المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "خطــــورة الــهم" - خطبة المسجد الحرام -



Ala2.W
15-5-2010, 04:30 PM
http://images.msoms-anime.net/images/51066358730823950000.jpg (http://images.msoms-anime.net/)





اليوم كتبتُ لكم خطبة يوم الجمعة من المسجد الحرام, بتاريخ 7 – 5 – 2010




كانت خطبة جداً رائعة ألقاها الشيخ \ سعود الشريم حفظه الله





حقيقة لم أسمعها في يومها التي أُلقت فيه, لكن بعد أن سمعتها ندمت اشد الندم على أنني لم أسمعها



لأنها كانت رائعة بحد ذاتها, وكانت الخطبة عن "خطورة الهم"





فكتبتها هنا بهيئة موضوع


بمعنى بغير مقدمة الخطبةوخاتمتها


ولمن أراد أن يسمعها وضعت رابط في الموضوع لتحميلها





http://images.msoms-anime.net/images/13196430513071762267.jpg (http://images.msoms-anime.net/)





أما بعد



فيا أيها الناس




أيام المرء حبل ممدود, لا يدري متى ينقطع, وطرفا هذا الحبل ماضٍ و حاضر ومستقبل, فربما يلتفت إلى الماضي فيتحسر عليه فيقلق أو يحزن عليه فيكسل و لربما ألتفت إلى المستقبل مشرئبا إلى معرفته قبل أوانه , وتذوقه قبل إبانه,و الواقع عباد الله أنه ليس له إلا الحاضر الذي يعيش فيه؛ لأن أمس الماضي لا يجد لذته ولا يحس بشدته, ولأن المستقبل غيب و الأمر فيه على خطر, فما للمرء إذاً إلا الساعة التي يعيش فيها, فلن يستطيع رد الأمس ولا تعجيل الغد,و هو ما دام ذا روحٍ يقلبها, فهو يعيش على أمر قد قُدر لا يخلو فيه من مصيبة وقل ما ينفك عن عجيبة , كما أن النسيم لا يهب عليلاً سرمداً في حياة المرء دونما قتر , إذ المنغصات كثيرة والمشوشات حثيثة, و الأُنس في الحياة ذو فتح وذو إغلاق. فمن هذه المخاطر والحادِثات ينشأ هاجسٌ أقلق القلوب و أفزع الرجال والنساء ألا إنه الهم نعم الهم الذي هو شعور يعتري المرء فيودع في نفسه الحزن والاضطراب واليأس, ليزاحم الأُنس والاستقرار و الفأل, فلا يهنئ حينها بنومٍ ولا يلذُ بطعام ولا يسيغ شرابا, نعم إنه الهم الذي يُشعر المرء بأن النهار لن يدرك الليل, وأن الليل لن يعقبهُ نهار, ليجعل الدقيقة ساعات طويلة , ويا لله ما أطول الليل على من لم ينم , الهم يخترم الجسيم نحافة , ويشيب ناصية الصبي ويُهرم ,الهمُ عباد الله يجعل البال مشتتاً والفكر مشغولا , يضيق على المرء الواسعة بما رحبت و لو سكن قصراً فخماً أو برجاً مشيدا , فيصير صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء حتى يكون حرضاً أو يكون من الهالكين. ومن منا يا ترى الذي عاش عمره كله بلا هم أو لم يصبه دخان الهم وغباره إلا من شاء الله, صاحب المنصب والشرف يتوجس فقده كل لحظة فيصيبه الهم , و للأبوان هموم كثيرة بسبب حاضر الأولاد و مستقبلهم , فهما مهمومان بكسوة هذا وتزويج تلك و توظيف هذه وتربيه ذاك, وإنه لمخطئ أشد الخطأ من جعل الهم حكراً على ذو المسكنة و ملتحف المسربة والإملاق, لأننا نرى كبراء مهمومين و أغنياء مضطربين كما أننا نرى فقراء راضين مستقرين . وإذا كان بعض الفقراء يُصابُ بالهم من فراغ بطنه إبان إملاقه, فإننا نرى من الأغنياء من يصاب بالهم بسبب تخمة بطنه إبان إغداقه, وقولوا مثل ذلكم عباد الله في الصبي والشاب, والذكر والأنثى, والصحيح والسقيم, والغني والفقير. إن الكثيرين في الواقع يتبرمون بالزوابع التي تحيط بهم و المُدلَهِات التي تفاجئهم بين الحين والآخر, مع أن المتاعب والآلام تربة خصبة تنبت على جوانبها بذور القوة والنشاط إذ ما تفتقت مواهب العظماء إلا وسط ركامٍ من المشاق والجهود المضنية . ولو رجع المرء إلى نفسه قليلاً لأتهم مشاعره المتعجلة تجاه ما يزن به , فمن يدري رُب ضارة نافعة, و ربما صحة الأجسام بالعلل ورُب محنة في طيها منحه وكم بسمة كانت بعد غُصة ورُب فرحة بعد ترحه. و إن الحوادث و الخطوب وإن شرقت وإن غربت فلن ينالك منها أيها المرء إذا ما كُتب لك, ولن يصرف عنك منها إلا ما كُتب أن يُصرف عنك. فعلام الهم إذاً أيها المرء ؟ألا تدري أن عواقب الأمور تتشابه في الغيوب, فرُب محبوب في مكروه, ورُب خيرً من شر{ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }.
قال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: أيُّ يوميَّ من الموت أفر ؟ يوم لا يُقدر أو يوم قُدر ؟ يوم لا يُقدر لا أحذره, ومن المقدور لا ينجو الحذر. فعلام الهم إذاً عباد الله.

مر إبراهيم ابن أدهم على رجل مهموم , فقال له إني سائِلك عن ثلاثة فأجبني, قال : أيجري في هذا الكون شيئاً لا يُريده الله ؟ أوَينقص من رزقك شيءٌ قدره الله ؟ أوَينقص من أجلك لحظة كتبها الله ؟ , فقال الرجل : لا , قال إبراهيم : فعلام الهم إذاً . عباد الله إن الهم جُند من جنود الله يبتلي به عباده لينظر ما يعملون , وهو وإن كان شعوراً وليس مادةً إلا أنه أشد أثراً من المؤذيات المادية, ويؤكد ذلك ما ذكره علي ابن أبي طالب رضي الله عنه – حينما سُئل من أشد جُند الله ؟

فقال: الجبال
والجبال يقطعها الحديد فالحديد أقوى
والنار تذيب الحديد فالنار أقوى
والماء يطفئ النار فالماء أقوى
والسحاب يحمل الماء فالسحاب أقوى
والريح تعبث بالسحاب فالريح أقوى
والإنسان يتكفئ الريح بيده وثوبه فالإنسان أقوى
والنوم يغلب الإنسان فالنوم أقوى
والهم يغلب النوم فأقوى جُند الله هو الهم


يسلطه الله على من يشاء من عباده, قال تعالى:{ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ }.





http://images.msoms-anime.net/images/20655478543132381475.jpg (http://images.msoms-anime.net/)





الحمد لله وحده والصلاة السلام على من لا نبي بعده



وبعد



فيا أيها الناس




إن من سمات شريعة الإسلام الدلالة إلى ما فيه الخير و التحذير مما فيه الشر, وإن مما وجهت به شريعتنا الغراء أن الهموم المفرطة خطر على كيان الأمة و إنتاجها, لأنه خيرٌ لكل مجتمع مسلم أن يستقبل الحياة ببشر وأمل كي يستفيد من وقته ويغتال القعود والقنوط, ولا يُظن بعاقل أن يزهد بالأنس , و إذا ما غلبت المرء أعراضٌ قاهرةٌ فسلبته الطمأنينة والرضا,فإنه يجب عليه أن يجنح إلى الدواء النافع الذي دل عليه ديننا الحنيف,حتى لا يكون الاستسلام لتيار الهم الذي يولد انهيار الأعمال بالعجز والكسل. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم,كما في الحديث الصحيح يتعوذ بالله من الهم والحزن. وقال صلى الله عليه وسلم: (من قال إذا أصبح وإذا أمسى "حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم" سبع مرات كفاه الله ما أهمه ) رواه داود. وعليك أيها المهموم أن ترطب لسانك بذكر الله , لتخرج من عنق الزجاجة إلى الفضاء والسعة , و إن زوال الهم مرهون بكثرة الاستغفار و لزومه, كما قال صلى الله عليه وسلم : ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا , ورزقه من حيث لا يحتسب ) رواه أبو داود والنسائي . إنه لن ينفع أحدنا جنوحه إلى زيد أو شكواه لعمْر مادام لم يطرق باب أرحم الراحمين المطلع, على الضمائر وما تُكنه الصدور, لأن من فقد الأُنس بالله فما عساه أن يجد ومن وجد الأُنس بالله فما عساه أن يفقد, ففر من همومك أيها العبد إلى ربك وخالقك ومولاك. دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم فإذا هو برجل من الأنصار يُقال له أبو أُمامه, فقال: ( يا أبا أُمامه مالي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة,قال: همومٌ لزمتني وديونٌ يا رسول, قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك, قال: بلى يا رسول الله , قال : قُل إذا أصبحت وإذا أمسيت " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن و أعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ", قال أبو أُمامه ففعلت ذلك فأذهب الله همي وقضى عني ديني ) رواه أبو داوود . عباد الله إذا كان اللجوء إلى الله تعالى سببا في انسلال الهموم الجاثمة على المرء, فإن ذكر الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه سبباً في الأُنس وكفاية الهم. فقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ( يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك (أي أصرف بصلاتي عليك) جميع الزمن الذي كنت أدعو فيه لنفسي, قال صلى الله عليه وسلم : إذاً يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دُنياك و آخرتك ) رواه أحمد . ألا فاتقوا الله عباد الله وأحسنوا التعامل مع الهموم تفلحوا, و حذار أن تكون همومكم من نسيج خيالكم والواقع منها براء, وخذوا أمور الدنيا بأسهل ما يكون و غضُ الطرف عن مبكيات الهموم بالتغابي عنها فإن الغبي ليس بسيد في قومه, ولكن سيد قومه المتغابي. وأعملوا على تخليص همكم من همكم لهمكم الأخروي وإياكم وكثرة المعاصي فإنها كلاليب الهموم أجارنا الله و إياكم منها .



فاستأنسوا يا إخوتي في اللهِ ,.,., إن الهموم لموحيشاتُ اللاهي



ويلُ العــــباد من الهموم وإنها ,.,., تــــخبو لدى مســـــتأنس بالله .



هذا وصلوا رحمكم الله على خير البرية و أزكى البشرية محمد ابن عبدالله صاحب الحوض والشفاعة, فقد أمركم الله بأمر بدء فيه بنفسه وسن بملائكته المسبحة بقدسه و أيه بكم أيها المؤمنون, فقال جل وعلا: { يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما }.
اللهم صلي وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الانور والجبين الأزهروأرضى اللهم عن خلفائه الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر صحابة نبيك محمدوعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين و عنا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين .





http://images.msoms-anime.net/images/97306974071538576845.jpg (http://images.msoms-anime.net/)




الخطبة بالصوت



الحجم : 1.94 ميغا بايت




التحميل



أضغط هنا (http://www.mediafire.com/?igzzzwmnt2g)



,.,.,.,.,.,.,.,.,.,.,




وفي النهاية أشكر أوني تسوباسا على تصميمها الفواصل




و إن كان هناك أي خطأ في الكتابة فأرجو التنبيه عليه : )




جميع الحقوق محفوظة >> حقوق الكتابة



لــ ala2.w@msoms-anime


http://images.msoms-anime.net/images/57831793082858540771.jpg (http://images.msoms-anime.net/)

أبوعبيده92
15-5-2010, 07:11 PM
جزاك الله خيرا

ساكورا ساما
15-5-2010, 10:09 PM
جزاكي الله خيرا وكثر من امثالكي

وجعلها في موزين حسنااااتك

معتزة بديني
15-5-2010, 11:53 PM
وعليكم السلام ورحمه الله
بارك الله فيك أختاه
وجعله فى ميزان حسناتك
وجزاك الله خيرا

waiting future
16-5-2010, 03:50 PM
كم سعدةُ بسماع الخطبة لقد كانت كلماتها من القلب الى القلب

جهد رائع وفقكِـ الله في فعل كل خير

و جزاكي الله خيراً للطرح و جعله عملاً نافعاً في موازين حسناتكِ


في آمان الله

ماروكا
16-5-2010, 05:53 PM
جزاكِ الله خيرً أختي ووفقكِ فيما يرضيه

Emi
16-5-2010, 06:13 PM
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ...

جزاك الله خير الجزاء ... خطبة رائعة و مهمة ...


" اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن و أعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال "



اللهم فرّج هم المهمومين من المسلمين ...


في أمان الله و حفظه ...

ZX2009
17-5-2010, 05:38 PM
شكرا يا أختي الطيبة.

والله زمان ما رحت الحرم إبغالي ألحق في الأيام دي