تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ~رضيت بالله رباً ~



@لوفي@
2-2-2010, 05:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الفعال لما يريد
أنزل علينا خير كتبه وأرسل لنا أفضل رسله ؛ فأكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة، أحمده - سبحانه - وأشكره ، وأتوب إليه وأستغفره ..ونسأله دوام الإخلاص في السر والعلن

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولاً) رواه مسلم
طعم الإيمان هو طعم الحياة الهانئة, وهو نفسه طعم راحة البال وسكون الخاطر وجمال الروح وسرور القلب وهدوء النفس واستقرارها في معترك هذه الحياة التي لا تكاد تخلو من المنغصات والكوارث والنكبات!

وكما قال علماء النفس إن كثيرا من الهموم والضغوط النفسية سببه عدم الرضا ، فقد لا نحصل على ما نريد ، وحتى لو حصلنا على ما نريد فقد لا يعطينا ذلك الرضا التام الذي كنا نأمله ، فالصورة التي كنا نتخيلها قبل الإنجاز كانت أبهى من الواقع . وحتى بعد حصولنا على ما نريد فإننا نظل نعاني من قلق وشدة خوفا من زوال النعم .

((فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ))

إن اغلب السلف الصالح وأهل العلم الأجلاء أسعدوا أنفسهم والأمة جمعاء لأنهم سلكوا طريق الله عزوجل ووجهوا مااعاطهم الله من خيرات في سبيله الصحيح الذي ارتضاه لهم الله عزوجل فكانت حياتهم رغم فقرهم بركة في أعمارهم وأوقاتهم وأهلهم ومن حولهم ومن جانب آخر نرى أُناس أعطاهم الله الخير الكثير مع ذلك كانت سبب في أحزانهم وشقائهم وتعاستهم وتراهم غالباً في تذمر لأنهم أساساً انحرفوا عن الفطرة السوية في توجيه جلّ حياتهم في سبيل الله عزوجل وطاعته !


" ارض بأقل مما أنت فيه وبدون ما أنت عليه"


وقد قال ابن القيم رحمه الله "ودرجة الرضا درجة عزيزة غالية ولذلك لم يوجبها الله على عباده, لكن ندبهم إليها واستحبها منهم وأثنى على أهلها, بل أخبر سبحانه أن ثواب الرضا أن يرضى الله عنهم, وهو أعظم وأكبر وأجل من الجنان وما فيها , فإن العبد المؤمن الصالح إذا حصل له الرضا ارتفع جزعه في أي حكم كان أو قضاء, بل استقبل كل قضاء الله تعالى بالفرح والسرور"

وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى - رضي الله عنهما- : "أما بعد, فإن الخير كله في الرضا, فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر".


نعم أحبتي في الله في هذه الدنيا الخير كُله كُله يُجمع لكم تحت سقف الرضا!
فمن كسب الرضا كسب الدنيا مترامية الأطراف يعيش عالياً بقلبٍِ مسرور
ومن فقد الرضا فقد معه السعادة والسرور وراحة البال !

وقد قال الشيخ سلمان العودة " فأما قولك: رضيت بالله رباً، فإنه لا بد أن يكون إخباراً عن أمر صادق.. ولا بد أن يكون إخباراً عن صدق؛ أما من يقول بلسانه: رضيت بالله ربا، وهو في واقع حياته غير راضٍ بالله ربا؛ فإنه إنما يكذب قوله بفعاله؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: {ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً } فلم يقل: من قال، بل من رضي يعني: حقق قوله بفعله"


وما أجمل قول شيخ الحرم الشيخ الدكتور سعود الشريم في وصف الرضا بقوله" فكم من غنيٍّ لم يفارق الشقاء جنبيه ولم يجد في المال معنى الغنى الحقيقي ؛ إذ كم من غنيٍّ يجد وكأنه لم يجد إلا عكس ما كان يجد ، وكم من صاحب جاهٍ ومنزلةٍ رفيعةٍ لم يذق طعم الأنس والاستقرار في ورد ولا صدر ، ولا لاح له طيفه يومًا ما ، وكم من صاحب أهلٍ وولدٍ يتقلب على رمضاء الحزن والقلق والاضطراب النفسي وعدم الرضا بالحال ..بينما نجد في واقع الحال شخصا لم يحظ بشيء من ذلكم البتة - لا مال ولا جاه ولا أهل ولا ولد - غير أن صدره أوسع من الأرض برمتها ، وأنسه أبلغ من شقاء أهلها ، وطمأنينته أبلج قلقهم واضطرابهم ..

لماذا ؟ وما هو السبب ؟

لأن تلكم الأصناف قد تباينت في تعاملها مع نعمةٍ كبرى ينعم الله بها على عبده المؤمن .. نعمةٍ إذا وقعت في قلب العبد المؤمن أرته الدنيا واسعةً رحبةً ولو كان في جوف حجرة ذرعها ستة أذرع ، ولو نزعت من قلب العبد لضاقت عليه الواسعة بما رحبت ولو كان يتقلب بجنبيه في حجر القصور والدور الفارهة إنها (نعمة الرضا) عباد الله .. نعم (نعمة الرضا) ذلكم السلاح الفتاك الذي يطوي بحده على الأغوار الهائلة التي ترعب النفس فتضرب أمنها واطمئنانها بسلاح ضعف اليقين والإيمان ؛ لأن من آمن عرف طريقه .. ومن عرف طريقه رضي به وسلكه أحسن مسلك ليبلغ ويصل .. لا يبالي ما يعرض له لأن بصره وفكره متعلقان بما هو أسمى وأنقى من هذه الحظوظ الدنيوية ، ولا غرو أن يصل مثل هذا سريعًا لأن المتلفت لا يصل ولا يؤتى منها الوصول" ..



فما المقصود بالرضا فعلاً لا قولاً؟!

عرف العلماء كلمة "الرضا" بتعريفات عديدة كُلها تنصب في قالب واحد تجعل للكلمة أبعاد واسعة جميلة المدارك فمن بين هذه التعريفات :

الرضا : هو سرور القلب بمُرِّ القضاء
الرضا هو: ان تلقي المهالك بوجه ضاحك و سرور يجده القلب عند حلول القضاء
الرضا هو :طيب النفس بما يصيبه ويفوته مع عدم التغير
الرضا هو : نظر القلب إلى قديم اختيار الله تعالى للعبد، وهو ترك التسخط
الرضا هو: أن تشعر بالارتياح لما يختاره الله لك.


جاء في الأثر أن موسى عليه السلام سأل ربّه " ما يُدني من رضاك ؟ قال : إن رضاي في رضاك بقضائي"

وايضاأن موسى عليه السلام قال "يا رب أخبرني عن آية رضاك عن عبدك ؟ قال الله عزّ وجلّ : إذا رأيتني أهيئ له طاعتي , وأصرفه عن معصيتي , فذلك آية رضاي عنه"

قيل ليحيى بن معاذ : متى يبلغ العبد مقام الرضا ؟ قال "إذا أقام نفسه على أربعة أصول فيما يتعامل به ربّه فيقول : إن أعطيتني قبلت , وإن منعتني رضيت , وإن تركتني عبدت , وإن دعوتني أجبت"

قيل للحسين بن علي رضي الله عنه : إن أبا ذرّ رضي الله عنه يقول : الفقر أحبّ إلي من الغنى , والسقم أحب إلي من الصحة . فقال "رحم الله أبا ذرّ , أما أنا فأقول : من اتّكل على حسن اختيار الله له لم يتمنّ غير ما اختار الله له"

أما أنا فأقول الرضا هو أن تعتبر مصائب الدنيا ونكباتها هدايا قيّمة أُهدت إليك من شخصٍ عزيز غالي على قلبك^_^ فكيف وقتها سيكون شعورك ؟!
فالقلب أحبتي في الله يتلقى المصيبة أولاً ثم تكون ردة فعله اعتماداً على رصيد الإيمان الموجود في القلب ! فبالنظر إلى ردة الفعل نعلم جيداً مخزون الإيمان الذي في قلبك وقلوب الآخرين !






فضل الرضا:

قيل :الرضا يفرغ القلب لله تعالى ..
والسخط يفرغ القلب من الله

وقد قال العلماء كلاماً نفيساً رفيع المقام في ذكر فضل الرضا بقولهم:
هو أسمى مقاماً وأرفع رتبة من الصبر، إذ هو السلام الروحي الذي يصل بالعارف إلى حب كل شيء في الوجود يرضي الله تعالى، حتى أقدار الحياة ومصائبها، يراها خيراً ورحمة، ويتأملها بعين الرضا فضلاً وبركة"


قال الرسول صلى الله عليه وسلم "(اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمناً، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلماً، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب) فعلّق النبي صلى الله عليه وسلم غنى النفس وسعادتهم وسرورها برضاها بما قسمه الله لها
وأوضح عليه الصلاة والسلام أن من أعظم أسباب سعادة المرء في هذه الدنيا وتباعاً لها السعادة الأخروية وأبعدهم حالاً عن أسباب السخط والشقاء والأحزان والهموم والمنغصات هو الرضا بقوله" من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله له، ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله تعالى، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله تعالى له"


الرضا بالله يجعل النفس تودع خواطر اليأس ولسعاته القاتلة لأن اليأس يجعل الإنسان يركز تفكيره على حزنه لأمور لم يستطع الحصول عليها أو حزنه على أمور تعرض لها أو حزنه على أمور فاتت مما يسبب له القلق المستمر والحيرة والهم والاضطراب النفسي وعدم راحة البال وتراه دوما يردد لماذا لست مثل فلان ولماذا لم احصل على ذاك الشئ وهكذا من الخواطر التي تقتل الاستمتاع بجمال ما حولنا وتجعله لا نال ما يتمناه ولا استمتع بما في يديه!

لذلك ترى العديد من الناس يرددون كل صباح "رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً" وواقع حالهم يخالف ذلك !

لان من موجبات الرضا بالله فعلاً لا قولاً الرضا بكل أفعاله سبحانه وتعالى في خلقه ولو كانت مخالفةً لما نحب!
والرضا بكل أحكام الشريعة الغراء ولو كانت مخالفة لما نحب!
والاستسلام لها ولأحكامها ولو خالفت هوى النفس ومصالحنا ومتطلباتنا !



أنواع الرضا :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: "وذُكر عن الشيخ أبي عبد الرحمن أنه قال‏:‏ سمعت النصر آبادي يقول‏:‏ من أراد أن يبلغ محل الرضا فيلزم ماجعل اللّه رضاه فيه، فإن هذا الكلام في غاية الحسن، فإنه من لزم ما يرضي اللّه من امتثال أوامره واجتناب نواهيه لا سيما إذا قام بواجبها ومستحبها، فإن اللّه يرضى عنه، كما أن من لزم محبوبات الحق أحبه اللّه، كما قال في الحديث الصحيح الذي في البخاري(من عادى لي وليًا فقد بارزني بالمحاربة وما تقرب إلى عبدى بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته‏)‏ الحديث‏.‏

وللرضا بالله نوعان لا ثالث لهما :

أحدهما‏:‏ الرضا بفعل ما أمر به وترك ما نهي عنه‏.‏ ويتناول ما أباحه اللّه من غير تعدٍ إلى المحظور، كما قال‏:‏ ‏(‏وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) وقال تعالى‏:‏ ‏(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ)‏، وهذا الرضا واجب؛ ولهذا ذم من تركه بقوله‏:‏ ‏(وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ)‏


والنوع الثاني‏:‏ الرضا بالمصائب، كالفقر والمرض والذل، فهذا الرضا مستحب في أحد قولي العلماء‏ وليس بواجب، وقد قيل‏:‏ إنه واجب، والصحيح أن الواجب هو الصبر‏.‏ كما قال الحسن‏:‏ الرضا غريزة، ولكن الصبر معول المؤمن‏.‏وقد رُوي في حديث ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ‏(‏إن استطعت أن تعمل بالرضا مع اليقين فافعل، فإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا)






أين محل الرضا؟ !

أن الرضا يقع في القلب وتصدقه الجوارح وتصديق الجوارح مباشرةً بعد وقوع القضاء
ولو افترضنا أننا دخلنا منزلاً لأحد الأقارب وأصبحنا نتحكم به كيفما نشاء لوجدنا اعتراضاً شديدا من أهل البيت!
وبأبسط كلمة منهم تقال : هذا المنزل ملكُنا فلا يحق لأحد التصرف به كيفما يشاء ! ولا احد يلومهم ولا يعتب عليهم كون هذا حق مكتسب لهم

فأنت ونفسك وجسمك وروحك ملك للواحد الأحد فلا يحق لك ولا لغيرك التحكم في ملك الله عزوجل فترضى بما تريد وترفض ما تريد!

قال مسروق: كان رجل بالبادية له **** وكلب وديك, وكان الديك يوقظهم للصلاة , والكلب يحرسهم ، والحمار ينقلون عليه الماء ويحمل لهم خيامهم .. فجاء الثعلب فأخذ الديك فحزنوا عليه وكان الرجل صالحاً ، فقال: عسى أن يكون خيراً.
ثم جاء ذئب فبقر بطن الحمار فقتله ,فقال الرجل الصالح : عسى أن يكون خيراً ..
ثم أصيب الكلب بعد ذلك فقال: عسى أن يكون خيراً.
ثم أصبحوا ذات يوم فنظروا فإذا سُبيءَ من كان حولهم وبقوا سالمين وإنما أخذوا أولئك بما كان عندهم من أصوات الكلاب والحمير والديكة ..فكانت الخيرة في هلاك ما كان عندهم من ذلك كما قدر الله سبحانه وتعالى ..
فمن عرف خفي لطف الله رضي بقدره.





قصـــــة وعبرة

( أليس الله بأحكم الحاكمين )


كان فيما كان قرية بها رجل عجوز حكيم , وكان اهل القرية يستشيرونه في امورهم في أحد الأيام , ذهب فلاح إلى العجوز وقال بصوت محموم أيها الحكيم لقد حدث شيء فظيع لقد هلك ثورى وليس لدى حيوان يساعدني على حرث أرضي ! اليس ذلك أسوأ شيء يمكن أن يحدث لي ؟
فأجاب الحكيم ( ربما كان ذلك صحيحا , وربما كان غير ذلك ) فأسرع الفلاح عائدا لقريته وأخبر جيرانه أن الحكيم قد جن بالطبع كان ذلك أسوأ شيء يمكن أن يحدث للفلاح فكيف لم يتسن للحكيم أن يرى ذلك إلا أنه في اليوم ذاته , شاهد الناس حصانا قويا بالقرب من مزرعة الرجل ولأن الرجل لم يعد عنده ثور ليعينه في عمله واتت الرجل فكرة اصطياد الحصان ليحل محل الثور ... وهو ما قام به فعلا وقد كانت سعادة الفلاح بالغة , فلم يحرث الأرض بمثل هذا اليسر من قبل وما كان من الفلاح إلا أن عاد للحكيم وقدم اليه أسفه قائلا لقد كنت محق ايها الحكيم إن فقداني للثور لم يكن اسوأ شيء يمكن أن يقع لي , لقد كانت نعمة لم أستطع فهمها , فلو لم يحدث ذلك لما تسنى لي أبدأ أن أصيد حصانا جديدا لا بد أنك توافقني على أن ذلك هو أفضل شيء يمكن أن يحدث لي فأجاب الحكيم ؛ ربما نعم وربما لا 00 فقال الفلاح لنفسه ( لا ) ثانية لابد أن الحكيم فقد صوابه هذه المرة وتارة أخرى , لم يدرك الفلاح ما سيحدث بعد مرور بضعة أيام سقط ابن الفلاح من فوق صهوة الحصان فكسرت ساقه ولم يعد بمقدوره المساعدة في حصاد المحصول ومرة اخرى ذهب الفلاح إلى الحكيم وقال له كيف عرفت أن اصطيادى للحصان لن يكون امرا جيدا ؟ لقد كنت على صواب ثانية , فلقد جرح ابني ولن يتمكن من مساعدتي في الحصاد هذه المرة أنا على يقين بأن هذا هو أسوأ شيء يمكن أن يحدث لي لا بد أنك توافقني هذه المرة ولكن كما حدث من قبل , نظر الحكيم الى الفلاح وقال ( ربما نعم وربما لا ) استشاط الفلاح غضبا من جهل الحكيم وعاد من فوره الى القرية وفي اليوم التالي , قدم الجيش واقتاد جميع الرجال القادرين للمشاركة في الحرب التي اندلعت للتو وكان ابن الفلاح الشاب الوحيد الذي لم يصطحبوه معهم ومن هنا كتبت له الحياة في حين أصبح حتما على الباقين أن يلقوا حتفهم...

كُن عن همومك مُعرضاً *** وكِل الأمور إلى القضا
وانعم بطول سلامة *** تُسليك عمّا قد مضا
فلربما اتسع المضيق *** وربما ضاق الفضا
ولرب أمر مسخط *** لك في عواقبه رضا
الله يفعل ما يشاء *** فلا تكن مُتعرضا






مقتطفات من كلام السلف

من ظن انفكاك لطفه عن قدره . فذلك لقصور نظره .. فلطف الله جل جلاله ، يرافق قدره ..
( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْر) المهم أن تفهم عن ربك .. وتثق أن له في كل شيء آية وحكمة . وانه إنما يبتليك ليربيك … أو يبتليك ليرقيك ..
فأنت بين بلاء من أجل التربية والتطهير والصقل أو في بلاء من أجل الترقية ورفع الدرجات والمقامات عند الله ففي كلا الحالين أنت في نعمة .. فاشكر الله واهب النعم ..

قال الشاعر:
رضيت بما قسمَ اللـه لـي *** وفوّضتُ أمري إلى خالقي
كما أحسن الله فيما مضـى *** كذلك يُحسن فيما بَـقِـي

عن جعفر قـال : إجتمع مالك بن دينار ومحمد بن واسع ؛ قال مالك : إني لأغبط رجلاً معه دينه ، له قوام من عيش ، راض عن ربه عز وجل ؛ فقـال محمد بن واسع : إني لأغبط رجلاً ، معه دينه ، ليس معه شئ من الدنيا ، راض عن ربه ؛ قال : فانصرف القوم ، وهم يرون أن محمداً أقوى الرجلين .

و عن الفضيل بن عياض قال : درجة الرضى عن الله عز وجل : درجة المقربين ؛ ليس بينهم وبين الله تعالى : إلا روح ، وريحان .

أحد السلف كان أقرع الرأس ، أبرص البدن ، أعمى العينين ، مشلول القدمين واليدين ، وكان يقول : "الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً ممن خلق وفضلني تفضيلاً " فَمَرّ بِهِ رجل فقال له : مِمَّ عافاك ؟ أعمى وأبرص وأقرع ومشلول . فَمِمَّ عافاك ؟
فقال : ويحك يا رجل ! جَعَلَ لي لساناً ذاكراً ، وقلباً شاكراً ، وبَدَناً على البلاء صابراً !


وعن حاتم الأصم قال : من أصبح وهو مستقيم في أربعة أشياء ، فهو يتقلب في رضا الله ؛ أولها : الثـقة بالله ، ثم التوكل ، ثم الإخلاص ، ثم المعرفة ؛ والأشياء كلها : تتم بالمعرفة .

قال الشافعي:
دع الأيام تفعل ما تشـــاء *** وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجـــزع لحادثة الليالي *** فمـــا لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلداً *** وشيمتك السماحة والوفــاء






ختاماً أحبتي في الله نحن حالياً في هذا الزمن الذي كثرت فيه النكبات والمصائب والظروف القاسية أحوج ما نكون إلى الرضا بالله عزوجل وكمال الرضا به فعنوان السعادة الحقيقية في ثلاث مَن إذا أُعطي شكر وإذا ابتُلي صبروإذا أذنب استغفر

فلا حزن يدوم ولا سرور = ولا بؤس يدوم ولا شقاء

فالعبد يعلم أنه عبدٌ ، ويعلم بأنه عبدٌ لله ، والعبد لا يعترض على سيّده ومولاه .

واعلم بأنك عبدٌ لا فِكاك له = والعبد ليس على مولاه يعترضُ

قال من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم :
عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له . رواه مسلم .


نتوقف هنا ولنا عودة لشرح أسباب الحصول على الرضا وثمرات الرضا ^_^

اللهم إنا نسألك أن ترضينا و أن ترزقنا الرضى وأن ترضى عنا..
وعن والدينا وأهلونا أجمعين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
icon0icon0icon0icon0icon0icon0icon0icon0icon0icon0 icon0icon0icon0