك، حتَّى غضب، واحتقن وجهه أكثر من ذي قبل، ظنَّ أنَّني أضحك عليه، وإنَّما كنتُ أضحك لهذا الموقف وتداعياته فقط.
    وحين وصلْتُ إلى منطقتي بعد معاناة ثانية لن أذكرها الآن، كانت أمِّي (رحمها الله) تنتظر، كانت غاضبة قليلًا، إذ إنَّني وعدتُها بأنَّني سأذهب إلى أختي بعد المغرب مباشرة، لندرس معًا الكيمياء، وأختي اتَّصلَت، وهي تنتظر، غادرْتُ البيت متَّجهًا إلى بيتها، وكان بعيدًا نسبيًّا، وفي الطريق صادفْتُ موقفًا آخر، صعبًا بعض الشيء، لكنَّه مرَّ في سلام، وإذ وصلْتُ إلى تلك البناية، كان الظلام شديدًا، إلى حدٍّ مزعج، لماذا لم تُضِئ أختي اللمبة الخارجيَّة؟
    البناية فيها فقط بيتان مسكونان، بيت صاحبة البناية وزوجها، والبيت الذي يستأجره صهري، الظلام شديد، ليس معي هاتف جوال مثلما هو الحال اليوم، وصلْتُ إلى سطح البناية، وأنا أبحث عن بيت أختي، ففتحْتُ باب السطح، ليتسلَّل بعض النور على الأقلِّ، وعدْتُ أنزل الدرج، وإذ بصوت مخيف جدًّا، يدوِّي في عنف: (هاااااااااااااااااااااااااااااااع)!
    وقبل أن أستوعب تمامًا ما هذا الذي يجري، فوجئْتُ بشيطان رجيم يثب في وجهي، متابعًا الصراخ، كيف لا يكون شيطانًا، وبهذا النور الخافت ألمح في وضوح قرنًا يتدلَّى من رأسه! قرنًا طويلًا، حادًّا، مخيفًا، لكن كيف أراه الآن؟ {إنَّه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم}، فماذا يجري الآن؟ ثمَّ يا لوقاحته! تصوَّروا أنَّ الجنِّيَّ يبرز للإنسان، ويقول له: (أعوذ بالله من الشيطان الرَّجيم)! يا لك من أحمق! أنا من أستعيذ بالله منك! يبدو أنَّ أمَّك لم تعلِّمْكَ الأدب!
    ما بكِ؟ ألم تعرفني؟ (يا لسخافته! متى كُنْتُ أصاحب الجنِّيَّ لأعرفه؟ جنِّيَّة على وجه الدِّقَّة، صوت أنثويٌّ هذا)، أنا زوجة جدِّ ابن خالتك! (ما شاء الله! عفريتة عالمة بالأنساب كذلك! لكنْ، كيف تقرب لي هذه الجنِّيَّة؟ هذا لو كان ما تقوله اسمه قرابة، ما معنى زوجة جدِّ ابن خالتي هذه)؟ لكنَّها لم تكن جنِّيَّة، هي فعلًا زوجة جدِّ ابن خالتي - صهري زوج أختي، هي صاحبة البناية، وكانت صاعدةً إلى بيتها في الظلام (لم يصل زوجها قبلها ويضيء لها النور)، سمعَتْ صوت خطوات، فافترضَتْ - لسببٍ ما - وجود لصٍّ، كمنَتْ لي في زاوية ضيِّقة، ثمَّ وثبَتْ أمامي صارخة كي (تَشُلَّ حركتي تمامًا)، وتضرب بكلِّ قوَّتها بعصاها هذه التي تتوكَّأ عليها، وفي اللحظة الأخيرة قرَّرَت أن (تمنحني فرصة الخلاص) وذلك بأن (أعلن لها الاستسلام التَّامَّ) وإلا ستضرب بالعصا!
    الحمد لله أنَّ قلبها (حنون)! اكتفَتْ فقط بالصراخ العنيف هذا، وقرَّرت أن (ترحمنا) من ضربتها هذه، وإلَّا لذهبَتْ بنا إلى المستشفى حتمًا، تركْتها لأعود إلى بيتي، وإذ انتبهَتْ هي إلى عودة أختي بعد ذلك، أخذت تمتدحني في حماسة، كم أنا أطبِّق أصول الدِّين تطبيقًا صحيحًا، تخيَّلي (كم كان يَغُضُّ البصر عنِّي، وأنا ربَّما أكبر من جدَّتِه هو، يا سلام، ليت كلَّ الشباب كذلك)!
    فعلًا ليت كلَّ الشباب كذلك، لكنِّي لا أعلم شيئًا ممَّا تقولين! هل كُنْتُ أَغُضُّ البصر عنكِ؟ لقد مرَرْتُ بحالة شللٍ حقيقيَّة، بعد (زعيقكِ الناعم هذا)، هل تحجَّرَت عيناي إذ كنْتُ أنظر إلى موضع ما تدوس قدمي، فلم أستطع تحريك عيني بعد ذلك في سهولة؟ أم ماذا؟ ثمَّ هل هذه عصاكِ التي (تتوكَّئين عليها)، وقد رفعتِها بهذا الأسلوب، ووثبْتِ كأنَّكِ طفلة شقيَّة؟ أظنُّ أنَّ عصاكِ بحاجة إلى أن تتوكَّأ عليكِ لا العكس! وبكلِّ الأحوال: سامحكِ الله لهذا الموقف الذي وضعتِني فيه، لن أقول أكثر من هذا!
    ربَّما أطَلْنَا في هذا الموقف، وإن كنَّا قد حذفْنَا من تفاصيلِهِ الكثير...
    ربَّما غلب هنا بعض الأسلوب القصصي، أكثر من الاجتماعي...
    لكنَّنا نرجع إلى الاجتماعيَّات القصصيَّة في آخر الأجزاء...
    فإلى لقاء قريب، إن شاء الله تعالى...
    د. عمر قزيحه - في: 10-8-2022م.

  4. #3


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,305
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكاية من خيال... مقالة اجتماعية (د. عمر قزيحه)

    يومًا ما، لعبْتُ كرة القدم، وكانت تلك المرَّة الأولى التي نلعبها بها (رسميًّا)! لم يكن أستاذ الرِّياضة يُعْطِينا من الألعاب سوى كرة السَّلَّة، وكلُّنا نحتاج إلى رافعة ميكانيكيَّة لنستطيع وضع الكرة في السَّلَّة، أو الكرة الطَّائرة، وهذه وضعها أسهل بقليل من كرة السَّلَّة، لكنَّها لم تكن ترضي طموحنا.
    وفي ذلك اليوم (السَّعيد)، قرَّر الأستاذ أنَّنا سنلعب كرة القدم، أخيرًا حصلَتِ المعجزة! لكن للأسف لم تكتمل بدايةً، عددنا لا يقبل القسمة على اثنين، وجدْتُ نفسي - كوني أضعف تلميذ في الصَّفِّ جسديًّا، بل في المدرسة كلِّها - خارج التَّشكيلتين، أتفرَّج فحسب، وكلَّما طلبْتُ من الأستاذ أن ألعب، كان يطلب منِّي أن أصبر، فدوري قادم لا محالة، وسيكون مؤثِّرًا وفعَّالًا.
    وأخيرًا، سجَّل أحد اللاعبين هدفًا، ثوان قليلة ويرنُّ الجرس معلنًا انتهاء هذه الحصَّة، قال لي الأستاذ منفعلًا: إن انتهَتِ المباراة بخسارة الفريق، سَيَكْرَه اللاعبون فيه لاعبي الفريق الثاني، ادخل وسجِّل التعادل، ليخرج الكلُّ أحبابًا، ويبقَوا أحبابًا إلى الأبد! شعرْتُ بالمسؤوليَّة الجسيمة، ها هم يتابعون اللعب، وأنا أدخل الملعب (لسْنَا في مباراة نظاميَّة حتَّى يبقى اللعب متوقِّفًا إلى أن أدخل، بل إنَّني لم أدخل مكان لاعب آخر).
    وكان لاعب الفريق الخصم متقدِّمًا في سرعة، فوجئ بي أنتزع الكرة منه في بساطة أثارَت دهشة الجميع، وفي سرعة تفوَّقْتُ بها على الجميع أخذْتُ أركض بالكرة، متجاوزًا عددًا من اللاعبين، متَّجهًا نحو زاوية الملعب البعيدة، مرسلًا كرتي بكلِّ قوَّتي إلى المرمى، ويا له من مرمى! كنَّا نسمِّيه (حبَّة العدس)، حجم صغير جدًّا، وأمامه حارس بائس، كلُّ دوره أن يبعد الكرة بقدمه، وإن لمسها بِيَدِه فهذه ضربة جزاء، يتمُّ تنفيذها من منتصف الملعب نحو المرمى الخالي من الحارس!
    انطلقَتْ كرتي تحلِّق عاليًا جدًّا، وهنا كان المدير قادمًا مسرعًا، يريد تَنْبِيهَ الأستاذ إلى وجوب إيقاف اللعب، كي نلحق الصُّعود إلى الصَّفِّ قبل رنين الجرس، فتح المدير فمه، وفي اللحظة نفسها، في توافق عجيب جدًّا، استقرَّت كرتي في أسنانه وأنفه، وتراجع الرجل يبصق بعض الدَّم، صارخًا في ألم، ورغم ذلك، أخذْتُ أهتف: (كوووول، كووووول)!
    هل ضاع مجهودي عبثًا؟ لا، أبدًا! هذا أوَّل هدف أسجِّله في حياتي، وربَّما أجمل هدف كذلك! ألم أنجح في إيقاف مهاجم الفريق الخصم، وكلُّ اللاعبين قبلي فشلوا في ذلك؟ ألم أراوغ كلَّ من (تجرَّأ) على مواجهتي؟ ألم أسدِّد كرة قويَّة، بلغ من قوَّتها أن جعلَتِ المدير الضخم القويَّ يتألَّم ويصرخ، بل ويبصق الدَّم؟
    لم يعجَب المدير بهذا الموقف منِّي! يا له من رجل يصادر حرِّيَّات الآخرين! كان عليه أن يدرس الموضوع (فيزيائيًّا)، صحيح أنَّنا لم نكن نعلم ما هي الفيزياء وقتها، لكن هو كبير، ومدير، يجب أن يعلم ما هي الفيزياء، ويطبِّق قوانينها على ما حدث، في اللحظة التي انتهى فيها من فتح فمه ضربَتِ الكرة أسنانه! ألا يمكن وضع هذا الأمر ضمن اعتبارات مصطلح (الفيمتو ثانية)، أو دراسته جدِّيًّا ضمن ميزان قوانين نظريَّة النسبيَّة لأينشتاين؟
    على أنَّ الجمال في هذا الموضوع، ليس هذا الأمر فحسب، بل أنَّ أستاذ الرِّياضة لم يعجبْهُ ما حدث! قال إنَّه أخطأ كثيرًا إذ اعتمد عليَّ أنا! لقد أرسلني في مهمَّة محدودة، لكنِّي لم أسجِّل هدف التعادل، فأخذ تلاميذ الفريق الفائز يتكبَّرون على تلاميذ الفريق الخاسر، وتلاميذ الفريق الخاسر كرهوا رفاقهم في الصَّفِّ، وهذا سيؤدِّي إلى المشاكل بينهم كلَّ هذه السنة، بل كلَّ حياتهم ربَّما، ورغم هذا الكلام الأبله الذي ليس فيه منطق، شعرْتُ بالفخر بنفسي، أن أكون وحدي بين عدد يتجاوز ثلاثين تلميذًا في صفِّي، بهذه الأهمِّيَّة! لكنْ، ترى، هل أيَّة مشكلة أو خلاف أو حزن حصل بين تلميذين في المدرسة، منذ ذلك الوقت (من بعد منتصف الثمانينات)، وحتَّى الآن، ومستقبلًا، سببُهُ أنَّني لم أسجِّل هدف التعادل؟ ولنفترض هذا مجازًا، ما مدى مسؤوليَّة خمسة عشر لاعبًا آخرين، لعبُوا كلَّ الوقت، ولم يقدِّموا شيئًا يُذكَر؟؟
    ثمَّ إنَّ الأستاذ أعلن أنَّني سأخسر جائزة كبيرة جدًّا، لأنِّي لم أنفِّذ المطلوب! الحمد لله يا عزيزي! ما الذي خسرْتُه؟ مكنسة البطولة؟ هنا لا يوجد كأس! بل توجد مكنسة طويلة، كان الأستاذ يحملها معه دائمًا، وحين يجد أنَّ كلَّ جهوده في صنع أبطال كرة سلَّة منَّا قد فشلت، كان يقف ويدور بمكنسته بكلِّ سرعته، وعلى اللاعبين أن يقفزوا من فوقها، ومن تلمسه المكنسة فقد خسر! خسر ماذا؟ لا أحد يعلم هذا، وبالتالي لم أحزن لأنِّي خسرْتُ مكنسة البطولة هذه، بالعكس هذا أمر مبهج للنفوس والعيون!
    وهل تعلمون ما فعل كذلك؟ لقد استبعدَني من حساباته تمامًا، ليس فقط تلك السنة، بل كلَّ السنين اللاحقة التي كان يعلِّمنا فيها، لا اسمَ لي في أيَّة مباراة كرة قدم (على ندرتها) ولا كرة سلَّة (وهذا أمر لا يؤسف له) ولا كرة طائرة (آخر الهمِّ)!
    وما دمْنَا في كرة القدم، نحدِّثكم عن مباراة أخرى، في ملعب رملي ربَّما يبلغ طولًا عشرة أمتار، وعرضًا مترين، والمرمى حجرين كبيرين بعيدين عن بعضهما، وكلُّ فريق يستوعب من اللاعبين ما يحلو له، كنَّا في المرحلة الثانويَّة آنذاك، وهذه المباراة ليسَت في المدرسة، بل أصدقاء يلعبون مع بعضهم في ذلك الملعب المفتوح للجميع، في تلك المباراة، أبعْدتُ الكرة عشرات المرَّات من خط المرمى بعد أن فشل حارس مرمانا في ذلك، في تلك المباراة راوغْتُ كثيرًا، بكلِّ نجاح، أرسَلْتُ عشرات الكرات المفتاحيَّة لزملائي، ترجموا اثنتين منها فقط بنجاح في المرمى، وسجَّلْتُ بنفسي هدفين آخرين، وأجمع الجميع، في الفريقين، أنَّني اللاعب الأفضل بلا منازع، وإن كانت النتيجة قد انتهت آنذاك: 4 - 25، لمصلحة... الفريق الآخر! ورغم هذه الهزيمة النَّكراء، تلقَّيْتُ كلمات الثناء بكلِّ تواضع، وثقة بالنفس! نعم! أنا لاعب مميَّز فعلًا، ندر أن يجود الزَّمان بمثله...
    كنَّا نريد لهذا الجزء أن يكون آخر الأجزاء...
    لكنَّنا أطلْنَا، ومن الطباعة تعبْنَا...
    فإلى اللقاء في المحطَّة القادمة...
    والختاميَّة!
    (د. عمر قزيحه)
    (14-8-2022)
    3:09 بعد الظهر


  5. #4

    الصورة الرمزية Jomoon

    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    5,621
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Thumbs up رد: حكاية من خيال... مقالة اجتماعية (د. عمر قزيحه)

    السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

    أهلًا أستاذ :"),
    قصص نعجب من أحداثها!!
    كان الله في العون!
    بوركت يارب



    تأخرت في الرد
    كنت أريد أن أ كمل قراءتي قبل الرد لذا تأخرت
    سبحان الله التسويف مع الانشغال!!
    ما علينا
    دام قلمك نابضا
    في حفظ المولى،،
    ~

  6. #5


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,305
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكاية من خيال... مقالة اجتماعية (د. عمر قزيحه)

    عن كرة القدم حدَّثْنَاكم؟
    فما رأيكم، إذًا، في بطولة مصغَّرة أنشأها بعض الشباب، وكأنَّهم في فِرَق نظاميَّة في كأس العالم؟
    وهذا لاعب مميَّز بالفعل، تنافسَتِ الفِرَق بين بعضها من يضمُّهُ إليها، حتَّى استقرَّ في فريق ما، حاز هذا الشرف العظيم، ومنح شارة القيادة لهذا اللاعب، والكلُّ توقَّع له أن يكون هدَّاف البطولة، ولكن!!
    مباراة تلو الأخرى تَمُرُّ، ولا هدفًا واحدًا له حتَّى، أمَّا عنِ التَّمريرات الحاسمة فَحَدِّث ولا حرج! كلُّ تمريراته خطأ، فريقُهُ يفوز في صعوبة، ويبدو هو عبئًا ثقيلًا على فريقه، لكنَّه يَعِد الجميع بأنَّه لم يفجِّر طاقاته بعد، وسَيُفَجِّرها من حيثُ لا يتوقَّعُون ذلك أو ينتظرون أو يتخيَّلون!
    ووصلوا إلى مباراة الختام، مباراة تحقيق الأحلام، مباراة الكأس، هنا كأس بالفعل، (لا أدري من أيَّة مادة صنعوها، ربَّما من البلاستيك، لكن لا بأس، هي في النِّهاية بطولة وكأس)!! وتقدَّم فريقه بهدف، والتهبت أعصاب الجماهير من الغيظ، الفريق يضيِّع الفرص في غرابة شديدة، وهذا اللاعب المميَّز (الهدَّاف الافتراضي) أتيحَ له أن يسجِّل عدَّة مرَّات (كي لا نقول عشرات المرَّات)، ولا يصيب الشِّباك، ومع هذا لا بأس، فريقه يتقدَّم، والثواني الأخيرة في الوقت بدل الضائع، وها هو العبقريُّ في منتصفِ الميدان، يستلم الكرة، آخر لمسة في البطولة ستكون له هو؟ سيحتفل بالكأس بأسلوب مميَّز، هيَّأ الكرة لنفسه وسط الملعب، رفعها عاليًا، ارتفع في الهواء ليرسلها مقصَّة هوائيَّة ناريَّة لا تُصَدُّ ولا تُرَدُّ، كان يقصد أن يرفعها فقط عالية في السماء، كرمز للتقدُّم والانتصار، ولكنْ؟
    لاعبو فريقِهِ مصدومون؟ لماذا؟ المعلِّق يصرخ معلنًا عن هدف؟ يبدو أنَّ لاعبي فريقِهِ لم يستوعبوا هذا الإبداع الفظيع، مع أنَّ لاعبي الفريق الآخر والمشجِّعين يهتفون ويحتفلون، يا لروحهم الرياضيَّة! ثمَّ (فهم) ما حصل، لقد رفع الكرة وارتقى ليرسلها مقصيَّة هوائيَّة، حكمًا ستتَّجه إلى الخلف، إلى مرماه، لتجرف في دربها الحارس الذي بوغت بها تمامًا تصطدم _ خفيفة _ بوجهه _ لينقلب على ظهره في الشِّباك والكرة فوق رأسه تعانق الشِّباك ثمَّ تهوي على أنفه! هدف عكسي لم يسبق له مثيل حتَّى في الملاعب العالميَّة!!
    جاء التعادل من حيثُ لم يفهم أحد أو يتوقَّع، والفريق الخاسر احتفل سعيدًا، لم يفلح في بناء هجمة واحدة خلال اللقاء، وها هو التعادل في الثانية الأخيرة، هديَّة من أعماق قلب الكابتن الخصم! يا للسعادة! ولأنَّهم يقلِّدون نظام كأس العالم والدَّوريَّات الكبرى (الحادثة هذه حصلت بين 2001 و2002)، لجأ الفريقان إلى الأشواط الإضافيَّة، وقاعدة الهدف الذهبي، من يسجِّل يربح...
    ومضَتِ الدقائق، ولا جديد، مضَتِ الدقائق سريعةً، وفي آخر دقيقة في الشوط الإضافي الثاني، بل في آخر ثانية، كرة عرضيَّة من الفريق الخصم، إلى جزاء فريق هذا اللاعب الأسطوري النادر، وبغباء شديد أمسكها بِيَدِهِ، لأنَّه (ظنَّ أنَّ الحكم سيطلق صافرته قبل ذلك)! وهكذا بمنتهى الغباء، نال بطاقة حمراء، وقد تسبَّب في ضربة جزاء...
    دعونا نتخيَّلِ المشهد معًا، فأنا لم أشهدْهُ وقتها، وإن كتبْتُ عنه قصَّة بأسلوب المسرحيَّة والمقابلة الصحفيَّة (للأسف ضاعت معَ السِّنين)، لكن دعونا نتخيَّل لاعبًا يقف أمام الكرة ليسدِّدها، يبدو له المرمى ضيِّقًا والحارس عملاقًا، ويسأل نفسه هل يمكن لنا أن نفوز بعد أن كُنَّا خاسرين؟ ها هو يتقدَّم ويرفع الكرة عاليًا جدًّا في السَّماء، مقلِّدًا الكابتن ماجد! ستنزل الكرة من فوق الحارس، تصطدم بالعارضة، ترتفع، يقفز هو نحوها ليتابعها في المرمى، وقد تحقَّقت أول خطوة، الكرة نزلت في العارضة، ارتفعت...
    لكن الذي قفز هو حارس المرمى، لا أحد فهم وقتها _ ولا بعد ذلك _ لماذا تحرَّك الحارس الآن؟ الكرة بعيدة عن المرمى، لكنَّه وثب نحوها صارخًا في توحُّش، ولم يفكِّر في مدِّ يديه نحوها، لتهوي الكرة على رأسِهِ وترتفع في الشِّباك، وينطح هو الأرض، ويغيب عن وعيه، وتنتهي المباراة نهاية دراماتيكيَّة، و... يتمُّ انتخاب هذا الحارس أفضل حارس في البطولة! هل في هذا شيء من المنطق؟ ربَّما؟ لكن أين المنطق في أن يتمَّ انتخاب اللاعب المميَّز (افتراضيًّا) المبدع (خياليًّا) أفضل لاعب في البطولة، وهدفه الوحيد فيها في شباك فريقه؟ ومساهمته الوحيدة فيها في صنع ضربة جزاء ضدَّ فريقه!!
    سنترك كرة القدم، فهي ليسَتِ المحور الأخير في حكاية الخيال، ولم تكن ارتكاز خفايا الجمال، فذات يوم، في سنة 2019، حدث معي ما يأتي: سبعة في اثنين! ما معنى هذا؟ معناه 7_7، أي أنَّنا اليوم السابع في الشهر السابع، الحر شديد، تكاد تشعر بالأرض تلتهب نارًا، ورنين الهاتف الأرضي يرتفع، أشارت شاشته إلى أن الرقم من العاصمة، قلت ربما يكون من كلية التربية، وقد اتصلوا لسبب ما، لكن لماذا لم يرسلوا عبر الجوال؟ أتراهم حاولوا الاتِّصال وكان العائق غياب الإرسال المعتاد؟ لماذا لم يرسلوا رسالة عبر الواتس آب إذًا؟ لا علينا، لتكنِ الأسباب ما تكون!
    رفعْتُ السمَّاعة لأردَّ (نعم)؟ وإذ بصوت امرأة، تصيح في انفعال شديد، تذكر مهنتي واسمي، ها قد صدق توقعي، لكن لماذا تصرخ هذه المرأة؟ رددت مرة ثانية (نعم)؟ وإذ بها تصيح من جديد: (أنا ... ألم تتذكرني)؟ وأخذَتِ ذكرياتي تتداعى وتتصارع، يمينًا ويسارًا تتدافع، مع أنه لا يوجد ولا ذكرى! لكن لا بأس دعنا نتخيَّل ذلك! والمرأة تتابع متحمسة: (غدًا، أنا سآتي إليك)، وقبل أن أعقِّب أو أستوعب ما تعني، تابعَت وصوتها يقطر سعادة: (يا حبيبي)!
    يا حبيبي؟ يا عيوني الدامعة؟ ماذا؟ لم تدمع عيوني بعد؟ أين أنت يا تأثُّر؟ لا بأس، دعونا نتخيَّل أن عيوني دمعت تأثرًا، يبدو أن هذه المرأة ستأتي غدًا لتخطبني! سأطلب مهرًا كبيرًا جدًا، وسيارة جديدة، ونصف بيتها، و... تؤ تؤ تؤ!! انهارَتِ الآمال وتفجَّرَتِ الآلام، لقد تابعَت هي: (من أجل محمد)!
    نعم، صحيح! يجب أن تأتي هي إليَّ غدًا من أجل محمد، سواء أكنت أعرفه أم لا، يجب أن تأتي هي لأجله، موقف مؤثِّر جدًّا، حقًّا، فعلًا، وهي تتابع مزيلةً الغموض: سـ(نأتي) غدًا و(نتمنى) دعمك لمحمد المسكين في عملية شراء أربع إبر هو بحاجة إليها، فهل...
    هل يستحق جمع التبرعات للمحتاجين – إذا كانوا موجودين – كلَّ هذا الانفعال و(الجعير) في الهاتف؟ صحيح أنَّ عنوان هذا الموقف (يا حبيبي) بامتياز، لكنَّ الموقف لا يستحق كل هذا! وطبعًا اسمي أخذته هذه المندوبة المتحمسة من دليل الهاتف العام، وربما قالت كلمة (أستاذ) قبل الاسم من باب المجاملة أو الاحترام، لا أكثر...
    وبعد فترة منَ الوقت، اتِّصال جديد، الرقم يشير إلى أنَّه من العاصمة، هل هو العمل أو جمع تبرُّعات؟ رفعْتُ السمَّاعة مجيبًا مثل العادة: (نعم)؟ جاءني صوت امرأة تهتف في انفعال شديد، تذكر اسمي مسبوقًا بلقب المهنة، فأجبْتُها في برود: (من يريده)؟ جمدَتْ هي لحظات، قبل أن تقول: (أ... أعتذر، ظننْتُكَ هو، هل يمكن لك أن تناديه)؟ وكان ردِّي بالأسلوب البارد ذاته: (من يريده)؟ ويبدو أنَّ هذا ضايقها جدًّا، لكنِّي فوجئْتُ بها تقول: (عرفتك)! قلتُ لنفسي: (يا لذكائها الفذِّ، كيف عرفَتْ؟ لقد أدركَتْ بدهاء نادر أنِّي أنا الذي أردُّ لا غيري)! لكنِ المفاجأةُ كانت أكبر، وهي تتابع: (أنت رفيقه أو ابنه)! وجدْتُ نفسي قد تقمَّصْتُ الدور كاملًا، فهتفْتُ في انفعال: (ابنه؟ آه؟ الأستاذ عمر عنده ابن ولم يخبرني؟ آه)؟؟ حاولَتْ أن تقول شيئًا، على غرار: (أنا... إنَّني... إنَّه)، لأقاطع كلامها متحمِّسًا: (ما اسمه؟ آه؟ الآن الآن أريد أن أعرف، أخبريني)! تُرى، لماذا أغلقَتْ هي خطَّ الاتِّصال؟ أَأِجِدُ لديكم إجابةً ما؟
    ويومًا ما من سنواتٍ طوال، حصل موقف سبق أن حصل من قبل، لكن ليس بهذا الإبداع، بمعنى أنَّني أتلقَّى السؤال التقليدي: (كيف أستطيع أن أكون كاتبًا ناجحًا)؟ مرَّاتٍ كثيرةً، غير أنَّ الحوار هذه المرَّة كان مختلفًا بحقٍّ، وأنقلُهُ هنا، ممازجًا فيه بين الفصحى والعامِّيَّة، اللبنانيَّة ولغة أخرى:
    الزمان: عدَّة سنين مضت.
    المكان: الماسنجر (إن صحَّ أن يكون مكانًا).
    الحدث: إشعار بطلب مراسلة.
    أعطيْتُ الموافقة، فتحت الرسالة، فرأيت سؤالًا غريبًا، من كلمتين: (كيف تكتب)؟
    انتظرْتُ بعضَ التوضيح، وقد جاء من المراسلة (العزيزة): في الواقع أنت لا تعرفني...
    (هل ظَنَّتْ أنِّي أعرفها وأنا لا أعرفها، فأخبرَتْنِي بأنَّني لا أعرفها كي لا أعرفها، أم ماذا)؟
    وتابعَت (حضرتها): في الواقع قريبة لي تعرف صديقة لها، تعرف أنَّ امرأة خالها تقرأ لك أحيانًا في الفيس بوك...
    (لم أكن أعرف أنَّ الفيس بوك يحتاج إلى دوائرَ إلكترونيَّة بهذا التعقيد، ثمَّ إنَّكِ تراسلينَني بالفعل، وهذا يعني أنَّ صفحتي الخاصَّة تظهر لكِ، ويمكنكِ القراءة بنفسكِ، من دون هذه الوسائط النسائيَّة الغامضة)!!
    _ وقد نصحَتْنِي (هي) بأن أسألك كوني كاتبة ناشئة، صحيح أنا لم أكتب بعد، لكنِّي سأفعل، لذلك نصحَتْنِي (هي) بأن أسألك، كيف تكتب قصَّة جيِّدة؟
    (هي نصحَتْكِ، أيَّة "هي" من هذه "القبيلة الأنثويَّة" بالتحديد)؟
    _ أوَّلًا، عليكِ إجادة قواعد اللغة العربيَّة.
    _ سعادتك! أعرف هذا، قرأت هذه القاعدة في جوجل.
    _ كما يجب أن يكون عندكِ بعض الموهبة.
    _ سعادتك! أعرف هذا، قرأت هذه القاعدة في جوجل.
    _ كما لا يمنع أن تقرئي لبعض الكتَّاب الكبار.
    _ سعادتك! أعرف هذا، قرأت هذه القاعدة في جوجل.
    _ ليس هذا فحسب، بل أن تنوِّعي في هذا، بين أدب الأطفال، والأدب الجادِّ، والأدب الساخر، لأدباء عرب وأجانب...
    _ سعادتك! أعرف هذا، قرأت هذه القاعدة في جوجل.
    (أعتقد أنَّ سعادتي هنا في أن تصمتي، فذلك أفضل ما تفعلين)!
    ابتسمْتُ ابتسامة ساخرة لن تراها هي طبعًا، وأنا أكتب لها:
    _ ثمَّ هناك طريقة سحريَّة، أقدِّمها بكلِّ خبرتي التي لا يُستهان بها للمبتدئين، ولن تجدِيها في جوجل طبعًا.
    أكاد أتخيَّل الاهتمام يغزو كيانها، وهي تسألني:
    _ هايل... هايل... (ده محصلش)، إيه هي؟
    _ هذه الطريقة لن تُلزمَكِ بإجادة قواعد النحو، ولا القراءة لأيِّ أديب، وهي طريقة سحريَّة وفعَّالة، تسبِّب صدمة عنيفة جدًّا للقارئ!
    أعتقد بأنَّها باتَت تلتهب من الفضول، في انتظار أن أكشف لها خبايا الأسرار وخفاياها، وهي تكتب:
    _ ودي هي إيه؟!
    ولم أخيِّب لها آمالها، أخبرتها بالسِّرِّ (الرهيب):
    _ تكتُبِينَ ما يحلو لكِ، كيفما اتَّفق، ثمَّ تلوِّحِينَ بيديكِ فوق الورقة، بثلاثة أصابع بكلِّ يد، وأنتِ تصرُخِينَ بأعلى صوتِكِ: آبرا كادبرا سحرا بحرا هبرا كادبرا سحرا
    _ إييييييه؟؟ تقول إيييييييه؟؟
    _ شفتِ إزاي تسبِّب صدمة عنيفة للقارئ؟ ده أنا ما كتبت ولا كلمة في القصَّة، بس الطريقة، وحضرتك انصدمتِ صدمة عنيفة!
    _ الحقيقة خاب أملي، انصدمت فيك.
    _هذا هو الكلام! برافو، أحسنتِ! انصدمتِ، شفتِ إزاي الطريقة ناجحة وفعَّالة؟؟
    (سكوت طويل)
    _ لكن أود من حضرتكِ أن تحتفظي بالسرِّ دا لنفسك، وما تخبري فيه حد، عادة الطريقة دي أنا آخد ثمنها، لكن إكرامًا لصديقة قريبتك صديقة امرأة خال صديقتها، هي لكِ مجانًا!
    يبدو أن طريقتي هذه سحريَّة جدًّا، سبَّبَت لها صدمة عنيفة أصابتها بالخرس تمامًا، قبل أن تختفي هي وحسابها، بلا أثر!!
    أدام الله لي هذه الموهبة!

    الكاتب: د. عمر قزيحه
    31-8-2022: الساعة: 2:36 بعد منتصف الليل.





  7. #6


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,305
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكاية من خيال... مقالة اجتماعية (د. عمر قزيحه)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Jomoon مشاهدة المشاركة
    السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

    أهلًا أستاذ :"),
    قصص نعجب من أحداثها!!
    كان الله في العون!
    بوركت يارب



    تأخرت في الرد
    كنت أريد أن أ كمل قراءتي قبل الرد لذا تأخرت
    سبحان الله التسويف مع الانشغال!!
    ما علينا
    دام قلمك نابضا
    في حفظ المولى،،
    ~
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    الانشغال والضغط + عدم قبول المنتدى أن يفتح فترات طويلة كل يوم، كلها عوائق ضد متابعة الكتابة والردود
    حفظكم الله وبارك بكم

  8. #7

    الصورة الرمزية أم مودة

    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المـشـــاركــات
    755
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: حكاية من خيال... مقالة اجتماعية (د. عمر قزيحه)

    قرأت الجزء الأول ومن أول موقف تذكرت موقف
    حصل لي مع أبني لن أنساه أبدا وبعتذر عن سرده بالعامية 😅في إحدى المرات
    تاخرت عن تحضير الغداء فجالي المطبخ
    وبكل غضب بيقولي ماما أنتي ليه مش بتحضي على طعام المسكين
    قلت له أنا ليه بتقول كده قالي مش أنا مسكين
    بابا كان بيقولي يلا كل يا مسكين
    وأنتي لحد دلوقتي مخلصتيش الأكل وانا جعان
    يبقى أنتي مش بتحضي على طعام المسكين😂
    طبعا أنا مت من الضحك على كلامه وكان من المواقف اللي عمري
    ما أنساها أبدا ربنا يحفظ الاطفال جميعا يا رب
    بارك الله فيما خطت أناملك
    في أمان الله

  9. #8


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,305
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكاية من خيال... مقالة اجتماعية (د. عمر قزيحه)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم مودة مشاهدة المشاركة
    قرأت الجزء الأول ومن أول موقف تذكرت موقف
    حصل لي مع أبني لن أنساه أبدا وبعتذر عن سرده بالعامية ًںک…في إحدى المرات
    تاخرت عن تحضير الغداء فجالي المطبخ
    وبكل غضب بيقولي ماما أنتي ليه مش بتحضي على طعام المسكين
    قلت له أنا ليه بتقول كده قالي مش أنا مسكين
    بابا كان بيقولي يلا كل يا مسكين
    وأنتي لحد دلوقتي مخلصتيش الأكل وانا جعان
    يبقى أنتي مش بتحضي على طعام المسكينًںک‚
    طبعا أنا مت من الضحك على كلامه وكان من المواقف اللي عمري
    ما أنساها أبدا ربنا يحفظ الاطفال جميعا يا رب
    بارك الله فيما خطت أناملك
    في أمان الله
    طبعًا لازم الأب يقول له بعد هالموقف أنت مش مسكين أبدًا
    وإلا رح يبقى حامل بذهنه فكرة أنه مامته مش بتحض على طعام المسكين كل حياته!
    الله يحفظ لك ياه، وبارك الله بكِ وفي أمان الله

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...