بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على قائد الغر المحجليِّن نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

من حالات التناقض التي نراها في عصرنا الحالي التناقض في محبّة النبي صلى الله عليه وسلم! فكثير يزعمون حب النبي صلى الله عليه وسلم وقليل من يقتصدون الطريق الحق في محبته, وتلك المحبة تكون بإتباع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم واجتناب ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم والإقتداء بأثر سلفه الصالح والإمساك على سنته وسنة خلفاؤه كما جاء في الترمذي ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فكل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالة في النار).

ومن التناقضات التي نشاهدها في الفضائيات اليوم قضية التضارب التي يخوضها أهل الغناء بين التوفيق في حب الحبيبة وحب النبي صلى الله عليه وسلم! ولا لعمري لا يجتمع حب نبينا مع حب امرأة ليست بحلال لرجل يزعم حبَّها إلا أن يريد بها خيرا ً؛ أما أن يتكلم أهل الغناء عن الحب المحرّم والفُحش والبذاءة وإطلاق النظر والتصرّف في الجسد ثم يتكلمون في حب رسولنا صلى الله عليه وسلم فهذان نقيضان ورب الكعبة لا يجتمعان !
يا أيها اللاهي بزعمـك اتعظ *** وخذ من (كودو) خير بيانِ
حب النبي وحب أهل الشهوةِ *** في قلب عبدٍ واحد لا يجتمـعانِ

ومن تلك الحالات الطريفة أن ترى أحد هؤلاء "المغنيين" يغني ويقول " يا ليلي يا عيني يا حبيبي يا عمري يا ليل" ثم وبقدرة قادر ! وسبحان الذي فلق الحب والنوى ورفع السماء بلا عمد تجده في قناة أخرى أو نفس القناة إن شئت يقول " يا حبيبي يا رسول الله أنا عايز شفاعتك أنا عايز قبولك أنا بحبك يا حبيب الله" !!

والآن وقفة؛ هل حب النبي صلى الله عليه وسلم مجرد "كلام" أم هو إعتقاد وفعل وتطبيق ؟ بالتأكيد إن دليل المحبة هو التقليد وبالتالي تجد كثير من شباب الأمة المفتونيين يقومون بتقليد أعمى وغير أعمى لأهل الأهواء من الغرب الصليبي وتجدهم يقلدونهم في لباسهم وهيئاتهم وطريقة أكلهم وشربهم ويسمونه "إتيكيت" ! ثم يزعمون حب النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقتدون به في شئ ولا يقلدونه بل وأحيانا ً يحاربون سنته وهي "اللحية" فعجبي على مثل هذا من حب !!

إن الحب الحقيقي للنبي صلى الله عليه وسلم يتجلى في إتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يعني إتباعه في طريقة أكله وشربه ولبسه والدعاء بالأدعية المأثورة عند دخول الحمام والخروج منه وعند ركوب السيارة وغيرها ولا يكون بمجرد الـ"دروشة" واللهو واللعب وإدعاء المحبة من غير إتباع !

تزعم حب النبي وتعصه *** ذلك صعب في القياس بديعُ
إذا أحببت لأطـعـتـه *** إن المحبَّ لمن يُحبُ مطيبعُ

ولا يدخل هؤلاء في مفهوم ( آخرون خلطوا عملاً سيئا ً بآخر طيب ) لإن المقصود بهؤلاء هم الذي "لا يصرَّون" على ما يفعلون ! وليس من يفعلوه بشكل إدماني وبشكل تبريري كأهل الفن والغناء.

أخيرا ً أقول إن محبة نبينا صلى الله عليه وآله تكون بإتباع ما جاء به النبي وترك ما نهى عنه وهذا يكفينا عن الغناء والدروشة والموالد وغير هذه الأساطير التي يزعم أصحابها أنهم يحبون النبي؛ والذي يحب النبي لا يجمع في قلبه بين حبّه وحب أفعال يكرهها نبينا صلى الله عليه وسلم كالغناء الغزلي والتفسّخ والعري وغيرها من الأفعال الشنيعة.

اللهم إجعلنا من الذين يحبون نبيك محمد صلى الله عليه وسلم حب صحيح بإتباع لا إبتداع واحشرنا اللهم معه حبيبنا محمّد وأسقنا من يده الشريفة شربةً هنيئةً مريئة ً لا نظمأ بعدها أبدا ً.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم