حكاية هوبي يوبي!

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 8 من 8

مشاهدة المواضيع

  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي حكاية هوبي يوبي!

    حكاية هوبي يوبي!!
    هما بنتان عربيَّتان...
    من هما؟ لا تهمُّ الأسماء هنا، فالمهمُّ الأفعال والصِّفات...
    واحدة بلا إخوة ولا أخوات، والثَّانية ليست بأفضل حالًا منها، لها إخوة أربعة، لكنْ، كلُّهم شباب...
    وعمَّ تتحدَّث البنات مع بعضهنَّ؟ لهنَّ حديث خاصٌّ يستحيل أن تتكلَّم به البنات مع الشَّباب؛ لذا وجدَتِ البنتان في صداقتهما سعادة كبرى، وتعويضًا عن نقص الثَّرثرة، والكلام على النَّاس...
    ثمَّ (تطوَّرتِ) الأمور، بات عندهما، بل في القرية كلِّها، شبكة هاتف أرضيَّة، ويا للسَّعادة! خبر فوق العادة!
    قرَّرَتِ البنتان اللجوء إلى تسلية حمقاء، ها هما في شرفة بيت إحداهما، ها هو جارهما يخرج، ركَّزَتِ البنتان في ملابسه وألوانها، وبعدما مضى وقت ما، اتَّصَلت إحداهما برقم بيته...
    من أين حصلت عليه؟ من دليل الهاتف الضَّخم الذي أعدَّتْه وزارة الاتِّصالات، وفيه أرقام كلِّ المشتركين في الخطوط الأرضيَّة...
    لمَ تتَّصلان، والجار ليس في البيت؟ لأنَّ امرأتَه في البيت! مرحبًا يا حمقاء! أنا ضرَّتُكِ! ألن تستحي على دمِكِ وتتركي لي زوجي لوحدي؟ صاحَتِ المسكينة في ذهول: ماذا؟؟ من أنتِ يا كذَّابة يا خرَّابة البيوت؟ وتنفخ الفتاة في ضجر مصطنع، صحيح صحيح! أنا كذَّابة! يا لكِ من عبقريَّة! أنا لا أعلم أنَّ ... كان يرتدي تلك الكنزة، ولا أعلم أنَّ لونها... بل لا أعلم أنَّ الحذاء فيه ثقب بسيط في الطَّرف الأ... وضعَتِ المرأة السَّمَّاعة، وبدأتِ البنتان في الرَّقص! أخذتا تتمايلان كأنَّهما مجنونتان، وصراخهما يدوِّي في البيت: هوبي، يوبي، هوبي، يوبي...
    لكنْ، كانت هذه حفلة بسيطة مبسَّطة، فما حدث بعدها كان أجمل بكثير! عاد الجار – مثل عادته – بعد وقت ما إلى البيت، وإذ بامرأته تستقبله بالصُّراخ، والكلمات النِّسائيَّة المعتادة: يا خائن يا حقير! أمَّنْتُ لك، فكنْتَ وغدًا، ألا يملأ عينك شيء؟ بِمَ أنا مقصِّرة معك؟ وبما أنَّك سعيد معها إلى هذه الدَّرجة، لم تتعذَّب وتجيء إلى هنا؟ والرَّجل لا يفهم شيئًا، والصُّراخ يرتفع، والكلام الجارح يتوالى، وبعد ذلك خرجَتِ المرأة من البيت تتابع السِّباب، وفي يدها حقيبتها، وزوجها يشيِّعها باللعنات، وأنَّه لا ينقصه مجنونة في بيته، وأنتِ (طالق، طالق، طالق)، ووثبَتِ البنتان ترقصان من جديد، وغناؤهما السَّعيد يرجُّ البيت الخالي إلَّا منهما: هوبي يوبي، هوبي يوبي، هوبي يوبي...
    هل هذا يكفي؟ لا! فاللعبة رائعة جدًّا، ويجب أن تستمرَّ! زميلتهما في الصَّفِّ متكبِّرة، ويجب أن تربِّياها! لمَ هي متكبِّرة؟ لأنَّها لا تكلِّمهما كثيرًا، مع أنَّها جارتهما (تقريبًا)، ثمَّ إنَّها تتقبَّل كلمات الإعجاب بجمالها من دون أن تعترض! اجتمعَتِ البنتان، اجتمعَت هوبي يوبي من جديد، اتَّصَلت محترفة تغيير الأصوات وضبط الانفعالات بعد رجوعهما من المدرسة بقليل: من؟ أنتِ من تتَّصل! والله؟ لم أكن أعلم! اسمع يا أحمق! أختك هذه التي تظنُّها مهذَّبة، القطُّ يأكل عشاءها، تمشي مع شباب، وتتمايع معهم، ماذا؟ أنا كذَّابة! كيف عرفْتَ يا عبقريُّ؟ أنا أكذب، صحيح، والدَّليل أنَّ المريول الذي ترتديه أختك ليس فوق الرُّكبة بمسافة لا بأس بها، وأنَّها لم تكن ترتدي سترة كحليَّة اليوم، كذلك أنَّ حذاءها لم يكن لونه بنيٌّ، و... وبدأ الهوبي يوبي! لقد صرخ الشَّابُّ: الكلبااااااااا، وأغلق الخطَّ، وبعد قليل زاد الاحتفال سعادة، البنتان في رقص خليع لفرط النَّشوة، زميلتهما خرجت تركض في الشَّارع بلباس البيت، وهي تصرخ، وأخوها يجري خلفها، لن نقول إنَّه كان يصرخ، بل كان يهدر بصوت مخيف! لم تَدُمِ المطاردة طويلًا، قبض الأخ على أخته وبدأ يضربها ويجرُّها بمنتهى العنف، وهوبي يوبي مستمرَّة، في تصاعد مستمرٍّ!
    ثمَّ قرَّرتِ الفتاتان (تطوير) الأسلوب أكثر! واحدة تخطِّط، هي بارعة في هذا، الثَّانية تتَّصل، هي بارعة في تغيير الأصوات، وضبط الأعصاب، تندمج في الدَّور بطريقة عجيبة، بدأت حفلة هوبي يوبي الجديدة من قبل الاتِّصال هذه المرَّة، فهما تعرفان أنَّ النَّتيجة لن تكون هيِّنة، بدأ الاتِّصال برقم بيت من البيوت القريبة، من هناك؟ من بعد أمرك أريد المدام! حسنًا، يا ... يا ... ردِّي على الهاتف! من معي؟ أنا كنَّتُكِ! ماذا؟ كنَّتُكِ! ألا تفهمين؟ ابنُكِ الحقير كذب عليَّ وتزوَّجني، وأنا الآن حبلى! أغلقَتِ المرأة الخطَّ، عاودَتِ هوبي يوبي الاتِّصال، ألا تَعِين خطورة الموقف؟ ردَّت المرأة في ثبات: كفى كذبًا، لقد سألْتُ ابني، وأقسم إنَّه لم يفعل شيئًا من هذا في حياته، جاءها صوت ضحكة ماجنة صدمتها، والكلام المخيف بعدها: اسمعي، بطني يكبر، لن أستطيع أن أخبِّئ الموضوع أكثر، أهلي ليسوا عميانًا، مصيري الذَّبح، لكن قبل هذا سأذكر لهم اسم ابنِكِ، هذا الحقير الكلب! وليذبحوه معي، لن أموت وحدي، إن غيَّرْتِ رأيْكِ، ابنُكِ الكذَّاب يعرفني! باي باي!
    بدأتِ الاحتفالات وهوبي يوبي، هوبي يوبي، تكاد ترجُّ المنطقة! لكن ما هذا؟ لم الصَّمت؟ لم السُّكون؟ يجب أن تتعالى أصوات الصُّراخ والسِّباب، لكن هناك صوت أعلى، صوت أحلى، صوت سيَّارة الإسعاف، تلك الأمُّ المسكينة وقعت بالجلطة من فورها، عادت احتفالات هوبي يوبي، بمنتهى السَّعادة والجنون!
    نجَتِ المرأة من الموت، لكن ربَّما فقدَت ذاكرتها جزئيًّا، لا أحد يعلم، وهوبي يوبي لا تهتمَّان لشيء، يومًا ما سمعَت إحداهما والدها يقول لأمِّها إنَّ فلانًا ابن جارهم فلان شاذٌّ، أو هكذا يظنُّون، وسيخبرون الشُّرطة، وهي تحقِّق وتتأكَّد، مباشرة حملَتِ الحمقاء الخبر إلى رفيقتها، بدأ البحث عن رقم الجار في الهاتف، وبعدها الاتِّصال: أنت إنسان محترم، ولا نريد لك أن (تتبهدل)، نتكلَّم لمصلحتك! الحارة كلُّها خطَّطت لضرب ابنك وسجنه، ألا تعرف لماذا؟ تسألني ما الذي فعله ابنك؟ لم يفعل شيئًا! هو شاذٌّ فقط! وقد حاول أن... آلو، آلو؟ هوبي!! يوبي!! هيلا هيلا هيلا هيلا هي!! هوبي يوبي، يوبي هوبي...
    خرج الرَّجل من بيته مثل المجانين، انقضَّ على دكَّان قريب، مزلاجه ليس مغلقًا تمامًا، دخل مثل الصَّاروخ، خرج يهتف: لقد غسلْتُ العار، أرسلْتُ الوغد إلى جهنَّم! وهوبي يوبي في سعادة غامرة! اندفع الرِّجال إلى الدُّكَّان، خرجوا يحملون ابن الجار، وهتافهم يتعالى: لا إله إلَّا الله، لا إله إلَّا الله، لا إله إلَّا الله، لا إله إلَّا الله، وبعضهم يهتف أن أسرعوا بالتَّغسيل والدَّفن، فإكرام الميِّت دفنه! وانهارت هوبي يوبي أخيرًا، أفاق ضميرهما، وفهمتا خطورة هذه اللعبة القذرة التي تلعبانها، لكن، لم تنتهِ الأحداث بعد!
    خبيرة تغيير الأصوات تتَّصل برفيقتها، وهي تكاد تعوي حرفيًّا، جاءت هذه مسرعة، ماذا يحدث؟ هي التي تلقَّتِ الاتِّصال هذه المرَّة، الاتِّصال المخيف، لكنَّه حقيقيٌّ! مسؤول في السَّنترال، جاءه رجال المباحث، الأب تقريبًا جُنَّ بعد قتلِهِ ولدَه، لكنَّ امرأته شهدت بأنَّه تلقَّى اتِّصالًا جعله يخرج مثل المجانين من البيت، رجال المباحث يريدون أن يراجع سجلَّ المكالمات ويتأكَّد، وقد تأكَّد! الرَّقم المتَّصل، بل استمع إلى المحادثة بأكملها، كذلك إلى المحادثات السَّابقة، وبات في يده ملفٌّ دسم! لن يبلِّغ الشُّرطة، بشرط أن تتَّصل هذه الحمقاء بامرأته هو، وتدَّعي أنَّها ضرَّتها؛ لتطلب الطَّلاق، ويرتاح من جنونها وقلَّة فهمها، ولقد قرَّرَتِ الموافقة؛ لتحمي نفسها! نصحتها رفيقتها بأن لا تفعل، لكنَّها لم تستجب لها، إن لم تُطِع المسؤول في السَّنترال، فستدخل السِّجن حتمًا!
    اتَّصلَت بتلك المرأة، من؟ أنا ضرَّتُكِ! نياهاهاها! ظريفة ظريفة، أعيديها! وأغلقَتِ الخطَّ! اتَّصلَت بمسؤول السَّنترال، أعطاها معلومات حسَّاسة، عادت تتَّصل بالمرأة، من؟ أنا ضرَّتُكِ! نياهاهاها! ظريفة ظريفة، مهلًا، لا تغلقي الخطَّ! أنا ظريفة؟ صحيح، من ظرفي العجيب أنَّني لا أعرف أنَّ حذاء زوجِكِ الّذي هو زوجي مثقوب من النَّاحية اليسرى، ولا أعرف أنَّ ملابسه الدَّاخليَّة... صرخَتِ المرأة: اخرسي! اخرجي من حياتي، وسأدفع لكِ؟ سألتْها في استخفاف: كم؟ مئة مليون! ضحكَتِ المرأة كأنَّها تستمع إلى خرافة: لم أسمع بمبتزَّة أغبى منْكِ! خذي مئة وخمسين مليون واغربي عن وجهي! تعالي غدًا السَّاعة العاشرة صباحًا، إلى اللقاء يا غبيَّة! هنا اتَّصل مسؤول السَّنترال، يا غبيَّة يا حمارة! مئة وخمسون مليونًا فقط؟ لو طلبْتِ سبعمئة مليون فإنَّها لن تشعر بأنَّها دفعَت شيئًا، لكنْ، هذا قدري، أنَّ أتعامل مع حمارة!
    غضبَتِ الفتاة، جيِّد عندَكِ مشاعر! ماذا عن الذين أغضبْتِهم ودمَّرْتِ حياتهم؟ هؤلاء لا وزن لهم ولا اعتبار؟ سألتْه كم سيعطيها من المئة والخمسين مليونًا؟ ضحك في سخرية، غبيَّة مجنونة، حمقاء غبيَّة، سأعطيْكِ؟ هل نسيْتِ السجلَّات التي سأمحوها؟ خذي المئة والخمسين مليونًا، وإلى السَّجن، وربَّما الشَّنق حين تتمِّين الثَّامنة عشرة! أو لا، لا تخافي، لن يشنقوكِ، فقط سجن الأحداث ثمَّ سجن النِّساء، نراكِ بعد خمس وعشرين سنة أو ثلاثين! صرخَت في رعب: لااااااا، أمرك، أمرك، لكن لا تفعل هذا!
    وفي اليوم التَّالي، ترافقَت معًا البنتان، تتَّجهان إلى العنوان، صعدَتِ التي تؤدِّي دور الابتزاز، فتحَت لها المرأة، ابتسمَت وعبسَت في وقت واحد، تراجعَت البنت في خوف وتوتُّر، وتقدَّمت في طمع ورجاء، في يد المرأة اليمين كيس مفتوح مليء برزم الأموال، ما يقترب من المليار ربَّما، وفي يدها الثَّانية ساطور ضخم، وتقدَّمتِ المرأة بدورها، ومدَّت يدها بحركة واحدة، حركة خاطفة، و...!!!

    قضيَّة حقيقيَّة واقعيَّة، لكن السَّرد والحوار والوصف بأسلوبنا...

  2. الأعضاء الذين يشكرون أ. عمر على هذا الموضوع:


المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...