إنهم فتية آمنوا

[ منتدى نور على نور ]


النتائج 1 إلى 12 من 12
  1. #1

    الصورة الرمزية مجاهد

    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المـشـــاركــات
    402
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي إنهم فتية آمنوا

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ومن يهده فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .
    احبت ان اسرد لكم احبتي قصة.. من منا لايحب القصص ؟؟؟
    فكيف اذا كانت من كتب الله عزوجل . قصة هذا الموضوع قصة فتية امنوا بربهم . نعم انهم اصحاب الكهف اذن بسم الله نبدا :
    " أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا "

    وهذا الاستفهام بمعنى النفي, والنهي.
    أي: لا تظن أن قصة أصحاب الكهف, وما جرى لهم, غريبة على آيات الله, وبديعة في حكمته, وأنه لا نظير لها, ولا مجانس لها.
    بل لله تعالى من الآيات العجيبة الغريبة, ما هو كثير, من جنس آياته في أصحاب الكهف, وأعظم منها.
    فلم يزل الله يرى عباده من الآيات في الآفاق وفي أنفسهم, ما يتبين به الحق من الباطل والهدى من الضلال.
    وليس المراد بهذا النفي أن تكون قصة أصحاب الكهف من العجائب, بل هي من آيات الله العجيبة.
    وإنما المراد, أن جنسها كثير جدا, فالوقوف معها وحدها, في مقام العجب والاستغراب, نقص في العلم والعقل.
    بل وظيفة المؤمن, التفكر بجميع آيات الله, التي دعا الله العباد إلى التفكير فيها, فإنها مفتاح الإيمان, وطريق العلم والإيقان.
    وإضافتهم إلى الكهف, الذي هو الغار في الجبل الرقيم, أي: الكتاب الذي قد رقمت فيه أسماؤهم وقصتهم, لملازمتهم له دهرا طويلا.

    " إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا "

    ثم ذكر قصتهم مجملة, وفصلها بعد ذلك فقال:" إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ " أي: الشباب.
    " إِلَى الْكَهْفِ " يريدون بذلك, التحصن والتحرز, من فتنة قومهم لهم.
    " فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً " أي تثبتنا بها وتحفظنا من الشر وتوفقنا للخير " وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا " أي: يسر لنا كل سبب موصل إلى الرشد, وأصلح لنا أمر ديننا ودنيانا.
    فجمعوا بين السعي والفرار من الفتنة, إلى محل يمكن الاستخفاء فيه, وبين تضرعهم وسؤالهم لله تيسير أمورهم, وعدم اتكالهم على أنفسهم, وعلى الخلق.
    فلذلك استجاب الله دعاءهم, وقيض لهم, ما لم يكن في حسابهم قال: " فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ " أي أنمناهم " سِنِينَ عَدَدًا " وهي: ثلثمائة سنة, وتسع سنين, وفي النوم المذكور حفظ لقلوبهم من الاضطراب والخوف, وحفظ لهم من قومهم.
    " ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا "

    " ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ " أي: من نومهم " لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا " أي: لنعلم أيهم أحصى لمقدار مدتهم, كما قال تعالى: " وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ " الآية, وفي العلم بمقدار لبثهم, ضبط للحساب, ومعرفة لكمال قدرة الله تعالى, وحكمته, ورحمته.
    فلو استمروا على نومهم, لم يحصل الاطلاع على شيء من ذلك, من قصتهم.

    " نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى "

    هذا شروع في تفصيل قصتهم, وأن الله يقصها على نبيه بالحق والصدق, الذي ما فيه شك ولا شبهة بوجه من الوجوه.
    " إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ " وهذا من جموع القلة, يدل ذلك على أنهم دون العشرة.
    " آمَنُوا " بالله وحده لا شريك له من دون قومهم.
    فشكر الله لهم إيمانهم, فزادهم هدى.
    أي: بسبب أصل اهتدائهم إلى الإيمان, زاد الله من الهدى, الذي هو العلم النافع, والعمل الصالح, كما قال تعالى:" ويزيد الله الذين اهتدوا هدى " .
    " وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا "

    " وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ " أي صبرناهم وثبتناهم, وجعلنا قلوبهم مطمئنة في تلك الحالة المزعجة, وهذا من لطفه تعالى بهم وبره, أن وفقهم للإيمان والهدى, والصبر والثبات, والطمأنينة.
    " إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " أي: الذي خلقنا ورزقنا, ودبرنا وربانا, هو خالق السماوات والأرض, المنفرد بخلق هذه المخلوقات العظيمة, لا تلك الأوثان والأصنام, التي لا تخلق ولا ترزق, ولا تملك نفعا ولا ضرا, ولأ موتا ولا حياة ولا نشورا, فاستدلوا بتوحيد الربوبية, على توحيد الإلهية, ولهذا قالوا:" لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا " أي: من سائر المخلوقات " لَقَدْ قُلْنَا إِذًا " أي: إن دعونا معه آلهة, بعد ما علمنا أنه الرب, الإله الذي لا تجوز, ولا تنبغي العبادة, إلا له " شَطَطًا " أي: ميلا عظيما عن الحق, وطريقا بعيدة عن الصواب.
    فجمعوا بين الإقرار بتوحيد الربوبية, وتوحيد الإلهية, والتزام ذلك, وبيان أنه الحق, وما سواه باطل.
    وهذا دليل على كمال معرفتهم بربهم, وزيادة الهدى من الله لهم.

    " هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا "

    لما ذكروا ما من الله به عليهم من الإيمان والهدى والتقوى, التفتوا إلى ما كان عليه قومهم, من اتخاذ الآلهة من دون الله, فمقتوهم, وبينوا أنهم ليسوا على يقين من أمرهم, بل في غاية الجهل والضلال فقالوا: " لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ " أي: بحجة وبرهان, على ما هم عليه من الباطل, ولا يستطيعون سبيلا إلى ذلك, وإنما ذلك, افتراء منهم على الله, وكذب عليه.
    وهذا أعظم الظلم, ولهذا قال : " فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا "

    " وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا "

    أي: قال بعضهم لبعض, إذ حصل لكم اعتزال قومكم في أجسامكم وأديانكم, فلم يبق إلا النجاء من شرهم والتسبب بالأسباب المفضية لذلك لأنه لا سبيل لهم إلى قتالهم, ولا إلى بقائهم بين أظهرهم, وهم على غير دينهم.
    " فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ " أي انضموا إليه واختفوا فيه" يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا " .
    وفيما تقدم, أخبر أنهم دعوه بقولهم " ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا " , فجمعوا بين التبري من حولهم وقوتهم, والالتجاء إلى الله, في صلاح أمرهم, ودعائه بذلك, وبين الثقة بالله أنه سيفعل ذلك.
    لا جرم أن الله نشر لهم من رحمته, وهيأ لهم من أمرهم مرفقا.
    فحفظ أديانهم وأبدانهم, وجعلهم من آياته على خلقه, ونشر لهم من الثناء الحسن, ما هو من رحمته بهم, ويسر لهم كل سبب, حتى المحل الذي ناموا فيه, كان على غاية ما يمكن من الصيانة, ولهذا قال: " وَتَرَى الشَّمْسَ " إلى قوله " مِنْهُمْ رُعْبًا " .

    " وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا "

    أي: حفظهم الله من الشمس, فيسر لهم غارا إذا طلعت الشمس, تميل عنه يمينا, وعند غروبها, تميل عنه شمالا, فلا ينالهم حرها فتفسد أبدانهم بها.
    " وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ " أي: من الكهف أي: مكان متسع, وذلك ليطرقهم الهواء, والنسيم, ويزول عنهم الوخم, والتأذي بالمكان الضيق, خصوصا مع طول المكث.
    وذلك من آيات الله, الدالة على قدرته ورحمته, وإجابة دعائهم وهدايتهم, حتى في هذه الأمور, ولهذا قال:" مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي " أي: لا سبيل إلى نيل الهداية, إلا من الله, فهو الهادي المرشد لمصالح الدارين.

    " وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا "

    " وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا " أي: لا تجد من يتولاه ويدبره, على ما فيه صلاحه, ولا يرشده إلى الخير والفلاح, لأن الله قد حكم عليه بالضلال, ولا راد لحكمه.
    " وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ " أي: تحسبهم أيها الناظر إليهم كأنهم أيقاظ, والحال أنهم نيام.
    قال المفسرون: وذلك لأن أعينهم منفتحة, لئلا تفسد.
    فالناظر إليهم, يحسبهم أيقاظا, وهم رقود.
    " وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ " وهذا أيضا من حفظه لأبدانهم, لأن الأرض من طبيعتها, أكل الأجسام المتصلة بها.
    فكان من قدر الله, أن قلبهم على جنوبهم, يمينا وشمالا, بقدر ما لا تفسد الأرض أجسامهم.
    والله تعالى, قادر على حفظهم من الأرض, من غير تقليب.
    ولكنه تعالى, حكيم, أراد أن تجري سنته في الكون, ويربط الأسباب بمسبباتها.
    " وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ " أي: الكلب الذي كان مع أصحاب الكهف, أصابه ما أصابهم من النوم وقت حراسته, فكان باسطا ذراعيه بالوصيد, أي: الباب أو فنائه, هذا حفظهم من الأرض.
    وأما حفظهم من الآدميين, فأخبر أنه حماهم بالرعب, الذي نشره الله عليهم.
    فلو اطلع عليهم أحد, لامتلأ قلبه رعبا, وولى منهم فرارا.
    وهذا الذي أوجب أت يبقوا كل هذه المدة الطويلة, وهم لم يعثر عليهم أحد, مع قربهم من المدينة جدا.
    والدليل على قربهم, أنهم لما استيقظوا, أرسلوا أحدهم, يشتري لهم طعاما من المدينة, وبقوا في انتظاره, فدل ذلك على شدة قربهم منها.


    " وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا "

    يقول تعالى: وكذلك بعثناهم من نومهم الطويل, ليتساءلوا بينهم, أي: ليتباحثوا للوقوف على الحقيقة, من مدة لبثهم.
    " قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ " وهذا مبني على ظن القائل.
    وكأنهم وقع عندهم اشتباه.
    في طول مدتهم, فلهذا " قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ " .
    فردوا العلم إلى المحيط علمه بكل شيء, جملة وتفصيلا.
    ولعل الله تعالى - بعد ذلك - أطلعهم على مدة لبثهم, لأنه بعثهم ليتساءلوا بينهم, وأخبر أنهم تساءلوا, وتكلموا بمبلغ ما عندهم, وصار آخر أمرهم, الاشتباه.
    فلا بد أن يكون قد أخبرهم: يقينا, علمنا ذلك من حكمته في بعثهم, وأنه لا يفعل ذلك عبثا.
    ومن رحمته بمن طلب علم الحقيقة في الأمور المطلوب علمها, وسعى لذلك ما أمكنه, فإن الله يوضح له ذلك, وبما ذكر فيما ج8عده من قوله.
    " وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا " .
    فلولا أنه حصل العلم بحالهم, لم يكونوا دليلا على ما ذكر.
    ثم إنهم لما تساءلوا بينهم, وجرى منهم ما أخبر الله به, أرسلوا أحدهم بورقهم, أي: بالدراهم, التي كانت معهم, ليشتري لهم طعاما يأكلونه, من المدينة, التي خرجوا منها, وأمروه أن يتخير من الطعام أزكاه أي: أطيبه وألذه, وأن يتلطف في ذهابه وشرائه وإيابه2C وأن يختفي في ذلك, ويخفي حال إخوانه, ولا يشعرن بهم أحدا.
    وذكروا المحذور من اطلاع غيرهم عليها, وظهورهم عليهم, أنهم بين أمرين.
    إما الرجم بالحجارة, فيقتلونهم أشنع قتلة, لحنقهم عليهم وعلى دينهم.
    وإما أن يفتنوهم عن دينهم, ويردوهم في ملتم.
    وفي هذه الحال, لا يفلحون أبدا, بل يحشرون في دينهم ودنياهم وأخراهم.
    وقد دلت هاتان الآيتان, على عدة فوائد.
    منها: الحث على العلم, وعلى المباحثة فيه, لكون الله بعثهم لأجل ذلك.
    ومنها: الأدب فيمن اشتبه عليه العلم, أن يرده إلى عالمه, وأن يقف عند حده.
    ومنها: صحة الوكالة في البيع وللشراء, وصحة الشركة في ذلك.
    ومنها: جواز أكل الطيبات, والمطاعم اللذيذة, إذا لم تخرج إلى حد الإسراف المنهي عنه لقوله" فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ " .
    وخص%وصا إذا كان الإنسان لا يلائمه إلا ذلك.
    ولعل هذا عمدة كثير من المفسرين, القائلين بأن هؤلاء, أولاد ملوك لكونهم أمروه بأزكى الأطعمة, التي جرت عادة الأغنياء الكبار بتناولها.
    ومنها: الحث على التحرز, والاستخفاء, والبعد عن مواقع الفتن في الدين, واستعمال الكتمان في ذلك على الإنسان.
    وعلى إخوانه في الدين.
    ومنها: شدة رغبة هؤلاء الفتية في الدين, وفرارهم من كل فتنة, في دينهم وتركهم أوطانهم في الله.
    ومنها: ذكر ما اشتمل عليه الشر, من المضار والمفاسد, الداعية لبغضه, وتركه.
    وأن هذه الطريقة, هي طريقة المؤمنين المتقدمين, والمتأخرين لقولهم: " وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا " .


    " وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا "

    يخبر تعالى, أنه أطلع الناس على حال أهل الكهف.
    وذلك - والله أعلم - بعدما استيقظوا, وبعثوا أحدهم, يشتري لهم طعاما, وأمروه بالاستخفاء والإخفاء.
    فأراد الله أمرا, فيه صلاح للناس, وزيادة أجر لهم, وهو أن الناس رأوا منهم آية من آيات الله, المشاهدة بالعيان, على أن وعد الله حق لا شك فيه ولا مرية ولا بعد, بعدما كانوا يتنازعون بينهم أمرهم.
    فمن مثبت للوعد والجزاء, ومن ناف لذلك.
    فجعل قصتهم, زيادة بصيرة ويقين للمؤمنين, وحجة على الجاحدين, وصار لهم أجر هذه القضية.
    وشهر الله أمرهم, ورفع قدرهم حتى عظمهم الذين اطلعوا عليهم.
    " فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا " الله أعلم بحالهم ومآلهم.
    وقال من غلب على أمرهم - وهم الذين لهم الأمر: " لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا " أي: نعبد الله تعالى فيه, ونتذكر به أحوالهم, وما جرى لهم.
    وهذة الحالة محظورة, نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم, وذم فاعليها ولا يدل ذكرها هنا, على عدم ذمها, فإن السياق في شأن أهل الكهف والثناء عليهم, وأن هؤلاء وصل بهم الحال إلى أن قالوا: ابنوا عليهم مسجدا بعد خوف أهل الكهف الشديد من قومهم, وحذرهم من الاطلاع عليهم, فوصلت الحال إلى ما ترى.
    وفي هذه القصة, دليل على أن من فر بدينه من الفتن, سلمه الله منها.
    وأن من حرص على العافية, عافاه الله.
    ومن أوى إلى الله, آواه الله, وجعله هداية لغيره.
    ومن تحمل الذل في سبيله وابتغاء مرضاته, كان آخر أمره وعاقبته, العز العظيم, من حيث لا يحتسب " وما عند الله خير للأبرار " .


    " سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا "

    يخبر تعالى, عن اختلاف أهل الكتاب, في عدة أصحاب الكهف, اختلافا, صادرا عن رجمهم بالغيب, وتقواهم بما لا يعلمون, وأنهم فيهم على ثلاثة أقوال: منهم: من يقول: ثلاثة, رابعهم كبهم, ومنهم من يقول: خمسة, سادسهم كلبهم.
    وهذان القولان, ذكر الله بعدهما أن هذا رجم منهم بالغيب فدل على بطلانهما.
    ومنهم من يقول: سبعة, وثامنهم كلبهم.
    وهذا والله أعلم هو الصواب, لأن الله أبطل الأولين, ولم يبطله فدل على صحته.
    وهذا من الاختلاف, الذي لا فائدة تحته, ولا يحصل بمعرفة عددهم, مصلحة للناس, دينية, ولا دنيوية, ولهذا قال تعالى:" قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ " وهم الذين, أصابوا الصواب وعلموا إصابتهم.
    " فَلَا تُمَارِ " تجادل وتحاج فيهم " إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا " أي: مبنيا على العلم واليقين, ويكون أيضا فيه فائدة.
    وأما المماراة المبنية على الجهل والرجم بالغيب, أو التي لا فائدة فيها.
    إما أن يكون الخصم معاندا, أو تكون المسئلة لا أهمية فيها, ولا تحصل فائدة دينية بمعرفتها, كعدد أصحاب الكهف ونحو ذلك, فإن في كثرة المناقشات فيها, والبحوث المتسلسلة, تضييعا للزمان, وتأثيرا في مودة القلوب بغير فائدة.
    " وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ " أي: في شأن أهل الكهف " مِنْهُمْ " أي: من أهل الكتاب " أَحَدًا " وذلك لأن مبنى كلامهم فيهم على الرجم بالغيب والظن, الذي لا يغني من الحق شيئا.
    ففيها دليل على المنع من استفتاء من لا يصلح للفتوى, إما لقصوره في الأمر المستفتى فيه, أو لكونه لا يبالي بما تكلم به, وليس عنده ورع يحجزه.
    وإذا نهى عن استفتاء هذا الجنس, فنهيه هو عن الفتوى, من باب أولى وأحرى.
    وفي الآية أيضا, دليل على أن الشخص, قد يكون منهيا عن استفتائه في شيء, دون آخر.
    فيستفتى فيما هو أهل له.
    بخلاف غيره, لأن الله لم ينه عن استفتائهم مطلقا, إنما نهى عن استفتائهم في قصة أصحاب الكهف, وما أشبهها.
    هذه هي قصة اصحاب الكهف بما ورد في كتاب الله تعالي واستودعكم الله على امل ان اصحابكم في قصة اخرى من قصص القران الكريم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة.
    التعديل الأخير تم بواسطة aboalwleed ; 28-2-2008 الساعة 06:31 PM

  2. #2


    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المـشـــاركــات
    27
    الــــدولــــــــة
    الامارات
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: إنهم فتية آمنوا

    يعطيك العافيه موضوع هادف ومجهودمميز

    جعله الله في موازين حسناتك ..

    وعم بنفعه الاسلام والمسلمين ..

    بنتظار جديدك القادم أن شاء الله ..

    دمت في حفظه ورعايته ..

  3. #3

    الصورة الرمزية مجاهد

    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المـشـــاركــات
    402
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: إنهم فتية آمنوا

    اخى فى الله مشكور على التشجيع

  4. #4

    الصورة الرمزية سينشي 4343

    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المـشـــاركــات
    176
    الــــدولــــــــة
    الامارات
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: إنهم فتية آمنوا

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    بارك الله فيك اخ مجاهد ، وهذا الموضوع يستحق منا أن نقرأه بتمعن ، و أسال الله أن جعل هذا العمل في موازين حسناتك

    عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من الدجال وفي رواية ـ من آخر سورة الكهف ـ ) [ رواه مسلم ]


    وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ سورة ( الكهف ) في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين ) [ صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب / 736 ]

  5. #5

    الصورة الرمزية مجاهد

    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المـشـــاركــات
    402
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: إنهم فتية آمنوا

    وعليك السلام و رحمة الله و بركاته

    أخي سينشي

    مشكور على المرور و جزاك الله خير على التعليق




    فى امان الله

  6. #6

    الصورة الرمزية arab0boy

    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المـشـــاركــات
    138
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: إنهم فتية آمنوا

    مشكووور أخوي

    الله يجزاك خير

  7. #7

    الصورة الرمزية مجاهد

    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المـشـــاركــات
    402
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: إنهم فتية آمنوا

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة arab0boy مشاهدة المشاركة
    مشكووور أخوي

    الله يجزاك خير

    الله يعطيك العافيه يا اخوى مشكور على المرور

  8. #8

    الصورة الرمزية conan-japan

    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المـشـــاركــات
    367
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: إنهم فتية آمنوا


    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


    " دائما مبدعين أعضاء MSOMS "



  9. #9

    الصورة الرمزية هيتومي

    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المـشـــاركــات
    1,304
    الــــدولــــــــة
    العراق
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: إنهم فتية آمنوا

    بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء

  10. #10

    الصورة الرمزية مجاهد

    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المـشـــاركــات
    402
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: إنهم فتية آمنوا

    جزاكم الله كل خير اااااااااااااا

    مشكورين على المرور و التشجيع

  11. #11
    براق الثنايا
    [ ضيف ]

    افتراضي رد: إنهم فتية آمنوا

    جزاك الله خيرا أخي الفاضل

    ولو تابعت .. لوجدت الحَقَّ -سبحانه- يُحِقُّ التبيان :" واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم "


    _______

    وهذة الحالة محظورة, نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم, وذم فاعليها ولا يدل ذكرها هنا, على عدم ذمها, فإن السياق في شأن أهل الكهف والثناء عليهم, وأن هؤلاء وصل بهم الحال إلى أن قالوا: ابنوا عليهم مسجدا بعد خوف أهل الكهف الشديد من قومهم, وحذرهم من الاطلاع عليهم, فوصلت الحال إلى ما ترى.
    نعم ..

    فذا رد على الصوفية وغيرهم .. هم اتخذوه حجة ، ولكنهم لم يفقهوا المعنى .

    جزاك الله خير


    ترقب الــ ـمــ ــفـــ ..ـــاجأة

  12. #12

    الصورة الرمزية مجاهد

    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المـشـــاركــات
    402
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: إنهم فتية آمنوا

    ::::حياك الله أخى براق ::::

    مشكور على الأضافة الله يعطيك العافيه

    ترقب الــ ـمــ ــفـــ ..ـــاجأة

    يالله لا تطول
    حتى ما .................. أكمل على كيفك

    و فهمت المقصود من الر............

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...