المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : :: لنتعلم معاً كيف نكون دعاة ناجحين ::



الثغر المبتسم
13-10-2009, 11:19 PM
http://images.msoms-anime.net/images/85266645556466194989.gif (http://www.msoms-anime.net/showthread.php?t=116273)




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ^^

سأبدأ في هذا الموضوع بعد أن قرأت ردوداً في منتديات وفي نقاشات من إدارات متميزة .. واندهشت من هذا الأمر .. فأحببت أن أستفيد وأفيد غيري بهذا الموضوع ^__^

http://www.zahrah.com/zpix/wel082.gif


بدايةً شرح لمعنى داعية ناجح ؟! ياترى ماهو المعنى والمغزى من هذه الكلمتين !

الداعية
والداعية أصلها الداعي ، والهاء فيها للتنبيه وليس للتأنيث ، والداعي إلى شيء : المرغب والحاث عليه ، فالله -جل وعلا – يقول : { والله يدعو إلى دار السلام } أي يرغب فيها ويحث عليها ، وعندما نقول : من دعا إلى هدى ؛ أي من رغب فيه وحث عليه ، والدعوة إلى الله - عز وجل - معناها شامل للإسلام كله ، يعني الترغيب في جميع محاسن الإسلام وفرائضه وشعائره وآدابه وسلوكياته ، بما يؤدي مع الحث عليها إلى التزامها ، واستجابة أمر الله - سبحانه وتعالى - فيها .
* بمعنى أن كل شخص منا يجب ان يكون داعياً , خاصةً الذي لديه علم وفقه في الدين .. فعلى قدر ما أخذته من الدين ومن المشايخ والكتاب الموثوقة .. عليك أن تقوم بنشره والدعوة إليها بطرق رائعة .. ^^

http://www.zahrah.com/zpix/wel074.gif

النجاح
والنجاح في اللغة أصله الظفر ، فالنجْْح هو الظفر والنجاح في أمر ما ، وهو تحقيق الغاية والوصول إلى الهدف ، ومعنى هذا الموضوع الذي نتحدث عنه أننا سنتكلم عنه ، صفات وخصائص تتحقق في الذي يدعو إلى الخير فيحصل بها النجاح ، والمقصود بالنجاح هو استجابة الناس وتأثرهم ، وتغير حالهم من سوء إلى حسن ، أو من حسن إلى أحسن مما كانوا عليه ؛ فإن الدعوة إما أمر بخير أو نهي عن شر ليُترك ، فمعنى تحقق النجاح هو أن الأمر الذي يؤمر به يفعل ، والنهي الذي ينهى عنه يترك، فيكون الناس حينئذ قد استجابوا لأمر الله - سبحانه وتعالى - .
* ومن هذا المنطلق وهذه الكلمة أحببت أن أضع هذا الموضوع .. لكي أتعلم ويتعلم من يريد أن يتعلم كيفية نجاح دعوته .. فكل منا لديه وظيفة أصلية حتى وإن لم يكن يعمل فهو خلفية الله في أرضه ..وبعض من الناس يحسب أنه يدعي إلى الله ولا يعلم أن العكس الذي يحصل -والعياذ بالله - .. ولقد رأيت ردوداً ومشاهد كثيرة مرت علي .. ولذلك وضعت هذا الموضوع ! فلنعزم بدايةً من الآن بالتعلم من هذا الموضوع ! وتغير دعوتنا إلى الأفضل ^.^


http://www.zahrah.com/zpix/wel084.gif

دلني على أهم صفات الداعية
السؤال /حول الصفات التي يجب أن يتحلى بها المسلم الذي يسير في طريق الدعوة إلى الله _عز وجل_، أرجو التفصيل والإبانة.. وجزاكم الله خيراً.

الاجابة
السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحبًا بك ثم أما بعد:
اعلم – حفظك الله- أن الدعوة إلى الله هي وظيفة الأنبياء والمرسلين، قال تعالى:" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا* وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا"( 45/ الأحزاب).
وقد أثنى الله على الدعاة، لكونهم يقومون بأعظم مهمة ألا وهي تعريف الناس بخالقهم، وما يجب عليهم تجاهه من التقديس والتعظيم والعبادة، ووجوب الشكر على نعمائه، والصبر على بلوائه، فقال عز وجل في محكم التنزيل :"وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ"(33/ فصلت).
وقد بين لنا رسولنا، صلى الله عليه وسلم، الأجر العظيم الذي ينتظر الدعاة إلى الله، عندما قال:"من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئا" < , كما علمنا المشرع العظيم أن أول السبيل صحة الاعتقاد وسلامة العقيدة وتمام التوحيد الخالي من الشرك بكل صوره مهما صغرت فالدعاة إلى الله هم أهل التوحيد الخالص والعقيدة النقية والقلب الشفاف لأنهم يحملون أعلى راية ويشتغلون بأشرف عمل ..

http://www.zahrah.com/zpix/wel074.gif

كانت هذه - أخي الحبيب- مقدمة لا بد منها، أما عن سؤالك عن الصفات التي يجب أن يتحلى بها الدعاة إلى الله؛ فإنني أستعين بالله وأقول:
ن الداعية إلى الله طبيب، يكره المرض لكنه يحب المريض، وحتى ينجح في مهمته الإنسانية التي كلفه الله بها، فلابد أن تتوافر فيه الشروط التالية:-
1 ـ الإيمان والاعتقاد الصحيح والتعلق الصادق بالله عز وجل : وهو أعظم أسباب نجاح الدعوة ؛ لأن الدعوة والاستجابة ليست بالحجج ولا بالبراهين ولا بالفصاحة ، وإنما هبة من الله - سبحانه وتعالى - : { إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } هذه الهداية يقذفها الله في قلب من يشاء إذا علم من هذا الداعية إيماناً صادقاً ، وإخلاصاً كاملاً ، والله خاطب نبيه عيسى : { وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي } . إذاً هو الذي أوحى إليهم وقذف في قلوبهم الاستجابة للدعوة وقبولها ، فهي هبة من الله - جل وعلا - .
الإيمان والتميز الإيماني أمره عظيم ، أوله عظمة الإيمان بالله ، ونعني بها أن يكون القلب ممتلئ بخشية الله تعظيماً وإجلالاً ومعرفة أسماءه وصفاته ، وإقرار بألوهيته والخضوع لربوبيته - سبحانه وتعالى - ، إذا وقع ذلك جاءت الآثار التحرر من عبودية غير الله - جل وعلا -، فلا يخاف من أحد مهما كان ، ولا يذل لأحد مهما كان إلا لله - عز وجل - ، فيتحرر من خوفه على الحياة ، ويتحرر من خوفه على الرزق . يصبح بإيمانه متحرر ليس لأحد عليه سلطان ، فإذا واجه الصعاب في دعوته ، وإذا تعرض للأذى كان له من هذا الإيمان حرية وقوة ، يستطيع أن يواجه هذا الباطل ، وأن يجابه ذلك البغي ، وأن يستعلي بإيمانه ، وأن يتميز ويثبت بيقينه ، وأن يشمخ بصبره وجلده ، وأن يضرب المثل بتضحيته وفدائه ، ولا يكون ذلك إلا بالإيمان ، و لا يصبر إلا مؤمن ، ولا يضحّي إلا مؤمن ، ولا يثبت إلا مؤمن ؛ لأن الإيمان هو الزاد الأعظم ، والمنبع الثر الذي ينهل منه الدعاة في طريقهم إلى دعوة الله - سبحانه وتعالى - .

2 ـ خشية الله سبحانه وتعالى : والخشية من أعظم الخلال المؤثرة في سلوك المرء ، فالله قد بيّن ذلك فقال في صفات أهل الإيمان : { الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون } و بيّن الله - سبحانه وتعالى - صفات الدعاة على وجه الخصوص كما في - قوله تعالى - : { الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله } . وكان من كلام أسلافنا ما يدل على ذلك كما قال إبراهيم بن سفيان : " إذا سكن الخوف قلب المؤمن أحرق مواطن الشهوات " .. تثار في القلب ما الذي يحرقها ويطفئها ؟ خشية الله وكما قال أيضاً الفضيل - رحمه الله - : " من خاف الله لم يضره أحد ، ومن لم يخف الله لن ينفعه أحد " . فخوف الله إذا سكن القلب فهو من أعظم آثار الإيمان ومن أكثر دلائله .

3- التجرد وإخلاص النية لله: فكلما كان الداعية تقياً نقياً، متجرداً في دعوته، لا يبتغي بها وجه الله عز وجل، كلما تقبل الله دعوته، وأعانه على أدائها، وحبس له عليها الأجر الوفير، والإخلاص سر من أسرار الله لا يعطيه إلا لمن أحبه، قال تعالى:" وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" [282- البقرة].

4- معرفة فضل وأهمية الدعوة: فإن معرفة الداعية لفضل الدعوة، وأجر الدعاة إلى الله، يكون حافزاً ودافعاً للتفاني في الدعوة، وإن من أخطر الأمور ألا يعرف الداعية قيمة الجوهرة التي ينقلها، ولا أهمية الرسالة التي يحملها.

5- الرغبة في السير بطريق الدعوة: فكلما كان الداعية محبًّا لهذه الدعوة، راغبا للسير في طريقها، كلما كان عمله متقناً، فلا يصلح للسير في هذا الطريق إلا من دخله بحب ورغبة، ومن سار فيه بقناعة ووعي.

6 ـ حسن الصلة بالله : ونعني بها الجانب العملي التزام الفرائض ، والحرص والاستكثار من النوافل ، ودوام الاستغفار ، والحرص على المواظبة على الأذكار ، وإدمان تلاوة كتاب الله ، والتبتل بالدعاء والتضرع إليه ، وكثرة الإنفاق في سبيل الله -جل وعلا - ، كل أعمال الخير هي من آثار الإيمان ومن دلائله ، فينبغي الحرص عليها والعمل بها .

http://www.zahrah.com/zpix/wel074.gif

4- الصبر الجميل: فمما لا شك فيه أن الصبر من أهم الخصال التي يجب أن يتحلى بها الدعاة إلى الله، في كل المراحل؛ ومع كل العناصر، فهو محتاج إلى الصبر للحصول على العلم الشرعي اللازم للدعوة، ومحتاج للصبر في التعامل مع المدعوين، الذين يستهدفهم بدعوته، محتاج إلى الصبر الجميل لمواجهة العقبات التي ستعترض طريق دعوته. قال تعالى: "وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ".

5- التحلي بالخلق الحسن: فينبغي على الداعية أن يكون من أحسن الناس أخلاقاً، فيكون صادقاً لا يكذب، أميناً لا يغش، وفياً لا يخون، عفيف اللسان، فإذا وعد لا يخلف، وإذا حدَّثَ لا يكذب، وإذا عاهد لا يغدر، وإذا خاصم لا يفجر، ألم تر كيف أعد الله نبيه لتحمل مهام الدعوة بخصلتي الصدق والأمانة، حتى اشتهر بين الناس – كل الناس- بأنه الصادق الأمين، يصدقه الناس فيما يقول، ويأتمنونه على أسرارهم و أموالهم.

6- التسلح بالعلم الشرعي: فهو زاد هذه الدعوة، وزيتها المحرك، وعلى قدر علم الداعية يكون قدره، ومكانته، ولا يصلح لهذه الدعوة إلا من ملك أدواتها، وفي مقدمتها: معرفة القرآن الكريم وتجويده ومعاني تفسير هو معرفة مواد العقيدة الإسلامية وفروعها وما يتعلق بها ودراسة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ودراسة الفقه الإسلامي وتاريخ أمة الإسلام وغيره .

وصايا في طلب العلم
1ـ التدرج: فينبغي أن يبدأ الأهم فالأهم ، وأن يبدأ بالمختصر ثم المتوسط ثم المتوسع ، ولا يخلط في الأمور كما يصنع بعض الشباب عند التحمس ، يبدأ بالكتب الكبيرة التي فيها مسائل عظيمة وفيها مقارنات كثيرة فلا يكاد يفقه منها شيئاً ، وربما يصيبه شيء من الملل ، ويشعر بأنه عديم الفهم أو بليد الذهن ، أو نحو ذلك وهذه مسألة مهمة .


2ـ الملازمة والصبر : فلا ينتقل من علم إلى علم أو كتاب إلى كتاب حتى يتمه ويكمله ؛ حتى لا يختلط عليه ، ويتشوش ذهنه ، أو تشتبك الأسلاك ، كما نقول يبدأ بشيء من الفقه ، يدخل في الحديث وقبل أن يأخذ شيء من الحديث يدخل في أصول الفقه ولا يكاد يتقن شيء .
3 ـ ملازمة الشيوخ والتلقي عن أهل العلم


7- الاتصاف بالحكمة والحنكة: فلابد على الداعية أن يكون حكيماً، نافذ البصيرة، بعيد النظر، والحكمة هي وضع الشيء المناسب، في المكان المناسب، في الوقت المناسب، بالقدر المناسب، والحكمة تقتضي أن يكون عارفاً بما يجب تقديمه، وما يمكن تأخيره، وأن يكون مدركاً للضروري والحاجي والتحسيني، عارفاً بترتب الأولويات، والمراتب والدرجات... إلى آخر هذه الأمور المهمات.

8- الخبرة والتخصص: فعلى الداعية أن يكون خبيراً بالوسط الذي يدعو فيه، خاصة بعدما أضحت الدعوة بحراً واسعاً، وبناءً فارهاً، وأقساماً شتى، فـ"الدعوة بين الطلاب" لها فقهها ولغتها، و"الدعوة بين العمال" لها طريقتها التي تلائمها، و"الدعوة العامة" لها أسلوبها الذي يناسبها، و"الدعوة النسائية" لها خصوصيتها، وهلم جرا.... ولكل قسم من هذه الأقسام أدواته ووسائله التي تناسبه، وليس كل من سار في طريق الدعوة مؤهل للعمل في كل فرع من فروعها، وكلما كانت الدعوة أكثر تخصصاً كلما كانت أكثر نجاحا وتفوقاً.

9- الوعي بما يحاك للدعوة من مخططات: فلا بد على الداعية إلى الله أن يكون واعيا بما تعاني منه الدعوة من مشكلات بسبب كيد الأعداء الذين يدبرون بليل، ويخططون ليل نهار، لوأد صوتها ومحاصرة نشاطها، وتشويه صورتها وتجريم حملتها، فيكون ذكياً يفوت عليهم الفرصة، و يفسد عليهم الخطة، وألا يكون – بسوء فهمه – أداة تدمير ومعول هدم لجهود بذلت، وخطوات وأشواط قطعت.ا

10- الاستعداد لتحمل الأذى في سبيل الله: فلا بد على الراغب بالسير في طريق الدعوة أن يعلم أن طريق النصر في الدنيا، والفوز بالجنة في الآخرة، مفروش بالأشواك، مضرج بالدماء، مليء بجثث الشهداء، وأن هذه سُنة أصحاب الدعوات، وحمَلة الرسالات، وقد كان ابن القيم – يرحمه الله – واعيا بهذا مدركا له، حينما بين أن طريق الدعوة طويل وبسط الدليل على ذلك بقوله"تعب فيه آدم، وناح نوح، وألقي في النار إبراهيم، وتعرض للذبح إسماعيل، وأوذي فيه موسى، ونشر بالمنشار زكريا، وذبح فيه السيد الحصور يحيى… "، قال تعالى: "أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" [2- 3 /العنكبوت]. ولا أقول لك هذا لأصرفك عن الدعوة، أو لأرهبك عن السير في طريقها، لا ... بل حتى لا تظن أنه طريق ممهد مفروش بالورود، ولكي تستعد له وتؤهل نفسك لما فيه من مشاق، فتشمر عن ساعد الجد في طلب الطاعات، وتحاذر من الوقوع في المعاصي والمنكرات.

http://www.zahrah.com/zpix/wel074.gif

أخي الحبيب:
هذه – في تقديري- أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها الدعاة في هذا العصر بالذات، وهناك ومن العلماء من تحدث في الأمر فأفاض، وأوضح فيه فأبان، فمنهم من نظر في قوله تعالى: (أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ....)، وقال بأن الداعية إلى الله يجب أن يكون كالإبل في صبرها، كالسماء في شموخها واعتزازها، كالجبال في صمودها وقوتها، كالأرض في بساطتها وتواضعها، ولابد أن يكون قوياً في غير كبر، متواضعا في غير ذل.
وهناك من ذكر 10 صفات، مشيراً إلى أنه يجب أن يتحلى بها المسلم عامة، والداعية إلى الله بوجه خاص، وهي: أن يكون سليم العقيدة، صحيح العبادة، مثقف الفكر، متين الخلق، قوي الجسم، نافعًا لغيره، منظمًا في شئونه، حريصًا على وقته، قادرًا على الكسب، مجاهدًا لنفسه.
وصلّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
http://www.almoslim.net/tarbawi/show_question_main.cfm?id=22302

ومن أراد أن أن يتعلم أكثر ويقرأ اكثر في قسم الصفات الإيجابية للداعي الناجح فإنني سأضع لكم ردود في احد المنتديات أتمنى أن تستفيدوا منها ::
1- الصفات الايجابية للداعية الناجح (1) و ( 2 ) .. من هنا (http://www.ala7ebah.com/upload/showpost.php?p=144173&postcount=2)
2- الصفات الايجابية للداعية الناجح (3) .. من هنا (http://www.ala7ebah.com/upload/showpost.php?p=144173&postcount=2)

http://www.21za.com/pic/thankyou002_files/14.gif

الثغر المبتسم
14-10-2009, 01:46 AM
كيف نمارس الدعوة إلى الله ؟!

عندما يدعو الداعية يراعي أمور ، ويحتاج إلى أمور ، أهمها : المراعاة والتدرج ونحن نذكر الأمور على سبيل الاختصار :

1- المراعاة
أ ـ الطبائع : هل الناس كلهم مثل بعضهم ؟ فإذا أراد من الناس أن يستجيبوا ، أو أن يتفاعلوا بتفاعل واحد فهو مخطئ ؛ لأن من الناس من هو -كما قلنا - سريع الغضب ، ومنهم الحليم ، ومنهم سريع التأثر ، ومنهم سريع الفهم ، ومنهم عكس ذلك ، فينبغي أن يراعي طبائع الناس .

ب ـ الأفهام : قال ابن مسعود رضي الله عنه : " ما أنت بمحدث قوم حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة " ، وعند البخاري من كلام علي رضي الله عنه : " حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله " عندما تأتي إلى قوم تعلم أنهم بسطاء ، وأنهم ممن لا يقرؤون ولا يكتبون ، ولم تتح لهم فرصة للعلم ، فتأتيهم بمسائل صعبة ، حتى وإن رددت عليهم ،ماذا يصنع الناس ؟ ماذا يقع لهم ؟ تتشوش أذهانهم .. تضطرب عقولهم ، وربما تقسوا قلوبهم ، وربما يتحيرون ويقولون : هذه كلها خلافات وكذا أمور عجيبة . أذكر موقفاً فيه طرافة : في الجامعة جاءنا مرة رجل كبير في السن ، ويحب أن يتعلم ، وقال أنا كلما بحثت في مسألة ، أو سألت قالوا :على المذهب كذا يجوز ، وعلى مذهب كذا وكذا .. أربعة مذاهب ، قال : أنا أريد أن أدرس حتى أعرف طريقاً واحداً ، وهو يظن أن المسألة أنها كما اتفقت كما يقال !
إذن مهمٌ جداً مراعاة الأفهام . قد ذكر الشاطبي أن عدم مراعاة أفهام الناس ، وتحديثهم بما لا يعرفون بدعة من البدع ، وذلك أنه من جهتين : من جهة أن هذا مخالف للسنة ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يحدث الناس إلا بما يعرفون كل إنسان يحدثه بما يناسبه ، ومن جهة : أنه يقع بمثل هذه الأحاديث فتن عظيمة .

ج ـ مراعاة النيات : والمقاصد علمها عند الله نعم لكن لا نجترأ على الناس فنحكم عليهم لأنا لا نعلم نواياهم ، ينبغي أولاً أن نستفصل منهم ، وأن نذكّرهم وأن نعلّمهم حتى نعرف حالهم ؛ لأن من الناس من يرتكب المنكر وهو لا يعرف أنه محرم ، فمن الناس من يكون جاهلاً ، ومنهم من يكون متأول ، ومنهم من قد يكون مكرهاً فلا تبادر حتى تعرف مقصده من فعله ، أو ظروفه أو نيته

د ـ الأوقات : أيضاً قالوا لابن مسعود : وددنا يا أبا عبد الرحمن لو أنك حدثتنا كل يوم ، فقال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة خشية السآمة علينا " ، بعض الناس في كل وقت في الصباح في الظهر وكذا وخاصة لعموم الناس ، لو كان عندك طلبة العلم وهم حريصين وعندهم منهج لا بأس ، ولكن أن تبتلي الناس بك وبحديثك ، فلا يفترون عن سماع لموضوع منك حتى تلحقه بغيره ، كلا !هذا لا ينبغي أن يكون ، وإنه ينفر الناس ، وكان ابن مسعود يقول : " حدث الناس ما حدجوك بأبصارهم – أي ما داموا ينظرون إليك وما زالوا منتبهين لك - فإذا انصرفت أبصارهم عنك فأمسك " إذا بدأ الناس هكذا وهكذا ، وينظر في الساعة ، يعني ذلك افهم أنه قد بلغ الأمر حد يحتاج أن لا يطال فيه ، وأن لا يكثر منه ، وكثرة الكلام ينسي بعضه بعضاً ، فكلما كان هناك مراعاة للأوقات المناسبة للناس المناسبة لنشاطهم ولحيويتهم ، وأيضاً ما يطال عليهم بما قد يملهم ، وهذا أمر مهم

هـ ـ المصالح والمفاسد : فهي من أعظم الأمور ؛ فإن بعض الناس يصرّ على أن يذكر بأمر ويكون تذكيره به أو أمره بهذا المعروف يؤدي إلى مفاسد كبيرة وطوام عظيمة ، وهو مع ذلك يقول : لا بد .. ربما يذهب ويقاتل الناس ويخاصمهم ؛ لأنهم لا يستخدمون السواك ! نعم السواك سنة ، وفيه فضائل ، وفيه أيضاً فوائد صحية ، لكن إذا كان هذا السواك سيجعلك تختصم مع الناس ، وسوف يجعل الناس فيما بينهم شحناء ، وتقطع أواصرك ، أيهما أهم السواك أم صلتك مع إخوانك في الله وإحسانك إليهم ، وصلة رحمك وأقاربك ؟ فينبغي الانتباه لهذا . وكلام العلماء في هذا فيه نفائس وفوائد كثيرة ، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، وإذا كانت هناك مصلحة تترتب عليها مفسدة أكبر ،فترك المصلحة هو المصلحة .
أحياناً قد تترك الأمر بالمعروف وقد تترك الأمر من أوامر الشرع ؛ لأن الأمر به قد يتولد عنه مضرة أو ارتكاب منكر أكبر ، وقد تكلّم العلماء في ذلك كثيراً ، وأفاضوا فيه ، بل عقدوا له كتباً مستقلة . وقد تكلم الشاطبي في الموافقات في هذا كلام نفيس ، وألّف العز بن عبد السلام - سلطان العلماء الإمام المشهور - كتابه في المصالح ، ومراعاة المصالح والمفاسد ، والموازنة بينها ، وهو كتاب عظيم حافل ، وهذه مسألة مهمة وهي مراعاة الأحوال الخاصة .
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف ذلك ويتقنه ، ألم تسمعوا عدداً من الأحاديث كان السائل يطلب الوصية من النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟فيأتي أحدهم فيقول : يا رسول الله أوصني ، فيكون الجواب : ( لا يزال لسانك رطبا بذكر الله ) .. يأتي أحدهم فيقول : أوصني ،فيقول : ( لا تغضب )، بعض الناس يسأل عن فضائل الأعمال ، فيدله على شيء ، ويأتي آخر ... لماذا ؟ مراعاة كل أحد كما جاء في حديث ذلك الرجل الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فسأله : أقبل وأنا صائم ! قال : افعل ولا حرج، ثم جاء آخر فقال : أقبل وأنا صائم ! ، فقال : لا تفعل ، فعجب الصحابة ، فعلل النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك بأن الأول كان رجلاً كبيراً في السن وهو يملك إربه ،وأما الثاني فشاب لا يملك إربه ، فمنع الشاب من القبلة في الصيام ؛ لأنه لا يملك نفسه كالشيخ الكبير ، وهذه من أمور الحكمة والمراعاة المهمة في ممارسة الدعوة .

و ـ الأعراف والعوائد العامة : فإن المعروف عرفاً كالمشروع شرعاً، وكما قال ابن القيم : لا تفتي الناس بما عندك من المنقول في كل مكان ..
كالذي يطبب الناس كلهم على اختلاف أدواءهم وأمراضهم بعلاج واحد ،كلما جاء واحد اسبرين اسبرين نفس الدواء ، عينه تؤلمه نفس الدواء ، هذا نوع من قلة الفقه ، لكن معرفة ظروف الناس وعوائدهم لا تغير الدين ، لكن تتغير الفتوى بالفعل بتغير الزمان والمكان ، كما عقد لذلك ابن القيم فصل واسع في كتابه إعلام الموقعين في أول المجلد الثالث وقال : " إن مراعاة المصالح ومراعاة الأعراف من حكم ومن دلائل عظمة هذه الشريعة وصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان " .

ز ـ مراعاة الأولويات : والله - عز وجل - والنبي - عليه الصلاة والسلام - قد بيّن لنا أن هناك أعمالاً متفاوتة ، كما قال الله : {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن الله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله } هل هذا مثلاً أولى وأهم ؟ والنبي - صلى الله عليه وسلم – قال : ( الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان ) لا إله إلا الله يقاتل عليها ولأجل إقرارها ، وكذا من أنكرها بعد أن كان مقراً بها، أليس كذلك ؟ فهل نقاتل ونحارب ونهتم ونعتني بها بمثل ما نعتني بلا إله إلا الله ؟ كل شيء له مرتبة ، الفرائض ليست كالنوافل ، والفرائض العينية ليست كالفرائض الكفائية ، والنوافل الراتبة المؤكدة ليست كالنوافل الغير مؤكدة ، كل له مرتبة ، فينبغي مراعاة ذلك ومعرفته .


http://www.zahrah.com/zpix/wel074.gif


2-الجرأة مع الحكمة
الجرأة مهمة - أيها الأخوة - لأن الخوف والجبن سمة لا تليق بمن يريد أن يكون مقدماً بين الناس ، الداعية والعالم متصدر في الناس ومتقدم ، لا بد من الجرأة والشجاعة والحمية لدين الله -جل وعلا -والغيرة على حرمات الله ، لكن هذه الشجاعة ليست طيشاً ، وليست تهوراً ، بل هي مضبوطة بالحكمة ، فهي جرأة محمودة ، وهي جرأة مربوطة ، والحكمة في اللغة : مشتقة من الحَكَمة بفتح الحاء والكاف ، وهي الحديدة التي توضع في لجام الفرس ، ما هي فائدة هذه الحديدة ؟ هذه هي التي تضبطه ، إذ أرخي المقود عرف الخيل أنه مطلوب منه أن يسرع فيسرع .. إذا شد عرف المطلوب البطء وعدم السرعة ، ولذلك السرعة في موضعها محمودة ، ولو أنه كانت هناك فسحة ولم يسرع ، وكان محتاجاًََ إلى الوصول ألا يكون ذلك مقصراً ومفرطاً ؟ ولكن إذا جاء في وقت الزحام يسرع ويزاحم الناس ، ويحصل بذلك فتن أو مشكلات ، هذا ليس من الحكمة ، فليست الجرأة في كل وقت محمودة ، وتقدير الظروف والأمور أمر مهم .
والجرأة فيها شجاعة نادرة نضرب أمثلة سريعة
جاء في صحيح البخاري من رواية أنس بن مالك أنه قال : ( كان النبي – صلى الله عليه وسلم – أحسن الناس وأشجع الناس ، ولقد فزع أهل المدينة ليلة فخرجوا نحو الصوت ، فاستقبلهم النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد استبرأ الخبر ، وهو على فرس لأبي طلحة عُري وفي عنقه السيف ، وهو يقول : لم تراعوا لم تراعوا . ثم قال : وجدناه بحراً ) ما معنى ذلك ؟ الناس خرجوا ومازالوا في أول المدينة ، أما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكان من شجاعته وجرأته قد ركب فرساً من غير سرج ، وقد ذهب إلى الموقع وعرف الخبر ورجع ، وهو يقول : ( لن تراعوا .. لن تراعوا )هذا هو الذي ينبغي أن يكون عليه العالم والداعية ، فيكون هو المتقدم ،كان علي - رضي الله عنه - يقول : " كنا إذا حمي الوطيس واحمرت الحدق نتقي برسول الله -صلى الله عليه وسلم - في المعارك " .
والحكمة مهمة ، وأبوابها واسعة ؛ منها كثير مما ذكرناه من المراعاة والتدرج والأناة والبصيرة .


http://www.zahrah.com/zpix/wel074.gif



3- الاستغناء مع العطاء

كل الرسل والأنبياء ذكر في قصصهم : { قل ما أسألكم عليه أجراً إن أجري إلا على الله } أما الذي يكون عليه بعض الدعاة اليوم !كل كلمة بمبلغ ، وكل خطبة بمبلغ ، وكل شريط بمال ، وكل كتاب بأجرة .. هذا تاجر وليس عالم أو داعية .
ما الذي يؤثر في الناس ؟ يؤثر في الناس أن يجدوا من يبذل ويعطي من وقته أو من جهده أو من ماله ولا يرون له مصلحة .. يعطي من وقته وجهده فينظر إليه بعض الناس فيتعجبون ، وينظرون إلى بعض العلماء أو الدعاة يتعبون أنفسهم ، ويسافر هنا وهناك ، وعنده درس بعد الفجر و... دون أن يأخذ شيئاً، هذا هو الذي يعظم قدره عند الناس ، ويجعل أثره فيهم حميداً ، ويوم تصبح الدعوة تجارة يفقد الناس حماسهم لها ، وتعظيمهم لحملتها ، ويرون أن هؤلاء قد يتشبهون باليهود - عليهم لعائن الله - وأهل الكتاب الذين قال الله فيهم : { يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً } فكلما استغنى الداعية ، وأكثر عطاءه للناس كلما كان ذلك أعظم تأثيراً في نفوسهم ، وأيسر في قبولهم وتأثرهم بإذن الله سبحانه وتعالى
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، ما سُئل - عليه الصلاة والسلام - شيئاً إلا أعطاه ، ومن حكمته - صلى الله عليه وسلم - في العطاء أنه يعطي حتى لا يظن أن المنع لشيء أو لخلة غير حميدة .
في الحديث الصحيح في قصة حكيم بن حزام قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ، وقال : ( يا حكيم إن هذا المال خضرة حلو فمن أعطيه بعزة نفس بورك له فيه ، ومن أعطيه باستشراف نفس لم يبارك له فيه ) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - ، قال أهل العلم : لما أعطاه في المرة الأولى والثانية بدون أن يكلمه حتى لا يقول : إن الرسول -صلى الله عليه وسلم -لم يعطيني لأنني لا أستحق ، أو لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والعياذ بالله - لا يعطي من ليس بكريم ، أعطاه ثم أعطاه ، ثم أراد أن يبين له أن السؤال غير مناسب ، وأن سؤال الناس لا ينبغي أن يكون من صفة المسلم .
والرسول - صلى الله عليه وسلم - أثّر في كثير من الناس بهذا العطاء ، كان صفوان بن أمية يقول : " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أبغض الناس إليّ ، فما زال يعطيني ويعطيني حتى ما أحد أحب إلي منه " . وأيضاً العطاء كان له أثر على أحد الأعراب ، جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال : يا محمد أعطني من مال الذي أعطاك ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم – للأعرابي : أترى هذا الغنم التي في الوادي بين جبلين ! قال : نعم ، قال : خذها فإنها لك ، فقال الأعرابي أتهزأ بي وأنت رسول الله ! فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا ، فذهب الأعرابي فرحاً يقول يا قوم أسلموا ؛ فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر .
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم - يقول لبلال : ( أنفق بلال ولا تخشى من ذي العرش إقلال )
هذا العطاء ليس مجرد المال فقط ، ولكن العطاء من سماحة النفس ، عندما كانت العجوز تستوقف النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطريق فيقف لها ويسمع لها .. من هو ؟ سيد الخلق وخاتم الرسل والأنبياء .
وأما حال داعية اليوم فيقول : مشغول وكذا ، وإذا أردت لا بد أن تأتي ، هذه ليست من صفات الداعية لماذا ؟ لأنك عندما تعطي الناس من وقتك يحبك الناس ،ويتأثرون بك ، ويجدون فيك قدوة ، ويتأسون بك .


http://www.zahrah.com/zpix/wel074.gif



4-الاستمرار والابتكار

من أراد أن يدعو الناس فلا يدعوهم يوماً ثم ينام دهراً .. إنما تؤتى الأمور ثمارها بمواصلتها واستمرارها ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله تعالى : { قم فأنذر } إلى قوله : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } كان يدعو ، والله صور لنا نماذج لهذه الدعوة في قصة نوح .. دعوة بالليل والنهار .. بالسر والجهر .. في الملأ وفي الأفراد .. في كل الأحوال . وقصة يوسف - عليه السلام - في السجن ، وهو سُجِنَ مظلوماً ، ومع ذلك ماذا قال في السجن لما جاءه الرجل يسأله عن الرؤية ؟ مباشرة حوّل المسار إلى الدعوة وذكّر بالله – عز وجل - وكأن شيئاً لم يكن ؛ لأن الدعوة هي أمر يحمله الداعي إلى الله - عز وجل - معه في كل مكان ، وفي كل ظرف ، وفي كل زمان ، وفي كل حال ، لا يفتر عنها بقوله ، وبفعله ، وبحاله ، وبمقاله ، كل شيء يستطيع أن يدعو به .
ولذلك الاستمرار على المدى الطويل يحصل به ثمرة . إذ الإنسان لا بد له أن يسمع الموعظة مرة فلا يلين له قلبه ، فيسمعها ثانية .. ثالثة فيزداد تأثره .
والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن - جل وعلا - يقلبها كيف يشاء ، لا تدري ! استمر قد يقول : يا أخي تكلمنا في مسألة كذا من الأمور التي يفعلها الناس ، أو في مخالفات الصلاة أو كذا ليس هناك فائدة .. استمر ، ولو كان هذا الدين ليس فيه هذا الاستمرار ما وصل ، وما اقتضت حكمة الله أن يبقى إلى قيام الساعة .

والابتكار أيضاً مطلوب ؛ لأنه كلما استمر الإنسان يصبح هناك نوع من التكرار ، والتكرار أحياناً يصبح سبيل إلى الملل ، لكن عندما يتنوع عبر وسائل كثيرة ومختلفة ومتنوعة ، ومسابقات ، وبحوث ومحاضرات أو دروس أو رحلات أو ألوان مختلفة، كما كان ابن عباس - رضي الله عنه - يجلس إلى الناس فيعلمهم التفسير ، فإذا رأى أنهم قد طال بهم المقام يقول : أحمضوا بالشعر – أي ائتوا بكتب الشعر .. نقف قليلاً .. نغيّر نجدد ببعض الأشعار والقصص - حتى ينشط الناس مرة أخرى ؛فإن التجديد والتنويع له أثره .

http://www.21za.com/pic/thankyou002_files/14.gif

الثغر المبتسم
14-10-2009, 07:37 AM
مفاتيح القلوب
فربما تجد المرء لا يميل إلى المرء، أو لا يحبه، فتسأله: لم لا تميل إلى فلان أو توده؟ فيقول لك:قلبي لا يرتاح إليه.. وفي كثير من الأحوال تكون المعادلة هي مفتاح القلوب، فربما يكون القلب معرضاً منقبضاً عن إنسان، فإذا تغيّرت المعاملة إلى معاملة فيها حسن وفيها عون ونفع؛ فإن ذلك يحوِّل ما في القلب ويهيئه للتقبل، ويفتح الأبواب للمحبة والمودة، وما ينبغي أن يكون بين أهل الإيمان، وموضوعنا عن بعض الأمور اليسيرة، والأعمال الهينة غير العسيرة التي تبذر بذور المحبة في القلوب، وتفتح مغاليق أبوابها، وتذلل الطريق إليها، وتفرش الورود والندى فيما بين قلوب أهل الإيمان، حتى تأتلف وتمتزج بماء المحبة والإخاء .
ولا شك أن أعظم إنسان عمل في استمالة القلوب وآلفها هو النبي صلى الله عليه وسلم، والفضل في ذلك والمنة لله سبحانه، فقد امتنّ الله على رسوله بنعمة تأليف قلوب أصحابه ومحبتهم له كما قال عز وجل:{ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[63]}[سورة الأنفال].
هذه المنة يذكرها الله عز وجل في سياق الامتنان على الرسول عليه الصلاة والسلام، والناظر في حال المصطفى عليه الصلاة والسلام في أخلاقه وشمائله؛ يجده في جميع مناحيه نوع من تأليف القلوب، واستجلاب المحبة، وإدامة المحبة،

http://www.zahrah.com/zpix/wel082.gif


بعض مفاتيح القلوب:
المفتاح الأول: الابتسامة وطلاقة الوجه: ولا شك أن هذه الابتسامة لها أثرها العظيم، و الابتسامة التي نريدها هي ابتسامة المشاعر الصادقة، والمحبة الخالصة، وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يبين أثر الابتسامة وأهميتها، فقد قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ]رواه الترمذي. و الابتسامة لها أثرها القلبي والنفسي في تقارب القلوب وتآلف النفوس؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في شأن النفوس: [لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ]رواه مسلم. طلق أي متهلل بالابتسامة ودلائل الفرح والسرور، وهذا أيضاً يدل على أن هذه الابتسامة معروف يُبذل، وأن هذه الابتسامة ليست شيئًا هينًا، قال عليه الصلاة والسلام: [لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ]رواه مسلم. فهي من المعروف اليسير الذي له أثر بإذن الله كبير .

إعلانات رَوْحية مبوَّبة:
الإعلان الأول: هذه الابتسامة كأنها نوع من إعلان القبول والرضا بلقاء هذا الذي تبسمت في وجهه
الإعلان الثاني: هي إظهار للمحبة والمودة .
الإعلان الثالث: هي دعوة للمزيد فإنك إذا تبسمت في وجهه أقبل عليك وسلم وصافح، وعانق وكان ضيفاً عليك، أو دعوته للزيارة، لكن إذا رآك من أول الأمر عابس الوجه قال: الكتاب من عنوانه هذا، كأنك تقول له: لا تتقدم، ولا تأتي، ولا تتكلم، وليس لك عندنا مقام ولا رغبة، ولا أي وجه من وجوه الاستقبال، أو الإحسان .
ولذلك ترى دائماً بعض الناس إذا كان من طبعه عدم التبسم ودوام التجهم أن الناس ينفرون منه وقل أن تجد له صديقاً أو رفيقاً فإذا سئل الناس قالوا يا أخي هذا رجل صعب كأنه يقول لك لا تأتي إليّ، ولا تتعامل معي لمجرد هذا التجهم، وترك التبسم .
ونحن نسأل: كم هو الجهد الذي تبذله والتعب الذي تعانيه لكي تبتسم في وجه أخيك؟! لا تكلفك الابتسامة مالاً تخرجه من جيبك، ولا وقتاً تضيعه من وقتك، ولا جهداً ترهق به بدنك.. ابتسامة كما يقال: لا تكلف شيئاً، ومع ذلك بعض الناس يبخلوا بها، فمن بخل بما لا خسران عليه فيه فهو أشد الناس بخلاً ولا شك، ولذلك يقول بعض الذين كتبوا في 'علم النفس والمعاملات الإنسانية': إن الابتسامة لا تكلف شيئاً، ولكنها تعود بالخير الكثير، إنها تغني أولئك الذين يأخذون، ولا تفقر أولئك الذين يمنحون'. فإذا لم يكن عندك مال تعطيه فأعط من بشاشة وجهك، فهذا الذي ينبغي أن يكون من الإنسان لأخيه المسلم.
المفتاح الثاني: التحية والسلام: فبعد الابتسام يأتي السلام، والسلام في الأصل السلامة، فمعنى السلام: هو التأمين والإقرار بالسلام، فإذا قلت للإنسان: السلام عليكم، يعني اطمئن، فلن يأتيك شر فأنت في أمن وسلامة، ولا شك أن هذا معنى مهم، وله أثره الكبير في تآلف ومحبة القلوب.
والسلام تحية من الله، وسنة من سننه صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عمر:' إِذَا سَلَّمْت فَأَسْمِعْ- يعني: إرفع صوتك حتى تسمع غيرك- فَإِنَّهَا تَحِيَّة مِنْ عِنْدَ اللَّه'رواه البخاري في الأدب المفرد. ولم يكن السلام معروفاً في الجاهلية وإنما السلام جاء من شعائر الإسلام، وفيه الفضل والثواب العظيم، فأولى الناس عند الله مَنْ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ] رواه أبوداود والترمذي وأحمد. فإذا كنت تريد أن تكون الأولى عند الله، والمقدّم؛ فلتكن البادئ لأهل الإسلام بالسلام.
ومن أعظم ما ورد في فضائل التحية والسلام: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ] رواه مسلم. فإذاً السلام يؤدي إلى المحبة، والمحبة هي من دلائل الإيمان، والإيمان هو مفتاح الجنة.
فهذه فضائل عظيمة تدلنا على الآثار النفسية، وعلى الآثار في الأجر والمثوبة، ولا شك أنك إذا تبسمت ثم سلمت؛ فإن ذلك كما قلنا يزيد من عقد المحبة، ويسهم بقوة في إزالة الجفوة، أو الصد والإعراض، كما أنه أيضاً يُسلم إلى ما بعده فمن سلم صافح، ومن صافح عانق، ومن عانق تحدث ومن تحدث دعا فتفضل، ومن تفضل وأكرم وأضاف إلى غير ذلك مما تتسلسل به العلاقات التي تزيد المحبة والمودة، ومن ثم عرف الصحابة أثر هذه التحية فيما يتعلق بفتح القلوب وغسلها وتنظيفها:
فقال عمر رضي الله عنه: ' ثلاث يصفين لك ود أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته وتوسع له في المجلس وتدعوه بأحب الأسماء إليه'.
والسلام كما قلنا مثل الابتسامة لا يكلف لا مال، ولا تعب ولا جهد، سلم وأكثر من السلام حتى يشيع السلام .

المفتاح الثالث: الهدية والهبة: والهدية:'ما يعطى بقصد إظهار المودة، وحصول الألفة والثواب للأقرباء، أو الأصدقاء، أو العلماء، أو من يحسن الظن به' .
بمعنى أنها تقدم لا يراد بها بدل، وليست هي في مقابل ثمن، أو سلعة، أو نحو ذلك، بل هي ما يقدم بلا عوض بقصد إظهار المودة وحصول الألفة، ومن ثم كانت الهدية مفتاحاً للقلوب، وقد قال القائل في هذا:
هدايـا النـاس بعضهم لبعض تولـد فـي قلوبهم الوصال
وتزرع في الضمير هوى وودًا وتلبسهم إذا حضروا جمالًا
وهذا أمر ظاهرٌ لا إشكال فيه؛ لأن له معناه وأثره المشهود في طبائع النفوس وسجيتها؛ فإن النفس والقلب لا شك يتأثران بالهدية؛ امتنانًا من صاحبها، وشكرًا له، ومودة ومحبة له، وإضافة لذلك ؛ فإننا نرى دلائل الشرع تؤيد هذا وتؤكده؛ لما في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: [تَهَادَوْا تَحَابُّوا] رواه البخاري في الأدب المفرد. وهذا من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام لخّص فيه الفعل وأثره : [تَهَادَوْا تَحَابُّوا] أي: اجعلوا بينكم التهادي وتبادل التهادي؛ يحصل بينكم أو يقع لكم أصول المحبة فيما بينكم بإذن الله عز وجل.
وليست الهدية ذات أثر في إيجاد المحبة فقط بل لها أثر بإذن الله في إزالة الجفوة، وفي مسح ما قد يكون من غضب أو ضغينة؛ فإن الإنسان ربما يخطئ على أخيه، فيقع من أثر الخطأ نوع جفوة، أو بعض غضب، أو قليل من شحناء، أو بغضاء، فإذا بادر إلى الهدية، فكأنها لسان حال الاعتذار، وكأنها جلاء ما في القلب من الأقذار والأكدار

حالات الهدية مع المحبة:
1- استنباط المحبة قبل وجودها:وذلك في الغالب يكون في أوائل العلاقة؛ فإنك تتعرف على إنسان أو تحل ساكناً جديداً، فتبادر القوم، أو يبادرك جيرانك بالهدية؛ ليستنبطوا المحبة، ويغرسوا بذرتها، فتكون بداية لما يأتي بعدها من علاقات، ومعاملات، وإحسان وإكرام، ونحو ذلك .
2- لإظهار المودة: بمعنى أنه قد تكون بينك وبين أخ لك علاقة قوية، وصلة وطيدة، وزيارة متبادلة، والحب بينكم عامر، ولكنك تريد أن تعبر له عن أن محبتك له ومكانته في نفسك عظيمة، فكأن هذا دليل على ما يلمسـه من معاملتك وعلاقتك به، وهي- وإن كانت المودة في القلب والمحبة- فإنها بتأكدها وإظهارها .* يقصد بالحب هنا الحب في الله لا في ..! فاحذر !
3- درء الضغينة، وإزالة الجفوة: وذلك إذا وقعت.
وحسبك بهذه الأغراض أثرا في القلوب والنفوس .
ولكي تؤتي الهدية ثمارها المرجوة نقف هذه الوقفة مع بعض التوجيهات والوصايا في الهدايا.

توجيهات ووصايا:
أولاً: الإهداء عند الابتداء: إذا تعرفت على أخ لك ؛ فإنك ما تزال تريد أن يكون بينك وبينه علاقة ولقاء وحديث ومناقشة ومزاورة وربما يطول الوقت حتى تحصل الألفة التامة، لكن كما يقولون:' الهدية مرسول الحب' . فابعث له بهديتك تكون لك رسولاً وما يأتي بعدها يزيدها إن شاء الله.
ثانيًا: الإهداء للأصدقاء والأحباء: فالإهداء للأصدقاء تجديد عهد واستمرار وود .
ثالثاً: تحيّن المناسبات للإهداء: ولا شك أن هذا فيه مراعاة لما يدخل الفرصة مضاعفاًً على النفوس، فيكون له أثر أكبر إضافة إلى الربط بين الهدية ومناسبتها، وفيه أيضاً إشعار باهتمامك بهذا الأخ وكأنك تتابع أخباره وأحواله، وهناك مناسبات عديدة والهدية تكون مع ربطها بمناسبتها جميلة ومؤثرة ولها أثرها الكبير .
رابعاً: البعد عن التكلف: فليست الهدية في قيمتها المادية، أو ضخامتها، وإنما في معناها ومغزاها وفي رمزها الذي كما قلنا إنها تطوي وتختصر معاني كثيرة، ورسائل عديدة، فلا ترى القليل من الهدية قليلا لا يستحق أن يهدي، بل قد قال النبي عليه الصلاة والسلام: [إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ]رواه مسلم. ولو من المرق .. ولا شك أنه لكي تدوم الهدايا لابد من البعد عن التكلف.
خامساً: قبول الهدية: وإن كانت قليلة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ضارباً من نفسه القدوة لغيره:[لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ]رواه البخاري.
قَالَ اِبْن بَطَّال في تعليقه على هذا الحديث:' أَشَارَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِالْكُرَاعِ وَالْفِرْسِن إِلَى الْحَضّ عَلَى قَبُول الْهَدِيَّة وَلَوْ قَلَّتْ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ الْبَاعِثُ مِنْ الْهَدِيَّة لِاحْتِقَارِ الشَّيْء , فَحَضَّ عَلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّأَلُّفِ' .وقال ابن حجر أيضاً في هذا الحديث:' وَأُشِيرَ بِذَلِكَ إِلَى الْمُبَالَغَة فِي إِهْدَاء الشَّيْء الْيَسِير وَقَبُوله لَا إِلَى حَقِيقَة الْفِرْسِن لِأَنَّهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَة بِإِهْدَائِهِ أَيْ لَا تَمْنَعُ جَارَة مِنْ الْهَدِيَّة لِجَارَتِهَا الْمَوْجُود عِنْدهَا لِاسْتِقْلَالِهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَجُودَ لَهَا بِمَا تَيَسَّرَ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ الْعَدَم' .
وفي الحديث كما قال ابن حجر:' الحث على التهادي ولو باليسير؛ لأن الكثير قد لا يتيسر في كل وقت' . فإذا قبل النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذه الهدايا، فكيف لا يقبلها عامة أمته وهم دونه عليه الصلاة والسلام ؟!

المفتاح الرابع: الزيارة والضيافة: والضيافة سيكون فيها طلاقة وجه، وسيكون فيها تحية وسلام، وسيكون فيها مصافحة ومعانقة، وكل ذلك مما ذكرنا من مفاتيح القلوب، فكأن الضيافة يجتمع بها كل ذلك.

المفتاح الخامس: السماحة: والسماحة تشتمل على معنيين:
أولًا: بذل ما لا يجب تفضلاً وهو الجود والكرم .
ثانيا: التسامح مع الغير في المعاملات . يعني أن يكون سمحاً.
وإذا قيل: فلان سمح فهذا يعني أنه ممن يُؤلف ويحب، ويمكن أن تتعرف عليه بسهولة، وأن تتعامل معه من غير تكلف، وأن تطلب منه من غير حرج... إلى آخر ذلك من الليونة والسهولة في المعاملة، والسماحة أصلاً من تشريعات الإسلام ؛ فإن الإسلام دين سمح قد قال الله عز وجل:{ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ...[185]}[سورة البقرة]. وسماحة الإسلام ظاهرة في أمور كثيرة.
وفي حديث ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: [الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ]رواه البخاري-تعليقا- وأحمد .
والمقصود بالسمحة أي: التي لا ضيق فيها وشدة، وفيها يسر وسهولة، والسماحة ولين المعاملة وغض الطرف أمر مقدَّر له الأجر الكبير، وهو أيضاً مما يؤلف القلوب عليك ويجمعها حولك؛ فإن الإنسان بطبعه لابد أن يخطئ فلابد أن يقع بينه وبين أخيه بعض ما قد يكون سبباً للعتب واللوم، فإذا كان سمحاً يغض الطرف، ويغضي عن الزلل والهفوة، ويسارع إلى الصفح والعفو، فلا شك أن هذا مما يستديم المودة، ويبقي الألفة، وأما إذا كنت تدقق على كل غلط، فتحسب كل كلمة، وتتابع كل حركة، وتقف على كل سكنة، فلا شك أنك ستكون رجلاً صعباً.

السماحة في البيع والشراء: كما قلت ورد في ذلك أجر عظيم، من هذا ما ورد في حديث طويل، وفيه: [ ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا فِي النَّارِ هَلْ تَلْقَوْنَ مِنْ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ قَالَ فَيَجِدُونَ فِي النَّارِ رَجُلًا فَيَقُولُ لَهُ هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ فَيَقُولُ لَا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحُ النَّاسَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَسْمِحُوا لِعَبْدِي كَإِسْمَاحِهِ إِلَى عَبِيدِي] رواه الإمام أحمد، وصححه بعض أهل العلم .

السماحة إذا هوت: بل هو وصف لرسول الله عليه الصلاة والسلام ذكَرته عائشة كما في صحيح مسلم قالت فيه:' وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا سَهْلًا إِذَا هَوِيَتْ الشَّيْءَ تَابَعَهَا عَلَيْهِ' يعني: إذا رغبت في شيء يوافقها عليها.
ولا يكون-كما يقولون- صلباً قاسياً لا يلين ولا ينقاد، ولذلك السماحة لها أبواب كثيرة ..

السماحة مع الأهل في البيت الرجل مع زوجته بعض الناس يريد أن يجعل البيت ثكنة عسكرية، تمشي بالأوامر، وتنضبط بالعقوبات، وتلتزم باللوائح، هذا لا يكون في حياة يومية فيها أخذ ورد، ورضا وغضب، وأنس وانقباض، لابد أن تكون هناك مرونة أن يكون الإنسان كما يقولون: سهلاً مرناً، ولذلك نجد هذا المعنى في النداء القرآني:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ[14]}[سورة التغابن].

السماحة في المعاملات: السماحة في المعاملات، وخاصة فيما يقع بين الناس من الأخذ والرد، وما قد يكون من التجهم أو الغضب، والله عز وجل قد قال:{...وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا[63]}[سورة الفرقان]. يعني: قالوا قولاً يسلمون فيه من الإثم، ولا يتمادون فيه مع من أخطأ، أو جهل، أو غضب. فهذا من السماحة، نوع من الصدق والعفو والصفح والإعراض عن الذنب، والتجاوز عنه، والصفح أعظم من العفو؛ لأن الصفح إزالة أثر الذنب من النفس، أما العفو فهو إسقاط العتب واللوم دون أن يرجع الحب ويبقى في النفس ما يبقى، فقد يعفو الإنسان ولا يصفح، أما إذا أصفح، فإنه قد عفى وأزال الآثار الباقية في النفس، وقد قال عز وجل:{... فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ[85]}[سورة الحجر].
وقد قالوا: السماح رباح. و تربح علاقة خاصة إذا كان الخطأ قد وقع.
السماحة عند التمكن: ومن جميل ما يقال عن معاوية رضي الله عنه أنه قال:' عليكم بالحلم والاحتمال حتى تمكنكم الفرصة فإذا جاءتكم الفرصة عليكم فإذا أمكنتكم فعليكم بالصفح وبالافضال' .

ففي كلا الحالين أمر تألف به النفوس وتترابط به القلوب.وهذا من آثار السماحة والعفو، وهذا كما قلنا يدل على هذه المعاني التي نحن بصددها من تأليف القلوب وجمعها ومحبتها، ولا شك أن السماحة من هذه الأمور؛ لأن عوارض الحياة كثيرة في هذا الشأن، فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتخلقين بهذه الصفات،وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
من محاضرات:'مفاتيح القلوب' للشيخ/ علي بن عمر بادحدح

http://www.zahrah.com/zpix/wel074.gif

المفتاح السادس :الميل العاطفي والمحبة القلبية:كما يقولون : " الحب أعمى " وكما يقال : " إن المحب لمن يحب مطيع " ، ألا نرى الناس إذا أحبوا إنساناً وافقوه حتى فيما لا ينبغي موافقتهم له ؛ لأن الحب ميل قلبي له أثره . يقول ابن القيم : "الحب التام مع القدرة يستلزم حركة البدن بالقول الظاهر ، والفعل الظاهر ، و فما يظهر على البدن من الأقوال والأعمال إنما هو موجب ما في القلب ولازمه " .ويقول ابن تيمية - رحمه الله - : "المحبة والإرادة أصل كل دين ، صالحاً كان أو فاسداً – لماذا ؟ - لأن المحبة هي التي تبعث وتحرك الإرادة ، وهي التي تمضي وتوقع الفعل في الواقع " .
لذلك من المهم أن يتحبب الداعية إلى الناس ؛ لأنهم إذا أبغضوه هل ترونه يسمعون قوله حتى وإن كان عنده من العلم بحار لا بحراً واحداً ، وحتى لو كان عنده حجة بينة قاطعة ، وأدلة واضحة ساطعة ، ما دامت القلوب قد أغلقت فلم تتعلق بمحبته ولا الميل إليه ، فذلك يمنع من قبول دعوته بشكل كبير ، لكن ليس الحب وحده هو الذي يؤثر ، ولذلك أحياناً يكون الحب مؤثر تأثير سلبي .قد يحب المرء من فيه فسق أو فساد فيوافقه على فسقه وفساده ، ألسنا نعرف أمر الأصحاب وما يقال من أن الصاحب ساحب ، لِما يتأثر الناس بأصدقائهم وجلسائهم .. يميلون إليهم .. يحبونهم .. يؤنسون فيوافقونهم في أقوالهم وأفعالهم .

المفتاح السابع : الإقناع العقلي والحجة العلمية :المدرس إذا كان محبوباً عند الطلاب ، ولكنه إذا جاء يشرح الدرس وهو لايحسن ذلك ، وليس متخصص في فنه أو علمه أو لم يحضّر درسه ومع ذلك تسلم له العقول ، فالداعية إذا لم يكن عنده حجة وإقناع تسلم له العقول ، وترى قوة الدليل ونصاعة البرهان ، فكذلك قد تنصرف عن هذا من غير أن تستجيب له ؛ لأنه أحياناً قد لا تكون المحبة موجودة بالقدر الكافي ، قد لا تحب هذا الإنسان لكن لا تكرهه ، ما الذي يعينك على موافقته عندما يأتيك بحجة ودليل مقنع ؟ ما دمت لا تبغضه ليس هناك نفرة ،لم يسئ إليك ، فإذاً مجرد هذه الحجة سوف تعين على القبول ، ونحن نعرف أن الإنسان فيه هوى وعقل ، إذا تحكم الهوى قاده إلى الهلاك . إذا كان العقل هو الذي يتحكم في الهوى كانت العاقبة إلى الخير في غالب الأحوال ؛ وذلك لأن سلطان الهوى خفي ، ومكره ومدخل مكره خفي ، فهو كما قال ابن القيم : " إذا خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة إليه " ؛ لأن الهوى إذا تحكّم في العقل يقول : " هذا حرام ، والحرام سوف يوجب العقاب في الآخر والمضرة في الدنيا " لكن الهوى والمحبة للشهوات تغلب الحجة ، فإذا جاءت الحجة ووقعت المحبة كان التأثير أكبر .

المفتاح الثامن : القدوة المتحركة : القدوة الحية ؛ قد يتحبب الداعية إلى الناس ثم يحسن القول ويبسط الدليل لكنه إن لم يوافق فعله قوله لم يكن لذلك أثر ، ربما - أحياناً - قد لا توجد المحبة الكافية ، ولكن قد لا يوجد الكلام الذي يبين ويشرح ، لكن هناك قدوة ، وهناك أسوة .. هناك أخلاق متحركة .. هناك معاملة حسنة ظاهرة ، مجرد وجود الفعل الحسن والقدوة الطيبة له أثره في حياة الناس ، ولذلك كثيراً ما يتأثر الناس - خاصة عوام الناس وأكثريتهم - ، أحياناً الأدلة والبراهين والإقناع فيها تفصيلات ، وفيها علوم قد لا تستوعبها عقول الناس كلهم ، لكن أكثر الناس يتأثرون بالسلوك والعمل ؛ لأنه يراه بعينيه ، عندما نقول للناس : الصلاة خير .. عندما نقول للناس اجتنبوا المحرمات فسوف يعطيكم الله ويغنيكم ، كثيراً لا يقع ذلك موقعه حتى يروا من أهل الدعوة والعلم والإيمان من يفعل ذلك فيصبح كأنه النموذج المتحرك أمامه فيقتدون به وينتفعون إذا هذه عناصر التأثير .


http://www.zahrah.com/zpix/wel084.gif

أساليب التأثير المقنعة

1ـ أسلوب المقارنة : كأنها نوع من القياس ، إذا قلت له لا تفعل كذا فإن عاقبتها إلى خسر ، وانظر إلى من فعل هذا كيف انتهى به الحال ، أليس هذا أمرٌ واضحٌ بيّن ! الجواب : نعم ، والقرآن قد مثّل بهذا وضرب له كثيراً من الأمثلة : { أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها } ، الإيمان نور وحياة ، والكفر ظلمة وموت ، قارن هذا بهذا لكي تختار الخير فتمضي فيه ، وتعرف الشر فتعزف عنه وتنأى بنفسك منه ، وكما قال الله - عز وجل - : { أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم } ، إذاً هذه مقارنات ،
النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب الأمثلة والمقارنة أيضاً : ( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت ) إذا رغّبت الناس في ذكر الله قل لهم : إذا ذكرتم الله فسوف تكونون كالأحياء .. هذه الأمثلة في بيان وتقريب الأمور بالأقنعة العقلية التي تستخدم أسلوب المقارنة .



2 ـ أسلوب التقرير : أسلوب آخر من الأساليب التي تقنع ، وتقيم الحجة ، ولا تجعل للإنسان مجال لكي يرفض ، إلا إذا كان مكابراً ومعانداً .. قصة إبراهيم مع النمرود : { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحيي وأميت } هل رد عليه إبراهيم ؟ قال أنت لا تحيي وتميت ! أقر كأنه سلّم له ، يعني لم ينتبه له وبعد ذلك رد عليه . وهذا سنوضحه في الأسلوب الذي يليه ، هنا في التقرير عندما نسأل الناس سؤال ولا يكون له إلا إجابات محددة . فماذا ينتهي بهم الأمر إلى أن يقروا بهذا مثاله : { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } ، ما معنى هذا السؤال ؟ أنتم موجودون الآن أم أنتم أحياء ؟ أم السؤال : من أين جئتم ؟ إما أنكم خلقتم أنفسكم ، وإما أن أحد خلقكم { أم خلقوا من غير شيء } خلقوا من العدم أم هم الخالقون ؟ هل خلقوا من العدم ؟ الجواب : لا ، هل يدعّي أحد أنه خلق نفسه ؟ الجواب : لا، إذاً لم يبقى إلا أنهم خُلقوا ، وأن الخالق هو الله - سبحانه وتعالى - ، وكما قلنا في هذا أيضا يأتي الأسلوب .. أسلوب إبراهيم - عليه السلام - في القصة التي سردت في سورة الأنعام ، لما رأى كوكباً أراد أن يقرهم على البطلان : { فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين * فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدن ربي لأكونن من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما افلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون } ، كل مرة يقول ذلك ، ليس هذا إقرار منه ، بذلك يريد أن يلفت نظرهم ، فيقروا بأن هذا هو الباطل فيبقى الحق بعد ذلك .






3 ـ أسلوب الإمرار والإبطال : هو الذي أشرت إليه في قصة إبراهيم في سورة البقرة لما قال له : أنا أحيي وأميت ما اعترض عليه و سكت عنه، ثم قال : { فإن الله يأت بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب } ماذا كانت النتيجة ؟ فبهت الذي كفر ، لو مضى إبراهيم وقال : لا ! أنت لا تحيي وتميت ، أصبح جدل ولم يحصل شيء من إقامة الحجة ، ولكن ذلك كان على خلاف ذلك ، النبي -صلى الله عليه وسلم - استخدم الأساليب كلها .
الأسلوب الأول ذكر فيه : ( مثل الجليس الصالح .. ) ، (مثل الذي يذكر ربه .. ) ، الأسلوب الثاني كان فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاءه الرجل ، شك في ولده أنه ليس منه لماذا ؟ لأن لونه مختلف ، ليس كلونه ولا كلون زوجته ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أعندك إبل بهم ؟ قال : نعم ، قال : ما ألوانها ؟ قال : حمر يا رسول الله ، قال : هل فيها من أورق - يعني لونه فاتح – قال : نعم ،قال : فمن أين جاء ؟ تلك نوقك ، وتلك جمالك ، قال : يا رسول الله لعله نزعة عرق - يعني لعله من أجداده -، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمة واحدة : فلعله ). وهذا من إعجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - .. يقولون في علم الوراثة أنه قد تتنحى بعض الصفات الوراثية ، فلا تظهر في جيل الأول ، ولا الجيل الثاني ، ثم تظهر بعد ذلك في جيل بعده ، ويكون صحيحاً ومن صلب أبيه ، ومن رحم أمه ، ليس فيه شك ، لكن نزعه عرق ، وجاءت صفة من صفاته لم تكن ظهرت ، كانوا يسمونها في علم الأحياء الصفات المتنحية ، وكذلك لما جاء الشاب الذي قال له : يا رسول الله ائذن لي بالزنا، ماذا قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : حرام وزجره ! بل قال له : أترضاه لأمك !،قال : لا ، قال : والناس لا يرضونه لأمهاتهم ، أترضاه .. أترضاه .. حتى قرره بأن هذا لا يقبل ، ولا ينفع ، ولا يمكن أن تفعله ؛ لأنك لا ترضاه لنفسك ، ثم دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي أسلوبه الإقرار أيضاً قصصٌ كثيرةٌ ، ووقائع عديدة ، تبين رجاحة العقل وأهميته في الدعوة






http://www.21za.com/pic/thankyou002_files/14.gif

الثغر المبتسم
14-10-2009, 07:44 AM
مفاهيم الدعوة والداعية



مفاهيم الداعية

وهذه أكثر أهمية فيما مضى ، فالفهم مهم جداً ، قال ابن القيم : " صحة الفهم وحسن القصد هما ساقا الإسلام يمشي بهما " ، إذا كان عنده فهم سقيم يكون المشي أعرج ، أو إذا كان فهمه صحيح لكن مقصده غير حسن أيضا لا يمشي مشياً سلمياً ، لذلك الفهم مهم جداً ما دام يريد أن يفهم الإسلام فهماً صحيحاً . أولاً : ربانية هذا الدين : هذا الدين ليس من عند أحد ، ليس هو دين محمد لم يأتي به - النبي صلى الله عليه وسلم - من عند نفسه كما ادعى كفار قريش والمشركون ، كل شيء فيه رباني من الله - سبحانه وتعالى - ، فهو لذلك كامل ، وهو لذلك نافع صالح ، وهو لذلك مستمر ؛ لأنه من الله سبحانه وتعالى : { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } وشمولية الإسلام هذا الدين يشمل كل شيء في الحياة الله { ما فرطنا في الكتاب من شيء } ، وفي سنن أبي داود ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة ) يعني حتى كيفية قضاء الحاجة ، كل شيء في هذا الدين .. تستيقظ هناك دعاء .. تلبس ثوبك هناك ذكر .. تخرج من بيتك هناك أثر ..كل حياتنا مرتبطة بهذا الدين ، فالاقتصاد هناك أحكام وتشريعات ونظام في السياسة ..هناك مبادئ وأسس وقواعد في كل جانب من جوانب الحياة الإنسانية .. هناك آيات تتلى ، وأحاديث تروى ، وشرائع تُعلّم وتدرس تنتظم بها أمور الناس كلهم ، لماذا ؟ نقول : لأنه إذا جاء أحد يتكلم عن الاقتصاد أو عن الربا ، يقول : دعونا نتكلم في الدين ، نقول له : هذا ما هو ؟ أليس هذا من الدين ! أليس قد تنزلت آيات في ذلك وهكذا يقع أحيانا خلل بسبب هذا .
ثانياً : وسطية الإسلام : وهذه مهمة ؛ لأن هذا الدين وهذه الأمة وسط :{ وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } ، الوسطية وسط بين الإفراط والتفريط .. بين التعسير والتيسير ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً .
فإذا كان التيسير هو إثم ، فهذا ليس تيسيراً ، هذا حرام ؛ لأن بعض الناس بحجة التوسط ، وبحجة المرونة ، يريد أن ينسلخوا من الشرائع والأحكام يقول لك يا أخي الدين يسر يقول صلي في بيتك من قال ـ أن هذا من يسر الدين، الدين يسر ليس علينا كذا وكذا أمور كثيرة يغيرون فيها وسطية الإسلام وسطية أهل السنة، بين الفرق التي إنحرفت وابتدعت أيضا أمرها واضح بين الإرجاء الذي كان عند المرجئة وبين التكفير الذي عند الخوارج وبين المعطلة الذين أنكروا الصفات وبين المشبهة الذين شبهوا صفات المخلوق بالخالق دين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه وخير الأمور أوسطها، وصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان أمره أمر واضح من أثر كل ما ذكرنا .



http://www.zahrah.com/zpix/wel074.gif



مفاهيم الدعوة

أن الدعوة إلى الله واجب شرعي كفائي ، والواجب الكفائي هو الذي إذا قام به البعض قياماً يكفي سقط عن الباقين ، فهل قام أمر الدعوة وانتظم بحيث ليست هناك حاجة ، بل قال ابن تيمية ما معنى كلامه : إن الفرض الكفائي يتوزع على الناس حتى يكون على كل واحد منهم قدرٌ هو في حقه فرض عين ، فالعالم : التعليم والدعوة في حقه فرض عين أكثر من غيره ، لكن الآخرون إعانتهم لهذا العالم وإقامتهم هو واجب عليهم ؛ حتى يؤدي دوره ، وكل يكون عليه واجب بقدر هذا ، والحاجة ماسة جداً ؛ لأن الجهل في المسلمين عظيم ، ولأن غير المسلمين الذين لم يعرفوا الإسلام كثر ، ولأن الشبهات حول هذا الدين عظيمة ، فالدعوة الحاجة إليها ماسة ، ومن لوازم هذه الدعوة أن نفهم حقيقة هذا الواقع المعاصر ، وأن نتفاعل مع الدعوة بحماسة وقوة وتصدي ومواجهة .

ليست الدعوة كلام ولا ميكروفونات وإنما هي جهاد حقيقي في إحقاق الحق ، وإبطال الباطل ، واستنقاذ الناس من الضلال ، وإشاعة نور العلم في قلوبهم ونفوسهم ، وهي نوع من مغالبة الباطل ومحاربته في كل موقع وميدان ، ومن المهم أن نعرف ضرورة التعاون على الدعوة .
و المشكلة الكبيرة عندما لا يفقه الدعاة بعض المفاهيم يختصمون ، فهذا يعلّم العلم وذلك يريد من الناس أن ينفقوا المال ، ماذا يصنعون ؟ أليس هذا فيه تكامل ! العلم خير والإنفاق خير ، لكن الذي يعلم العلم يقول : هذا خاطئ ومخطئ في طريقته ، لماذا يدعو الناس إلى الإنفاق ولا يهتم بالعلم والمنفق ، كمن يعمل في اللجان الخيرية يقول : هؤلاء يضيعون وقتهم في طلب العلم ، وكل يرد على الآخر وهو مخطئ ينبغي أن نثني على هذا العمل ، وأن نتعاون فيه ، ونحرص عليه ؛ لأن المجالات متعددة ، والإمكانيات محدودة ، والأعداء متربصون بنا في كل حين ، هذا وينبغي أن نفهم أن الابتلاء على طريق الدعوة حاصل ، وأن الصبر لازم ، وأن الطريق طويل ، وأن الذي يريد استعجال الثمرة لن ينالها ، وأن الله قد ابتلى الرسل والأنبياء وصفوة الخلق - عليهم الصلاة والسلام - وحصل لهم ما حصل من الملأ من أقوامهم ، وما نحن بأحسن من الرسل والأنبياء ، وإنما يصيبنا شيء قليل من هؤلاء العظام من خلق الله الذين شرفهم بالنبوة والرسالة .

http://www.21za.com/pic/thankyou002_files/14.gif

الثغر المبتسم
14-10-2009, 07:52 AM
من فوائد نجاح الداعية



1 ـ الأجر الجزيل : فالله - جل وعلا – يقول : { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين } والآية إذا تأملنا تتحدث عن فعل الدعوة وليس عن أثرها واستجابتها ، إن الداعية هو أحسن الناس قولاً ، وإن لم يكن لدعوته أثر ، وإن لم يقبله الناس ؛ فإنه إذا قام بها على وجهها ؛ فإن أجره عند الله - عز وجل - عظيم ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - خاطب علياً في يوم خيبر فقال : ( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) ومتى قال له ذلك ؟ ، عندما أعطاه الراية وأمره بالتوجه لفتح خيبر ، فقال علي - رضي الله عنه - بعد أن مضى يسيراً : يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أدعهم إلى الإسلام فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) فليس في الإسلام إكراه ، وإنما دعوة وترغيب ، فمن أسلم فالخير له ، والثمرة والنفع عائد عليه ، ومن أعرض فالعذاب ينتظره في الآخرة ، والشقاء يحل به في الدنيا نسأل الله - عز وجل – السلامة ، وغير ذلك ، هناك انتشار الخير ، ما معنى هذا عندما يدعو الدعاة فيقبل الناس منهم ويقبلون عليهم ؟ ما الذي يحصل ؟ يكثر الخير والبر والإحسان ، وينحسر الأذى والشر والعدوان ، كل استجابة للدعوة معناها مزيد من إتيان الأوامر الربانية ، والتزام الشرائع الإلهية، وكل التزام وقبول للدعوة معناه أيضا أن الشر والفساد ينحسر وينزوي بعيداً عن حياة الناس .

2 ـ مغالبة الباطل :وما معنى ذلك ؟ ألا نعرف أن للشر دعاة كثر ؟ ألا نعرف أن أهل الباطل من الديانات المحرفة ، أو من المذاهب الوضعية ، أو من أصحاب الانحلال السلوكي والخلقي ، أنهم يبذلون أموال طائلة ، ويدبرون حيل ماكرة ، ويسعون بكل وسيلة لماذا ؟ لتقبل دعواتهم وليتأثر الناس بهم فينحرفوا عن دين الله - عز وجل - ، ويزلّوا فيضلّوا ويزيغوا ، والله - سبحانه وتعالى - قد بيّن لنا شأن دعاة الفساد : { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد } كثير هم المفسدون ، ما الذي يبطل عملهم ؟ ما الذي يدحر كيدهم ؟ ما الذي يبطل مكرهم ؟ إنها دعوة الخير ، فكل نجاح للدعوة في ميدان معنى ذلك أنها هزيمة للباطل .. أهل الباطل يريدون أن يحرّفوا مناهج التعليم ، والدعاة وأهل العلم يريدون أن تستقيموا على هدى الله ، وهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أهل الزيغ والفساد يريدون انحراف في الفكر ، وضلال وتقبّل للشبهات ، وأهل الحق ينيرون بالقرآن والسنة البصائر والقلوب ، فيكون لذلك أثره في دحض الشبهات ، أهل الفساد يزينون الشهوات ، ويعددون صور وألوان الإغراءات ؛ليقع الناس في المنكرات ،فيأتي أهل الدعوة يحذرون ويخوفون بالله ، ويبينون لذة الطاعات ، ويرغّبون في الطاعات ، فكأنها معركة الحق والباطل ، فإذا نجح الدعاة معنى ذلك أنه قد هزم دعاة الباطل .

3 ـ الحماية من المفاهيم الخاطئة :ومعنى ذلك - كما يقولون - : بضدها تتميز الأشياء ، إذا لم ينجح الداعية ماذا يكون المقابل في ذلك ؟ فشل وإخفاق ، ما معنى ذلك ؟ أي عدم قبول للدعوة ، وإعراض عنها ، وعدم الاستجابة لأمر الله - سبحانه وتعالى - ، وعدم متابعة لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ماذا يحصل من أثر ذلك ؟ مفاهيم خاطئة كثيرة .
هذا الداعية الذي يفشل ولا يستجيب الناس له ، ماذا يحصل له في كثير من الأحوال ؟ يتوجه بالنقد على الناس ، فيقول عنهم : أنهم فسقة منحرفون ، لا يحبّون دين الله ، وأنهم لا يستجيبون لأمر الله ، وأنهم لا يعظمون أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينعتهم . كما نرى كثيراً من الناس الذين ليست عندهم حكمة وبصيرة .. تجده دائماً يظن نفسه قد أحسن وأجاد ، وأن الناس هم الذين لا يستجيبون ، لو أنه تنبه وتوقف لوجد أن في أسلوبه ، أو في علمه ، أوفي طريقته خطأ ، منع الناس من القبول ، ماذا يقول هذا ؟ يحكم بفساد الناس ، وقد يتعدى حدوده ، ويصمهم أو يلصق بهم تهم الابتداع أو الفسق أو الكفر والعياذ بالله ، وهذا من الخطر العظيم . وقد ورد الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم : ( من قال هلك الناس فهو أهلَكَهم ) وفي بعض ضبط الروايات : (فهو أهلَكُهم ) ، ما معنى الحديث ؟من قال : هلك الناس .. فسدوا .. لا سبيل لإصلاحهم .. ليست عندهم استجابة وهم هالكون .. وهم إلى عذاب الله وسخط من الله - سبحانه وتعالى .. من قال ذلك وحكم على عموم الناس فهو أهلكهم .. فهو أشد هلاكاً منهم ؛ لأنه يعتدي على مالا يجوز له في شرع الله بالحكم على الناس ، وبالإساءة إليهم ، وبصدهم ، وبأسلوبه في تنفيرهم عن دين الله - عز وجل - .
ومن المفاهيم أيضاً أو من الأمور التي تنتج عن هذا الفشل والإحباط اليأس أو الإحباط عند بعض الدعاة . الداعية إذا دعا فلم يستجب له ، ولم يحظى بالاستجابة ماذا يقول ؟ ينزوي على نفسه وينعزل عن الناس ، ويقول : الدنيا فساد ، ولا أمل في الإصلاح ، ويصبح حينئذ نخسر الذي كان عنده خير كثير ، وربما علم غزير وأثر نافع ، ولذلك بحثنا عن أسباب نجاح الدعوة مهم ؛ ليتحقق الأجر ، ولينتشر الخير ، وليهزم الباطل ، ولنحمي أنفسنا ودعاتنا ومجتمعاتنا من مفاهيم خاطئة يحصل بها الصراع والتنابز بالألقاب بين الدعاة وبين الناس ، الأصل أن الداعية كالطبيب ، هل ترون الطبيب يختصم مع مرضاه ، وهل ترونه إذا وجد علة ومرض عند بعض الناس ، وطال العلاج والبرء منها يقول له : أنت مريض لا فائدة منك ،سوف تموت ، أو سوف ينتشر مرضك ؟ أم أنه يصبر ، ويأتي بالحكمة ، ويصبّر مريضه ويعينه ؛ حتى يتغلب على مرضه بإذن الله - عز وجل - فالموضوع مهم من هذه الوجوه .

http://www.21za.com/pic/thankyou002_files/14.gif

الثغر المبتسم
14-10-2009, 08:31 AM
إلى هنا أكون قد أنهيت هذا الموضوع - ولله الحمد والمنة - ^__^

وبصراحة استفدت كثيراً من الموضوع .. فلقد قرأت الموضوع حرفاً حرفاً xD خاصةً لأني جددت الموضوع واخترت الأقسام التي أريدها ^^"

وأتمنى أن نرى دعاة ناجحين .. وأن لا نرى حروباً ومواجهات شرسة .. وفقكم الله لما يحبه ويرضى ^^

فهو مقسم إلى ردود متعددة , لكي يتاح لكـ قراءة كل يوم رد واحد إلى أن تصل إلى النهاية ^.^

لا أدري من أي أتى الوقت ! وكيف كتبت ونسقت الموضوع ! فبالفعل أمس رأيت نماذج مستفزة ! فبحثت في النت لكي أقرأ أنا .. وإذا بي أفتح المنتدى وأبدأ في النسخ والتعديل والتنسيق ..! استغرق الموضوع تقريباً يعني 8 ساعة ^^

فاللهم اجعل هذا العمل خالصاً لوجهك الكريم .. وكم أتمنى أن يستفيد منه شخص على الأقل ^___^

جزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم ..

تنويه / اللون الأزرق الفاتح في الموضوع هو رأي أما الباقي فهو من الشيخ , ومما تم نقله من منتدى آخر ..

مصدر الموضوع :
من هنا (http://www.ala7ebah.com/upload/showthread.php?t=24387)وأيضاً من هنا (http://www.islameiat.com/main/?c=247&a=1767)

عذراً إن لم أستطع الرد والتعقيب على ردودكم !

أخوكم المحب / الثغر المبتسم

AbuUbayda
15-10-2009, 10:59 AM
يتم تعليق الرد إلى وقت آخر بإذن الله ، حتى أقرأ الموضوع
بارك الله فيك أخي الحبيب الثغر الموضوع تتجلى أهميته من عنوانه

eshra8t al3'ad
15-10-2009, 01:36 PM
لي عوده بعد ذهوووول

osamah
15-10-2009, 01:42 PM
ما شاء الله تبارك الله موضوع متكامل وأكثر من رائع ^^

أعجبتني جداً الجملة التالية فاقتبستها هنا ^^

إن الداعية إلى الله طبيب، يكره المرض لكنه يحب المريض،

~~~~~~~.....~~~~~~~~.....~~~~~~~~.....~~~~~~~~.... .~~~~~~~~.....~~~~~~~~

شكراً عزيزي على موضوعك الرائع ....
ونتمنى أن يستفيد منه الجميع ;)

الوعد القادم
15-10-2009, 08:30 PM
الله يجزاك كل خير

لي عودة لقرائتها كلها

Bheeg Kun
17-10-2009, 01:02 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ~

ما شاء الله .. كم هو موضوع رائع بكل معنى الكلمة ..
>> يحتاج البعض هنا لقراءته كاملا ..

لك كل الشكر . أخي الثغر .. وجزاك الله كل خير ^^

في أمــــــــــــــــان الله