المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إظهار المشاعر والإعلام بالمحبة وأثره في دوام المودة..



زهرة الوفاء
3-12-2009, 08:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم








إظهار المشاعر والإعلام بالمحبة وأثره في دوام المودة
لشيخ محمد بن إبراهيم الحمد -حفظه الله تعالى-


لا بد لدوام المودة، والقضاء على روح البغضاء من اغتنام الفرصة لإظهار العاطفة المكنونة؛ فلا يكفي مجرد المحبة القلبية، والشعور المضمر، بل لا بد من إظهار ذلك؛ حتى تتأكد أسباب الصلة، ولأجل أن يكون المرء على ثقة ويقين من مودة أخيه.
ولهذا تظاهر ت الأحاديث النبوية في بيان هذا المعنى، والتأكيد عليه.
قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه" (1).
وقال – صلى الله عليه وسلم -: "إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليبين له؛ فإنه خير في الإلفة، وأبقى في المودة" (2).
وقال - عليه الصلاة والسلام -: "إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله؛ فليخبره أنه يحبه لله - عز وجل –" (3).
وعن أنس - رضي الله عنه - أن رجلاً كان عند النبي – صلى الله عليه وسلم - فمر به رجل، فقال: يا رسول الله؛ إني لأحب هذا، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم -: "أعلمته؟" قال: لا، قال: "أَعْلِمْهُ" قال: فلحقه، فقال: إني لأحبك في الله، فقال: أحبك الله الذي أحببتني له(4).
ولقد صرح - عليه الصلاة والسلام - مراراً كثيرة بمحبته لأناس بأعيانهم فمن ذلك قوله - عليه الصلاة والسلام - لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه -: "يا معاذ إني والله لأحبك، أوصيك يا معاذ لا تَدَعَنَّ في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" (5).
وعقد الإمام البخاري - رحمه الله - في صحيحه باباً قال فيه: "باب: قول النبي – صلى الله عليه وسلم – للأنصار: "أنتم أحب الناس إليَّ".
ثم ساق الحديث بسنده عن أنس - رضي الله عنه - قال: رأى النبي – صلى الله عليه وسلم - النساءَ والصبيانَ مُقْبلين - قال حسبت أنه قال من عرس - فقام النبي– صلى الله عليه وسلم - مُمْثلاً فقال: "اللهم أنتم من أحب الناس إلي" قالها ثلاث مرار(6).
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ومعها صبي لها، فكلمها رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فقال: "والذي نفسي بيده إنكم أحب الناس إلي" مرتين(7).
قال الفضيل بن الربيع: "احلف لأخيك أنك تحبه، واجتهد في تثبيت ذلك عنده؛ فإنه يستجد لك حباً، ويزداد لك وداً".
وقال أبو طائع الطَّلْحي: "كتب الجراحي إليَّ مرة: الله يعلم أنك ما خطرت ببالي في وقت من الأوقات إلا مَثَّل الذكرُ منك لي محاسن تزيدني صبابة إليك، وضنَّاً بك، واغتباطاً بإخائك".
ويزداد هذا الباعث - أعني إظهار المشاعر والإعلام بالمودة - بين الأصدقاء خصوصاً إذا حصل بينهما غربة وتفرق؛ فإن ذكر أحدهما للآخر، ومكاتبته، وإبداء الشوق له أدعى لقوة الصلة، وتأكيدها.
ولك أن تتصور ما تفعله الرسالة، وما تحمله من معاني الود في القلب؛ إنها تتسلل إلى سويدائه، وتفعل فيه ما لا يفعله السحرُ، ولا البابليُّ المعتَّقُ.
وإليك هذه الأمثلة بين عالمين كبيرين من علماء تونس الكبار ومن علماء الزيتونة الذين لم تخرج بعدهم مثلهم؛ حيث انعقدت بينهما صداقة تعد مثلاً يحتذى في الصداقة في العصور المتأخرة، وهما الشيخ العلامة محمد الخضر حسين - 1293 - 1377هـ - والشيخ العلامة محمد الطاهر بن عاشور - 1296 - 1393هـ -.
فبعد هجرة الشيخ الخضر من تونس عام 1331هـ بعد أن حكم عليه الاستعمار الفرنسي بالإعدام، وصادروا أملاكه - بعث إليه صديقه محمد الطاهر وهو كبير القضاة بتونس رسالة مصدرة بالأبيات التالية:
بَعُدْتَ ونفسي في هواك تصيد فلم يُغِنِ عنها في الحنان قصيد
وخلَّفت ما بين الجوانح غصةً لها بين أحشاء الضلوع وقود
وأضحتْ أمانيْ القربِ منك ضئيلة ومرُّ الليالي ضعفها سيزيد
أتذكر إذ ودَّعْتنا صبحَ ليلةٍ يموج بها أنسٌ لنا وبرودُ
وهل كان ذا رمزاً لتوديع أنسنا وهل بعد هذا البين سوف يعود
ألم ترَ هذا الدهر كيف تلاعبت أصابعه بالدر وهو نضيد
إذا ذكروا للود شخصاً محافظا تجلى لنا مرآك وهو بعيدُ
إذا قيل: مَنْ للعلم والفكر والتقى ذكرتُك إيقاناً بأَنْكَ فريد
فقل لليالي: جَدِّدي من نظامنا فحسبكِ ما قد كان فهو شديد








ثم كتب تحت هذه الأبيات: "هذه كلمات جاشت بها النفس الآن عند إرادة الكتابة إليكم؛ فأبثها على عِلاتها، وهي وإن لم يكن لها رونق البلاغة والفصاحة فإن الود والإخاء والوجدان النفسي يترقرق في أعماقها".
ولما وصلت تلك الرسالة إلى الشيخ محمد الخضر حسين أجاب بالأبيات التالية:
أينعم لي بالٌ وأنت بعيد وأسلو بطيف والمنام شريد
إذا أجَّجتْ ذكراك شوقيَ أُخْضِلَتْ لعمري بدمع المقلتين خدود
بَعُدْتُ وآمادُ الحياة كثيرةٌ وللأمد الأسمى عليَّ عهود(8)
بعدت بجثماني وروحي رهينةٌ لديك وللودِّ الصميم قيود
عرفتُك إذ زرتُ الوزير وقد حنا عليَّ بإقبال وأنت شهيد(9)
فكان غروبُ الشمس فجْرَ صداقة لها بين أحناء الضلوع خلود
لقيت الودادَ الحرَّ من قلب ماجدٍ وأصدق من يُصْفي الوداد مجيد
ألم تَرْمِ للإصلاح عن قوس نافذٍ درى كيف يُرعى طارفٌ وتليدُ
وقمتَ على الآداب تحمي قديمها مخافةَ أن يطغى عليه جديد
أتذكر إذ كنا نباكر معهداً حُميَّاه عِلْمٌ والسقاة أسود(10)
أتذكر إذ كنا قرينين عندما يحين صدورٌ أو يحين ورود
فأين ليالينا وأسمارها التي تُبلُّ بها عند الظماء كبودُ
ليالٍ قضيناها بتونسَ ليتها تعود وجيش الغاصبين طريد








ولما قدم الشيخ الخضر تونس أثناء رجوعه من الآستانة سنة 1330هـ مرت الباخرة بالقرب من شاطئ (المرسى) حيث كان يقيم صديقه العلامة ابن عاشور، فقال الخضر:
قلبي يحيِّيك إذ مرت سفينتنا تُجاه واديك والأمواج تلتطم
تحيةً أبرق الشوق الشديد بها في سلكِ ودٍّ بأقصى الروح ينتظم


وإني في الله أحبك..
والله أسأل أن يجمعني بك تحت ظله يوم لآ ظل إلآ ظله ..
جعلني الله وإيآك من المتوآدين فيه..








(1) رواه أحمد (17303)، وأبو داود (5124) بلفظ (فليخبره) وقال الألباني في صحيح الجامع (279): (صحيح).


(2) رواه وكيع في الزهد 2/67 وحسنه الألباني في الصحيحة (1199) وفي صحيح الجامع (280).


(3) رواه ابن المبارك في الزهد 1/188 من الكواكب 575 و 712، ورواه عنه عبدالله بن وهب في الجامع ص36، وصححه الألباني في الصحيحة (797) وصحيح الجامع (281).


(4) رواه أبو داود (5125)والحاكم 4/171 وقال: (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في الصحيحة (418).


(5) رواه أحمد 5/244 و 245 و 274، وأبو داود (1522) والنسائي (1301) والحاكم 1/273 وصححه ووافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة (751).


(6) البخاري (3785) وأخرجه مسلم (2508).


(7) البخاري (3786) وأخرجه مسلم (2509).


(8) يعني بالأمد الأسمى: خدمة الدين، والقيام بالدعوة، ومحاربة الاستعمار.


(9) الوزير: هو محمد العزيز بو عتَّور (1240- 1325) من كبار رجال السياسة والعلم في تونس، وهو جد ابن عاشور لأمه، والبيت إشارة إلى أول لقاء بين الخضر وابن عاشور.


(10) نباكر: نأتي مبكرين، والمعهد: جامع الزيتونة، والحميا: شدة الغضب وأوله، ويعني به هنا: النشاط، ويريد بالسقاة: أساتذة المعهد وما كان لهم من مهابة وإجلال في قلوب المتعلمين.

سُلوان
4-12-2009, 12:22 PM
جزاك الله خيرا وبارك فيك موضوع رائع بحق
انى احبك فى الله
جزيت الجنة حبيبتى
ولا تحرمينا من جديدك

أبو رويم
4-12-2009, 12:50 PM
جزاك الله خيرا أختى على موضوعك الرائع والمهم جدا
وننتظر منك الجديد

ღالفارس النبيلღ
4-12-2009, 04:12 PM
بارك الله فيك وجعل الله ذلك في ميزان حسناتك
تقبلي مروري
أخوك
.................
لا اله الا الله... محمد رسول الله

أم مودة
4-12-2009, 06:42 PM
جزاك الله كل خير
لكن هناك من يتحرج من صديقاتى (أحبتى فى الله)
أحيانا من هذا الكلام مثل أشتقت إليك ....
فماذا نفعل معهم
وبالفعل الحب فى الله من أعظم نعمة على العباد
اللهم أدمها علينا وبارك لنا فيها
اللهم آمين
والسلام عليكم

زهرة الوفاء
5-12-2009, 10:06 PM
جزاكم الله خيرا ع المروركم ..

Fifa san
6-12-2009, 10:21 AM
جزاك الله خيرا على موضوعك الرائع
أحبتي في الله
اسأل الله ان يظلنا تحت ظله يوم لا ظل الا ظله
اللهم آمــــــــــــــــيــــــــــــــــــــن

أبو ثابت
6-12-2009, 04:58 PM
وعليكم السلام

الموضوع حساس فعلا فقد يأخذها البعض على أنه عيب أو أي شيء من هذا القبيل

كما مرة قلت لاأحد أصدقائي أني أحبك في الله ولله الحمد ألى الان ويا بعض

ولاننسى الوالدين فلهم النصيب ألاكبر وجزاك الله خير

زهرة الوفاء
8-12-2009, 08:16 PM
شكرا ع المروركم ....