نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

[ منتدى نور على نور ]


صفحة 61 من 77 الأولىالأولى ... 11515253545556575859606162636465666768697071 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1,201 إلى 1,220 من 1537
  1. #1201


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    قـلـــم مسمــوم

    كثير جدا عند الغطس بالمنتديات نرى أقلام معسوله بالسم تطعن بأهل التوحيد اهل الغيره والحشمه والعفه والكرامه وخاصه بأهل الجزيره العربيه واذا تعمقت اكثر ونزلت بالقاع تنبهر للمرجان والألوان الخلابه والجذابه بالمنتديات وإن تمعنت وتأملت بتأني سرعان ما تتناهى الألوآن الى الإسوداد......
    هي المواضيع المطروحه المفخخه فكريا بالمنتديات عندما ترى ألوانها الجذابه تمد يدك لتلمسها سرعان ما يظهر بين المرجان ثعبان ليلدغك لدغه قاتله فكريا ليتشوش العقل عن التفكير والتركيز بالمكتوب وفي الغالب هي مواضيع مفخخه بعناوين جذابه لإسقاط الفتيات بالشباك الملونه واستغلالها بأي طريقه مادياً او جنسياً او عاطفياً هذه هي المواضيع الإستدراجيه خطوه تلو الخطوه حتى تصل الفتاه للهفوه...


    عند رؤية الكاتب ينفث بحبر قلمه ليدخله قلب الفتاه حتى يستغلها بشتى السبل وأكثر المداخل عندما تكون الاخت بمحيط عائله مفككه عاطفيا سببه ابتعاد العائله عن منهج القرآن والسنه ومن هنا ينفث سمه المعسول ليدخل سويداء الفتاه المغلوب على امرها عاطفيا وتنجرف خلفه كالامواج المنقضه وللأسف تكون الفتاه بأول الامر متلهفه كالفراشه التائهة بالليل عندما ترى ضوء بعيد تتطاير نحوه كالبرق حتى تقع في النار لتموت...
    أليس هذا هو الانتحار؟؟....


    ألا تعلم الفتاه ان المنتديات كالمحيطات المظلمه يوجد بها انواع كثيره مفترسه من الاسماك الصغيره والكبيره...

    وللأسف يأتي شخص موبوء فكريا ومغسول دماغياً (((بصابون تايد يهودي))) بكتاباته المسمومه بالحلوه الملتويه فقط لدخول قلب الطرف الأخر وكثير منهم يحفر الكمين للفريسه وهي تحسب انها هي الوحيده بالقلب...
    والعجب العجاب بكتاباتهم الملتويه ينتقصون بالدين او بأهل الدين بصوره مباشره او غير مباشره للتلبيس والتدليس والتشكيك على الناس العوام وخاصه النساء..
    ....مع احترامي للأخوات...
    هذا هو مدخلهم للطعن بالاسلام يكون من طرف بعض النساء او الشباب المنحرفين الى الفكر الغربي الإباحي البهيمي فقط للمجامله وعند النظر للتواقيع الشخصيه بالمنتديات نرى شكل الكاتب خليجي بالغتره والعقال محترم ومؤدب وكأنه هو افضل الرجال ولكن للأسف الفكر يهودي إباحي شهواني والعياذ بالله يتخذ الفتاه ألعوبه من بين ألعابه بالمنتديات الاخرى السريه بأسامي جديده ملفته للنظر...


    ويحزنني جدا عندما نلاحظ منا من يجامل وينافق بردوده على المواضيع حتى لو كان الموضوع يطعن بدينه او يلمزه او يشككه او يطعن ببنات منطقته العفيفات الطاهرات وكل هذا لكي يجامل الكاتب وكأنه يقول له أنا مجامل او بالأصح انا جاهل وبعض الرجال ردودهم شيطانيه يرد بكتابات غريبه جدا عن المجتمع الغيور المحافظ كالشباك اللتي ينصبها الصياد ليأتي بعد مده ويجد الشباك مملوءه بالسمك
    مثال من كتاباتهم المشبوهه بنوايا الكاتب
    ((مشكوره الغاليه))
    ((مشكوره حبيبتي))
    ((كلامج عسل))
    ((مشكوره الشيخه))
    ((موضوع مميز غلاي))
    وكثير من الألفاظ اللتي تكون بداية الأستدراج والتغزل والمعاكسه الغير مباشر لإسقاط الفتاة ولو أرآد الراد على الموضوع ان يصفي نيته كفاه ان يكتب رد بسيط مثال
    (مشكوره اختي)
    او
    (موضوع طيب اختي)
    او اي شيء شرط يبين انها اخت في الله
    ولا تكون مثل فريسه يحوووم عليها ويميع الكلام لأستعطافها واسقاطها بالمستنقع الموحل....
    ويحسس اخواته النساء انهن مظلومات تحت راية لا اله الا الله محمد رسول الله بالحشمه والعفه والإلتزام بأوامر الله وحتى لو انجرفت فتاه ورآئهم تراها تتأرجح تكاد ان تقع في الهاويه وتخرج من ازمه اسريه واحده الى ازمات جنونيه بين الشباب تطول لسنوات وعندما تراها في ظلمة الليل تلمس وسادتها مليئه بالدموع لغدر فلان اللتي ظنته فارس الاحلام الذي سيخرجها من مشكله اسريه واحده لترى حالها دخلت بمشاكل كثيره واكبر من الاولى فقط للأنجراف وراء اسطر بأي منتدى أستدراجي او يكون منصوب فقط للأطاحه بالفتيات ويكون المنتدى مفخخ للمعاكسه الغير مباشره بألفاظ تجذب الفراشه لإحراقِها بالنار....


    إن الحياة البهيميه اللتي يعيشها البعض مردها للأنحطاط الفكري الى الهاويه والسبب البعد عن الله والبعد عن القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولو اتبعنا القرآن والسنه لسعِدنا ولكن نرى الكثير يقرأ المجلات والجرائد بالمنتديات الفارغه ولا يلمس او يسمع القرءان وكأنهم نسوا الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يشتكي بالقرآن بقوله تعالى
    بعد
    اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    ((وقال الرسول يارب ان قومي اتخذوا هذا القرءان مهجورا))
    فوالله السعاده كل السعاده بالألتجاء الى خالق السموات السبع
    ووالله لو ابتعدنا عن قرأءة القرآن واتباعه لدخلنا بظلام كاحل
    ووالله سبب شقاء بعض اخواتنا الفتيات خاصه والشباب هو البعد عن الصلاه والقرآن
    ووالله لم ولن ومستحيل ان تجد الفتاه السعاده الحقيقيه عند الرجل المنحرف عن أوامر الله ولا بالموضه المتغيره يومياً ولا بالماده ولا بالأغاني ولا بالأعراس الغير محتشمه من الحياء ولكن ستجدها عند اللجوء والفرار الى الله وبالتمعن بالقرءان والاستنباط منه وتطبيق اوامر الله والابتعاد عن نواهيه والزواج من الزوج الملتزم الأمين المعين الى اللجوء الى الله وليس المعين الى البعد عن الله والى طريق النار...


    ولو ضربنا مثال بإحدى المناطق الخليجيه بتطورها العمراني نرى المعاكسات بالشوراع ولا نرى احد ينكر المنكر الا بالخفاء وايظاً إنتشار السرقة والزنى والأغتصاب والامراض كالإيدز المنتشر بين العاهرات والجامعات والمتكتم عليه ولو رجعنا للمناهج مناهج فارغه من أوامر الله الا مارحم الله... والله المستعان
    والكثير الكثير من المشاكل الأسريه مثل كثرة العنوسه بصوره فظيعه والخيانات الزوجيه كثرة جدا في الأونه الاخيره إلا من رحم الله والطلاق والانحطاط الاسري عند البعض
    والبنت تخرج بدون محرم بلا حياء بحجة التطور الذي اصبح البعض هو منجذب له ويدندن عليه
    هل هذا التطور؟؟!!!
    هل التطور ان نبيع اخواتنا للشوراع ولأهل الأهواء وبعد هذا نقول اننا تطورنا؟؟
    هل يريدونها ان تكشف عن جمال وجهها للخائنت الأعين أو للنظرات الشهوانيه؟؟
    هل يريدون بنت الخليج تطلع وترجع مثل اللعبه عند ذئاب الرجال المتربصه بالخارج او يريدونها تخلع الحياء والحشمه والعفه وتنزلق في العهر والفسق والمراقص والمجون والمزارع الخفيه عن الناس؟؟
    او يريدونها تخرج بالقنوات وترقص رقصه بهيميه او مذيعه متبرجه سافرة؟؟
    او يريدونها موظفه يتحرش بها بالنظره او الكلمه او اللمسه والعياذ بالله؟؟
    والله المستعان وانا من ناحيتي اقول اسمحوا لي ان كان التطور هكذا فليشهد التاريخ اني متخلف عن هذا التطور ولن ازيد على هذا ولكن اقول لكم احذروا كثرة هذه الايام اقلام بالمنتديات ولكن اقلام استدراجيه معسوله بالسم تسمى
    * اقــــلام مسمـــومـــه *



    أخواكما في الله

    محمد ، صهيب

  2. #1202


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    من خلال قراءاتي للعديد من الموضوعات ،

    وجدت ان اكثر الاخوة يقعون في خطأ فادح ...

    وهذا الخطأ يدخل في شئ من خصائص الله ،

    فكان لزاما علي ان ابين هذا الخطأ .....

    الا وهو كتابة (( ان شاء الله )) و (( انشاء الله ))....

    ...فايهما اصح ؟؟..

    وايهما اوجب للكتابة ؟؟

    .. وما معنى كل جملة منهما ؟؟..

    فقد جاء في كتاب((شذور الذهب )) .. لابن هشام ..

    ان معنى الفعل انشاء -من انشأينشئ-..اي ايجاد ...

    ومنه قول الله تعالى (( انا أنشأنهن إنشاء )) آية 35 من سورة الواقعة ...اي اوجدناها ايجادا ..

    فمن هذا ..لو كتبنا (( انشاء الله )) ..

    يعني كأننا نقول اننا اوجدنا الله - تعالى الله علوا كبيرا - وهذا غير صحيح ..

    اما الصحيح ...هو ان نكتب (( ان شاء الله )) ..

    فاننا بهذا اللفظ نحقق هنا ارادة الله عز وجل ،

    فقد جاء في معجم ( لسان العرب ) ...معنى الفعل شاء ..= ..اراد ،

    فالمشيئة هنا هي الارادة ...فعندما نكتب ((ان شاء الله )) كأننا نقول ..بارادة الله نفعل كذا ..،

    ومنه قول الله تعالى (( وما تشاؤن الا ان يشاء الله )) الاية 30 من سورة الانسان ..

    فهناك فرق بين الفعلين ( انشئ اي اوجد ) والفعل ( شاء اي اراد ) ...

    فيجب علينا كتابة (( ان شاء الله )) و تجنب كتابة (( انشاء الله )) للاسباب السابقة ....

    جزاكم الله خيرا

  3. #1203

    الصورة الرمزية سمو ..

    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المـشـــاركــات
    1,647
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    « اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة » . .

  4. #1204

    الصورة الرمزية دمعة الشوق

    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المـشـــاركــات
    421
    الــــدولــــــــة
    سوريا
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    أصدق الكلمات تلك التي تخرج عندما يحتاجها من تسانده
    وأفضل النصيحة تلك التي تحمل الحنان والوئام فتعبر الوجدان


    سبحان الله ..

  5. #1205

    الصورة الرمزية أبو رويم

    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المـشـــاركــات
    4,560
    الــــدولــــــــة
    مصر
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    قال الإمام الشافعى :
    اجعل بربك كل عزك يستقر ويثبت ، فإذا اعتززت بمن يموت فإن عزك ميت

  6. #1206

    الصورة الرمزية سمو ..

    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المـشـــاركــات
    1,647
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    « لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة »
    رواه مسلم . .

  7. #1207

    الصورة الرمزية [مِسعَرُ حَرب

    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المـشـــاركــات
    2,871
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    من أقوال ابن القيم : المفاتيح
    وقد جعل الله سبحانه لكل مطلوبا مفتاحاً يفتح به
    فجعل مفتاح الصلاة : الطهـــور
    ومفــتـــاح الحـــج : الإحـــــرام
    ومفــتــــاح البــر : الصــــدق
    ومفتاح الجـنـــة : التوحيـــد
    ومفتـــاح العلم : حسـن الســــؤال
    ومفتــــاح النصــر : الظفر والصبــر
    ومفتــــاح المزيـــد : الشــكـــر
    ومفتــــاح الولاية : المحبـة والذكــر
    ومفتــــاح الفــلاح : الـتــقــــوى
    ومفتــــاح التوفيق : الرغبــة والرهبــة
    ومفتاح الإجابة : الدعــــاء
    ومفتـــاح حياة القلب : تدبر القرآن والتضرع بالأسحار
    ومفتـــاح الرزق : السعي مع الاستغفار والتقوى
    ومفتـــاح العــز : طاعــة الله
    ومفتاح كل شر : حب الدنيا وطول الأمل .

    المرجع / حادي الأرواح ص : 100

  8. #1208


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    من اي العباد نحن؟؟؟



    إذا كان لسان حالك يقول

    : أشعر بملل فظيع .. وضيق في صدري..


    مهما فعلت لا أشعر بالراحة...سمعت كل الأغنيات..شاهدت كل الأفلام...



    اتبعت كل الموضات...سهرت..سافرت...



    ومازال الروتين يلازمني...لم أصل إلى التجديد الذي أنشده..

    ولا الراحة الضائعة ...

    أبشر فلقد ساق الله لك الفرج


    أخي ... أختي .... في الله



    فلو بدلنا كل أثاث المنزل... أو طريقة اللباس أوالأطعمه...



    وحتى لو سافرنا إلى أقاصي البلدان لن نجد ضالتنا ولو بعد حين...



    هل أدلك على طريق إذا سلكته لن يفارقك الراحة ولا السكون؟؟



    ويعمر قلبك الطمأنينة ..ويبتعد عنك الضجر إلى الأبد..



    بالتأكيد تريد الوصول إلى هذه الحالة؟



    أطرق هذا الباب لكن دون يأس ولا استعجال تيقن أنه سيفتح



    لكن ليس من المرة الأولي فهو يحب أن يري الصدق و الصبر والعزيمة والإصرار



    وإليك هذه قصة ذكرها الإمام الحافظ ابن رجب في شرح حديث لبيك قال رحمه الله

    :كان رجل يبكي وينادي أين قلبي أين قلبي من وجد قلبي؟



    فدخل يوما بعض السكك فوجد صبيا يبكي وأمه تضربه ثم أخرجته من الدار

    فأغلقت دونه الباب فجعل الصبي يلتفت يمينا وشمالا

    ولا يدري أين يذهب ولا أين يقصد فرجع إلى باب الدار

    فوضع رأسه على عتبته فنام

    فلما استيقظ جعل يبكي ويقول: يا أماه من يفتح لي الباب إذا أغلقت عني بابك؟

    ومن يدنيني من نفسه إذا طرد تيني؟

    ومن الذي يؤويني بعد أن غضبت علي؟

    فرحمته أمه فقامت فنظرت من خلل الباب فوجدت

    ولدها تجري الدموع على خده متمرغا في التراب

    ففتحت الباب وأخذته حتى وضعته في حجرها

    وجعلت تقبله وتقول:يا قرة عيني وعزيز نفسي

    أنت الذي حملتني على نفسك وأنت الذي تعرضت

    لما حل بك لو كنت أطعتني لم يكن مني مكروها

    فقال الرجل: قد وجدت قلبي قد وجدت قلبي.

    ( رحمة أم فما بالك برحمة الرب الرحمن الرحيم الغفور الودود ...)


    هل تعرف كيف وجد قلبه؟


    في التذلل على عتب باب ربه والخضوع لمولاه والفرار منه إليه

    لأن كل شيء تخافه تفر منه إلا الله إذا خفته فإنك تفر إليه

    قال تعالى( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50))
    سورة الذاريات


    إياك ! إياك ! ياك ! أن تمــل الطــرق يوشــك البــاب أن يفتــح



    قال تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا } سورة طـه



    أتعرف ما هي معيشة الضنك؟؟؟



    إنها حياة الضيق والنكد والكدر التي نعيشها أو جزءاً منها...



    ألم نفكر سبب وصولنا إلى هذا الضيق؟؟



    إنه بلا شك بسبب البعد عن طاعة الله فكثرت ذنوبنا و قسوة قلوبنا...



    ثم لو أكملنا الآية ( وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}



    طبعاً لا نريد هذه النهاية !!



    إذن كيف السبيل إلى الخلاص من كل هذا؟؟



    هيا بنا فالطريق ليس بعيد...



    لن نردد آيات الذكر
    قال تعالى:"أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(28)"سورة الرعد
    فهي منقوشة رسماًً بالقلوب



    لكن سنذكر بعضنا البعض بأننا خير أمه بل ومن المصطفيين



    قال تعالي : "ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)"سورة فاطر



    لنسأل أنفسنا من أي العباد نحن ؟؟

    الظالمين لأنفسهم !! أبشع صور الظلم هو ظلم الإنسان لنفسه

    أم من المقتصدين !! مؤقتا إلي أن يجعلنا الله من السابقين بالخيرات

    أم من السابقين بالخيرات _/*/ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ

    اللهم اجعلنا من الفائزين
    لا تنسنا من صالح دعائك

  9. #1209


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين



    هل تريد أن تكون قريباً من الله ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء

    هل تريد أجر حجة ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : العمرة في رمضان تعدل حجة أو حجة معي

    هل تريد بيتاً في الجنة ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : من بنى مسجداً لله بنى الله له في الجنة مثله

    هل تريد أن تنال رضى الله سبحانه وتعالى ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكله فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها

    هل تريد أن يستجاب دعائك ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة

    هل تريد أن يكتب لك أجر صيام سنة كاملة ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله

    هل تريد حسنات كالجبال ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل : وما القيراطان قال : مثل الجبلين العظيمين

    هل تريد مرافقة النبي صلى الله علية وسلم في الجنة ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى

    هل تريد أجر مجاهد في سبيل الله أو صايم أو قائم ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ...وأحسبة قال : وكالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر

    هل تريد أن لا ينقطع عملك بعد الموت ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : إن مات الإنسان انقطع عملة إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له

    هل تريد كنزاً من كنوز الجنة ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : لا حول ولا قوة إلا بالله

    هل تريد أجر قيام ليلة كاملة ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله

    هل تريد أن تقرأ ثلث القرآن في دقيقة ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : (( قل هو الله أحد )) تعدل ثلث القرآن

    هل تريد أن تثقل ميزان حسناتك ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : كلمتان حبيبتان إلي الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان (( سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ))

    هل تريد أن يبسط لك في رزقك ويطال عمرك ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه

    هل تريد أن يحب الله لقاءك ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : من أحب لقاء الله أحب الله لقاه

    هل تريد أن يحفظك الله ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : من صلى الصبح فهو في ذمة الله

    هل تريد أن تغفر ذنوبك وإن كانت كثيرة ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : من قال سبحان الله وبحمده في يوم مئة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر

    هل تريد أن يباعد بينك وبين النار سبعين خريفاً ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : من صام يوماً في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً

    هل تريد أن يصلى الله عليك ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً

    هل تريد أن يرفعك الله ؟
    - قال صلى الله علية وسلم : وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عزوجل

    **أسأل الله لي ولكم الأجر والثواب**

  10. #1210


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    والله ما دعوت دعوة إلا استجيبت بسبب .......!
    كثير ممن تسّرب إليهم اليأس ولا حول ولا قوة إلا بالله ،، وأعجزهم الحزن ،، وداهمهم الهم والغم والله المستعان ,, إلى كل أولئك أقدم هذه السطور ،، وأسأل الله أن ينفع بها وأن لا يحرمني أجرها ولا يحرم من نشرها الأجر ,,
    في هذه السطور وصفة ربانية غفل عنها الكثير إلا من رحم الله ،،
    يقول الله تبارك وتعالى :
    ]فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ) [ نوح(,,يقول ابن كثير : أي إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه ، كثر الرزق عليكم وأسقاكم من بركات السماء ، وأنبت لكم من بركات الأرض وأنبت لكم الزرع ، وادر لكم الضرع وأمدكم بأموال وبنين أي أعطاكم الأموال والأولاد وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وخللها بالأنهار الجارية ,,
    - حدثت هذه القصة في زمن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ، كان الإمام أحمد بن حنبل يريد أن يقضي ليلته في المسجد ، ولكن مُنع من المبيت في المسجد بواسطة حارس المسجد ،، حاول مع الإمام ولكن لا جدوى ، فقال له الإمام سأنام موضع قدمي ، وبالفعل نام الإمام أحمد بن حنبل مكان موضع قدميه ، فقام حارس المسجد بجرّه لإبعاده من مكان المسجد ، وكان الإمام أحمد بن حنبل شيخ وقور تبدو عليه ملامح الكبر ، فرآه خباز فلما رآه يُجرّ بهذه الهيئة عرض عليه المبيت ، وذهب الإمام أحمد بن حنبل مع الخباز ، فأكرمه ونعّمه ، وذهب الخباز لتحضير عجينه لعمل الخبز ، المهم الإمام أحمد بن حنبل سمع الخباز يستغفر ويستغفر ، ومضى وقت طويل وهو على هذه الحال فتعجب الإمام أحمد بن حنبل ، فلما أصبح سأل الإمام أحمد الخباز عن استغفاره في الليل ، فأجابه الخباز : أنه طوال ما يحضر عجينه ويعجن فهو يستغفر ،
    فسأله الإمام أحمد : وهل وجدت لاستغفارك ثمره ، والإمام أحمد سأل الخباز هذا السؤال وهو يعلم ثمرات الاستغفار ، يعلم فضل الاستغفار ، يعلم فوائد الاستغفار ,,
    فقال الخباز : نعم ، والله ما دعوت دعوة إلا أُجيبت ، إلا دعوة واحدة !! ,
    فقال الإمام أحمد: وما هي,
    فقال الخباز : رؤية الإمام أحمد بن حنبل !!!! ,
    فقال الإمام أحمد: أنا أحمد بن حنبل ،، والله إني جُررت إليك جراً!!!! .

  11. #1211


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    ما حقيقة كخيال
    هذه المحاضرة سفر حافل يتحدث عن واقع المسلمين في الالتزام بدينهم، وقد بين فيها الشيخ مكمن الداء، ونقطة الضعف، ومنبع الخطر، وبين العلاج لذلك بأسلوب أدبي أخاذ.. فعليك بمطالعتها إن كنت ممن يهمه أمر المسلمين.
    الهداية الحقة



    اللهم لك الحمد ملء السماوات والأرض، فكل الحمد لك، اللهم لك الشكر لنعمٍ لا نحصيها، فكل الشكر لك، اللهم لك التذلل والخضوع، فلا معبود غيرك، نسألك الأمن من هول يومٍ يستوي فيه القوي والضعيف، والشريف والوضيع، فالناس فيه سكرى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة حقٍ وصدقٍ أتولى بها الله ورسوله والذين آمنوا تترى، وأتبرأ بها براءةً كاملةً من كل طاغوتٍ وندٍ معبودٍ ظلماً وزوراً؛ من دون الله الولي الأعلى، شهادةً صادرةً عن يقين صادقٍ واعتقادٍ صحيح؛ لا شكوك فيها ولا أوهام والله المولى، نسأله الثبات عليها، والعمل بمقتضاها حتى يأتي اليقين وهو أرحم الراحمين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الأمين، خصه الله بجوامع الكلم، وأنزل عليه القرآن المبين.
    صلى عليه ربنا وسلما والآل والصحب الكرام الفضلاالأنجم الزهر الهداة النزلا والتابعون السادة الغرُّ الألىقد نقلوا الدين لنا مكملا أزكى صلاةٍ وسلامٍ مثقلاتدوم ما اسود الظلام وانجلا

    أما بعد:
    فيا إخوتي في الله! حياكم الله -والتحايا مفاتيح القلوب- تحيةً طيبةً لطالما ثملت في الصدر ثمول النار في الحجر، ثم وافتكم الليلة كعبير السحر، تتنفس في لقائكم شذى الريحان والورد والمسك والعنبر، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. تحية الإسلام تبعثها الروح إلى الروح، من كبدٍ مقروح، لامطففة ولا جموح، فللأمور دلائل، وللحقائق مخايل، وبين النفوس تعارف وتآلف، وما يخفى المريب والأمين، ولا يشتبه الصحيح الصريح بالمتهم الضنين، القلوب عرفاء، والأوجه شهداء، والأبصار أدلاء.. فلا خفاء.
    حياكم الله وحياكم، وأبقاكم للأمة ذخراً، تصلون أسبابها، وتعيدون لها نضرتها وشبابها، وللإسلام ترفعون أعلامه، وتدفعون ظلامه، وتؤدون فرضه، وتردون قرضه، وتصونون عرضه، وتصعدون سماءه، فتحفظون أرضه برحمة الله ومنه.
    وهبنا الله التوفيق، وهدانا إلى سواء الطريق.......

    لابد من التطبيق لنلحق بالسلف في الركب


    أحبتي في الله! إن مقارنةً يجريها المنصف بين أمتنا في سابق عهدها وهي مطويةٌ في بطون الأرض والكتب، وبين هذه الأمة التي تجوب في حاضرها اليوم على وجه الأرض؛ يجد الفرق شاسعاً، والبون عظيماً، وأوجه الشبه تكاد تكون مفقودةً مع وجود الاشتراك في النسب والاسم، ولو التمسنا السبب بحق لوجدناه قريباً منا، والله ما هو إلا هدى القرآن، أقامه الأولون، وجمعوا عليه قلوبهم، وعلى أخلاقه روضوا أنفسهم، رباهم، وأدبهم، وزكاهم، وصفى قرائحهم، وجلى مواهبهم، وصقل ملكاتهم، وأرهف عزائمهم، وهذب أفكارهم، ومكن للخير في نفوسهم.
    حفز أيديهم للعمل النافع وأرجلهم للسعي الصالح، ثم ساقهم على ما في الأرض من باطل فطهروها منه تطهيراً، وعمروها بالصلاح تعميراً، واتخذت الأمة الآن إلا من رحم الله القرآن مهجوراً، تقيم حروفه وتهمل حدوده، فحقت عليها كلمة الله في أمثالها، فإذا السفينة غارقةٌ في أوحالها، وركابها كالغنم تساق إلى الذبح لاهيةً؛ تخطف الكلأ من على حافتي الطريق لا تدري ما يراد بها، فمن لي بمن يرسلها معي كما أرسلها الإبراهيمي وغيره من قبل إلى المهتدين صورةً وحقيقةً ومعنى، إلى المهتدين صورةً ومظهراً وخيالاً، إلى المهتدين بالهوية والوراثة دعوى بلا بينةٍ ليس إلا، إلى المسلمين عموماً شيباً وشباباً، من يرسلها معي صيحةً داويةً مدوية: يا أهل القرآن! لستم على شيءٍ حتى تقيموا القرآن، يا أهل القرآن! ما حقيقةٌ كخيال، وما آلٌ كبلال.
    ما سراب كشراب، وما غمض يظهر من خلال المقال.. رزقنا الله وإياكم حسن المآل. إلهي:
    أرجوك حقق مابالنفس من أمل ..وكن معيني على إدراك غاياتي

    اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون.
    إن الصفات أيها المسلمون! لا تتحقق إلا بظهور آثارها في الخارج، وبشهادة الواقع؛ فالوعي لابد أن يصحبه رعي، ويعقبه سعي، ليكون على الحقيقة الوعي عين الوعي.
    والهداية على الحقيقة لابد أن يصحبها علمٌ وحزم، ويتبعها عزم، يسوقها إقدامٌ بلا إحجام، يحدوها على الإقدام إلى الأمام.
    ما حقيقةٌ كخيال:
    لا تعظم الأشياء بالأسماء ولا يقاس النور بالظلماء

    إن السراب البيج غير الماء، لئن كان في الرياح لواقح الأشجار، ففي حقيقة الهداية لقاح الأفئدة والضمائر والأبصار.. ما حقيقةٌ كخيال.
    لئن كان من الريح ما يحرق الورق، ففي الهداية على الحقيقة ما يطفئ الحرق.. ما حقيقةٌ كخيال.
    اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.



    من كلام المقبلي عن الهداية الحقة
    يقول اليماني في إيثار الحق ما مضمونه ونقول به: إن طلب الحق والهداية إلى الصراط المستقيم أجلى وأحلى في النفوس الأبية من الشمس في رابعة النهار، ومحورٌ تدور عليه همم الأخيار، وعباب تنصب منه جداول شمائل الأطهار، ومتى علت الهمة في طلب الحق والهدى، حملت صاحبها على مفارقة العوائد وطلب الأوابد، فإن الحق في مثل هذه الأعصار قلًّ ما يعرفه إلا واحد، وإذا عظم المطلوب قلًّ المساعد. البدع والشبه قد فشت، والشهوات انتشرت وطغت، وكثر الداعون إليها والمعاونون عليها..
    فكيف لو رآنا اليوم، وقد صار طالب الحق اليوم من أمره في حيرة؟ ولكن كل مطلوب بإذن الله مدرك، فكم أدرك الحق طالبه في زمن الفترة، وكم عمي عنه المطلوب له في زمن النبوة، فاعتبر.. فإن الحق ما زال عزيزاً نفيساً كريماً، لا ينال مع الإضراب والإعراض عن طلبه، وعدم التشوف والتشوق إلى سببه، لا يهجم على المبطلين المعرضين، ولا يفاجئ أشباه الأنعام الغافلين، ولو كان كذلك ما كان على وجه الأرض مبطلٌ ولا ضال، ولا جاهلٌ ولا غافلٌ ولا بطال.. ما حقيقةٌ كخيال.
    أيها المسلمون! اطلبوا الهداية على الحقيقة في وحي الله من الله تجدوها، لا تستأثرنكم دونها عادات وتقاليد ومظاهر وأعراف، فتكونوا لقمةً بين فكي أسد وطبقتي رحى، بل لساناً ولا أسنان، وأشباحاً ولا أرواح، وخيالاً ولا حقيقة.
    إن العالم يلهث ويلهث ويتطلع في خضم تيهه وشقائه إلى منقذ، وحاله حال أهل جهنم: أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ[الأعراف:50]^ هل عندنا ماء الهداية الزلال أم أننا نملك السراب والآل؟ أم أننا كالعيس العطاش الهلكى في البيداء وعلى ظهورها الماء في القلال؟ ما حقيقةٌ كخيال.



    شرف الهداية الحقة وفضلها
    إن الهداية إلى الصراط المستقيم، والسير في ركاب الصالحين، والتجافي عن طريق الضالين؛ لهو أعزُّ وأنفس وأغلى ما يملكه المرء، وهو أتم نعمةٍ يمتن بها الله على العبد: بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ[الحجرات:17] إنها حصن الله الحصين، من دخله كان من الآمنين، وهي الباب العظيم الذي من ولجه كان إلى الله من الواصلين، نوره يسعى بين يديه وبأيمانه إذا أطفئت أنوار المبتدعة والمنافقين، قال الله: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا[الأنعام:122]^ كلا.
    من تكن همته نسجالحصير فهو لا يعلم ما نسج الحرير

    من رام الهداية على الحقيقة طلبها وبحث عنها، وحشد همته، وعبأ طاقته، وجرد نفسه من كل شاغل، وعالج عثرات طريقه، ومن علم الله صدقه أعطاه وهداه وآتاه، ومن أوتيها فقد أوتي خيراً كثيراً، وما يذكر إلا أولو الألباب، قال الله: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ[الأعراف:178] وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً [الإسراء: 97]^.




    زيد بن عمرو بن نفيل وطلب الهداية
    وفي القدسي: {يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم }^ يمين الله ملأى سحاء لا يغيضها شيء.
    سبحانه وسعت آثار رحمته أهل الأراضي وسكان السماوات

    فمن استهداه هداه، ومن توكل عليه كفاه، يقول ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه كما في صحيح البخاري : [[إن زيد بن عمرو بن نفيل -وهو ابن عم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أبو سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنه- يقول: إن زيداً هذا خرج إلى الشام يسأل عن الدين -يبحث عن الهداية في وقت فترةٍ من الرسل- من الشام إلى الموصل إلى الجزيرة ، فلقي عالماً من علماء اليهود، فسأله عن دينه، فقال: لعلي أن أدين بدينكم، فأخبرني، فقال اليهودي: لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله!
    قال زيد : ما أفرُّ إلا من غضب الله تعالى، ولا أحمل من غضب الله شيئاً أبداًَ، وأنَّى أستطيعه؟! فهل تدلني على غيره؟
    قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفاً، قال زيد : وما الحنيف؟
    قال: دين إبراهيم، لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولا يعبد إلا الله.
    فخرج زيد ، فلقي عالماً من علماء النصارى، فقال مثله: أخبرني عن دينكم لعلي أن أدين به.
    فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله.
    قال: ما أفرُّ إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئاً أبداً، وأنًّى أستطيع؛ فهل تدلني على غيره؟
    قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفاً، قال: وما الحنيف؟
    قال: دين إبراهيم، لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولا يعبد إلا الله.
    فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام، خرج وبرز، ورفع يديه لمولاه، وقال: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم، اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم ]]^.
    عبد الله! أن يتجه العبد إلى الله وحده دون سواه؛ طلبةٌ عزيزة منيعةٌ تحتاج إلى اصطبار، وطريقٌ يحتاج إلى مجاهدة ليخلص القلب من اتباع الهوى إلى حب مولاه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ[العنكبوت:69] تتلوها لذةٌ لا يعرفها إلا من ذاق طعمها وعرف حلاوتها، لكنها تبقى عزيزةً إلا بمشقة، فإذا تجاوزت تلك المشقة، منحتك عطرها، فتنسمت عرفها وريحها وكنت من أهلها، وإلا:
    فما أنت من أرضالحجون ولا الصفا ولا لك حظ الشرب من ماء زمزم

    فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ [مريم: 65]^ فكان زيدٌ وقد ذاق حلاوة الهداية يقول فيما روي عنه: لبيك حقاً حقا تعبداً ورقاً، لبيك حقاً حقا تعبداً ورقاً، ثم يخر لله ساجداً، ويقول: والله لو أعلم أحب الوجوه إليك، لعبدتك به، ثم يخرُّ ساجداً على الأرض، تقول أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: [[رأيت زيداً قائماً مسنداً ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش! والله ما منكم على دين إبراهيم أحدٌ غيري ]]^ وكان يحيي الموءودة، يقول للرجل إذا أراد أن يئد ابنته: لا تقتلها، أنا أكفيك مؤنتها، وحاله:
    فإن أك مشغولاًبشيءٍ فلا أكن بغير الذي يرضى به الله أشغلُ

    رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يدرك بعثته، وكان يتلمس خروجه ليؤمن به ويتبعه، وقد آمن ومات قبل ذلك، وكان يقول رحمه الله فيما يقول:
    وأسلمت وجهي لمنأسلمت له الأرض تحمل صخراً ثقالادحاها فلما استوتشدها سواءً وأرسى عليها الجبالاوأسلمت وجهي لمنأسلمت له المزن تحمل عذباً زلالاإذا هي سيقت إلىبلدةٍ أطاعت فصبت عليها سجالاوأسلمت وجهي لمنأسلمت له الريح تصرف حالاً فحالا

    سأل سعيد -ابنه- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه، فقال صلى الله عليه وسلم -واسمع إلى ما قال- قال: {رحمه الله، لقد مات على دين إبراهيم، ولقد رأيته في الجنة يسحب ذيولاً، يبعث يوم القيامة أمةً وحده، فيما بيني وبين عيسى عليه السلام }^.
    فاهنأ بمنزلكالجميل ونم به في غبطةٍ وانعم بخير جوارِ

    رضي الله عن الرجل، بل عن الرجال، بل عن الأمة زيد بن عمرو ، استهدى الله فهداه، ودعاه فأجابه سبحانه.
    سبحان من لا يشبهالأناما وعزَّ رب العرش أن يناماوكل خلقه لهفقيرُ وكل أمرٍ شاءه يسيرُيهدي الذي يشاءذاك فضلُ ويبتلي البعض وذاك عدلُولا يرد ما بهالله قضى وكل أمرٍ في الكتاب قد مضى






    قصة سلمان الفارسي في طلب الهداية على الحقيقة وما فيها من عبر
    أي أخي! هيهات للسيل -أعني سيل الهداية على الحقيقة- هيهات للسيل إذا أتى أن يقف قبل أن يمد مده ويبلغ حده.
    ومن يسد طريق العارضالهطل؟!

    أرأيت سلمان ابن الإسلام، سابق الفرس، المنارة الشامخة في طلب الهداية، من تشتاق له الجنة، لو كان الإيمان عند الثريا لتناوله مثله، قال فيه علي رضي الله عنه بسند رجاله ثقات: [[أدرك العلم الأول والعلم الآخر، بحرٌ لا يدرك قعره، وهو منا أهل البيت ]]^ طلب الهداية في مظانها، فوفقه الله ليصحب رسوله صلى الله عليه وسلم، هبت رياح الهداية في بيداء الأكوان، ونجم الخير، وهدأت الريح، فإذا أبو طالب في لجة الهلاك بلا أمان، وسلمان على ساحل السلامة في أمان، والوليد بن المغيرة يقدم قومه في التيه في تيه، وصهيب قد قدم بقافلة الروم في غير ما كبرٍ ولا تيه، والنجاشي في أرض الحبشة يعج بلبيك اللهم لبيك، وبلال على ظهر الكعبة يصدح بالأذان ليسمع الآذان ويوقظ الجنان، لما قضي في القدم سلامة سلمان ، أقبل يناظر أباه في دينٍ أباه، فلما علاه بالحجة لم يعرف أبوه جواباً إلا القيد، وهذا جوابٌ مرذولٌ يتداوله أهل الباطل من يوم: حَرِّقُوهُ[الإنبياء:68]^ ويوم لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ[الشعراء:29]^ فنزل بـسلمان ضيفُ: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ[محمد:31]^، فنال بإكرامه مرتبة: {سلمان منا }^.
    سمع أن ركباً على نية السفر، فسرق نفسه من حرز أبيه وما قطع، ركب راحلة العزم يرجو إدراك السعادة والسيادة، وقف نفسه على خدمة الأدلاء وقوف الأذلاء، ليكون من الأجلاء السعداء.. وكان، فلما أحسَّ الرهبان بانقطاع دولتهم، سلموا إليه أعلام الإعلان على نبوة نبينا عليه الصلاة والسلام، وقالوا: إن زمانه قد أظل، فاحذر أن تضل، وإنه يخرج بأرض العرب، ثم يهاجر إلى أرض بين حرتين.
    فلو رأيتموه قد فلَّ الفلا والدليل شوقه، وخلى الوطن فلم يزعجه تطلعه وتوقه، ورحل مع رفقةٍ لم يرفقوا به، فشروه بثمنٍ بخسٍ دراهم معدودة، ابتاعه يهوديٌ بـالمدينة ، فلما رأى الحرتين، توقد حرُّ شوقه، وما علم المنزل بلهفة النازل:
    أيدري الربع أيُّ دمٍأراقا وأيُّ قلوب هذا الركب شاقالنا ولأهله أبداًقلوب تلاقي في جسوم ما تلاقى

    فبينا هو يكابد ساعات الانتظار، قدم البشير بقدوم البشير النذير والسراج المنير؛ عليه صلوات الحكيم الخبير، وسلمان في رأس نخلة، كاد الفرح أن يلقيه لولا أن الحزم أمسكه، كما جرى يوم: إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ[القصص:10]^ ثم عجل النزول لتلقي ركب السيارة، ولسان حاله يقول:
    خليلي مننجدٍقفا بي على الربى فقدهبَّ من تلك الديار نسيمُ

    فصاح به مالكه: ما لك ولهذا؟ انصرف إلى شغلك، فأجاب بلسان حاله:
    كيف انصرافي ولي فيداركم شغلُ

    فأخذ مالكه يضربه، فأخذ لسانه يترنم لو سمع الأطروش الأصم:
    خليلي لا والله ما أنامنكما إذا علمٌ من آل ليلى بدا ليا

    فلما لقي الرسول صلوات الله وسلامه على الرسول، عرض نسخة الرهبان بكتاب الأصل فوافق وطابق، فإلى الهداية سيق فسابق، حرر نفسه من هواها، فانتصرت يوم زكاها وحماها، ضعفت الأخلاط، فخفت الأغلاط، وتجدد النشاط، وهدي سلمان إلى سواء الصراط، ما آل كبلال، ، وما حقيقةٌ كخيال..
    يا محمد! صلوات الله وسلامه على نبينا محمد، أنت تريد أبا طالب ، والله يريد سلمان ، أبو طالب إذا سئل عن اسمه قال: عبد مناف، وإذا انتسب فللآباء، وإذا ذكر المال عد الإبل، وسلمان إن سئل عن اسمه، قال: عبد الله، وعن نسبه، قال: ابن الإسلام، وعن لباسه، قال: التواضع، وعن طعامه، قال: الجوع، وعن شرابه، قال: الدموع، وعن وساده، قال: السهر، وعن فخره، قال: {سلمان منا }^ وعن قصده، قال: يريدون وجهه.
    قصدنا اللهحجتنا يوم يأتي الناس بالحججِ

    نورٌ مسخ الظلام، وهدىً محق الضلال، وحقٌ محق الباطل.
    طلع الصباح فأطفئالقنديلا

    ما حقيقةٌ كخيال..
    الهداية على الحقيقة نورٌ من الله: يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ[النور:35]^ ومنةٌ وهبةٌ من الله: وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[يونس:25]^ ورحمةٌ من الله إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ[الأعراف:56]^.
    رحمة الله لا تعزُّ على طالبٍ في أي مكان ولا في أي حال، كما يقول صاحب الظلال في تصرف: وجدها إبراهيم عليه السلام في النار: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ[الأنبياء:69]^ ووجدها يوسف عليه السلام في الجب: وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ[يوسف:15]^ ثم وجدها أخرى في السجن: وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف:54-56]^ ووجدها موسى عليه السلام في اليم وهو طفلٌ رضيعٌ مجردٌ من كل قوة ومن كل حراك: فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ[القصص:7]^ ثم وجدها أخرى في قصر فرعون وهو عدوٌ له متربصٌ به، يبحث عنه ليقتله، فإذا به يغذوه قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [القصص: 9]^ وقد ألقى الله عليه المحبة، فما رآه أحدٌ إلا أحبه: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي[طه:39]^ ووجدها يونس عليه السلام في بطن الحوت في الظلمات يوم نادى: لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:87-88]^ وجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في القصور والدور، فقال بعضهم لبعض: فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً [الكهف:16]^ وجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار، والقوم يتعقبونهم ويقصون الآثار: {ما ظنك باثنين الله ثالثهما قال: لا تحزن إن الله معنا }^ وجدها كل من أوى إلى الله يائساً من كل ما سواه، منقطعاً عن كل شبهةٍ في قوة، ومظنةٍ في رحمة، قاصداً باب الله وحده:
    إلهي وجهت وجهيإليك فحقق منايا وأحلامياوهب لي من العزم ماأرتجي وحقق بفضلك آمالياوثبت فؤادي فيحاضري وتمم قوابل أياميا

    الهداية على الحقيقة نورٌ وحبور وسرور، والنور لا يحل إلا في قلبٍ صحيحٍ سليمٍ من الهوى والحقد والغل والحسد كما يقول الحميدي ، أما القلب المريض، فإنه محجوبٌ عن ذلك النور، ولو كان الفكر في غاية الذكاء والفهم والعلم، فهو أحير من ضب؛ إذا بعد عن جحره خبن، وأهل الصحراء أعلم بذلك.
    هذه حقيقة عارية، من أنكرها فهو ساعٍ على جسر الخيال، مستبدل بالماء الآل، وما حقيقةٌ كخيال.......

    إنما يهدي الله من اهتدى



    هاهو غلامٌ أسودٌ راعٍ يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصرٌ لبعض حصون خيبر ، معه غنم هو أجيرٌ فيها لرجلٍ من يهود، فقال: يا رسول الله، اعرض عليَّ الإسلام، وكان صلى الله عليه وسلم لا يحقر أحداً أن يعرض عليه الإسلام، فعرض عليه الإسلام فأسلم وشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وباح الصباحبأسراره وحرُّ الهوى في حشاه استعر

    قال: يا رسول الله! إني كنت أجيراً لصاحب هذه الغنم، وهي أمانةٌ عندي، كيف أصنع بها؟ فقال صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه: {اضرب في وجوهها ترجع إلى ربها، فقام فأخذ حفنة من حصى، فرمى بها في وجوه الغنم، وقال: ارجعي، لا أصحبك والله أبداً، فخرجت كأن سائقاً يسوقها حتى دخلت حصن اليهودي، ثم تقدم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل، فأصابه حجرٌ، فقتله وما صلى لله صلاةً قط، لم يكن بين إسلامه وقتله صلاة، فيؤتى به ويوضع خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسجى بشملةٍ كانت عليه، ثم يلتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفرٌ من أصحابه، ثم يعرض عنه، فقالوا: يا رسول الله! لم أعرضت عنه؟ فقال فيما روي عنه: إن معه الآن زوجتيه من حور العين }^.
    تحول عنه الأذىوانتهت صروف الحياة وأشجانهاسقاه الغواديرحمانها وحياه بالخلد رضوانهاوحور الجنانوولدانها

    هكذا يا معاشر المسلمين أبصر نور الهداية أسود راعٍ مملوك، بينما حجبت عن علماء أهل الكتاب في حصونهم مع أنهم يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم، ليسوا للهداية بأهل: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ[الأنفال:23]^ اتبعوا الهوى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ[القصص:50]^ زاغوا: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ[الصف:5]^ وكتموا الحق وهم يعلمون، فبئس ما يصنعون.
    إذا ما تردى في الضلالةجاهلُ فما عذر من يأبى الهدى وهو عارفُيظنون ألن ينسف الله مابنوا ولن يثبت البنيان والله ناسفُسيلقون بؤساً بعد بؤسٍومحنةً فلا العيش فياحٌ ولا الظل وارف

    ......

    العبرة بالمسميات لا بالأسماء


    الهداية على الحقيقة لا الخيال استقامةٌ حقةٌ على تكاليف الدين، والتزامٌ بها، وعدم سلوك ما يناقضها.
    حقيقة الهداية ليست بمجرد الانتساب، أعني: الانتساب إلى الدين مع ارتكاب كل مناقضٍ له:
    إذا اعتلت الأفعالجاءت عليلةً كحالاتها أسماؤها والمصادر

    أما إن الحق لا يثبت بالدعوى ولكن بالدليل، وإن العبرة بالمسميات لا بالأسماء فحسب، وبالأفعال لا بالأقوال فقط، ولو أن كل من سمته أمه صالحاً كان صالحاً على الحقيقة، وكل من سمي عادلاً كان عدلاً على الحقيقة، لكنا سعداء بكثرة الصالحين والعدول فينا، ولو أن كل من تسمى حسناً لا يأتي إلا الفعل الحسن، لعظم وطغى الحسن على القبيح، ولكن وراء هذه الأسماء والألقاب الجميلة أفق الواقع تتهاوى فيه كثيرٌ من هذه الأسماء والألقاب، وتنفلق فلا تجد إلا الحقيقة من فعلٍ يصدق ذلك أو يكذبه:
    ومن يقل الغرابأبو القمارى يكذبه إذا نعب الغرابُ

    ذكر أبو الفرج أن تأبط شراً الشاعر ثابت بن جابر لقي ذات مرة رجلاً من ثقيف يكنى بأبي وهب، وكان رجلاً أهوج أحمق وعليه حلةٌ جميلة فارهة، فقال أبو وهب لـتأبط شراً : بم تغلب الرجال يا ثابت : كيف تغلب الرجال وأنت كما أرى دميم ضئيل؟ -نظر إلى المظاهر وترك الحقائق- قال ثابت : أغلبهم باسمي، إنما أقول ساعة ألقى الرجل: أنا تأبط شراً ، فينخلع قلبه حتى أنال منه ما أردت.
    فقال الثقفي: أبهذا فقط؟!
    قال: ليس إلا.
    قال: فهل لك أن تبيعني اسمك؟
    قال: نعم.. ولكن ما الثمن؟
    قال: هذه حلةٌ جميلة مع كنيتي، قال: أفعل، ففعل، وعندها قال تأبط شراً : لك اسمي ولي اسمك، وأخذ الحلة وأعطاه طمريه، ثم انصرف تأبط شراً وهو يقول مخاطباً زوجة الثقفي:
    ألا هل أتىالحسناء أن حليلهاتأبط شراًواكتنيت أبا وهبٍفهبه تسمى اسميوسماني اسمه فأين له صبري على معظم الخطبِ؟!وأين له بأسٌكبأسي ونجدتي؟! وأين له في كل فادحةٍ قلبي؟!

    مضى وتركه وهو يعيش باسمٍ دون مسمى، وخيالٍ أشبه بالخبال.
    وبعض الداء ليس لهشفاءُ وداء الحمق ليس له دواءُ

    لكأنك به عند أول لقاء وقد هزم، وذهبت حلته وبقي له حمقه وكنيته، وحاله:
    وفي الهيجاء ماجربت نفسي ولكن في الهزيمة كالغزال

    إخوتي في الله! ليس كل من تزيا بزي الشجعان، وأخذ ألقابهم وأسماءهم وكناهم، وتحدث حديثهم، وردد عباراتهم وشعاراتهم يعتبر شجاعاً، حتى يكون في ذاته وهمه وشعوره، وتصوره وإقدامه وقوة قلبه كالشجعان حقاً، ليس كل من ارتدى مسوح أهل العلم، وإن كان في غاية البلادة في الفهم، والضحالة في العلم، والغباء في الذهن، ورسوخ الجهل؛ يعتبر عالماً حتى يكون في همته وشعوره، وتصوره وإدراكه، وفهمه واتباعه وخشيته كالعلماء حقاً.
    من ادعى وصفالكرام البررة فاستشهدوا أخلاقه وسيره

    ليس كل من تزيا بزي المستقيمين المهتدين، ولبس لباسهم، وردد ألفاظهم؛ يعتبر مستقيماً مهتدياً حقاً، حتى يكون في شعوره وولائه، وحبه وبغضه، وهمته وجديته، وسمته وخلقه، وتعامله وكبح جماح نفسه على الخير كالمستقيمين حقاً.
    ليس كل من ادعى سبيلاً، وتشدق بأبعاده ومراميه يكون من أهل ذلك السبيل؛ حتى يكون بفصيح لسانه وبليغ ما يخط بنانه ويعتقد جنانه حقاً كما قال، فليست العبرة بالمظاهر فحسب، بل بالمظاهر مع الحقائق، فاعلم وعِ:
    لا يخلبنك بارقٌمتلمعُ إن البروق تكون في ظلمائها






    عدي بن حاتم بين دين الحقيقة ودين الخيال
    إليك عدي بن حاتم يتحدث عن نفسه فيما رواه ابن إسحاق والإمام أحمد في مسنده وروى الشطر الأخير منه البخاري في صحيحه رحم الله الجميع، يقول: كنت امرءاً شريفاً نصرانياً أسير في قومي بالمرباع -يأخذ ربع الغنيمة وهي لا تحل له قبل أن تقسم- وكنت في نفسي على ديني ملكاً في قومي لما يصنع بي، ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كرهته أشد ما كرهت شيئاً قط.
    ألقى الشيطان في روعه كره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخيل له أنه سيسلبه ملكه، ليحول الشيطان بينه وبين الملك الكبير ثمة في الجنة، قال الله: وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً[الإنسان:20]^.
    يقول: فقلت لغلامٍ لي كان راعياً لي إبلي: لا أب لك، اعدد لي من إبلي أجمالاً جللاً سماناً، فاحتبسها قريباً مني، فإذا سمعت بجيش محمد- صلى الله وسلم على نبينا محمد- قد وطئ هذه البلاد، فآذنّي، ففعل، وأتاني ذات غداة، فقال: يا عدي ! ما كنت صانعاً إذا غشيتك خيل محمدٍ فاصنعه الآن، فإني رأيت رايات أقبلت، وسألت عنها، فقيل: هذه خيله، قال: فاحتملت أهلي وولدي، وخلفت بنت حاتم في الحاضر، وتخالفني خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتصيب ابنة حاتم في السبايا، وقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم هربي إلى الشام ، ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبايا، فقامت إليه، وكانت امرأةً جزلة عاقلةً أصيلة الرأي، فقالت: يا رسول الله! هلك الوالد وغاب الوافد، فامنن عليَّ منَّ الله عليك، قال: {ومن وافدك؟ قالت: عدي بن حاتم ، قال: الفار من الله ورسوله، إني لأرجو الله أن يجعل يده في يدي }^ ومنَّ عليها بعد أيام، وقدم ركبُ من بلي أو قضاعة فكساها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطاها دابةً ونفقة، فخرجت معهم حتى قدمت الشام أقصى أرض العرب مما يلي الروم، يقول عدي : فوالله إني لقاعدٌ في أهلي، إذ نظرت إلى ظعينةٍ تؤمنا وتنحدر إلينا، فقلت: ابنة حاتم ، فإذا هي هي، فلما وقفت عليَّ، انسحلت تلوم وتشتم، وتقول: القاطع الظالم، احتملت أهلك وولدك وتركت بقية والدك عورتك، قلت: أي أخيه! لا تقولي إلا خيراً، فوالله ما لي من عذر، ولقد صنعت ما ذكرتِ، فنزلت، فقلت لها وكان امرأةً حازمةً ذات رأي: ما ترين في أمر هذا الرجل؟ يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: أرى أن تلحق به سريعاً، إن يكن نبياً فللسابق إليه فضله، وإن يكن ملكاً فلن تذل وأنت عنده، ووصفت له من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاملته ما وصفت، وماذا تصف؟!!
    فما حملت من ناقةٍفوق ظهرها أبرَّ وأوفى ذمةً من محمدِ

    صلوات الله وسلامه عليه.
    يقول عدي : وقد كرهت مكاني أشد مما كرهت مكاني الأول، فقلت: لو أتيته، فسمعته إن كان كاذباً لم يَخْفَ عليَّ، قال: فأتيته، فانتشر في الناس أن قالوا: جاء عدي بن حاتم ، ودخلت المسجد، وسلمت، فقال صلى الله عليه وسلم: {من؟ قلت: عدي بن حاتم ، قال: الفار! ثم أخذ بيدي، وانطلق بي إلى بيته، فوالله إنه لعائد بي إلى بيته، إذ لقيته امرأةٌ ضعيفةٌ كبيرةٌ معها ابنها، فاستوقفته، فوقف لها طويلاً تكلمه، فقلت في نفسي: والله ما هذا بملك -وهو أعرف بحياة الملوك- قال: ثم دخلت بيته، وتناول وسادةً من أدمٍ جلدٍ محشوةً ليفاً، وقال: اجلس، وجلست بين يديه، فما رأيت في بيته شيئاً يرد البصر، قلت: ووالله ما هذا ببيت ملك، وما أمره بأمر ملك، ثم قال- يعني: صلى الله عليه وسلم-: إيه يا عدي ! أسلم تسلم، أسلم تسلم }^ حاله:
    إلى الله فارغب ياعدي بن حاتمِودع دين من يبغيالعمى غير نادمِ

    فقلت: إني لعلى دين، قال صلى الله عليه وسلم: {أنا أعلم بدينك منك، ألست رسوسياً؟ قلت: بلى، قال: ألست ترأس قومك؟ قلت: بلى، قال: ألست تأخذ المرباع؟ قلت: بلى، قال صلى الله عليه وسلم: فإن ذلك لا يحل لك في دينك، قال: فلم ألبث أن اتضعت لها، ووجدت عليًّ فيها غضاضة، قلت: نبيٌ مرسل يعلم ما يجهل }^.
    كشف أمره، وحصل لديه يقينٌ بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو يعلم من دينه ما لا يعلمه من حوله، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يزيل بقية العوائق التي تعوق هذا الملك في قومه عن الإسلام، فقال: {يا عدي ! لعلك إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجة أهله، فوالله إن طالت بك حياة، ليوشكن أن يفيض المال حتى ترى الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة، فلا يجد أحداً يأخذه.
    لعله إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم، والله لئن طالت بك حياة، ليوشكن أن ترى الضعينة ترتحل من الحيرة
    قال: فقلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دُّعار طي الذين سعروا البلاد؟ -أين قطاع الطرق؟- ثم قال صلى الله عليه وسلم: يا عدي لعله إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين أنك ترى الملك والسلطان في غيرهم- يعني: فارس والروم- وايم والله إن طالت بك حياة، لترين قصور بابل البيض وكنوز كسرى قد فتحت، قلت: كسرى بن هرمز ؟! قال: كسرى بن هرمز .
    قال: فقلت: أشهد ألا إله إلا الله وأنك رسول الله }.
    وكشفت الحجب، وزالت العوائق، ولا غرابة في عودة الشيء إلى أصله وفطرته، فحاله:
    حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله.
    ومن يعدل بحب اللهشيئاً كحب الجاه ضل هوىً وخابا

    يقول عدي : [[وايم الله لقد رأيت الضعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالبيت لا تخاف إلا الله، وكنت في أول خيلٍ أغارت على المدائن فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز ، وايم الله لئن طالت بكم الحياة لترون ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليفيضن المال حتى لا يوجد من يقبله ]]^ إنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، مغالب الحق مغلوب، ومحارب الهدى محروب، ولا ينير الدنيا هلال مقنع، وعند غربال السبق خبرٌ يقين، وما حقيقةٌ كخيال، وما آلٌ كبلال..
    معاشر المسلمين! الهداية الحقة ليست بمجرد الانتساب وإظهار الولاء فحسب، إن من يظهر الانتساب للإسلام ولا يطبق أحكامه، ويرتكب ما يناقضه؛ لا يكون مسلماً حقاً كما كان عديٌ على غير دينٍ الحقيقة، ولما كان عدي غير مستقيمٍ على دينه السابق؛ صار دعايةً سيئةً لذلك الدين، ومنفراً عن اعتناقه، فكذلك من ينتسبون إلى الإسلام وسلوكهم يناقض أحكامه وآدابه، هم صادون عنه وإن كانوا يحملون اسمه، فهم كالطائر قص جناحاه، فلا يغنيه مع ذلك أن يكون اسمه طائراً.
    إن الانتماء إلى الإسلام ليس انتماء وراثة، ولا هوية، ولا مظهر فحسب، وإنما هو انتماء للإسلام، والتزام به، واستقامة على أحكامه، تكيف به في كل مناحي الحياة، كنزٌ ثمين، فلنشد عليه يد الضنين:
    فلو لم يكن الزهر في البستان.. ما غرد قمري على الأغصان، وما صدحت الحناجر بأعذب الألحان.
    منزل الشاهين فيأوج السحاب لا له أن يك في وكر الغراب

    هكذا وإلا: إليك عني.. إليك عني.. فلست منك ولست مني..



    الهداية الحقة احتكام إلى الوحي
    الهداية على الحقيقة تحولٌ جذري في السلوك والفكر، والتصور والمعتقد، والشعور والانتماء والمعاملة، والظاهر والباطن، إنها باختصار إسلام النفس لله وحكمها بوحي الله، أقوال المهتدي حقاً، وأعماله، وعطاؤه ومنعه، وحبه وبغضه، ومعاملته؛ لوجه الله، لا يريد بذلك جزاءً من الناس ولا شكوراً، ولا ابتغاء جاهٍ عندهم، ولا طلب محمدةٍ ومنزلةٍ في قلوبهم، ولا هرباً من ذمهم، قد عدَّ الناس بمنزلة أهل القبور، لا يملكون ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، عرف الناس فأنزلهم منازلهم، وعرف الله فأخلص له، وأصلح ما بينه وبينه، فمقاله: أسلمت وجهي لله.
    همه لله لا فيغيره ولأجل الله مولاه خضع

    وحاله:
    عملٌ أريدَ بهسواك فإنه عملٌ وإن زعم المرائي باطلُفإذا رضيت فكلشيءٍ هينٌ وإذا حصلت فكل شيءٍ حاصلُ

    هاهو أبو العاص بن الربيع رضي الله عنه زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجلاً مأموناً يتاجر في أموال قريش، واقتنع أن دين الله هو الحق، وأسلم سراً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجع ليرد الأموال، فقيل له وهو عازمٌ على أن يؤدي الأمانات إلى أهلها في مكة : هل لك أن تأخذ هذه الأموال، إنما هي أموال المشركين؟ فقال في اعتزاز المسلم وأمانته وطهره، وتحوله عن كل جاهلية: بئس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي. رعدٌ يجلجل.. يخلب لبك، ويأخذ سمعك، وتحولٌ عظيم يزأر صاحبه وحاله:
    على المال والجاهحرص الجميع فمن ذا على دينه يحرص؟ومن يعرف الله لاينقصُأنا لله وليٌ لالعزى أو مناة أنا شمس ليس تطفى بهبوب العاصفات

    ما حقيقةٌ كخيال، وما آلٌ كبلال.



    عبر وعظات
    ......

    قصة شاب اهتدى بسبب حادثة


    عبد الله! قف على ساحل بحرٍ لجي من العبر والمثلات؛ في صياغة الهداية على الحقيقة للمرء صياغةً جديدة، قفها مع أحد التائهين يذكر قصة هدايته كما أوردها القاسم حفظه الله، ومضمونها ما يلي في تصرف: في أيام العشر الأواخر من رمضان.. العيد قاب قوسين أو أدنى، لا أعرف أين أذهب، أنتظر صديق الطفولة بلهفة، الجزء الأكبر من وقتنا ليلاً نقضيه في جولات بين الأسواق والتجمعات والشوارع، وفي النهار نلزم المضاجع، وجاء عبد الرحمن، وركبت معه، وسألني: هل جهزت ثوباً جديداً.. لقد أقبل العيد؟ قلت له: لا، قال: نذهب للخياط الآن، قلت: بقي ثلاثة أيام أو أربعة على العيد، أين نجد خياطاً يسابق العيد؟ انطلق بنا في سيارته، لم يكلمني حتى توقف أمام خياط، وفاجأني بالسلام الحار على ذلك الخياط، فهو يعرفه منذ زمن، قال له: نريد أن نفرح بالعيد، ونلبس الجديد، فضحك الخياط، وقال له: كم بقي على العيد؟! لماذا لم تأت مبكراً؟ قال عبد الرحمن، وهو يهز يده بحركة تفيد: سنزيد لك في الأجرة، المهم أن ينتهي بعد غد.. نعم بعد غد.
    ويدفع جزءاً من الثمن وهو يردد: بعد غد، لا تنس الموعد.
    قال: وإلى قبيل الفجر ونحن لاهون ساهون غافلون، مضت الليلة كاملة لم نذكر الله فيها مرة واحدة، ولربما كانت ليلة القدر، حياةٌ لا طعم فيها، وسعادةٌ لا مذاق لها.
    أعيش في قلقٍحيران مضطربا وإن تخلني هنيء العيش منشرحا

    ولجنا المعاصي من كل باب، وهتكنا منها كل حجاب، وفي القلب همٌ وغمٌ ونكدٌ وحسرات، ونظهر السعادة، ونملأ المكان بالضحكات.
    أعمالنا تكشفناوتفضحُ ما في الوعا على الوعاء ينضحُ

    افترقنا قبيل الفجر، يجمعنا الليل والسهر والعبث، ويفرقنا النوم الطويل الذي يمتد من الفجر إلى العصر، صيامٌ بلا صلاة، وصلاة بلا خشوع، ساعات الصيام التي أستيقظ فيها قبل المغرب كأنها أيام.. أقطعها بالمكالمات الهاتفية العابثة، وقراءة الصحف الهابطة، وبينا أنا أنتظر موعد أذان المغرب حادثني بالهاتف أحد الأصدقاء، وصوته متغير، يقول: أما علمت أن عبد الرحمن مريض؟ قلت له: لا.. مساء البارحة إلى الفجر وهو معي.. كان بصحةٍ وعافية، قال: إنه مريض.. وأنهى المكالمة.
    والأمر لا يعني لي شيئاً سوى معلومةٍ غير صحيحة، فأنا معه إلى الفجر، وإذا بالمؤذن يرفع أذان العشاء، وإذا بالهاتف يرن ، إنه شقيق عبد الرحمن الأكبر، قلت في نفسي: إنه سيؤنبني على ما أفعله أنا وعبد الرحمن، فلعل أحداً أخبره بزلةً من زلاتنا وسقطاتنا..
    ويأتي صوته منهكاً مجهداً، عبراته تقطع الحديد، وأخبرني الخبر، وياله من خبر! مات عبد الرحمن..!!
    لا إله إلا الله..!! دهشت.. لم أصدق.. لا أزال أراه أمامي، صوته يرن في أذني، كيف مات؟!! قال: وهو عائدٌ إلى المنزل ارتطم بسيارة أخرى قادمة، وحمل إلى المستشفى، وفارق الحياة ظهر اليوم، وسنصلي عليه الظهر غداً، أخبر زملائك.. وقفل الهاتف، أذني لا تكاد تصدق ما تسمع، الليل موعدنا في سوق كذا، وغداً موعد ثياب العيد، لا إله إلا الله! الأمر جدٌ لا هزل فيه، انقضت أيام عبد الرحمن، والموت حق، وغداً موعدنا هناك في المقبرة لا عند الخياط، لقد ألبس الكفن وترك ثوب العيد، عبرٌ تثار، وعبراتٌ تسيل، تسمرت في مكاني، تشتت ذهني، أصبت بدوار في رأسي، التراب يابس، والمرعى عابس، قررت الذهاب إلى منزل عبد الرحمن لأستوضح الفاجعة، ركبت السيارة، فإذا شريط الغناء لم يزل في جهاز التسجيل، أخرجته، ثم فتحت الراديو، فإذا إمام الحرم من المذياع يخاطب الجنان لا الآذان، أنصتُّ بكل جوارحي، أرهفت سمعي، لكأن الدنيا انقلبت والقيامة قامت، أوقفت سيارتي أستمع وأستمع، وكأني لأول مرةٍ أسمع القرآن، وبدأ الإمام بدعاء القنوت، كانت دمعاتي أسرع من صوت الإمام، قلبي يردد صدى تلك العبرات ليعلنها توبةً صادقةً في حسرةٍ وتأسفٍ على ما سلف وفات.
    كأنما أنا طيرٌ لاجناح له فما استطاع بغير الدمع تبيانا

    ميلادٌ جديد، حياةٌ جديدة بدأتها بصحبةٍ طيبة، ورفقةٍ صالحة، لله ما أجمل السير في ركاب الصالحين!! من كرهتهم هم أحب الناس اليوم إلي، من تطاولت عليهم هم أرفع الناس في عيني، من استهزأت بهم هم أكرم الناس عندي، كنت على شفا جرفٍ هارٍ، ولكن الله رحمني:
    يا من عليهاعتمادي في الأمر بعضاً وكلابك اهتديت ومن لميرج الهدى منك ضلا

    إنها الهداية على الحقيقة، تحولٌ جذري حقيقي.
    فاضرب بسهمٍ فيسهام أئمةٍ سبقوك في هذا السبيل القيمِوافتح مغاليقالقلوب لتهتدي وعلى إلهك فاعتمد واستعصمِيا ويل كل مفرطٍمستسلمِ!

    قال: وبعد شهرين فاجأت الخياط، وسألت عن ثوبي، فسأل عن عبد الرحمن، قلت له: مات، قال: لا إله إلا الله! عبد الرحمن؟! قلت له: مات، فأعطاني ثوبه، وبدأت أقول في نفسي، وآخذ شريط الذكريات في ذهني: هل حقاً مات؟! ثوبي بجوار ثوبه! مقعدي في السيارة بجوار مقعده! مضى، وبقي لي أجل لعلي أستدرك فيه ما فات، من يهرب من شيءٍ تركه وراءه إلا القبر؛ فما يهرب منه أحدٌ إلا وجده أمامه، ينتظر غير متململ ، وأنت متقدم إليه غير متراجع، فانظر ما أنت عامل، يقول: وما هي سوى فترة من الزمن، وهدوء النفس يزداد يوماً بعد يوم، وتقرُّ عيني، وتطرأ السعادة الحقيقية على قلبي، انشراحٌ في الصدر، وسكينةٌ ووقار، وصدق الله: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ [الأنعام: 125]^ حمدت الله كثيراً، ولكن بقي لي أخ لا يزال على عينيه غشاوة، هل أتركه؟ لا، لن أتركه وقد هداني الله، لا أنسى عبد الرحمن، لا، لن أترك هذا الأخ، وقد هداني الله، هناك كتاب، وهناك شريط، وهناك مطوية، وبيني وبينه نصيحة، والدين النصيحة.
    فمن لم يعش بعدبيت هدى شقيٍ وإن بلغ الفرقدا

    إذا وجدت النملة ذخيرةً من القوت، أسرعت إلى سربها تحمل لها البشرى، وتأتي بها إلى الغنيمة لترى غزوها وفتحها، ثم يتكاسل ويضعف حامل الهدى!
    الهنود يغارون على بقر تهان فتطيح الرقاب، ثم لا يغار المسلم على حرمات دينه ويسعى في تبليغه.
    إنه الهوى.. من أطاعه هوى
    شراب الهوى حلوٌ ولكنه يورث الشرغ
    أرأيت عبد الله كيف تحولت مقاييس هذا الرجل واهتماماته ونظراته! إنها هداية الحقيقة لا الخيال، تحولٌ جذري، وعزلةٌ شعورية كاملةٌ بين ماضي الإنسان في غوايته وحاضره في هدايته، وإنما يكلّ من كان في ريبٍ من أمره.
    هذا السبيل فأينيذهب من أبى؟ أوليس نور الله قد كشف الدجى؟

    بلى.. ما حقيقةٌ كخيال.
    الهداية على الحقيقة -معاشر المسلمين- تسرّ صاحبها وترقيه، وتبشره وتهديه، تنفعه وترفعه، فلا يزال يحلق في سماء المعالي حتى لا ينتهي تحليقه دون عليين برحمة أرحم الراحمين، فمن سار مهتدياً على ذكر الحقيقة لا الخيال، رجونا له الوصول وإن طال الدجى:
    فأول ما يكونالليث شبلٌ ومبدأ طلعة البدرِ الهلال






    علي بن أسد يتوب لسماع آية



    علي بن أسد
    رحمة الله على ذاك الأسد، مرَّ ليلة بـالكوفة ، فإذا برجل يقرأ في جوف الليل قول الله: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[الزمر:53]^ صادفت قلباً مزاح العلة، فتمكنت منه، فقال: أعد عليَّ رحمك الله، فأعاد، ثم قال: أعد، فأعاد، ثم عمد إلى بيته فاغتسل، ثم غسل ثيابه، وانطلق وجدَّ على جسر الحقيقة، فلم يزل يرتقي في مدارج العبودية حتى عمشت عيناه من كثرة البكاء من خشية الله، وصارت ركبتاه كركبتي البعير، ويداه كثفن الإبل من كثرة قيامه وسجوده لله رب العالمين، وحاله:
    قصدي المؤمل فيجهري وإسراري ومطلبي من إلهي الواحد الباريشهادةٌ في سبيلالله خالصةٌ تمحو ذنوبي وتنجيني من النارِ

    تاقت نفسه للجهاد في سبيل الله، فغزا مع المسلمين في البحر، ولقي الروم، فقرن مركبه ومن معه بمركب العدو، ثم قال: آن لك أي علي بن أسد ألا تطلب الجنة بعد اليوم أبداً، والحال الحال:
    شهادةٌ في سبيلالله خالصةٌ تمحو ذنوبي وتنجيني من النارِإن المعاصي رجسٌلا يطهرها إلا الصوارم في أيمان كفارِ

    فاقتحم بنفسه عليهم في سفائنهم؛ رجلٌ يطلب إعلاء كلمة الله، والموت في سبيل الله لا حيلة فيه، يحب الموت كما يحب أولئك الكفار الحياة، فما زال يضربهم وينحازوا، ويضربهم وينحازوا حتى مالوا في شقٍ واحدٍ من سفينتهم، فانكفأت عليه وعليهم، فغرق وعليه درعه، وغرقوا جميعاً، شتان بين غريق وغريق، غريقٌ في الصد عن سبيل الله، وغريقٌ في سبيل الله، هداة:
    تقدم في اللهأرواحها وتبذل في الله أموالهافحيِّ الأسودوأشبالها

    أسلافنا -أيها المسلمون- ركبوا البحر غزاةً فاتحين، فكان البحر -وإن غرقوا فيه- لهم عرشاً،، ولما تخلف من تخلف بعدهم عمَّا هم عليه، ركبوا البحر لأغراضهم وشهواتهم، فكان البحر لهم نعشاً، ما تغير البحر، ولكن تغيرت نفوس الراكبين.




    محاكمة في العراء لبيان حقيقة الاهتداء
    عبد الله! من لم يهتد على الحقيقة ويأخذ بأسباب الهداية، ولم تنهض همته لها، لا يزال قلبه في حضيض طبعه محبوساً منكوسا، راعٍ مع الهمل، سائمة مع الأنعام، استطاب لقيمات الراحة والبطالة، واستلان فراش العجز والكسل والبلادة:
    ليس ضليلٌ حائرٌكمهتدي<< فاسمع وعِل ترشدِ

    ......

    واقع الأمة العقدي


    عبد الله! لننزع البرقع، وهلم فلنحتكم على سفور وإن كنا لا نبيحه للغانيات.
    أليس فينا معشر المسلمين من اهتدى اسماً وخيالاً منذ سنين، ولم يزل بعيداً عن هدي القرآن، عاكفاً على القباب والأوهام، ألهته عن دنياه، وأفسدت عليه أخراه، شد لها الرحل، وقدم لها النذر، وسألها ما لا يكون إلا لله الرحيم البر.
    قد فتن البعض بقبرزينب وتركوا الله مزيل الكربِوفتن البعض بقبرالهاد يوتركوا ذا الطول والأياديوفتن البعض بقبرالمهدي وتركوا من يبتلي ويهديبقبرعيدروس قد ضل الغبي وتركوا منهاج أحمد النبي

    صلوات الله وسلامه عليه..
    هل يكون مهتدياً على الحقيقة من هذا حاله؟ كلا. إنه يعيش الخيال، إنه يدفع نفسه إلى بحرٍ لا يجيد السباحة فيه، وإن نهايته الغرق المحتوم ولا شك، ما حقيقةٌ كخيال.
    دع كل بابٍ غيرباب ربي ولذ به وسله كشف الكرب

    هل يكون مهتدياً على الحقيقة من يأخذ من الدين ما يوافق هواه ويطرح ما عداه؟ كلا.
    ما عهدنا أن نرىفي الليل شمسا أو نرى في وهج القيظ هلالا

    ما حقيقةٌ كخيال.
    هل يكون مهتدياً حقاً من يوالي أعداء الله ويتخذهم بطانةً من دون المؤمنين، ولو صلى وصام وحج وزكى؟ يكرم من أهانه الله، ويعز من أذله الله، ويدني من أبعده الله، ثم يدعي هداية الله.
    لكم يُرتجي ظلالغمامة كلما تبوأ منها للمقيل اضمحلتِ

    ما حقيقةٌ كخيال.


    التعامل مع الله والخلق بين الحقيقة والخيال
    هل يكون مهتدياً حقاً من ظاهره الاستقامة، ثم في انهزامية مقيتة وبحجة ضغط الواقع يتراجع عن ثوابت ومسلمات؟ أما إن الحق لا ينقلب باطلاً، ولا الباطل يصير حقاً مهما كانت التبعات.
    هل يكون مهتدياً على الحقيقة من يهمل حقوق الخلق ويسيء في المعاملات، لا يتقبل النصح ويرى ذلك اتهامات، يعيش الفوضى وعدم الانضباط، مضيعاً وقته، غير منتظمٍ في درسٍ، أو محاضرةٍ، أو عملٍ نافعٍ، أو حلقات، ومع ذا منشغلٌ بالملهيات، مغرقٌ في سماع الأناشيد والتمثيليات، سيارته ومكتبه مستودعٌ للأناشيد والطرائف الاحتفالات؛ يحفظها حفظاً يفوق حفظ الأحاديث والآيات، حتى إن بعضهم ليذهب مع اللحن يترنم ويطرب، ثم يبكي ما لا يبكيه عند سماع قوارع الآيات، ولربما صاحبها الدف، وترخص في ذلك، فلم يشعر إلا وهو من أهل الأغنيات؟ فالهبوط سهلٌ والارتقاء صعب التبعات.
    عفواً إخوتي: من كتم داءه، قتله، آن لنا أن نعلنه لعلنا نتعاون فنصلحه، عظم الاهتمام بالتحسيني والكمالي، وترك الحاجي والضروري، صارت الكماليات عندنا ضروريات، فنأكل الحلوى ونحن في بلوى كما قيل، وبعضنا من هو مهتمٌ بمظهره اهتماماً يفوق اهتمام البنيات، ألف السطحية والمظهرية، فهو تمثال خشبٍ لا يخيف ولا يرهب، يمني نفسه ويسوف، وقد أمن الهرم كما أمن الصيد حمام الحرم.
    يدٌ فارغة، ويدٌ لا شيء فيها، فضولٌ بلا فضل، وسنٍ بلا سنة، وطولٌ بلا طَول، وعرضٍ بلا عِرض، متساهلٌ في الأمر الخطير، متشددٌ في الأمر السهل اليسير، لم يتخلص من رواسب الجاهلية من صورٍ وقنوات ومجلات، لا يتورع عن المشتبهات، يتهاون بالسنن والمندوبات، ويفرط في الواجبات، جلساؤه قبل أن يهتدي هداية الخيال هم جلساؤه، مع أنهم أخطر شيءٍ عليه إذ هم أعرف الناس بنقاط ضعفه، فهم له كالمجذوم؛ تصافحه تحيةً وسلاما، فلا يبلغه منه إلا الجذام والمرض.
    ونور الشمس يحجبهالغبارُفما معنى الخضابوأنت تدري بأن العيب من تحت الخضاب

    عاداته، أفكاره، اهتماماته.. هي هي لم تتبدل، لم يزل مصراً على بعض المال المشتبه، حتى إذا ما تورع عن حرام، لم يزل لسانه يسري في أعراض الأحياء والأموات؛ يشتم ذا ويجرح ذاك ويعدل ذلك.
    أمانيه، حبه، بغضه، عطاؤه، منعه.. هي هي، ولاؤه لمصلحته، عداؤه لكل ما يقف في طريقها، نفعيٌّ ذاتي، مستصعب مخالفة الناس والتحيز إلى الله ورسوله:
    حياته عارضةٌوصفية فألغين عارض الوصفية

    أيكون من هذا حاله مهتدياً على الحقيقة؟ كلا.. إنما هو عش حمامة؛ عودٌ من غرب وعود من ثمامة، بل غيمٌ حمى الشمس ولم يمطر ولم يكف.


    حقيقة الهداية والمهتدي
    أيها المهتدي! الهداية تحولٌ جذري؛ مظهريٌ ومخبري، والله ما يجدر بحامل الهداية أن يظهر بمظهرٍ يرده الشرع، فلو خالف حامل الهداية، لكان كل مخالف أشرف منه، فلطخة في الثوب الأبيض ليست كلطخة في الثوب الأسود كما قيل.
    أنت للهداية لا للتلبيس.. ذاك خلق إبليس.
    أنت للنور لا للظلمة، ربما زلةٍ أهلكت، وعثرةٍ قتلت، وفائت لا يستدرك، لا يبنى على الصلاح إلا صالح، وكل ما بني على الفساد فهو فاسد، ولن يأتي يومٌ فيقول مهتدٍ على الحقيقة لإبليس: رضي الله عنه"! بل نعوذ بالله منه.
    إذا ما الجرح رمَّعلى فساد تبين فيه تفريط الطبيب

    الهداية ليست كلمةٌ تقال، بل هي حقيقةٌ ذات تكاليف، وأمانةٌ ذات أعباء، وجهادٌ يحتاج إلى صبر، وجهدٌ يحتاج إلى احتمال، وما حقيقةٌ كخيال.
    الهداية على الحقيقة لا الخيال عبوديةٌ مطلقةٌ لله رب العالمين، والعبد المطلق كما يقول ابن القيم في كلامٍ قيم مضمونه في تصرف: لا تملكه رسوم، ولا تقيده قيود، عمله على مراد ربه ولو كانت راحة نفسه في سواه، ملبسه ما تهيأ، مأكله ما تيسر، شغله ما أمر به في وقته، مجلسه حيث انتهى وخالياً وجد، لا تملكه إشارة، ولا يتعبده قيد، ولا يستولي عليه رسم، حرٌ مجردٌ، دائرٌ مع الأمر المأمور به حيث دار، يأنس به كل محب، ويستوحش منه كل مبطل؛ كالغيث حيثما وقع نفع، وكالنخلة لا يسقط ورقها، وكلها منفعةٌ حتى شوكها، حزمٌ مع المخالفين لأمر الله، غضبٌ إذا انتهكت محارم الله، فهو لله وبالله، ومع الله، واهٍ له ما أغربه بين الناس! وما أشد وحشته! وما أعظم أنسه بالله وفرحه وطمأنينته وسكونه، والله المستعان! وعليه التكلان، ما حقيقةٌ كخيال.


    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..



    هذه محاضرة للشيخ علي بن عبدالخالق القرني حفظه الله ..

  12. #1212


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    أفضل وثيقة تأمين على وجه الأرض
    يحرص كثير من الناس على تأمين حياتهم وممتلكاتهم عند شركات التأمين ضد الحوادث والسرقات وغيرها ويدفعون مقابل ذلك مبالغ طائلة
    يمكنك أن تؤمن حياتك وكذلك آخرتك ولن يكلفك سوى بعض كلمات خفيفة علي اللسان عظيمة في الميزان مؤنسة للجنان لو داومت عليها في يومك وليلتك لكفتك وأمنتك من شرور الدنيا وأشرارها



    التأمين علي الدنيا والآخرة (التأمين الثلاثي):
    التأمين الأول: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من صلى الصبح فهو في ذمة الله
    التأمين الثاني: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت
    التأمين الثالث: قال الرسول الله صلي الله عليه وسلم: أن تقول اللهم أنت ربي لا اله إلا أنت خلقتني وإنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة
    التأمين الشامل:
    هذا تأمين شامل ضد مخاطر الحياة وشرورها ومن المصائب الفجائية.

    قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من قال حين يمسي" بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو العزيز العليم" ثلاث مرات لم يصبه فجأة بلاء حتى يصبح ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم يصبه فجأة بلاء حتى يمسي

    التأمين علي أموالك وممتلكاتك:
    احرص علي أداء الزكاة والصدقات تحفظ أموالك وتنميها

    قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول احدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا

    ويقول صلي الله عليه وسلم أيضا ما نقص مال من صدقة.

    التأمين علي أولادك:
    أن تعمل صالحا في حياتك وتتق الله في تصرفاتك

    قال الله سبحانه وتعالى في سورة الكهف: "وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنزلهما وكان أبوهما صالحا "

    قال ابن عباس: حفظ الكنز بصلاح أبيهما وقال ابن المنكدر: إن الله يحفظ بصلاح العبد ولده وولد ولده.

    التأمين ضد الأعطال العارضة:
    قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالي له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما

    فإذا حرصت على الطاعات وأعمال الخير وصلة الرحم والنوافل وجعلتها من برنامجك اليومي فإن الله سيكتبها لك كاملة إذا انقطعت عنها لمرض أو سفر

    التأمين علي المكان:
    قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من نزل منزلا ثم قال "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك

    التأمين علي الصحة:
    هل تعلم أن الضغوط اليومية والهموم تؤثر علي صحة الإنسان وتجعل مقاومته ضعيفة للأمراض .. أما إذا كان الإنسان يملك قلبا هادئا مطمئنا اكتسى جسمه بالصحة والعافية يقول المولى عز وجل" ألا بذكر الله تطمئن القلوب" فأكثر من ذكر الله يطمئن قلبك ويقوى جسمك وتكمل صحتك.

    وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "داووا مرضاكم بالصدقة" فالصدقة أفضل وسائل الوقاية من الأمراض والعلل

    التأمين علي الدعاء:
    إذا أحببت أن يستجاب دعاؤك فأدع لأخيك المسلم بمثل ما تريد

    قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به آمين"

    التأمين علي النوم:
    حتى لا تصاب بالقلق والأرق والاحلام المزعجة احرص علي قراءة أذكار النوم وأهمها قراءة آية الكرسي ..عن أبي هريرة رضي الله عنه قال

    : وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث - فقال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( صدقك وهو كذوب ذاك شيطان

    وكذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه"

    التأمين ضد الشيطان:
    ما من مسلم يخرج من بيته يريد سفرا أو غيره فقال حين يخرج آمنت بالله اعتصمت بالله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله إلا رزق خير ذلك المخرج

    الراوي
    : عثمان بن عفان - خلاصة الدرجة: [فيه]رجل لم يسمه عن عثمان وبقية رواته ثقات - المحدث: المنذري - المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 2/379

    التأمين ضد الفقر:

    والتأمين ضد الفقر يكون بمراقبة الله عزوجل وكثرة الصدقة كما ذكرت في حديث الملكين اللذان ينزلان كل صباح ..

    (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول احدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا )



  13. #1213


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    السلام عليكم..
    شو الأخبار ... عساكم بخير
    اليوم يايبتلكم قصة أدرفت الدموع قصة ذات عبرة لمن اعتبر أسال اللهالعافية واللهم اجعلنا ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه -آمين-
    هكذا بدأت القصة..
    يقول صاحب القصة :
    لم أكن تجاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أوّل أبنائي.. ما زلت أذكر تلك الليلة ..
    بقيت إلى آخر الليل مع
    (الشّلة) في إحدى الاستراحات ..
    كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ .. بل بالغيبة والتعليقات المحرمة ...
    كنت أنا الذي أتولى في الغالب إضحاكهم .. وغيبة الناس .. وهم يضحكون ..
    أذكر ليلتها أنّي أضحكتهم كثيراً..
    كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد ..
    بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه ..
    أجل كنت أسخر من هذا وذاك .. لم يسلم أحد منّي حتى أصحابي ..
    صار بعض الناس يتجنّبني كي يسلم من لساني ...
    أذكر أني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسوّل في السّوق... والأدهى أنّي وضعت قدمي أمامه فتعثّر
    وسقط يتلفت برأسه لا يدري ما يقول .. وانطلقت ضحكتي تدوي في السّوق ..
    عدت إلى بيتي متأخراً كالعادة ..
    وجدت زوجتي في انتظاري .. كانت في حالة يرثى لها ..
    قالت بصوت متهدج : راشد .. أين كنتَ ؟
    قلت ساخراً : في المريخ .. عند أصحابي بالطبع ..
    كان الإعياء ظاهراً عليها .. قالت والعبرة تخنقها: راشد… أنا متعبة جداً .. الظاهر أن موعد
    ولادتي صار وشيكا ..
    سقطت دمعة صامته على خدها ..
    أحسست أنّي أهملت زوجتي ..
    كان المفروض أن أهتم بها وأقلّل من سهراتي .. خاصة أنّها في شهرها التاسع ..
    حملتها إلى المستشفى بسرعة ..
    دخلت غرفة الولادة .. جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال ..
    كنت أنتظر ولادتها بفارغ الصبر .. تعسرت ولادتها .. فانتظرت طويلاً حتى تعبت .. فذهبت إلى البيت ..
    وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني ..
    بعد ساعة .. اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم سالم ..
    ذهبت إلى المستشفى فوراً ..
    أول ما رأوني أسأل عن غرفتها ..
    طلبوا منّي مراجعة الطبيبة التي أشرفت على ولادة زوجتي ..
    صرختُ بهم : أيُّ طبيبة ؟! المهم أن أرى ابني سالم ..
    قالوا .. أولاً .. راجع الطبيبة ..
    دخلت على الطبيبة .. كلمتني عن المصائب .. والرضى بالأقدار ..
    ثم قالت : ولدك به تشوه شديد في عينيه ويبدوا أنه
    فاقد البصر !!
    خفضت رأسي .. وأنا أدافع عبراتي .. تذكّرت ذاك المتسوّل الأعمى .. الذي دفعته في السوق وأضحكت
    عليه الناس ..
    سبحان الله كما تدين تدان ! بقيت واجماً قليلاً .. لا أدري ماذا أقول .. ثم تذكرت زوجتي وولدي ..
    فشكرت الطبيبة على لطفها .. ومضيت لأرى زوجتي ..
    لم تحزن زوجتي .. كانت مؤمنة بقضاء الله .. راضية .. طالما نصحتني أن أكف عن الاستهزاء بالناس ..
    كانت تردد دائماً .. لا تغتب الناس ..
    خرجنا من المستشفى .. وخرج سالم معنا ..
    في الحقيقة .. لم أكن أهتم به كثيراً..
    اعتبرته غير موجود في المنزل ..
    حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها ..
    كانت زوجتي تهتم به كثيراً .. وتحبّه كثيراً ..
    أما أنا فلم أكن أكرهه .. لكني لم أستطع أن أحبّه !
    كبُر سالم .. بدأ يحبو .. كانت حبوته غريبة ..
    قارب عمره السنة فبدأ يحاول المشي .. فاكتشفنا أنّه أعرج !..
    أصبح ثقيلاً على نفسي أكثر ..
    أنجبت زوجتي بعده عمر و خالداً ..
    مرّت السنوات .. وكبر سالم .. وكبر أخواه ..
    كنت لا أحب الجلوس في البيت .. دائماً مع أصحابي ..
    في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم ..
    لم تيأس زوجتي من إصلاحي ..
    كانت تدعو لي دائماً بالهداية .. لم تغضب من تصرّفاتي الطائشة ...
    لكنها كانت تحزن كثيراً إذا رأت إهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته ..
    كبُر سالم .. وكبُر معه همي ..
    لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحدى المدارس الخاصة بالمعاقين ..
    لم أكن أحس بمرور السنوات .. أيّامي سواء .. عمل ونوم وطعام وسهر ..
    في يوم جمعة ..
    استيقظت الساعة الحادية عشر ظهراً ..
    ما يزال الوقت مبكراً بالنسبة لي .. كنت مدعواً إلى وليمة ..
    لبست وتعطّرت وهممت بالخروج ..
    مررت بصالة المنزل .. استوقفني منظر سالم .. كان يبكي بحرقة !
    إنّها المرّة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالم يبكي مذ كان طفلاً .. عشر سنوات مضت .. لم ألتفت إليه ..
    حاولت أن أتجاهله .. فلم أحتمل .. كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة ..
    التفت .. ثماقتربت منه .. قلت : سالم ! لماذا تبكي ؟!
    حين سمع صوتي توقّف عن البكاء .. فلما شعر بقربي ..
    بدأ يتحسّس ما حوله بيديه الصغيرتين .. ما بِه يا ترى؟!
    اكتشفت أنه يحاول الابتعاد عني !!
    وكأنه يقول : الآن أحسست بي .. أين أنت منذ عشر سنوات ؟ !
    تبعته .. كان قد دخل غرفته ..
    رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه ..
    حاولت التلطف معه ..
    بدأ سالم يبين سبب بكائه .. وأنا أستمع إليه وأنتفض ...
    تدري ما السبب !!
    تأخّر عليه أخوه عمر .. الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد !!..
    ولأنها صلاة جمعة .. خاف ألاّ يجد مكاناً في الصف الأوّل ...
    نادى عمر .. ونادى والدته .. ولكن لا مجيب .. فبكى .. أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه
    المكفوفتين ..
    لم أستطع أن أتحمل بقية كلامه ..
    وضعت يدي على فمه .. وقلت : لذلك بكيت يا سالم !!..
    قال : نعم ..
    نسيت أصحابي .. ونسيت الوليمة .. وقلت :
    سالم لا تحزن .. هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد؟ ..
    قال : أكيد عمر .. لكنه يتأخر دائماً ..
    قلت : لا .. بل أنا سأذهب بك ..
    دهش سالم .. لم يصدّق .. ظنّ أنّي أسخر منه .. استعبر ثم بكى ..
    مسحت دموعه بيدي .. وأمسكت يده ..
    أردت أن أوصله بالسيّارة .. رفض قائلاً : المسجد قريب .. أريد أن أخطو إلى المسجد !!.. - إي والله قال لي
    ذلك - ..
    لا أذكر متى كانت آخر مرّة دخلت فيها المسجد ..
    لكنها المرّة الأولى التي أشعر فيها بالخوف .. والنّدم على ما فرّطته طوال السنوات الماضية ..
    كان المسجد مليئاً بالمصلّين .. إلاّ أنّي وجدت لسالم مكاناً في الصف الأوّل ..
    استمعنا لخطبة الجمعة معاً وصلى بجانبي .. بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه ..
    بعد انتهاء الصلاة طلب منّي سالم مصحفاً ..
    استغربت !! كيف سيقرأ وهو أعمى ؟
    كدت أن أتجاهل طلبه .. لكني جاملته خوفاً من جرح مشاعره .. ناولته المصحف ...
    طلب منّي أن أفتح المصحف على سورة الكهف ..
    أخذت أقلب الصفحات تارة .. وأنظر في الفهرس تارة .. حتى وجدتها ..
    أخذ مني المصحف .. ثم وضعه أمامه .. وبدأ في قراءة السورة .. وعيناه مغمضتان ..
    يا الله !! إنّه يحفظ سورة الكهف كاملة !!
    خجلت من نفسي.. أمسكت مصحفاً ..
    أحسست برعشة في أوصالي.. قرأت .. وقرأت..
    دعوت الله أن يغفر لي ويهديني ..
    لم أستطع الاحتمال .. فبدأت أبكي كالأطفال ..
    كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة ... خجلت منهم .. فحاولت أن أكتم بكائي .. لكن تحول البكاء إلى نشيج وشهيق ..
    لم أشعر إلاّ بيد صغيرة تتلمس وجهي .. ثم تمسح عنّي دموعي ..
    إنه سالم !! ضممته إلى صدري ..
    نظرت إليه .. قلت في نفسي .. لست أنت الأعمى .. بل أنا الأعمى .. حين انسقت وراء فساق يجرونني إلى
    النار ..
    عدنا إلى المنزل .. كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم ..
    لكن قلقها تحوّل إلى دموع حين علمت أنّي صلّيت الجمعة مع سالم ..
    من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد ..
    هجرت رفقاء السوء .. وأصبحت لي رفقة خيّرة عرفتها في المسجد ..
    ذقت طعم الإيمان معهم ..
    عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا ..
    لم أفوّت حلقة ذكر أو صلاة الوتر ..
    ختمت القرآن عدّة مرّات في شهر ..
    رطّبت لساني بالذكر لعلّ الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من النّاس ..
    أحسست أنّي أكثر قرباً من أسرتي ..
    اختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي ..
    الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم ..
    من يراه يظنّه ملك الدنيا وما فيها ..
    حمدت الله كثيراً على نعمه ..
    ذات يوم ... قرر أصحابي الصالحون أن يتوجّهوا إلى أحدى المناطق البعيدة للدعوة ..
    تردّدت في الذهاب.. استخرت الله .. واستشرت زوجتي ..
    توقعت أنها سترفض ... لكن حدث العكس !
    فرِحَت كثيراً .. بل شجّعتني ..فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها فسقاً وفجوراً ..
    توجهت إلى سالم .. أخبرته أني مسافر .. ضمني بذراعيه الصغيرين مودعاً ..
    تغيّبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف ..
    كنت خلال تلك الفترة أتصل كلّما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدّث أبنائي .. اشتقت إليهم كثيراً .. آآآه كم
    اشتقت إلى سالم !!
    تمنّيت سماع صوته .. هو الوحيد الذي لم يحدّثني منذ سافرت ..
    إمّا أن يكون في المدرسة أو المسجدفي ساعة اتصالي بهم ..
    كلّما حدّثت زوجتي عن شوقي إليه .. كانت تضحك فرحاً وبشراً ..
    إلاّ آخر مرّة هاتفتها فيها .. لم أسمع ضحكتها المتوقّعة .. تغيّر صوتها ..
    قلت لها : أبلغي سلامي لسالم .. فقالت : إن شاء الله .. وسكتت ..
    أخيراً عدت إلى المنزل .. طرقت الباب ..
    تمنّيت أن يفتح لي سالم ..
    لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره ..
    حملته بين ذراعي وهو يصرخ : بابا .. بابا ..
    لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت ..
    استعذت بالله من الشيطان الرجيم ..
    أقبلت إليّ زوجتي .. كان وجهها متغيراً .. كأنها تتصنع الفرح ..
    تأمّلتها جيداً .. ثم سألتها : ما بكِ؟
    قالت : لا شيء ..
    فجأة تذكّرت سالماً .. فقلت .. أين سالم ؟
    خفضت رأسها .. لم تجب .. سقطت دمعات حارة على خديها ...
    صرخت بها .. سالم .. أين سالم ..؟
    لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد .. يقول بلهجة الأطفال :
    بابا .. ثالم لاح الجنّة .. عند الله .. !!
    لم تتحمل زوجتي الموقف .. أجهشت بالبكاء .. كادت أن تسقط على الأرض .. فخرجت من الغرفة ..
    عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى قبل موعد مجيئي بأسبوعين ..
    فأخذته زوجتي إلى المستشفى ..
    فاشتدت عليه الحمى .. ولم تفارقه .. حتى فارقت روحه جسده ..
    وهكذا انتهت هذه القصة لعلها أن
    تكون عظة وعبرة لمن يعتبر
    --------------------------------------------------
    إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ...... يا الله
    إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال،وتقطعت الحبال، نادي ...... يا الله

  14. #1214


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    ألا بذكر الله تطمئن القلوب

    فاطمئني يا قلوب ... بذكر علام الغيوب ...

    ولتخضعي في النداء ... في الشروق وفي الغروب ...

    ولتسلكي خير الدروب ...

    ولتذكري رب السماء ... ذكراً كثيراً في الرخاء ...

    لتسلمي هول الخطوب ...

    وما أصابك من بلاء ... ففيه تكفير الذنوب ...

    ولتحذري درب الشقاء ... ففيه والله العناء ...

    ولتستري كل العيوب ...

    لا تبالي حينما ، تبكي العيون على الذنوب ...

    أما علمت بأنه ... ثمار ذكرك للرحيم..

    ( ضياء قلبٍ..وسعة عيشٍ..وتفريجٍ للكروب..)

    وبه الدواء لكل داء ... وبه شفاء للسقيم ...

    وهو السبيل إلى النجاة ... وهو الطريق المستقيم ...

    ** سبق المفردون ..فسابقي نحو الكريم **

    واشتري الجنات بالذكر العظيم ..

    لا يكن حظك منه ..

    كحظ مسكين عقيم .. ‏

  15. #1215


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    بسم الله الرحمن الرحيم

    كيف أكون مخلصاً لله في جميع أعمالي



    الشيطان يتعرض للإنسان ليفسد عليه أعماله الصالحة ولا يزال المؤمن في جهاد مع عدوه إبليس حتى يلقى ربه على

    الإيمان بربه وإخلاص جميع أعماله له وحده ومن أهم دوافع الإخلاص :
    1/ الدعــــــاء


    الهداية بيد الله والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن سبحانه وتعالى يقلبهما كيف يشاء فالجأ إلى من بيده الهداية

    وأظهر إليه حاجتك وفقرك وسأله دوماً الإخلاص وقد كان أكثر دعاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه( اللهم اجعل عملي كله

    صالحا واجعله لوجهك خالصا ولا تجعل لأحد فيه شيئا)

    2/إخفـــــاء العمل

    كلما استتر العمل مما يشرع فيه الإخفاء كان أرجى في القبول وأعز في الإخلاص والمخلص الصادق يجب إخفاء حسناته

    كما يجب أن يخفي سيئاته لقوله عليه الصلاة والسلام( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله وذكر منهم رجل

    تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)

    متفق عليه



    يقول بشر بن الحارث : لاتعمل لتذكر أكتم الحسنة كما تكتم السيئة وقد فضلت نافلة صلاة الليل على نافلة النهار

    واستغفار السحر على غيره لأن ذلك أبلغ في الإسرار وأقرب إلى الإخلاص

    3/النظر إلى أعمال الصالحين ممن هم فوقك

    في أعمالك الصالحة لاتنظر إلى أعمال رجال زمانك ممن هم دونك في المسابقة إلى الخيرات وتطلع دائما إلى الإقتداء

    بالأنبياء والصالحين يقول تعالى (أولئك اللذين هدى الله فبهداهم اقتده ...)الأنعام 90

    واقرأ سير الصاحين من الأنبياء من العلماء والعباد والنبلاء والزهاد فهو أرجى لزيادة الإيمان في القلب

    4/احتقـار العمل

    آفة العبد رضاه عن نفسه ومن نظر إلى نفسه بعين الرضا فقد أهلكها ومن نظر إلى عمله بعين العجب قل معه الإخلاص أو

    نزع منه أو حبط العمل الصالح بعد العمل يقول سعيد بن جبير:" دخل رجل الجنة بمعصية ودخل رجل النار بحسنة ،فقيل

    له : وكيف ذلك؟ قال:عمل رجل معصية فمازال خائفاً من عقاب الله من تلك الخطيئة فلقي الله فغفر له من خوفه منه

    تعالى ،وعمل رجل حسنة فما زال معجباً بها ولقي الله بها فأدخله النار "


    5الخوف من عدم قبوله




    كل عمل صالح تفعله احتقره وإذا عملته كن خائفا من عدم قبوله ولقد كان من دعاء السلف :" اللهم إنا نسألك العمل


    الصالح وحفظه" ومن حفظه عدم العجب والفخر به بل يبقى الخوف من عدم قبوله معلقا يقول سبحانه ( ولا تكونوا كالتي

    نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من امة وليبينن لكم يوم القيامة

    ماكنتم فيه تختلفون ) النحل 92
    قال ابن كثير في تفسيره " أي يعطون العطاء وهم خائفون وجلون أن لايتقبل منهم لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام


    بشرط الإعطاء " وروى الإمام أحمد والترمذي أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : يارسول الله (والذين يؤتون ما

    ءاتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ) هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله عزوجل ؟ قال :"لا يابنت

    أبي بكر الصديق ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وهم خائفون ألا يتقبل منهم "

    والإخلاص يحتاج إلى مجاهدة قبل العمل واثناءه وبعده ..

    6/ عدم التأثر من كلام الناس

    الرجل الموفق هو الذي لايتأثر بمدح الناس فإذا أثنوا عليه خيرا إن فعل طاعة لم يزده ذلك إلا تواضعا وخشية من الله وأيقن

    بأن مدح الناس له فتنة له فدعا ربه أن ينجيه من هذه الفتنة فليس أحد ينفع مدحه ويضر ذمه إلا الله وأنزل الناس منزلة

    أصحاب القبور في عدم جلب النفع لك ودفع الضر عنك يقول ابن الجوزي :"ترك النظر إلى الخلق ومحو الجاه من قلوبهم

    بالعمل وإخلاص القصد وستر الحال هو الذي رفع من رفع "

    7/ استصحاب أن الناس لايملكون جنة ولا ناراً
    إذا شعر العبد بأن الذي يرائي لهم سوف يقفون معه في المحشر خائفين عارين أدرك أن صرف النية لهم في غير محله


    حيث لم يخففوا عنه وطأة المحشر بل هم معه في ذلك الضنك فإذا علمت ذلك علمت أن إخلاص العمل حقه أن لايصرف إلا

    لمن يملك جنة وناراً فعلى المؤمن أن يوقن بأن البشر لايملكون جنة يقدمونك إليها ولاقدرة لهم على إخراجك من النار لو

    طلبت منهم إخراجك منها بل لو اجتمع البشر كلهم من آدم إلى آخرهم ووقفوا خلفك لما استطاعوا أن يقدموك إلى الجنة

    ولو بخطوة واحدة إذاً لماذا ترائي البشر وهم لايملكون لك شيئاً قال ابن رجب :"من صام وصلى وذكر الله ويقصد بذلك عرض

    الدنيا فإنه لاخير له فيه بالكلية لأنه لانفع في ذلك لصاحبه لما يترتب عليه من الإثم فيه ولا لغيره " أي ولا نفع فيه أيضاً

    لغيره ثم إن الذين تزين عملك لهم من اجل أن يمدحوك لن تحصل مرادك منهم بل إنهم سوف يذمونك وتفضح عندهم ويلق

    في قلوبهم بغضك يقول عليه الصلاة والسلام :" من يرائي يراء الله به " رواه مسلم ..وأما إذا أخلصت لله أحبك الله وأحبك

    الخلق قال سبحانه (إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً ) أي محبة


    8/ تذكر أنك في القبر بمفردك

    النفوس تصلح بتذكر مصيرها وإذا أيقن العبد أنه يوسد اللحد منفرداً بلا أنيس وأنه لاينفعه سوى العمل الصالح وأن جميع

    البشر لن يرفعوا عنه شيئا من عذاب القبر وأن الأمر كله بيد الله حين ذلك يوقن العبد أنه لاينجيه إلا إخلاص العمل لخالقه

    وحده جل في علاه يقول ابن القيم :" صدق التأهب للقاء الله من أنفع ماللعبد وأبلغه في حصول استقامته فإن من استعد

    للقاء الله انقطع قلبه عن الدنيا وما فيها ومطالبها "

    أسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل ..

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


    كتاب خطوات إلى السعادة

  16. #1216


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    تلخيص صفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم
    كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من التكبير إلى التسليم كأنك تراها، بعبارة وجيزة، لا تعقيد فيها ولا غموض، بعيدة عن الأقيسة و الآراء .
    كل مسألة فيها، تجد مستندها من قوله صلى الله عليه وسلم أو فعله في أصلها " صفة الصلاة " ، فهي بهذه المزايا فائقة كل ما هو معروف اليوم من الرسائل المؤلفة
    محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -
    تقديـــم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له و أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله .
    أما بعد فلقد اقترح علي أخي زهير الشاويش صاحب المكتب الإسلامي أن أقوم بتلخيص كتابي " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" من التكبير إلى التسليم كأنك تراها " واختصاره و تقريب عبارته إلى عامة الناس .
    ولما رأيته اقتراحاً مباركاً، وكان موافقاً لما كان يجول في نفسي من زمن بعيد، وطالما سمعت مثله من أخ أو صديق . فشجعني ذلك على أن أقتطع له قليلاً من وقتي المزدحم بكثير من الأعمال العلمية، فبادرت إلى تحقيق ما اقترحه حسب طاقتي و جهدي، سائلاً المولى سبحانه و تعالى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وينفع به إخواني المسلمين .
    وقد أوردت فيه بعض الفوائد الزائدة على " الصفة " ، تنبهت لها ، واستحسنت ذكرها في أثناء التلخيص، كما عُنيتُ عناية خاصة بشرح بعض الألفاظ الواردة في بعض الجمل الحديثية أو الأذكار .
    وجعلت له عناوين رئيسية، و أخرى كثيرة جانبية توضيحية ، و أوردت تحتها مسائل الكتاب بأرقام متسلسلة .
    وصرحت بجانب كل مسألة بحكمها من ركن أو واجب ، وما سكت عن بيان حكمه فهو من السنن ، وبعضها قد يحتمل القول بالوجوب ،والجزم بهذا أو ذاك ينافي التحقيق العلمي .
    و الركن: هو ما يتم به الشيء الذي هو فيه ، ويلزم من عدم وجوده بطلان ما هو ركن فيه ، كالركوع مثلاً في الصلاة ، فهو ركن فيها ، يلزم من عدمه بطلانها .
    و الشرط: كالركن إلا أنه يكون خارجاً عما هو شرط فيه . كالوضوء مثلاً في الصلاة . فلا تصح بدونه .
    و الواجب: هو ما ثبت الأمر به في الكتاب أو السنة ، ولا دليل على ركنيته أو شرطيته ، ويثاب فاعله ويعاقب تاركه إلا لعذر .
    ومثله (الفرض) ، و التفريق بينه وبين الواجب اصطلاح حادث لا دليل عليه .
    و السنة: ما واظب النبي صلى الله عليه و سلم عليه من العبادات دائماً. أو غالباً. ولم يأمر به أمر إيجاب ، ويثاب فاعلها ، ولا يعاقب تاركها و لا يعاتب .
    وأما الحديث الذي يذكره بعض المقلدين معزواً إلى النبي صلى الله عليه وسلم " من ترك سنتي لم تنله شفاعتي " فلا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وما كان كذلك فلا يجوز نسبته إليه صلى الله عليه وسلم خشية التقول عليه . فقد قال صلى الله عليه وسلم " من قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار" .
    وإن من نافلة القول أن أذكر أنني لم ألتزم فيه تبعاً لأصله مذهباً معيناً من المذاهب الأربعة المتبعة . وإنما سلكت فيه مسلك أهل الحديث الذين يلتزمون الأخذ بكل ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الحديث ، ولذلك كان مذهبهم أقوى من مذاهب غيرهم ، كما شهد بذلك المنصفون من كل مذهب ، منهم العلامة أبو الحسنات اللكنوي الحنفي القائل:
    " وكيف لا وهم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم حقاً. ونواب شرعه صدقاً، حشرنا الله في زمرتهم ، وأماتنا على حبهم وسيرتهم" .
    ورحم الله الإمام أحمد بن حنبل إذ قال:
    دين النبي محمد أخبار نعم المطية للفتى آثارُ لا تـرغبن عن الحديث وألـه فالرأي ليـل والـحديث نهـارُ ولربـما جهل الفتى أثر الهدى والشـمس بازغـةٌ لـها أنـوارُ
    دمشق 26 صفر 1392
    محمد ناصر الدين الألباني

    استقبال الكعبة
    1 - إذا قمت أيها المسلم إلى الصلاة ، فاستقبل الكعبة حيث كنت ، في الفرض والنفل ، وهو ركن من أركان الصلاة التي لا تصح الصلاة إلا بها .
    2- ويسقط الاستقبال عن المحارب في صلاة الخوف والقتال الشديد .
    • وعن العاجز عنه كالمريض ، أو من كان في السفينة أو السيارة ، أو الطيارة ، إذا خشيَّ خروج الوقت.
    • وعمن كان يصلي نافلة أو وتراً ، وهو يسير راكباً دابة أو غيرها ، ويستحب له -إذا أمكن- أن يستقبل بها القبلة عند تكبيرة الإحرام ، ثم يتجه بها حيث كانت وجهته.
    3- ويجب على كل من كان مشاهداً للكعبة أن يستقبل عينها ، وأما من كان غير مشاهد لها فيستقبل جهتها .
    حكم الصلاة إلى غير الكعبة خطأ:
    4- وإن صلى إلى غير القبلة لِغيم أو غيره بعد الاجتهاد والتحري جازت صلاته ، ولا إعادة عليه .
    5- وإذا جاءه من يثق به وهو يصلي فأخبره بجهتها فعليه أن يبادر إلى استقبالها ، وصلاته صحيحة .

    القيام
    6- ويجب عليه أن يصلي قائماً وهو ركن إلا على:
    • المصلي صلاة الخوف والقتال الشديد ، فيجوز له أن يصلي راكباً. والمريض العاجز عن القيام ، فيصلي جالساً إن استطاع ، وإلا فعلى جنب.والمتنفل ، فله أن يصلي راكباً . أو قاعداً إن شاء .ويركع ويسجد إيماء برأسه . وكذلك المريض ، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه .
    7- ولا يجوز للمصلي جالساً أن يضع شيئاً على الأرض مرفوعاً يسجد عليه ، وإنما يجعل سجوده أخفض من ركوعه كما ذكرنا إذا كان لا يستطيع أن يباشر الأرض بجبهته .
    الصلاة في السفينة والطائرة:
    8- وتجوز صلاة الفريضة في السفينة. وكذا الطائرة .
    9- وله أن يصلي فيهما قاعداً إذا خشيَّ على نفسه السقوط.
    10- ويجوز أن يعتمد في قيامه على عمود أو عصا لكبر سنه ، أو ضعف بدنه .
    الجمع بين القيام والقعود:
    11- ويجوز أن يصلي صلاة الليل قائماً ، أو قاعداً بدون عذر ، وأن يجمع بينهما ، فيصلي ويقرأ جالساً ، و قبيل الركوع يقوم فيقرأ ما بقي عليه من الآيات قائماً ، ثم يركع ويسجد ، ثم يصنع مثل ذلك في الركعة الثانية .
    12- وإذا صلى قاعداً جلس متربعاً ، أو أي جلسة أخرى يستريح بها. الصلاة في النعال:
    13- ويجوز له أن يقف حافياً ،كما يجوز له أن يصلي منتعلاً .
    14- والأفضل أن يصلي تارة هكذا ، وتارة هكذا .حسبما تيسر له ،فلا يتكلف لبسهما للصلاة ولا خلعهما ، بل إن كان حافياً صلى حافياً ، وإن كان منتعلاً صلى منتعلاً ، إلا لأمر عارض .
    15- وإذا نزعهما فلا يضعهما عن يمينه وإنما عن يساره إذا لم يكن عن يساره أحد يصلي ، وإلا وضعهما بين رجليه [1]، بذلك صح الأمر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
    الصلاة على المنبر:
    16- وتجوز صلاة الإمام على مكان مرتفع لتعليم الناس، يقوم عليه فيكبر ويقرأ ويركع وهو عليه، ثم ينزل القهقرى حتى يتمكن من السجود على الأرض في أصل المنبر، ثم يعود إليه. فيصنع في الركعة الأخرى كما صنع في الأولى.
    وجوب الصلاة إلي سترة والدنو منها:
    17- ويجب أن يصلي إلى سترة، لا فرق في ذلك بين المسجد وغيره، ولا بين كبيره وصغيره لعموم قوله صلى الله عليه وسلم :"لا تصل إلا ‘إلى سترة، ولا تدع أحداً يمر بين يديك ، فإن أبى فلتقاتله فإن معه القرين". يعني الشيطان.
    18- ويجب أن يدنو منها، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
    19- واكن بين موضع سجوده صلى الله عليه وسلم والجدار الذي يصلي إليه نحو ممر شاة، فمن فعل ذلك فقد أتى بالدنوِّ الواجب.[2]
    مقدار ارتفاع السترة:
    20- ويجب أن تكون السترة مرتفعة عن الأرض نحو شبر أو شبرين لقوله صلى الله عليه وسلم :" إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة [3] الرحل فليصل، ولا يبالي من وراء ذلك".
    21- ويتوجه إلى السترة مباشرة، لأنه الظاهر من الأمر بالصلاة إلى سترة، وأما التحول عنها يميناً أو يساراً بحيث أنه لا يصمد إليها صمداً، فلم يثبت.
    22- وتجوز الصلاة إلى العصا المغروزة في الأرض أو نحوها، وإلى شجرة أو أسطوانة، وإلى امرأته المضطجعة على السرير. وهي تحت لحافها، وإلى الدابة ولو كانت جملاً.
    تحريم الصلاة إلى القبور:
    23- ولا تجوز الصلاة إلى القبور مطلقاً سواء كانت قبوراً للأنبياء أو غيرهم.
    تحريم المرور بين يدي المصلي ولو في المسجد الحرام:
    24- ولا يجوز المرور بين يدي المصلي إذا كان بين يدي سترة. ولا فرق في ذلك بين المسجد الحرام وغيره من المساجد. فكلها سواء في عدم الجواز، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم :" لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين، خيراً له من أن يمر بين يديه". يعني المرور بينه وبين موضع سجوده [4]
    وجوب منع المصلي للمار بين يديه ولو في المسجد الحرام:
    25- ولا يجوز للمصلي إلى سترة أن يدع أحداً يمر بين يديه. للحديث السابق :" ولا تدع أحداً يمر بين يديك…" وقوله صلى الله عليه وسلم :" إذا صلى
    أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره، وليدرأ ما استطاع، (وفي رواية: فليمنعه مرتين)، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان".
    المشي إلى الأمام لمنع المرور:
    26- ويجوز أن يتقدم خطوة أو أكثر ليمنع غير مكلف من المرور بين يديه كدابة أو طفل، حتى يمر من ورائه.
    ما يقطع الصلاة:
    27- وإن من أهمية السترة في الصلاة، أنها تحول بين المصلي إليها، وبين إفساد صلاته بالمرور بين يديه، بخلاف الذي لم يتخذها، فإنه يقطع صلاته إذا مرت بين يديه المرأة، وكذلك الحمار والكلب الأسود.



    النية
    28- ولا بد للمصلي من أن ينوي الصلاة التي قام إليها وتعيينها بقلبه، كفرض الظهر أو العصر، أو سنتهما مثلاً، وهو شرط أو ركن. وأما التلفظ بها بلسانه فبدعة مخالفة للسنة، ولم يقل بها أحد من متبوعي المقلدين من الأئمة.
    التكبير
    29- ثم يستفتح الصلاة بقوله:" الله أكبر" وهو ركن، لقوله صلى الله عليه وسلم :"مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها [5] التكبير، وتحليلها التسليم".
    30- ولا يرفع صوته بالتكبير في كل الصلوات، إلا إذا كان إماماً.
    31- ويجوز تبليغ المؤذن تكبير الإمام إلى الناس، إذا وجد المقتضى لذلك، كمرض الإمام، وضعف صوته أو كثرة المصلين خلفه.
    32- ولا يكبر المأموم إلا عقب انتهاء الإمام من التكبير.
    رفع اليدين وكيفيته:
    33- ويرفع يديه مع التكبير أو قبله، أو بعده، كل ذلك ثابت في السنة.
    34- ويرفعهما ممدودتا الأصابع.
    35- ويجعل كفيه حذو منكبيه، وأحياناً يبالغ في رفعهما حتى يحاذي بهما أطراف أُذنيه [6]
    وضع اليدين وكيفيته:
    36- ثم يضع يده اليمنى على اليسرى عقب التكبير، وهو من سنن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، فلا يجوز إسدالهما.
    37- ويضع اليمنى على ظهر كفه اليسرى، وعلى الرسغ والساعد.
    38- وتارة يقبض باليمنى على اليسرى [7]
    محل الوضع:
    39- ويضعهما على صدره فقط، الرجل والمرأة في ذلك سواء [8]
    40- ولا يجوز أن يضع يده اليمنى على خاصرته.
    الخشوع والنظر إلى موضع السجود:
    41- وعليه أن يخشع في صلاته وأن يتجنب كل ما قد يلهيه عنه من زخارف ونقوش، فلا يصلي بحضرة طعام يشتهيه،ولا وهو يدافعه البول والغائط.
    42- وينظر في قيامه إلى موضع سجوده.
    43- ولا يلتفت يميناً، ولا يساراً، فإن الالتفات اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
    44- ولا يجوز أن يرفع بصره إلى السماء.
    دعاء الاستفتاح:
    45- ثم يستفتح القراءة ببعض الأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي كثيرة أشهرها:
    " سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك".
    وقد ثبت الأمر به فينبغي المحافظة عليه [9].


    القراءة
    45- ثم يستعيذ بالله تعالى وجوباً ويأثم بتركه.
    46- والسنة أن يقول تارة:" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من همزه
    ونفخه، ونفثه" و(النفث) هنا الشِعر المذموم.
    48- وتارة يقول: " أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان…" الخ.
    49- ثم يقول سراً في الجهرية والسرية: " بسم الله الرحمن الرحيم ".
    قراءة الفاتحة:
    50- ثم يقرأ سورة (الفاتحة) بتمامها –والبسملة منها، وهي ركن لا تصح الصلاة إلا بها، فيجب على الأعاجم حفظها.
    51- فمن لم يستطع أجزأه أن يقول: " سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، الله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ".
    52- والسنة في قراءتها أن يقطعها آية آية، يقف على رأس كل آية، فيقول: (بسم الله الرحمن الرحيم) ثم يقف، ثم يقول: (الحمد لله رب العالمين )، ثم يقف، ثم يقول: (الرحمن الرحيم)، ثم يقف، ثم يقول: (مالك يوم الدين)، ثم يقف، وهكذا إلى آخرها.
    وهكذا كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم كلها، يقف على رؤوس الآي، ولا يَصِلُها بما بعدها، وإن كانت متعلقة المعنى بها.
    53- ويجوز قراءتها (مالكِ) و(مَلِكِ).
    قراءة المقتدي لها:
    54- ويجب على المقتدي أن يقرأها وراء الإمام في السرية.
    وفي الجهرية أيضاً إن لم يسمع قراءة الإمام، أو سكت هذا بعد فراغه منها سكتة ليتمكن فبها المقتدي من قراءتها، وإن كنا نرى أن هذا السكوت لم يثبت في السنة [10].
    القراءة بعد الفاتحة:
    55- ويسن أن يقرأ بعد الفاتحة، سورة أخرى، حتى في صلاة الجنازة، أو بعض الآيات في الركعتين الأوليين.
    56- ويطيل القراءة بعدها أحياناً، ويقصرها أحياناً، لعارض سفر، أو سعال، أو مرض، أو بكاء صبي.
    57- وتختلف القراءة باختلاف الصلوات، فالقراءة في صلاة الفجر أطول منها في سائر الصلوات الخمس، ثم الظهر، ثم العصر و العشاء، ثم المغرب غالباً.
    58- والقراءة في صلاة الليل أطول من ذلك كله.
    59 والسنة إطالة القراءة في الركعة الأولى أكثر من الثانية.
    60- وأن يجعل القراءة في الأخريين أقصر من الأوليين، قدر النصف [11].
    قراءة الفاتحة في ركعة:
    61- وتجب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
    62- ويسن الزيادة عليها في الركعتين الأخيرتين أيضاً أحياناً.
    63- ولا تجوز إطالة الإمام للقراءة بأكثر مما جاء في السنة، فإنه يشق بذلك على من قد يكون وراءه من رجل كبير في السن، أو مريض، أو امراءة لها رضيع، أو ذي الحاجة.
    الجهر والإسرار بالقراءة:
    64- ويجهر بالقراءة في صلاة الصبح، والجمعة، والعيدين، والاستسقاء، والكسوف، والأوليين من صلاة المغرب والعشاء.
    ويسر بها في صلاة الظهر والعصر، وفي الثالثة من صلاة المغرب، والأخْرَيْين من صلاة العشاء.
    65- ويجوز للإمام أن يسمعهم الآية أحياناً في الصلاة السرية.
    66- وأما الوتر وصلاة الليل، فيسر فيها تارة، ويجهر تارة، ويتوسط في رفع الصوت.
    ترتيل القراءة:
    67- والسنة أن يرتل القرآن ترتيلاً، لا هذاً ولا عجلة، بل قراءة مفسرة حرفاً حرفاً، ويزين القرآن بصوته، ويتغنى به في حدود الأحكام المعروفة عند أهل العلم بالتجويد، ولا يتغنى به على الألحان المبتدعة، ولا على القوانين الموسيقية.
    الفتح على الإمام:
    68- ويشرع للمقتدي أن يتقصَّد الفتح على الإمام إذا ارتج عليه في القراءة.
    الركوع
    69- فإذا فرغ من القراءة سكت سكتة لطيفة بمقدار ما يَتَرادُّ إليه نَفَسُهُ.
    70- ثم يرفع يديه على الوجوه المتقدمة في تكبيرة الإحرام.
    71- ويكبر، وهو واجب.
    72- ثم يركع، بقدر ما تستقر مفاصله، ويأخذ كل عضو مأخذه، وهذا ركن.
    كيفية الركوع:
    73- ويضع يديه على ركبتيه، ويمكنهما من ركبتيه، ويفرج بين أصابعه، كأنه قابض على ركبتيه، وهذا كله واجب.
    74- ويمد ظهره ويبسطه، حتى لو صب عليه الماء لاستقر، وهو واجب.
    75- ولا يخفض رأسه، ولا يرفعه، ولكن يجعله مساوياً لظهره.
    76- ويباعد مرفقيه عن جنبيه.
    77- ويقول في ركوعه: " سبحان ربي العظيم " ثلاث مرات أو أكثر [12].
    تسوية الأركان:
    78- ومن السنة أن يسوي بين الأركان في الطول، فيجعل ركوعه
    وقيامه بعد الكوع، وسجوده. وجلسته بين السجدتين قريباً من السواء.
    79- ولا يجوز أن يقرأ القرآن في الركوع ولا في السجود.
    الاعتدال من الكوع:
    80 ثم يرفع صلبه من الركوع، وهذا ركن.
    81- ويقول في أثناء الاعتدال: سمع الله لمن حمده، وهذا واجب.
    82- ويرفع يديه عند الاعتدال على الوجوه المتقدمة.
    83- ثم يقوم معتدلاً مطمئناً حتى يأخذ كل عظم مأخذه، وهذا ركن.
    84- ويقول في هذا القيام: " ربنا ولك الحمد "(13) وهذا واجب على كل مصل ولو كان مؤتماً [13] فإنه وِرد القيام، أما التسميع فوِرد الاعتدال.
    85- ويسوي بين هذا القيام والركوع في الطول كما تقدم.
    86- ثم يقول: " الله أكبر " وجوباً.
    87- ويرفع يديه، أحياناً [14].


    السجود
    الخرور على اليدين:
    88- ثم يَخِرُّ إلى السجود على يديه، يضعهما قَبْلَ ركبتيه، بهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الثابت عنه من فعله صلى الله عليه وسلم ، ونهى عن التشبه ببروك البعير، وهو إنما يخر على ركبتيه اللتين هما في مقدمتيه.
    89- فإذا سجد-وهو ركن- اعتمد على كفيه وبسطهما.
    90- ويضم أصابعهما.
    91- ويوجههما إلى القبلة.
    92- ويجعل كفيه حَذْوَ منكبيه.
    93- وتارة يجعلهما حذو أذنيه.
    94- ويرفع ذراعيه عنالأرض، وجوباً، ولا يبسطهما بسط الكلب.
    95- ويُمكِّن أنفه وجبهته من الأرض، وهذا ركن.
    96- ويمكن أيضاً ركبتيه.
    97- وكذا أطراف قدميه.
    98- وينصبهما، وهذا كله واجب.
    99- ويستقبل بأطراف أصابعهما القبلة.
    100- ويَرُصُّ عقبيه.
    الاعتدال في السجود:
    101- ويجب عليه أن يعتدل في سجوده، وذلك بأن يعتمد فيه اعتماداً متساوياً على جميع أعضاء سجوده، وهي: الجبهة والأنف معاً، والكفان، والركبتان، وأطراف القدمين.
    102- ومن اعتدل في سجوده هكذا فقد اطمأن يقيناً، والاطمئنان في السجود ركن أيضاً.
    103- ويقول فيه: " سبحان ربي الأعلى " ثلاث مرات أو اكثر [15].
    104- ويستحب أن يكثر الدعاء فيه، فإنه مظنة الإجابة.
    105- ويجعل سجوده قريباً من ركوعه في الطول كما تقدم.
    106- ويجوز السجود على الأرض، وعلى حائل بينها وبين الجبهة، من ثوب، أو بساط، أو حصير، أو نحوه.
    107- ولا يجوز أن يقرا القرآن وهو ساجد.
    الافتراش والإقعاء بين السجدتين:
    108- ثم يرفع رأسه مكبراً، وهذا واجب.
    109- ويرفع يديه أحياناً.
    110- ثم يجلس مطمئناً حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، وهو ركن.
    111- ويفرش رجله اليسرى فيقعد عليها، وهذا واجب.
    112- وينصب رجله اليمنى.
    113- ويستقبل بأصابعها القبلة.
    114- ويجوز الإقعاء أحياناً، وهو أن ينتصب على عقبيه وصدور قدميه.
    115- ويقول في هذه الجلسة: " اللهم اغفر لي، وارحمني، واجبرني، وارفعني، وعافني، وارزقني ".
    116- وإن شاء قال: " رب اغفر لي، رب اغفر لي ".
    117- ويطيل هذه الجلسة حتى تكون قريباً من سجدته.
    السجدة الثانية:
    118- ثم يكبر وجوباً.
    119- ويرفع يديه مع هذا التكبير أحياناً.
    120- ويسجد السجدة الثانية، وهي ركن أيضاً.
    121- ويصنع فيها ما صنع في الأولى.
    جلسة الاستراحة:
    122- فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية، وأراد النهوض إلى الركعة الثانية كبر وجوباً.
    123- ويرفع يديه أحياناً.
    124- ويستوي قبل أن ينهض قاعداً على رجله اليسرى، معتدلاً، حتى يرجع كل عظم إلى موضعه.
    الركعة الثانية:
    125- ثم ينهض معتمداً على الأرض بيديه المقبوضتين كما يقبضهما العاجن، إلى الركعة الثانية، وهي ركن.
    126- ويصنع فيها ما صنع في الأولى.
    127- إلا أنه لا يقرأ دعاء الاستفتاح.
    128- ويجعلها أقصر من الركعة الأولى.
    الجلوس للتشهد:
    129- فإذا فرغ من الركعة الثانية قعد للتشهد، وهو واجب.
    130- ويجلس مفترشاً كما سبق بين السجدتين.
    131- لكن لا يجوز الإقعاء هنا.
    132- ويضع كفه اليمنى على فخذه وركبته اليمنى،ونهاية مرفقه الأيمن على فخذه لا يبعد عنه.
    133- ويبسط كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى.
    134- ولا يجوز أن يجلس معتمداً على يده. وخصوصاً اليسرى.
    تحريك الإصبع والنظر إليها:
    135- ويقبض أصابع كفه اليمنى كفه اليمنى كلها. ويضع إبهامه على إصبعه الوسطى تارة.
    136- وتارة يُحلَّق بهما حلقة.
    137- ويشير بإصبعه السبابة إلى القبلة.
    138- ويرمي ببصره إليها.
    139- ويحركها يدعو بها من أول التشهد إلى آخره.
    140- ولا يشير بإصبع يده اليسرى.
    141- ويفعل هذا كله في كل تشهد.
    صيغة التشهد والدعاء بعده:
    142- والتشهد واجب، إذا نسيه سجد سجدتي السهو.
    143- ويقرؤه سراً.
    144- وصيغته: " التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام على النبي [16] ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله " [17].
    145- ويصلي بعده على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول:
    " اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
    اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ".
    146- وإن شئت الاختصار قلت:
    " اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد
    مجيد ".
    147- ثم يتخير في هذا التشهد من الدعاء الوارد أعجبه إليه، فيدعو الله به.
    الركعة الثالثة والرابعة:
    148- ثم يكبر وجوباً، والسنة أن يكبر وهو جالس.
    149- ويرفع يديه أحياناً.
    150- ثم ينهض إلى الركعة الثالثة،وهي ركن كالتي بعدها.
    151- وكذلك يفعل إذا أراد القيام إلى الركعة الرابعة.
    152- ولكنه قبل أن ينهض يستوي قاعداً على رجله اليسرى معتدلاً حتى يرجع كل عظم إلى موضعه.
    153- ثم يقوم معتمداً على يديه كما فعل في قيامه إلى الركعة الثانية.
    154- ثم يقرا في كل من الثالثة و الرابعة سورة (الفاتحة) وجوباً.
    155- ويضيف إليها آية أو أكثر أحياناً.
    القنوت للنازلة ومحله:
    156- ويسن له أن يقنت ويدعو للمسلمين لنازلة نزلت بهم.
    157- ومحله إذا قال بعد الركوع: " ربنا ولك الحمد ".
    158- وليس له دعاء راتب، وإنما يدعو فيه بما يتناسب مع النازلة.
    159- ويرفع يديه في هذا الدعاء.
    160- ويجهر به إذا كان إماماً.
    161- ويؤمِّن عليه مَنْ خلفه.
    162- فإذا فرغ، كبر وسجد.
    قنوت الوتر ومحله وصيغته:
    163- وأما القنوت في الوتر فيشرع أحياناً.
    164- ومحله قبل الركوع خلافاً لقنوت النازلة.
    165- ويدعو فيه بما يأتي:
    " اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولا منجا منك إلا إليك ".
    166- وهذا الدعاء من تعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يزاد عليه، إلا الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فتجوز لثبوتها عن الصحابة رضي الله عنهم.
    167- ثم يركع ويسجد السجدتين، كما تقدم.
    التشهد الأخير والتورك:
    168- ثم يقعد للتشهد الأخير، وكلاهما واجب.
    169- ويصنع فيه ما صنع في التشهد الأول.
    170- إلا أنه يجلس فيه متوركاً، يفضي بوركه اليسرى إلى الأرض، ويخرج قدميه من ناحية واحدة،ويجعل اليسرى تحت ساقه اليمنى.
    171- وينصب قدمه اليمنى.
    172- ويجوز فرشها أحياناً.
    173- ويلقم كفه اليسرى ركبته،يعتمد عليها.
    وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتعوذ من الأربع:
    174- ويجب عليه في هذا التشهد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم،، وقد ذكرنا في التشهد الأول بعض صيغها.
    175- وأن يستعيذ بالله من أربع يقول:
    " اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال " [18].
    الدعاء قبل السلام:
    176- ثم يدعو لنفسه بما بدا له مما ثبت في الكتاب والسنة، وهو كثير طيب، فإن لم يكن عنده شيء منه، دعا بما تيسر له مما ينفعه في دينه أو دنياه.
    التسليم وأنواعه:
    177- ثم يسلم عن يمينه، وهو ركن، حتى يرى بياض خده الأيمن .
    178- وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر، ولو في صلاة الجنازة.
    179- ويرفع الإمام صوته بالسلام إلا في صلاة الجنازة.
    180- وهو على وجوه:
    الأول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عن يمينه. السلام عليكم ورحمة الله، عن يساره.
    الثاني: مثله، دون قوله " وبركاته ".
    الثالث: السلام عليكم ورحمة الله، عن يمينه. السلام عليكم، عن يساره.
    الرابع: يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه، يميل به إلى يمينه قليلاً.
    ==================
    أخي المسلم! هذا ما تيسر لي من " تلخيص صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " محاولاً بذلك أن أقربها إليك، حتى تكون واضحة لديك، ماثلة في ذهنك، وكأنما تراها بعينك. فإذا أنت صليت نحو ما وصفت لك من صلاته صلى الله عليه وسلم، فإني أرجو من الله تعالى أن يتقبلها منك، لأنك بذلك تكون قد حققت فعلاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: " صلوا كما رأيتموني أصلي ".
    ثم عليك بعد ذلك أن لا تنسى الاهتمام باستحضار القلب والخشوع فيها، فإنه هو الغاية الكبرى من وقوف العبد بين يدي الله تعالى فيها، وبقدر ما تحقق في نفسك من هذا الذي وصفت لك من الخشوع والاحتذاء بصلاته صلى الله عليه وسلم، يكون لك من الثمرة المرجوة التي أشار إليها ربنا تبارك وتعالى بقوله: " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر".
    وختاماً اسأل الله تعالى أن يتقبل منا صلاتنا، وسائر أعمالنا، ويدخر لنا ثوابها إلى يوم نلقاه ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم). والحمد لله رب العالمين.


    1قلت: وفيه إيماء لطيف إلى أنه لا يضعهما أمامه. وهذا أدب أخل به جماهير المصلين ، فتراهم يصلون إلى نعالهم !

    2 قلت: ومنه نعلم أن ما يفعله الناس في كل المساجد التي رأيتها في سورية وغيرها من الصلاة وسط المسجد بعيداً عن الجدار أو السارية، ما هو إلا غفلة عن أمره صلى الله عليه وسلم وفعله.

    3 هي العمود الذي في آخر الرحل. و(الرحل) هو للجمل بمنزلة السرج للفرس. وفي الحديث إشارة إلى أن الخط على الأرض لا يجزي، والحديث المروي فيه ضعيف.

    وأما حديث صلاته صلى الله عليه وسلم في حاشية المطاف دون سترة والناس يمرون بين يديه فلا يصح، على أنه ليس فيه أن المرور كان بينه وبين سجوده.

    أي وتحريم ما حرم الله من الأفعال، وكذا تحليلها، أي تحليل ما أحل خارجها من الأفعال، والمراد بالتحريم والتحليل المحرَّم والمحلَّل.

    قلت: وأما مس شحمتي الأُذنين بإبهاميه، فلا أصل له في السنة، بل هو عندي من دواعي الوسوسة.

    وأما ما استحسنه بعض المتأخرين من الجمع بين الوضع والقبض في آن واحد فمما لا اصل له.

    قلت: ووضعهما على غير الصدر إما ضعيف، وإما لا اصل له.

    ومن شاء الاطلاع على بقية الدعية فليراجع "صفة الصلاة" (ص 72-73) من الطبعة العاشرة أو الحادية عشرة.

    قلت: وقد ذكرت مستند من ذهب إليه، وما يرد عليه في سلسلة " الأحاديث الضعيفة " رقم (546و547).
    1 1 2 3 4 1 2

    وتفصيل هذا الفصل راجعه إن شئت في " صفة الصلاة " (ص83) من الطبعة الحادية عشر.

    و هناك أذكار أخرى تقال في هذا الركن، منها الطويل ومنها المتوسط، ومنها القصير تراجع في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (ص113-الطبعة الحادية عشر).

    1 1
    2 وهناك أذكار أخرى تقال هنا، فراجع " صفة الصلاة " (ص116-الطبعة الحادية عشر).

    ولا يشرع وضع اليدين إحداهما على الأخرى في هذا القيام لعدم وروده، وانظر إن شئت البسط في الأصل " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.

    وفيه أذكار أخرى تراها في " صفة الصلاة " (ص127).

    هذا هو المشروع بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الثابت في تشهد ابن مسعود وعائشة وابن الزبير وابن عباس رضي الله عنهم. ومن شاء التفصيل فعليه بكتابي " صفة الصلاة " (ص142).

    وفي كتابي المذكور صيغ أخرى ثابتة، وما ذكرته هنا أصحها.
    1 1 1 2

    فتنة (المحيا) هي: ما يعرض للإنسان في حياته من الافتتان بالدنيا وشهواتها. وفتنة (الممات) هي:=
    فتنة القبر وسؤال الملكين. و(فتنة المسيح الدجال): ما يظهر على يديه من الخوارق التي يضل بها كثير من الناس ويتبعونه على دعواه الألوهية
    1

  17. #1217


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    اخواني واخواتي إن محاسبة المسلم لنفسه على الأخطاء التي يقترفها أمر يزيح الهم عن كاهل المسلم ويجعله يقابل ربه باطمئنان ..


    لذا إليكم ما قد يساعد على ذلك






    كيف أحاسب نفسي؟؟؟

    هناك أساب تعين الإنسان على محاسبة نفسه وتسهل عليه ذلك منها:
    1-معرفته أنه كلمااجتهد في محاسبة نفسه اليوم استرح من ذلك غداً، وكلما أهملها اليوم اشتد عليه الحساب غداً.
    2-معرفته أن ربح محاسبة النفس ومراقبتها هو سكنى الفردوس، والنظر إلى وجه الرب سبحانه، ومجاورة الأنبياء والصالحين وأهل الفضل.
    3-النظر فيما يؤول إليه ترك محاسبة النفس من الهلاك والدمار،ودخول النار والحجاب عن الرب تعالى ومجاورة أهل الكفر والضلال والخبث.
    4-صحبة الأخيارالذين يحاسبون أنفسهم ويطلعونه على عيوب نفسه، وترك صحبة من عداهم.
    5-النظر في أخبارأهل المحاسبة والمراقبة من سلفنا الصالح.
    6-زيارة القبور والتأمل في أحوال الموتى الذين لا يستطيعون محاسبة أنفسهم أو تدرك ما فاتهم.
    7-حضور مجالس العلم والوعظ والتذكير فإنها تدعو إلى محاسبة النفس.
    8-قيام الليل وقراءة القرآن والتقرب إلى الله تعالى بأنواع الطاعات.
    9-البعد عن أماكن اللهو والغفلة فإنها تنسي الإنسان محاسبة نفسه.
    10-ذكر الله تعالى ودعاؤه بأن يجعله من أهل المحاسبة والمراقبة،وأن يوفقه لكل خير.
    11-سوء الظن بالنفس،فإن حسن الظن بالنفس ينسي محاسبة النفس، وربما رأى الإنسان ـ بسب حسن ظنه بنفسه ـ عيوبه ومساوئه كمالاً.
    أخي الحبيب :
    حق على الحازم المؤمن بالله واليوم الآخر ألا يغفل عن محاسبة نفسه والتضييق عليها في حركاتها وسكناتها وخطواتها ، فكل نفس من أنفس العمر جوهرة نفيسة يمكن أن يشتري بها كنز من الكنوز لايتناهى نعيمه أبد الآباد. فإضاعة هذه الأنفاس، أو اشتراء صاحبها ما يجلب هلاكه خسران عظيم، لا يسمح بمثله إلا أجهل الناس وأحمقهم وأقلهم عقلاً، وإنما يظهر له حقيقة هذا الخسران يوم التغابن (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمد بعيداً) [أل عمران:30].
    أخي الكريم :
    كان توبة بن الصمة من المحاسبين لأنفسهم فحسب يوماً، فإذا هو ابن ستين سنة، فحسب أيامها، فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم، فصرخ وقال: يا ويلي! ألقى ربي بأحد وعشرين ألف ذنب؟ كيف وفي كل يوم آلاف من الذنوب؟ ثم خر مغشياً عليه فإذا هو ميت، فسمعوا قائلاً يقول: (يا لك ركضةإلى الفردوس الأعلى).

    كيفية محاسبة النفس

    ذكرالإمام ابن القيم رحمه الله أن محاسبة النفس تكون كالتالي:
    أولاً:البدء بالفرائض،فإذا رأى فيها نقصاً تداركه.
    ثانياً :ثم المناهي، فإذا عرف أنه ارتكب منها شيئاً تداركه بالتوبة والاستغفاروالحسنات الماحية.
    ثالثاً :محاسبة النفس على الغفلة ويتدارك ذلك بالذكر والإقبال على الله.
    رابعاً:محاسبة النفس على حركات الجوارح، كلام اللسان، ومشي الرجلين، وبطش اليدين،ونظر العينين، وسماع الأذنين، ماذا أردت بهذا؟ ولمن فعلته؟ وعلى أي وجه فعلته.

    فوائد محاسبة النفس

    ولمحاسبةالنفس فوائد جمة منها:
    1-الإطلاع على عيوب النفس، ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته.
    2-التوبة والندم وتدارك ما فات في زمن الإمكان.
    3-معرفة حق الله تعالى فإن أصل محاسبة النفس هو محاسبتها على تفريطها في حق الله تعالى.
    4-انكسار العبد وزلته بين يدي ربه تبارك وتعالى.
    5-معرفة كرم الله سبحانه وتعالى وعفوه ورحمته بعباده في أنه لم يعجل عقوبتهم مع ما هم عليه من المعاصي والمخالفات.
    6-مقت النفس والإزراء عليها، والتخلص من العجب ورؤية العمل.
    7-الاجتهاد في الطاعة وترك العصيان لتسهل عليه المحاسبة فيما بعد.
    8-رد الحقوق إلى أهلها، وسل السخائم،وحسن الخلق، وهذه من أعظم ثمرات محاسبة النفس.

  18. #1218


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

    +
    +
    +
    +

    أذكار يومية
    دعاء لبس الثوب
    ‏ (الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة )
    أخرجه أهل السنن لا النسائي

    دعاء لبس الثوب الجديد
    ‏ (اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره وخير ما صنع له وأعوذبك من شره وشر ما صنع له )
    أخرجه أبو داود

    دعاء دخول الخلاء
    ‏ ( بسم الله اللهم أني أعوذ بك من الخبث والخبائث )
    أخرجه البخاري ومسلم

    دعاء الخروج من الخلاء
    ‏ ( غفرانــك )
    أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي

    الذكر بعد الفراغ من الوضوء
    ‏ ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله )
    أخرجه مسلم
    ( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين )
    أخرجه النسائي
    ( سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك )
    أخرجه أبو داود والترمذي
    دعاء الخروج من المنزل
    ‏ (بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله )
    أبوداود والترمذي
    (اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أُضل أو أزل أو أُزل أو أظلم أو أُظلم أو أجهل أو يُجهل علي )
    أخرجه الترمذي
    دعاء الدخول إلى المنزل
    ‏ ( بسم الله ولجنا , وبسم الله خرجنا , وعلى ربنا توكلنا , ثم ليسلم على أهله )
    أخرجه أبو داود
    مايقول من خاف قوماً
    ‏ ( اللهم اكفنيهم بما شئت )
    أخرجه مسلم


    +
    +
    +
    +


    مع السلامة ..

  19. #1219


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ( 70 ) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } أما بعد:
    إننا في حاجة شديدة لتذكر هذا اليوم " يوم الحسرة " في عصر طغت فيه الماديات والشهوات وأنصرف كثير من الناس عن منهج رب الأرض والسماوات .

    قست القلوب وتحجرت العيون وهُجر كتاب علام الغيوب ، بل قُرئ والقلوب لاهية ساهية في لجج الدنيا وأوديتها سابحة .


    زينا جدران بيوتنا بآيات القرآن ولم نزين حياتنا به ، يقرأه البعض منا على الأموات ثم لا يحكمونه في الأحياء .


    غفلنا وهذه مصيبة والمصيبة الأوهى والأمَّر أننا لا نشعر أننا غفلنا ، هبت رياح المعصية فأطفأت شموع الخشية من قلوبنا وطال علينا الأمد .


    لهذا كله كان لابد من الوقوف على بعض مشاهد الحسرة في الآخرة عسى أن ننتهي عن الذنوب وتلين منا القلوب وتستيقظ وتخشع وتذل النفوس وننتبه من الغفلة فأصل المصائب وارتكاب الذنوب وفعل المعايب الغفلة عن الآخرة .

    - فذكر اليوم الآخر يُطهر القلوب من الحسد والفرقة والاختلاف .
    - وذكر الآخرة يهدد الظلمة ليكفوا ويرتعدوا ويُعزي المظلومين ليسكنوا فكلً يأخذ حقه لا محالة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء فلا ظلم ولا هضم .
    - ذكر الآخرة يمسح على قلوب المستضعفين والمضطهدين والمظلومين مسحة يقين تسكن معه القلوب لأنهم يتطلعون لما أعده الله للصابرين من نعيم ينسى معه كل خير وبلاء وسوء وعناء ، ويهون عليهم ويعزيهم ما أعده الله للظالمين من بؤس يُنسى معه كل هناء .

    فهيا معي يا عباد الله إلى مشاهد الحسرة أسأل الله ألا تكونوا من أهل الحسرة علَّ ذلك تصلح به القلوب وتتجه إلى علام الغيوب وتنقاد الجوارح إلى العمل الصالح .

    قال تعالي :
    {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } ( مريم 39 )
    أنه يوم الحسرة ........ وما أدراك ما الحسرة ؟
    إنه إنذار وإخبار وتخويف وترهيب بيوم الحسرة حين يُقضى الأمر
    إنه يوم يُجمع الأولون والآخرون في موقف واحد يسألون عن أعمالهم
    فمن آمن وأتبع سعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً
    ومن تمرد وعصى شقي شقاء لا يسعد بعده أبداً وخسر نفسه وأهله وتحسر وندم ندامة تتقطع منها القلوب وتتصدع منها الأفئدة أسفاً
    وأي حسرة أعظم من فوات رضا الله وجنته واستحقاق سخطه وناره
    إنها حسرة لأنه لم يستعد للميعاد ولم يستكثر من الزاد وتحسر لأنه لا إلى دنياه راجع ولا في حسناته زائد .

    فيا للندم والحسرة حيث لا ينفع ندم ولا حسرة

    وأنذرهم يوم الحسرة يوم يجاء بالموت كما في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري :
    " كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيُقال : يا أهل الجنة هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون : نعم هذا الموت
    ثم يُقال يا أهل النار هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون : نعم
    قال : فيُؤمر به فيذبح ، ثم يُقال :
    يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت ".








    {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ }


    آه ساعتها من تأوهٍ لا ينفع ومن دموعٍ لا تشفع ومن صراخ لا يُسمع .............
    إنها حسرة بل حسرات أنباء مهولات ندمات وتأسفات ورد ذكرها في غير ما آية من الآيات تخبر عن معرضين عن رب الأرض والسماوات ولاهين ولاهيات عن يوم الحسرات .

    فهيا معي لنعيش معاً مشاهدة الحسرة لأذكر بها نفسي وإياكم بهذا اليوم حتى نستعد للميعاد ونصلح الزاد حتى لا نندم قبل ألا ينفع ندم .


    1) الحسرة على عدم الإخلاص

    الحسرة على أعمال صالحة شابتها الشوائب وكدرتها مبطلات الأعمال من رياء وعجب ومنَّة فضاعت وصارت هباءً منثوراً في وقت الإنسان فيه أشد ما يكون إلى حسنة واحدة .
    قال تعالى : {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون }

    ( الزمر 47 ، 48 )

    ويقول النبي r فيما يرويه عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد كما في مسند الإمام أحمد :
    " أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا : ما الشرك الأصغر يا رسول الله ؟
    قال : الرياء ، يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جازى الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء ".


    2) الحسرة على عدم الإتباع

    الحسرة على أعمال محدثة وعبادات لم يأذن اللهُ بها ولم يُتبع فيها رسول الله r ويحسب أهلها أنهم يُحسنون صنعا لكنها تضيع في وقت الحاجة الماسة إليها فهم الأخسرون أعمالا وساءوا أحوالا .
    {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } ( إبراهيم 18 )
    {أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ } ( النور 39)
    {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } ( الغاشية 1 : 3 )



    - يا حسرة من رأى النبي r ثم يُحجز عنه ويناديهم فتقول الملائكة إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فيقول لهم : سحقاً سحقا .
    {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا } ( الفرقان 23 )
    {حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ }

    ( الأنعام 31 )


    3) الحسرة على التفريط في طاعة الله

    عندما يدخل العبد المُسيء المسرف على نفسه القبر فيُضرب بمطرقة من حديد لو ضرب بها جبل لصار ترابا ثم يرى مقعده في الجنة ويُقال : هذا مكانك لو أطعت الله فيتحسر ويندم يوم لا ينفع ندم لأنه لا إلى دنياه راجع ولا في حسناته زائد ثم يصرخ ويقول :
    {رَبِّ ارْجِعُونِ (99 ) َعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ } ( المؤمنون 99 : 100)
    الحسرة على التفريط في طاعة الله وتصرمُّ وانقضاء العمر القصير في اللهث وراء الدنيا حلالها وحرامها والاغترار بزيفها مع نسيان الآخرة وأهوالها
    {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } ( الزمر 56 : 58 )
    فالله عزَّ وجل يحذرنا حتى لا نقف هذا الموقف ونندم يوم لا ينفع ندم وقال تعالى :
    {َا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } ( المنافقون 9 : 11)








    4) الحسرة على التفريط في النفس والأهل

    الحسرة على التفريط في النفس والأهل أن تقيهم من عذاب جهنم يوم تفقدهم وتخسرهم مع نفسك بعدما فتنت بهم ذلك هو الخزي والخسار والحسرة والنار .
    - عجباً لمن يغلق على أهله أولاده المنافذ والأبواب مخافة عليهم من برد الشتاء ثم بعد ذلك هو يجعلهم طُعمة للنار إذ لا يأمرهم بمعروف ولا ينهاهم عن منكر ونسي هذا المسكين قول رب العالمين : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } ( التحريم 6)
    ونسي هذا المسكين قول الرسول الأمين :
    " كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته ".
    وكأن حال هذا الرجل يقول :
    بعضي على بعضي يجرد سيفه والهم مني نحو صدري يُرسل
    النار توقد في خيام عشيرتي وأنا الذي يا للمصيبة أشعل
    {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } ( الزمر 15 )


    5) حسرة جلساء أهل السوء

    حسرة جلساء أهل السوء يوم انساقوا معهم يقودونهم إلى الرذيلة ويصدونهم عن الفضيلة إنها لحسرة عظيمة في يوم الحسرة يعبرون عنها بعضِّ الأيدي يوم لا ينفع عض الأيدي كما قال ربي :
    {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا } ( الفرقان 27 : 29 )
    وفلان في هذه الآية هو صاحب السوء الذي يدعوك إلى شريط الأغاني والفيلم الخليع والجلة الساقطة وإلى كل ما ألهاك عن طاعة الله وذكره .
    قال تعالى : {الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } ( الزخرف 67 )
    فكل حبيب سيعادي حبيبه إلا المتحابون في الله وكل صديق سيتبرأ من صديقه إلا من كانت صداقتهم على طاعة الله .
    فإن كنت ممن ابتلوا بصحبة من لا تقربك إلى الله صحبتهم فتبرأ منهم الآن قبل أن يتبرءوا منك
    لكن متى وأين ؟ أما الزمان فمعلوم وأما المكان ففي النار
    {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ (166)وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ } ( البقرة 166 : 167 )
    فهذه حسرة الأتباع المقلدين لأصحاب السوء ولعلماء الضلالة فالنجاة والفوز وإتباع النبي r فالسنة كسفينة نوح من ركبها فقد نجا ومن تخلف عنها فقد هلك فليست الحجة في قول فلان وفلان إنما الحجة في قول النبي العدنان إنها حسرة الأتباع المقلدين .

    6) الحسرة على أكل الحرام

    الحسرة على أموال جمعت من وجوه الحرام ( ربا ورشوة وغش وغصب وسرقة واحتيال وغير ذلك )
    فيا الله أيُّ حسرة أعظم على أمرئٍ آتاه الله مالا في الدنيا فيعمل فيه بمعصية الله فيرثه غيره فيعمل فيه بطاعة الله فيكون وزره عليه وأجره لغيره .


    7) حسرات متفرقة

    - أيُ حسرة أكبر على امرئ أن يرى عبداً كان الله ملكه إياه في الدنيا يرى في نفسه أنه خيرٌ من هذا العبد فإذا هذا العبد أفضل منه يوم القيامة .
    - أيُ حسرة أكبر على امرئ أن يرى عبداً مكفوف البصر في الدنيا قد فتح الله بصره يوم القيامة وقد عمي هو إن تلك الحسرة لعظيمة عظيمة .
    - أيُ حسرة أكبر من امرئ علم علماً ثم ضيعه ولم يعمل به فشقي به وعمل به من تعلمه منه فنُجي به .
    - أيُ حسرة أعظم من حسرات المنافقين الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم يوم تبلى السرائر وينكشف المُخفى في الضمائر ويُعرضون لا تخفى على الله منهم خافية ثم يكون المأوى الدرك الأسفل من النار ثم لا يجدون لهم نصيراً .


    8) الحسرة على ضياع الحسنات

    الحسرة على أعمالٍ صالحة كانت الأمل بعد الله ولكنها ذهبت في ذلك اليوم العصيب إلى من تعديت حدود الله منهم فظلمتهم في مالٍ أو في دمٍ أو في عرضٍ فكنت مفلساً حقا .
    وقد خاب من حمل ظلما فيأخذ هذا من حسناتك وهذا من حسناتك وهذا من حسناتك حتى تفنى حسناتك ولم تقضي ما عليك فيطرح عليك من سيئات من ظلمتهم ثم تطرح في النار أجارك الله من النار وجنبك سخط الجبار بفعل ما يرضي الواحد القهار .
    - ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة t أن النبي r قال :
    " أتدرون من المفلس ، قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، فقال : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته حتى إذا فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أُخذ من خطاياهم ثم طرح في النار ".
    فأنا أذكر نفسي وهذا الصنف بقول النبي r :
    " من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله"
    - بل هناك نوع من أنواع القصاص يكون بين المؤمنين ويكون عند القنطرة
    إنها القنطرة التي لا يعلم عنها الكثير من الناس شيئاً فهي القنطرة التي يقضي فيها المؤمنون من بعضهم البعض فبعد مرورك من على الصراط تظن أن الأمر قد انتهى عند ذلك ولم يبقى سوى دخولك الجنة وفجأة تجد نفسك على قنطرة المظالم التي قال عنها النبي r كما عند البخاري من حديث أبي سعيد الخدري :
    "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا".رواه البخاري 5-2394

    فالمظالم على القنطرة فهي بين المؤمنين الذين يدخلون الجنة فيقتص كل واحد منهم من الآخر بقدر مظلمته فيزداد ويرتفع المظلوم درجة في الجنة ويخسر الظالم درجة في الجنة ويخسر الظالم درجة في الجنة فيالها من حسن وإياك إياك ومظالم العباد .

    - ألم أقل لكم أن الأمر خطير جد خطير ولا يصلح فيه ولا ينجي منه إلا إصلاح الزاد والبعد عن ظلم العباد .......قال صلى الله عليه وسلم : " من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه".رواه البخاري


    9) الحسرة عند مجئ جهنم

    - أخرج الإمام مسلم من حديث عبد الله بن مسعود عن النبي r :
    " يُؤتى بجهنم لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ".
    فيا له من مشهد مهيب تتفطر منه القلوب .......فإذا جئ بجهنم لا يبقى مَلَك مُقرب ولا نبي مرسل إلا جثي على ركبتيه وقال يارب سلم سلم يقول الحق تبارك وتعالى :
    {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } ( الفجر 21 : 24 )
    تأمل معي الحسرة الشديدة لكل من فرط في حق الله جل وعلا إذا رأى جهنم فإنه يصرخ ويقول :
    { يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } كلمة يقولها كل من فرط في الصلاة وضيع وكل من عق والديه وكل من ظلم العباد وحارب الله بارتكاب الذنوب والموبقات كلمة تقولها كل من تركت حجابها .
    فاتقوا النار أيها الأحبة فإن الله أوقد عليها ألف عام حتى أحمرت وألف عام حتى ابيضت وألف عام حتى اسودت فهي الآن سوداء قاتمة يصل الحجر إلى قعرها بعد سبعين سنة فإن قعرها بعيد وحرها شديد ومقامعها حديد .

    10) حسرات واستغاثة أهل النار

    وتأمل في حال الخلائق وقد قاموا من دواهي القيامة ما قاموا قد شُدت أقدامهم إلى النواصي واسودت وجوههم من ظلمة المعاصي ، ينادون من أكنافها ويصيحون في نواحيها وأطرافها
    يا مالك قد حق علينا الوعيد يا مالك قد اثقلنا الحديد يا مالك قد نضجت منا الجلود

    فتقول الزبانية : لا خروج لكم من دار الهوان فاخسأوا فيها ولا تكلمون ولو أخرجتم منها لكنتم إلى ما نُهيتم عنه تعودون ، فعند ذلك يقنطون وعلى ما فرطوا في جنب الله يتأسفون ولا ينجيهم الندم ولا يغنيهم الأسف بل يكبون على وجوههم مغلولين ، طعامهم نار وشرابهم نار ولباسهم نار ومهادهم نار
    {لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ }
    ويُلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام فيُغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يُغني من جوع ويستغيثون بالطعام فيُغاثون بطعام ذي غُصة فيستغيثون بشراب فيُرفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم ، فإذا دخل الشراب بطونهم قطَّع ما في بطونهم فيقولون : ادعوا خزنة جهنم فيدعون خزنة جهنم :
    {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ } ( غافر 49 : 50 )
    فيقولون ادعوا مالكا فيدعون فيقولون :
    {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ } ( الزخرف 77 )
    § قال الأعمش
    أنبئت أن بين دعائهم وبين إجابة مالك إياهم ألف عام .
    فيقولون ادعوا ربكم فلا أحد خير من ربكم فيقولون :
    {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ }(1) فيجيبهم :
    { اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } ( المؤمنون 106 : 108 )
    منتهى الحسرة وقصارها وإلي من بعد ذلك سيذهبون إذ قد هانوا على رب العالمين .
    - فعند ذلك يئسوا من كل خير وعند ذلك أخذوا في الزفير والحسرة والويل

    § قال محمد بن كعب
    لأهل النار خمس دعوات يجيبهم الله عزَّ وجلَّ في أربعة فإذا كانت الخامسة لم يتكلوا بعدها أبداً .
    يقولون : {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } ( غافر 12 )
    فيقول الله تعالى مجيباً لهم : {ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ }
    ثم يقولون : {رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ} فيجيبهم الله تعالى:
    {أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ } ( إبراهيم 44 )
    فيقولون : {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ }فيجيبهم الله تعالى :
    {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } ( فاطر 37 )

    ثم يقولون {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ }
    فيجيبهم الله تعالى : { اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } ( المؤمنون 106 : 108 )
    فلا يتكلمون بعدها أبداً وذلك غاية شدة العذاب .

    - قال مالك بن أنس t قال زيد بن أسلم في قوله تعالى :
    {سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } ( إبراهيم 21 )
    قال صبروا مائة سنة ثم جزعوا مائة سنة ثم صبروا مائة سنة ثم قالوا :
    سواءٌ علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص .

    § قال أحمد بن حرب
    إن أحدنا يؤثر الظل على الشمس ثم لا يؤثر الجنة على النار .

    § وقال عيسى u
    كم من جسد صحيح ووجه صبيح ولسان فصيح غدا بين أطباق النار يصيح .

    § وقال داود
    إلهي لا صبر لي على حر شمسك فكيف صبري على حر نارك ؟

    الحسرة الكبري وتحاور أهل الجنة وأهل النار
    فإنه إذا استقر أهل النار في النار يذوقون عذابها ويشربون من أنهار الجنة ويأكلون من ثمارها
    {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } ( الأعراف 44 )

    الحسرة الأعظم : كلام أهل النار لأهل الجنة
    وحسرة أعظم حين ينادي أهل النار أهل الجنة
    {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } ( الأعراف 51)
    __________________________________________________ __
    (1) شُقوتنا : شقاوتنا أو لذائذنا وشهواتنا .
    (2) اخسئوا فيها : انزجروا فيها وابعدوا كالكلاب .


    11) 12)
    13) حسرة الظالمين المفسدين في الأرض

    حسرة الظالمين المفسدين في الأرض الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا حين يحملون أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم بغير علم وحين يسمعون عندها قول الله تعالى :
    {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ }

    14) حسرة أعظم المشاهد المُخزية

    بعدما استقر أهل الجنة في الجنة واستقر أهل النار في النار تبدأ المحاورات والمناقشات والمجادلات بين أهل النار ...
    ومن أعظم المشاهد المُخزية حسرة في يوم القيامة يوم يبدأ الظالمون بعضهم من بعض ويلعن بعضهم بعض ويتنصل ويتبرأ التابع من المتبوع والعكس ، فذاك قول الله تعالى :
    {ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ }( الأعراف 38 )
    فيا حسرة الأتباع والأعوان عندما يقولون لسادتهم إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار
    {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ }
    1- 2-
    ( غافر 47)

    فإذا بالسادة أذلة قد عنت وجوههم للحي القيوم لا يملكون لأنفسهم شيئاً ولا يستطيعون يقولون :
    {إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ } ( غافر 48 )
    وهنا تبدأ الحسرات والزفرات والآهات عندما يقول التابعون للمتبوعين :
    {لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ } ( سبأ 31 )
    أي حُلتم بيننا وبين الإيمان ، زينتم لنا الكفران فتبعناكم فأنتم المجرمون وبالعذاب أنتم جديرون وله مستحقون ....
    ويريد هؤلاء الضعفاء أن يحملوهم تبعة الإغواء الذي صار بهم إلى هذا البلاء ويضيق الذين استكبروا بهم ذراعاً إذ هم في البلاء سواء ....

    عندئذ يردون عليهم ويجيبونهم في ذلة مصحوبة بفظاظة وفحشاء :
    { أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم} ( سبأ 32 )
    نعم زينا لكم الحرام لكننا لم نقهركم عليه فما لكم علينا من سلطان نعم عرضنا عليكم الأفلام الساقطة الخليعة ولم نحملكم على مشاهدتها
    نعم عرضنا عليكم المجلات الهابطة والقصة الخليعة ولم نحملكم على مشاهدتها
    نعم عرضنا عليكم الملابس الخليعة الماجنة ولم نحملكم على لبسها بل أنتم أشتريتموها
    فهل يعذر المسلم في إتباعه للمفسدين المضلين ........... كلا والله لا يعذر
    لأن المفسدين المتسلطين لن يعذروه بين يدس الله يوم القيامة فهم يقولون
    { أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ } ( سبأ 32 )
    ثم يدرك الجميع أن هذا الحوار البائس لا ينفع هؤلاء ولا هؤلاء إلا براءة بعضهم من بعض علم كل منهم أنه ظالم لنفسه مستحق للعذاب فتندم حين لا ينفع الندم وتنمى لو كان على الحق والإيمان والهدى {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ } ( سبأ 33)


    15) وأخيراً خطبة إبليس القاسمة

    - قضي الأمر وانتهى الجدل وسكت الحوار ، قام إبليس يخطب فيهم خطبته الشيطانية القاسمة يصبها على أوليائه :
    {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ } ( إبراهيم 22 )
    طعنة أليمة نافذة لا يملكون أن يردوها عليه وقد قضي الأمر وفات الأوان :
    {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي } ثم يُأنبهم على أن أطاعوه :
    {فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ } نفض يده منهم وهو الذي وعدهم ومنَّاهم ووسوس لهم وأما الساعة فلا هم يستطيعون أن يدفعوا عنه العذاب ولا هو يستطيع أن يدفع عنهم العذاب : {إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ( إبراهيم 22 )
    فيا للحسرة والندم ...........!!!
    فيا حسرة المقصرين ويا حسرة العاصين لذات تمر وتبعات تبقي ، تريدون نيل الشهوات والحصول في الآخرة على الدرجات ...... جمع الأضداد غير ممكن يا تراب
    فدع الذي يفني لما هو باق .... واحذر ذلت قدمك وخف حلول ندمك وأغتنم شبابك قبل هرمك...
    جعلنا الله وإياكم من الرابحين السعداء يوم يخسر المبطلون الأشقياء ويتحسر المتحسرون التعساء...إن ربي ولي النعماء وكاشف الضر والبلاء ..

    عباد الله في يوم القيامة يبحث كل إنسان عن أي وسيلة مهما كانت ضعيفة واهية لعلها تصلح لنجاته من غضب الله ولذلك تكثر المناقشات والمحاورات بين الآباء والأبناء والأزواج والزوجات والكبار المتسلطين والصغار التابعين بين الأغنياء الجبارين والفقراء المنافقين كلٌ يحاول إلقاء التبعة على غيره لكن حيث لا تنفع المحاورات ولا الخصومات ولا التنصل من التبعات ثم لا يكون إلا الحسرات .
    - فما آن لنا أن نحذر منه كل ناعق ملبس خائن يمكر بالليل والنهار قبل أن تقول نفس يا حسرتي .
    - أما آن للضعفة الأتباع أن يتبرءوا من متبوعيهم الظالمين المفسدين فلا يكونوا أداة لهم في ظلم في دماء أو أعراض طمعاً في جاه أو حطام فإنهم سينقلبون عليهم يوم القيامة ويلعن بعضهم بعضاً حيث لا ينفع لعن ولا ندم .
    - أما آن للمرأة المسكينة في زماننا اليوم أن تنتبه لهذه المواقف فتتبرأ في دنياها اليوم من كل ناعق لها باسم الحرية والتمدن ومتابعة الأزياء والموضات حتى لا تتحسر يوم الحسرة الكبرى عندما يتبرأ منها شياطين الأنس والجن الذين أضلوها ثم لا يغنوا عنها من عذاب الله من شيء إلا الخصام والتلاعن المذكور في كتاب الله :
    {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا(67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا }

    ( الأحزاب 67 : 68 )

    - أما آن الأوان لأتباع الطوائف الضالة المبتدعة أن يفيقوا ويدركوا خطر هذه المتابعة التي ستنقلب حسرة كبرى وعداوة ولعنة بينهم وبين متبوعين يوم القيامة :
    {يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ } ( العنكبوت 25 )
    - أما آن لأهل المعاصي أن يعلنوها توبة عاجلة نصوحا قبل الممات وقبل يوم الحسرات يوم تشهد الأعضاء والجوارح وتبدو السوآت والفضائح .

    فهيا معاً لنسبح في بحر التوبة لنطفئ لفح وحرارة الذنوب ليرضي عنا علام الغيوب

    واعلم أخي الحبيب أن الله عزَّ وجلَّ لا يقنط أحداً من رحمته فبابه دائماً مفتوح إلى أن تطلع الشمس من مغربها وإلى تغرغر الروح .
    وأنظر كيف فتح الله أبواب رحمته لأصحاب الكبائر لكي يتوبوا ويعودوا .

    {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ( المائدة 33 )
    وعلى الرغم من تلك الجرائم والكبائر إلا أن الله جل وعلا فتح لهم باب التوبة فقال :
    {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ( المائدة 33 : 34 )


    {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ } ( البروج 10 )
    فقوله تعالى : {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} يفيد أنهم لو تابوا لتاب الله عليهم .
    § يقول الحسن البصري
    أنظروا إلى الجود والرحمة قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والاستغفار .

    {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا } ( الفرقان 69 )
    ثم بعد ذلك يفتح الله لهم باب التوبة ويقول :
    {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70) وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا } ( الفرقان 70 : 71 )

    {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا } ( مريم 59 : 60 )


    {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
    قال : دعا الله تعالى إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله ، ومن زعم أن المسيح هو ابن الله ، ومن زعم أن عزيراً ابن الله ، ومن زعم أن اله فقير ومن زعم أن يد الله مغلولة ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة
    قال الله تعالى لهؤلاء :
    {أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ( المائدة 74 )
    فهيا بنا نقلع عن المعاصي ونبدأ صفحة جديدة مع الله جل وعلا طامعين في رحمته راجين موعوده:
    {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا }
    فهيا بنا نتبرأ من الشيطان قبل أن يتبرأ منا نحن
    وهيا بنا نتواعد على طاعة الله ليكون موعدنا في جنة الرحمن التي فيها ما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وحتى تنعم برؤية وجه الله عز وجل ونكون في صحبة نبينا r .
    ×قصة
    يقول أحد المشائخ : كان يسكن بجوارنا عائلة صغيرة وكان من أفرادها شاب لم يتجاوز العشرين من عمره وكان مولعاً بالأغاني ولعاً شديداً إلى درجة أنه كان يحب إحدى المغنيات لا يحب صوتها فحسب بل كان يحب المرأة بذاتها .
    وكنت أتعمده واتعهده بالنصح كلما سنحت لي الفرصة فأحياناً أرغبه في الجنة وأحياناً أخوفه من النار وكنت إذا نصحته تغرورق عيناه بالدموع وأحياناً يبكي وكان بعد كل نصيحة يعاهدني أن لا يعود إلى الأغاني ولكن لا يلبث أن ينكث العهد ويخلف الوعد .
    وذات ليلة ذكرته بالجنة والنار فأخذ يبكي بكاء شديداً حتى رحمته ولكنني أحسست أن هذه المرة سيكون لنصيحتي تأثيراً فقلت له : أعطني يدك فأعطاني يده فقلت له : عاهد الله ثم عاهدني أن لا تعود فقال لي : أعاهد الله ثم أعاهدك أن لا أعود .
    ثم جاءني في الصباح ومعه أشرطة الأغاني وقال لي يا أخي خذ هذه الأشرطة كَسِرهَا أحرقها أفعل بها ما تشاء المهم أن تخلصني منها خلصني من مرض قلبي الذي طالما أغفلني عن الصلوات وعن رب الأرض والسماوات ... فقلت : سبحان مُقلب القلوب ما الذي حدث ؟
    فقال لي : بعد أن تركتك البارحة ذهبت إلى بيتنا ثم نمت فرأيت في المنام أنني كنت أسير على شاطئ البحر فإذا بأحد أصحابي مقبل عليَّ يركض فلما وصل إليَّ بادرني بالسؤال : أتحب المرأة الفلانية ؟ فقلت : له بشوق : نعم ، فقال : إنها هناك تغني فانطلقت أركض واركض واركض أريد أن أراها فقد أحببتها حباً شديداً فلما اشتد بي التعب إذا بي أراها وهي تغني فوقفت أنظر إليها واستمع إلى صوتها معجب بها فبينما أنا كذلك إذ بيد تلامس كتفي فالتفت فإذا وجه منير كالقمر ليلة البدر تزينه لحية عليه آثار الصلاح وتلا علىَّ قوله تعالى :
    {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ( الملك 22 )
    وأخذ يرددها بصوت شجي عذب وأخذ يبكي حتى تأثرت أنا فأخذت أبكي معه ونحن نردد الآية فاستيقظت من نومي فجأة وأنا أرددها وأبكي ثم دخلت على أمي فلما رأتني على هذه الحال تأثرت وأخذت تبكي معي.
    يقول الشيخ : وبعد ذلك أصبح الشاب يكره الأغاني كرهاً شديداً وأصبح يتلذذ بالقرآن تلذذاً عجيباً أراه في الدموع التي تنزل من عينيه حين يقرأه


    فهيا أخي الحبيب يا من أخطأت وعصيت ربك :
    أكتب قصة الرجوع بقلم النزوع بمداد الدموع واسع بها على قدم الخضوع إلى باب الخشوع وسل رفعها فرب سؤال مسموع .




    سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت

    أستغفرك وأتوب إليك 1) قال تعالى : 3) وها هم أهل الشرك والقتل والزنا يفتح الله أمامهم باب التوبة فيقول :
    2) وها هم أصحاب الأخدود الذين حرقوا المؤمنين والمؤمنات وظلموهم بلا ذنب اقترفوه سوى أنهم آمنوا بالله العزيز الحميد ، هؤلاء الذين فرقوا بين الأم وولدها وقذفوا ولدها أمام عينيها في النار وجلسوا يتلذذون بمشاهدة المؤمنين وهم يحترقون في النيران وعلى الرغم من ذلك يفتح الله لهم باب التوبة ليتوبوا ، قال تعالى : 4) وهؤلاء الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات يفتح الله أمامهم باب التوبة لكي يتوبوا ويقيموا الصلاة ويتركوا الشهوات ويقبلوا على فعل الطاعات ، قال تعالى : 5) قال ابن عباس في قول الله عزَّ وجل :

  20. #1220


    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المـشـــاركــات
    3,560
    الــــدولــــــــة
    لا يوجد
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: نصيحة اليوم (موضوع متنوع ومتجدد )

    الجنة دار ألأبرار والطريق الموصل إليها



    الشيخ / أبو بكر الجزائري







    المقدمة



    بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة واللام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن والاه .



    هذه هي الجنة دار السلام



    يا وفد الرحمن
    هذه النوق البيض فامتطوها ؟
    كأني بهم وقد قاموا من قبورهم غير مذعورين ، ولا خائفين { لا يحزنهم الفزع الأكبر ، وتتلقاهم الملائكة : هذا يومكم الذي كنتم توعدون } .
    أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال ( والذي نفسي بيده : إنهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة ، عليها رحال الذهب ، شراك نعالهم نور يتلألأ ، كل خطوة منها مد البصر . وينتهون إلى باب الجنة ) .
    وفي القرآن الكريم { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً }
    { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها ، وقال لهم خزنتها : سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } .


    يالسعة الدار


    ما أوسع دار السلام! وما أطيب ريحها!
    أما عرضها فكعرض السماء والأرض وأما ريحها فيوجد من مسيرة مائة عام ففي الكتاب الكريم { سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله } وفي الحديث الشريف ( فإن ريحها ليوجد من مسيرة مائة عام ).


    هذه الأبواب أيها الوافدون فادخلوها



    إن لدار المتقين ثمانية أبواب ، ما بين مصراعي كل باب مسيرة أربعين سنة ، والله ليأتين عليها يوم وهي كظيظ من الزحام .
    علمنا أن أحد هذه الأبواب يسمي الريان وهو باب خاص بأهل الصيام .
    وعلمنا أيضاً أن حلق هذه الأبواب من ياقوت أحمر على صفائح من ذهب .
    رو ى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله ( إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة بينهما مسيرة أربعين سنة وليأتين عليها يوم وهي كظيظ من الزحام ) وقال مرة صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن وفد الرحمن ( وينتهون إلى باب الجنة فإذا حلقة من ياقوت حمراء على صفائح الذهب ) .


    ماذا عند باب الجنة


    عند باب الجنة مباشرة على يمين الداخل أو شماله ، أو أمامه شجرة عظيمة ينبع من أصلها عينان أعدت إحداهما لشرب الداخلين ، والأخرى لاغتسالهم فيشربون من الأولى لتجري نضرة أشعارهم أبداً .
    وفي القرآن الكريم { وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهوراً } .
    وفي الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عند باب الجنة شجرة ينبع من أصلها عينان فإذا شربوا من الأخرى لم تشعث أشعارهم أبداً ) .


    مع أفواج الداخلين


    نترك يا أخي القارئ الآن الكلمة للرسول صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن أفواج الداخلين فاسمع له يقول ( إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة ، لا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يتمخطون ، ولا يتفلون . أمشاطهم الذهب ، ورشحهم المسك ، ومجامرهم الألوة . أزواجهم الحور العين . أخلاقهم على خلق رجل واحد ، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء ) .


    وكيف يستقبلون



    هذا وفد الرحمن يا رضوان فستقبله !
    ما إن تطأ أقدامهم أبواب الجنة حتى يستقبلهم بالتهنئة والسلام جموع الملائكة الطاهرين ، وفي مقدمتهم رضوان خازن الجنان .
    قال الله تعالى { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها ، وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ، وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين } .


    ماذا في القصور ؟


    الله أكبر الله أكبر ؟
    من الذي يقوى على وصف قصورهم ، أو يحسن التعبير عن نعيمهم وسرورهم ، والله مكرمهم ومنعمهم يقول { وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً ، عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق ، وحلُّوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهوراً } .
    إن النبي صلى الله عليه وسلم يا أخي القارئ وحده يمكنه أن يحدثنا بعض الحديث عن تلك القصور ، وما حوت من النعيم المقيم ، فلنستمع إليه في هذا الحديث المقتضب القصير . من حديث له مسهب طويل هذا آخر رجل يدخل الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجداً ، فيقال له : ارفع رأسك مالك ؟ فيقول رأيت ربي ! فيقال له : إنما هو منزل من منازلك ، ثم يلقى رجلاً فيتهيأ للسجود له . فيقال له : مه !! فيقول : رأيت أنك ملك من الملائكة . فيقول له : إنما أنا خازن من خزانك ، وعبد من عبيدك ، فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر ، وهو من درة مجوفة سقافها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها , تستقبله جوهرة خضراء مبطنة ، كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها ، كبدها مرآته ، وكبده مرآتها ، إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفاً ، فيقال له أشرف فيشرف ، فيقال له : ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصرك .


    الهدايا والتحف


    وإذا ضمت وفد الرحمن القصور ، وانتهوا إلى نعيم غمرهم بالسرور والحبور ، توافدت عليهم جموع الملائكة المهنئة لهم ، وهي تحمل أجمل التحف وأحسن الهدايا ، وتقول " سلام عليكم بما صبرتم ، فنعم عقبى الدار " .


    يالتفاوت الدرجات


    سبحان الله ما أعظم تفاوت درجات القوم وما أبعد ما بين قصورهم ومنازلهم تبعاً لكمال إيمانهم في الدنيا وكثرة أعمالهم الصالحة فيها .,
    روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الدري الغابر في الأفق من المشرق والمغرب لتفاضل ما بينهم ، قالوا يا رسول الله : تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ، قال بلى ، والذي نفسي بيده[1] رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ) .


    نظرة على أرض الجنة


    ما تظن يا أخي . في أرض ؟ هل هي من تراب أبيض أو أحمر ، وهل حصباؤها من حجارة ملونة جميلة ، وهل جدران مبانيها من لبن في غاية الحسن والجمال ، وهل الطين الذي يوضع بين اللبنات لرصفها وإحكامها من مزيج الرمل الأبيض والإسمنت الأزرق الناعم
    أعلم ي أخي القارئ إنه لا يستطيع أحد أن يجيبك عن تساؤلاتك هذه إلا من شاهد الجنة وعاش فيها ساعة كرسول الله صلى الله عليه وسلم .
    وها هم هؤلاء أصحابه يسألونه عنها ويقولون : حدثنا يا رسول الله عن الجنة ما بناؤها ؟ كما روى ذلك أحمد والترمذي فيقول : ( لبنة من ذهب ولبنة من فضة و ملاطها ( الطين ) المسك وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران من يدخلها
    ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت ، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه ) .


    إلى جنة عدن


    جنة عدن ، وما أدراك ما جنة عدن ، دار كرامة اولياء ، ومنزل الأبرار منهم .:
    ما بالك يا أخي بدار بناها الله ، وبستان غرسه الله ، وبنعيم أعده الله لمن اطاعه وما عصاه .
    ولا يشفي صدرك يا أخي ، بالحديث عنها سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسمع إليه وهو يقول كما روى ذلك الطبراني بسند جيد ( خلق الله جنة عدن بيده لبنة من درة بيضاء ، ولبنة من ياقوتة حمراء ، ولبنة من زبرجدة خضراء ، وملاطها المسك ، وحشيشها الزعفران ، حصباؤها اللؤلؤ ، ترابها العنبر ، ثم قال لها انطلقي ، قالت : ( قد افلح المؤمنون ).


    في الخيام


    في الجنة خيام قطعاً لقول الله تعالى { حور مقصورات في الخيام } ولكن ما نوع هذه الخيام ، وما شكلها ؟ وما هي مادة تكوينها ، وما مدى حسنها وجمالها .
    وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة منها فقال ( إن للمؤمن في الجنة لخيمة من الؤلؤة مجوفة ، طولها في السماء ستون ميلاً ، وعرضها ستون ميلاً للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضاً ) .


    من الخيام إلى السوق


    سبحان الله هل في الجنة أسواق ! وكيف لا ! والله تعالى يقول { ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون } فليس من المستغرب إذاً أن تتوق نفس أحدهم في الجنة إلى دخول سوق من الأسواق وخاصة التجار المؤمنين الذين كانوا يربحون في أسواق الدنيا ويربحون ، فيطلب ذلك ويدعيه ، فيخلق الله تعالى لهم أسواقاً يغشونها إتماماً للانعام في دار النعيم وهذا مسلم يخرج لنا حديث السوق في الجنة فيقول : إن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن في الجنة سوقاً يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثوا في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسناً وجمالاً فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسناً وجمالاً ، فتقول لهم أهلوهم ؛ والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً ، فيقولون ، وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً ).

    بين الأنهار والأشجار


    هات يدك – أخي القارئ – نتجول قليلاً بين أنهار الجنة وأشجارها ، ونمتع النفس ساعة في ذلك النعيم المقيم هيا بنا إلى الأنهار الأربعة التي هي أصل كل نهر في الجنة ، التي هي نهر الماء ، ونهر اللبن ، ونهر الخمر ، ونهر العسل كما أخبرنا بذلك ربنا جل جلاله في قوله من سورة محمد صلى الله عليه وسلم { مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى } .
    وإلى الكوثر يا أخي ، إلى حوض النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فإنه من أعظم أنهار الجنة وأحسنها . فقد حدث عنه مرة صلى الله عليه وسلم كما روى ذلك البخاري فقال ( بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال هو الكوثر الذي أعطاك ربك . قال فضرب الملك بيده فإذا طينة مسك أذفر ).
    وقال مرة أخرى في رواية الترمذي : ( الكوثر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه الدر والياقوت ، تربته أطيب من المسك ،وماؤه أحلى من العسل ،وأبيض من الثلج ) .
    هذه هي الأنهار قد وقفنا عليها ، وروينا النفس بالحديث عنها ، فهيا بنا إلى الأشجار وثمارها . وليرو لنا أمام الحديث البخاري طرفاً منها فلنستمع إليه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ) لا يقطعها ؛ إن شئتم فاقرأوا { ظل ممدود ، وماء مسكوب } .
    ويحدث ابن عباس رضي الله عنهما عن هذا الظل الممدود فيقول : شجرة في الجنة على ساق قدر ما يسير الراكب في ظلها مائة عام في كل نواحيها ، فيخرج أهل الجنة ، أهل الغرف وغيرهم فيتحدثون في ظلها ، فيشتهي بعضهم ويذكر لهو الدنيا ، فيرسل الله تعالى ريحاً من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا روى هذا الترمذي وحسنه ، وروى الحاكم وصححه قوله : نخلة الجنة جذعها من زمرد أخضر وكربها ذهب أحمر ، وسعفها كسوة لأهل الجنة . منها مقطعاتهم , وحللهم ، وثمرها أمثال القلال والدلاء ، أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل ، وألين من الزبدة ليس فيها عجم .


    إلى مطاعم الجنة


    وهل في الجنة مطاعم ؟
    نعم فيها مطاعم ومشارب ، ولا ينبئك مثل القرآن واسمع إليه يحدثك ويصف لك من ذلك الكثير . ففي سورة الإنسان يقول : { ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ، قوارير من فضة قدروها تقديراً ، ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً ، عيناً فيها تسمي سلسبيلاً } وفي سورة الزمر يقول قال الله تعالى { يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ، ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ، يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ، وأنتم فيها خالدون } .
    وفي سورة الواقعة يقول { يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون ،وفاكهة مما يتخيرون ،ولحم طير مما يشتهون}
    ويتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل الجنة في أكلهم وشربهم ، واصفاً لهم فيقول ( أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يتمخطون ولا يتغوطون ولا يبولون طعامهم ذلك جشاء كريح المسك ، يلهمون التسبيح والتكبير كما يلهمون النفس ) ويقول صلى الله عليه وسلم ( إن أسفل أهل الجنة أجمعين من يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم مع كل خادم صحفتان ، واحدة من فضة ، وواحدة من ذهب . في كل صحفة لون ليس في الأخرى مثلها ، يأكل من آخره كما يأكل من أوله ، يجد لآخره من اللذة والطعم ما لا يجد لأوله ، ثم يكون بعد ذلك رشح مسك وجشاء ، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون ) .


    الحلي والحلل


    هل تريد أخي القارئ – أن تعرف شيئاً عن حلي أهل الجنة وحللهم ؟ فأتركك للقرآن الكريم يصف لك طرفاً من ذلك فاسمع إليه في سورة الكهف يقول { أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثياباً خضراً من سندس واستبرق متكئين فيها على الأرائك } وفي سورة الإنسان يقول { عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق وحلوا أساور من فضة } وفي الحج يقول عنهم { إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير } .
    أما الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يصف ذلك النعيم العظيم فيقول : ( من يدخل الجنة ينعم ولا يبأس ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه ، في الجنة مالا عين رأت ، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) ويقول ( ما منكم من أحد يدخل الجنة إلا انطلق به إلى طوبى فتفتح له أكمامها فيأخذ من أي ذلك شاء ،إن شاء أبيض وإن شاء أحمر، وإن شاء أخضر وإن شاء أصفر ، وإن شاء أسود مثل شقائق النعمان وأرق وأحسن).


    السرر والأرائك


    إن نعيم جنات دار النعيم يعظم – يا أخي – على الوصف ويقصر دونه الضبط والحصر ، وكيف يحصر مالا يفني ولا يبيد ، وكيف يوصف مالا يدرك كنهه ولا يعرف أوله ولا آخره .
    قرأ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قول الله تعالى { متكئين على فرش بطائنها من استبرق } وقال : لقد أخبرتم بالبطائن فكيف بالظواهر ؟ .
    وقيل في قوله تعالى : { وفرش مرفوعة } : لو طرح فراش من أعلاها لهوى إلى قرارها مائة خريف .
    لنترك – يا أخي القارئ – الكلمة للقرآن الكريم يحدثنا عن أسرة القوم وأرائكهم ، فمن سورة الواقعة يقول : { والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين } ومن سورة الرحمن يقول { متكئين على فرش بطائنها من استبرق } ويقول { متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً } ومن سورة الغاشية يقول { وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية في جنة عالية لا تسمع فيها لا غية فيها عين جارية فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ، ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة } .


    مع الحور العين


    إليك يا أخي كلمات قليلة من القرآن تتحدث عن نساء دار السلام جعلني الله وإياك من سكانها فاصغ إليها في إجلال وخشوع { إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكاراً عرباً أترابا لأصحاب اليمين } { فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان } { وعندهم قاصرات الطرف أتراب هذا ما توعدون ليوم الحساب } { إن للمتقين مفازاً حدائق وأعنابا وكواعب أترابا وكأساً دهاقاً } .
    وبعد فإلى الرسول صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن هذا النعيم المقيم ويكشف لنا الستار عن بعض هؤلاء الحور لنزداد مقة وعشقاً ولنستحث الخطى إلى الوصول إلى العيش بجانبهن ، حدث مرة رسول الله قال ( لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ولقاب قوس أحدكم أو موضع سوطه من الجنة خير من الدنيا وما فيها ، ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحاً ولأضاءت ما بينهما ، ولنصفيها على رأسها خير من الدنيا وما فيها ) .
    وقال مرة ( إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر والتي تليها على ضوء كوكب دري في السماء ، ولكل امرئ منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم وما في الجنة أعزب ) .
    ويقول : ( لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرقت لملأت الأرض ريح مسك ولذهب ضوء الشمس والقمر ) .


    شيء من الغناء والطرب


    تعال يا أخي نطرب ساعة قبل يوم الساعة يروي الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله ( إن في الجنة لمجتمعاً لحور العين يرفعن بأصوات لم يسمع الخلائق بمثلها يقلن : ( نحن الخالدات فلا نبيد ) و ( نحن الناعمات فلا نبأس ) و ( نحن الراضيات فلا نسخط ) ( وطوبى لمن كان لنا وكنا له ) وإليك أخي القارئ مجتمعاً آخر لحور العين يا له من مجتمع عجيب !! دونك النهر على حافتيه صفوف الحور العين يغنين بأصوات يسمعها الخلائق حتى ما يرون في الجنة لذة مثلها ) وقيل لأبي هريرة وما ذاك الغناء فقال ( إن شاء الله التسبيح والتحميد والتقديس والثناء على الرب عز وجل ) .


    خيل في الجنة


    إلى عشاق الخيل والمولعين بركوبها وامتطاء صهواتها نعيماً آخر تلذونه وتسعدون به إنه يوجد لكم خيول في الجنة من الياقوت الأحمر لها أجنحة تطير بكم حيث شئتم قال عبد الرحمن بن ساعدة رضي الله عنه كنت رجلاً أحب الخيل فقلت يا رسول الله هل في الجنة خيل ؟ فقال ( إن أدخلك الله يا عبد الرحمن ، كان لك فيها فرس من الياقوت له جناحان تطير بك حيث شئت ) وقال فداه أبي وأمي صلى الله عليه وسلم ( إن [2] في الجنة لشجراً يخرج من أعلاها حلل ومن أسفلها خيل من ذهب مسرجة ملجمة من در وياقوت لا تروث ولا تبول لها أجنحة خطوها مد البصر تركبها أهل الجنة فتطير بهم حيث شاءوا فيقول الذين أسفل منهم درجة ، يا رب بم بلغ عبادك هذه الكرامة كلها ، فيقال لهم كانوا يصلون بالليل وكنتم تنامون وكانوا يصومون وكنتم تأكلون وكانوا ينفقون وكنتم تبخلون وكانوا يقاتلون وكنتم تجبنون ) .


    معهم في تزوارهم


    إذا كان لأهل الجنة ما تشتهي أنفسهم فيها ولهم فيها . ما يدعون فأي شيء أشهى على النفس من زيارة إخوان كان يربط بينهم في الدنيا حب الله والسير في الطريق إليه .
    وعليه فهل تحصل زيارات في الجنة يسرون بها وينعمون على تفاوتهم في الدرجات ، وارتفاع المنازل ، وعلوا المقامات ؟ نعم يا أخي القارئ الكريم ولم لا يكون لهم ذلك وكيف لا وقد علمت أن لهم فيها ما تشتهي أنفسهم وما يدعون ولنسمع إلى البزار رحمة الله تعالى يروي لنا في ذلك الحديث النبوي التالي : ( إذا دخل أهل الجنة فيشتاق الإخوان بعضهم إلى بعض فيسير سرير هذا إلى سرير هذا ، وسرير هذا إلى سرير هذا حتى يجتمعا جميعاً فيتكئ هذا ، فيقول أحدهما لصاحبه : أتعلم متى غفر الله لنا ؟فيقول صاحبه :نعم ،يوم كنا في موضع كذا وكذا فدعونا الله تعالى فغفر لنا ).
    أما أبو هريرة رضي الله عنه فيروي لنا ويقول : إن أهل الجنة ليزاورون على العيس الجون ، عليها رجال الميس يثير مناسمها غبار المسك ، خطام أو زمام أحدهما من الدنيا وما فيها .




    أكرم زيارة


    أية زيارة أكرم يا أخي ، وأية زيارة أعظم ، وأية زيارة أشهى على النفس وأحب لها من تلك التي هي زيارة الرب تبارك وتعالى !!
    روى أبو نعيم في حليته عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله ( إذا سكن أهل الجنة الجنة أتاهم ملك فيقول لهم :إن الله يأمركم أن تزوروه فيجتمعون ، فيأمر الله تعالى داود عليه السلام فيرفع صوته بالتسبيح والتهليل ثم توضع مائدة الخلد ، قالوا يا رسول الله وما مائدة الخلد ؟ قال : زاوية من زواياها أوسع مما بين المشرق والمغرب فيطمعون ، ثم يسقون ، ثم يكسون ،فيقولون لم يبق إلا النظر في وجه ربنا عز وجل ، فيتجلى لهم فيخرون سجداً فيقال لهم : لستم في دار عمل ، إنما أنتم في دار جزاء ) .


    سلام عليكم


    بينما أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب جل جلاله قد أشرف عليهم من فوقهم فقال : سلام عليكم يا أهل الجنة .
    وهو قول الله تعالى من سورة يس { سلام قولاً من رب رحيم } فلا يتلفتون إلى شيء مما هم فيه من النعيم ماداموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ، وتبقى فيهم بركته ونوره .


    نعيم لا يوصف


    إن نعيماً وعد الله به أهل وفادته ، ودار كرامته لا يستطيع امرؤ وصفه مهما كان لسناً ذا بيان فضلاً عن أن يعده أو يحده ، يقول الله تعالى فيه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم : ( لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ومصداق هذه في القرآن الكريم ) { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون } .


    إلى أعظم نعيم


    { ورضوان من الله أكبر }
    هكذا يقول الله تعالى في كتابه العزيز { ورضوان من الله أكبر }
    فقد ذكر تبارك وتعالى ما أعده لأوليائه وأهل وفادته من النعيم المقيم في جنات عدن ثم قال بعد ذلك النعيم العظيم { ورضوان من الله أكبر } فعلم أن رضاه سبحانه وتعالى من عباده هو أكبر نعيم يلقونه في دار الإكرام والإنعام .
    وهذا الإمام البخاري رحمه الله يروي لنا حديث أكبر الإنعام فيقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة ، يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، والخير بيديك ، فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك ، فيقولون : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ( فيقولون : وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول ، أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً ) اللهم اجعلنا من أهل طاعتك ومحبتك ورضوانك آمين .


    وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .




    وهذا هو الطريق



    هذا هو الطريق أيها السائرون !
    فإلى الجنة دار النعيم التي عرفها لكم .
    وهذا هو طريقها واضحا معبداً عليه أعلامه ، وفوقه أنواره وها أنتم في مبتداه فسيراً حثيثاً إلى منتهاه حيث أبواب الجنة مفتحة أيها السالكون !!
    إليكم الطريق كما رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوليه :


    واسمحوا لي أن أتقدمكم رائداً لكم لأصف طريقكم إلى جنة ربكم ، ودار إقامتكم وكرامتكم .
    2. ( كلكم يدخل الجنة إلا من أبى ، قيل : ومن يأبى يا رسول الله ؟ فقال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) إنه عليه الصلاة والسلام في هذين الحديثين قد بين الطريق ورسمه واضحاً لكل ذي بصيرة فهلم أيها الإخوان لنسير سوياً ، أخوانا متحابين وأصدقاء متعاونين فهيا بنا هيا بنا !!
    إن الطريق أيها الإخوة السائرون بين أربع كلمات : إثنتان سالبتان ، وإثنتان موجبتان . فالسالبتان : الشرك والمعاصي ، والموجبتان : الإيمان والعمل الصالح .
    ومن هذه الكلمات الأربع يتكون الطريق القاصد إلى الجنة دار الإقامة والكرامة .
    وهاهو ذا قد أشير إليه بكلمتي لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، إذ الأول تعني أنه لا معبود بحق إلا الغفور الودود ، فليعبد وحده بالإيمان واليقين ، والطاعة له ولرسوله بالصدق والإخلاص الكاملين .
    والثانية تعني أن النبي محمداً هو الرسول الخاص ببيان كيف يعبد الله وحده في هذه الأكوان ، وأنه لا يتأتى لأحد أن يعبد الله بدون إرشاده صلى الله عليه وسلم وبيانه .
    والآن أيها الإخوة السائرون فلنسلك الطريق مسترشدين بإشارة لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
    *** فلنعتقد جازمين أن خالقنا هو الذي خلق هذه العوالم ودبرها بقدرته وعلمه ، ومشيئته وحكمته ، وفيها تجلت صفاته العلى وأسماؤه الحسنى ، فبقدرته تعالى كانت هذه الأكوان ، وبعلمه تعالى اتحد وجودها وانتظم شأنها ، وسارت إلى غاياتها في نظام محكم بديع .
    *** ولنعتقد جازمين أنه لا وجود لمشارك لله تعالى في خلق هذه العوالم ولا مدبر لها معه سواه؛إذا لو كان ذلك لظهر في العوالم التضارب والتناقص ،ولأسرع إليها الفناء والزوال{قل لو كان فيها آلهة إلا الله لفسدتا ، فسبحان الله رب العرش عما يصفون}.
    *** ولنعتقد جازمين أنه متى لم يكن لله تعالى شريك في الخلق والتدبير فإنه لا يكون له شريك في الطاعة والعبادة ، فلا ينبغي أن يعبد معه أحد أبداً سواء كان ملكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً ، أو دون ذلك . من سائر المخلوقات . وسواء كانت العبادة صلاة أو دعاء ، أو صوماً أو ذبحاً ، أو زكاة أو نذراً ، لو طاعة في معصيته تعالى بتحريم ما أحل أو تحليل ما حرم أو ترك ما أوجب أو فعل ما حرم .
    *** ولنعتقد جازمين أن حاجة الناس إلى الرسل في بيان الطريق إلى الجنة اقتضت إرسالهم ، وإنزال الكتب عليهم ومن هنا وجب تصديق كافة الرسل وإتباعهم ووجب الإيمان بالكتب والعمل بما فيها مما لم ينسخه الله تعالى بغيره من الشرائع والأحكام كما وجب الإيمان بالملائكة ، والقدر والمعاد والحساب والجزاء . بهذه النقاط الأربع المشتملة على الإيمان الصحيح كنا قد قطعنا ربع الطريق إلى الجنة ، أيها السائرون فإلى الربع الثاني وهو العمل الصالح .
    *** فلنقم الصلاة بأن نتطهر لها طهارة كاملة ، ونؤديها في أوقاتها في جماعة أداء وافياً مستوفين كافة الشروط والفرائض والسنن والآداب فنوافق بها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .
    *** ولنؤت زكاة أموالنا أهلها من الفقراء والمساكين والغارمين والمجاهدين ولنتحر في إخراجها الجودة والكمال والإخلاص الكامل فيها لله تعالى .
    *** ولنصم رمضان بالإمساك عن المفطرات والبعد عن المتشابهات والمحرمات في الأقوال والأفعال والخواطر والنيات .
    *** ولنحج بيت الله حجاً كحج رسول الله صلى الله عليه وسلم موسوماً بالبرور وذلك بأدائه أداء صحيحاً خالياً من الرفث والفسق والجدال محفوفاً بالخيرات مفعماً بالصالحات .
    *** ولنبر الوالدين بطاعتهما في غير معصية الله ، وبالإحسان اليهما ببذل المعروف وإسداء الجميل من القول والفعل ، مع كف الأذى عنهما ولو كان ضجراً منهما ، أو عدم رضا عنهما .
    *** ولنصل أرحامنا ببرهم وزيارتهم ، والسؤال عنهم ، والتعرف إلى أحوالهم ومساعدتهم بما في القدرة وما هو مستطاع .
    *** ولنحسن إلى الجيران بإكرامهم المتمثل في الإحسان إليهم وكف الأذى عنهم .
    *** ولنكرم الضيف إكرامه الواجب له بإطعامه وإيوائه .
    *** ولنكرم المؤمن بتحقيق أخوته القائمة على أساس أداء حقوقه من السلام عليه عند ملاقاته ، وتشميته عند عطاسه . وتشييع جنازته عند مماته ،وعيادته إذا مرض ، وإبرار قسمه إذا أقسم .
    *** ولنعدل في القول والفعل والحكم إذ العدل في الكل واجب محتم ، وبه يستقيم أمر الدين والدنيا ، ويصلح شأن العباد والبلاد .
    وإلى هنا تم نصف الطريق أيها السائرون ، ولم يبق إلا نصفه الآخر ، هو ترك الشرك والمعاصي فلنواصل السير في غير كلل ولا ملل ولنترك الشرك وذلك :





    بهذه الخطوات الخمس أيها السائرون قد قطعنا نصف المسافة المتبقية ولم يبق إلا نصفها الآخر وهو ترك المعاصي وبعدها نصل إلى باب الجنة وندخلها إن شاء الله مع الداخلين فهيا بنا نواصل سيرنا أيها السالكون .
    2. بأن لا نصرف شيئاً من عبادة الله تعالى إلى أحد سواه ؛ فلا نحلف بغير الله ولا نذبح على قبر ولي من أولياء الله ، ولا ننذر نذراً لغير الله ، ولا ندعو غير الله ولا نستغيث بسواه . 3. وبأن لا نعلق خيطاً أو عظماً أو حديداً نرجو بها دفع العين أو كشف الضر ، فإنه لا يدفع العين ولا يكشف الضر إلا الله . *** فلنحفظ الدماغ فلا نفكر فيما يضر ، ولا ندبر ما يسوء من فساد أو شر .
    *** ونحفظ السمع فلا نسمع باطلاً من سوء أو فحش ، أو كذب أو غناء ، أو غيبة ، أو نميمة ، أو هجر أو كفر .
    *** ونحفظ البصر فلا نسرحه في النظر إلى ما لا يحل النظر إليه من أجنبية غير محرمة مسلمة أو كافرة ، عفيفة أو فاجرة .
    *** ونحفظ اللسان فلا ننطق بفحش أو بذاء ، ولا سوء أو كذب أو زور ، أو غيبة أو نميمة أو سب أو شتم أو لعن من لا يستحق اللعنة .
    *** ونحفظ البطن فلا ندخل فيه حراماً طعاماً كان أو شراباً فلا نأكل ربا ولا ميتة ولا خنزيراً ، ولا نشرب مسكراً ، ولا ندخن تبغاً ولا تنباكا .
    *** ونحفظ الفرج فلا نطأ غير زوجة شرعية أو مملوكة سرية أباح الله وطئها وأذن فيه .
    *** ونحفظ اليد فلا نؤذي بها أحداً بضرب أو القتل ، ولا نأخذ بها مالاً حراماً ولا نلعب بها ميسراً ولا نكتب بها زوراً أو باطلاً .
    *** ونحفظ الرجل فلا نمشي بها إلى لهو أو باطل ، ولا نسعى بها إلى فتنة أو فساد أو شر .
    *** ونحفظ العهد ، والشهادة والأمانة ، فلا نخفر ذمة ولا ننكث عهداً ، ولا نخلف وعداً ، ولا نشهد زوراً ولا نخون أمانة .
    *** ونحفظ المال فلا نبذره ، ولا نسرف فيه ، كما لا نهمله ولا نضيعه ، أو نتركه بدون إنماء أو صلاح .
    *** ونحفظ الأهل والولد في أبدانهم وعقولهم وعقائدهم وأخلاقهم فندفع عنهم ما يؤذيهم أو يضرهم أو يفسد أرواحهم ، أو عقولهم وندرأ عنهم كل ما يردي أو يهلك ويشقي .

    وإلى هنا انتهى الطريق أيها السائرون فدونكم الجنة دار السلام فتهيأوا للدخول منتظرين رسل ربكم متى تصل إليكم حاملة استدعاء ربكم المنعم الكريم لتفدوا عليه وتحطوا الرحال بساحته . ويومها يفرح ، المتقون .


    وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .



    [1] - هذا كقوله تعالى : { سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله }

    [2] - تنبيه : جميع أحاديث هذه الرسالة خرجها المنذري في الترغيب وما فيها حديث غير مقبول قط 4. وبأن لا نصدق كاهناً أو عرافاً أو منجماً فيما يخبر به ويدعيه من علم الغيب ؛ إذ لا يعلم الغيب إلا الله . 5. وبأنه لا نطيع حاكماً أو عالماً أو أباً أو أماً أو شيخاًَ في معصية الله ، إذ طاعة غير الله بتحريم ما أحل الله ، أو تحليل ما حرم شرك في ربوبية الله .
    1. ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك ) . 1. بأن لا نعتقد أن مخلوقاً من المخلوقات كائناً من كان يملك لنفسه أو لغيره ضراً أو نفعاً بدون مشيئة الله وإذنه ، وعليه فلنحرص رغبتنا في الله فلا نرغب في أحد سواه فلا نسأل مخلوقاً ولا نستشفع أو نستغيث بآخر ، إذ لا معطي ولا مغيث إلا الله . فلنقصر رغبتنا فيه ، ورهبتنا وخوفنا منه .

صفحة 61 من 77 الأولىالأولى ... 11515253545556575859606162636465666768697071 ... الأخيرةالأخيرة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...