حكاية رحاب

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: حكاية رحاب

مشاهدة المواضيع

  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,307
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي حكاية رحاب

    حكاية رحاب

    رحاب فتاة عربيَّة...
    جاء نصيب رحاب، تزوَّجها رجل من منطقة أخرى بعيدة عن مكان سكنها، انتقل بها إلى منطقته، باتت رحاب بعيدة عن أهلها، لا تعرف فيها أحدًا...
    رحاب فتاة عربيَّة؛ ولأنَّها كذلك، غضب زوجها كثيرًا إذ سمع شكوى في حقِّها من أحد الرِّجال، ويا لها من شكوى!
    (امرأتُكَ تقف في شرفة بيتكم، أتُراها تنظر إلى الرِّجال يا صديقي؟ أتُراها عشقانة)؟!
    عاد الرَّجل إلى البيت، أوسع امرأتَه ضربًا بلا هوادة، طعن في أخلاقها، لم يستمع إلى مبرِّراتها وأعذارها، هي تضجر كثيرًا لغيابه الطَّويل في عمله، تخرج إلى الشُّرفة لتروِّح عن نفسها فحسب، ولا مأرب آخر لها.
    أمُّ هذا الزَّوج سخرت من (رجولته)، على الرَّغم من أنَّه ضرب امرأتَه، واتَّهَمَتْه بأنَّه (غشيم)! ذلك أنَّ امرأته صغيرة في السِّنِّ، ومن المؤكَّد أنَّها تعشق رجلًا، ومن المؤكَّد أنَّ صديقَك استحى أن يُخبرك بذلك، ومن المؤكَّد أنَّه سمع أكثر من كونها تقف في الشُّرفة!
    عاد الرَّجل إلى امرأته، أوسعها ضربًا، لكنْ هذه المرَّة بعصا سميكة، لم يرحم بكاءها وتوسُّلاتها، بعض الضَّربات هوت على رأسها، فقدت المسكينة وعيها، وحين استعادته بعد محاولات كثيرة من زوجها، كانت في عالم آخر تمامًا!
    ولأنَّها فتاة عربيَّة، انتظر الرَّجل ثلاثة أيَّام (فقط) قبل أن يذهب إلى أمِّه ليخبرها أنَّ امرأتَه لا تعرف شيئًا ولا تتذكَّر حتَّى اسمها، لكنَّ الأمَّ سخرَت من غفلته، إنَّه أحمق يُصدِّق (ألاعيب النِّسوان)، لكنَّ الرَّجل لم يقتنع، هو متأكِّد من أنَّ امرأتَه لا تعرف شيئًا على الإطلاق، لكن لماذا انتظر ثلاثة أيَّام وهو متأكِّد من سوء حالة المرأة؟ ألأنَّها امرأة عربيَّة كما افترضنا ذلك؟
    قرَّر الاثنان – الزَّوج والأمُّ – عرض رحاب على الطَّبيب، ولئن كانت تدَّعي المرض فيا ويلها، دُهش الطَّبيب من حالتها، هذه مصابة بارتجاج دماغيٍّ أفقدَها ذاكرتَها جزئيًّا وتوازنها العقليَّ، كتب لها أدويةً، لكن بدون اقتناع، يبدو أنَّ مصير رحاب مستشفى الأمراض العصبيَّة، لكن لنصبر أسبوعين أوَّلًا، لعلَّ الدَّواء ينفع.
    بعد يومَين (لا أسبوعين) ذهب الرَّجل إلى والد رحاب، سأله الوالد أين رحاب؟ سأله زوجها أين رحاب؟ إنَّها هربانة من البيت منذ الأمس، ألم تأتِ إليكم؟ دُهش الأب، أين ذهبَتِ ابنتي؟ ردَّ الرَّجل اسألها، هذا عملُكَ أنت، ابنتُك خرجَت من البيت بدون إذن، ابنتُك تنام خارج بيت زوجها، هي طالق ثلاثًا!
    اجتمعَت عائلة رحاب، الرِّجال فيهم تحديدًا، أعلن أخوها أنَّه أهدر دمها؛ لأنَّها (عايبة)، هل سألتَها عن سبب غيابها؟ لا! هي امرأة عربيَّة، دمها رخيص، حتَّى لو أنَّها أختُهُ، لكنَّ السَّؤال هل كانَت رحاب تمثِّل الارتجاج الدِّماغيَّ وفقدان الذَّاكرة، وأبدعَت في التَّمثيل حتَّى أنَّها خدعَتِ الطَّبيب المحترف؟ بكلِّ تأكيد، لا!
    مرَّتِ الأيَّام والأسابيع، مرَّت ثلاثة شهور، ثمَّ... اتِّصال يتلقَّاه المختار من امرأة، عندها معلومات عن رحاب، رحاب عندها، رحاب جاء بها زوجها إلى مستشفى الأمراض العصبيَّة، لكنَّه أدخلها باسم وهميٍّ، وأعطاهم عن نفسه اسمًا وهميًّا (لم تذكر المصادر كيف حصل ذلك)، جاء الرَّجل وأمُّه معًا، وضعا رحاب في المستشفى، وانصرفا، بدون رجوع!
    هذه الممرِّضة احتوت رحاب فاقدة الذَّاكرة، احتَوَتْها في بيتها ورعَتْها وحنَتْ عليها، قبل أسبوع فقط من الاتِّصال، استعادَت رحاب ذاكرتها، وتكلَّمَت كيف ضربها زوجها على رأسها بالعصا أكثر من مرَّة، رحاب لم تهرب، رحاب ليسَت بلا شرف، عاونَت هذه الممرِّضة رحاب في توكيل محامٍ عنها، المحامي نفسُهُ تطوَّع بزيارة والد رحاب وكلَّمَه وفهم الأب أخيرًا أنَّ صهره هو الذي أذنب في حقِّ ابنته، وأنَّه كذَّاب، لكنْ، ماذا عن كلام النَّاس؟ ماذا سيقولون إذا لم نقتلها؟
    أهذا كلُّ ما يهمُّك يا رجل؟ ابنتُك وقفت في الشُّرفة، ضربها زوجها بيديه وقدميه، ثمَّ بالعصا، ألقاها في المستشفى بلا ذاكرة ولا تاريخ، عن أيِّ كلام ناس تتحدَّث؟ قال له المحامي إنَّه هو الأساس، حين يراه النَّاس قد احتوى ابنته، فلن يتكلَّم أحد عنها بسوء، وتكلَّم الرَّجل، أعطى كلمتَه أخيرًا: لابنتي الأمان، ائتوني بها.
    عادَت رحاب، ها هي تقف قريبًا من مضارب عشيرتها، ها هو والدها يقف أمامها، ها هي رحاب ترتجف تأثُّرًا، أخيرًا ستشعر بالأمان، أخيرًا ستجد من يحميها، تحرَّكَت رحاب نحو أبيها، الرَّجل الذي فتح ذراعيه عن آخرهما ليحتضن ابنته التي لم يرها منذ شهور، الرَّجل الذي تحرَّكت في كيانه مشاعر الأبوَّة والمحبَّة، أمَّا أخو رحاب، فكان يلقِّم بندقيَّته، ويستعدُّ لإطلاق النَّار!
    الموقف غامض على وضوحه...
    واضح في ثنايا غموضه...
    أمام رحاب أمن وأمان...
    خلف رحاب خطر نهاية الحياة...
    فأيُّهما الأسبق يا ترى؟
    آلام جريمة شرف وغسل عار لا وجود له...
    إلَّا في النُّفوس المتحجِّرة التي لا تفهم شيئًا من الحقائق ولا تستوعب؟
    أو آمال الحياة الجديدة لهذه الفتاة المسكينة...
    في ظلِّ والدها ورجولته؟


  2. الأعضاء الذين يشكرون أ. عمر على هذا الموضوع:


المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...