حكاية أحلام

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: حكاية أحلام

مشاهدة المواضيع

  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي حكاية أحلام

    حكاية أحلام
    أحلام فتاة عربيَّة، تعيش في بيت واسع، مع إخوتها الشَّباب، من بعد وفاة والدها...
    أحلام تحلم بالأحلام! أو ربَّما هي الأوهام؟ العريسِ الوسيمِ الغنيِّ الذي سيأتيها على حصانه الأبيض، يحملها إلى الجنَّة الأرضيَّة، حيث الغنى والرَّخاء...
    لذا رفضت أحلام كلَّ الذين تقدَّموا إليها! هذا وسيم لكنَّه فقير، وذاك غنيٌّ لكنَّه قبيح! حتَّى ضاق إخوتها الشَّباب بها ذرعًا، هل تنوي أن تجلب لهم العار؟ النَّاس يتحدَّثون عنها! وهل يلومون النَّاس إذا ما تكلَّموا؟
    في مجتمعاتهم لا ترفض الفتاة الزَّواج إلَّا لسبب من سببين، وكلا السَّببين مُخْزٍ فعلًا! إمَّا أن تكون قد وقعت في الخطأ قبل الآن؛ لذا ترفض الزَّواج كي لا يُفتضح أمرها، وإمَّا أنَّها (تحبُّ وتعشق) من وراء أهلها.
    جاءها عريس آخر، لكنَّه كان مُعدمًا! أرمل له من الأولاد أربعة، من بينهم طفلة معاقة جسديًّا وعقليًّا، والمصيبة أنَّ إخوتها وافقوا، ما شأنهم بالموافقة من عدمها؟ ألأنَّهم شباب وهي بنت؟ يا له من ظلم كبير! (كما تظنُّ أحلام)...
    لكنْ، أحلام نفسها وافقَت! خافت أن يفوتها (القطار)، كلُّ زميلاتها اللواتي من سنِّها تزوَّجْنَ منذ سنوات، هذا وأحلام ما تزال صبيَّة، لكن تلك هي بيئتهم وتلك هي عاداتهم وتقاليدهم، لكنَّ هناك مصيبة أخرى...
    الرَّجل معدم، حرام! لا يستطيع أن يقيم لها حفل زفاف، لا يستطيع أن يشتري لها مصاغًا، لا يستطيع أن يشتري لها بيتًا، هل تقيم في الشَّارع يا رجل؟ لا! إقامته وأولاده في ما يشبه (الخرابة)، بيت من حجرتين صغيرتين خانقتين، كوني امرأة طيِّبة يا أحلام! إخوتها يوصونها، صوني زوجَكِ، واهتمِّي بأولاده، فهو مفتاحُكِ إلى الجنَّة...
    ذهبَت أحلام إلى بيت زوجها، كاد يُغمى عليها صراحة، لكنَّها حاولت أن تتمالك نفسها، أولاده الصِّغار ينظرون إليها في كراهية، أهذه بديلة عن الماما؟ لا، لن نحبَّها، لكنْ أحلام كانت حنونًا للغاية معهم، أحبُّوها، لكنَّ الطِّفلة لم تحبَّها فحسب، بل تعلَّقَت بها، باتت أحلام هي دنياها كلَّها بلا استثناء!
    لكنَّ الحبَّ وحده لا يكفي أحلام! هي تؤمن بالمثل: (إذا دخل الفقر من الباب هرب الحبُّ من الشُّبَّاك)! فهذا زوجها بدأ يتحوَّل إلى العصبيَّة، هي تشتغل في البيت وترعى متطلَّبات الصِّغار وتتابع دراستهم، وتهتمُّ بالطِّفلة المسكينة، وزوجها يرجع إلى البيت غاضبًا نكدًا، بسبب ضيق ذات اليد وعجزه عن تأمين أدنى المتطلَّبات.
    تمرُّ الأيَّام، ثمَّ يكلِّمها زوجها، يا أحلام، حالتكم المادِّيَّة جيِّدة، بل ممتازة، فلماذا لا تأتين بالمال من إخوتِكِ؟ ألا تَرَين وضعنا؟ ألا تَرَين كم يجوع الأطفال؟ انتفضَت أحلام، هل تريد منِّي أن أستدين؟ كيف سأوفي المال بعد ذلك؟ ضحك الرَّجل، يا لكِ من حمقاء! استدانة؟ طالبي بحصَّتِكِ من ميراث أبيكِ، ولكِ بيت فخم، باسمِكِ أنتِ!
    كان عرضًا مغريًا لأحلام، ذهبَت إلى بيت أهلها، واجهَت إخوتها الشَّباب، أوَّل مرَّة في حياتها تقف أمامهم ترفع صوتها وتصرخ، بيئتها ترى أنَّ هذه قلَّة أدب من الفتاة، أمَّا أن يصرخ الرَّجل وصوته يملأ الشَّارع، فهذه رجولة لا شكَّ في ذلك!
    نسيَت أحلام التَّقاليد والعادات، ستصرخ ولو الْتَمَّ النَّاس كلُّهم حولها، أيُّها اللصوص! يا آكلي حقوق النَّاس! ألأنَّني بنت تأكلون حقِّي في الميراث؟ استحَتِ الكلاب أن تفعل فعالكم! ردَّ أخوها الأكبر يسألها في هدوء عجيب من هذا الذي أكل حقَّها؟ وهل طالبَت هي بحقِّها قبل ذلك وأكلوه عليها؟
    لم تتأثَّر أحلام بهذه (الخدعة)! إن لم أطالبكم تأكلون حقِّي يا عديمي الضَّمير والأخلاق؟ عاد أخوها الأكبر يتكلَّم هادئًا، وإن كانَتِ الإهانات من أخته تجرحه وتجرح إخوتها جميعًا، نحن نعمل في أرض أبينا، زراعة وفلاحة وحراثة، وفي جني المحصول، وفي البيع، ننفق على أنفسنا وعليكِ، لم نأكل لكِ حقًّا يومًا، ومرَّة ثانية أحلام لا تتأثَّر بهذه (الخدعة)، بل بدت لها سخيفة أكثر ممَّا يلزم!
    عادَت أحلام تشتم إخوتها، هم سبب شقائها، هم يعيشون في البيت الواسع، وهي في الخرابة! هم يأكلون ويشبعون، وهي جائعة! طالبها إخوتها بأن تغلق فمها، لكنَّ كبيرهم تدخَّل، وللكبير الكلمة من بعد الأب، سنثمِّن كلَّ شيء ونُعطيكِ حصَّتَكِ كاملةً مكتملةً، لكنْ، لا نريد أن نرى وجهَكِ بعد الآن! لن يبقى لكِ شيء هنا، وردَّت أحلام أن (بالنَّاقص) منكم ومن رؤية وجوهكم الحمقاء أيُّها اللصوص!
    أعلَنَت أحلام أنَّها لن تخرج إلَّا وحقُّها في يديها! يا بنت النَّاس هذه إجراءات تستغرق وقتها! تردُّ أنا لا أفهم! استدعى الأخ خبيرًا في التَّثمين، ثمَّن البيت والأرض، حسب الإخوة المبلغ، قسموه وفق الشَّرع، أعطَوها حقَّها كاملًا لا ينقص ملِّيمًا، وقَّعَت لهم على أن لا علاقة لها بالبيت ولا بالأرض، فقد استوفَت حقَّها، وقبل أن تخرج ناداها أخوها الأكبر، ضمَّها إليها، فدفعَتْه عنها وخرجَت، هتف بها بأعلى صوته: لا تُعطي المال لزوجِكِ، نصيحة منِّي يا أختي، لمصلحتِكِ!
    لم تردَّ أحلام! ألأنَّها بنت عربيَّة يريدون التَّحكُّم فيها حتَّى بعد أن أخذَت حقَّها؟ أسرعَت بالمال إلى زوجها، أين البيت؟ انتظري! سأشتري البيت لكن بعد أن أدفع المال لأصحابه، ثمَّ إنَّه ليس بيتًا، بل دوبلكس، كادت أحلام تطير من الفرح، وهي لا تعرف معنى دوبلكس، غاب زوجها قليلًا، ثمَّ رجع وفي يده ورقة مملوءة بكتابة باللغة الأجنبيَّة، هذا سند بيتِكِ الجديد، وقِّعي لي! وقَّعْتِ؟ مبارك يا حبيبتي!
    ذهبَت أحلام لترى بيتها بعد أيَّام احترقَت فيها من نار الانتظار، ثمَّ أخبرها زوجها بأنَّ الإجراءات انتهت، البيت لها رسميًّا، استغرقَت ساعاتٍ في تنظيفه، حجمه رهيب، لو جمعنا بيت أهلها (سابقًا) والخرابة التي هي فيها الآن، فإنَّهما معًا يكادان لا يشكِّلان غرفة في هذا البيت الفخم، يا سلام يا أحلام!
    اليوم التَّالي، جاءت جارتها تزورها، كانت أحلام سعيدة للغاية، تغنِّي وتتمايل، ذهبَت لتعدَّ القهوة، أوقفَتْها جارتها، هل أنتِ طبيعيَّة؟ ردَّت أحلام انظري! صار عندي هاتف محمول، وزوجي... قالت الجارة يا أحلام هل أنتِ طبيعيَّة؟ كيف لكِ أن تكوني سعيدة إلى هذا الحدِّ، والليلةُ عرسُ زوجِكِ؟؟
    صرخَت أحلام يا كذَّابة يا حسود! اغربي عن وجهي، اخرجي من بيتي، قامت الجارة منزعجة مصدومة من تصرُّف أحلام التي أنكرَت عطفها عليها وحنانها، وأنَّها كانت لها أمًّا حنونًا الفترة الماضية، لكنْ قبل أن تخرج قالت لها لا تضعي رأسَكِ في التُّراب مثل النَّعام، عروس زوجِكِ صديقة لي من بعيد، اسمها الثُّلاثي لو أردْتِ أن تعرفي هو ...، الليلة عرسهما، صدِّقي أو لا تفعلي، قالتها وانصرفت!
    أمَّا أحلام، فأيَّة كلمات تصف حالها وشعورها؟ أسرعت تتَّصل بزوجها، تريد أن تتزوَّج عليَّ امرأة أخرى يا حقير؟ ردَّ وهو يضحك: وهل تظنِّين نفسَكِ امرأة أولى؟ أو امرأة أساسًا؟ هل نظرْتِ إلى شكلِكِ العفنِ يومًا في المرآة؟ أمَّا امرأتي الجديدة فما أجملَها من امرأة! وجهها يُشعُّ نورًا، أنيقة الكلام واللباس، ليسَت مثلَكِ!
    لم تكن هذه الصَّدمة الوحيدة! الكلام قاسٍ، نعم! لكنْ، بم سيتزوَّج هذا الرَّجل؟ بفائض المال الذي أعطَتْه إيَّاه أحلام ممَّا تبقَّى من بعد شراء البيت، الواقع أنَّ إخوتها كذبوا عليها في التَّقدير الماليِّ، لكن لمصلحتها، أعطَوها أكثر بكثير ممَّا تستحقُّ، لم ينسَوا أنَّها أختهم، أو أنَّها كانت أختهم يومًا من الأيَّام، أحلام التي حُرمَت العرس وزينة العروس يومًا، زوجها سيقدِّم كلَّ ذلك إلى امرأة أخرى، من مالها هي!
    لم تكن هذه الصَّدمة الوحيدة! هل نُكرِّر الكلام؟ لا! فالصَّدمة الأشدُّ من كلِّ هذا أنَّ أحلام ضاعت فعليًّا! أين ستذهب بنفسها؟ بيتها الجديد الفخم ليس بيتها! لقد وقَّعَت على ورقة مكتوب فيها كلام بلا معنى! البيت الجديد الفخم الذي اشتراه زوجها بمالها هي، قدَّمه مهرًا لعروسه الجديدة!
    صرخت أحلام مثل الوحوش المفترسة تهدِّده بإخوتها الشَّباب، وأنَّهم سيكسرون عظامه كلَّها، كاد يختنق من الضَّحك، صحيح ما تقولين، أنتِ لم تصفيهم باللصوص والأوغاد والكلاب، لم تفعلي ذلك، يا مسكينة! ستذهبين بكلِّ عين قويَّة وتدقِّين بابهم لينتصروا لكِ، بعد أن ملأ صوتُكِ أرجاء القرية، والنَّاس كلُّها تتكلَّم على إخوتِكِ أنَّهم لصوص بلا أخلاق، اذهبي إليهم، ما المشكلة في هذا؟
    سكتت أحلام، كلامه صحيح عليه اللعنة، هو لم يسكت، بل أغرق في الضَّحك من جديد، مصدرًا أصواتًا استفزازيَّة، مثال: (نياهاهاها) بين لحظة وأخرى، يخبرها كم تحبُّ أولاده، كم يحبُّونها! ابنته المعاقة متعلِّقة بها، يا لها من قاسية القلب إذ تفكِّر في تركهم؟ لمن ستتركهم؟ للأسف عروسه (الجديدة) لا تحبُّ الأطفال إن كانوا من غيرها! إذًا أغلقي فمَكِ يا أحلام، واذهبي لتهتمِّي بالصَّغيرة وتغنِّي لها كعادتِكِ، مهلًا! لا تنسَي أن تنظِّفي البيت الجديد من جديد كلَّ يوم! سنعود إليه بعد أسبوع من الاستجمام في الفندق، لا أريد لذرَّة غبار واحدة أن تتسلَّل إلى ملابس امرأتي الجديدة، أتفهمين؟ و(نياهاهاها)!
    انتهى الاتِّصال، وبدأت أحلام تصرخ وتركل كلَّ ما تجده أمامها، أصدرَتِ الطِّفلة أصواتًا مبهمة من فمها، دخلت إليها وعيناها تقدحان نارًا، مدَّتِ الطِّفلة يديها الصَّغيرتِين نحوها، تريد معانقتها كعادتها، قالت لها أحلام ثائرة: سأحكي لكِ حكاية جديدة، ستحبِّينها كثيرًا، حكاية (نياهاهاها)، وانطلقت قبضتها في وجه البنت، وهي تشتم زوجها وتتكلَّم على غدره، مع كلِّ عبارة تنطقها، تقلِّد لهجته (نياهاهاها) وتلطم الطِّفلة بكلِّ قوَّتها، والمسكينة تصرخ ألَمًا، وأحلام تشعر بلذَّة كبرى!
    استمرَّت أحلام في الحكاية والضَّرب مدَّة ثمَّ ساد سكون غريب في ذاك البيت...
    ترى هل انتبهت أحلام إلى نفسها أخيرًا وصحَّحَت خطأها...
    أو أنَّ في الأمر كارثة لن تستطيع أن تتحمَّل عواقبها؟
    ما الذي سينتصر؟
    الأمل في حياة جديدة رغم الألم المتفجِّر في النُّفوس؟
    أو الألم الذي يمحو كلَّ ما في الدُّنيا من جمال...
    وكلَّ ما في النَّفس من آمال؟


    قضية حقيقية...
    ربما فقط اسم الشخصية المحورية (أحلام) وهمي...


  2. الأعضاء الذين يشكرون أ. عمر على هذا الموضوع:


المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...