لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق
عن على رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث جيشاً و أمر عليهم رجلاً فأوقد ناراً و قال : أدخلوها فأراد ناس أن يدخلوها و قال الاخرون : إنا قد فررنا منها فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال للذين أرادوا أن يدخلوها : ( لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة ) و قال للاخرين قولاً حسناً و قال ( لا طاعة لبشر فى معصية الله إنما الطاعة فى المعروف ) رواه البخارى
قال ابن القيم : إن من أسباب استقامة القلب أن تكون محبة الله تعالى تتقدم عنده على جميع المحاب فإن تعارض حب الله تعالى و حب غيره سبق حب الله تعالى حب ما سواه .
قال السفارينى : ذكر بعض الشافعية أن حق العالم أكثر من حق الوالد لأنه سبب لتحصيل الحياة الأبدية و الأب سبب لحصول الحياة الفانية فعلى هذا تجب طاعته و تحرم مخالفته.
وورد إلى دار الإفتاء بالسعودية سؤال ملخصه : هل يجوز طاعة والدى فى حلق لحيتى؟ و الجواب ملخصه : استمر فى إعفاء لحيتك طاعة لله و إرضاء له و لو غضب المخلوق. ( فتوى رقم 6106 بتاريخ 8/ 10 /1403 هــــ )
حكم المستهزىء بإعفاء اللحية
الإستهزاء بالمسلم لأجل إسلامه كفر لأنه فى الحقيقة استهزاء بالإسلام و طعن فى شرع الله مثل قول مجرمى زماننا هذا عن المؤمنين ( إنهم معقدون رجعيون – متزمتون – متطرفون – نسوا حياتهم و ضيعوا شبابهم ) و مثل الاستهزاء بإعفاء اللحية أو الصلاة أو الحجاب الشرعى للمرأة أو المسجد أو الكعبة أو الرسول أو المصحف.
و مثل : الإستهزاء بالمسلم لتمسكه بشعيرة من شعائر الإسلام أو لعمله عملاً من أعمال الإيمان لقوله تعالى ( يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما فى قلوبهم قل استهزؤوا إن الله مخرج ما تحذرون . و لئن سألتهم ليقولنّ إنما كنا نخوض و نلعب قل أبالله و ءاياته و رسوله كنتم تستهزؤون . لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعفُ عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ) التوبة
و قال تعالى ( إن الذين أجرموا كانوا من الذين امنوا يضحكون . و إذا مرّوا بهم يتغامزون . و إذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين. و إذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون . و ما أرسلوا عليهم حافظين . فاليوم الذين امنوا من الكفار يضحكون . على الأرائك ينظرون . هل ثُوب الكفار ما كانوا يفعلون ) المطففين
و قال عز و جل ( زُين للذين كفروا الحياة الدنيا و يسخرون من الذين ءامنوا ) البقرة
قال الشيخ أبو الفيض أحمد بن الصديق : و من حيث السخرية من أهل اللحى كفر و ارتداد عن الدين لأنه ازدراء رجع إلى الشرية الامرة بإعفاء اللحية و لمخالفة الكفار فى حلقها إذ الملتحون متمسكون بدينهم و أوامر نبيهم صلى الله عليه و سلم فالمزدرى بهم كفر باتفاق أهل الإسلام
قال الشيخ التهانوى : من أصر على حلق اللحية و استحسنه و ظن أن إعفاء اللحية عار و مذلة و سخر بأصحاب اللحى أو استهزأ بهم لا يمكن أن يكون إيمانه سالماً بل يجب عليه قطعاً أن يتوب إلى الله و يجدد الإيمان و النكاح و عليه أن يحب صورة نبيه عليه الصلاة و السلام و يختارها لنفسه و لجميع المسلمين.
قال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق : الاستهزاء بإعفاء اللحية أو الصلاة أو الحجاب الشرعى للمرأة أو المسجد أو الكعبة أو الرسول هو كفر بالله تبارك و تعالى .
كيفية حف الشارب
1- عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من لم يأخذ من شاربه فليس منا )تحفة الأحوذى ( 2761) النسائى (1/ 15 ) جيد مشكاة ( 4438 )
2- عن أبى أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( وفروا عثانينكم و قصوا سبالكم و خالفوا أهل الكتاب ) رواه أحمد
و عثاثينكم : لحاكم – سبالكم : شواربكم
فما يفعله البعض من إعفاء الشوارب و تركها حتى تغطى الشفة أمر منكر ليس من سنن الأنبياء بل هو من فعل المجوس و الكفار.
و الحلق أفضل عند : أبى حنيفة و محمد الطحاوى و أبى يوسف و زفر و ابن حزم
و القص أفضل عند : مالك و الشافعية و الحنابلة و القرطبى و ابن حجر و النووى و الألبانى
و قال بالتخيير بين القص و الحلق : أحمد و ابن قدامة و الطبرى و محمود خطاب السبكى
اللحية و الطب
ذكر بعض الأطباء فوائد لإعفاء اللحية هى :
1- إمرار الة الحلق على الذقن و الخدين يضر البصر و أما صاحب اللحية فبصره محفوظ من الضعف.
2- اللحية تمنع الجراثيم الضارة من الوصول إلى ظاهر الحلق و الصدر.
3- تحمى لثة الأسنان من العوارض الطبيعية.
4- إن الشعر تجرى فيه إفرازات دهنية من الجسد يلين بها الجلد و يبقى نضراً فيه حيوية.
فتاوى
1- أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية على السؤال المقدم فى إمامة الحليق للصلاة بتاريخ 24 / 6 / 1397 هــ و خلاصته : حلق اللحية حرام و الإصرار على حلقها من الكبائر فيجب نصح حالقها و الإنكار عليه و يتأكد ذلك إذا كان فى مركز قيادى دينى و على هذا إذا كان إماماً لمسجد و لم ينتصح وجب عزله إن تيسر ذلك و لم تحدث فتنة و إلا وجبت الصلاة وراء غيره من أهل الصلاح على من تيسر له ذلك زجراً له و إنكاراً عليه إن لم يترتب على ذلك فتنة و إن لم يتيسر الصلاة وراء غيره شرعت الصلاة وراءه تحقيقاً لمصلة الجماعة و إن خيف من الصلاة وراء غيره حدوث فتنة صلى وراءه درءاً للفتة و ارتكاباً لأخف الضررين.
2- أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية على السؤال المقدم فى حكم مهنة حلق اللحية بتاريخ 3 / 4 / 1400 هــ و خلاصته : يحرم على المسلم أن يحلق لحيته للأدلة الصحيحة على تحريم حلقها و يحرم على غيره أن يحلقها له لما فى ذلك من التعاون على الإثم و قد نهى الله عن ذلك بقوله : ( و لا تعاونوا على الإثم و العدوان ) المائدة
3- فتوى الشيخ محمد متولى الشعراوى بجريدة الحقيقة قال : اللحية فرض و الرسول صلى الله عليه و سلم أمرنا بذلك و قال : و أقول لبعض الناس ألا يتسرعوا و يقولوا : إن اللحية ليست فرضاً فيرتكبوا إثماً و لكن فليقل إنها فرض و لا أقدر على إطلاقها فيكون عاصياً بدلاً من أن يكون كافراً بالحكم أ. هـ مختصراً
4- فتوى لشيخ الأزهر جاد الحق بتاريخ 16 / 6/ 1981 م بشأن إطلاق الأفراد المجندين للحى و خلاصة ما قال : إن الفقهاء قد اعتبروا التعدى بإتلاف شعر اللحية حتى لا ينبت جناية من الجنايات التى تستوجب المسألة إما بالدية الكاملة كما قال الأئمة : أبو حنيفة و أحمد و الثورى أو دية يقدرها الخبراء كما قال الإمامان : مالك و الشافعى و قال لما كان ذلك : كان إطلاق الأفراد المجندين للحى اتباعاً لسنة الإسلام فلا يؤاخذون على ذلك فى ذاته و لا ينبغى إجبارهم على إزالتها أو عقابهم بسبب إطلاقها إذ ( لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق )
( شبهات )
الشبهة الأولى :قالوا : كون إعفاء اللحية من خصال الفطرة يدل على عدم وجوبها بدلالة اقترانه بما هو مستحب.
الجواب : يستفاد الوجوب من أدلة أخرى و دلالة الاقتران هنا لا تقوى على معارضة أدلة الوجوب و لا يمتنع قرن الواجب بغيره كقوله تعالى ( كلوا من ثمره إذا أثمر و ءاتوا حقه يوم حصاده ) الانعام . فالأكل مباح و الإتيان واجب .
الشبهة الثانية : قالوا : نحلق اللحى تقليداً لبعض العلماء و أشراف الناس
الجواب: أمرنا أن نقلد رسول الله صلى الله عليه وس لم و لم نؤمر بتقليد العصاة و لو كانوا علماء أو كانوا من أشراف الناس.
الشبهة الثالثة : قالوا: إن إصلاح القلب و تزكيةالروح و تصفية الباطن هو الأصل فى الدين فإن صفا القلب و طهر الباطن فلا حاجة إلى إعفاء اللحية و لا التقيد بزى من الأزياء
الجواب: هذا قول فاسد يناقض بعضه بعضاً لأن القلب إذا صلح و البان إذا طهر فلا محالة حينئذ من طاعة الله و الإنقياد لأوامره و اجتناب نواهيه فلا يجتمع صفاء الباطن و هارة القلب مع الإصرار على المعصية.
و أخيراً
إلى الشباب فى كل بقاع الأرض أقول ناصحاً لهم
1- لا تسمعوا أبداً لأدعياء العلم فوالله إنهم إما منافقون و إما جهلاء لأنه ليس بعد قول رسول الله صلى الله عليه و سلم قول .
2- لا تسمعوا إلا لمن يقول الحق و يسير على منهج الحق و يتبع الرسول الحق فإنه ليس بعد الحق إلا الضلال ، لا تضعوا الموس على وجوهكم أبداً لتحلقوا لحاكم فإن حلق اللحية حرام و تغيير لخلق الله دون إذن من الشارع و تبه بالكفار و اليهود و النصارى و تشبه بالنساء ، كم شخصاً حينما يمر الموس على لحيته يقول : أعوذ بالله من هذا العمل لعل الله يتوب عبى منه لا شك أن هذا الشعور قد مات مع الزمن.
إن الفتاوى التى تصدر من بعض المنتسبين إلى العلم و التى تبيح لهم هذه المعصية لا تشفع لهم يوم القيامة و لا ينفعهم ( و لا تزر وازرة وزر أخرى ) فاطر
فيا أخا الإسلام : لا تتخذ الحليق لك قدوة مهما كان و لو كان شيخاً كبيراًَ أو دكتوراً أو واعظاً و قدوتك رسول الله صلى الله عليه و سلم و من سار على نهجه و فى الختام أحاج علماء الأزهر و الوعاظ قائلاً لهم ( بعضهم فلعل فى زمنه قد كانوا كلهم ) : كيف تخالفون قول الله عز و جل و قول رسول الله صلى الله عليه و سلم و أقوال علمائكم و سلفكم الصالح و أقول لكل شيخ أزهرى : ما مذهبك ؟ حنفى أم مالكى أم افعى أم حنبلى أم ظاهرى ؟؟ أئمة المذاهب جميعاً قالوا بتحريم حلق اللحى فما مذهبك إذاً؟؟ أذكرك بقول الله تعالى ( و إن تعجب فعجب قولهم ) الرعد
(و إن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً و إن يروا سبيل الغىّ يتخذوه سبيلاً ) الأعراف
( و كلهم اتيه يوم القيامة فرداً ) مريم
( و لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم ) البقرة
( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) النور
توبوا إلى الله و ارجعوا إليه و لا تصروا على الباطل و لا تلقوا ألسنتكم بالكلام فى هذا الأمر الذى لا يجادل فيه إلا منافق فاسق جاهل .عودوا إلى الحق و أعلنوه إن المؤمن يجب أن يجعل الاخرة دائماً أما عينيه و لا ينخدع بمظاهر الدنيا الفاتنة فإن حياتها قصيرة جداً و الكل راحل من هذه الدار إلى دار القرار و هناك وقوف بين يدى العزيز الجبار.
و أسأل الله تعالى القدير أن يتقبل عملى هذا و ان يجعله خالصاً لوجهه الكريم إنه نعم المولى و نعم المجيب.
كتبه
الراجى عفو ربه
أبو المنذر عبد الحق بن عبد اللطيف
بدلاً من أن يغطى الكتاب الغبار ، أحببت نقل محتواه إليكم فلعله ينفع أحداً فلتجعلوه إخوانى حجة لكم لا عليكم . بعد هذا الجزء سأكتب إن شاء الله الجزء الأول من الكتاب و هو " لباس المسلمين " . من استطاع منكم النشر فليفعل و جزاه الله عنى و عن المسلمين خيراً و لا يهتم أحد بذكر المصدر . و فى الختام أردد كلمات الشيخ ، جزاه الله خيراً ،الأخيره أن يجعل الله عملى هذا خالصاً لوجهه سبحانه و تعالى . ما كان من خطأ فمنى و من الشيطان و الله و رسوله منه براء ، هذا و جزاكم الله خيراً.
( الجزء الأول من الكتاب )
لباس المسلمين اليوم
تحريم الخيلاء
ارتداء الملابس للفخر و الخيلاء و الشهرة و جرها كبراً و تبختراً حرام بلا خلاف .
1- عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء ) رواه البخارى
لا ينظر الله : لا يرحمه أو لا ينظر إليه نظرة رحمة .
خيلاء : من المخيلة و البطر و الكبر و التبختر و كلها بمعنى واحد و هو حرام.
2- عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر ثوبه بطراً ) رواه البخارى
و بطراً تعنى : تكبراً أو طغياناً
3- عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : ( الإسبال فى الإزار و القميص و العمامة من جر منها شيئاً خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة )رواه أبو داود
الإسبال : فيما معناه إرخاء الثوب .
4-عن ابن عمر رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من لبس ثوب شهرة فى الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه ناراً ) رواه ابن ماجة
قال ابن رسلان : لأنه لبس الشهرة فى الدنيا ليعز به و يفتخر على غيره فيلبسه الله يوم القيامة ثوباً يشتهر به بمذلته و احتقاره بينهم عقوبة له و العقوبة من جنس العمل .
5- عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : ( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة قال أبو بكر رضى الله عنه : يا رسول الله إن أحد شقى إزارى يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال النبى صلى الله عليه و سلم : لست ممن يصنعه خيلاء ) رواه البخارى
و الإزار : هو ثوب يشد على أزر الإنسان أى وسطه.
و الشق: هو الجانب . و يسترخى : سبب استرخائه نحافة جسم أبى بكر رضى الله عنه . أتعاهد ذلك منه : يسترخى إذا غفلت عنه فأشده و أرفعه كلما استرخى . لست ممن يصنعه خيلاء : أى إنك لا تفعل ذلك عمداً .
عجباً لبعض شباب اليوم عندما تنصحه بألا يطيل ملابسه يقول ( لست ممن يصنعه خيلاء ) فليتهم تدبروا الحديث و تذكروا حديث ( ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو فى النار ) فهو يدل على تحريم الإسبال بداية أما أبو بكر فلم يسبل بداية و لكن الإزار يتدلى منه لنحافته و كلما تدلى رفعه فهل أنت فعلت مثله؟ احذر أن يلحق بك الوعيد.
قال ابن حجر فى الفتح 10/ 257 سلفية : و فى هذه الأحاديث أن إبال الإزار للخيلاء كبيرة و أما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث تحريمه أيضاً.
قال ابن حجر المكى فى الزواجر : الكبيرة التاسعة بعد المائة : طول الإزار أو الثوب أو الكم أو العذبة خيلاء.
و العذبة تعنى طرف العمامة ثم ذكر الأحاديث الواردة فى ذلك ( أى ) ( عده من الكبائر )
قال الذهبى فى أسير أعلام النبلاء: و مثل هذا فى النهى لمن فضل سراويل مغطياً لكعابه و منه طول الأكمام زائدة و تطويل العذبة يعنى طرف العمامة و كل هذا من خيلاء كما من فى النفوس و قد يعذر الواحد منهم بالجهل و العالم لا عذر له فى تركه الإنكار على الجهلة.
قال ابن المنذر : و ثوب الشهرة هو الذى إذا لبسه الإنسان اشتهر به بين الناس لمخالفة لونه لألوان ثيابهم مثلاً فيرفع الناس إليه أبصارهم . ( المنتقى لأبى البركات )
تحريم الإسبال
الإسبال : هو إرخاء الثوب و إطالته إلى أسفل الكعبين و هو حرام على الرجال . و يستحب للرجل أن يكون ذيل ثوبه إلى نصف الساق و يجوز له ما نزل إلى الكعبين ( ما أسفل من الكعبين من الإزار ففى النار )
1- عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : ( ما أسفل من الكعبين من الإزار ففى النار ) رواه البخارى
2-عن ابن عباس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : ( إن الله عز و جل لا ينظر إلى مسبل الإزار ) رواه النسائى
3- عن أبى سعيد الخضرى رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ( إزار المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بينه و بين الكعبين و ما أسفل من ذلك ففى النار و من جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه ) رواه أبو داود
4- عن ابن عمر رضى الله عنهما قال : مررت على رسول الله صلى الله عليه و سلم و فى إزارى استرخاء فقال ( يا عبد الله ارفع إزارك فرفعته ثم قال : زد فزدت فما زلت أتحراها بعد فقال بعض القوم : إلى أين ؟ فقال : أنصاف الساقين )رواه مسلم لأن ذلك أظهر لبعده عن احتمال وصول النجاسة و أطيب لبعده عن اكبر و قربه من التواضع.
5- عن أنس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : ( الإزار إلى نصف الساق فلما رأى شدة ذلك على المسلمين قال : إلى الكعبين لا خير فيما أسفل من ذلك ) رواه أحمد
فهو فى النار يتأول على وجهين :
أحدهما : أن ما دون الكعبين من قدم صاحبه فى النار عقوبة له على ما فعل .
الثانى : أن يكون معناه أن ضيعه ذلك و فعله الذى فعله فى النار على معنى أنه معدود و محسوب من أفعال أهل النار.
قال ابن عبد البر: جر القميص و غيره من الثياب مذموم بكل حال.
قال ابن العربى ( المنتقى لأبى البركات 1/ 310 ) : لا يجوز للرجل أن يجاوز ثوبه كعبه و يقول لا أجره خيلاء لأن اللفظ قد تناوله و لا يجوز لمن تناوله اللفظ أن يخالفه إذ صار حكمه أن يقول : لا أمتثله لأن تلك العلة ليست فى أنها دعوى غير مسلمة بل إطالة ذيله دالة على تكبره. أ. هـ
و قال ابن تيمية : بتحريم كل ما زاد على المعتاد فى اللباس فى الطول و السعة
و قال الحافظ فى الفتح : و فى هذه الأحاديث : أن الإسبال محرم على الرجال جائز للنساء.
قال أحمد بن عبد الرحمن البنا فى الفتح الربانى : يحرم ما كان منه أسفل من الكعبين.
قال الألبانى فى الصحيحة ( 1568 ) : يجب على المسلم ألا يطيل إزاره إلى الكعبين بل يرفعه إلى ما فوقهما و لو كان لا يقصد الخيلاء ففيه رد واضح – أى حديث ابن عمر رضى الله عنهما على بعض المشايخ الذين يطيلون ذيول جُببهم حتى تكاد أن تمس الأرض و يزعمون أنهم لا يفعلون ذلك خيلاء! فهل تركوه إتباعاً لأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك لابن عمر أم هم أصفى قلباً من ابن عمر ؟!
قال عبد العزيز بن باز : و الإسبال من جملة المعاصى الى يجب تركها و الحذر منها و الواجب على المسلم أن يحذر ما حرم الله من الإسبال و غيره من المعاصى ( الدعوة 913 ) التى هى كالأخراج فهى سرف منهى عنه و يتناول أى ملابس يفتخر بها لابسها مثل : العباءة و البالطو و غيرهما مما يفتخر به و يتميز بها عن غيره و هذا القول هو قول أهل العلم الذين طهروا أنفسهم من النفاق و الرياء و الفخر و السمعة أما الملابس التى لا يفتخر بها و التى لم تكن أسفل الكعبين و ليس فيها إسراف و ليس فيها تشبه بالكافرين أو محرمة ( كالحرير ) فلا بأس بارتدائها فهى مباحة لأن الأصل فى الأشياء الإباحة.
حكم صلاة المسبل
1- عن ابن مسعود رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ( من أسبل إزاره فى صلاته خيلاء فليس من الله فى حل و لا حرام ) رواه أبو داود
أى لا ينفع للحلال و لا للحرام فهو ساقط من الأعين و لا يلفت إليه و لا عبرة به و لا بأفعاله.
و قيل : ليس فى حل من الذنوب بمعنى إنه لا يغفر له و لا فى احترام عند الله و حفظ منه ، بمعنى إنه لا يحفظ من سوء الأعمال
قال النووى فى المجموع : معناه برىء من الله و فارق دينه
قال المناوى فى فيض القدير : لا يؤمن بحلال الله و حرامه .
فالحديث يدل على تحريم إرخاء الإزار فى الصلاة إذا كان يقصد الخيلاء.
2- عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال (لا ينظر الله إلى صلاة رجل يجر إزاره بطراً ) رواه ابن خزيمة و عند البخارى بدون كلمة ( صلاة )
3- عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : ( بينما رجل يصلى مسبلا إزاره إذ قال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذهب فتوضأ ثم جاء ثم قال : إذهب فتوضأ فذهب فتوضأ ثم جاء فقال له رجل يا رسول الله : مالك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه ، فقال : غنه كان يصلى و هو مسبل إزاره ، و إن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره ) رواه أبو داود و أحمد
صححه: النووى فى رياض الصالحين و الذهبى فى الكبائر و الهيثمى فى المجمع و أحمد شاكر فى المحلى
قال ابن القيم فى تهذيب سنن أبى داود: ووجه هذا فى الحديث – و الله أعلم – أن إسبال الإزار معصية و كل من واقع فى معصية فإنه يؤمر بالوضوء فإن الوضوء يطفىء حريق المعصية.
قال السبكى فى المنهل العذب المودودى : و فى الحديث دلالة على عدم قبول صلاة مسبل الإزار.
قال أحمد شاكر فى التعليق على المحلى : ثم إن المؤلف ترك حديثاً يكون دليلاً قوياً على بلان صلاة المسبل خيلاء- ثم ذكر الحديث
4- عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم : نهى عن السدل فى الصلاة . رواه أبو داود
قال الخطابى : السدل إرسال الثوب حتى يصيب الأرض.
قال الجوهرى : سدل ثوبه : أرخاه
قال أبو عبيدة فى غريبة : السدل إسبال الرجل ثوبه.
حكم لبس البنطلون
السراويل التى كان العرب يلبسونها كانت واسعة جداً و كان عليها رداء يغطى العورة أما البنلون فهو يحجم العورة و لا يجوز إلا و عليه قميص يغطى العورة.
1- عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضى الله عنهما قال : نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يصلى فى لحاف لا يتوح به و الاخر أن يصلى فى سراويل و ليس عليه رداء. رواه أبو داود
لحاف: هو ما يتغطى به . و يتوشح : التوح : أن يأخذ الإنسان طرف ثوب ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى و طرفه الذى ألقاه على الأيسر من تحت يده اليمنى ثم يعقدها على صدره.
قال ابن القيم فى زاد المعاد : و قد روى فى غير حديث أنه لبس السراويل و كانوا يلبسون السراويلات بإذنه.
قال الحافظ فى الفتح : و عن أشهب فيمن اقتصر على الصلاة فى السراويل مع القدرة : يعيد فى الوقت إلا إن كان ضعيفاً . قلت : هذا عن سراويلهم الواسعة جداً فما القول فى سراويلنا الضيقة جداً.
قال عبد الله بن جبرين : فإذا ركع ( اى لابس السروال ) تقلصت الجبة ( القميص ) و انحسرت السراويل فخرج بعض الظهر و بعض العجز مما هو عورة بحيث يراه من خلفه و خرج بعض العورة يبطل الصلاة.
قال أبو بكر الجزائرى فى كتاب التدخين : مخلفات اثار الإستعمار : و ذكر : لبس البنطلون الضيق ليس فوقه شىء و حسر الرأس......
قال الألبانى فى تسجيلاته مع أبى إسحاق الحوينى عام 1407 هـــ باختصار و البنطلون فيه مصيبتان:-
المصيبة الأولى : هى أن لابسه يتشبه بالكفار ، و المسلمون كانوا يلبسون السراويل الواسعة الفضفاضة ، ما عرف المسلمون البنطلون إلا حينما استعمروا ثم لما انسحب المستعمرون تركوا اثارهم السيئة و تبناها المسلمون بغباوتهم و جهالتهم.
و المصيبة الثانية : هى أن البنطلون يحجم العورة و عورة الرجل من الركبة إلى السرة و المصلى يفترض عليه أن يكون أبعد ما يكون عن أن يعصى الله و هو له ساجد فترى إليتيه مجسمتين بل و ترى ما بينهما مجسماً . فكيف يصلى الإنسان و يقف بين يدى رب العالمين . ثم قال : فالبنطلون حرام لأنه تشبه بالكفار و لأنه يحجم العورة الكبرى . أ. هـ قلت : و يضاف إلى هاتين المصيبتين مصيبتاهما الأولى : طول البنطلون الذى يصل غالباً إلى الأرض و هو من الإسبال المنهى عنه.
الثانية : هى انحسار القميص أحياناً عن البنطلون فتظهر العورة المغلظة و ظهورها يبطل الصلاة لأن ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة.
فعلى الاباء أن يعودوا أطفالهم على لبس القمصان حتى لا يعتادوا زى الكفار من صغرهم . فتنبه أخى المسلم و لا تكن من الغافلين.
تحريم التشبه بالكافرين
يحرم تشبه المسلمين بالكفار فى الملبس و الهيئة و المظهر و غير ذلك مما يختص به الكفار.
1- عن ابن عمر رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من تشبه بقوم فهو منهم ) رواه أبو داود
قال ابن تيمية فى اقتضاء الصراط المستقيم عون المعبود : و أقل أحواله أنه يقتضى تحريم التشبه بهم و إن كان ظاهره يقتضى كفر المتشبه بهم.
قال المناوى فى فيض القدير : أى تزى فى ظاهره بزيهم و سار بسيرتهم و هديهم فى ملبسهم و بعض أفعالهم.
قال الصنعانى فى سبل السلام : و الحديث دال على أن من تشبه بالفساق كان منهم أو بالكفار أو بالمبتدعة فى أى شىء مما يختصون به من ملبوس أو مركوب أو هيئة قالوا: فإذا تشبه بالكافر فى زى و اعتقد أن يكون بذلك مثله كفر فإن لم يعتقد ففيه خلاف بين الفقهاء ، منهم من قال : يكفر و هو ظاهر الحديث و منهم من قال : لا يكفر و لكن يؤدب. أ. هـ
قال المودودى فى كتابه اللباس : تشبه أفراد أمة بأفراد من أمة أخرى دليل على ضعف السلوك الفردى و إن هذا النوع من التشبه فعلة شنيعة مثلها كمثل رجل ينسب نفسه إلى غير أبيه ، كان الصحابة و خاصة عمر و علياً منهم رضوان الله عليهم أجمعين قد وبخوا الأفراد الذين تركوا لباس العرب بعد استيطانهم البلاد المفتوحة و اختاروا لباس الروم و الفرس افتتاناً بمدينتهم فإن كل من يعيش متشبهاً بقوم كافرين فلابد أن يحسبه المسلمون رجلاً من الكفار أنفسهم و لا يعاملونه إلا بما يعاملون به الكفار أو الكافرين . أ.هـ مختصراً
2- عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم : رأى عليه ثوبين معصفرين فقال ( إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ) رواه مسلم.
و فى رواية قال له ( أأمك أمرتك بهذا ؟ قلت : أغسلها ؟ قال : بل احرقها )
أأمك أمرتك بهذا : معناه أن هذا من لباس النساء و زيهن و الأمر بإحراقها عقوبة و تغليظ لزجره و زجر غيره عن مثل هذا الفعل. معصفرين : مصبوغين بالعصفر و العصفر: صبغ أصفر اللون.
قال الحافظ ابن كثير : و لهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم فى شىء من الأمور الأصلية و الفرعية و قال : نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين فى مقالهم و فعالهم.
قال أحمد شاكر فى المسند: و هذا الحديث يدل بالنص الصريح على حرمة التشبه بالكفار فى الملبس و فى الهيئة و فى المظهر و لم يختلف أهل العلم منذ الصدر الأول فى هذا أعنى فى تحريم التشبه بالكفار.
قال الألبانى فى السلسلة الصحيحة : و فى الحديث دليل على أنه لا يجوز للمسلمين رجالاً أو نساءً التشبه بالكفارسواء فى عباداتهم أو أزيائهم الخاصة بهم و هذه قاعدة عظيمة فى الشريعة الإسلامية خرج منها اليوم مع الأسف – كثير من المسلمين حتى الذين يعنون بأمور الدين و الدعوة إليه جهلاً بدينهم أو تبعاً لأهوائهم أو انحرافاً مع عادات العصر الحاضر و تقاليد أوروبا الكافرة حتى كان ذلك من أسباب ذل المسلمين و ضعفهم و سيطرة الأجانب عليهم و استعمارهم ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) لو كانوا يعلمون . أ. هـ
3- عن أبى عثمان قال : جاءنا كتاب عمر و نحن بأذربيجان : يا عتبة بن فرقد و إياكم و التنعم و زى أهل الشرك و لبوس الحرير . رواه فى مسنده
و هذ الحديث يدل دلالة واضحة على النهى عن التشبه بالكافرين فى لباسهم .
قال السبكى فى الدين الخالص : و يحرم التشبه بأهل الكتاب فى اللباس الخاص بهم.
و أخيراً
عليك أخى المسلم بلباس رسول الله صلى الله عليه و سلم و صحابته و التابعين و من تبعهم من أهل القرون المشهود لها بالخير فلا تتشبه بالكفار فى شىء من لباسهم سواء أكانوا من الروم أو من العجم و لا تتشبه بالنساء فى ملابسهن و هيئتهن و احذر الملابس التى عليها صور للادميين و الحيوانات و الحرات و احذر لبس دبلة الخطوبة سواء أكانت من ذهب أو من فضة فإن هذا تشبه بالنصارى و غط رأسك و لا تكن حاسر الرأس فإن حسر الرأس من عادات أهل الكتاب فلا تتشبه بهم
عن أم سلمة رضى الله عنها قالت ( كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم القميص ) رواه الترمذى
القميص : ثوب مخيط بكمين يستر الأعضاء أكثر من الإزار و الرداء و هو ما نسميه اليوم ( بالجلابية ) فهو ثوب واسع يعم جميع البدن من العنق إلى الكعبين أو أنصاف الساقين.
قال ابن القيم فى زاد المعاد : و أما هذه الاكمام الواسعة الطوال التى هى كالإخراج فلم يلبسها هو و لا أحد من أصحابه البتة و هى مخالفة لسنته و فى جوازها نظر فإنها من جنس الخيلاء و هى ممنوعة.
قال العز بن عبد السلام : و إفراط سعة الثياب و الأكمام بدعة و سرف.
قال الوكانى فى نيل الأوطار : و قد صار أشهر الناس بمخالفة هذه السنة فى زماننا هذا العلماء. أ. هــ
و لا تتشبه أخى المسلم بالنساء
عن ابن عباس رضى الله عنه قال : ( لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال ) رواه البخارى
و احذر الصور التى تعلق على الجدران أو التى توضع فيما يسمى بالألبوم أو الذكرى فالتصوير لا يجوز إلا لضرورة كإثبات الشخصية.
عن ابن مسعود رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون ) رواه مسلم
فيا أيها المؤمنون بالله و رسوله إن الشيطان يستدرجكم لتتشبهوا بأعدائكم و تقلدوهم فى لباسهم و هيئتهم و أقوالهم و أفعالهم و عاداتهم قائلاً لكم : هذه هى الحضارة و المدنية فاخلعوا الرجعية و التخلف و تشبهوا بأهل العصر أهل الرقى و التمدن هذا هو قوله فهل تطيعونه؟ لا تطيعونه و أطيعوا ربكم و أطيعوا رسولكم صلى الله عليه و سلم ( و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )الأحزاب
( و من يعص الله و رسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً ) الجن
و أسأل الله تعالى القدير أن يتقبل عملى هذا و ان يجعله خالصاً لوجهه الكريم إنه نعم المولى و نعم المجيب.
تم الإنتهاء بعون الله من كتاب
لباس المسلمين اليوم
كتبه
أبى المنذر عبد الحق عبد اللطيف
تقريظ
فضيلة الشيخ / محمود المصرى – أبو عمار
و الله لا يستحى من الحق. ما كان من خطأ فمنى و من الشيطان و الله و رسوله منه براء، هذا و الله أعلم .
المفضلات