يا عيوني يا قلبي
أنا وطفلتي، نقف أمام مرآتها، تنظر طفلتي إلى صورتها، تسألني وهي إليها تشير: حلوة؟ أليس كذلك! نظرْتُ إليها محاولًا أن أحدِّد أين يكمن عقلها؟ في رأسها أم في عينيها؟ أنتِ أمامي، فهل تسألينني عن جمال صورتِكِ في المرآة؟ وتنظر الطفلة في غضب، لماذا لا أجيب؟ سألتها: عن نفسِكِ تسألين أو عن المرآة؟ أشارت إلى صورتها من جديد، تقول في فخر عجيب: هي! هي! حلوة؟ قلت لها: نعم! فطوَّحَت بشعرها وهي تبتسم في سعادة عجيبة، ثم سألتْني في رجاء: وأنا؟! وأنا يا صغيرتي؟ أنا أسأل، أمام المرآة، هل يختلُّ التركيب الكيميائي في عقول البنات الصغيرات، أو تتلاشى العقول نهائيًا؟ وتنظر إليَّ في غضب، لماذا لا أجيب؟ تسلَّلت أصابعي تزور شعرها الناعم، قائلة لها: نعم، فتهتف كأنَّما تتأكَّد: نعم ماذا؟ حضنْتُها مؤكِّدًا لها أنَّها حلوة حلوة، حلوة جدًا، وأنا أحبُّها أحبُّها، أحبُّها جدًّا! ومضَتِ الأيام ومرت السنون، طفلتي لم تعد طفلة، طفلتي تكاد تصير أمًّا، أمام المرآة تقف، تشير إلى صورتها، تسأل زوجها: حلوة؟ أليس كذلك! وينظر المسكين في حيرة، يهمس لي يسألني: ماذا أصاب عقول النساء في هذا الزمان؟ وما الذي غيَّرهن (فجأةً) عمَّا سبق! يا صديقي! خذ عقلك إلى مصنع ما ليضعه في آلات الصيانة والتجديد، واغسله جيِّدًا حتى يصفو، لعلك تدرك أنَّه قد تحترق النجوم، وتتهاوى الغيوم، وما تزال ثابتةً تلك العقول، هذا لو أنَّها موجودة!!
د. عمر: 2023م