المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مكانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر



عُبيدة
30-6-2010, 02:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة عظيمة فإنها من كبريات القضايا ومهمات المسائل، لأن متعلقها إيجاد المجتمع الإسلامي، وإقامة الدين الذي من أجله خلقت البشرية، فحاجة المجتمعات إليها ماسة في سائر العصور، ولو كان مجتمع يستغني عنها لاستغنى عنها مجتمع الصحابة الكرام، ولكن لا غنى للإنسان أيا كان عنها، فالإنسان موصوف بالظلم والجهالة، كما أخبر الله عنه بقوله: {إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب: 72]، هذا مع صفات نقص أخرى جبل عليها من السهو والنسيان وغيرها، فجاء الشرع آمرًا بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر، كما في سورة العصر، وقد بين ربنا فيها أن جنس الإنسان خاسر {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:3]، وفي المقابل رتب الفلاح والخيرية على القيام بتلك المسؤولية، وقال الله -تعالى-: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104]، {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110] قال القرطبي -رحمه الله-: في هذه الآية "مدح لهذه الأمة ما أقاموا ذلك وما اتصفوا به فإن تركوا التغيير وتواطؤوا على المنكر زال عنهم اسم المدح ولحقهم اسم الذم وكان ذلك سببا لهلاكهم" [1] وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "من سره أن يكون من أهل هذه الآية فليؤد شرط الله فيها" [2]، يريد من سره أن يكون من خير أمة فليؤمن بالله وليأمر بالمعروف ولينه عن المنكر.




وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من أعظم الذنوب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحقرن أحدكم نفسه، أن يرى أمرًا لله فيه مقال، فلا يقول فيه، فيقال له يوم القيامة: ما منعك أن تكون قلت في كذا وكذا؟ فيقول: مخافة الناس، فيقول: إياي أحق أن تخاف» [3].




وبإلقاء نظرة على كتاب الله -تعالى- يستبن الناظر أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان وظيفة الأنبياء الكرام، فإبراهيم -عليه السلام- نهى قومه عن المنكر فقال: {أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ} [الأنبياء: 66]، وأمرهم بالمعروف فقال: {أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 86- 87]، وأعمل يده في الأصنام تكسيرا، قال الله -تعالى-: {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ} [الصافات: 93]، وقال -سبحانه-: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} [الأنبياء: 58].




وموسى -عليه السلام- شدد النكير على السامري وقال له: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً} [طه: 97]، وقال عيسى -عليه السلام- للحواريين: {اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 112].




ونبينا -صلى الله عليه وسلم- كانت حياته كلها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر قال الله -تعالى-: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} [الأعراف: 157].




وقال -جل ذكره- في شأن المؤمنين: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71].




وقال -سبحانه- في شأن المنافقين: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} [التوبة: 67].




قال صاحب المنار: "وقد جرت سنة الأنبياء والمرسلين والسلف والصالحين على الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن كان محفوفًا بالمكاره، وكم قتل في سبيل ذلك من نبي وصديق فكانوا أفضل الشهداء!" [4].




والآثار المترتبة على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وخيمة وهي تدلك على مكانة تلك الشعيرة فمن تلك الآثار المترتبة على ترك الأمر بالمعروف وترك النهي عن المنكر:



- كثرة الخبث، قالت زينب للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنهلك وفينا الصالحون؟" قال: «نعم إذا كثر الخبث» [5].




- ومنها حلول العذاب، قال الله -تعالى-: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25].




- ومنها عدم إجابة الدعوة قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه فتدعونه فلا يستجيب لكم» [6].




- ومنها حصول الاختلاف والتناحر، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول: ياهذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض» [7].




والعقل قاض كذلك بأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وخطر تركهما، قال ابن تيمية -رحمه الله-: "كل بني آدم لا تتم مصلحتهم لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا بالاجتماع والتعاون والتناصر، فالتعاون على جلب منافعهم، والتناصر لدفع مضارهم؛ ولهذا يقال: الإنسان مدني بالطبع. فإذا اجتمعوا فلا بد لهم من أمور يفعلونها يجتلبون بها المصلحة، وأمور يجتنبونها لما فيها من المفسدة، ويكونون مطيعين للآمر بتلك المقاصد، والناهي عن تلك المفاسد، فجميع بني آدم لا بد لهم من طاعة آمر وناهِ" [8]، والآمر الناهي الذي لا يقدم على أمره ولا على نهيه أمر أحد ولا نهيه عند المسلمين هو الله -سبحانه وتعالى-، وقد بعث رسوله -عليه الصلاة والسلام- بالأمر والنهي، قال ابن تيمية -رحمه الله-: "فالأمر الذي بعث الله به رسوله هو الأمر بالمعروف والنهي الذي بعثه به هو النهي عن المنكر، وهذا نعت النبي والمؤمنين، كما قال -تعالى-: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} "[9]، ولما كان الله -سبحانه وتعالى- خالق الخلق ومدبر أمورهم كان أعرف بما يصلحهم وما يفسدهم، فلهذا كان فيما يأمر به -وهو المعروف- من المصالح ما لا يوجد فيما يأمر به غيره، وكان فيما ينهى عنه -وهو المنكر- من المفاسد ما لا يوجد فيما ينهى عنه غيره، وبهذا يعلم وجه أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عقلًا، حتى قال الغزالي -رحمه الله-: "هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين، ولو طوي بساطه وأهمل علمه وعمله؛ لتعطلت النبوة، واضمحلت الديانة، وعمت الفترة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد، واتسع الخرق، وخربت البلاد، وهلك العباد، ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد" [10].




غير أن قوله ولم يشعروا بالهلاك إلاّ يوم التناد بعيد، بل ما أقرب استشعارهم له في الدنيا قبل الآخرة، وقد قال ابن قتيبة -رحمه الله- في هذا الصدد: "وقد رأينا بعيوننا ما أغنى عن الأخبار، فكم من بلد فيه الصالحون والأبرار، والأطفال والصغار، أصابته الرجفة فهلك به البر والفاجر، والمسيء والمحسن، والطفل والكبير!؛ كقومس ومهرجان وقذق والري ومدن كثيرة من مدن الشام واليمن، وهذا شيء يعرفه كل من عرف الله -عز و جل- من أهل الديانات وإن اختلفوا".




وقد ضرب نبينا -صلى الله عليه وسلم- للأمر مثلًا بالسفينة.. فما أقرب الغرق إذا اتسع الخرق! نعوذ بالله من فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منّا خاصة، ونسأله أن يجعلنا وإياكم مع الصالحين المصلحين.

Marshen Guy
30-6-2010, 03:30 PM
بارك الله فيك يا عبد الله ، كلنا نعلم مكانة هذا الأمر ولكن من فينا يطبق قول الله فيه ؟؟!!

blue star
30-6-2010, 04:13 PM
السلام عليكم ..

صدقت اخى فى كل ما قلته ..
وان لهذا الامر مكانة عزيمة فعلا ..
ولقد دعا الله الى ذلك فى الكثيــــــــــــر من الايات .. ذكرت انت بعضها ..



ونسأله أن يجعلنا وإياكم مع الصالحين المصلحين


آمين .. آمين .. آمين ..
جزاك الله كل خير على الموضوع .. المفيد ..
وبانتظار مواضيعك القادمة .. باذن الله ..
وبالتوفيق .. اخى ..

فى امان الله ..

ابوناصر211
1-7-2010, 12:54 AM
آمين
اللهم اجعلنا من الامرين بالمعروف والناهين عن المنكر
وجزاك الله خيراا
..
.

بليميرو
1-7-2010, 06:36 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير أخي .,’

فعلاً موضوع مهم .,’

لا يفعله معظم الناس .,’~
جزاك الله خير .,’ ورزقك الأجر .’’~

وكما قال تعالى:-{ ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {104} وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {105} )


اللهم ارزقني الثبات .’ واجعلني من عبادك الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر.,’

استمروا على مثل هذه المواضيع المميزة وإلى الأمام دوماً.,’

حفظكم الله ورعاكم .,’
في حفظ الله ورعايته .,’

أختكم في الله /بليميرو .,’ِْ~

معتزة بديني
1-7-2010, 08:00 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا على هذه الكلمات ... وجعلها الله فى ميزان حسناتك
وما أحلى من التفقه فى الدين ، والتفقه فى الآمر بالمعروف والنهى عن المنكر ....
وأهم شىء فى فقه الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر العمل بالتالى:

" أن أكون عالما بما أمر عالما بما أنهى ... أن أكون رفيقا بمن أمر ... أن أكون عاملا بما أمر به وأنهى عنه ... وإذا ترتب على المنكر منكر توقف الإنسان ولم ينه "
والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مع الأهل لأنهم أول من يجب أن ندعوه بعد أنفسنا ....
جعلنا الله وإياكم ممن يأمرون بالمعروف ويأتوه ، وينهون عن المنكر ويجتنبوه ......

waiting future
3-7-2010, 11:01 AM
بحق لا نستطيع الاغفال عن " الامر بالمعروف والنهي عن المنكر "

فاذا كل مسلم و مسلمة بذلوا ما يستطيعون في
الامر بالمعروف و الكف و النهي عن المنكر

بطريقة واعية حديثة تخاطب المشاعر قبل العقل
و حسن المعاملة ..

لظهر مجتمع يسود فيه كل خير ..

جازك الله خيراً


في آمان الله

[ اللــيـــث ]
3-7-2010, 11:29 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

إن من أهم المهمات وأفضل القربات التناصح والتوجيه إلى الخير والتواصي بالحق والصبر عليه
والتحذير مما يخالفه ويغضب الله عز وجل، ويباعد من رحمته
وأسأله عز وجل أن يصلح قلوبنا وأعمالنا وسائر المسلمين
وأن يمنحنا الفقه في دينه، والثبات عليه، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته
وأن يصلح جميع ولاة أمور المسلمين، ويوفقهم لكل خير، ويصلح لهم البطانة
ويعينهم على كل ما فيه صلاح العباد والبلاد
ويمنحهم الفقه في الدين، ويشرح صدورهم لتحكيم شريعته
والاستقامة عليها إنه ولي ذلك، والقادر عليه
انه موضوع جدير بالعناية؛ لأن في تحقيقه مصلحة الأمة ونجاتها
وفي إهماله الخطر العظيم والفساد الكبير، واختفاء الفضائل، وظهور الرذائل

************************************

اعلموا احبتي بالله بان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
ولكن على اساس انها تكون واضحة
وتكون متاكدا والنصح يكون
اثناء المنكر الموجود
وان لا تقول اشك في ذلك
وان لا تكون في تجسس
لان الله تعالى قال ( ولا تجسسوا )
وحكمه
فواجب فرض عين على بعض الناس، إذا رأى المنكر،
وليس عنده من يزيله غيره، فإنه يجب عليه أن يزيله مع القدرة
لما سبق من قوله صلى الله عليه وسلم
( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع
فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )
أما إن كانوا جماعة فإنه يكون في حقهم فرض كفاية في البلد أو القرية أو القبيلة
فمن أزاله منهم حصل به المقصود وفاز بالأجر..
وإن تركوه جميعا أثموا كسائر فروض الكفايات.
وإذا لم يكن في البلد أو القبيلة إلا عالم واحد وجب عليه عينا أن يعلم الناس،
ويدعوهم إلى الله، ويأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر حسب طاقته
لما تقدم من الأحاديث
ولقوله سبحانه وتعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )

بارك الله فيك يا اخي واسال الله ان يوفقك في الدارين
وان يجمعني بك عند حوض النبي صلى الله عليه وسلم

عُبيدة
4-7-2010, 06:04 AM
اسعدكم الله جميع
وجمعك على منابر من نور