المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تسمح تولعلى



الصياد الصامت
25-9-2009, 04:25 PM
كتابات خاصة





http://up2.m5zn.com/9bjndthcm6y53q1w0kvpz47xgs82rf/2009/4/20/01/mcokout65.png
-
http://up2.m5zn.com/9bjndthcm6y53q1w0kvpz47xgs82rf/2009/4/20/02/hn3gh7jbs.png
-
http://up2.m5zn.com/9bjndthcm6y53q1w0kvpz47xgs82rf/2009/4/20/01/isovdj1tw.png
" تسمح تولع لي " .. قالها و هو يميل بجذعه ليشعل لفافة تبغ من قداحة أحد المارة بالشارع .. يسحب أول نفس من اللفافة و يشعر بالدخان يملأ صدره و تصعد لرأسه تلك النشوة مع دخول النيكوتين إلى دمه ثم يخرج الدخان في بطء من منخريه " تمام .. هكذا يستطيع الواحد أن يفكر و يركز " هكذا قال لنفسه و هو يواصل سحب الأنفاس....

كان يفكر في مصاريف هذا الشهر .. لقد ( زنقت العملية ) هذه المرة .. مصاريف ابنته ذات الخمس سنوات - التـي ستدخل المدرسة لأول مرة- و نفقات البيت بالإضافة إلى أقساط الثلاجة و التلفاز .. لا يدري كيف يدبرها هذه المرة .. راتبه في تلك المصلحة الحكومية لا يكفي أصلاً .. و لن يستطيع الدخول في المزيد من ( الجمعيات ) ... لاح له خاطر و هو يرفع اللفافة في فمه أن بإمكانه التوفير بالتوقف عن هذا ( الهباب ) - كما يحلو لزوجته أن تسميه - ثم طرده على الفور من فكره ... هذه السيجارة – و إن كانت تبتلع أكثر من ربع راتبه الضئيل – تُمثل مزاجه و ( كيفه ) الذي لا يستطيع أن يتخلى عنه ...

رفع يده ليسحب آخر الأنفاس في اللفافة عندما شعر بذلك الألم في أعلى ذراعه الأيسر.... كانت تلك النغصات تأتيه من وقت لآخر و قد تعلم أن يهملها حتى تزول.. و لكن هذه المرة اشتد الألم و شعر به يمتد ليشمل صدره كله .. تباً .. صدره تحول إلى حريق و نبضات قلبه تتسارع و أصبح عاجزا عن الرؤية بوضوح ... لو كان طبيبا لعرف أنه يتعرض الآن لـ " ذبحة *************** ".... و لكنه لم يعرف .... فقط يشعر في هلع بقسوة الألم و يكتشف لأول مرة أن الألم لا يزول .. ينظر إلى السيجارة التـي لم يتمكن من إتمامها و يعرف أنها السبب .. تعجز رئتاه عن إدخال أي هواء .. يحاول في يأس أن يفتح أزرار قميصه طمعا في التنفس...

الآن لم يعد يشعر بالعالم من حوله.... يتلفت حوله في خطوات غير متزنة بحثاً عن مساعدة .. يمد يده في الهواء يحاول أن يمسك كيان مجهول .. نظراته ملتاعة و هو لا يصدق أن حياته تهرب منه أمام عينيه .. تخونه قدميه و يسقط على الأرض ...يحاول أن يقوم على ركبتيه فيزحف خطوتين ثم يقع ثانية على وجهه .. يرى بخياله زوجته و ابنته تبكيان على رحيله و تركهما بلا سند في الحياة .. يقوم بمحاولة أخرى فاشلة للقيام .. يسمع أصواتا بعيدة... لعلها من المارة بالشارع....

لا يدري لمَ يتذكر أول مرة تناول فيها التبغ ...يومها تحداه أصدقاؤه أن يشرب السيجارة .... قبل التحدي حتى يصير " رجلا " كما ظن... بعدها كان يسرق السجائر من أبيه الذي عندما اكتشف تدخينه أعطاه ( علقة ) ساخنة و طالبه بالتوقف !!! .. كمن لا يصلي ثم يأمرك بالذهاب إلى المسجد!!!....

خفتت الأصوات من حوله و لم يعد يسمع أي شيء و الأضواء تتلاشى من حوله بسرعة .. قبل أن تظلم تماما تخيل أنه يرى كل اللفافات التـي دخنها في حياته تحيط به في غابة من الدخان .... يسخرون منه ثم يجذبوه إلى الظلام.....
ثم توقف كل شيء....
http://up2.m5zn.com/9bjndthcm6y53q1w0kvpz47xgs82rf/2009/4/20/01/isovdj1tw.png