ويقول التقرير إنه بالنظر إلى الأعوام الخمسين الماضية فقد كان هناكنحو 37 حالة تم رصدها للجوء إلى العنف بشأن المياه، وقد حدثت جميع تلك الحالات، ماعدا سبع منها، في الشرق الأوسط. ومع ذلك، وعلى الجانب الآخر، نجد أنه تمت مناقشةأكثر من 200 اتفاقية حول المياه في هذه الفترة الزمنية.
أصبحت الحاجة إلى زيادة التعاون عبر الحدود الوطنية لضمان الأمنالمائي للفقراء أمرًا ملموساً اليوم أكثر من أي وقت مضى، إذ من الممكن بحلول عام 2025، أن يكون هناك أكثر من ثلاثة مليارات شخص يعيشون في بلدان تعاني من إجهادمائي. ويشدد واضعو التقرير على أن الإنذارات الزائفة بشأن اندلاع حروب وشيكة بسببالماء من شأنها فقط أن تشتت الانتباه عن التهديد الحقيقي الذي تشكله أزمة المياهالعالمية للتنمية البشرية ـ وهو تهديد يستمد جذوره من القوة والفقرواللامساواة.
ويقول كفن وتكنز، المؤلف الرئيسي للتقرير، «إن إدارة المياه المشتركةقد تكون قوة للسلام أو للنزاع، ولكن السياسة هي التي تحدد المسار الذي يتماختياره».
ويقول التقرير إن الماء هو المورد الطبيعي الذي يستعصى على القيودبامتياز: فالأنهار والبحيرات والمياه الجوفية تعبر الحدود السياسية دونما جواز سفرأو وثائق. ثمة مائة وخمسة وأربعون بلدا تشترك بما يعرف بالأحواض المائية «العابرةللحدود» ـ مجمعات الأمطار أو أحواض الصرف المائية، بما في ذلك البحيرات والمياهالجوفية الضحلة، التي تشترك فيها البلدان المتجاورة. كما أن هذا العدد في ازدياد،ويعود ذلك بصفة كبيرة إلى تفتت الاتحاد السوفييتي ويوغوسلافيا السابقين. ففي عام 1978 كان يوجد 214 حوضا مائيا دوليا؛ وحاليا يبلغ العدد 263.
الشرق الأوسط
المكان الذي يتضح فيه هذا الأمر على أشد ما يكون، هو المناطقالفلسطينية المحتلة. يبلغ عدد السكان الفلسطينيين نصف عدد سكان إسرائيل، ولكنهميستهلكون من المياه بين 10 - 15 بالمئة فقط مما يستهلكه الإسرائيليون. وفي الضفةالغربية، يستخدم المستوطنون الإسرائيليون ما يقارب تسعة أضعاف لكل فرد ما يستخدمهالفلسطينيون. في الواقع، يعاني الفلسطينيون أعلى مستويات نقص المياه في العالم.
ويساهم في خلق هذه المشكلة حجم التوفر الفعلي للمياه، إضافة إلىالسياسات. ويؤدي نقص المياه إلى إعاقة قدرة المزارعين على إنتاج الغذاء وكسب لقمةالعيش، في حين أن القواعد الحالية لتوزيع المياه تخصص استخدامًا غير متساو للأحواضالمائية المشتركة، ويعتبر أيضا توزيعا غير عادل.
ولكن ليس بالضرورة أن يكون الوضع على هذه الشاكلة. إذ يمكن للتعاونالأفضل أن يؤدي إلى حل المشكلة، كما تدل أمثلة إقليمية أخرى. فعلى سبيل المثال،وقعت إسرائيل مع الأردن عام 1994 اتفاقية سمحت للأردن باستخدام بحيرة طبرياالإسرائيلية لتخزين المياه الشتوية الجارية. كما سمحت لإسرائيل بأن تستأجر منالأردن عددا من الآبار لسحب المياه لاستخدام الأراضي الزراعية.
وكان مما لم تحسب له الاتفاقية حسابا، هو أسوأ موسم جفاف في السجلالمدون الذي حدث عام 1999، مما أدى إلى حدوث توتر على أثر تقليص كمية المياهالمرسلة إلى الأردن. ومع ذلك، ظلت الاتفاقية جارية ـ مما أظهر التزام الطرفينبالتعاون في شئون المياه. ويؤكد واضعو التقرير أنه كحال اتفاقية المياه بين إسرائيلوالأردن التي ترافقت مع اتفاقية السلام بين البلدين التي تم التوصل إليها عام 1994،فإن التسوية السياسية النهائية بين إسرائيل والمناطق الفلسطينية المحتلة سوف تتطلبأن تتضمن ميثاقا حول مصادر المياه المشتركة بينهما.
ويشكل نقص المياه مشكلة حادة في جميع أرجاء الشرق الأوسط. ويشيرالتقرير إلى أن إيران والعراق هما الدولتان الوحيدتان في المنطقة اللتان تقعان فوقعتبة الإجهاد المائي، وأن 90 بالمئة من سكان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سوف يعيشونفي بلدان تعاني نقص المياه بحلول عام 2025. ولكن هذه المنطقة الجافة ليست وحيدة فيحاجتها إلى إيجاد حلول مناسبة لمشاكل الإجهاد المائي.
ويقول تقرير التنمية البشرية للعام 2006، إن أحد أشد أوجه التفاوت فيخدمات المياه والصرف الصحي هو بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية، وخصوصا لأنمستوى الدخل ينزع أن يكون أقل في المناطق الريفية، ولكن أيضا لأن خدمات الإمدادبالمياه أصعب في الريف، وعادة ما تكون أكثر كلفة قياسا مع عدد السكان لأن سكانالريف عادة ما يكونون منتشرين على مساحة أكبر مقارنة مع سكان المناطق الحضرية. وكذلك تلعب العوامل السياسية دورا في هذا الأمر، إذ إن سكان المناطق الريفية - وخصوصا المناطق الهامشية - عادة ما يكون لهم صوت أضعف بكثير قياسا بأقرانهم فيالمناطق الحضرية.
ماذا يُنفق على المياه حاليا ؟
تعاني خدمات المياه والصرف الصحي من نقص مزمن في التمويل. وعادة مايكون الإنفاق العام أقل من 5.0 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وتظهر الأبحاثالتي أوردها تقرير التنمية البشرية للعام 2006 أن هذا الرقم يتضاءل بسبب الإنفاقالكبير في المجال العسكري: ففي أثيوبيا على سبيل المثال، تبلغ الميزانية العسكرية 10 أضعاف ميزانية المياه والصرف الصحي ـ وفي باكستان، 47 ضعفا.
وناشد واضعو التقرير جميع الحكومات أن تعمل على تجهيز خطط وطنيةلتسريع التقدم في توفير المياه والصرف الصحي، بحيث تتضمن أهدافا طموحة تستند إلىتمويل يصل إلى واحد في المائة على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي، واستراتيجياتواضحة للتغلب على جوانب عدم المساواة.
ويقول التقرير إن خدمات المياه والصرف الصحي لا تعتبر ضمن أولوياتالدول المانحة، إذ لا ينفق على هذا القطاع سوى خمسة في المائة من المساعداتالتنموية عبر البحار. ويقول واضعو التقرير إنه من الضروري مضاعفة تدفق المساعدات ـبإضافة ما بين 3.4 مليار إلى 4 مليارات دولار أمريكي سنويا كي تكون هناك فرصةلتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي.
ويخلص إلى أن إحراز التقدم في مجال المياه والصرف الصحي يتطلباستثمارًا أوليًا كبيرًا وفترة طويلة جدا لاسترداد العوائد، ولهذا فإنالاستراتيجيات التمويلية المبتكرة، مثل مرفق التمويل الدولي هي أمر حاسم للنجاح. وستكون هذه الأموال قد أنفقت إنفاقا حسنا، وذلك وفقا لواضعي التقرير الذين يقدرونأن العوائد الاقتصادية المتأتية عن الوقت الذي يتم توفيره، وزيادة الإنتاجية،وتقليص التكاليف الصحية تبلغ ثمانية دولارات لكل دولار يتم استثماره لتحقيق الأهدافالخاصة بتوفير المياه والصرف الصحي.
وفي الختام
لا حول ولا قوة إلا بالله العالي العظيم
المصدر : مجلة العربي
تحياتي >_<
أخوكم JUMPER
المفضلات