حكاية ثلاث بنات (ذكرى خاصة)

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,305
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي حكاية ثلاث بنات (ذكرى خاصة)

    حكاية ثلاث بنات

    حكاية من الزَّمان البعيد جدًّا، في المدرسة ذاتها التي واجَهْنا فيها فتاة المصعد المحبَّة المحبوبة، وهي ما تزال (صوصًا) صغيرًا! نترك فتاة المصعد، ونرجع إلى صفِّنا، صفِّ الأساسيِّ السَّادس، بعد مدَّة من الشَّرح الطَّويل والمراجعات والنَّماذج والتَّفسيرات، والتَّوضيحات والتَّوكيدات، بنت مميَّزة ومجتهدة، سنسمِّيها مجازًا (رانيا)، تفتح مسابقتها لرفيقتَيها عنِ اليمين والشِّمال، يا رانيا، اكتبي وحدَكِ، وأنتِ يا (لينا) وأنتِ يا (نينا)، كلُّ واحدة في مسابقتها (ما نزال مع الأسماء المجازيَّة).
    هبَّت رانيا مثل العواصف: (أنا أكتب وحدي)، هبَّت لينا ونينا تصرخان: (أنا أكتب وحدي)! هل تغشَّان في المسابقة عن رانيا، وتغشَّان في ردِّها كذلك؟ أعدْتُ الملاحظة مرَّةً ثانيةً وثالثةً، المصيبة في صغر حجم الصَّفِّ وتقارب المقاعد، التَّبديل سيسبِّب نوعًا من الإزعاج لعدد لا بأس به من البنات، وكلَّ مرَّة تعترض رانيا: (أنا لا أفعل شيئًا)، تتابع لينا (أنا لا أفعل شيئًا) ومعها نينا تؤكِّد (أنا لا أفعل شيئًا)! أو تقول رانيا: (ما في غيري في الصَّفِّ)؟ فتهتف لينا (ما في غيري في الصَّفِّ)؟ وتصيح نينا (ما في غيري في الصَّفِّ)؟
    تركْتُهُنَّ على راحتهِنَّ! لن أعذِّب نفسي أكثر! افعلْنَ ما تُردْنَ وسأفعل ما أريد! حان وقت توزيع المسابقات بعد تصحيحها:
    _ رانيا: 17،5/20.
    _ يوبيييييييييي!!
    _ لينا: 17،5/20.
    _ يوبيييييييييي!!
    _ نينا: 17،5/20.
    _ يوبيييييييييي!!
    حتَّى أسلوب الفرح يا لينا ويا نينا، تغشَّان فيه عن رانيا؟ نظرْتُ إليهنَّ في فخر بتلميذاتي النَّشيطات، المميَّزات، المجتهدات، وأنا أقول في هدوء تامٍّ، كأنِّي أتحدَّث عن شيء لا يخصُّهُنَّ:
    _ ولكن، بما أنَّ رانيا فتحَت مسابقتها للينا ونينا كلَّ الوقت، ولينا ونينا نقلَتا كلَّ شيء بالحرف الواحد، العلامة هنا على الورقة 17،5، لكنْ على دفتري هي صفر، مبروك!
    صرخَت رانيا في غضب شديد لهذه الصَّاعقة المباغتة:
    _ هذا ظلم! كلُّها كلمة أو كلمتان.
    صرخَت لينا في غضب شديد لهذه الصَّاعقة المباغتة:
    _ هذا ظلم! كلُّها كلمة أو كلمتان.
    صرخَت نينا في غضب شديد لهذه الصَّاعقة المباغتة:
    _ هذا ظلم! كلُّها كلمة أو كلمتان.
    تابعْتُ توزيع المسابقات، والبنات الثَّلاث واقفات أمامي، رانيا تتكلَّم، تردُّ لينا مثل الببغاء رقم 1، وتردُّ نينا مثل الببغاء رقم 2، ثمَّ اندفعْت رانيا تغادر الصَّفَّ، اندفعت لينا خلفها، اندفعت نينا خلف لينا، وبعد قليل جاءَت ناظرة الطَّابق، وكان بيننا الحوار الآتي:
    _ هي (في حماسة شديدة): "هل تسامح هؤلاء البنات"؟
    _ أنا (في تسامح عالميٍّ ندر مثيله): "بالتَّأكيد"!
    وثبَتْ رانيا تصفِّق بيديها، وثبَتْ لينا تصفِّق بيديها، وثبَت نينا تصفِّق بيديها، سألتْنِي النَّاظرة، وهي تبتسم لأنَّها حلَّت مشكلة البنات خلال ثوانٍ: "كم العلامة لكلِّ واحدة الآن"؟ أجبْتُها، وأنا أبتسم مثلها: "صفر، بالتَّأكيد"!
    ركضَت رانيا كأنَّها أُصيبَت بمسٍّ من الجنون، جَرَت خلفها لينا، وخلفَ لينا جَرَت نينا، وبعد قليل جاءَتِ البنات الثَّلاث من جديد، معهُنَّ النَّاظرة العامَّة، وكان بيننا الحوار الآتي:
    _ هي (في حماسة شديدة): "هل تسامح هؤلاء البنات"؟
    _ أنا (في تسامح عالميٍّ ندر مثيله): "بالتَّأكيد"!
    وثبَتْ رانيا تصفِّق بيديها، وثبَتْ لينا تصفِّق بيديها، وثبَت نينا تصفِّق بيديها، سألتْنِي النَّاظرة، وهي تبتسم لأنَّها حلَّت مشكلة البنات خلال ثوانٍ: "كم العلامة لكلِّ واحدة الآن"؟ أجبْتُها، وأنا أبتسم مثلها: "صفر، بالتَّأكيد"!
    ركضَت رانيا كأنَّها أُصيبَت بمسٍّ من الجنون، جَرَت خلفها لينا، وخلفَ لينا جَرَت نينا، وبعد قليل جاءَتِ البنات الثَّلاث من جديد، معهُنَّ المديرة، وكان بيننا الحوار الآتي:
    _ هي (في حماسة شديدة): "هل تسامح هؤلاء البنات"؟
    _ أنا (في تسامح عالميٍّ ندر مثيله): "بالتَّأكيد"!
    وثبَتْ رانيا تصفِّق بيديها، وثبَتْ لينا تصفِّق بيديها، وثبَت نينا تصفِّق بيديها، سألتْنِي النَّاظرة، وهي تبتسم لأنَّها حلَّت مشكلة البنات خلال ثوانٍ: "كم العلامة لكلِّ واحدة الآن"؟ أجبْتُها، وأنا أبتسم مثلها: "صفر، بالتَّأكيد"!
    جلسَتِ البنات في الصَّفِّ بطلبٍ منَ المديرة، وكلٌّ منهنَّ ترتجف غضبًا (أعتقد أنَّ رانيا هي التي بدأَتِ الارتجاف، بما أنَّها محور الغشِّ)! لكنْ، بعد قليل، وقفَت رانيا، بعد ثانية وقفَت لينا، بعد ثانية وقفَت نينا، غادرَت رانيا مقعدها، تبعَتْها البنتان، هل هنَّ قادمات للقتال؟ تحفَّزَت يدي تتحسَّس خشبة كبيرة على الطَّاولة، لا أدري لمَ هي هنا حقيقة، قالوا لي مرَّة كي يستخدمها الأساتذة في الإشارة إلى الكلمات على اللوح، هذه الخشبة تحجب الكلمات وجزءًا من اللوح، كيف نشير بها؟ لكنْ، لن يكون هنا قتال، خرجَت رانيا منَ الصَّفِّ، خرجَت خلفها لينا، خرجَت خلف لينا نينا، لم أعلِّق على هذا التَّصرُّف بشيء.
    في اليوم التَّالي، عندنا حصَّتان، دخلْتُ الصَّفَّ، وأنا أقول: رانيا، لينا، نينا، سألَتْ رانيا: نعم؟ سألَتْ لينا: نعم؟ سألَتْ نينا: نعم؟ قلْتُ لهنَّ: اخرجْنَ منَ الصَّفِّ حالًا، صاحَت رانيا في جنون: لماذا؟ لم نفعل شيئًا! صاحَت لينا في جنون: لماذا؟ لم نفعل شيئًا! صاحَت نينا في جنون: لماذا؟ لم نفعل شيئًا! قلْتُ لهنَّ: صحيح، لكن بالأمس خرجتُنَّ وحدَكُنَّ بإرادتِكُنَّ، اليوم تخرجْنَ بإرادتي، والآن هيَّا، إلى الخارج حالًا!
    من التي خرجَت أوَّلًا؟ أعتقد أنَّكم تعلمون الإجابة! لكنِّي لم أؤذِ رانيا إلى هذا الحدِّ، ولا رفيقتَيها، أردْتُ إعطاء رانيا درسًا أنَّه ليس منَ الصَّحيح أن تُرهقي نفسَكِ في الدَّرس، لتقدِّمي مسابقتَكِ هكذا إلى تلميذتَين لا تدرسان، أعطيتُها فرصةً في مسابقة تالية، إن كانت علامتُكِ مميَّزة، ولم تكرِّري فعلتَكِ، لكِ العلامة، لن أجمعها مع صفر وأقسمها، وأنتِ يا لينا، كذلك أنتِ يا نينا، ولكن...
    على الرُّغم من ذلك كلِّه، ومن هذا النُّبل الكبير منِّي، كان هناك لقاء لي برانيا بعد سنوات طوال، مع أنِّي لم أرَها، علمْتُ من قريبة لها في الثَّانويَّة أنَّها طالبة هنا، في صفِّ الشَّهادة، قلْتُ لها اسأليها هل تكلِّمني قليلًا؟ كنْتُ أريد إعطاءها بعض النَّصائح، غابَت قريبتها قليلًا، عادَت متردِّدة، ماذا هناك؟ ردَّت في خجل: رانيا لا تريد... أعني أنَّها... قالَت إنَّ كرامَتها فوق كلِّ شيء! له له له! ثماني سنوات ولم تنسَي؟ بما أنَّ ذاكرتَكِ حديديَّة إلى هذه الدَّرجة، ألم تتذكَّري الفرصة الثَّانية ووضعنا لكِ علامة مرتفعة وإلغاءنا الصِّفر؟
    لكن لا تستغربوا!!
    في علم النَّفس، الذَّاكرة أنواع وأجزاء...
    لكنَّ السُّؤال...
    لو التقَيْت بلينا ونينا...
    هل ستردَّانِ الرَّدَّ ذاته حرفيًّا...
    وهما ليستا مع رانيا في هذه الثَّانويَّة؟
    لا أستبعد ذلك!!


  2. الأعضاء الذين يشكرون أ. عمر على هذا الموضوع:


  3. #2

    الصورة الرمزية Jomoon

    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    5,622
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Actions Go Next View Icon رد: حكاية ثلاث بنات (ذكرى خاصة)

    السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

    حالهم غريب!
    تعجبت أكثر وهم يقلدونها!
    صراحة دهشت!
    في كذا أشخاص؟!
    كأنه مشهد كرتوني!!
    وهم يخرجون مضحكين مرا!
    اللهم نسألك العفو والعافية،
    ثم ما نست سبحان الله!
    ربي يرحمنا برحمته يارب

    بوركت يارب
    على جمال القص والسرد!
    زدت فضلًا وقدرا!
    في حفظ المولى،،
    ~

  4. #3


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,305
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكاية ثلاث بنات (ذكرى خاصة)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Jomoon مشاهدة المشاركة
    السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

    حالهم غريب!
    تعجبت أكثر وهم يقلدونها!
    صراحة دهشت!
    في كذا أشخاص؟!
    كأنه مشهد كرتوني!!
    وهم يخرجون مضحكين مرا!
    اللهم نسألك العفو والعافية،
    ثم ما نست سبحان الله!
    ربي يرحمنا برحمته يارب

    بوركت يارب
    على جمال القص والسرد!
    زدت فضلًا وقدرا!
    في حفظ المولى،،
    ~
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    كانت تلميذة عبقرية فعلًا؛ لذا ربما قلدتاها في كل شيء...
    لكن في كل الأحوال مثلما تفضلتِ كأنه مشهد كرتوني...
    وهي التي خسرت حين تذكرت هذه الحادثة ولم تستجب، كنت أريد توجيهها في مادة اللغة العربية، كما كنت أريد أن أقدم لها بعض الشوكولا والشيبس...
    لكن هناك مثل (من يأكل على ضرسه ينفع نفسه)، هي لم تنفع نفسها، أكلت الشوكولا والشيبس بنفسي!


المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...