نحن والمزاح

[ منتدى نور على نور ]


النتائج 1 إلى 14 من 14

الموضوع: نحن والمزاح

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    الصورة الرمزية mezo007

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    104
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Post نحن والمزاح

    عبدالملك القاسم
    دارالقاسم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين،
    وبعد....

    فإن الإنسان مدني بطبعة، ومع اتساع المدن وكثرة الفراغ لدى بعض الناس، وانتشارأماكن التجمعات العامة كالمنتزهات والإستراحات، وكثرة الرحلات البرية، والإتصالات الهاتفية، واللقاءات المدرسية، والتجمعات الشبابية، توسع كثير من الناس في المزاحمع بعضهم البعض، دون ضابط لهذا الأمر الذي قد يؤدي إلى المهالك، ويورث العداوة والبغضاء.
    والمراد بالمزاح: الملاطفة والمؤانسة، وتطييب الخواطر، وإدخال السرور. وقد كانهذا من هدي النبي{ صلي الله عليه و سلم }كماذكر ذلك البخاري في باب الانبساط إلى الناس مستدلاً بحديث:{يا أبا عمير ما فعل النغير}.
    وكذلك ما رواه أبو داود عن أنسأن رجلاً أتى النبي فقال: يا رسول الله احملني. فقال النبي}: { صلي الله عليه و سلم }إناحاملوك على ولد الناقة {قال وما أصنع بولد الناقة؟ فقال النبي}: { صلي الله عليه و سلم {وهل تلد الإبل إلا النوق}.
    وعن أنسأن النبي { صلي الله عليه و سلم }قال له:{يا ذا الأذنين يمازحه } رواه الترمذي.
    ولا شك أن التبسط لطرد السأم والملل، وتطييب المجالس بالمزاح الخفيف فيه خيركثير
    قال ابن تيمية رحمه الله: ( فأما من استعان بالمباح الجميل على الحق فهذا منالأعمال الصالحة )، وقد اعتبر بعض الفقهاء المزاح من المروءة وحسن الصحبة، ولاشك أن لذلك ضوابط منها:


    1-ألا يكون فيه شيء من الإستهزاء بالدين:
    فإن ذلك من نواقض الإسلام قال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّإِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}التوبة:66،65
    قال ابن تيمية رحمه الله: ( الإستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه ).
    وكذلك الإستهزاء ببعض السنن، ومما انتشر كالإستهزاء باللحية أو الحجاب، أوبتقصير الثوب أو غيرها.
    قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمة الله في المجموع الثمين [1/ 63]: ( فجانب الربوبية والرسالة والوحي والدين جانب محترم لا يجوز لأحد أن يعبث فيه لا بإستهزاء،ولا بإضحاك، ولا بسخرية، فإن فعل فإنه كافر، لأنه يدل على استهانته بالله عز وجلو رسله و كتبه وشرعه، وعلى من فعل هذا أن يتوب إلى الله عز وجل مما صنع، لأن هذا منالنفاق، فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفر ويصلح عمله ويجعل في قلبه خشية الله عز وجلو تعظيمه وخوفه ومحبته، والله ولي التوفيق ).

    2-ألا يكون المزاح إلا صدقاً:
    قال صلى الله عليه وسلم : {ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له }رواه أبو داود .
    وقال محذراً من هذاالمسلك الخطير الذي اعتاده بعض المهرجين:{إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليضحك بها جلساءه يهوي بها في النار أبعد من الثريا } [رواه أحمد].

    3-عدم الترويع:
    خاصة ممن لديهم نشاط وقوة أو بأيديهم سلاح أو قطعة حديد، أو يستغلون الظلام وضعف بعض الناس ليكون ذلك مدعاة إلى الترويع والتخويف
    عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمدأنهم كانوايسيرون مع النبيصلي الله عليه و سلم ، فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع، فقال{ صلي الله عليه و سلم } :{لايحل لمسلم أن يروع مسلما} .رواه أبو داود .

    4-الإستهزاء والغمز و اللمز:
    الناس مراتب في مداركهم وعقولهم وتتفاوت شخصياتهم، وبعض ضعاف النفوس - أهل الإستهزاء والغمز واللمز - قد يجدون شخصاً يكون لهم سلماً للإضحاك والتندر والعياذبالله وقد نهى الله عز وجل عن ذلك فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَايَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءمِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْوَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ}{الحجرات:11]
    قال ابن كثير في تفسيره: ( المراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم والإستهزاء بهم، وهذا حرام، ويعد من صفات المنافقين ).
    والبعض يستهزىء بالخلقة أو بالمشية أو المركب ويخشى على المستهزىء أن يجازيهالله عز وجل بسبب استهزائه قال }: لا تظهر الشماتة بأخيك، فيرحمه اللهويبتليك] {رواه الترمذي[.
    وحذرمن السخريةوالإيذاء؛ لأن ذلك طريق العداوة والبغضاء قال { صليالله عليه و سلم } }: المسلم أخو المسلم لايظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب إمرىءمن الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام؟ دمه، وماله، وعرضه}[رواه مسلم [.

    5-أن لا يكون المزاح كثيراً:
    فإن البعض يغلب عليهم هذا الأمر ويصبح ديدناً لهم، وهذا عكس الجد الذي هو منسمات المؤمنين، والمزاح فسحة ورخصة لاستمرار الجد والنشاط والترويح عن النفس.
    قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ( اتقوا المزاح، فإنه حمقة تورث الضغينة ).
    قال الإمام النووي رحمه الله: ( المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداومعليه، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب، ويشغل عن ذكر الله تعالى: ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء، ويورث الأحقاد، ويسقط المهابة والوقار، فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله{ صلي الله عليه و سلم }يفعله . )

    6-معرفة مقدار الناس:
    فإن البعض يمزح مع الكل بدون اعتبار، فللعالم حق، وللكبير تقديره، وللشيخ توقيره، ولهذا يجب معرفة شخصية المقابل فلا يمازح السفيه ولا الأحمق ولا من لايعرف.
    وفي هذا الموضوع:
    قال عمر بن عبد العزيز: ( اتقو المزاح، فإنه يذهب المروءة ).
    وقال سعد بن أبي وقاص: ( اقتصر في مزاحك، فإن الإفراط فيه يذهب البهاء، ويجرىءعليك السفهاء ).

    7-أن يكون المزاح بمقدار الملح للطعام:
    قال:{ لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب}{صحيح الجامع:7312.]
    وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به،ومن أكثر من شيء عرف به (.

    فإياك إياك المزاح فإنه *** يجرىء عليك الطفل والدنس النذلا


    ويذهب ماء الوجه بعد بهاءه *** ويورثه من بعد عزته ذلا

    8- ألا يكون فيه غيبة:
    وهذا مرض خبيث، ويزين لدى البعض إنه يحكى ويقال بطريقة المزاح، وإلا فهو داخل فيحديث النبي: {ذكرك أخاك بما يكره} [رواه مسلم ].

    9- إختيار الأوقات المناسبة للمزاح:
    كأن تكون في رحلة برية، أو في حفل سمر، أو عند ملاقاة صديق، تتبسط معه بنكتةلطيفة، أو طرفة عجيبة، أو مزحة خفيفة، لتدخل المودة على قلبه والسرور على نفسه، أوعندما تتأزم المشاكل الأسرية ويغضب أحد الزوجين، فإن الممازحة الخفيفة تزيل الوحشةوتعيد المياه إلى مجاريها.

    أيهاالمسلم:
    قال رجل لسفيان بن عيينة رحمه الله: المزاح هجنة - أي مستنكر - فأجابه قائلا: ) بل هو سنة، لكن لمن يحسنه ويضعه في مواضعه (.
    والأمة اليوم وإن كانت بحاجة إلى زيادة المحبة بين أفرادها وطرد السأم من حياتها، إلا أنها أغرقت في جانب الترويح والضحك والمزاح فأصبح ديدنها وشغل مجالسهاوسمرها. فتضيع الأوقات، وتفنى الأعمار، وتمتلىء الصحف بالهزل واللعب.
    قال}: { صلي الله عليه و سلم }{لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً}قال في فتح الباري: ( المراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة الله وانتقامه ممن يعصيه، والأهوال التي تقع عند النزع والموت وفي القبر ويوم القيامة ).
    وعلى المسلم والمسلمة أن ينزع إلى اختيار الرفقة الصالحة الجادة في حياتها ممنيعينون على قطع ساعات الدنيا والسير فيها إلى الله عز وجل بجد وثبات، ممن يتأسونبالأخيار والصالحين
    قال بلال بن سعد: ( أدركتهم يشتدون بين الأغراض، ويضحك بعضهمإلى بعض، فإذا كان الليل كانوا رهباناً ).
    وسئل ابن عمر رضي الله عنهما: ( هل كان أصحاب رسول الله{ صلي الله عليه و سلم }يضحكون؟ قال: نعم، والإيمان فيقلوبهم مثل الجبال (.
    فعليك بأمثال هؤلاء، فرسان النهار، رهبان الليل.
    جعلنا الله وإياكم ووالدينا من الآمنين يوم الفزع الأكبر، ممن ينادون في ذلكاليوم العظيم: ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون، وصلى الله وسلم علىنبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    تم بحمد الله
    منقول للإفادة
    التعديل الأخير تم بواسطة mezo007 ; 18-2-2007 الساعة 07:58 AM سبب آخر: أخطاء كتابية

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...